الموجز
السبت 9 نوفمبر 2024 12:43 صـ 7 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:أخطر تقرير على مكتب الرئيس يكشف أسرار كارثة «الدولار » الرئيس يسأل عن نتائج المهام الخمس التى تم تكليف رئيس المركزى بها

إعادة فتح ملفات جمال مبارك مع بنك أوف أمريكا
وجهات سيادية تسأل «العقدة » عن مليار
دولار حصل عليها من البنك الدولى عام 2004 !!
..وجهات سيادية تسأل «العقدة» عن مليار دولار حصل عليها من البنك الدولى عام 2004!!
ما مصير المجلس التنسيقى للبنك؟ ولماذا يصمت وزراء الاستثمار والمالية والتجارة والصناعة على ما يحدث؟
خبير مصرفى يتهم فاروق العقدة بتهريب 12 مليار دولار لحساب رجال النظام السابق
ماذا يفعل طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى؟!.. وهل هو بالفعل الذى يدير البنك المركزى؟!.. أم يكتفى بالإدارة الإعلامية التى نجح فيها مؤقتاً بشراء الوقت منتظراً لأى حلول تأتى من بعيد، وانكشف غطاؤه بعدم مجيئه؟!
السؤال بشكل أكثر وضوحاً.
هل من يدير البنك المركزى ويضع سياساته النقدية هو طارق عامر؟!.. أم فاروق العقدة الذى يدعمه والذى لا يترك فرصة إلا ويغسل يديه من النتائج؟!
أولاً، علينا أن نشير إلى أن أهداف السياسات النقدية للبنوك المركزية أولها الحفاظ على المتوسط العام للأسعار ومعدل التضخم، وأن المتوسط العام لمعدل التضخم لكل دولة يتحدد وفقاً لتخطيطها الاقتصادى (اﻷعلى 4% واﻷدنى 2% وفى مصر تجاوز التضخم نسبة الـ11%) وسنتجاوز عن مصطلح «التضخم الأساسى» الذى يستخدمه البنك المركزى المصرى وهو المصطلح الذى أدخله فاروق العقدة! أما ثانى أهداف السياسات النقدية فهو العمل على تحقيق النمو الاقتصادى برفع قيمة الناتج الإجمالى المحلى (GDP). وثالث الأهداف، إدارة النقد اﻷجنبى بكفاءة.
تلك هى الأهداف الثلاثة الأبرز، أما ما حدث فهو أن البنك المركزى المصرى فشل فى ضبط معدل التضخم.. وفشل فى تحقيق النمو الاقتصادى لعدم تجاوز الناتج الإجمالى المحلى لنسبة الـ5% وستقل النسبة بالطبع لو تم حساب الناتج باﻷسعار الحقيقية (التضخم)، بما يعنى أن ما يحدث انكماش اقتصادى وليس نمواً. وأيضاً، فشل السياسات النقدية للبنك المركزى فى إدارة النقد الأجنبى وأصبحت الكلمة العليا لـ«السوق السوداء» التى يصفها البعض بالسوق الموازية!
