الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:50 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: صحف العالم تتحدث عن المعجزة الاقتصادية.. سر خلطة « الدواء المر» التى صنعها الجنرال مع الشعب المصرى


* باحث عالمى يكتب عن عبور مصر أزمة طاحنة:
* المعارضون استغلوا 10 أزمات قديمة لضرب الاقتصاد المصرى أبرزها الفقر والسكن والفواتير الشهرية وتكلفة الدروس الخصوصية والعلاج والمواصلات
* الإعلام المصرى فشل فى مساندة خطة الرئيس لعبور أكبر أزمة فى التاريخ الحديث
مصر عائدة بقوة..
هذا، ما ستخرج به وأنت تطالع العديد من التقارير المنشورة فى صحف ووكالات أنباء أجنبية خلال الفترة الماضية، كان بعضها متخصصا فى التقاط السواد فقط والتركيز عليه.
مجلة الـ«إيكونوميست» البريطانية، مثلاً، ذكرت أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، أعاد مصر إلى مسار اقتصادى متزن، رغم القرارات الاقتصادية الصعبة التى اتخذها فى الفترة الأخيرة.
وفى عددها الأسبوعى، نشرت المجلة البريطانية تقريراً تحت عنوان «اقتصاد مصر يظهر علامات على النشاط»، وقالت: «الدواء المر يبدأ فاعليته»، وذلك فى إشارة للإجراءات الاقتصادية الصعبة الأخيرة مثل زيادة أسعار المحروقات والكهرباء وفرض ضرائب جديدة والسماح بتحرير سعر صرف الجنيه.
وفيما يتعلق بتحرير سعر الصرف أشارت المجلة إلى أنه بالرغم من أن الدواء مر لكن يبدو أنه حقق شيئا مراداً منه وهو إغراء المستثمرين الأجانب للعودة إلى السوق المصرية.
وأشارت المجلة إلى تضاعف الإقبال على شراء السندات الحكومية، وأضافت أن هذه الشهية للاستثمار فى مصر علامة واضحة على تنامى الثقة فى الاقتصاد المصرى، وأضافت: «هذا التغيير شعر به أيضاً المصريون العاملون بالخارج وزادت تحويلات المصريين بالخارج بعد قرار تحرير سعر الصرف».
وقالت المجلة إن هناك دلائل تشير إلى أن مصر فى بداية الطريق الصحيح على المسار الاقتصادى من أجل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى بقيمة 12 مليار دولار تم الاتفاق بشأنها العام الماضى، وتابعت المجلة أن الحكومة المصرية نفذت بعض الإجراءات مثل رفع الدعم جزئياً عن الوقود والكهرباء، وجلب ضرائب جديدة والسماح بتعويم سعر صرف الجنيه المصرى، وتابعت المجلة أن تلك القرارات التى كانت مثل الدواء المر بدأت تؤتى ثمارها المنشودة فى جذب الاستثمار الأجنبى إلى مصر مرة أخرى، كما أن بيع الحكومة المصرية سندات حكومية بقيمة 4 مليارات دولار فى يناير الماضى قد أكسبها أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ المطلوب، وأن عمليات الشراء الأجنبية لسندات الخزانة قد تضاعفت خلال نفس الشهر.
وأشارت المجلة إلى أن انخفاض قيمة الجنيه المصرى يدفع النمو فى السياحة والتجارة، وإن حدث ذلك بشكل تدريجى، كما أن الصادرات غير البترولية زادت بنسبة 25% فى يناير مقارنة بالعام الماضى، وتابعت أن حصيلة الصادرات والقروض الجديدة من صندوق النقد ومصادر أخرى قد رفعت من احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية، وفى فبراير وصلت هذه الاحتياطيات إلى أعلى معدلاتها منذ عام 2011، لتسد العجز فى نقص الدولار الذى أعاق التجارة المصرية. وتابعت المجلة أن رجال الأعمال مازالوا يحصلون على احتياجاتهم من الدولارات بصعوبة فى الوقت الذى تحاول فيه الحكومة تسديد المستحقات المتراكمة الخاصة بشركات النفط والمؤسسات الأخرى. وأوضحت المجلة أن كل تلك العوائد لم تؤثر بعد على المواطن العادى، ونقلت عن أحد المواطنين قوله: «نسمع عن التحسن فى التليفزيون ونقرأ عنه فى الجرائد، لكن على الأرض لا شىء يتحسن». وختم التقرير بالتذكير بأن المظاهرات التى أسقطت نظام الرئيس الأسبق مبارك الذى حكم من عام 1981 إلى 2011، طالبت بالعدالة الاجتماعية، ولذلك سيكون على الرئيس السيسى، وفقاً للمجلة، الحذر من تعرض المصريين لقرارات مؤلمة أكثر.
