ياسر بركات يكتب عن: «مرسى» فى مذكرات هيلارى كلينتون
كان مريحاً فى الحديث عن إسرائيل واتفاقيات الحدود
دخلت مكتبه وتقابلت مع مستشاريه.. وراجعنا اتفاقية وقف إطلاق النار فى غزة سطراً سطراً
تحدثت معه عن خطر الإرهاب فى سيناء فقال: نحن دولة إسلامية وليس هناك مبرر لعملياتهم ضدنا!
حذرته من ارتفاع حجم المتطرفين فلم يلقِ إلىَّ آذاناً صاغية.. حتى وقعت كارثة أغسطس 2012 ومات 16 جندياً مصرياً
كان يتوقع مساندة الإرهابيين لدولته.. وهذه سذاجة لا تليق وقلت له: مواقفك لا تعنينى!
- هوما عادبدين لا تنتمى إلى عائلة إخوانية والكونجرس الأمريكى وراء ترويج الشائعة!
جهات سيادية بدأت كشف لغز صناعة الفوضى
أسرار تنظيم
الاختراق الناعم
أو
Soft Penetration
انفراد:
أخطر تحقيقات حول التمويل المشبوه فى مصر
- التدفق المالى الأمريكى يتم عبر 7 مؤسسات
- والتحقيقات تنجح فى فك شفرة التحويلات البنكية وتكشف عن تمويلات جديدة من الفاتيكان!
- السفيرة الأمريكية تعلن عن 600 منظمة مصرية حصلت على 40 مليون دولار خلال خمسة أشهر
- بعض المنظمات تتلقى الأموال عبر نظام «الحقائب» وبعضها بشراء الأسهم والسيارات والعقارات
مؤسسات التمويل ليست مستقلة وتتبع وزارة الدفاع، والـCIA
المخابرات الأمريكية تراقب غرف النوم بـ1620 موظفاً فى السفارات
7800 مليون عملية تجسس على الاتصالات فى السعودية
1900 مليون فى مصر
1600 مليون فى الأردن!!
دفعة جديدة من الوثائق والتقارير، تم تسريبها، كشفت عن الدور الأمريكى القبيح، ليس فى إشعال دول منطقة الشرق الأوسط فقط، وإنما فى استغلال العالم كله. بينها ما يتعلق بتعاونها مع تنظيم الإخوان أو بالأنشطة المخابراتية الأمريكية فى كل دول العالم!
بين تلك الوثائق، ما يكشف عن وجود تسجيلات فيديو سرية، بحوزة مساعدة هيلارى كلينتون «هوما عابدين»، خاصة باللقاءات السرية التى جمعت كلينتون وأعضاء مكتب إرشاد تنظيم الإخوان، وهى التسجيلات التى اعترضها قراصنة مجهولون!
وغير الوثائق التى تم الإفراج عنها والتى تضمنت مجموعة من اللقاءات السرية فى عام 2012، جمعت كلينتون مع محمد مرسى، عقب انتخابه رئيساً للجمهورية، وقالت له نصاً: «نحن ندعم وصول الإخوان المسلمين للحكم، وانتخابك رئيساً للجمهورية، سيكون أمراً رئيسياً لتحقيق الديمقراطية».
غير تلك الوثائق، قال «جوليان أسانج»، صاحب موقع ويكليكس، إنه يمتلك المزيد من التسريبات التى يمكن أن يفرج عنها فى وقت قريب، مؤكدا أن فيها ما يكفى من أدلة إدانة هيلارى كلينتون بتهمة الخيانة العظمى، مشيراً إلى أن مضمون تلك التسريبات، التى سجلتها هوما عابدين سراً، يحتوى على أدلة حية على وجود مؤامرة واسعة داخل حكومة الولايات المتحدة لتخريب دول أخرى.
وطبقاً للوثائق المسربة، فإن كلينتون أعطت تنظيم الإخوان وعوداً قاطعة بتقديم الدعم الاقتصادى والاجتماعى بعد انتخاب مرسى رئيساً للجمهورية واتفقت معه على تأسيس صندوق مصرى أمريكى مشترك لضخ مزيد من الاستثمارات فى البلاد، كما عرضت كلينتون أيضاً على مرسى تحديث وإصلاح جهاز الشرطة فى مصر، عن طريق إرسال رجال شرطة أمريكيين لرفع كفاءة وقدرات قوات الأمن المصرية، وإعادة هيكلة الداخلية المصرية بشكل كامل.
كما وعدت كلينتون بأن يعمل الصندوق المصرى الأمريكى على ضخ 60 مليون دولار كدفعة أولى، ثم ضخ 300 مليون دولار كمساعدات إضافية على مدار 5 سنوات. وهو الصندوق الذى تم تأسيسه بالفعل فى سبتمبر 2012، ولكنه لم يقدم المساعدات التى تحدثت عنها كلينتون، والتى من الواضح أن هوما عابدين كانت العقل المدبر لتلك الاتفاقات ولكل الاجتماعات التى جمعت بين كلينتون وأعضاء مكتب إرشاد تنظيم الإخوان، خاصة أن بين الوثائق ما يشير إلى أن هوما عابدين أقنعتها بضرورة جعل تلك اللقاءات سرية بعيدة عن أعين الإعلام، وكذلك هى من أقنعتها بعدم استخدام البريد الرسمى الخاص بالخارجية الأمريكية واستخدام بريدها الإلكترونى الشخصى!
ونشير هنا إلى أن رسائل البريد الإلكترونى المرسلة من حساب حكومى رسمى، تعد خاضعة لقانون حرية المعلومات، الذى يتيح الحصول على نسخ منها، بما فى ذلك رسائل البريد الإلكترونى للمسئولين، كما يتطلب قانون الوثائق الفيدرالية الاحتفاظ بجميع رسائل البريد الإلكترونى الرسمية. ولا يعتد بالنسخ الورقية من الرسائل الإلكترونية كوثائق رسمية وفقاً للقانون الفيدرالى. ورغم وجود استثناءات للمواد السرية، فإن معظم المستندات يتم الاحتفاظ بها ورقياً حتى يطلع عليها الصحفيون ولجان الكونجرس والمؤرخون.
وبين ما كشفته الوثائق، حديث يتناول الوضع فى ليبيا وإمكانية قيام تنظيم الإخوان بالسيطرة على التنظيمات المسلحة هناك، وهو اللقاء الذى جرى قبل شهرين فقط من الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى، والذى أودى بحياة السفير الأمريكى «كريستوفر ستيفنز» و3 دبلوماسيين أمريكيين آخرين، الأمر الذى يشير إلى ضلوع التنظيم فى تنفيذ الهجوم بعلم أو بتخطيط هيلارى كلينتون!
