ياسر بركات يكتب عن: السيسى وترامب تفاصيل اللقاء المرتقب بين تحيا مصر.. وأمريكا أولاً
مستشارو السياسة الخارجية للرئيس الأمريكى يعيدون بث حوارات السيسى حول ترامب
أزمة الرياض ومصير بشار الأسد.. أصعب الملفات
تطهير سيناء من داعش ومساندة سوريا واليمن.. أهم محاور النقاش
بدأ العد التنازلى للزيارة التى لا نبالغ لو وصفناها بأنها الأهم لرئيس دولة إلى الولايات المتحدة.
نتحدث عن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الرسمية إلى الولايات المتحدة، التى تقرر لها الأسبوع الأول من شهر أبريل المقبل. وهى الزيارة الأولى لرئيس مصرى فى الإطار الثنائى منذ سنة 2004.
من بيان صدر عن الرئاسة المصرية عرفنا أن الرئيس السيسى سيلتقى خلال الزيارة، التى تستمر ثلاثة أيام، مع نظيره الأمريكى دونالد ترامب.. وأنه من المتوقع أن يشهد لقاء السيسى وترامب مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولعل من المهم هنا أن نشير إلى أن الزيارة تأتى تلبية لدعوة الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، الذى يعقد معه الرئيس السيسى لقاء قمة، خلال الزيارة، حول سبل فتح صفحة جديدة فى العلاقات بين البلدين ودعم العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والأمنية والعسكرية والوصول بها إلى آفاق أرحب، فضلاً عن تفعيل اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم الموقعة بين الحكومتين المصرية والأمريكية، والعمل على جذب الاستثمارات الأمريكية إلى مصر، فى إطار جهود الحكومة المصرية للنهوض بالاقتصاد وتنمية مختلف القطاعات وتنفيذ برنامج إصلاحى شامل لمعالجة المشاكل الهيكلية، التى ظل يعانى منها الاقتصاد المصرى لعقود، فضلاً عن التعديلات التشريعية والإجرائية التى تتم من أجل توفير مناخ جاذب للاستثمار.
بعد لقاء جمع بينهما على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حواره مع «سى.إن.إن» إن ترامب لديه مقومات القائد القوى. وفى الحفل الذى أقامه التحالف الشرق أوسطى لدعم المرشح الجمهورى دونالد ترامب فى العاصمة واشنطن، كانت هناك مشاركة مصرية حاشدة، على المستويين الرسمى والشعبى. وكذلك أوفدت السفارة المصرية فى واشنطن ممثلين عنها إلى الحفل الذى شهد مشاركة كثيفة لمواطنين مصريين أمريكيين قدموا من مختلف الولايات لدعم «ترامب».
أيضاً، بعد لقائه بالرئيس عبدالفتاح السيسى، أثنى الرئيس الأمريكى المنتخب على «الكيمياء» الواضحة بينهما. وقال ترامب إنه يعتقد أن اللقاء كان «منتجاً»، وأن السيسى «رجلٌ رائع»، مضيفاً أنه «تحكّم فى مقاليد الأمور بمصر، وأمسك بها حقاً».
وقبلها بأيام، أعلن ترامب بعبارات واضحة دعمه القوى لحرب مصر على الإرهاب، وأن أمريكا ترامب ستكون صديقاً مخلصاً، لا مجرد حليف، تعتمد عليه مصر لسنوات طويلة.
هكذا، كان طبيعياً أن يعبّر الرئيس السيسى عن ثقته فى إدارة ترامب، وأن يكون أول المهنئين له بالفوز فى الانتخابات الرئاسية، قائلاًً إنه يأمل فى أن تبثّ رئاسته حياة جديدة فى أوصال العلاقات المصرية الأمريكية.
الرئيس عبدالفتاح السيسى أجرى اتصالاً هاتفياً، بالرئيس الأمريكى المنتخب «دونالد ترامب»، فور إعلان نتيجة الانتخابات، وأعرب له عن خالص التهنئة بانتخابه رئيساً جديداً للولايات المتحدة، متمنياً له كل التوفيق والنجاح فى أداء مهامه ومسئولياته القادمة.