لم تتغير النبرة فى هذا الأسبوع فقط.
بل بدأت تتغير مع بداية يناير 2017، ففى تقرير نشرته 5 يناير، اختارت شبكة «بلومبيرج»، أهم 20 وجهة سياحية فى العالم يمكن زيارتها، وجاءت مصر ضمن هذه الوجهات، حيث نصح التقرير السائحين بأن 2017 هو العام المناسب لزيارة مصر ورؤية الأهرامات، موضحاً أن «مصر عانت من اضطرابات سياسية واجتماعية السنوات الماضية، ولكنها تسعى جاهدة لاستعادة الحركة السياحية بعد أن استقرت الأمور بها بشكل كبير»، على حد قولها.
ونقل التقرير عن جوفرى كينت، مؤسس شركة «آبر كومب آند كينت» السياحية، قوله: «المصريون الآن أكثر ميلاً للتحدث عن حياتهم وأحلامهم»، مضيفاً أن شركته «ستسيّر رحلتين إلى مصر خلال العام الحالى»، وأضاف «كينت» أن مصر تقدم الآن تجربة سياحية أفضل من أى وقت مضى، وأشار التقرير إلى أنه نتيجة لإجراءات السلامة المشددة التى تتخذها الحكومة المصرية، جددت عدة فنادق عالمية ثقتها فى مصر وافتتحت فروعاً جديدة لها فى مصر مثل فندق «ريتز كارلتون»، الذى افتتح أبوابه فى 2015، وسيلحق به فندق «ساينت ريجيس» على ضفاف النيل، كما دشنت بعض الرحلات النيلية بين الأقصر وأسوان، ونصحت الوكالة فى تقريرها أن أفضل وقت لزيارة مصر هو شهر مارس لوجود عروض رخيصة نسبياً.
وعن باسل خاتون، مدير محفظة الأسهم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى مؤسسة فرانكلين تمبلتون للاستثمار، نقلت شبكة «بلومبيرج» أن مصر ستكون من أكثر الأسواق الجاذبة فى المنطقة خلال العام الحالى.
وبسؤاله عن تأثير فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية على اقتصاد منطقة الشرق الأوسط، أوضح أنه من المبكر تحديد ما إذا كان الخطاب الذى استخدمه الرئيس المنتخب خلال الحملة الانتخابية سيتحول إلى نهج بعد استلامه مقاليد الحكم فى 20 يناير الجارى.
وأضاف أن ارتفاع الأسهم والمؤشرات الأمريكية مدفوع بالتفاؤل أنه سينفذ وعوده الداخلية المتعلقة بالاقتصاد، ومنها تبنى سياسات مالية أكثر سلاسة وخلق المزيد من الوظائف.
لكن فى الوقت نفسه، تبقى الأسواق الناشئة فى حالة خوف حيال سياسة «الحماية» التى يرغب فى تبنيها خارجياً، وهذا الخوف ظهر فى عمليات بيع كبيرة فى عملات بعض الأسواق الناشئة. وأوضح خاتون أنه برغم التوقعات بانتعاش بيئة الاستثمارات بشكل عام فى 2017، إلا أن بعض الأسواق المالية ستشهد عاماً متعثراً، معتبرا أن منطقة الشرق الأوسط تبدو جاذبة فى هذا الإطار.
وأضاف خاتون أن هناك آليتين تؤثران على هذه المنطقة من منظور عالمى، إحداهما وجود دولار قوى.
وبسؤاله عما إذا كان السوق المصرى جاذباً عام 2017 لاسيما بعد إزالة إحدى أكبر العقبات أمام المستثمر الأجنبى عن طريق التعويم، أكد خاتون أن توقعات فرانكلين تمبلتون للاستثمار متفائلة بشأن القاهرة بسبب المسار الاقتصادى وبسبب الطلب وبسبب أيضاً اعتقادنا أن العملة أقل من قيمتها، معتبرا أن التخفيض والذى كان شرطاً من شروط صندوق النقد الدولى، لحصول مصر على قرض قيمته 12 مليار دولار، يعالج عدم توازن حقيقى عانى منه الاقتصاد المصرى.