وبين ما تم الكشف عنه، وثيقة كتبها توماس آر نيدس، نائب وزيرة الخارجية الأمريكية، عبارة عن خطاب وجهه إلى محمد مرسى فى 24 سبتمبر 2012 يتناول فيه الأوضاع فى سوريا وإيران، جاء فيه: «كان لى الشرف أن ألتقى بكم فى القاهرة، وأن تتفق أهدافنا حول زيادة التبادل التجارى، وكذلك رغبتنا المشتركة فى استقرار المنطقة وأمنها وسلامتها، وتحديدا ما اتفقنا عليه بأن تلتزم الولايات المتحدة بمساعدة مصر فى معالجة القضايا الإقليمية بما فيها سوريا وإيران».
وهناك بين الوثائق، ما يكشف عن اتفاق كلينتون مع تنظيم الإخوان على التمدد فى جميع أنحاء العالم شريطة أن يلتزم التنظيم بما يتم الاتفاق عليه وعلى رأسه الحفاظ على السلام مع إسرائيل لأنه مصلحة مشتركة أساسية وحيوية لقدرة التنظيم على مواجهة التحديات الاقتصادية ولكى يتمتع بدعم دولى، وهو ما رد عليه مرسى بقوله: طالما أن لدينا مصلحة مشتركة؛ فنحن ملتزمون بما يتم الاتفاق عليه معكم».
الوثائق كشفت أيضاً أن إدارة أوباما خصصت 52.6 مليار دولار سنوياً لأجهزة التجسس والمخابرات. وأن هذه «الميزانية السوداء» التى بلغت 52.6 مليار دولار لوكالات المخابرات الأمريكية الـ16 كشفت عن مشهد بيروقراطى وتنفيذى معقد لأجهزة المخابرات لا يخضع للرقابة العامة.
ورغم أن الإدارة الأمريكية تعلن حجم الإنفاق الإجمالى على وكالات المخابرات سنوياً منذ 2007 والذى تضاعف منذ هجمات 11 سبتمبر، إلا أنها المرة الأولى التى يتم فيها الكشف عن تفاصيل هذه الميزانية والمخصصات لكل وكالة من بين الست عشرة.
وبحسب تسريبات «واشنطن بوست« فإن وكالة «سى آى إيه» تحصل على أكبر مخصصات بنحو 14.7 مليار دولار وتليها وكالة الأمن القومى بنحو 10.3 مليار دولار.
وقالت «واشنطن بوست» إن «سى آى إيه» كانت تحصل فى عام 1994 على 4.8 مليار دولار فقط من أصل 43.4 مليار دولار تم تخصصيها فى هذا العام لأجهزة المخابرات، ما يعنى أن ميزانيتها زادت ثلاثة أضعاف خلال أقل من 20 عاماً.
وذكر التقرير أن عدد العاملين فى «سى آى إيه» زاد بنسبة 25 فى المائة خلال عشر سنوات فقط ليبلغ حاليا نحو 21.575 موظف، ولا يتضمن هذا الرقم العملاء للوكالة خارج الأراضى الأمريكية.
وتغطى الأموال المخصصة لأجهزة المخابرات الأمريكية أقمار التجسس والمعدات التقنية المتطورة ورواتب الموظفين بمن فيهم المحللون وخبراء اللغات وفك الشفرة وعدد متزايد من خبراء الإنترنت. كما تشمل نفقات «سى آى إيه» أيضاًً تمويل بناء سجون سرية ومركز موسع لمكافحة ما يوصف أمريكياً بالإرهاب وسلسلة من العمليات الخاصة وحوالى 2.3 مليار دولار لعمليات مخابراتية سرية تقوم بها عناصر مسلحة. كما تشمل 2.6 مليار دولار «لبرامج عمليات سرية» تشمل نشر طائرات بدون طيار ودفعات مادية لميليشيات محلية أو تنظيمات سياسية ومنظمات غير حكومية وجهوداً لتخريب برنامج تسليح فى دول معينة أو حتى مشاريع منافسة للشركات الأمريكية.
وألقت تسريبات «واشنطن بوست» الضوء على قيام وكالة الأمن القومى الأمريكية المكلفة باعتراض المكالمات الهاتفية والمراسلات الالكترونية، بإنشاء مجموعات متخصصة فى تطوير واستخدام برمجيات تجسس على الحواسيب والهواتف المحمولة.
2
وغير ذلك كله، فلم يعد هناك أى مجال للشك فى أن منظمات حقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدنى الممولة أمريكياً، هى إحدى آليات الاختراق الناعم Soft Penetration للمجتمع، وقد ثبت بشكل شبه قاطع أن هذه المنظمات تنفذ أجندة خارجية سواء بإرادة كاملة تحت إلحاح التمويل، أو بدون تلك الإرادة، مضحوك عليها يعنى.
ومصر ليست الاستثناء أو النموذج الوحيد على تلك العمالة السياسية Political Cliency فهناك نماذج كثيرة فى دول عديدة بينها دول فى محيطنا الإقليمى وبينها دول عديدة فى قارات العالم المختلفة، شهدت اضطرابات سياسية، وكان المشترك بينها هو التمويل الأمريكى للجهات أو الكيانات التى أحدثت تلك الاضطرابات أو ساهمت فيها.
هنا، يكون ضرورياً التوقف عند ما كشفته إحدى الوثائق المسربة عن تورط واشنطن فى مخطط تغيير الأنظمة العربية عبر بناء منظمات مجتمع مدنى تحدث تغييراً فى السياسات الداخلية للدول المستهدفة.
بحسب الوثيقة، فإن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما ضالعة فى حملة استباقية منذ ما قبل الربيع العربى لتغيير الأنظمة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الوثيقة الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية فى 22 أكتوبر 2010 بعنوان «مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية: مراجعة»، تشير بوضوح إلى أولوية خاصة تم منحها منذ عام 2010 لتغيير الأنظمة فى كل من اليمن والسعودية ومصر وتونس والبحرين، وأضيفت سوريا وليبيا إلى قائمة الدول ذات الأولوية على صعيد إنشاء مجتمعات مدنية فيها.
وأظهرت الوثيقة انتهاج إدارة أوباما سياسة الدعم السرى لجماعة الإخوان المسلمين فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ العام 2010.
وتبين الوثيقة هيكلاً محدداً لبرامج وزارة الخارجية الأمريكية التى تهدف بشكل مباشر إلى بناء منظمات «مجتمع مدنى»، ولاسيما المنظمات غير الحكومية، بهدف إحداث تغيير يخدم أهداف السياسة الخارجية والأمن القومى الأمريكيين.
