الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 11:07 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:«السيسى» بعد العودة لأرض الوطن ومين اللى يقدر ساعة يهزم مصر؟!

* محاولات حصار الرئيس تتحول إلى سجن لرجال البيت الأبيض
* «أوباما» سعى لدور البطولة.. فخسر الرهان وانقلب السحر على الساحر
أكتب بعد ساعات من عودة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى القاهرة، بعد مشاركته فى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 71 طوال خمسة أيام شارك خلالها فى 3 اجتماعات، وألقى كلمة مصر أمام الدول الأعضاء، وترأّس اجتماع مجلس الأمن والسلم الإفريقى، واجتماع لجنة الرؤساء الأفارقة المعنية بتغير المناخ.
وما من شك فى أن مشاركة الرئيس فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تأتى إيماناً من مصر بأهمية تفعيل العمل الدولى متعدد الأطراف، ومساهمة منها فى تعزيز الجهود الرامية للتوصل لحلول سياسية للأزمات الإقليمية والدولية القائمة، إضافة إلى مناقشة القضايا الاقتصادية والتنموية والاجتماعية ذات الاهتمام الدولى.
ومن هنا، كان الحرص على المشاركة بفاعلية فى مختلف الأنشطة التى تقوم بها الأمم المتحدة.. ومن هنا، تكتسب مصر يوما بعد يوم دورها البناء الذى تقوم به فى إطار حفظ السلم والأمن الإقليمى والدولى، خاصة مع عضويتها الحالية فى مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن الإفريقى.
فى كلمته أمام الجمعية العامة، استعرض الرئيس عبدالفتاح السيسى مجمل تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية فى البلاد، إضافة إلى المواقف المصرية إزاء القضايا الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط.
فى الكلمة التى ألقاها الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة استعرض خلالها مجمل القضايا الإقليمية والدولية وموقف مصر حيالها، حيث طرح الرئيس رؤية مصر الثاقبة بشأن قضايا المنطقة، مشدداً على انتهاج الأسلوب السلمى فى معالجة تلك القضايا، ورفع أيدى القوى الأجنبية عن التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية، وأهمية الحفاظ على وحدة الأراضى السورية واليمنية والليبية واستخدام الأساليب السياسية فى إيجاد حلول مبتكرة للحفاظ على وحدة وكيان تلك الدول، كما دعا إلى رفع حظر تسليح الجيش الوطنى الليبى ودعم البرلمان الشرعى المنتخب.
ثم خرج الرئيس عن الكلمة المكتوبة موجهاً رسالة إلى إسرائيل وفلسطين، داعياً إياهما إلى استغلال الفرصة السانحة لإقرار السلام الشامل وإنهاء حالة الصراع مستلهماً نموذج السلام المصرى الإسرائيلى، وقوبلت هذه الكلمة بحفاوة بالغة وتصفيق حاد.
وقبلها كانت كلمة الرئيس فى الجلسة رفيعة المستوى على هامش اجتماع الدورة ٧١ حول قضية اللاجئين السياسيين والهجرة غير الشرعية، معبرة عن قامة مصر وقيمتها بين الأمم، حيث أشار الرئيس فى كلمته إلى جهود الحكومة المصرية للقضاء على ظاهرة تهريب المهاجرين، وإصدار قانون مكافحة الاتجار فى البشر عام ٢٠١٠، والسعى لإصدار قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتوعية الشباب للتعامل مع التحديات التى يواجهونها، فضلاً عن جهود قوات الأمن والقوات المسلحة لتأمين الحدود البرية والبحرية والقبض على عصابات تهريب المهاجرين واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم. وطرح الرئيس رؤية مصر الحضارية فى احترام حقوق المهاجرين وحسن استقبالهم وتوفير الحماية لهم بما يتفق -بل ويتفوق- مع الالتزامات الدولية التى تتخذها العديد من الدول المتقدمة، حيث يوجد على الأراضى المصرية نحو خمسة ملايين لاجئ تتوافر لهم سبل المعيشة الكريمة دون عزلهم فى معسكرات أو ملاجئ للإيواء، بل يتمتع العديد منهم بمعاملة متساوية مع عموم المصريين مثل الحق فى العمل والحق فى التنقل والحق فى التعليم بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد.
