ياسر بركات يكتب عن:«مع بعض نقدر».. لعبة الإخوان الجديدة فى 25 ينــاير القادم
بالأسماء.. جواسيس الإخوان يخططون لتفجير مصر فى ذكرى خلـــــــــــــــــــــــــــــع مبارك
وخلال مؤتمر صحفى انعقد، ظهر الثلاثاء الماضى بمدينة إسطنبول التركية، أعلنوا البيان التأسيسى لهذا التحرك وبين ما جاء فيه: «ها هى روح يناير تعود من جديد، وها هى نيران الثورة المضادة، والحكم العسكرى وحصادهما المر يتسع فى كل مكان، فالأسعار تلفح الجميع، والسجون تكتظ بعشرات الآلاف من الأحرار من كل الأطياف، وجزيرتا تيران وصنافير تباعان جهاراً نهاراً ثمناً لبقاء السيسى على مقعد لا يستحقه، والمصانع والشركات تضج بشكوى أصحابها وعمالها، وكذا الحقول وملاكها ومزارعوها».
وأضاف البيان: «فى ظلال ذكراها السادسة، ومع إدراك الجميع بخطورة استمرار الحكم العسكرى وما جره من ويلات تتجدد آمال وطموحات استعادة مكتسبات ثورة يناير وتحقيق كامل أهدافها، عبر استعادة روح الثورة التى جمعتنا ميادينها من قبل، والتى أثبتت أننا (مع بعض نقدر)، ولذا فإننا ندعوكم لمشاركتنا حملة (يناير يجمعنا)».
وتابع: «مع بعض نقدر نحمى أرضنا وحدودنا وجزرنا ونيلنا وغازنا، مع بعض نقدر نرجع الأمن والأمل والاستقرار لبلدنا، مع بعض نقدر نسترد إرادتنا ومكتسبات ثورتنا، مع بعض نقدر نحمى أمننا ونرجع الجيش لشعبه، ومع بعض نقدر نرجع الثروة اللى اتنهبت من خير بلدنا، وندى لكل مظلوم حقه فى عيش وحرية وعدالة وكرامة، ونقدر نكسر حاجز الخوف ونبنى وطن يجمعنا».
وأردف: «مع بعض نقدر نؤسس دولة القانون ونهدم دولة المحسوبية وتبقى مصر لكل أبنائها، مع بعض نقدر نخلى مؤسسات بلدنا تشتغل لنا، ونهدم سجون الظلم ونخرج المعتقلين، ومع بعض نقدر نعيد العدل ونوقف الأحكام الظالمة والمحاكمات العسكرية للمدنيين، وندور عجلة الإنتاج ونشغل مصانعنا، ونوفر علاج لكل مريض وسكن لكل محتاج، ونوقف نزيف الديون ونزيد رصيدنا، ومع بعض نقدر نواجه الفساد ونحاكم الفاسدين، ونقدر نكون واحد يجمعنا ميدان».
بين الموقعين على بيان الحملة: أيمن نور، وإبراهيم يسرى، وسيف الدين عبدالفتاح، وعبدالله الأشعل، وحسن نافعة، وطارق الزمر، ومحمود حسين، وباسم خفاجى، ومحمد العمدة، ومحمد محسوب، وأيمن عبدالغنى، وعمرو فاروق، ومنتصر الزيات، ومحمد كمال، ومنذر عليوة، وجمال حشمت، وجمال نصار، وحاتم عزام، وسناء عبدالجواد، وقطب العربى، وصلاح عبدالمقصود، ومختار كامل.
وأحمد عبدالجواد، وإبراهيم الطاهر، وإبراهيم حجاج، وأبو الفاتح الأخرسى، وأبوبكر خلاف، وأحمد البقرى، وأحمد الشناف، وأحمد حسن الشرقاوى، وأحمد رامى، وأحمد سالم، وأحمد عامر، وأحمد عبدالباسط، وأحمد عطوان، وأحمد مطر، وأسامة سليمان، وأسامة رشدى، وإسلام الغمرى، وإسلام عقل، وأسماء شكر، وأشرف توفيق، وأكرم كساب، وأيمن صادق، وأيمن عزام، وحسام الشاذلى، وحسام الغمرى، وحسام فودة.
