الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:42 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:أباطرة البورصة يتلاعبون بالمصـريين


لم تكن للخسائر التى تكبدتها البورصة، الخميس الماضى، أى علاقة بتقرير أو وثائق اتفاق صندوق النقد الدولى مع مصر.. وكان السبب الوحيد هو ما تردد عن اتجاه حكومى لفرض ضرائب جديدة، طبقاً لتفسيرات أو قراءات غير دقيقة فى الوثائق، ذهبت إلى أن مصر تعهدت بتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية أو ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة خلال العام الحالى، عام 2017، غير أن وزارة المالية أوضحت، فى بيان لها، أنها ملتزمة بتأجيل الضريبة على الأرباح الرأسمالية للأسهم المقيدة بالبورصة لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من تاريخ انتهاء التأجيل فى 16 مايو 2017.
سوء النية كان واضحاً فى البداية من الصيغة التى تم بها تناول نشر الوثائق، فقد زعم أن صندوق النقد قام بنشرها بشكل مفاجئ، متجاهلاً أن وزارة المالية نشرت على موقعها الالكترونى الوثائق نفسها، التى نشرها الصندوق بناء على طلب من الحكومة المصرية التى ترغب فى التأكيد على سياسة الشفافية أمام الجميع.
سوء النية، اتضح أيضاً من الصيغة التى تمت بها معالجة تصريحات كريس جارفيس رئيس بعثة الصندوق لدى مصر والشرق الأوسط، وتم التركيز فقط على أن سعر صرف العملة فى مصر انخفض أكثر مما توقعه الصندوق بالنظر إلى العوامل الأساسية، وهو ما يمكن اعتباره تصريحاً إيجابياً بأكثر منه سلبياً، خاصة مع توقع جارفيس، خلال المؤتمر الصحفى نفسه، بأن يبدأ التضخم فى الانخفاض بشدة بحلول الربع الثانى من 2017، وتأكيدها على أن المؤشرات الأولية أظهرت أن مصر ستفى بالأهداف والمعايير المطلوبة لصرف الشريحة الثانية من القرض.
ووثائق اتفاق مصر مع الصندوق هى تلك التى حصلنا بموجبها على قرض قيمته 12 مليار دولار مجزأة على ثلاث سنوات، وهو القرض الذى تمت الموافقة عليه قبل شهرين تقريباً، وتم صرف الشريحة الأولى منه، وقيمتها
2.75 مليار دولار. وتكشف القراءة المتأنية أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد يتسق مع برنامج الحكومة الذى عرضته فى مارس الماضى على مجلس النواب وتمت الموافقة عليه.
من تلك الوثائق، نعرف أن الدين الخارجى لمصر بلغ فى العام المالى الماضى 55.7 مليار دولار، وأن الصندوق يتوقع أن يرتفع إلى 66 مليار دولار بنهاية العام المالى الجارى (أى فى يونيو المقبل) وأن يصل إلى 98.7 مليار دولار فى عام 2019-2020 بعد الانتهاء من تطبيق البرنامج الاقتصادى، الذى يقوم على عدد من الإجراءات الهادفة إلى خفض النفقات الحكومية وتحقيق الانضباط المالى. وأنه من المتوقع أن يزيد الدين الخارجى إلى 102.4 مليار دولار فى العام التالى، الذى من المفترض أن تبدأ فيه آثار الانتعاش الاقتصادى فى الظهور، ليصل إلى نحو 26% من الناتج الإجمالى المحلى.
وبعد تحليل لمدى القدرة على تحمل المديونيات، تؤكد الوثائق أن الاقتصاد المصرى قادر على تحمل الدين العام، الذى تستهدف الحكومة أن تصل بنسبته إلى 98% من الناتج المحلى بنهاية العام المالى الجارى، وهو ما يقول الصندوق إنها قادرة عليه إن التزمت ببرنامج الإصلاح الذى تقدمت به، والذى يمثل قطيعة مع الماضى فى كثير من النواحى المهمة، وينهى العديد من السياسات الاقتصادية الراسخة فى البلاد. خاصة بعد الفترة الماضية التى أعقبت 25 يناير 2011 وشهدت اضطرابات سياسية وأمنية وبالتالى اقتصادية.
وبين ما جاء فى التقرير، أن مصر شهدت خلال عام 2015- 2016 نوعاً من التباطؤ فى معدلات الإصلاح، بتأجيل الحكومة أو تراجعها عن تطبيق إصلاحات ضريبية. كخفض الحد الأقصى لضريبة الدخل على الأفراد والشركات إلى 22.5٪ من 25٪، وتجميد العمل بضريبة تبلغ 10٪ على الأرباح الرأسمالية فى البورصة لمدة عامين، اعتبارا من 17 مايو الماضى، وتأخير التحول من ضريبة المبيعات إلى القيمة المضافة.
