الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:38 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:الحسابات السرية للوزراء فى 2016


«الموجز» تنتصر فى حملة الصناديق الخاصة وتفضح ملف الحسابات السرية للوزراء
قبل ساعات من كتابة هذه السطور تسلم مجلس الوزراء حصراً شاملاً بالصناديق الخاصة، أجرته وزارة المالية، تمهيداً لمراجعته، قبل إرساله إلى مجلس النواب، لمناقشته وإقراره فى صورة مشروع قانون لضمه إلى الموازنة العامة للدولة، بعد مناقشات مستفيضة بين الحكومة والبرلمان. وما من شك فى أن تلك الصناديق ستسهم فى تقليص عجز الموازنة بنسبة كبيرة. كما أن إصلاح آليات عمل الصناديق والحسابات الخاصة يعالج الخلل الناتج عن تعاظم أموال تلك الصناديق، والتى أصبحت كيانًا ماليًا موازيًا للموازنة العامة، رغم أن الأصل أن تعكس الموازنة العامة جميع التدفقات المالية للجهات العامة.
ولأن الصناديق الخاصة أوعية موازية فى الوزارات أو الهيئات العامة، وتنشأ بقرارات جمهورية، لتستقبل حصيلة الخدمات والدمغات والغرامات وغير ذلك من الموارد لتحسين الخدمات التى تقدمها الهيئات العامة، فإن هذه الحصيلة كانت لا تدخل إلى خزينة الدولة ولا علاقة للموازنة العامة بها، وبالتالى لا يناقشها مجلس النواب، ولكنها تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.
وتتنوع تقسيمات الصناديق الخاصة وحساباتها، فهناك على الأقل 5729 حساباً فى البنك المركزى وعدد 208 حسابات خاصة لـهيئات اقتصادية مقدر لها أن تجمع حوالى 9٫4 مليار دولار عبارة عن إيرادات تتضمن عائدات قناة السويس وقطاع البترول بالإضافة إلى 201 حساب خاص للأجهزة الإدارية للدولة، من المقدر لها أن تجمع حوالى 880 مليون دولار فى صورة أنشطة ائتمانية. وهناك أيضاً 820 حساباً خاصاً تحتوى على مبالغ مالية تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار، مكونة من عملات مختلفة. وهناك حسابات أخرى عددها 644 حساباً خاصاً فى بنوك حكومية، وعدد 242 حساباً فى البنك الوطنى المصرى، و229 حساباً فى بنك مصر، 88 حسابًا فى بنك القاهرة، و85 حسابًا فى بنك الاستثمار الوطنى، هذا إلى جانب الحسابات غير المعلومة.
وما من شك فى أن ضم هذه الصناديق للموازنة لم يعد اختيارياً، إذ إن قواعد الشفافية لا تسمح بالإنفاق خارج الموازنة إلا فى حدود نسبة 2% من حجم الإنفاق العام، بينما الإيرادات السنوية للصناديق الخاصة تقدر بمليارات. والمخالفة هنا ليست فقط فى وجود إنفاق خارج الموازنة، بل أيضاً فى حجب إيرادات عامة عن الموازنة، وهو ما يعد مخالفة لقاعدة عمومية الإيرادات والمصروفات للموازنة العامة للدولة. كما أن الاقتصاد المصرى فى حاجة ماسة لأموال هذه الصناديق، لكى يغلق باب الفساد فى جميع أروقة الجهاز الإدارى للدولة، وحتى يمكن تخفيف حدة العجز بالموازنة، والخروج من الدائرة المغلقة للعجز والدين وخدمة الدين.
كما أن ضم الصناديق سيُمكن صانع القرار من حسن توظيف موارد الموازنة العامة لتلبية متطلبات الخدمات العامة بالتعليم والصحة ودعم السلع الأساسية للفقراء.
ولو كنت من قراء «الموجز»، ستتذكر أننا سبق أن تناولنا فى هذه المساحة تفاصيل مذكرة بشأن الصناديق والحسابات الخاصة أعدها الجهاز المركزى للمحاسبات جاء فيها أن إجمالى عدد الصناديق والحسابات الخاصة التابعة للوزارات والهيئات الحكومية والمحافظات والتى تمكن المركزى للمحاسبات من حصرها بلغت 6373 صندوقاً وحساباً بالبنك المركزى وكذلك بالبنوك التجارية.. وأن إجمالى أرصدة هذه الصناديق والحسابات الخاصة بلغت 66 ملياراً و93 مليون جنيه من عملات محلية وأجنبية.
أشارت المذكرة إلى أنه إلى جانب الصناديق والحسابات الخاصة بالبنك المركزى والبنوك التجارية، فإن الوزارات والهيئات وكذلك المحافظات قامت بإنشاء حسابات مفتوحة «جارية»، بمكاتب البريد المختلفة..وأن إجمالى الحسابات المفتوحة التابعة للهيئات والوزارات وكذلك المحافظات لدى مكاتب البريد المصرية بلغت 66590 حساباً، بأرصدة بلغت 2013 592 مليونًا و440 ألف جنيه.