وشدد الرئيس على أهمية معالجة تلك القضية من جذورها، والبحث فى مسبباتها من خلال التوصل إلى حلول واقعية للأزمات التى تعانيها منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، كما أعرب الرئيس عن قلقه من ظاهرة كراهية الأجانب والتمييز العنصرى ضد اللاجئين والمهاجرين والتى تتصاعد وتيرتها فى العديد من مناطق العالم.
وبينما هو يترأس قمة مجلس السلم والأمن الإفريقى، ناقش تطورات الأوضاع فى جنوب السودان. كما ترأس اجتماع لجنة الرؤساء الأفارقة المعنية بتغير المناخ، والذى ناقش نتائج مؤتمر أطراف اتفاقية باريس حول تغير المناخ، إضافة إلى التحضير للدورة القادمة للمؤتمر التى ستعقد فى مراكش خلال شهر نوفمبر المقبل.
2
على أن ما يستحق التوقف طويلاً، هو أنه فى ظل استمرار الغزل الصريح بين إدارة أوباما وطهران، نجد الرئيس المصرى يقول بمنتهى الوضوح والصراحة ويؤكد مجدداً على أن «أمن الخليج من أمن مصر»، فى رسالة واضحة على أن الخليج العربى خط أحمر لدى مصر، رافضة كل التدخلات الإيرانية السافرة بمنطقة الخليج.
كما أعلن الرئيس تحمل مصر مسئوليتها تجاه أمن واستقرار القارة الأفريقية بحكم أنها تتولى حالياً رئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقى، وحرصها على تعميق التعاون بين الاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة. فبرغم كل ما زرعته قوى الشر من عبث وفتن بمصر والشرق الأوسط إلا أن مصر صامدة كما يقول الرئيس السيسى بالأمم المتحدة «مصر ترفض أى تدخلات أجنبية بالمنطقة».
أما المشهد الذى حمل مجموعة رسائل، فهو تغيب الرئيس عن حضور كلمة نظيره الأمريكى باراك أوباما، بعد اهتمام المرشحين للرئاسة الأمريكية القادمة دونالد ترامب وهيلارى كلينتون بمقابلة الرئيس المصرى بمقر إقامته. وحقيقة الأمر هى أن الإدارة الأمريكية الحالية انتهت صلاحيتها بالنسبة لنا منذ سنوات، ولا نعقد عليها أى آمال، ولا حتى على الإدارة الأمريكية المقبلة، ولكننا نحاول أن نفرض واقعاً جديداً عليهم، واقع لم يكن يتخيله أحد قبل 30 يونيو.
أيضاً، عقد الرئيس عدداً من اللقاءات مع القادة والزعماء، فالتقى فى يوم وصوله بالرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، وبحث معه القضايا المشتركة والأوضاع فى الإقليم. وخلال اللقاء، أكد الرئيس السيسى على دعم مصر للقيادة والحكومة الشرعية فى اليمن، موضحاً أن مصر تربطها باليمن علاقات قديمة وقوية وأواصر متعددة.
وفى يومه الثانى، التقى الرئيس بنظيره القبرصى نيكوس أناستاسياديس، وأكد خلال اللقاء عمق العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين والشعبين الصديقين، مشيداً بمواقف قبرص الداعمة لمصر فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية، وحرصها على إطلاع بقية الشركاء الأوروبيين على الصورة الحقيقية للتطورات التى شهدتها مصر. ورحب بالتعاون القائم بين البلدين فى العديد من المجالات، خاصة مجال الطاقة، مؤكداً أهمية متابعة ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة وزير البترول لقبرص فى أغسطس الماضى لتعظيم الاستفادة المشتركة من اكتشافات الغاز فى المتوسط بما يحقق مصالح الدولتين، كما أشاد بتطور آلية التعاون الثلاثى بين مصر وقبرص واليونان، والمشروعات المشتركة الجارى التباحث بشأنها فى إطار هذه الآلية، معرباً عن تطلعه لاستقبال الرئيس القبرصى فى القاهرة خلال شهر أكتوبر المقبل لحضور القمة الثلاثية القادمة.