كما وقع خالد السنوسى، وخالد الشريف، ورامى جان، وسامى كمال الدين، وسامية هاريس، وسمير الوسيمى، وسمية الِجناينى، وتامر عمار، وشريف الروبى، وصفى الدين حامد، وصلاح الدوبى، وصلاح عبدالله، وطاهر عبدالمحسن، وعامر عبدالرحيم، وعبدالرحمن شكرى، وعبدالله الكريونى، وعبدالله الماحى، وعبدالله عاصم، وعبدالموجود الدرديرى، وعزة فوزى، وجمال عبدالستار.
وكذلك، عصام تليمة، وعمار البلتاجى، وعمر عبدالمنعم، وغادة نجيب، وفاطمة رؤوف، وكريم الشاعر، وماجد عبدالله، وماجدة أمين، وماجدة محفوظ، وماجدة رفاعة الطهطاوى، ومايسة عبداللطيف، ومجدى حمدان، ومحمد إسماعيل، ومحمد باشا، ومحمد جمال هلال، ومحمد سودان، ومحمد شوبير، ومحمد كمال عقدة، ومحمود فتحى، ومصطفى عاشور، ومصطفى التلبى، ونارمن الطاهر، ونبيلة خضر، ونيفين ملك، وهانى سوريال، وهشام إسماعيل، وهمام على يوسف، وهيام سعفان، وهيثم إمام، ووصفى أبوزيد.
يكذبون فيقولون إن ذلك التحرك يضم تيارات مختلفة (ليبراليين وإسلاميين ويساريين ومستقلين)، بينما يؤكد الواقع أنهم ينتمون لتنظيم الإخوان الإرهابى بأقنعة مختلفة.
هل مازال لديك شك فى أنهم أعضاء بتنظيم الإخوان الإرهابى أو تابعون لهم؟!
لو بقى لديك قدر من الشك سيحسمه ما يوصف بـ«تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب» الذى أعلن دعمه لذلك التحرك وزاد عليه بأن دعا المصريين للمشاركة فى «أسبوع ثورى» جديد قالوا إنه ينطلق يوم الجمعة «الماضى»، تحت عنوان «يناير يجمعنا»، وذلك فى إطار الموجة الثورية «ارحل»، وقال فى بيان: «لا بديل عن السعى لاصطفاف حقيقى فى وجه الانقلاب، وفق شراكة مستقبلية تسعى للتنمية والعدل ودعم الحريات».
وحيا التحالف «التقارب المستمر بين صفوف المناهضين والمعارضين للحكم العسكرى، تحت مبادئ ومكتسبات ثورة يناير، التى أثمرت عن تدشين حملة «يناير يجمعنا» المستمرة حتى ذكرى إسقاط المخلوع، فى ظل الظلم الذى طال الجميع، والغلاء والقهر الذى يزيد معاناة المصريين، وفى ظل الخيانة ببيع أصول مصر وأرضها وخيراتها، وآخرها تيران وصنافير، ورهن مصر لصالح صندوق النقد والديون».
وشدّد -فى بيان له الخميس- أنه «لا تنازل عن حقوق الإرادة الشعبية ومطالبها المشروعة، التى تعتبر من مكتسبات ثورة الشعب المصرى فى ثورة يناير، حتى ينعم الشهداء بقصاصهم والفقراء والمظلومين بحقوقهم، وأكد الرئيس محمد مرسى على ذلك مرارا وتكرارا، فخلافنا الجذرى مع السيسى وعصابته، وذراعنا مفتوحة لكل من لم تلوث يده بالدماء أو النهب أو تدمير مقدرات الوطن».
كما دعا الجميع للبعد عن خطابات التفرقة والإقصاء وخطابات التشويه والتخوين، فهى لا تصب إلا فى صالح السيسى الفاشل وعصابته، كما أنه لا يمتلك أحد منا صكوك الوطنية يهبها أو يمنعها، وتجمّعنا هو طريقنا الأفضل فى مواجهة هذه السلطة الغاشمة، فالمظالم طالت الجميع».
واستطرد قائلاً: «مصر تكاد تضيع وسط انهيار اقتصادى واجتماعى متواصل، وحق إنقاذ الوطن له أولوية قصوى بالتوازى مع حقوق الغلابة والمظلومين والشهداء، والمصلحة العليا تحتم على الجميع أن يتجمعوا ضد إجرام عصابة السيسى، قبل أن يضيع الوطن».
واختتم تحالف دعم الشرعية بقوله: «ستبقى ثورة يناير وانتصارها الشعبى حتى لحظة إسقاط المخلوع مبارك علامة فارقة فى تاريخ الوطن، ويجب أن يستلهم الفرقاء والرفقاء من دروس صمودها ونبلها ووحدتها، وألا يكرروا الأخطاء مجدداً، استعداداً لما بعد إزاحة عصابة السيسى، وما هو ببعيد بإذن لله».