قبل أن ندخل إلى الموضوع، وبما أن العقدة وتلميذه عامر أبناء المدرسة الأمريكية، تعالوا نتوقف قليلا أمام مقال لـ«مايك ويتنى» نشره موقع «كاونتر بانش» تناول فيه السياسات الخاطئة للبنك الفيدرالى الأمريكى، وطرح اثنين من التساؤلات أولهما: ما الذى سيحدث لو وضعت 3 تريليونات دولار فى النظام المالى؟ وثانيهما: ماذا لو وضعنا المبلغ نفسه فى الاقتصاد من خلال دعم مشاريع البنية التحتية وإعانات البطالة وبرامج المعونة الغذائية التكميلية الممولة من الحكومة الفيدرالية التى توفر كوبونات للأسر ذات الدخل المنخفض لمساعدتها فى تكاليف الغذاء؟
«مايك ويتنى» أوضح أن وضع 3 تريليونات دولار فى النظام المالى يجعلك أمام ثلاثة احتمالات وهى:إما أن ترتفع من جراء ذلك أسعار الأسهم وإما تنخفض وربما تبقى على ما هى عليه.أما الإجابة عن السؤال الثانى فهى توفر ثلاثة احتمالات لا رابع لها، وهى ازدياد النشاطات التجارية والصناعية وتالياً نمو الاقتصاد أو تباطؤ تلك النشاطات ما يؤدى إلى تراجع الاقتصاد، وقد تبقى الأمور على حالها فلا يتغير النمو الاقتصادى.إن لاختيارك الإجابة الأولى فى كلا السؤالين دلالة واضحة على تفكير سليم ومنطق عقلانى يحق لحامله أن يفتخر به، لأن إضافة المال إلى النظام المالى تعنى تضخم الأسعار وهو ظاهرة اقتصادية تدل على الارتفاع فى المستوى العام للأسعار الذى يقاس بمتوسط سعر السلع والخدمات فى اقتصاد ما، أما إضافة الأموال إلى الاقتصاد فهذه تعنى بما لا يدع مجالاً للشك تعزيز النمو الاقتصادى ما يدعونا للتساؤل ثانية: لماذا قام البنك الاحتياطى الفيدرالى (النظام المصرفى المركزى للولايات المتحدة) بوضع 3 تريليونات دولار فى النظام المالى ولم يستثمرها فى دعم المشاريع التى تعود بالنفع على اقتصاد البلاد، وهل كان يتوقع أن تساهم الأموال المخبأة فى خزائن النظام المالى بنمو اقتصاد البلاد، وهل أعضاء بنك الاحتياطى الفيدرالى غير مدركين للكيفية التى يعمل بها الاقتصاد؟
من المؤكد أن الجواب «لا» حيث لا يمكن فى كل الأحوال أن يكون القائمون عليه فى حيرة من أمرهم بشأن الآلية التى يعمل بها منذ سنين، بينما يميل البعض للاعتقاد بخلاف ذلك وهذا ما يدعونا لطرح التساؤل الآتى: لماذا يضع شخص ما الوقود فى المكان الخطأ مادام يعلم بعدم جدواه؟
الأمر نفسه ينطبق على الأموال المودعة فى النظام المالى بدون أى فائدة، والطريقة الوحيدة التى يمكن أن تثمر هى وضع تلك الأموال فى دعم الاستثمارات لرفع مستوى الاقتصاد.
وهنا يكون السؤال: لماذا يعد عدم استخدام الأموال فى دعم الاستثمارات تجميداً واضحاً لتلك الأموال ولا تعود بالفائدة على البلاد؟
إن مجرد إلقاء نظرة على الناتج المحلى الإجمالى يعد دليلاً واضحاً على سياسة الاحتياطى الفيدرالى الخاطئة، فقد أظهرت بيانات الناتج المحلى الإجمالى تراجعاً أدنى من التوقعات خلال الربع الثانى من العام بنسبة 1.2٪، فهل تعلم ما يعنيه ذلك؟
بكل تأكيد، يعد ذلك إشارة واضحة إلى ضعف الإنفاق، حيث يبدو قطاع الاستثمار فى مجال الأعمال التجارية أشبه بالمصاب بفقر دم شديد، وهو يبين عجز نفقات الاستهلاك الشخصى التى تعد المقياس الرئيسى لإنفاق المستهلكين على السلع والخدمات فى الاقتصاد الأمريكى والمحرك الأساسى الذى يدفع النمو الاقتصادى فى المستقبل نحو الأمام باعتبارها تشكل نحو ثلثى الإنفاق المحلى النهائى.
كل ذلك يشير إلى أن الاقتصاد الأمريكى فى الأساس يتنفس بصعوبة وأن المكلفين بمهام إدارة النظام المالى إما أغبياء لا يعرفون الآلية الصحيحة لعمل النظام وهو ما ينفيه بعض المحللين، أو أن لديهم دوافع خفية للسياسات التى يستخدمونها.
ويبقى السؤال: هل بنك الاحتياطى الفيدرالى كاذب أم يتظاهر بالكذب؟
الجميع يعرفون تماماً أنه من الجنون هو أن تفعل الشىء نفسه مراراً وتكراراً وتتوقع نتيجة مختلفة.