فى تلك الوثيقة، ذات الخمس صفحات، نقرأ: «إن مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية هى برنامج إقليمى لتمكين المواطنين فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بهدف تطوير مجتمعات أكثر تعددية وتشاركية وازدهاراً. وكما توضح الأرقام فى هذه المراجعة، فقد تطورت «المبادرة» عما كانت عليه عند انطلاقها فى العام 2002، لتغدو أداة مرنة على مستوى إقليمى لتقديم الدعم المباشر للمجتمعات المدنية المحلية الرئيسية وبما يخدم العمل اليومى للدبلوماسية الأمريكية فى المنطقة. ويشمل (نطاق عمل) «المبادرة» كل بلدان منطقة الشرق الأدنى باستثناء إيران، وفى سبعة من بلدان وأقاليم المنطقة الثمانية عشر التى تتواجد فيها بعثات للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، فإن المناقشات والاتصالات على مستوى الدولة (المستهدفة) بين «المبادرة» ووكالة التنمية الدولية فى واشنطن تضمن أن تكون الجهود المخطط لها متوائمة ومتكاملة».
وفى القسم الذى حمل عنوان «كيف تعمل مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية»، تذكر الوثيقة صراحة ثلاثة عناصر جوهرية للبرنامج: التخطيط على مستوى المنطقة ومجموعة دول؛ والمنح المحلية؛ والمشاريع الخاصة بدولة محددة. وقد تم وصف أهداف «التخطيط على مستوى المنطقة ومجموعة دول» بأنها: «بناء شبكات (علاقات) بين الإصلاحيين للتعلم من بعضهم ودعم كل منهم الآخر، وتحفيز التغيير البناء فى المنطقة». (أما) المنح المحلية، فإنها «تقدم دعماً مباشراً للمنظمات المدنية المحلية، وهى تمثل الآن أكثر من نصف مشروعات «المبادرة».
وفيما يتعلق بالمشاريع الخاصة بدولة محددة، فيتولى موظفو السفارة الأمريكية المعينون إدارة التمويل، ويعملون كضباط ارتباط مباشرين مع المنظمات المحلية غير الحكومية وسواها من مؤسسات المجتمع المدنى. إذ تتمثل مهمة المشاريع الخاصة بدولة محددة فى «الاستجابة للتطورات المحلية والاحتياجات المحلية، كما تُحدد من قبل سفاراتنا والإصلاحيين المحليين وتحليلاتنا الخاصة من الميدان. إن التطورات السياسية فى بلد ما قد تتيح فرصاً أو تحديات جديدة لأهداف سياسة الحكومة الأمريكية، وسوف تقوم «المبادرة» بتوجيه التمويل للاستجابة لهذه الاحتياجات».
وطبقاً لما جاء بالوثيقة، فإن نائب رئيس البعثة فى كل سفارة أمريكية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتولى مهمة إدارة برنامج «المبادرة»، ما يظهر الأولوية الشديدة للبرنامج. وتذكر الوثيقة بشكل صريح أن «المبادرة» لا تخضع للتنسيق مع حكومات البلدان المضيفة: «تعمل المبادرة أساساً مع المجتمع المدنى من خلال منفذين من المنظمات غير الحكومية المتواجدة فى الولايات المتحدة والمنطقة. إن «المبادرة» لا تقدم تمويلاً للحكومات الأجنبية، ولا تتفاوض بشأن اتفاقيات مساعدات ثنائية. وكبرنامج إقليمى، تستطيع المبادرة نقل التمويل عبر البلدان، وتوجيهه نحو قضايا ومجالات جديدة، عند الحاجة».
وتتضمن الوثيقة خطط إدارة الرئيس أوباما لدعم جماعة الإخوان المسلمين، وسواها من حركات الإسلام السياسى الحليفة، والتى سادت قناعة بأنها متوافقة مع أهداف السياسة الخارجية الأمريكية فى المنطقة.
ويتولى إدارة «المبادرة» «بول ستوفين» الذى شغل سابقاً منصب القنصل الأمريكى العام فى أربيل بالعراق، وتالياً مدير مكتب الشئون الإسرائيلية والفلسطينية ضمن مكتب شئون الشرق الأدنى فى وزارة الخارجية الأمريكية. أما نائبته، فهى «كاثرين بورجوا»، والتى عينت فى «المبادرة» فى فبراير 2009 كرئيسة قسم السياسة والتخطيط. ويشمل تاريخها المهنى مهام تتضمن تطوير استخدامات «تكنولوجيا المعلومات» لتعزيز أهداف السياسة الخارجية الأمريكية.
وأوضح اثنان من كبار مسئولى وزارة الخارجية الأمريكية ممن أشرفوا على تطور وتوسع البرنامج منذ وضع وثيقة أكتوبر 2010، تحول «المبادرة» إلى قوة لتغيير الأنظمة. فقد تم تعيين «توميكاه تيلمان» مستشاراً رفيعاً للمجتمع المدنى والديمقراطيات الناشئة، فى أكتوبر 2010، من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية وقتها؛ هيلارى كلينتون. واحتفظ «تيلمان» بمنصبه فى عهد الوزير الحالى جون كيرى. وهو منشئ مؤسسة لانتوس لحقوق الإنسان والعدالة، وهى منظمة غير حكومية تحمل اسم جد تيلمان، عضو الكونجرس الأمريكى السابق توم لانتوس.
وفى سبتمبر 2011، تم تعيين السفير وليام ب. تايلر رئيساً لـ«مكتب المنسق الخاص لتحولات الشرق الأوسط»، بعد أن خدم سفيراً للولايات المتحدة فى أوكرانيا خلال «الثورة البرتقالية» فى الفترة 2006-2009. وبحسب ورقة صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، يتولى «مكتب المنسق الخاص لتحولات الشرق الأوسط»، والذى تم تأسيسه فى سبتمبر 2011، تنسيق المساعدة الأمريكية المقدمة للديمقراطيات الناشئة عن ثورات شعبية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وينفذ «المكتب» استراتيجية تقوم على التنسيق بين الوكالات (المؤسسات الحكومية) الأمريكية، لتقديم الدعم لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المحددة، والتى تشهد تحولاً ديمقراطياً، وهى حالياً مصر وتونس وليبيا».