لا تنخدع بما أشيع عن دعوة بعض أعضاء تنظيم الإخوان (كإخوان أمريكا مثلاً) إلى عدم الانضمام إلى ذلك التحرك بزعم احتوائه للعديد من الشخصيات التى طردت من معسكر النظام المصرى الحالى فانضموا إلى معسكر الإخوان. وهى الدعوة التى قيل إن مجموعة كبيرة من جبهة شباب الإخوان رفضوا الانضمام إلى هذا الكيان وشكلوا كياناً آخر موازياً له باسم «يناير البداية» وأن هذا الكيان سيكون برعاية «حراك» وهو المكتب المسئول عن حراك شباب الإخوان فى مصر والذى أسسه محمد كمال قائد شباب الإخوان قبل وفاته!
ولا تنخدع أيضاً ولا تصدق هجوم بعضهم على أيمن نور واتهامهم له (عبر حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» و«تويتر») برغبته فى شق صف الإخوان، والتمهيد للمصالحة مع النظام المصرى الحالى من خلال فتح قنوات الاتصال مع مقربين له بدليل الكيان الآخر الذى أسسه مؤخراً باسم «ميثاق الشرف الوطنى» والذى احتوى على عدد كبير من مؤيدى الرئيس السيسى!
لا تنخدع فى هذا أو ذلك، لأنه مجرد محاولة للفصل بين التحرك الإخوانى «قلباً وقالباً» وتنظيم الإخوان، ويكفى أن تعرف أن محمود حسين أمين عام تنظيم الإخوان الإرهابى أعلن بوضوح انضمامه إلى كيان أيمن نور!
وأكثر من ذلك، هو أن ما يوصف بالمكتب العام للإخوان (مكتب الإرشاد المؤقت) أصدر بياناً يوم الجمعة أعلن فيه عن تقديم مراجعات وتقييمات شاملة للسنوات الست الماضية فى ذكرى 25 يناير، جاء فيه: «عام سادس جديد يمر على ثورة يناير، مختلف هذه المرة، لحظة دقيقة يمر بها الوطن، تكشفت فيها جميع الحقائق، ولم يعد هناك مجال للمواربة، الوطن فى خطر، والرفقاء مختلفون، والخونة يحكمون».
واستطرد قائلاً: «حانت اللحظة أن تكون (يناير البداية)، ولهذا فنحن فى المكتب العام للإخوان المسلمين نثمن كل دعوات الوحدة، والالتفاف، والتجمع حول أهداف ثورة يناير، ومكتسباتها، ونقبلها من كل من رفع مبادئ يناير شعارا».
وتابع: «نؤكد أنه لا نجاح للثورة بفصيل أو بمجموعة واحدة، وأن الأمل فى غد أفضل، والإيمان بالوطن، هو البداية الحقيقية، ولذلك (يناير البداية)، ولكى تكون البدايات صحيحة، فليكن يناير بداية لميثاق حقيقى لا ينتهى بانتهاء الذكرى، وبداية لتصحيح مسار، ليكن يناير بداية لميلاد إعلان وطنى حقيقى وصادق وواضح نجتمع حوله».
وأضاف أن «المكتب العام للإخوان قرر أن يبدأ بنفسه تحقيق هذه الوحدة المأمولة، ليعلن عن جملة تقييمات شاملة، أجراها مكتب الخارج استمرت لعدة شهور، تناولت أداء جماعة الإخوان المسلمين خلال السنوات الست الماضية، وسيقدمها خلال أيام بكل شفافية للجميع».
وأردف: «ندعو الجميع أن يحذو حذونا، لنصارح الشعب المصرى الأصيل بما نراه جميعا فى أنفسنا من أخطاء وما قدمناه من إسهامات فى مسيرة الثورة، وليكن هذا الإعلان بمثابة أرضية تعاون مشتركة نتفق فيها على المبادئ الجامعة، التى لا يختلف عليها أبناء الوطن، ولنضع سوياً ميثاق شرف الثورة المصرية».
وانتهى بيان الإخوان بـ: «ليكن هذا بداية حقيقية لموجة ممتدة من أجل الوطن، وليكن فاتحة عهد جديد، نكتب به سوياً فصل النجاح لهذه الثورة المباركة، فتحية للشهداء الأبرار، وللأحرار الشرفاء خلف الأسوار، وللثوار الصامدين فى الميادين».