ورغم ذلك فالبنك الفيدرالى يفعل الشىء نفسه على مدى السنوات السبع الماضية، حيث يقوم بإلقاء الأموال فى النظام المالى ويتوقع «تسارعاً فى النمو الاقتصادى»، ما يؤكد أن القائمين عليه مصابون بالجنون وهو ما ينفيه الكثير من المحللين الاقتصاديين مشيرين إلى أن معظم أعضاء البنك والعاملين فيه تلقوا تعليماً عالى المستوى فى مجال عملهم ولديهم فهم اقتصادى سليم لمعظم تعقيدات النظام المالى، لكن ربما تحركهم دوافع خفيه ولهذا السبب لا يزال أولئك عالقين فى السياسات الخاطئة والفاشلة نفسها كل هذه السنوات.
لنترك الولايات المتحدة، ونتحدث عن مصر وعن أبناء المدرسة الأمريكية الذىن يديرون سياستها النقدية، وما من شك فى أن ملامح سياسات فاروق العقدة فى إدارة القطاع المصرفى بدأت فى الظهور برفع أسعار الفائدة وتحركات سوق الصرف مع صدور القرار الجمهورى بتولى طارق عامر منصب محافظ البنك المركزى، وهو ما طرح عدة أسئلة عن سر عودة فاروق العقدة وعما إذا كانت هذه العودة ستفيد فى مواجهة التحديات الاقتصادية التى تواجه مصر أو لا؟!
وكانت هناك تحديات اقتصادية كبيرة (ولا تزال) تواجه الأداء المالى للدولة، فى ظل تراجع متوقع فى إيرادات السياحة جراء تداعيات حادث الطائرة الروسية، وإدارة الاحتياطى الأجنبى وسوق الصرف، والتنسيق بين السياستين المالية والنقدية.
ثم صدر القرار الجمهورى بتشكيل المجلس التنسيقى للبنك المركزى برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية محافظ البنك المركزى، ووزراء الاستثمار والمالية والتجارة والصناعة ونائب محافظ البنك المركزى، ووكيل محافظ البنك المركزى لقطاع السياسة النقدية والذى تشغله الدكتورة رانيا المشاط، وعضوية الدكتور فاروق العقدة، والدكتور محمد العريان، والدكتورة عبلة عبداللطيف.
والقرار أكد على دقة المرحلة الحالية ومتطلباتها من ضرورة التنسيق بين الجهات الاقتصادية، خاصة طرفى السياستين النقدية والمالية ومجلس التنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية وأعضاء المجموعة الوزارية الاقتصادية، بعد مطالب كثيرة خلال الفترة الماضية بوجود هذا التنسيق.
وكما هو واضح فكل الأسماء من الوزن الاقتصادى الثقيل بما جعلنا نستشف وجود رؤية اقتصادية للدولة تستهدف الاستعانة بالخبرات الدولية وشخصيات ذات خبرة عميقة بكافة تحديات المرحلة الاقتصادية والسياسية، وترجمة ذلك إلى سياسات اقتصادية تستهدف دفع النمو الاقتصادى إلى أعلى من 5% وخفض التضخم وتقليص العجز فى الموازنة العامة للدولة وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر وضبط سوق صرف العملات الأجنبية.
غير أن وجود المجلس التنسيقى، لا علاقة له بكون منصب محافظ البنك المركزى فى كل دول العالم هو المنصب الاقتصادى الأهم فى هرم المناصب الرسمية، وفى كونه يعد عصب الاقتصاد بقراراته التى تؤثر فى مستويات التضخم (مستويات الأسعار) والسيولة النقدية والائتمان وطباعة النقد وإدارة مديونيات الدولة، واستقرار الجهاز المصرفى الذى يعد أهم قطاعات الدولة المصرفية الاقتصادية حالياً نظراً لأنه الوحيد الذى لم يتأثر بتداعيات تردى الاقتصاد نتيجة الاضطرابات.