وأعرب الرئيس السيسى، عن تطلعه إلى تعزيز علاقات التعاون بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية فى كافة المجالات، وأن تشهد فترة رئاسة الرئيس «دونالد ترامب» مزيداً من التعاون والتنسيق، لما فيه مصلحة الشعبين المصرى والأمريكى، وتعزيزاً للسلام والاستقرار والتنمية فى منطقة الشرق الأوسط، ووجه الرئيس الدعوة للرئيس الأمريكى المنتخب لزيارة مصر.
ومن جانبه، أعرب الرئيس الأمريكى المنتخب «دونالد ترامب» عن خالص تقديره لاتصال الرئيس، مشيراً إلى أنه أول اتصال دولى يتلقاه للتهنئة بفوزه فى الانتخابات.
وأعرب الرئيس «ترامب» عن تطلعه للقاء الرئيس قريباًً، مشيداً باللقاء الذى جمعه به فى نيويورك خلال شهر سبتمبر الماضى، كما أكد حرصه على استمرار علاقات الصداقة الوطيدة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
أيضاً، فور إعلان فوز المرشح الجمهورى برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً تقدم خلاله، الرئيس السيسى بخالص التهنئة للرئيس الأمريكى الجديد «دونالد ترامب»، متمنياً له كل التوفيق والنجاح فى أداء مهامه، ومسئولياته القادمة، فى رعاية مصالح الشعب الأمريكى الصديق، الذى منحه الثقة فى القيادة، ومتطلعاً إلى تعزيز علاقات التعاون بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية على كافة المستويات.
وأضاف البيان، أنه انطلاقاً من العلاقة الاستراتيجية الخاصة التى جمعت بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، على مدار عقود كبيرة مضت، وإيماناً بالدور المهم والأهداف المشتركة، التى تحققها وتصونها تلك العلاقة فى دعم استقرار منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وحماية مصالح شعوب هاتين المنطقتين، فإن جمهورية مصر العربية، تتطلع لأن تشهد فترة رئاسة الرئيس دونالد ترامب ضخ روح جديدة، فى مسار العلاقات المصرية الأمريكية، ومزيداً من التعاون والتنسيق، لما فيه مصلحة الشعبين المصرى والأمريكى، وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية فى منطقة الشرق الأوسط، لاسيما فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجهها.
وتابع البيان: «توجه جمهورية مصر العربية التهنئة للشعب الأمريكى الصديق بمناسبة استكمال الاستحقاق الانتخابى الرئاسى بنجاح، متمنية دوام الرخاء والاستقرار، والتقدم لشعب الولايات المتحدة الأمريكية».
2
عندما دخل الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون إلى البيت الأبيض سنة 1993 ترافقه السيدة الأولى هيلارى، سأله الصحفيون عما إذا كان يتوقع فى المستقبل فوز امرأة بهذا المنصب؟!
عندها نظر كلينتون إلى زوجته، وأجاب: «إذا كان لا بد من دخول سيدة إلى هذا المبنى، فأنا أتمنى أن تكون هيلارى»!
وقبل ثمانى سنوات، عاشت الولايات المتحدة لحظات تاريخية؛ حيث انتخب أول رئيس للدولة من أصول إفريقية. وانتظر الجميع من أوباما تجديداً حاسماً للبلاد، واختراقات فى السياسة الخارجية والداخلية على حد سواء.
ولكن كل شىء عملياً جرى على عكس ما كان متوقعاً. فالولايات المتحدة لم تكمل العمليات الحربية فى العراق وأفغانستان، واتجهت نحو دعم «الربيع العربى» الذى تسبب فى نشوب نزاعات جديدة وظهور «شبه دولة» إرهابية فى الشرق الأوسط. كما فشلت عملية «إعادة تشغيل» العلاقات مع روسيا.
دونالد ترامب شخصية جديدة فى السياسة، ومع ذلك، فهو رجل معروف فى الولايات المتحدة، ويمكن اعتباره تجسيداً لـ«الحلم الأمريكى»، حقق نجاحات تجارية واقتصادية وأصبح مليارديراً. وخلال فترة عمله تعرض لنكسات ونجاحات، ولكنه تجاوز الصعوبات التى واجهته كافة. فكان أن أعطاه الأمريكيون أصواتهم، لأنهم واثقون من أن الشخص الذى نجح فى بناء إمبراطورية اقتصادية ناجحة، سينجح أيضاً فى حل المشكلات الاقتصادية للولايات المتحدة.