كما التقى الرئيس برئيس المجلس الأوروبى، دونالد تاسك، ليؤكد الأهمية التى توليها مصر لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبى، ليس فقط لكونه الشريك التجارى الأول لها، ولكن لدوره المهم على الساحة الدولية، مؤكداً أهمية مواصلة التعاون بين الجانبين للحفاظ على الاستقرار بالمنطقة فى ظل التحديات غير المسبوقة التى تواجهها. واستعرض الرئيس التطورات على الساحة الداخلية، حيث أوضح أنه عقب استكمال مصر استحقاقات خارطة الطريق، فإنها تحرص الآن على ترسيخ قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وإعلاء سيادة القانون ودولة المؤسسات، وذلك بالتزامن مع جهود حفظ الاستقرار والأمن.
كما استعرض الرئيس خلال لقائه بـ«دونالد تاسك» برنامج الإصلاح الاقتصادى الطموح الذى تنفذه الحكومة، إضافة إلى توصلها إلى اتفاق مبدئى مع صندوق النقد الدولى لدعم هذا البرنامج.
الرئيس عبدالفتاح السيسى التقى أيضاً بسكرتير عام الأمم المتحدة، بان كى مون وتناول اللقاء العديد من القضايا المتعلقة بالتعاون بين مصر والمنظمة الدولية فى عدة مجالات تنموية، كما تطرق إلى مشاركة مصر فى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية.
والتقى الرئيس بالمستشار النمساوى، كريستيان كيرن، وأعرب الرئيس خلال اللقاء عن تقدير مصر لعلاقات الصداقة التى تربط بين البلدين، معلناً تطلعنا لتطويرها وتحقيق نقلة نوعية فى التعاون الثنائى خلال الفترة القادمة، وتحديدا على الصعيد الاقتصادى ليتناسب مع العلاقات السياسية المتميزة التى تجمع بين البلدين. كما أوضح أن مصر تهتم بالاستفادة من خبرة النمسا فى عدد من المجالات مثل التعليم، وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وفى لقاء تم وصفه بأنه قمة مصرية - بريطانية، التقى الرئيس بـ«تريزا ماى»، رئيسة وزراء المملكة المتحدة، وأعرب الرئيس خلال اللقاء عن تطلع مصر لتحقيق نقلة نوعية فى التعاون مع الحكومة البريطانية الجديدة على كل المستويات بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين، كما أشار إلى التاريخ الممتد للروابط التى تجمع بين البلدين، مؤكداً أهمية الارتقاء بالعلاقات إلى آفاق أرحب.
وخلال اللقاء، استعرض الرئيس التطورات على الساحة الداخلية، مشيراً إلى برنامج الإصلاح الاقتصادى الطموح الذى تنفذه الحكومة، وأشاد بالاستثمارات البريطانية فى مصر، معرباً عن تطلعه للعمل مع الجانب البريطانى لزيادتها وتنميتها. كما تناول اللقاء عدداً من الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الثنائية، من بينها الحظر الذى لا تزال تفرضه بريطانيا على رحلات الطيران إلى شرم الشيخ، والإجراءات التى تتخذها مصر بالتعاون مع بريطانيا لرفع هذا الحظر. كما تم الاتفاق على قيام الجانبين بمواصلة العمل المشترك من أجل استئناف رحلات الطيران إلى شرم الشيخ.
كما التقى الرئيس أيضاً بنظيره الفرنسى، فرانسوا هولاند، والملك عبدالله بن الحسين، ملك الأردن، والرئيس الفلسطينى محمود عباس، وحيدر العبادى، رئيس وزراء العراق، وتمام سلام رئيس وزراء لبنان، ورئيس وزراء رومانيا داسيان سيولوس، والرئيس المقدونى جورجى إيفانوف، ورئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات.