وكان واضحاً منذ البداية أن منهج إدارة طارق عامر للسياسة النقدية، يستلهم تجربة الدكتور فاروق العقدة السابقة التى امتدت من 2003 حتى 2013، بسحب فائض السيولة من الاقتصاد عن طريق رفع الفائدة، والعمل على خفض معدل التضخم، إلى جانب زيادة الطلب على الجنيه المصرى وتقليل حيازات المواطنين للدولار كمخزن للقيمة.
فهل نجحت السياسات النقدية التى رسمها العقدة وسار عليها تلميذه؟!
المؤلم هو أن تلك السياسات هى التى دمرت الاحتياطى، وأوصلتنا إلى انهيار قيمة الجنيه أمام الدولار وانتعاش السوق السوداء.
2
فى تسعينات القرن الماضى، ابتكر العقدة حيلة فريدة لضبط سعر الصرف عبر دخول البنك الأهلى إلى السوق الرسمية والموازية فى آن واحد كمشتر للدولار وقام بعمليات مضاربة متعددة، حتى أصبح البنك مسئولا أمام الحكومة عن جمع الدولار من السوق المحلى.
وكان لذلك أثرة فى إنقاذ السوق المصرفى وقتها من تداعيات أزمات عدة منها «نواب القروض»، شيكات البنوك بدون رصيد ولا ضمانات وتدنّى مستويات الاقتصاد بعد تراجع السياحة نتيجة الأحداث الإرهابية فى الأقصر.
لماذا، إذن، فشل الرجل هذه المرة فى ضبط انفلات الدولار؟!
وكيف ساهمت تصريحات «تلميذه» وتصرفاته غير المبررة فى وصول الدولار إلى مستويات غير متوقعة دفعت كثيرا من الاقتصاديين للتخوف من أن تواجه مصر مصير دول أمريكا اللاتينية فى العقد الماضى حين انهار اقتصادها وأعلنت الإفلاس؟!
كيف يمكننا تفسير هذا التناقض بين النجاح المبهر فى السابق والإخفاق المريب؟!
ونشير هنا إلى أن الرئيس السيسى أعطى طارق عامر ثمانية تكليفات، فشل فى تحقيق أى منها رغم عموميتها، لأنه لا يمكن أن تكون الثمار المرجوة هى الارتفاع الجنونى فى سعر الدولار.
قيل إن نجاح فاروق العقدة فى ضبط سعر الصرف لا يعود إليه وإنما للقرارات التى تم اتخاذها قبل توليه وأنه فقط هو الذى قام بجنى ثمارها والتى منها تحرير سعر صرف العملات الأجنبية وصدور قانون البنوك وتفعيل آلية الكوريدور، إلى جانب زيادة موارد النقد الأجنبى وخاصة الاستثمارات الأجنبية والتى بدأت فى التزايد مع تأسيس وزارة الاستثمار فى حكومة نظيف الجديدة ولكن الشىء الذى لا نستطيع تفسيره هو التراجع الحاد فى مؤشرات الربحية بالبنك المركزى فهل يكون هذا التفسير مقبولاً الآن؟!
أم نضيف إليه القروض التى حصل عليها العقدة لبرنامج إصلاح القطاع المالى من المؤسسات المختلفة والتى منها البنك الدولى والبنك الأفريقى للتنمية والبنك المركزى الأوروبى والاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وغيرها؟ والكشف عن كيفية صرفها ولمن ذهبت وكيف ذهبت؟ فهناك مليار دولار منحت من البنك الدولى لإصلاح القطاع المالى فأين ذهبت هذه الأموال؟ ولا نريد ان يخرج علينا بكلمات مطاطة وإنما يكشف عن أوجه التصرف فى هذه الأموال وما حصل عليه الجهاز المصرفى من قروض ومنح خلال سنوات توليه محافظ البنك المركزى، والذى صاحب حصوله فى عام 2004 على قرض 500 مليون دولار من البنك الدولى و500 مليون دولار فى 15 يونيو 2006 مقابل بيع بنك الإسكندرية فى 17 أكتوبر 2006 للبنك الإيطالى سان باول بصفقة شراء 80٪ من أسهم رأسمال بنك الإسكندرية والتخلص من 94٪ من الأسهم المملوكة للدولة فى بنوك مشتركة، والغريب أن فى كل عام يطلق العقدة تصريحات بأن هذا العام عام الانتهاء من التسويات وحتى تاريخه ووفقا لتقارير البنك الدولى لم ينته سوى من 60٪ من ملف التعثر بالبنوك.