لقاء السيسى بترامب، أثار تساؤلات عديدة حول مستقبل السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط، خاصة تجاه السعودية وسوريا، فى وقت تدخل فيه الحرب المستمرة فى سوريا عامها السابع، بعد فشل الاتفاق الروسى الأمريكى حول وقف القتال بحلب والتنسيق فى محاربة الإرهاب، وتمسك الإدارة الأمريكية بقيادة أوباما برحيل الأسد.
وكانت تصريحات الرئيس الأمريكى المنتخب حول سوريا، قد بثت التفاؤل والأمل فى نفوس الكثيرين لإنهاء الأزمة السورية، والتى أعرب فيها بإحدى مقابلاته الصحفية أثناء حملته الانتخابية، عن «اعتقاده بأن على الولايات المتحدة التركيز على هزيمة تنظيم داعش الإرهابى بدلا من محاولة إقناع الرئيس السورى بشار الأسد بالتنحى عن منصبه». كما شدد ترامب على أن هزيمة التنظيم تحظى بالأولوية على إقناع الرئيس السورى بشار الأسد بالتنحى. وأكد ترامب: «ما ينبغى لنا فعله هو التركيز على تنظيم داعش، لا يجب علينا أن نركز على سوريا».
ومنحت تلك التصريحات الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد تفاؤلاً فى إمكانية تغيير الإدارة الأمريكية الجديدة موقفها من الأزمة السورية، لاسيما «شرط رحيل الأسد» الذى طالما تمسك به الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته أوباما، ذلك الشرط الذى كان يؤدى إلى إفشال أى مفاوضات، يدخل فيها النظام السورى طرفاً. وهاجم ترامب فى مقابلاته سياسة إدارة باراك أوباما تجاه سوريا، باعتبار أنها تدعم «أشخاصاً لا نعرف هويتهم»، وحذر من أن هؤلاء «قد يكونون» من «داعش».
ووضع ترامب على أولويته محاربة الإرهاب وقال إن الرئيس السورى بشار الأسد «رجل سيئ» لكنه يجيد «قتل الإرهابيين» قال: «إننى لست معجباً بالأسد على الإطلاق، لكن الأسد يقتل «داعش». روسيا تقتل «داعش»، إيران تقتل «داعش». أما الآن فيقف الثلاثة فى صف واحد بسبب سياستنا الضعيفة».
هذا عن سوريا، أما ما يتعلق بالسعودية، فيمكننا القول إن تصريحات دونالد ترامب خلال حملته عن السعودية كانت تبدو كما لو أنه واثق من عدم الفوز، أو أن المملكة ستختفى بمجرد فوزه بالرئاسة. وسبب هذا الانطباع يعود إلى حدة تلك التصريحات التى عكست ابتزازاً صريحاً وعداوة لم تخفها تماماً تبريراتها.
وبطبيعة الحال، فإن التصريحات فى الحملات الانتخابية تتم صياغتها لدغدغة العواطف واستمالة الأصوات، وهى غير ملزمة.
ترامب قال كلاماً خالياً من الدبلوماسية عن السعودية، ولم يستبعد وقف شراء النفط منها ومن دول خليجية أخرى، إن هى لم ترسل قواتها لمحاربة «داعش»، أو لم تسدد فواتير حرب الولايات المتحدة ضد التنظيم!
كما طالبها وجميع الحلفاء بما يشبه دفع «الجزية» نظير الحماية والخدمات التى توفرها الولايات المتحدة لها، والتى وصفها بالهائلة، قائلاً فى هذا الصدد: «هل تتخيلون أننا ندافع عن السعودية بكل الأموال التى لديها، نحن ندافع عنها، وهم لا يدفعون لنا شيئاً؟»، لافتاً إلى أن المملكة لديها أموال طائلة، وهى تجنى يومياً نصف مليار دولار، وهم «لا يملكون شيئاً البتة.. إلا المال ولا شىء آخر».