ولو قارنت بيان التنظيم الإرهابى ببيان تأسيس حركة أيمن نور ببيان ما يوصف بتحالف دعم الشرعية، ستجد أن المضمون واحد.. بل الصياغة تكاد تكون واحدة!
لا تجهد نفسك فى محاولة استنتاج الأسباب أو الأهداف التى يتم من أجلها صناعة تلك الحركات أو التحركات، فقد وفر علينا واحد منهم عناء الاستنتاج والتحليل وكتب مقالاً كاشفاً وفاضحاً لهؤلاء المرتزقة الهاربين فى الخارج، ونقصد القاضى السابق عماد أبوهاشم، الذى كان عضو المكتب التنفيذى لحركة «قضاة من أجل مصر»، وهرب إلى تركيا فى مارس 2014، الأمر الذى يمكن اعتباره جريمة جنائية أخرى تستوجب المساءلة، خاصة أن هروبه جاء بعد صدور حكم بإحالته إلى المعاش، إضافة إلى صدور قرار من المستشار محمد شيرين فهمى قاضى التحقيق فى قضية «تأسيس حركة قضاة من أجل مصر» بمنعه من السفر.
وقد يكون «أبوهاشم» استغل المنافذ الحدودية مع السودان أو ليبيا للهروب خارج مصر. والمؤكد أن هروبه ومن قبله وليد شرابى إلى قطر وتركيا، يؤكد صدق البلاغ الذى تقدم به واتهم حركة «قضاة من أجل مصر» بأنها لم تكن تعمل لصالح القضاء ولا من أجل مصر بل لصالح جماعة الإخوان «الإرهابية».
وهناك دلائل كثيرة تؤكد أن الحركة متورطة فى جرائم جنائية، وهو الأمر الذى دفع المستشار محمد شيرين فهمى، قاضى التحقيق، إلى إصدار قرار بمنع المتهمين فى تلك القضية من السفر، إضافة إلى ما يرتكبونه من جرائم التحريض ضد مصر عبر قناة «الجزيرة» القطرية وغيرها من القنوات المشبوهة التى تنطلق من تركيا أو لندن.
وما من شك فى أن إقامة «أبوهاشم» فى تركيا تثبت بالدليل القاطع انتماءه لتنظيم الإخوان، ومعروف أن قطر وتركيا تحتضنان الهاربين من مصر وتغدقان عليهم الأموال بسخاء، وأن هؤلاء الهاربين يتم استخدامهم فى وسائل الإعلام للإساءة لمصر.
كنت قد قررت أن أكتفى بسطور أو فقرات من مقال المدعو عماد أبوهاشم، الذى حمل عنوان «الإخوان طريقك إلى الشهرة والمال»، غير أننى رأيت من الأفضل نشره كاملاً، بعد التعتيم الواضح عليه وعدم التركيز عليه بالصورة التى يستحقها، وهذا نص المقال: إذا كنت سياسيّاً فاشلاً أو قاضياً جاهلاً أو كاتباً مغموراً أو غير ذلك من أصحاب المقامات الرفيعة فيكفيك أن تكتب مقالاً حماسيًّا أو تلقىَ خطبةً لوذعيةً أو تشاركَ عبر الأثير بمداخلةٍ نارية تُظهِر تعاطفَك مع الإخوان وتحيُّزَك لهم بالدفاع عن عدالة قضيتهم والثناءِ على جماعتهم وإبداء استعدادك لتبنى مطالبهم، ساعتها سيفتح الإخوان لك دون تفكيرٍ كل أبوابهم، ويُسخِّرون لك جميع قنواتهم ومنابرهم تتبوأ منها ما تشاء، وستحظى تصريحاتك وتعليقاتك وكتاباتك مهما بلغت سخافتها بالصدارة فى وسائل إعلامهم المختلفة، وسيسعى وراءَك إعلاميوهم وصحفيُّوهم لاستضافتك فى برامجهم والظفر بأحاديثك لصحفهم، وسيتناولك كتابهم بالتمجيد والثناء فى كتاباتهم، وفى غضون أسابيع قلائل سيجعلون منك رمزاً من رموز الثورة وعلماً من أعلامها يشار إليك بالبنان، وتنال شهرةً واسعةً تمتد من المحيط إلى الخليج وربما امتدت شهرتك وراء ذلك لتصل إلى أوروبا وأمريكا فتكون واحداً من المتحدثين باسم الثورة المصرية.