كما كشفت المذكرة، أن عدد الحسابات بالبنك المركزى التابعة للوزارات والمحافظات والهيئات الحكومية المختلفة بلغت 5729 حسابًا، برصيد 41 مليارًا و524 مليون جنيه. - وأشارت المذكرة إلى أنه من بين هذه الحسابات 872 حسابًا بالعملات الأجنبية يتواجد بها ما قيمته 10 مليارات جنيه، مشيرة إلى أن الحسابات التى تم إنشاؤها بالعملات المحلية بلغت 4957 يوجد بها 31 ملياراً و524 مليون جنيه. - على مستوى البنوك التجارية، أوضحت مذكرة الجهاز المركزى، أن إجمالى الصناديق والحسابات الخاصة التابعة للوزارات والمحافظات والهيئات الحكومية بهذه البنوك بلغت 644 حساباً، تحوى أرصدة بإجمالى 24 ملياراً و569 مليون جنيه.
كما سبق أن توقفنا أمام عدة ملاحظات حول الصناديق والحسابات الخاصة التابعة للوزارات والمحافظات والهيئات الحكومية ذات الطابع الاقتصادى أو الخدمى منها عدم التزام بعض الهيئات التى أنشأت حسابات خاصة بالقوانين والقرارات الصادرة بإنشائها، الأمر الذى ترتب عليه عدم تحصيل جانب من مستحقات هذه الصناديق والحسابات الخاصة إلى جانب عدم استخدام بعض موارد هذه الصناديق فى الأغراض المكونة من أجلها.
وأشرنا إلى قيام بعض الجهات القائمة على تلك الصناديق والحسابات الخاصة بصرف مكافآت وحوافز للعاملين والمستشارين والعمالة المؤقتة بنسبة تصل فى بعض الأحيان إلى 99٪ من إجمالى مصاريف بعض الصناديق، بالإضافة إلى صرف مبالغ لبعض العاملين بجهات ليس لها صلة بأعمال هذه الحسابات والصناديق ودون توضيح لطبيعة الأعمال التى يقومون بها ويستحقون عنها هذه المكافآت.
كما توقفنا أيضاً عند تجنيب العديد من المبالغ لإنشاء بعض الصناديق والحسابات الخاصة دون استصدار قرار جمهورى بإنشائها وعدم وضع اللوائح المالية التى تنظم أعمال الصناديق والحسابات الخاصة الجديدة من قبل وزارة المالية فضلاً عن فتح حسابات بالبنوك التجارية دون الحصول على موافقة وزارة المالية. وعدم الالتزام بتحويل جميع الأرصدة النقدية للصناديق والحسابات الخاصة الموجودة بالبنوك التجارية لحساب الخزانة الموحد بالبنك المركزى الأمر الذى ترتب عليه تضخم أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة التابعة للوزارات والمحافظات والهيئات المختلفة دون الاستفادة منها فى تسديد عجز الموازنة، مشيرة إلى أن معظم الصناديق والحسابات الخاصة جمدت حسابات وأرصدتها فى شكل ودائع بنكية بما لا يتماشى مع الغاية المكونة من أجلها تلك الصناديق. مع عدم وجود نظام للرقابة الداخلية على أموال بعض الحسابات والصناديق الخاصة لعدم وجود نظام محاسبى ودورة مستندية لقيد الإيرادات والمصروفات إلى جانب صرف بعض المبالغ لبعض الجهات دون التحقق من القيام بصرفها فى الأغراض المخصصة لها. إضافة إلى عدم تحقيق الرقابة الواجبة على مشتريات بعض الصناديق والحسابات الخاصة وذلك لعدم اتباع الإجراءات القانونية خلال مراحل التعاقد والتوريد لهذه المشتريات... وغيرها من الملاحظات، التى تؤكد أن تلك الصناديق بما تحتويه من مبالغ ضخمة ابتعدت فى الواقع الفعلى عن الأهداف التى أنشئت من أجلها.
وكثيرا ما طالبنا بأن تستفيد الموازنة العامة للدولة من المبالغ والأرصدة المالية الموجودة فى الصناديق الخاصة وتوحيد أوجه الإنفاق. وهو ما نراه يتحقق الآن باستلام مجلس الوزراء كما قلنا حصراً شاملاً بتلك الصناديق، أجرته وزارة المالية، تمهيداً لمراجعته، قبل إرساله إلى مجلس النواب، لمناقشته وإقراره فى صورة مشروع قانون لضمه إلى الموازنة العامة للدولة.. وهو ما نتمنى أن ينتهى منه مجلس النواب سريعاً.