وأضاف باسل خاتون، أن مصر واجهة جاذبة للغاية للنمو فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد سنوات من تراجع الاستثمارات، وتزايد التعداد السكانى، مؤكداً أنها ستشهد المزيد من تدفق الاستثمارات الأجنبية.
وأوضح أن مصر عانت خلال الخمسة أعوام الماضية بسبب الاضطرابات الاجتماعية، ونقص الدولار ومشكلات العملة، وإذا نظرت إلى التخفيض الذى قامت به مصر عام 2003، ستجد أن 5 سنوات ذهبية من النمو الاقتصادى تبعته، ولا نرى أى سبب يمنع عدم حدوث هذا النمو مرة أخرى.
ومضى خاتون يقول: إن المستثمرين الدوليين سيكونون أكثر حذراً فى اختيار الأسواق الناشئة التى سيستثمرون بها هذا العام، وأنه سيكون عاماً للتميز والاختلاف ونتيجة لذلك بعض الاقتصادات القوية ستصبح أكثر قوة والعكس صحيح، وبالنسبة لتعاملات منطقة الشرق الأوسط فهى تتماشى مع التعاملات العالمية.
أيضاًً، ذكر موقع «آرت ديلى»، فى تقرير نقلته صحيفة «أوبزرفر» البريطانية بعنوان «مع ندرة السياح، مصر تكافح للحفاظ على تراثها»، أن نسبة السياحة الوافدة إلى مصر تراجعت منذ عام 2001، ما أدى إلى ندرة فى التمويل اللازم لحفظ وصيانة الآثار العالمية الشهيرة والمواقع التاريخية، كما أشار موقع الأوبزرفر فى تقرير له إلى أنه فى ظل اقتصاد هش، بعد سنوات من الاضطراب وتراجع كبير فى أعداد السياح، ظلت مصر تكافح للحفاظ على تراثها الأثرى الأسطورى.
وبحسب تقرير لشبكة «إنفيستينج» الاقتصادية الدولية المعنية بتطورات الاقتصاد العالمى فقد «اختلفت توجهات شركات الطاقة فى محاولة ضمان تحقيق النمو مستقبلا، حتى أن بعض الشركات قلصت من أعمالها، فيما اتجهت شركات أخرى لتكثيف النشاط على نطاق ضيق جغرافيا فى محيط الدولة التى تحتضن مقر الشركة».
وأضاف التقرير، أن الاتجاه الأخير لجأت إليه عدة شركات أمريكية، مثل «شيفرون» و«كونوكوفيلبس» و«هيس كورب»، حيث انسحبت الشركات الثلاث من مشروعاتها الأكثر تكلفة فى أعالى البحار والتركيز على حقول النفط الصخرى فى محيط الولايات المتحدة.
وتابع «فى المقابل، تراهن عملاقة النفط البريطانية «بريتيش بتروليوم» على مشروعاتها فى حقول الغاز قبالة الساحل المصرى».
وأوضح «تعد «بريتيش بتروليوم» واحدة من بين عدد قليل من شركات الطاقة التى اتفقت على تنفيذ مشروعات ضخمة خلال عام 2015، بعد أن اتخذت قرارا باستثمار 12 مليار دولار فى مشروع غاز غرب الدلتا فى مصر، ما يعنى أن استراتيجية الشركة اعتمدت على حقول الغاز الطبيعى فى مصر لضمان تحقيق جزء كبير من النمو المستهدف مستقبلا».
ويرى محللون أن «بريتيش بتروليوم» ليس لديها الخطة التى تعتمد على مشروعات طويلة المدى مثل «شيفرون» على سبيل المثال، التى لجأت للاستثمارات المتتالية قصيرة المدى فى حقول النفط الصخرى فى الولايات المتحدة، لكنها اعتمدت على خطة ابتعدت بها عن هوة التراجع التى تضرب شركات الطاقة، خاصة بعد أن باعت الشركة ما تزيد قيمته على 50 مليار دولار من أصولها خلال السنوات الخمس الماضية عقب أزمة تسرب النفط فى خليج المكسيك عام 2010.
هناك أيضاً موقع «أويل برايس» الذى يؤكد أن النيل ظل مصدر الحياة لشعب مصر على مدى التاريخ المعروف، لكن قبل وقت طويل من ظهور أول فرعون كان النيل يرسى الأساس لمورد سيمثل رافداً لشعبه اليوم وهى طبقة من المادة العضوية يراكمها مرة بعد الأخرى.