لا أحد يستطيع الجزم بالأسباب الحقيقية لفشل عامر (أو العقدة). لذلك لا يبقى إلا التكهنات والتحليلات التى كان فى خلفيتها تلك البلاغات التى انهالت على مكتب النائب العام (بعد 25 يناير 2011) والتى طالبت بمحاكمة العقدة ورجاله فى البنوك، بزعم أنهم دمروا البنوك واستغلوا نفوذهم ونسبوا إليهم أخطاء جسيمة أضرت بالجهاز المصرفى المصرى.
أكثر من 39 بلاغاً كان بطلها أو المتهم الرئيسى فيها هو فاروق العقدة، ومعه مجموعة من تلاميذه بينهم طارق عامر وعدد من كبار موظفى البنك المركزى ورؤساء البنوك. وبين تلك البلاغات ذلك الذى تقدم به محمد عبدالرحمن مدير عام التفتيش ببنك مصر والذى اتهم فيه فاروق العقدة ورؤساء كل من بنوك الأهلى، ومصر، والقاهرة بإهدار المال العام والاستيلاء عليه، إضافة إلى سوء إدارتهم لصندوق تطوير وتجديد البنوك الحكومية. وهناك بلاغ آخر تقدم به عاصم عبدالمعطى سليمان وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات، كان المتهمون فيه فاروق العقدة محافظ البنك المركزى (وقتها)، ومحمد بركات رئيس بنك مصر، وطارق عامر رئيس البنك الأهلى المصرى.
أيضاً، اتهم الخبير المصرفى أحمد آدم مدير قطاع البحوث بالبنك الوطنى للتنمية سابقاً، فاروق العقدة بالمسئولية الكاملة عن تهريب 12 مليار دولار، إجمالى حجم أموال رجال النظام السابق بالبنوك، والتى تم تهريبها للخارج خلال الأيام الأولى من ثورة 25 يناير معتبراً أن هناك ممارسات مشبوهة فى القطاع المصرفى وقتها، وتتم التغطية والتعتيم عليها لأسباب مجهولة.
3
ونشير هنا إلى أن العقدة خلال عمله فى بنك أوف أمريكا(من 1989-2002) تعرف على جمال مبارك نجل الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وتبناه مصرفياً حتى وصل جمال إلى منصب مدير فرع ببنك أمريكا. وكان لجمال دور رئيسى فى تعيين العقدة رئيساً للبنك الأهلى المصرى فى يناير 2003، ولم ينته العام حتى أقنع جمال والده بمساعدة الدكتور حسن عباس زكى رئيس بنك الشركة المصرفية العربية الدولية وشريك فاروق العقدة فى شركة انكوليس للتأجير التمويلى فى أن يتولى محافظ البنك المركزى، وصدر قرار جمهورى فى 2 ديسمبر 2003 بتولى محافظ البنك المركزى، وفى نفس الوقت قام فاروق العقدة بتعيين جمال مبارك عضو مجلس إدارة فى البنك العربى الأفريقى والذى يساهم فيه البنك المركزى بنسبة 39٪ كخبير من الخارج.