3
مصادر أكدت لـ«الموجز» أن هناك تحقيقات دائرة الآن حول مصادر تمويل متعددة لم تتوقف عند حدود التمويل الأمريكى فقط، بل إن هناك مبالغ مالية دخلت البلاد لتمويل بعض المنظمات غير المرخصة من دول عديدة منها اليابان وكندا وهولندا.. وكانت المفاجأة الأكبر هى الكشف عن وجود تمويل من «الفاتيكان» لبعض المنظمات غير الحاصلة على ترخيص.. وأيضاًً كانت المفاجأة الأكبر أن هناك تمويلات للمنظمات جاءت عن طريق التحويلات البنكية.. وأخرى جاءت عن طريق تمويل مالى عينى وجهاً لوجه.. بمعنى أنه «تمويل بالحقائب» كما أطلقت عليه جهات التحقيق.. بحيث تأتى الأموال فى الحقائب ويتم تسليمها.
وهناك أيضاً من حصلوا على التمويل وتم إخفاؤه فى مشروعات تجارية أو شراء أصول مثل (سيارات أو عقارات) أو فى البورصة وشراء الأسهم.. لكى يتم إضفاء الشرعية على الأموال بوضعها فى وعاء اقتصادى فى شركات متداولة فى البورصة.
المؤكد هو أنه تم رصد كل هذه العمليات.. وأيضاًً تم رصد التحويلات البنكية التى جاءت إلى أسماء قريبة من هؤلاء النشطاء والمعنيين بالمنظمات الحقوقية غير المرخصة مثل السائق الخاص بأحد المسئولين عن المنظمة أو البواب.. أو العامل البسيط الذى يعمل كساع فى المنظمة.. ويتم كتابة توكيل عام من هذا الشخص (سائق أو بواب أو عامل أو ساعى) للناشط الحقوقى المسئول عن المنظمة وكانت التحويلات تأتى بصفة يومية بقيمة (5 آلاف دولار) أو (10) آلاف دولار.. يومياً باسم هؤلاء.. وعلى الفور يحصل عليها مسئولو الجمعيات.
وقد تكشف الأيام المقبلة عن أكبر عملية تمويل فى تاريخ مصر، متهم فيها شخصيات كبرى مشهورة إعلامياً وتظهر فى الفضائيات ليلاً ونهاراً.. منهم صحفيون ونجوم مجتمع.. والأهم وجود أسماء شخصيات كبرى برزت بعد 25 يناير وقامت بعمليات تمويل واسعة لعدد من النشطاء الشباب.
العودة هنا ضرورية ومفيدة إلى مذكرات «هيلارى كلينتون» التى صدرت فى كتاب عنوانه «خيارات صعبة»، والذى زعمت فيه أنها تنقل شهادتها حول ما جرى على أرض مصر فى فترة توليها وزارة الخارجية!
فى مذكرات كلينتون (الحقيقية وليست المضروبة) نراها ترد على اتهام كثيرين لمساعدتها «هوما عابدين» بأنها تنتمى لعائلة إخوانية، وأنها قد تكون حتى عميلة لتنظيم الإخوان الدولى، اخترقت الإدارة الأمريكية من قلب مكتب وزيرة الخارجية السابقة. فذكرت «هيلارى»: فى أحد تلك الاجتماعات مع ممثلى المجتمع المدنى فى مصر، أثار أحد الحاضرين نقطة شديدة الاستفزاز بالنسبة لى، اتهم ذلك الرجل مساعدتى الموثوقة والمسلمة هوما عابدين، بأنها عميلة سرية لجماعة الإخوان، وهو الادعاء الذى تروج له بعض الدوائر اليمينية السياسية، والشخصيات الإعلامية الأمريكية غير المسئولة، بمن فيهم أعضاء من الكونجرس، وظهر هذا الادعاء الآن فى وجهى فى القاهرة.
لم أكن لأترك ذلك ليمر، وقلت للرجل بعبارات واضحة لا لبس فيها إن هذا غير صحيح، وبعد دقائق من النقاش والحرج، اعتذر الرجل، لكنه سألنى عن السبب الذى يدفع أحد أعضاء الكونجرس الأمريكى إلى ترديد هذا الادعاء لو لم يكن صحيحاً، فضحكت وقلت له إنه للأسف هناك الكثير من الأكاذيب التى تسرى فى أروقة الكونجرس الأمريكى. وبعد الاجتماع، اتجهت «هوما» إلى الرجل، وعرفت نفسها له بأدب، وعرضت عليه أن تجيب عن أى أسئلة تدور فى ذهنه بشأنها. أما أنا، فكنت من داخلى أشعر بالغضب من الهجوم على «هوما» الذى يشنه كثير من أعضاء الكونجرس الجهلة، كما كنت أشعر بالتقدير للسيناتور الجمهورى «جون ماكين» الذى عرف مساعدتى لسنوات، ودافع عنها بقوة فى مجلس الشيوخ.
وعن فترة حكم مرسى تناولت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة التحدى الأمنى الأكبر فى عهد «مرسى»، وهو اضطراب الأوضاع الأمنية فى شبه جزيرة سيناء. وكانت تلك هى النقطة التى أثارت فيها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مع الرئيس المصرى الأسبق مسألة مواجهة التنظيمات الإرهابية المتطرفة التى لم يظهر «مرسى» قلقاً بشأنها، الأمر الذى أثار دهشتها وريبتها فى وقت واحد. وهو ما وصفته بقولها: فى سيناء مثلاً، وفى فترة حكم «مبارك»، كان المصريون يحكمون قبضتهم بشكل معقول على تهريب الأسلحة عبر الأنفاق الحدودية إلى غزة، وكانوا يتعاونون بشكل جيد مع إسرائيل فى هذا الصدد، على الرغم من أن «حماس» كانت تنجح فى شق أنفاق تحت الحدود حتى قلب الأراضى المصرية. وبعد سقوط نظام «مبارك» ووصول الإخوان للحكم فى مصر، أصبح عبور الحدود المصرية من وإلى غزة أمراً أكثر سهولة. وفى الوقت نفسه، بدأت السلطات المصرية تفقد سيطرتها على شبه جزيرة سيناء التى تبلغ مساحتها 23 ألف كم مربع. إن سيناء موطن لقبائل من البدو ومن الرُّحَّل، استغلت تلك القبائل البدوية التى تعرضت للتهميش طويلاً فى عهد «مبارك» تلك الفوضى التى أعقبت الثورة بالضغط للمطالبة بمزيد من الدعم الاقتصادى من الحكومة، ومزيد من الدعم من قوات الأمن، ومع تزايد وقوع سيناء فى هوة الخروج عن القانون، بدأ المتطرفون الذين لهم علاقة بتنظيم «القاعدة» ينظرون إلى سيناء باعتبارها جنة آمنة لهم.