غير أن فريقاً من خبراء الصندوق أعلن رضاه عن البرنامج الاقتصادى الذى عرضته الحكومة فى 2016، وبحسابات الصندوق، فإن الإصلاحات الحكومية ستوفر للدولة إيرادات تصل إلى 2.2% من الناتج الإجمالى المحلى فى نهاية العام المالى الجارى، منها 1% سيكون مصدره ضريبة القيمة المضافة. كما قدّرت حسابات الصندوق أن يقوم تقليص دعم الكهرباء والوقود بتخفيض نفقات الحكومة بما يعادل 1.2% من الناتج الإجمالى.
وتوقف الصندوق عند مراعاة البعد الاجتماعى فى تطبيق القيمة المضافة، فأوضح أنها تعفى «معظم الأغذية التى يستهلكها الفقراء. وكبديل عن السياسات الاجتماعية القديمة التى يرى الصندوق أنها تهدر فى النفقات العامة، فإن البرنامج الاقتصادى سيضخ 1% من الناتج الإجمالى، تتوزع بين التعليم والصحة والبحث العلمى ومعاشات الضمان الاجتماعى ودعم الغذاء وآليات شبكة الأمان الاجتماعى.
وكانت السياسة النقدية للبنك المركزى خلال الأعوام المقبلة، فيما يتعلق بسعر صرف الجنيه ومستويات التضخم والاحتياطى النقدى، هى أحد المحاور الرئيسية فى الوثائق، التى أشارت إلى خفض أرصدة السحب على المكشوف إلى 75 مليار جنيه واستقرار سعر الصرف وإعادة التوازن للسياسات النقدية. وقال الصندوق إنه مع توحيد سعر الصرف، فإنه من المتوقع أن تختفى السوق السوداء تماما. وأكدت الوثائق أن البنك المركزى ملتزم مع الصندوق بتنفيذ برنامج الإصلاح المتفق عليه، وباستشارة الصندوق إذا أراد القيام بأى تعديلات، أو بيع كمية كبيرة من العملة الصعبة، بما فى ذلك البيع المباشر للحكومة وشركاتها. وتوقع الصندوق أن يصل احتياطى النقد الأجنبى إلى 33 مليار دولار بنهاية فترة البرنامج، ووصف الصندوق هذا الاحتياطى بأنه يمثل حائط صد لمصر أمام الصدمات الخارجية، ويعزز مصداقية البنك المركزى الذى كشفت الوثائق أنه نجح فى استيعاب الزيادة فى التضخم التى نتجت عن التعويم، وأن سياسته النقدية المتشددة تكفى لاحتواء الضغوط التضخمية الثانوية، وخفض معدل التضخم إلى رقم فى خانة الآحاد خلال السنوات الثلاث المقبلة. وقالت إن السياسة النقدية للبنك المركزى تستهدف خفض معدل التضخم إلى رقم قريب من 5%، وأنه من أجل الوصول إلى هذا المستوى المنخفض من التضخم سوف يحافظ فى المدى المتوسط على مستويات مرتفعة من الفائدة، بما يضمن تحجيم السيولة المتاحة فى السوق. وأنه سيكون على استعداد دائم لتشديد سياسته النقدية إذا ما ظهرت ضغوط تضخمية مرة أخرى.
وعن دعم الوقود خلال العام المالى القادم 2017/ 2018، كشفت الوثائق أنه سينخفض إلى 36.5 مليار جنيه، مقارنة بـ62.2 مليار جنيه فى العام المالى الجارى، مع التأكيد على أن الحكومة المصرية جاهزة لمواصلة ضبط أسعار الوقود أو اتخاذ تدابير أخرى لتعويض أى تكاليف إضافية للوقود نتيجة انخفاض قيمة سعر صرف الجنيه أو ارتفاع أسعار النفط العالمية.
ومما جاء فى الوثائق، أن الحكومة لا تستهدف إلغاء دعم الطاقة بالكامل، ولكن تريد تحرير قطاع الطاقة، وأن يكون عبء الدعم أقل من إيرادات القطاع، وبالتالى لا تتحمل الموازنة أى أعباء من نشاط ذلك القطاع. وحدد صندوق النقد النسبة التى تحقق التوازن المطلوب فى العام الجارى عند 56% من قيمة المنتجات البترولية قبل دفع الضرائب، وهذا للحفاظ على مخططات الموازنة المصرية الحالية، والوصول إلى قيمة دعم الطاقة المتفق عليها، والبالغة 62.2 مليار جنيه. كما أشارت الوثائق إلى أن الحكومة ستنتهى من سداد مديونية الشركات الأجنبية العاملة بالبترول فى يونيو 2019. وهى المديونية التى تبلغ قيمتها 3.5 مليار دولار.