أما إذا كنت مواطناً عاديًّا، ولم تكن من هؤلاء ولا من هؤلاء؛ فلكى تنال الحظوة والصدارة لدى الإخوان فعليك أن تبادر إلى تكثيف جهودك لتكون فى دائرة الضوء: إما بإنشاء كيانٍ تدافع من خلاله عن الشرعية، وإما باستغلال ما تجد فى نفسك من ملكات تسخرها فى سبيل الدفاع عن قضيتهم التى هى قضية شعبٍ بأكمله بل قضية الأمة بأسرها، المهم أن تجد الطريق أو الوسيلة التى تجعلك فى دائرة الضوء لتنتقل إلى المرحلة التالية، وهى مرحلة الحظوة والصدارة عندهم فتنفتح أمامك أبواب الشهرة والمال.
كن مطمئنًّا، فلن يُنقّب الإخوان فى ماضيك مشرفاً كان أو مخزياً، ولن يبحثوا عن دوافعك وبواعثك نبيلةً كانت أو وضيعةً، ولن يُحللوا شخصيتك سويةً كانت أو مريضة، لن يُجلِسك الإخوان على جهاز كشف الكذب، ولن يختبروا قدراتك ومعلوماتك حتى فى مجال تخصصك، لست بحاجة أن تكون فذاً فى مواهبك أو خارقاً فى ذكائك أو مُلماً بقواعد وعلوم السياسة والقانون، يكفيك فقط أن تكون ممثلاً بارعاً تتقن دور الثائر الحر وتردد شعارات الثورة بحماسة وقوة، وإذا رغبت فى المزيد من الحظوة والاندماج داخل جماعة الإخوان فعليك أن تتقمص فى خطابك سمات الإخوانىِّ المتمرس فى الخطاب الدينىِّ وأن تردد مفرداتهم الخطابية وأن تستيقظ لتصلىَ الفجر فى وقت صلاته، فإن لم تكن تصلى أو لم تكن مسلماً من الأساس فيكفيك أن تنشر على صفحات التواصل الاجتماعىِّ منشوراتك وقت صلاة الفجر لتثبت للجميع أنك تصليه حاضراً، فإن فعلت ذلك فقد بلغت الكمال فى صلتك بالإخوان وسيعتبرونك حقًّا واحداً منهم.
بعد أن تتحقق لك الشهرة وتصبح نافذاً فى إعلام الإخوان عليك أن تستقر فى دولة قطر، وأن تبحث عن الفرصة المواتية لتتعاقد مع قناة الجزيرة بمبلغ عشرة آلاف دولارٍ شهريًّا، ويمكنك أيضاًً بالإضافة إلى عملك فى قناة الجزيرة أن تلتحق بعملٍ فى مجال تخصصك فى إحدى الوزارات أو الشركات القطرية الخاصة بمبلغٍ مساوٍ لما تتقاضاه من قناة الجزيرة؛ لتتحصل فى النهاية على مبلغ عشرين ألف دولارٍ شهرياً، أى ما يعادل أربعمائة ألف جنيه بالأسعار الحالية للدولار مقابل الجنيه المصرىِّ، أى إنك ستتحصل فى السنة الواحدة كما هو حال البعض على ما يقارب خمسة ملايين جنيه، ومَنْ يدرى؟ ربما يصل سعر الدولار خلال هذا العام إلى أضعاف سعره الحالى فتتضاعف ثروتك، لكن حذارِ أن تعرض نفسك على قناةٍ متعثرة كما فعل البعض إذ حاولوا التعاقد مع قناة الشرق فى بداية بثها الإذاعىِّ طالبين خمسة عشرة ألف دولارٍ شهريًّا فتُقابَل بالرفض ويتندر بك العاملون بها.
إذا كنت من هؤلاء النُّخب ذات الصيت الواسع وتنتمى سرًّا إلى جماعة الإخوان المسلمين أو لم تكن منتمياً إليها ولكنك تبدى دعمك لها فسيسعى الإخوان إلى جعلك فى مكان الصدارة فى واحد أو أكثر من كياناتهم التى ينشئونها بالخارج للدفاع عن الشرعية بغية تصدير فكرة أن هذه الكيانات تمثل الشعب المصرىَّ بمختلف فئاته وطوائفه وليس الإخوان وحدهم، أى إنك ستلعب دور الواجهة (الفاترينة أو البَرَفان)، بالطبع فإنك ستقبل بهذه المهمة؛ لأن هذا من ناحية سيدعم استمرارك فى العمل فى قناة الجزيرة كمسئولٍ عن كيانٍ ثورىٍّ مصرىٍّ، ومن ناحيةٍ أخرى سيوفر الإخوان لك الجهات التى تقدم لك الدعم اللوجستىَّ الكبير.