وفى الكتاب، تحكى «هيلارى» عن اللحظة التى حاولت أن تفهم فيها النظرة التى يرى بها الرئيس «مرسى» تهديد تنظيم القاعدة على مصر، فتقول: فى واحد من اجتماعاتى الأولى مع الرئيس المصرى الجديد «محمد مرسى» سألته: ما خططك لمنع تنظيم القاعدة وغيره من المتطرفين من محاولة زعزعة أمن مصر، وسيناء تحديداً؟ وكان رده علىَّ هو: ولماذا يفعلون ذلك؟ لدينا الآن حكومة إسلامية فى مصر. والواقع أن كون «مرسى» يتوقع دعماً ومساندة من الإرهابيين هو أمر يكشف إما عن سذاجة، أو عن درجة صادمة من الشر. فقلت له: أنا لا تعنينى مواقفك. الإرهابيون سوف يلاحقونكم، وسيكون عليك عندها أن تحمى بلدك وحكومتك. لكنه لم يلقِ إلىَّ آذاناً صاغية.
وأضافت: فى أغسطس 2012، كان التهديد الذى يفرضه الوضع فى سيناء قد وصل لمرحلة لا يمكن إنكارها. وفى مساء يوم أحد، شنت مجموعة من المسلحين الملثمين، وصل عددهم إلى 35 مسلحاً، هجوماً على مركز للجيش المصرى قرب الحدود مع إسرائيل وقتلوا 16 جندياً.. وسرق المتطرفون يومها مدرعة مسلحة وشاحنة وحمَّلوها بالمتفجرات واتجهوا بها ناحية إسرائيل. انفجرت الشاحنة قبل عبورها للمعبر الحدودى مع إسرائيل، بينما قصف الطيران الإسرائيلى المدرعة المسلحة. وعلى الرغم من أن المواجهة لم تستغرق أكثر من 15 دقيقة، فإن هذه الحادثة قد هزت مصر وإسرائيل بعنف. وبعد المأساة، وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، زادت مصر من جهودها لمحاربة الميليشيات فى سيناء، بما فى ذلك استخدام الضربات الجوية ضدهم، إلا أن المنطقة ظلت مع ذلك غير مستقرة إلى حد كبير.
ومن أبرز ما كتبته هيلارى كلينتون، عن الرئيس الإخوانى: كنت أشعر بالارتياح لمحمد مرسى لأنه كان، عند الحديث عن اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة على الأقل، قد بدا لى مهتماً بأن يلعب دور الرجل الذى يعقد الصفقات، أكثر من اهتمامه بأن يكون ديماجوجياً. وتجمعنا فى مكتبه مع مجموعة صغيرة من مستشاريه، وبدأنا نناقش تفاصيل وثيقة اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، وبدأنا نراجعها سطراً بسطر».
هل يمكن إعادة قراءة وتفسير كتاب «خيارات صعبة» فى ضوء الوثائق التى تم تسريبها وما قد يتسرب من وثائق؟!
الواضح أن تلك الوثائق ستكشف زيف حكايات كثيرة وردت فى الكتاب أو المذكرات، وستساعد فى فهم لغز علاقة الولايات المتحدة بالتنظيم الدولى للإخوان وكذلك بالأنشطة المخابراتية الأمريكية فى كل دول العالم!
4
وتلك وثائق أخرى تكشف أن الولايات المتحدة الأمريكية حاولت أن ترث الاستعمار الأوروبى القديم وأن تسيطر على العالم بالقوة والمال والإعلام والتضليل. وأنها تعمل دائماً على صياغة أو إعادة صياغة التوجهات السياسية وخلق جماعات مصالح تتنافس فيما بينها على الولاء لها بشكل أو بآخر. صراحة أو ضمناً، مكشوفاً أو مستتراً، وفى نفس الوقت خلق وتجنيد جماعات من الطامعين واللاهثين خلف إغراءات المال والشهرة أو متوهمين «العالمية» و«الانفتاح على الآخر» وربطهم بمبادرات وبرامج وتدريبهم على طرق جمع حجم من المعلومات تشمل كل ما يتعلق بالخلافات الداخلية وأطرافها ورموزها وأسبابها وحجمها. وهى المعلومات التى يتم من خلالها قراءة تركيبة القوى الاجتماعية ومطالبها وطبيعة النظام والقدرة على استجابته لها أو عجزه عن ذلك.
دوائر المخابرات الأمريكية الموزعة بين 16 وكالة لا تدرى حتى الآن ما إذا كانت هناك تسريبات تخص قاعدة البيانات التى تتعلق بقيام واشنطن باستغلال المعلومات التى حصلت عليها من التجسس، لمنح شركات أمريكية الأفضلية على مثيلاتها فى الفوز بصفقات بعشرات المليارات من الدولارات، أو ترتيب عمليات تضر بمنافسين أجانب ومنتجاتهم، مثل تخريب معدات أو تحريك أحزاب وجمعيات ومنظمات غير حكومية لترجيح كفة الجانب الأمريكى كما تم استخدام المعلومات المستخلصة لوضع خطط أفضل لقلب أو زعزعة أنظمة حكم فى دول مختلفة منها حتى المصنف كحلفاء أو أصدقاء لواشنطن.
وهناك معلومات مؤكدة عن حصول شركات أمريكية كبيرة بعضها يعمل فى مجالات التسليح وبناء الطائرات، على معونة الأجهزة المخابراتية الأمريكية، وأنه عبر عمليات التجسس والابتزاز والتخريب المتخفى وراء حوادث عارضة، تم إجبار سياسيين وعسكريين فى دول عديدة على التوجه للحصول على معدات أمريكية بدلاً من الحصول على مثيلاتها من أطراف أخرى.
إضافة إلى تعقب سجلات الاتصالات الهاتفية والبريد الإلكترونى والتسلل إلى داخل مئات ملايين الحواسب عبر كل مناطق العالم لأخذ المعلومات منها ومواقع رئيسية على الشبكة العنكبوتية، تستخدم وكالة الأمن القومى الأمريكية وهو جهاز مراقبة رئيسى للحكومة الأمريكية، حسابات فيسبوك الشخصية ومواقع تواصل اجتماعى أخرى بهدف إنتاج خرائط «اجتماعية» مترابطة، تسمح بوضع طرق التعامل مع الأشخاص المستهدفين سواء كانوا سياسيين أو عسكريين أو رجال اقتصاد ومديرى شركات.
ويسمح الأسلوب باستخدام حسابات مواقع التواصل الاجتماعى وتحديد مكان الوجود الجغرافى للشخص نفسه والأرصدة البنكية وسجلات التأمين الصحى والضرائب لتعزيز عمليات تحليل الشخصية والاتصالات الهاتفية والإلكترونية.