وأضاف الموقع الذى يعتبر أبرز المواقع الإلكترونية المعنية بأخبار النفط والغاز أن كشف الغاز الذى أعلنت عنه شركة إينى الإيطالية فى حقل ظهر ضمن امتياز شروق فى المياه الإقليمية المصرية يدفع بمصر من كونها دولة تواجه تحديات كبيرة فى تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة دوماً لتكون ﻻعباً إقليمياً فى سوق الطاقة. مشيراً إلى أن الدراسات السيزمية التى ستجرى بشأن الكشف الذى يعتبر الأكبر من نوعه فى البحر المتوسط ربما تثبت أنه من أكبر الحقول على مستوى العالم أيضاً. كما أشار إلى أن ذلك الكشف يمثل خبراً سيئاً لقطاع الغاز فى كل من إسرائيل وقبرص حيث يؤثر على فرص التصدير لهما.
وقال موقع أويل برايس إن الإمكانيات النفطية فى قاع البحر فى شرق المتوسط لم تشهد استغلالاً جاداً إﻻ منذ عام ١٩٦٧. ومن المؤكد أن الاحتياطيات المعروفة حاليا تمثل مجرد قمة جبل الجليد.. وذكر الموقع أن كشف الغاز المصرى يغير ميزان موارد الغاز الطبيعية فى المنطقة، وقال إن النيل يمنح مجدداً إمدادات لشعبه.
2
يحدث ذلك، بينما نحن نعانى من حالة انفلات إعلامى تسببت فيها رؤوس أموال مشبوهة وهى الحالة التى تحتاج الآن إلى درجة كبيرة من الحذر لأن الإعلام صناعة أخطر من صناعة السلاح، كما أن صناعة الرأى العام، أصبحت مهددة بفعل تسلل بعض المموَّلين «أجنبياً» ورجال أعمال (منهم الممولون أجنبياً أيضاً) إلى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.. وكل ما يعرفه هؤلاء عن تلك الصناعة (صناعة الرأى العام) وأدواتها، هو فقط استخدامها فى التخديم على مصالحهم أو النيل من خصومهم، مع سهولة شراء صحفيين «لقطاء» تخصصوا فى لعق أحذية من يدفع!
وفى هذه الأجواء تجرى حروب اقتصادية عنيفة ما بين رجال أعمال ومؤسسات الدولة، يتم فيها استخدام الآلة الإعلامية التابعة لهم وهو ما لا يمكن إبعاده أو استبعاده من مخطط الحصار الاقتصادى غير المعلن الذى يحاولون فرضه على مصر.
فتقرير أويل برايس، وما سبقه من تقارير، يكفى جداً لجذب الاستثمارات، غير أنه لن يصمد أمام ذلك الإنفاق ببذخ على وسائل إعلام عالمية لإبعاد المستثمرين عن مصر بدعوى سوء الأحوال الأمنية، وضرب السياحة الوافدة إلى مصر باعتبارها أحد الموارد الاقتصادية المهمة فى البلاد.
والمخطط لا يحكمه فقط عملية سياسية، بل هناك جهات وأشخاص انتهزوا الفرصة للإثراء السريع باستغلال الأزمات الاقتصادية وعلى رأسهم كل المتربحين من الأنظمة السابقة.
المتآمرون على مصر وجدوا فى الجانب الاقتصادى بيئة خصبة لممارسة الضغوط وانضم إليهم رجال أعمال مصريون وعرب وأجانب، اعتقدوا أن الفرصة جاءتهم على طبق من ذهب ليقوموا بالضغط على الرئيس كى يخضع لمطالبهم ويحصلوا على المزايا والامتيازات التى كانوا يحصلون عليها قبل ذلك. ونشير هنا إلى أن حجم أعمال بعضهم كان قد تجاوز 70% من إجمالى مشروعات التنمية فى الدولة.. وأن تلك النسبة انخفضت إلى أقل من 30% فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى!
وما من شك فى أن الدول والجهات ورجال الأعمال الذين يتآمرون على مصر، وأعلنوا الحرب عليها طيلة الفترة الماضية، نجحوا فى دراسة الوضع الاقتصادى بدقة، وتبين لهم أن البيئة اﻻقتصادية خصبة وتتميز بالضعف العام واستغلوا توقف المساعدات والدعم العربى لمصر، بسبب الحروب الإقليمية وانخفاض أسعار النفط عالمياً.