فى هذه المرحلة حاول أن تدعم استقرار الكيان الذى تتصدره، وأن تنال ثقة من حولك، وأن تُنَفِّذ دون تفكيرٍ كل ما يُملى عليك من تعليماتٍ وإرشاداتٍ، ولْتحفظْ هذه التعليمات وتلك الإرشادات عن ظهر قلبٍ، سواءٌ اقتنعت بها أو لم تقتنع، وسواءٌ فهمتها أو لم تفهمها، ولكن كن حريصاً على أن تُنَصِّب نفسك أو تحمل الآخرين على تنصيبك أميناً للصندوق؛ وبذلك تُحكِم سيطرتك الكاملة على الكيان الذى تتصدره إداريًّا وماليًّا، ساعتها فقط تستطيع أن تقول لنفسك وللآخرين: إنك الكيان والكيان أنت، ويمكنك فى هذه المرحلة أن تفعل ما تريد دون رقيبٍ أو حسيبٍ، بل يمكنك الاستغناء نهائيًّا عن الإخوان ومهاجمتهم وتخوينهم إذا لزم الأمر.
إذا وصلتَ إلى هذه المرحلة فإنك تستطيع بكل سهولة أن تطيح بجميع معارضيك داخل الكيان الذى تتصدره سواءٌ أكانوا من الإخوان أم من غيرهم، وهم على صنفين:
الصنف الأول: اكتفوا بتدوين أسمائهم كأعضاء فى هذا الكيان ثم عزفوا عن المشاركةِ بجهد ملموسٍ فى الحراك الثورى، وهؤلاء لا خطر منهم فهم مجرد سيارة فى قطيعك تتباهى وقت اللزوم بإحصائهم ضمن مجمل الإحصائية الرقمية لكيانك.
والصنف الثانى: هم قلةٌ يشكلون الهيئة التنفيذية لكيانك وبعض الفاعلين ممن لم يكتفوا بدور المتفرجين، وهؤلاء ينبغى السيطرة عليهم بأحد أمرين:
الأول: ألا تتردد ثانية فى الإطاحة بكل من يزعزع مكانتك داخل الكيان الذى أصبحت أنت هو وهو أنت؛ لأنك بالطبع ستجد منهم الشرفاء الذين يسعون لإجهاض مشاريعك المكيافيللية الوضيعة وإبراز أخطائك الأيدولوجية الجسيمة ولاسيما إذا كنت غبيًّا جاهلاً تتسم بالحماقة والسطحية.
الثانى: إن لم يكن لكيانك أعداءٌ فعليك أن تصنع لأعضائه أعداءً ينخرطون معهم فى معارك طاحنة تُعمى أعينهم عن إدراك أطماعك وأخطائك ونقائصك وتشغلهم عن محاسبتك والهجوم عليك، واختر أعداءك بما يحقق مصالحك الدنيا المتمثلة فى الحفاظ على الوضع الراهن لتكسب بذلك المزيد من الوقت؛ فكلما مرت الشهور والسنون ازدادت حصيلة غلتك من الدولارات؛ لأنك تتغذى على استمرار حالة اللا ثورة واللا سلم، أى أن استمرار الثوار فى تقديم أرواحهم وبذل دمائهم وأموالهم والتضحية بحرياتهم وراء قضبان السجون وخارجها يضمن بقاءك على عرشك واستمرار دورك بالخارج ويؤمن لك الأموال التى تحصدها بعبارات الإدانة والشجب التى تطلقها من وقت إلى آخر.
إذاً أعداؤك هم من يسعون إلى اتخاذ قرار الحسم الثورىِّ، هؤلاء هم الذين يسعون إلى حرمانك ما أنت فيه، عليك أن تتصيد أخطاءً لهم بحقٍّ أو بغير حقٍّ وأن تُئوِّل تصريحاتهم وكتاباتهم بما يخرج عن مضمون مقصدهم لتثير الناس ضدهم ثم تصمهم بالخيانة والعمالة، تفعل كل هذا وأنت تتستر بكونك المدافع عن الشرعية التى يحاولون الانقضاض عليها جاعلاً من الشرعية الفزاعة التى تهش بها من يحاول الاقتراب من الحسم وتشل بها لسانه وتقمع ردود أفعاله، وبذلك تجعل من نفسك حَكَماً وأنت المارق العربيد ومن خصومك الشرفاء متهمين يلتمسون الدفاع عن أنفسهم فى اتهاماتك المغرضة.