وأفادت الوثيقة أنه أجيز لوكالة الأمن القومى إجراء تحليل بيانى واسع النطاق لسلسلة كبيرة جداً من البيانات الوصفية للاتصالات دون الاضطرار إلى التأكد من جنسية كل عناوين البريد الالكترونى أو رقم التليفون أو الأمور الأخرى المحددة للهوية.
تقارير سنودن كشفت أن عمليات التجسس على الاتصالات العربية كانت تقدر بالمليارات وأنها فاقت بآلاف المرات تلك التى نفذتها الوكالة الأمريكية فى دول أوروبية وطالت اتصالات كل الزعماء العرب ودوائر صنع القرار العربية المهمة ومن بينها السعودية ومصر والأردن والعراق ودول أخرى مثل إيران وباكستان وكذلك الهند.
وكشفت الوثائق أن وكالة الأمن القومى الأمريكية تجسست على حوالى 125 مليار اتصال هاتفى ورسائل نصية فى فترة شهر واحد وكانت غالبيتها من دول شرق أوسطية.
وحسب موقع «سريبتوم» المتخصص فى نشر الوثائق السرية فإنه جرت 7800 مليون عملية تجسس على الاتصالات فى السعودية ومثلها فى العراق و1900 مليون اتصال فى مصر و1600 مليون اتصال فى الأردن. وكشفت الوثائق أن أكبر عمليات التجسس كانت فى أفغانستان التى كانت حصتها من التجسس تفوق 21.98 مليار اتصال ثم 12.76 مليار اتصال فى باكستان و6.28 مليار اتصال فى الهند، و1.73 مليار اتصال فى إيران.
ونوضح هنا أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عندما التقى (فى 31 من يوليو 2013) بالأمير بندر بن سلطان، الأمين العام لمجلس الأمن الوطنى السعودى ورئيس المخابرات العامة، وجرى نقاش حاد حول الحرب الدائرة فى سوريا، ذكر بوتين أن على الرياض أن تكون حذرة من واشنطن لأنها تخطط لزعزعة استقرار المملكة وتساند مجموعات تصفها بالمعارضة المطالبة بالديمقراطية.
فى الوقت نفسه، تسربت معلومات عن أن الكرملين أبلغ السعوديين بأن أجهزة المخابرات الأمريكية تتجسس عليهم بشكل واسع، وأن عليهم أن يطلعوا على ما فى حوزة سنودن من معلومات ليتيقنوا من ذلك بأنفسهم.
*********************
5
وكالة الأمن القومى الأمريكية، تعتمد فى عملياتها عدة وسائل منها الشراكات «القانونية» وعمليات الاختراق وتقنيات جديدة غير مُعلن عنها، إضافة إلى أساليب خداع مختلفة.
ومنذ تأسيسها فى 4 نوفمبر 1954 بغرض جمع المعلومات عن الاتصالات الدولية وتحليلها (مقرها الرئيسى فى فورت ميادى بولاية ماريلاند الأمريكية ويعمل بها حالياً حوالى 1620 موظفاً) كانت مهمتها الهيمنة على قطاع المعلومات والاتصالات، ومع مرور الوقت أصبحت الوكالة تشغل المئات من علماء الرياضيات والتشفير وتحاول أن تضم لها آخرين فإذا رفضوا تعرقل أبحاثهم وتقدمهم الوظيفى بل تمارس ضدهم كل أنواع الترهيب لمنعهم من العمل لحساب مؤسسات أخرى قد تتعارض نشاطاتها أو تعرقل مع ما تقوم به مختلف أجهزة المخابرات الأمريكية.
الوكالة وبالإضافة إلى وسائلها الخاصة وطواقمها والوكالات الـ15 الأخرى العاملة فى المجال الأمنى، تعتمد فى تجسسها غير المباشر على عدة وسائل: أولها الشراكات السرية بينها وبين الشركات الكبرى فى مجال تكنولوجيا المعلومات أمثال جوجل وآبل وياهو وغيرها. وهذه الشراكات، التى تعمل بشكل قانونى تتيح للوكالة الدخول إلى قواعد معلومات ضخمة ومهمة، خاصة أنه غالبا ما تقوم هذه الشركات بتقديم خدمات لمؤسسات مهمة ودول حول العالم.
أما بالنسبة للشركات التى ترفض الشراكة مع وكالة الأمن القومى أو لا تستطيع هذه الوكالة الوصول إليها كالشركات الصينية على سبيل المثال، فتقوم الوكالة بمحاولات لاختراقها لتحصل على المعلومات التى فى قاعدة بياناتها، كما تعمل على تقليص دورها فى الشبكة الدولية بحيث يبقى الإقبال مركزاً على المؤسسات المرتبطة بوكالة الأمن القومى.
وكالة الأمن القومى تعتمد أيضاً فى تجسسها على تقنيات جديدة غير معلنة وغير منتشرة، منها برنامج متقدم يعتمد على معدات كبيرة ومعقدة ويقوم باعتراض الاتصالات ورسائل المحمول ليس فقط من مراكز داخل الولايات المتحدة بل خارجها، وقد نشرته واشنطن فى 100 قنصلية وسفارة لها عبر العالم.
ورابع وسيلة تستخدمها وكالة الأمن القومى للتجسس على العالم هى «الشركات الوهمية»، فتقوم الوكالة بتأسيس هذه الشركات فى دول محايدة كسويسرا، وتقدم هذه الشركات خدمات تشفير عالية الدقة لصالح دول مختلفة، وهناك عدة دول فى منطقة الشرق الأوسط استخدمت هذا التشفير لضمان أمن الاتصالات بين سفاراتها فى العالم أو فى مؤسسات سيادية فى داخلها.
ومعروف أن وكالة الأمن القومى تستعين فى عمليات المخابرات بشركات أخرى، تكون أحياناً متمركزة خارج الولايات المتحدة وتكون لها فروع عبر العالم وتعلن أنها تقدم خدمات فى مجال «مكافحة التجسس» وتأمين الحواسب وأجهزة الاتصال المختلفة من الاختراق، فى حين أنها تفعل العكس بتقديم كل مفاتيح التأمين التى تبيعها لزبائنها إلى المخابرات الأمريكية. لا نستبعد أن تكون هناك شراكات بين وكالة الأمن القومى وشركات اتصالات فى الدول العربية أو أجهزة مخابرات محلية. خاصة أن شبكات الاتصال والبنى التحتية فى دول الخليج «قديمة جداًً»، ولا تحتاج لكل تقنيات وكالة الأمن القومى المتقدمة لاختراقها والتنصت عليها.