وبرر هذا الموقف، الذى وضعه تحت شعار «الولايات المتحدة أولاً» و«لن نكون لقمة سائغة لأحد» بالقول إن بلاده لديها ديون تبلغ 20 تريليون دولار، وعلى اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية والسعودية أن يدفعوا للولايات المتحدة لأنها توفر «لهم خدمة هائلة ونخسر الثروات».
وذهب فى هذا الاتجاه إلى حد القول إن المملكة قد تصبح قريباً هدفاً لتنظيم «داعش»، إضافة إلى متاعبها فى اليمن، مشيراً إلى أن «السعودية ستكون فى ورطة كبيرة قريباً، وستحتاج لمساعدتنا.. لولانا لما وجدت وما كان لها أن تبقى»، بل واتهمها بالتدخل فى اليمن المجاور طمعاً فى نفطه وثرواته.
غير أنه بالبحث عن هذا التصريح باللغة الإنجليزية أو الفرنسية لا يوجد أية نتائج، ما قد يشير إلى أن هناك من استغل لسان ترامب لتصفية حساباته مع السعودية فأضاف إليه ما يوافق أهواءه.
التصريح الأقرب الذى يمكن أن يكون ملهماً للنص السابق المنشور باللغة العربية، نشره باللغة الإنجليزية موقع «awdnews.com» الألمانى فى 2 سبتمبر 2015 وتناقلته عدة مواقع، وجاء فيه على لسان ترامب: «علينا حلب المملكة العربية السعودية السمينة قدر الإمكان، وحين يصبح المشايخ الأثرياء عديمى الفائدة، يتوجب علينا مغادرة الشرق الأوسط».
على كل حال، فإن ما قاله ترامب عن السعودية وتناقلته وكالات الأنباء الكبرى، وبالرغم من كونه مشكوكاً فيه، إلا أنه يكفى لاستنتاج وجود كثير من القلق لدى المسئولين السعوديين، قد يزول مع أول مصافحة لهم مع الرئيس الأمريكى الجديد، إذا لم يذب الجليد عن بعد بين الجانبين.
وقد يجد الرئيس الجديد، بحكم خبرته التجارية، مخرجاً للتعامل مع السعودية، وطى صفحة تصريحاته المثيرة للجدل، هذا إذا قرر أن يضعها فى سلة المهملات، مثلها مثل الملصقات الدعائية بعد انتهاء وقتها.
3
بشائر سياسة ترامب مع منطقة الشرق الأوسط، ظهرت فى تصريحات صحفية للدكتور وليد فارس مستشار شئون الشرق الأوسط للرئيس الأمريكى المنتخب.
ووليد فارس، هو أحد مستشارى السياسة الخارجية للرئيس الأمريكى وكان، فور فوز ترامب، أكد فى تصريحات صحفية أن «ترامب» يتطلع إلى إقرار السلام فى منطقة الشرق الأوسط، وأنه سوف يقف على منتصف الطاولة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقوله بوضوح: «لن ننسى دعم مصر فى كل الأوقات، ولن ننسى أن السيسى قال فى حواره مع «سى.إن.إن»، عن ترامب إن لديه مقومات قائد قوى.. وسنتذكر دائماً المشاركة المصرية الحاشدة، على المستويين الرسمى والشعبى، التى شهدها الحفل الذى أقامه التحالف الشرق أوسطى لدعم المرشح الجمهورى دونالد ترامب فى العاصمة واشنطن».
وأضاف: «نكن عظيم الامتنان للسفارة المصرية فى واشنطن التى أوفدت ممثلين عنها إلى الحفل الذى شهد مشاركة كثيفة لمواطنين مصريين أمريكيين قدموا من مختلف الولايات لدعم ترامب، انطلاقاً من حرصهم الشديد على مستقبل بلدهم الأم مصر التى عانت ما عانته بسبب حكم الإخوان المسلمين والغطاء الذى وفرته لهم إدارة الرئيس باراك أوباما، كما كان الدعم العربى قوياً من شمال أفريقيا».
وأكد فارس أن أمريكا ستكون صديقاً مقرباً لمصر، وأن ترامب أبدى اهتماماً خاصاً بمصر، وأنه يدرك أهميتها كرمانة الميزان فى المنطقة، وهو حريص على دعم أواصر التعاون المشترك بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية وتطوير آفاق التعاون الاستراتيجى بين البلدين، موضحاً: «لذا فهى تعد الوجهة الأولى لترامب فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهناك زيارة لترامب لمصر لم يحدد موعدها، كما ستوجه دعوة للرئيس السيسى لزيارة البيت الأبيض».