وقد لا نكشف سراً لو قلنا إن أطراف المؤامرة نجحوا فى إنشاء جهاز إعلامى يروج ويشارك فى تنفيذ مشروعهم ومخططهم لضرب الاقتصاد المصرى، مستغلاً فى ذلك 10 أزمات موجودة بالفعل منذ عشرات السنين، أبرزها الفقر وأزمة السكن وتكلفة الزواج والفواتير الشهرية، وارتفاع الأسعار وتكلفة الدروس الخصوصية وتكلفة العلاج وارتفاع تكلفة المواصلات والانتقالات وانتشار البلطجة وعدم الاستقرار وقضية هيكلة الدعم، والقائمة تضم الكثير من الأدوات الإعلامية التى تشارك فى تأجيج الشارع المصرى، وتستغل عدم ثقافة المواطن البسيط وتوجهه إلى الأزمات التى هى بالفعل موجودة ولم تكن وليدة اليوم أو تظهر فجأة، وهو ما يعنى أن تناولها ليلاً ونهاراً فى بعض وسائل الإعلام، يؤكد أن هناك نوايا سيئة من الحديث المستمر عنها، خصوصاً أن من يشاركون فى التآمر على مصر يستغلون عدم ثقافة الشارع المصرى ويقدمون له أكاذيب على أنها حقائق لا تقبل المناقشة.
ولا نبالغ لو قلنا إن الإعلام إحدى أهم أدوات ضرب السياحة المصرية، والجهاز الإعلامى الذى يستخدمه المعارضون لمصر قوى فى الخارج، ويحاولون إظهار مصر على أنها دولة غير مستقرة وغير آمنة والاستثمار فيها يعنى مغامرة غير محسوبة. أضف إلى ذلك أن عدم ثقافة المواطنين البسطاء وعدم درايتهم بالأمور دراية كاملة تسبب فى تفاقم الأزمات، حيث إن عدم معرفتهم بمعنى عجز الموازنة والتضخم وغيرهما من الأزمات، يجعل المتربصين ينجحون فى إقناعهم وتهويل الأمر أمامهم بأن هناك كوارث وشيكة سوف تحدث، والنغمة الاقتصادية هى المصطلح الأكثر استخداماً فى استغلال الأزمات.
قائمة المنتفعين من الداخل يأتى على رأسها كما قلنا أسماء بعض رجال أعمال النظام الأسبق، الذين فقدوا كثيراً من الامتيازات التى كانوا يحصلون عليها، ونضيف إليهم جهات وشركات تعمل لحساب دول أخرى فى المنطقة أو خارجها، وتمولها هذه الدول، وتعمل على زيادة الأزمات، فى إطار تنفيذ المخطط الهادف إلى تركيع مصر اقتصادياً.
غير أن ما يستدعى الأسف، هو أن كل هذه الأحداث رغم وضوحها الشديد، لا يواجهها المسئولون إلا بحالة لا مبالاة أو إهمال أو عدم الإحساس بالمسئولية، أو عدم تقدير للعواقب، وكذلك عدم تقدير ما يترتب على كل ذلك من نتائج وحوادث يصل معظمها إلى دائرة الكوارث، بينما التخطيط التآمرى لا يتوقف، ويجدد نفسه باستمرار طبقاً للواقع الذى نعيشه.. وكأنه حرباء تتلون بالبيئة التى تتعايش فيها، بينما المسئولون مستمرون فى سياسة إغماض الأعين عما يحاك ضد مصر من حصار غير معلن وعن أنيابه التى تكشف عن مخالبها بلا خجل، وكادت تحتكر أهم أدوات الحرب النفسية وهى وسائل الإعلام!
ولا يخفى على أحد أن عدداً من رجال الأعمال تعمدوا الإضرار بالاقتصاد المصرى من خلال قيامهم بسحب استثماراتهم ومشروعاتهم من مصر وتهريب أموالهم إلى الخارج، فى محاولة منهم لعرقلة النظام الحاكم بعد الإطاحة بالرئيس المعزول وجماعته من سدة الحكم، إضافة إلى استغلال بعض ضعاف الأنفس الأزمات الاقتصادية لصالحهم بطرق غير شرعية.
ومما يؤسف هو أن هناك رجال أعمال وشركات تعمل لصالح قطر التى لاتزال تقاتل من أجل تنظيم الإخوان، بل وهناك مستثمرون يعملون فى مصر بمنتهى الوضوح لحساب (وبأموال) قطر وتركيا! ولم يكن هؤلاء سوى واجهة تنفيذ للمخططات القطرية والتركية فى مصر، وبالتالى كان القرار من هذه الدول بسحب هذه الاستثمارات بهدف ممارسة الضغوط على الاقتصاد المصرى.