والتقى السيسى مجلس الأعمال للتفاهم الدولى، وأعضاء غرفة التجارة الأمريكية ومجلس أعمال الأمن القومى. واستعرض السيسى خلال اللقاءات تعزيز التعاون مع تلك الدول وتطورات الأوضاع بمصر والمنطقة والقضايا المثارة على الساحة السياسية، مثل خطة محاربة الإرهاب وأزمات الشرق الأوسط ومشروعات التنمية الكبرى والحريات والإعلام.
ومع ذلك كله أو بالإضافة إليه، أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسى عدداً من اللقاءات الإعلامية، منها لقاء تليفزيونى مع شارلى روز لقناة «بى بى إس» الأمريكية، ولقاء مع شبكة «سى. إن. إن»، وصحيفة «واشنطن بوست»، وكان تركيزه على تناول الجهود التى تبذلها مصر لوقف سقوط دول المنطقة الواحدة تلو الأخرى فى براثن الفوضى والتقسيم، إضافة إلى الجهود التى تبذلها مصر لجذب الاستثمارات فى مختلف المشروعات.
أيضاً، أجرى الرئيس مقابلتين، مع المتنافسين على رئاسة الولايات المتحدة، مرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون، ومرشح الحزب الجمهورى دونالد ترامب. والإشارة هنا مهمة إلى أن المقابلتين كانتا بناء على رغبة كلا الطرفين، إذ حرص مرشحا الرئاسة الأمريكية الديمقراطية هيلارى كلينتون والجمهورى دونالد ترامب على الاجتماع بالرئيس السيسى فى نيويورك. أعرب ترامب أولاً عن تطلعه للقاء الرئيس قبل فترة طويلة وبعد معرفة حملة كلينتون بذلك أبدت رغبة هى الأخرى فى لقاء السيسى.
أهمية مقابلة الرئيس السيسى بالمرشحين قبل45 يوماً من انتخابات الرئاسة الأمريكية توضح أن التقارب فى تلك المرحلة ضرورى والتعارف وجهاً لوجه بين المسئولين المصريين وفريق حملتى المرشحين يختصر الوقت قبل تتويج الرئيس الجديد فى واشنطن. وقد كانت مقابلة ترامب مهمة على مستوى تبادل وجهات نظر مع مرشح قوى أثبت جدارته فى السباق الانتخابى ويحتاج إلى مناقشة جادة لأفكاره عن محاربة الإرهاب ومواجهة الجماعات المتطرفة خاصة ما يتصل بالحرب على تنظيم داعش وهى المناقشة التى تسهم فى تقريب الرؤى وربما تعديل بعض أفكار المرشح الذى يشتهر بجموحه الشديد فى آرائه خاصة عندما يتحدث عن ورطة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط والعلاقة مع العالم الإسلامى. تدرك مصر أن وصول رئيس جديد لرئاسة الولايات المتحدة يعنى نهاية حقبة كاملة من السياسات المضطربة ولكنها تريد أيضاً أن تتسق سياسات الرئيس القادم مع حقيقة الأوضاع فى الشرق الأوسط بعد أن حبست الإدارة الحالية نفسها فى قناعات خطرة بشأن قوى الإسلام السياسى التى سعت إلى السلطة على حساب وحدة الدول وعلى حساب الوحدة الوطنية ولم تدرك واشنطن أن الخطاب السياسى المتستر بالدين هو الأكثر خطورة على الممارسة السياسية وضد كل ما تطوره المجتمعات الديمقراطية الحديثة ولا يستحق التأييد مثلما فعلت إدارة أوباما فى السنوات السابقة.
فى لقاء المرشح الجمهورى أكد الرئيس وترامب مجموعة من النقاط الأساسية وهى: تأكيد التعاون لمكافحة الإرهاب والاعتراف بالمسئولية عن وجود دعم للإرهاب ومن ثم مواجهة الحقائق وليس الأمنيات كما فى سوريا وليبيا. وشهد اللقاء ظهور ترامب كشخصية أكثر وضوحاً برغم الاختلاف فى بعض وجهات النظر فى مسألة مكافحة الإرهاب، والاعتراف بأن العلاقات المصرية الأمريكية ليست على ما يرام بسبب أضرار تقع على مصر وأمنها القومى من جراء هذه السياسة.