ونشير أيضاً إلى أن فاروق العقدة، الذى أعلن أنه سيلتزم بتطبيق مبدأ الشفافية والإفصاح فى إدارة الجهاز المصرفى فى أول تصريح له عقب توليه منصب المحافظ، رفض أى تدخل فيما يفعله من توزيع كشوف البركة على رؤساء مجالس البنوك العامة ونوابهم ودفع البنوك العامة وأنه حتى يتخلص من مشاكل اللوائح الداخلية للبنوك وقانون العمل قام باختلاق كلمة مستشار. وقام بتأسيس صندوق تحديث أنظمة بنوك القطاع العام والذى نص عليه قانون البنوك، وعندما طلب الجهاز المركزى للمحاسبات الإشراف على الصندوق رفض العقدة وهو ما دفع الجهاز إلى التوجه إلى مجلس الدولة للنظر فى مراقبة الصندوق من عدمه، وأصدر المجلس فتوى بتاريخ 23 يناير 2008 تؤكد خضوع صندوق تحديث وتطوير القطاع المصرفى لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وأشارت الفتوى إلى أنه من الثابت أن الصندوق ليس له شخصية اعتبارية ورئيس مجلس إدارته هو محافظ البنك المركزى والعاملين به من العاملين بالبنك، وكان البنك المركزى يخضع لرقابة الجهاز فمن ثم يخضع الصندوق لرقابته كما أن اختصاص الجهاز المركزى للمحاسبات هو الرقابة على الأموال المملوكة للدولة وهو اختصاص يتعلق بالرقابة على أموالها التى نص القانون على اعتبارها كذلك ومن بينها الشركات التى لا تعتبر من شركات القطاع العام والتى يساهم فيها شخص عام بما لا يقل عن 25٪ من رأس مالها والجهاز يباشر هذه الرقابة باعتباره القوام على الرقابة المالية على أموال الدولة. كما أن موارد الصندوق تتكون من نسبة لا تزيد على 5٪ من صافى الأرباح السنوية القابلة للتوزيع لبنوك القطاع العام ومساهمات هذه البنوك بالنسبة التى يحددها البنك المركزى والهبات والتبرعات والمعونات التى يوافق رئيس مجلس الوزراء على قبولها لهذا الغرض وكانت معظم رؤوس أموال هذه البنوك مملوكة للدولة.
ورغم هذه الفتوى التى صدرت فى بداية 2008 لم يوافق فاروق العقدة على رقابة الصندوق محتمياً بجمال مبارك والرئيس مبارك، وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول رفض فاروق العقدة رقابة الصندوق، ويتطلب ضرورة تدخل النائب العام للكشف عن حجم الأموال داخل هذا الصندوق ومن الذى استفاد منه خلال السنوات الماضية ولماذا؟ خاصة أن هناك تقديرات تشير إلى تجاوز الصندوق مليارات الجنيهات. وكم حصل فاروق العقدة على اموال من هذا الصندوق. خاصة انه قام بتحصيل نسبة الـ5٪ من البنوك العامة قبل صدور لائحة الصندوق والتى صدرت فى نوفمبر 2005 وعقب تعيينه محافظاً للبنك المركزى حصل من البنوك العامة فى عام 2003 نحو 27 مليون جنيه وفى عام 2004 نحو 23 مليون جنيه، وعام 2005 نحو 32 مليون جنيه، وعام 2007 نحو 40 مليوناً من البنوك الأربعة، الأهلى ومصر والقاهرة والإسكندرية، وحصل على 47 مليون جنيه عام 2008 و60 مليوناً عام 2009 ونحو 120 مليون جنيه عام 2010 من البنوك الثلاثة الأهلى ومصر والقاهرة بعد بيع بنك الإسكندرية ليصل إجمالى ما دخل الصندوق 350 مليون جنيه فقط من البنوك العامة هذا بخلاف الهبات والتبرعات والمعونات وعائد توظيف هذه الأموال. كما لم تذكر التقارير السنوية أى إشارة لصندوق التحديث إلا فى التقرير السنوى يونيو 2005.. وأشار إلى الانتهاء من تأسيس صندوق تطوير القطاع المصرفى لتدبير التمويل اللازم لاستقطاب قيادات محترفة وكوادر مصرفية متميزة ببنوك القطاع العام وفى التقرير التالى 2007 ألمح إلى بدء تعيين قيادات وكوادر مصرفية متميزة بالبنوك العامة بتمويل من الصندوق وكرر نفس الفقرة فى تقرير 2008 وفى تقرير 2009 زاد عليها فقرة أخرى نصها دعم تلك البنوك بالكفاءات