فى كثير من الأحيان فإن صناع القرار فى واشنطن يفترضون خطأ أن المصالح الذاتية الضيقة للولايات المتحدة وشركاتها يجب أن تسير دوماً بمحاذاة النظام العالمى الذى ساعدت على خلقه. عندما سعت هيئات أجنبية لتطبيق القواعد الوطنية لشركات التكنولوجيا الأمريكية، فقد اتهمتها الولايات المتحدة بأنها تحمل دوافع خفية.
هذه الادعاءات خاطئة وغير مستدامة من الناحية السياسية. عندما تستهدف الولايات المتحدة الدول أو الأفراد التى ينظر إليها على أنها كسرت القواعد، مثل إيران أو روسيا، فإنه يمكن فى العادة إقناع الدول الأخرى بالانضمام إليها لإعطاء أفعالها غطاء من الشرعية. ولكن عندما تكسر الولايات المتحدة نفسها القواعد وتسعى لتقويض المبادئ التوجيهية الدستورية الأساسية للبلدان الأخرى، فإنه يجب أن نتوقع رد فعل عنيفاً.. كلما سعت الولايات المتحدة لإساءة استغلال النظام الذى خلقته فإن الدول والشركات الأجنبية سوف تبدأ فى تحديها.
وإذا كان نشر وسائل إعلام أخباراً عن تجسس الولايات المتحدة على حلفائها الأوروبيين قد أثار موجة احتجاجات من جانب الاتحاد الأوروبى وخاصة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، فإن الكثير من الملاحظين وحتى صحف أوروبية اعتبرته بارداً ولا يتناسب مع حجم الفعل الأمريكى.
كذلك فإن مطالبة ألمانيا وفرنسا الولايات المتحدة بتوقيع اتفاقية عدم تجسس، رد عليه المتخصصون فى أساليب التنصت بأن مثل هذه الاتفاقيات لا تنفع كثيرا وذلك على ضوء عدم التزام واشنطن وتطور التقنيات السريع، ولهذا فإن السبيل الوحيد هو التسابق المستمر لتطوير تكنولوجيا مضادة تكفل الحماية.
ومنذ سبعينيات القرن العشرين تطور وكالة الأمن القومى الأمريكى ووكالة المخابرات المركزية تكنولوجيا إلكترونية أطلقت عليها اسم «المجموعة الخاصة» تتميز بدقتها وتقلص حجمها، وقد أصبحت الأجهزة الصغيرة جداً تقوم بمهمات كبيرة، ما يسر عمليات التصنت والتجسس بشكل كبير.
من هذه الأجهزة «ميكرفون الليزر» الذى يستعمل فى التنصت على المكالمات الجارية فى الغرف المقفلة، إذ يتم توجيه أشعة ليزر إلى نافذة من نوافذ تلك الغرفة، وعندما ترتد هذه الأشعة تحمل معها الذبذبات الحاصلة فى زجاج تلك النافذة نتيجة الأحاديث الجارية فى الغرفة، وتسجل هذه الذبذبات ثم يسهل تحويلها إلى أصوات واضحة هى أصوات المتحدثين فى تلك الغرفة، ولا تقتصر فاعلية هذا الميكرفون الليزرى على تسجيل الحوار الدائر فى الغرفة، بل تستطيع اقتناص أى إشارة صادرة من أى جهاز إلكترونى فيها.
ومن الأجهزة الأخرى المهمة فى هذه «المجموعة الخاصة» جهاز أطلق عليه اسم «تى إكس» وبفضل هذا الجهاز لم تعد هناك ضرورة للمخاطرة بزرع جهاز إرسال صغير داخل الهاتف المراد التنصت عليه، فقد أصبح ممكناً بواسطة هذا الجهاز الدخول إلى خط ذلك الهاتف من بعيد دون أن يشعر أحد بذلك، كما يستطيع هذا الجهاز تحويل الهاتف الموجود فى الغرفة إلى جهاز إرسال ينقل جميع المكالمات والأحاديث التى تجرى داخلها، وحتى لو كان الهاتف مقفولا يستطيع الجهاز تكبير وتضخيم الذبذبات الضعيفة التى يرسلها الهاتف فى حالته الاعتيادية «أى فى حالة عدم استعماله» فيسجل جميع المحادثات الجارية فى الغرفة.
ونظراً للفوائد الاقتصادية من تبادل البيانات، فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوربى قد شرعا فى التفاوض بشأن اتفاقية الملاذ الآمن فى عام 2000 من أجل تجاوز هذه الخلافات. وكجزء من هذا الترتيب، فقد وافقت الشركات الأمريكية على الخضوع لمجموعة من المبادئ الأساسية للخصوصية يتم الإشراف عليها من قبل لجنة التجارة الاتحادية فى الولايات المتحدة. خلال السنوات الـ15 الماضية، استفادت أكثر من 4 آلاف شركة أمريكية من اتفاقية الملاذ الآمن لتسهيل التجارة الإلكترونية ونقل البيانات عبر الأطلسى. ويأتى قرار المحكمة الأوروبية الأخيرة ليهدد كل هذه الأمور.
وعن طريق تحويل شركات التكنولوجيا الأمريكية إلى أدوات للمخابرات، فإن واشنطن قد أضرت بشكل بالغ بسمعة هذه الشركات كما أنها تعرضها للوقوع تحت طائلة العقوبات الأجنبية. أرباح هذه الشركات، التى تمثل حصة كبيرة فى الاقتصاد الأمريكى، تعتمد بشكل رئيس على التدفق الحر للمعلومات عبر الحدود. المسئولون الأجانب والنشطاء السياسيون والقضاة الذين يعملون على الحد من هذه التدفقات لحماية مواطنيهم هم فى واقع الأمر يوجهون ضربة إلى قلب هذه الشركات.. وقد أجبر قرار محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الملاذ الآمن واشنطن الآن أن تقرر ما إذا كانت تقدر القدرة المطلقة للتجسس على الأوروبيين أكثر ما تقدر الإنترنت المفتوح والرفاه الاقتصادية لشركات الأعمال الأمريكية القوية. فى الواقع فإن الاتحاد الأوربى يستخدم نفس تكتيكات الولايات المتحدة ضدها.
أخيرا
الوثائق المسربة كشفت بوضوح الدور المخابراتى الذى تؤديه السفارات الأمريكية فى معظم الدول، وتم الكشف عن ذلك من خلال برقيات أرسلتها وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون، مصنفة (سرى) موجهة إلى السفارات تطلب فيها واشنطن مهمات عادة ما توكل إلى جهاز السى آى أيه كالتنصت والتجسس على الجهات المعنية فيها.