خطط معاركك لتكون فيها أنت الفارس النبيل الأوحد الذى يمتطى حصان الشرعية المقدس، وافعل ما شئتَ وقل ما شئت باسم الدفاع عن الشرعية وحمايتها؛ لتكون أنت الفارس وأنت الحارس وأنت لسان الثورة، هاجم كل الرموز وحطِّم كل المثل وقزِّم كل العمالقة حتى لا يبقى سواك على الساحة، ساعتها يمكنك أن تدعوَ الناس لاتباعك وحدك دون شريك، فأنت الآن لدى الثوار الواحدُ دون شريك.
وإذا كنت ممن ينتمون سرًّا إلى الإخوان وكان البعض منهم قد وعدك بأن تخلف الرئيس مرسى بعد انتهاء ولايته لو لم يقع الانقلاب عليه فاستمت فى الدفاع عن بقائه لا من أجل شرعية تحميها أو إرادة أمة تحترمها ولكن من أجل أن يصيبك الدور؛ ذلك أن الإطاحة نهائيًّا بمرسى تعنى أنك لن تكون صاحب الدور من بعده، وأيضاًً من أجل اكتساب المزيد من الوقت الذى يعنى مزيداً من الدولارات التى تضاف شهريًّا إلى رصيدك المتضخم.
أما إذا كنت من حلفاء الإخوان الذين مهد الإخوان الطريق أمامهم حتى علوا واستعلوا عليهم وسعوا إلى تخوينهم وتقزيمهم فإنك إن كنت تتحرك تحت ستار الحفاظ على الشرعية والذود عنها فليكن همك الأكبر هو إجهاض كل محاولات الحسم وعرقلة جهود أصحابها وتقزيمهم وتخوينهم ومهاجمة آرائهم وتسفيه أحلامهم وسب أشخاصهم والتنكب لتاريخهم والسخرية من تصرفاتهم وتشويه سمعتهم، فإن نجاحك فى استمرار الحال على ما هو عليه يعنى بالنسبة لك المزيد من كسب الوقت والمال، وإذا أراد الله للثوار الظهور على أعدائهم فيمكنك العودة فوق دمائهم وجثامينهم زعيماً يمتلك النفوذ والثروة، فتتبوأ أعلى المراتب وقد قزمت كل من سواك ولم يبقَ فى حلبة السباق من ينافسك إن كان هناك أصلاً من يشغل باله بمنافستك.
صحيحٌ أن الغالبية العظمى من الثوار فى الداخل والخارج جميعهم نحسبهم على خيرٍ ولا نزكى على الله أحداً، إلا أنه بجانب هؤلاء المخلصين الأطهار الذين يبتغون وجه الله فحسب تقف تلك الطفيليات الثورية والنباتات المتسلقة التى رمى الإخوان بذورها وجراثيمها فى الحقل الثورىِّ بسذاجتهم وتوكلهم أو تواكلهم لتعربد وتفسد فى الجسد الثورىِّ وتتغذى على دماء الثوار وحرياتهم وأعراضهم.
و كما أن هناك أغنياء حربٍ يتربحون منها أصبح فى مصر ولأول مرة فى التاريخ أغنياء ثورةٍ يتكسبون من ورائها، يبيعون الوهم والكذب والتضليل للناس متطوعين كانوا أو مأجورين ويكدسون فى خزائنهم ألوف وملايين الدولارات، وبعد مرور ما يقرب من اثنين وأربعين شهراً من وقوع الانقلاب لم تجنِ الثورة سوى الفشل الذريع والخيبة الثقيلة مقابل امتلاء خزائن هؤلاء وكروشهم الكبيرة.
لسنا ضد أن يتكسب أحدٌ ما أحل الله لعباده، لكننا ضد أن يتحول البعض إلى تجارٍ يتخذون من الثورة بضاعةً يعرضونها فتكون أشلاء القتلى وأعراض الثوار وحرياتهم هى معروضات هؤلاء من السلع، ثم يستميتون بعد ذلك من أجل بقاء الحال على ما هو عليه ابتغاء استمرار رواج تجارتهم وتدفق معروضاتهم، أعتقد أن الجميع لن يخالفونى الرأى فى أن أموال هؤلاء حرامٌ وسحتٌ.