والخبرات اللازمة للاستمرار فى تنفيذ متطلبات التطوير ودفع عجلة التقدم. وهذا التطوير لم ينعكس على البنوك العامة بل ظلت أرباح البنوك العامة سيئة مقارنة بمعدلات الربحية فى الجهاز المصرفى، فأرباح بنك مصر على سبيل المثال بلغت 509 ملايين جنيه عام 2010 و165 مليون جنيه عام 2009 و156 مليون جنيه عام 2008 و153 مليون جنيه عام 2007 و140 مليون جنيه عام 2005 و132 مليون جنيه عام 2004 و125 مليون جنيه عام 2003، و139 مليون جنيه عام 2002.. هذا فى الوقت التى كانت تحقق بنوك أصغر بكثير من بنك مصر مليار جنيه. وكذلك الحال فى بنك مصر والأهلى، غير أن الأهلى قام بإعادة تدوير بعض الأصول بعد طارق عامر ليعلن عن أرباح مرتفعة.. كما أن البنوك العامة تتحمل فاتورة تدريب العاملين بها فأين تذهب هذه الأموال ولمن ولماذا يرفض الرقابة عليها؟
4
ونعود إلى البلاغ الذى تقدم به عاصم عبدالمعطى وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات السابق ورئيس المركز المصرى للشفافية ومكافحة الفساد، وهو البلاغ الذى يتهم فاروق العقدة بالتورط فى الاستيلاء على شركة مصر العامرية للغزل والنسيج التى كانت مملوكة لبنك مصر واشترتها شركة «أنكوليس» للتأجير التمويلى التى مثلها العقدة وقت التعاقد بقرض من البنك نفسه، ثم أجرتها للبنك مرة أخرى بمبالغ مالية ضخمة.
وشركة مصر العامرية للغزل والنسيج هى شركة كانت مملوكة لبنك مصر بالكامل بنسبة 99.9٪، وكانت مدينة للبنك فى 3 يونيو عام 2003 بمبلغ 367 مليون جنيه، ولكن مجلس إدارة البنك وافق على تأجير أصول الشركة لمجموعة «شور الأمريكية» فى 20 فبراير 2002 لمدة 20 سنة، مع حق الشراء خلال السنوات الخمس الأولى من العقد بمليار جنيه، ولكن حق شراء الأراضى تعذر؛ لمخالفته قانون التأجير التمويلى رقم 95 لسنة1995، وكان البديل «أنكوليس» للتأجير التمويلى (أنكوليس) التى أسسها فاروق العقدة عام 1997 ولم يكشف حتى الآن عن نسبته فى الشركة أو نسبة عائلته، بعد تعيينه محافظا للبنك المركزى وأصبحت الشركة محط أنظار البنوك لكسب ود فاروق العقدة، وفى الوقت الذى أفلست فيه شركات فى نفس مجال «انكوليس» وجدنا البنوك تقوم بتمويلها قروضاً طويلة الأجل بلغت فى عام 2008 نحو مليارى جنيه فى الوقت الذى تصل أصول الشركة 2.4 مليار جنيه، فى سابقة لم تحدث فى تاريخ الجهاز المصرفى وهو ما يعنى تمويلاً بدون ضمانات، وكان من ابرز البنوك التى قامت بالتمويل بنك الشركة المصرفية العربية الدولية بنحو 286 مليون جنيه، والذى يرأسه حسن عباس زكى ويساهم ابن أخيه المهندس عباس محمد عباس زكى بنسبة 9.6٪ وبنك القاهرة 317.6 مليون جنيه ويرأسه محمد كفافى له صلة قرابة بفاروق العقدة، وبنك مصر بنحو 123.3 مليون جنيه، والبنك الوطنى المصرى 29.5 مليون جنيه، والبنك الأهلى المصرى 879.3 مليار جنيه ويرأسه طارق عامر زميل فاروق العقدة فى بنك أوف أمريكا وبنك باركليز 204 ملايين جنيه. وما يثير كثيراً من التساؤلات هو علاقة فاروق العقدة برئيس هذه الشركة سابقا محمد نجيب إبراهيم والعضو المنتدب لشركة يونيون ليسنج كومبانى ليمتد البريطانية وحصتها فى الشركة حتى عام 2008 نحو 2.2٪ والذى قام باختياره نائبا لمحمد بركات رئيس بنك مصر لثانى اكبر بنك فى مصر على الرغم من قيام محكمة جنايات القاهرة فى الدائرة 9 شمال برئاسة المستشار أحمد عزت العشماوى رئيس المحكمة والمستشارين محمد الحمصانى ومحمد أبوالعيون بإصدار حكم بالمنع من التصرف فى القضية رقم637 لسنة 2001 أمن دولة عليا لمحمد نجيب إبراهيم عبدالمجيد شعبان وزوجته أميمة محمد كمال الدين وولديه القاصرين أحمد وفريدة.