وأكد اللقاء أن الإرهاب هو العدو الأول وأن تسييس الإرهاب سياسة عفا عليها الزمن وفى المقابل عبر الرجل عن تقديره للشعب المصرى لأنه بثورته فى 30 يونيو لم ينقذ مصر فقط بل أنقذ المنطقة والعالم. وبرغم صعوبة تمرير قانون فى الكونجرس باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية فى حالة فوز ترامب فإن المرشح الجمهورى بمكانته كمرشح رئاسى ألقى حجراً كبيراً فى الحياة السياسية الأمريكية يمكن البناء عليه.
ونشير هنا إلى أن المتنافسين على الرئاسة الأمريكية التقيا فقط 3 رؤساء من المشاركين فى فعاليات الجمعية، غير أن لقاءهما مع الرئيس المصرى كان محل اهتمام غالبية وسائل الإعلام الأمريكية، منها مثلاً صحيفة «واشنطن بوست» التى خصصت للمقابلتين افتتاحيتها يوم الخميس، وهى الافتتاحية التى استهلتها بقولها: «التقى كل من هيلارى كلينتون ودونالد ترامب فى الأمم المتحدة هذا الأسبوع مع عبدالفتاح السيسى، الجنرال الذى قاد انقلاباً عسكرياً ضد الحكومة المصرية المنتخبة فى عام 2013 ومنذ ذلك الحين أشرف على حملة القمع الأقسى التى تشهدها مصر فى نصف قرن. كان لقاء المرشحين وجهاً لوجه معه غير مستحق وغير مدروس، باعتبار أن السيسى، بالإضافة إلى الإشراف على حملة القتل خارج نطاق القضاء أو اختفاء الآلاف من المصريين وسجن عشرات الآلاف، وجه حملة شرسة ضد نفوذ الولايات المتحدة فى بلاده».
وأضافت الصحيفة أنه ومع ذلك، كان هناك فارق ملحوظ فى الطريقة التى تعامل بها «ترامب» و«كلينتون» مع الرجل القوى، حسب وصف الصحيفة للسيسى، فارق يكشف عن فجوة واسعة ومهمة فى السياسة الخارجية بين المرشحين.
بيان حملة «ترامب» عقب الاجتماع أغدق بثناء دون تمحيص على «السيسى» شاكراً إياه «والشعب المصرى على ما قاموا به فى الدفاع عن بلادهم» وواعداً بدعوة صانع الانقلاب فى زيارة رسمية إلى واشنطن.
فى المقابل، وفى حين أعربت «كلينتون» عن تقديرها للتعاون بين الولايات المتحدة ومصر فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، فقد «أكدت على أهمية احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان لتحقيق تقدم مستقبلى فى مصر فى المستقبل»، وفقاً لبيانها. أيضاً فقد «أثارت مخاوف بشأن محاكمة منظمات ونشطاء حقوق الإنسان المصريين». الصحيفة تابعت بقولها إنه وفى حين منح «ترامب» جواز مرور للحليف الأمريكى عميق المشاكل، فقد نبهته «كلينتون» إلى أن تجاوزاته لن يتم تجاهلها إذا انتُخبت رئيساً.
افتتاحية الصحيفة قالت إن هذا هو المهم، وذلك لسببين. أولاً، قمع «السيسى»- والذى شمل سجن أو نفى أبرز القادة الليبراليين العلمانيين ونشطاء حقوق الإنسان فى البلاد – هو، كما لمحت «كلينتون»، دمر آفاق بلاده.
فمصر لن تشفى أبداً اقتصادياً، أو تستعيد الاستقرار السياسى، بينما يخنق «السيسى» النقاش المفتوح وحرية التجمع، ويوظف التعذيب والاغتيال ضد المعارضين الإسلاميين، بمن فى ذلك أولئك التابعون لجماعة الإخوان المسلمين، الذين لا ينتهجون العنف، وفقاً للصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن فشل الدولة المصرية سيكون كارثة لمصالح الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، وحتى الآن، فإن سياسات «السيسى» تقود إلى ذلك.