وللأسف الشديد مازال التنظيم الدولىُّ للإخوان المسلمين يدعم بالمال فشل هؤلاء المتسلقين ويمول حماقاتهم ومشاريعهم وأطماعاهم، مازال ينفق على رحلاتهم ونزهاتهم الخلوية التى يروجون أنها تخدم قضية الشرعية، مازال ينفق على اجتماعاتهم فى أفخم الفنادق فى الدوحة وإسطنبول حيث يأكلون ويشربون ما لذ وطاب وفى النهاية ينصرفون من حيث جاؤوا عائدين بالفشل والخيبة، مازال ينفق على جهلهم وهم يقولون ما لا يفعلون ويرعدون ولا يمطرون ويعدون ولا يوفون.
مازال ينفق على باعة السياسة الجائلين بالخارج فى الوقت الذى يقبع فيه الثوار الحقيقيون فى مصر يلتمسون الدعم والعون منه فلا يجدون، مازال ينفق على عشب الأرض وينسى المسلمين المستضعفَين فى الكثير من بقاع الأرض: فى سوريا وغزة وميانمار وغيرها، يلهو اللاهون فى تركيا وقطر بينما يُذبَّح المسلمون بالمئات وتُغتصَب نساؤهم بالمئات فى مشارق الأرض ومغاربها ولا مجير لهم غير رب محمدٍ عليه الصلاة والسلام.
هؤلاء هم أولى الناس بالرعاية والدعم، فهم لا حول لهم ولا قوة ولا نصير لهم أو معين سوى الله، إنهم يلتمسون الأسباب ليدفعوا الظلم عن أنفسهم فلا يجدون، أما من يُضيِّعون الفرص الواحدة تلو الأخرى ويمرحون ويلهون ويتسكعون هنا وهناك مستمتعين بالفشل والخيبة بعد أن تهيأت لهم أسباب النصر فلم يأخذوا بها، هؤلاء فقط هم من يدعمهم التنظيم الدولى وكأن الباقين ليسوا مسلمين.
فقاعات الهواء الثورية المتطايرة فى سماء البلدان الإسلامية قد أهدرت كل الدعم الذى قدمه المسلمون للثورة، فها هو أردوغان تدعمه قاعدةٌ عريضةٌ من شعبه يعطل كل نظريات السياسة ومسلماتها القائمة على المصلحة انتصاراً للإسلام والمسلمين ويفتح بلاده شرقاً وغرباً للدفاع عن مبادئ الثورة المصرية متحملاً هو وشعبه تحدياتٍ قاسية وخسارة فادحة كادت تعصف بتركيا لولا ستر الله جراء موقفه هذا، وكذلك فعلت قطر.
لكن ماذا بعد أن تأكد الجميع من أن رؤوس الذين تصدروا المشهد ونصَّبوا أنفسهم ممثلين للثورة محشوةً بالقش وأصبح فشل هؤلاء حقيقةً ثابتةً ككروية الأرض، أتظنون أن تستمر تركيا فى دعم فشل وغباء وانتهازية هؤلاء الأدعياء أصحاب رؤوس القش ولديها من التحديات فى الداخل والخارج ما يُعرِّض مصالحها وأمنها للخطر؟ أم تُراكم تظنون أن يتخلى أردوغان عن المُستضعَفين من المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها ويكرس جهود حكومته لمؤازرة قومٍ يلهون ويلعبون ويتخذون السياسة هوايةً والثورة سبيلاً للتكسب؟ كذلك لن يصمد القطريون وحدهم فى رعاية فشل الكائنات الثورية من فصيلة الجوفمعويات فى مستنقع الفشل الذى تقبع فيه الثورة.
إن هى إلا أسابيع أو شهور إن لم يتدارك الشرفاء من الإخوان وغيرهم الأمر ويصححوا الأخطاء سيطلب الأتراك والحق معهم وقف قنوات الشرعية عن البث من داخل أراضى دولتهم وتصفية الكيانات الثورية الموجودة بها، وسيتقلص حينها الدور القطرىُّ حتى يتلاشى تماماً، لتصبح الثورة بفضل صائدى الكنوز الثورية بلا صوت أو دعم، وعلى كل حال فإن رؤوس القش تلك يعدون العدة من الآن فصاعداً للتنصل من أخطائهم وإلصاقها بالآخرين.
انتهى المقال أو الفضيحة، لكننا لا نتوقع أن تنتهى مؤامرات الإرهابيين الهاربين، طالما كان هناك من يدفع، ولا يعنيه فشلهم المتكرر بقدر ما يعنيه استمرار تشويه صورة مصر، لأسباب صارت معروفة لكل من يرى ويسمع ويفهم.