كما أن مؤسسات وجهات التصنيف الدولية، ليست بعيدة عن المشاركة فى مخطط ضرب الاقتصاد المصرى، فبمجرد أن يصدر تقرير إيجابى فى الصباح، سرعان ما تصدر نفس الوكالة تقريراً آخر سلبياً فى المساء!
مع الوضع فى الاعتبار أن غالبية وكالات التصنيف الائتمانى لا تستند إلى معايير عادلة فى تقييمها تجاه مصر، وبعض هذه الوكالات على وشك إعلان إفلاس مصر، رغم أن الواقع والنظريات الاقتصادية، تؤكد أن الأوضاع فى مصر تتجه إلى الاستقرار والتحسن بشهادة البنك الدولى وصندوق النقد الدولى!
وأمامى الآن ورقة بحثية تؤكد أن اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى جنّب مصر خفض تصنيفها الائتمانى وأن نجاح الحكومة المصرية بالتعاون مع البنك المركزى فى طرح برنامج مصرى خالص للإصلاح الاقتصادى والحصول على موافقة صندوق النقد الدولى على هذا البرنامج عزز من ثقة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى ودفع مؤسسات التقييم لمراجعة رؤيتها بشأن مستقبل الاقتصاد.
كما يشير الواقع أيضاً إلى أن كبريات شركات الطاقة العالمية تسعى خلال الفترة الأخيرة لوضع «خطط بديلة» لأعمالها المتعلقة باستخراج النفط وتصديره، وذلك بعد أن تكبدت تلك الشركات خسائر ضخمة خلال العام الماضى بسبب تراجع أسعار النفط وفقدانه لأكثر من 70% من قيمته منذ منتصف سنة 2014.
رجال الأعمال الذين نهبوا أموال وثروات الشعب يعتقدون أنهم قادرون على إحراج النظام الحالى باستخدام تلك الأموال وبما لديهم من وسائل يمكنها إحداث بلبلة فى الشارع، كالصحف والقنوات التليفزيونية المملوكة لهم وكذا شبكات المصالح السياسية والمالية، المرتبطة بهم!
ولعلنا نلاحظ أن نظام الرئيس السيسى يتعامل مع رجال الأعمال باعتبارهم أمراً واقعاً يجب الاستفادة منه بأى شكل أو على الأقل تقليل الأضرار التى قد تنتج عنهم إلى أقل درجة ممكنة، خاصة أن أمام الرئيس تلالاً من الأولويات، تجعل ملف رجال الأعمال يتراجع أو يتم تأجيل البت فيه!
أما الاختبار الحقيقى للنظام، فهو قدرته على تنفيذ القانون.
صحيح أنه لا توجد عصا سحرية يمكنها أن تقوم بتفعيل القانون بسبب التجريف الذى حدث طوال 40 سنة على الأقل لكن تنفيذ القانون، سيتحقق عندما تكون هناك شفافية ويصبح لدينا معايير للأداء فى كل مؤسسات الدولة.
والحذر أيضاً واجب من تزاوج السياسة بالاقتصاد وعودة نفوذ رجال الأعمال وتزايد تأثيرهم على القرار السياسى، وعلينا الحذر أيضاً من أن تفادى تزاوج السلطة بالمال لن يتحقق إلا بالوعى والإعلام.. وبالتالى لك أن تتخيل حجم الكارثة لو ظلت وسائل الإعلام تحت سيطرة رجال أعمال بعينهم!
ولم يعد خافياً على أحد أن رجال أعمال «بعينهم» قلقون، من خطوات السيسى أو مشروعه الإصلاحى، وبعضهم يشكون بوضوح من أنهم لم يعد بإمكانهم التأثير على السياسات الحكومية على خلاف ما كان عليه الحال فى الماضى.
ونخطئ، لو اعتقدنا أن كل تلك الخطوط والخيوط لا تقود فى النهاية إلى الولايات المتحدة. تحديداً، إلى الوحدة المختصة بالشأن المصرى فى المخابرات المركزية الأمريكية، التى لا تعدم الخطط البديلة، والتى بدا وكأنها كانت مستعدة للتعامل مع فشل خطة السيطرة عبر الإخوان، بسيناريو بديل، يعتمد على إنتاج حالة من الارتباك السياسى تمكنها من إعادة طرح صيغة جديدة.