السبب الثانى بحسب الصحيفة هو النهج المندفع المناهض لأمريكا، الذى يتبناه «السيسى». واعتبرت الصحيفة أنه ليس من المستغرب أن «ترامب» سيفشل فى فهم الآثار الاستراتيجية لتجاهل النظام لحقوق الإنسان، نظراً لما يتمتع به من ازدراء خاص للقيم الليبرالية.
ولكن اللافت للنظر، كما ذكرت الصحيفة، أن المرشح الذى يدعى وضع أمريكا أولاً سيشرف على استهداف السيسى المنهجى للمصالح الأمريكية والمواطنين الأمريكيين حتى فى الوقت الذى يحصل فيه على 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية الأمريكية.
وقالت الصحيفة أيضاً إن الجنرال والإعلام التابع له على التليفزيون الرسمى يتشدقون حول ما يقولون إنها مؤامرات الولايات المتحدة لتقسيم وتدمير مصر، وذلك باستخدام وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى. فى نفس الوقت، يشن النظام حرباً ضد المنظمات غير الحكومية المدعومة من أمريكا، ويستولى على ممتلكاتهم ويتهم قادتهم بارتكاب جرائم.
الصحيفة رصدت هنا قصة المواطنة الأمريكية «آية حجازى»، التى أسست منظمة لمساعدة أطفال الشوارع، وسجنت بدون محاكمة لأكثر من عامين – فى انتهاك للقوانين المصرية الخاصة – بتهم تقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان المصرية والدولية بالإجماع إنها ملفقة.
وقارنت الصحيفة بين موقف كلا المرشحين فى قضية «حجازى»، فبينما أثارت «كلينتون» قضية «حجازى» مع «السيسى» ودعت إلى الإفراج عنها، وفقاً لبيان للحملة، لم يذكر «ترامب» شيئاً عنها.
وأخيراً تساءلت الصحيفة بقولها: هل ستكون إدارة ترامب مستعدة للدفاع عن الأمريكيين الذين يتعرضون للاضطهاد من قبل الأنظمة الديكتاتورية الأجنبية؟
وأجابت بقولها: «من الواضح أنها لن تفعل، إذا كان الديكتاتور هو السيسى».
3
هذا الهراء الذى جاء فى افتتاحية الصحيفة الموتورة، لا يمكن تبريره بالجهل، إذ كان الرئيس واضحاً كل الوضوح فى التعبير عن موقف مصر المحدد تجاه كل القضايا والأزمات التى تهدد العالم الآن.. وبعد أن أثبت أن مصر قد عادت بقوة لتأخذ دورها وموقعها كلاعب مؤثر وفاعل على الساحتين الإقليمية والدولية، وأنها حظيت باحترام وتقدير العالم لموقفها الواضح والمعلن، فى أن علاج أزمات وأمراض العالم التى يتعرض لها الآن، يقوم على ضرورة وقف الحروب الإقليمية وإنهاء الصراعات، ووقف التدخل فى شئون الدول، والسعى لحلول سياسية توقف شلالات الدم وعمليات القتل والدمار، وتوقف أيضاً موجات الهجرة وموجات اللاجئين.
ونشير هنا إلى أن جميع الأطراف الدولية طلبت من الرئيس السيسى أن تمارس مصر دوراً أكبر فى المرحلة الحالية والقادمة بالتعاون مع روسيا وأمريكا ليس فيما يخص سوريا وحدها فهناك عبارة لمسئول روسى كبير قالها لدبلوماسى مصرى: مصر تعود.. فقناعتنا أنه لا شىء سيمر فى المنطقة إلا عبر بوابة مصر.. فمصر هى ممر أساسى لأى قضية إقليمية. هذه القناعة حسب رأيى تعود إلى أن السياسة المصرية الآن تتمتع بأعلى درجات القبول من جميع الأطراف بصرف النظر عن بعض المناكفة هنا أو هناك.. وهذا لا يمثل اعترافاً ولكنه تعامل مع الواقع الذى نجحت من خلاله السياسة المصرية أن تعرف نفسها فضلاً عن قناعة غربية بأن الوزن النسبى لدول عربية وإقليمية فى المنطقة يتراجع بسبب أوضاعها الداخلية.