هل تتذكر القرار العجيب (الذى تم إلغاؤه) بتقييد مدة رئاسة البنوك ليصبح الحد الأقصى لمدة تولى الرئيس التنفيذى للبنك المحلى أو فروع البنوك الأجنبية 9 أعوام، سواء منفصلين أو متصلين؟!
هذا القرار، مثلاً، كان يقف وراءه فاروق العقدة كما كان له دور كبير فى الطريقة غير الحكيمة فى معالجة تخفيض الجنيه أمام الدولار أدت إلى استمرار ارتفاع الدولار، وهو ما يطرح السؤال البديهى: لمصلحة من يدير فاروق العقدة الأمور من وراء الستار؟! ولمصلحة من أراد أن يجرى مذبحة لرؤساء البنوك الناجحة بدون سند قانونى فى ذلك التوقيت الخطير؟! ولمصلحة من تلك القرارات الخاطئة التى تؤثر على المناخ الاقتصادى العام وعلى تعاملات المواطن العادى، والتى لا نعرف لها أى أسباب جوهرية أو واضحة أو مدروسة تخدم المصلحة الاقتصادية للبلاد؟!
وأخيرا، لمصلحة من يظل فاروق العقدة يدير البنك المركزى ويضع سياساته النقدية ويكتفى طارق عامر بالإدارة الإعلامية التى نجح فيها مؤقتاً بشراء الوقت منتظراً لأى حلول تأتى من بعيد، وانكشف غطاؤه بعدم مجيئه؟!
بشكل أكثر وضوحاً، لماذا لا يتم استبعاد الوجوه التى تسير بنا من سيئ إلى أسوأ؟!
المواطنون تعبوا.
ويزداد تعبهم يوماً بعد آخر وهم يرون زيادات غير منطقية فى الأسعار، يتم ربطها بارتفاع سعر الدولار بشكل عجزوا عن استيعابه، بل وعجز من يقدمون ذلك التبرير عن إقناعهم به.
ويزيد المواطنين تعباً تلك الإجراءات الاقتصادية الخاطئة التى لا تنتج إلا عن فهم سياسى خاطئ وعن قناعتهم بوجود انحياز لأصحاب المليارات على حساب الفقراء وحقوقهم! الأمر الذى قد يشير على أن مصر قد تمر بأزمة سياسية سببها غياب المعرفة وضعف الأداء.
نعرف أن الدولة تسعى جاهدة لتوفير كافة السلع الأساسية للمواطنين، بأسعار مناسبة فى ظل تقلبات الأسواق.. ونعرف أن تقلبات الأسواق لا ترتبط بمصر فقط، وأن غالبية دول العالم من أوضاع اقتصادية صعبة بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التى جعلت الكثير من الدول تقوم بتعويم عملتها، وهذا ما لا نتمناه لمصر.. خاصة فى هذا التوقيت الصعب، بل وشديد الصعوبة، الذى لن نتمكن من تجاوزه إلا بخطة شاملة وحلول جذرية للإصلاح الاقتصادى، وليس بسياسات مسكنّة تعالج قضايا جزئية، أو تستهدف فقط المواءمة السياسية.
خطة، تتعامل مع التحديات الاقتصادية، وتسعى للوصول إلى نتائج طويلة المدى ومستمرة. ولتحقيق ذلك، لابد أن يعاد تشكيل الحكومة ويكون تكليف الوزراء، ووزراء المجموعة الاقتصادية بالذات، قائماً على معيار الكفاءة. فبدون وجود إرادة قوية لإدارة الاقتصاد، وخطة محكمة تنفذها كوادر تتمتع بقدر كبير من الكفاءة، ستظل مصر مهددة بمواجهة انهيار اقتصادى.. وهذا ما لا نرضاه ولا نتمناه.