كما فضحت هذه الوثائق أن هنالك فرقاً ما بين الوجه الدبلوماسى للسفارة ودورها الخفى السرى المخابراتى التجسسى الذى يتطلب وجود طاقم مدرّب مخابراتياً واجتماعياً وعسكرياً ونفسياً حتى يستطيع القيام بجميع المهمات الموكلة إليه ولديه الجاهزية التامة لتنفيذ أى مطلب استخبارى وقد يتطور ليصبح تدخلاً مباشراً فى سياسة البلد المضيف وقد يصل نفوذ سفراء بعض الدول إلى أن يقوموا بمقام الحاكم الفعلى لهذا البلد أو ذاك ومستشاره الخاص الذى لا يرفض له طلباً فيعزلون وزيراً ويضعون بدلاً عنه ويطبقون قانوناً ويغيرون آخر أو حتى القيام بانقلابات تقوم بتغيير الأنظمة.
المشكلة فى مصر، تعقدت أو زادت تعقيداً حينما غيرت إدارة أوباما قواعد اللعبة السياسية التى سادت علاقاتها مع مصر قبل 25 يناير 2011، التى كانت تؤمن مصادر تمويل أمريكية لمنظمات المجتمع المُشهرة رسمياً، وبعد موافقة حكومية، وبعيداً عن مخصصات المعونة الاقتصادية السنوية التى تراجعت إلى 250 مليون دولار بالعام 2013، وحسب مؤشرات موازنة عام 2014، ستنخفض إلى 188.5 مليون دولار.
بعد 25 يناير اكتشفنا أن تدفق التمويل الأمريكى ومعه الغربى، توسع ليشمل جميع المنظمات الرسمية وغير الرسمية، وأن الإدارة الأمريكية لم تكترث بالحصول على الموافقة الحكومية المصرية، بل اقتطعت حصة من المعونة لتمويل أنشطة تلك المنظمات، بهدف دعمها سياسياً وتمويلياً.
صحيح أنه لا توجد أرقام محددة لهذا التدفق السنوى، ليس بسبب تعدد الجهات الأمريكية المانحة فحسب، وإنما أيضاًً لعملية التعتيم عليها، لكن هناك ما بين 25 و30 مليون دولار يتم ضخها سنوياً لدعم تلك المنظمات.
وكانت الصدمة فى إعلان السفيرة الأمريكية آن باترسون خلال جلسة استماع باللجنة الفرعية للشئون الخارجية بمجلس الشيوخ عام 2012 أن 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول على منح مالية أمريكية، وأن بلادها قدمت 40 مليون دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى بهذا العام لمنظمات المجتمع المدنى لدعم الديمقراطية بمصر،
لم يعد هناك مجال لأى شك فى طبيعة المؤسسات الأمريكية الداعية لنشر الثقافة الديمقراطية وتخليق مجتمع مدنى حسب الطلب، فهذه المؤسسات ليست مستقلة تماماً، وإنما تقوم بتنفيذ أجندة خاصة مرتبطة بإحدى جماعات التأثير السياسى داخل دائرة صنع القرار الأمريكى سواء جماعات المحافظين الجدد بالحزب الجمهورى، أو الجماعات الليبرالية داخل الحزب الديمقراطى.
كما أن عمل هذه المؤسسات وأهدافها ذات صلة وثيقة بالعديد من المؤسسات الرسمية الأمريكية كالخارجية، وزارة الدفاع، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA. ونوضح أن جزءاً كبيراً من تمويل تلك المؤسسات يأتى عبر القنوات الرسمية الأمريكية. منها ما هو معلن بشكل رسمى بالمساعدات التى تقدمها الخارجية أو الكونجرس لقوى المجتمع المدنى، فى حين تبدو المساعدات التى تقدمها المخابرات سرية. والتدفق المالى الأمريكى يتم عبر 7 مؤسسات اثنتان منها حزبيتان والبقية رسمية لارتباطها بوزارات أو بالكونجرس.
هكذا، فإن القضية لا تتعلق بتقديم تمويل لأهداف عامة تبدو نبيلة مثل دعم الديمقراطية أو مراقبة الانتخابات أو زيارة الصحفيين لأمريكا أو الاهتمام بالبيئة أو المرأة أو الحريات، بل غالباً ما لا تكون هناك أهداف محددة توضع ضمن شروط التمويل لا يراها إلا من يتابع خريطة التحركات الغربية عموماً لتدارك مخاطر الثورة المصرية على مصالح الغرب ومحاولاتهم تطويعها لمصالحهم الخاصة وإملاء شروطهم السياسية عبر وكلائهم ممن يرفعون شعارات ليبرالية.. وهو الأسلوب الذى مارسته الولايات المتحدة فى الثورات الرجعية التى حدثت فى الدول التى انفصلت عن الاتحاد السوفيتى بعد عام 2000 واعتمدت هذه الثورات على أبناء البلاد المعروف عنهم انتماؤهم للغرب وغير المنتمين لأى توجه وفى مقدمتهم الطلبة الثائرون على الأوضاع السياسية والاجتماعية ومستخدمو تكنولوجيا الاتصالات المعارضين للنظام. وقامت هذه الثورات دون عنف أو إراقة دماء. وأيدها الإعلام الغربى وهلل لها ووصفها بأنها ثورات عفوية ووطنية تؤيدها الشعوب لأنه يعلم أنها فارغة المضمون والتوجه الاجتماعى والسياسى والوطنى. فقد تبين بعد استقرار هذه الثورات واتضاح خوائها من أى مضمون وطنى اجتماعى تقدمى أن هذه الثورات جرى التخطيط لها وتمويلها بواسطة منظمات أمريكية مثل منظمات التمويل الدولية السابق الإشارة إليها، حتى إن هذه المجتمعات وقد أفاقت من وهم الثورة الخواء تسير نحو إنقاذ مجتمعاتها من الهيمنة الأمريكية الاستعمارية ونشر قواعدها العسكرية على أراضيها فى عداء لروسيا التى انتفضت مرة أخرى باحثة عن القومية الروسية التى ضاعت تحت أقدام أمريكا وأوروبا الغربية، وتحاول دول الثورات الملونة العودة إلى حلف اقتصادى جديد مع روسيا محرر من أى تبعية للقومية الروسية ينسق بين اقتصادياتها بما يحقق استقلالها الوطنى وتحرير إرادتها السياسية من التبعية للاستعمار العالمى (هذه الثورات الملونة تمت فى جورجيا وأوكرانيا وكازاخستان وقرجيستان وسميت ملونة لأن ثوارها كانوا يتشحون بلون معين) بل إن هذه البلاد مع روسيا الجديدة يدخلون فى منظمة جديدة هى منظمة شنغهاى ومعها الصين والهند ومرشح لها إيران فى تحالف ضد الهيمنة الأمريكية ولخلق قطب عالمى جديد يواجه القطب الاستعمارى العجوز.