وسبب ذلك هو الحجة القوية والرؤية المصرية الثاقبة فيما يتعلق بمواجهة خطر الإرهاب ظهرت جلية فى اجتماعات العام الحالى وهو ما منح كلمة الرئيس السيسى قوة دفع إضافية. فقد سبق للرئيس أن وجه تحذيرات من موجة إرهاب ستمتد إلى كافة أرجاء الكرة الأرضية نتيجة التقاعس عن مواجهة أصول التهديدات واستغلال الجماعات الإرهابية فى لعبة أممية لا طائل من ورائها. وعندما ضرب الإرهاب أوروبا فى الشهور الماضية وبعنف فى مدن كبرى تبدلت نظرة دول أوروبية كانت تناصب ثورة30 يونيو خصومة غير مفهومة إلا أن المصريين وقائدهم أثبتوا للعالم أن ما جرى من خروج ضد جماعة إرهابية تقود تيار العنف والتطرف فى الشرق الأوسط هو عين العقل ولب الحقيقة. قال الرئيس فى كلمته أضحت ظاهرة الإرهاب بما تمثله من اعتداء على الحق فى الحياة خطراً دامغاً على السلم والأمن الدوليين فى ظل تهديد الإرهاب لكيان الدولة لمصلحة أيديولوجيات متطرفة تتخذ الدين ستاراً للقيام بأعمال وحشية والعبث بمقدرات الشعوب الأمر الذى يستلزم تعاوناً دولياً وإقليمياً كثيفاً.
حرصت مصر دوماً على تأكيد أن التصدى للإرهاب لن يحقق غايته إلا عبر التعامل مع جذور الإرهاب والمواجهة الحازمة للتنظيمات الإرهابية والعمل على التصدى للأيديولوجيات المتطرفة المؤسسة للإرهاب ومروجيها.
غير أن الثابت هو أن الأمريكيين لا تعنيهم أبداً دماءٌ مسفوكة، طالما كانت غير أمريكية، لا تعنيهم أبداً حقوقٌ مهدرة ما دام أصحابها غير أمريكيين، لا تعنيهم أبداً إبادةٌ ولا جرائمُ حرب ولا جرائمُ ضد الإنسانية ما دامت لا تمس أحداً ذا دماء أمريكية، وما دامت بعيدة عن مصالحهم، ولا تمثل أيَّ خطر عليهم. قد يعنيهم ذلك فى حالة واحدة فقط، عندما يريدون أن يتخلصوا من حاكمٍ يمثل خطراً عليهم لتجاوزه الحدود التى لا يسمحون لأحد بتخطيها. عندئذ يستخدمون تلك الكروت، ليس دفاعاً عن الإنسانية، بل كوسيلة للتخلص منه، واستبداله بمن هو أسوأ منه، حتى تظل مصالحهم فى أمان.
وأخيراً، فعندما ينادى الأمريكيون بالديمقراطية؛ فإنهم يفعلون ذلك حتى تأتى بحكام ظاهرهم الوطنية والحرص على نهضة البلاد وانتشالها من الفقر والاستبداد، وباطنهم العمالة والدونية وحرصهم على أن تبقى البلاد كما هى مصدراً للمواد الخام التى تحتاجها مصانعُهم، والنفط الخام الذى يديرها، وممراً برياً وبحرياً وجوياً لمنتجاتهم.. وقبل ذلك كله، كى تعيشَ إسرائيلُ آمنةً مطمئنةً.
هكذا، يمكننا أن نفهم ونستوعب ردود الأفعال العنيفة التى نراها عقب كل نجاح تحرزه مصر على المستويين الإقليمى والدولى، ويمكننا أن نفهم سبب إطلاق أجهزة مخابرات دول بعينها لعملائها كى يتطاولوا على مصر ورئيسها، سواء فى شكل افتتاحيات صحف أو مقالات يكتبها من فاحت روائحهم الكريهة كالبريطانى «ديفيد هيرست»!