وأوضح أن لقاء السيسى مع ترامب فى نيويورك حمل رسالة قوية للعالم فى توقيت دقيق، ويعد بمثابة دفعة قوية للعلاقات مع مصر، وأن ترامب عبر عن إعجابه الشديد بعلاقة الرئيس السيسى بشعبه ووقوفه بجواره، ووصفه بأنه نموذج مثالى يحتذى به، كما أبدى تأييده للإجراءات الاقتصادية الحكيمة التى اتخذتها الحكومة المصرية مؤخراً وأنها بداية الطريق الصحيح للاقتصاد المصرى.
وأشار إلى أن ترامب سيسعى لتقوية العلاقات المصرية الأمريكية من خلال عدة شراكات على الصعيد السياسى فى التعامل مع الإرهاب، كاشفاً عن أن الرئيس الأمريكى الجديد سيكون شريكاً اقتصادياً قوياً لمصر، ولديه خطط لإنعاش الاقتصاد المصرى من خلال تقديم الاستشارات الفنية لمصر، ولقاء أعضاء الحكومة المصرية للتعرف على الاحتياجات الملحة، واستقدام مستثمرين أمريكيين، فهو رجل أعمال منذ 25 عاماً ولديه علاقات جيدة بمعظم المستثمرين وسوف يحفزهم على الاستثمار فى مصر، وسيكون هناك تبادل زيارات تجارية بين البلدين، كما سيسعى لفتح حوار ومجالات للتقارب بين الشعبين المصرى والأمريكى من خلال دعم السياحة الأمريكية لمصر.
ولو كنت من قراء «الموجز»، ستتذكر أننا سبق أن تناولنا فى هذه المساحة، كتاباً لـ«وليد فارس» عنوانه «الربيع الضائع، سياسة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط وكوارث ينبغى تجنبها» الذى حذر فيه الإدارة الأمريكية من توتر العلاقات بينها وبين دول المنطقة، موضحاً كيف أضاع الغرب فرص الشراكة مع المجتمعات المدنية الناشئة ضد الجهاديين والمتطرفين الآخرين.
فى هذا الكتاب، يكشف فارس أن الولايات المتحدة تورطت فى أزمات عميقة، وغير مسبوقة فى واحدة من المناطق الحيوية، والأكثر خطورة التى تمتد من شمال إفريقيا إلى حدود الأفغان مع الصين. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لحفظ التوازن فى منطقة الشرق الأوسط، فإن هذه المنطقة شهدت فى الآونة الأخيرة أعمق الأزمات على الإطلاق من جراء الولايات المتحدة، وبات تهديد الجهاد السلفى الأكثر خطورة فى 2014 مقارنة بالسابق.
وأضاف الكتاب: «منذ انفجار ما أُطلق عليه الربيع العربى، نرى أن معالم منطقة الشرق الأوسط تتغير، أصبحت الديكتاتوريات العلمانية أقل عدداً، وبزغت قوى متسلطة جديدة تُعد أكثر شمولية وديكتاتورية من حيث طبيعتها، تعيد إلى أذهاننا التحول من الإمبراطوريات إلى الدول الفاشية الذى شهدته أوروبا فى ثلاثينيات القرن العشرين.
ويتجسد التناقض الذى يمثله الربيع العربى كما ورد فى الكتاب فى الطفرة التى حدثت من حركات شعبية مزدهرة فى الشهور الأولى لـ2011، لتتحول إلى شتاء إسلامى كثيف فى 2013. إذ شهدت تونس ولبييا ومصر صعود أنظمة الحكم والقوى السلفية، إضافةً إلى بعض الانتشار فى المغرب والأردن واليمن.
ومع فشل الحكم السلفى، كما حدث فى مصر، يسيطر الإسلاميون الآخرون فى المنطقة على المشهد، كما هو الحال فى لبنان مع حزب الله وفى العراق مع ميليشيات المهدى. ومع سيطرة الإسلاميين على دولة تلو الأخرى، تستمر الحرب فى سوريا، والضربات الإرهابية فى العراق ولبنان، وتنتشر الصراعات السياسية المدنية فى أنحاء شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية».
وانتقد الكتاب السياسة الخارجية الحالية لإدارة أوباما التى أضاعت فرصة جيدة لنشر الديمقراطية فى الشرق الأوسط ووقف زحف الإسلاموية، كما وصفها بأنها سياسة فاشلة بداية من الانسحاب من أفغانستان قبل إلحاق الهزيمة الساحقة بحركة طالبان، وصولاً إلى الدفاع عن البيروقراطية، والتحالف مع الجماعات الإسلامية. مشيراً إلى أن الخطأ الاستراتيجى المدمر فى إدارة أوباما يتمثل فى اعتقادها أن الإسلام السياسى يختلف عن إرهاب القاعدة، إضافة إلى زعمها المستمر بنجاح سياستها تجاه الشرق الأوسط، وهو ادعاء تؤكد الحقيقة على أرض الواقع مدى افترائه.
4
ليس صعباً أن نتوقع نتائج زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للولايات المتحدة، بعد أن قرأنا بتمعن جميع المتغيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية فى أمريكا، والتى تؤكد أن الرئيسين سيبحثان سبل مواجهة الإرهاب الذى أصبح يهدد العالم أجمع، والحرب التى يخوضها التحالف الدولى ضد داعش والتى تخوضها مصر ضد الإرهاب، خاصة فى سيناء، فى ضوء دعوة مصر لضرورة تبنى استراتيجية دولية متكاملة لمكافحة الإرهاب تتضمن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب التدابير الأمنية، بالإضافة إلى ما تقوم به مصر من جهود لمكافحة الفكر المتطرف من خلال تصويب الخطاب الدينى وإزالة ما علق به من أفكار مغلوطة، سعياً منها لتكون نموذجاً للتسامح والتعايش وقبول الآخر.
وسيستعرض الجانبان التطورات على الساحة العربية، خاصة الأوضاع المتدهورة فى ليبيا وسوريا والعراق واليمن، فى ظل مطالبة مصر بأهمية التوصل إلى حلول للأزمات القائمة فى عدد من دول المنطقة بما يحفظ وحدة، وسيادة تلك الدول وسلامتها الإقليمية، ويصون مُقدرات شعوبها، مع ضرورة دعم المؤسسات الوطنية للدول التى تمر بأزمات من أجل تمكينها من بسط سيطرتها على الأرض واستعادة الاستقرار بتلك الدول.
كما تتطرق المباحثات إلى قضية الهجرة غير الشرعية وأزمة اللاجئين، حيث يشدد الجانب المصرى على أن التعامل مع أزمة تدفق اللاجئين والنازحين يتطلب جهداً دولياً عاجلاً لاحتوائها من خلال منظور شامل يجمع بين البعدين الأمنى والتنموى على حد سواء، بالتزامن مع دعم الدول المستقرة بالمنطقة والتركيز على البعد التنموى وتوفير الدعم الاقتصادى لها، فضلاً عن أهمية تقديم الدعم للدول المستقبلة للاجئين مثل: لبنان والأردن ومصر، وتوفير المساعدة اللازمة لدول العبور.
كما تفرض القضية الفلسطينية نفسها على جدول أعمال القمة المصرية– الأمريكية، حيث يبحث الجانبان سبل إحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، فى ضوء تأكيد مصر على أن التوصل لتسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية من شأنه أن يخلق واقعاً جديداً بالمنطقة وسيساهم فى الحد من الاضطراب وعدم الاستقرار الذى يشهده الشرق الأوسط.
وأخيراً، يمكننا القول إن الولايات المتحدة فى عهد ترامب أصبحت سياستها وسائل وليست أهدافاً، الأمر الذى يجعلنا نتوقع (بل ونؤكد) أن ترامب لن يكون وريثاً تقليدياً للسياسة الأمريكية، بنمطيها الجمهورى أو الديمقراطى، وأن علاقته مع مصر ستختلف بكل تأكيد عن الشكل الذى عرفناه طوال السنوات السابقة. وأيضا ستختلف صيغة التعامل الأمريكية مع الرئيس عبدالفتاح السيسى عن كل الصيغ التى عرفناها أو رأيناها مع كل رؤساء مصر السابقين.