الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 12:27 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: ميزانيات جيوش العالم ملف موثق بالأرقام عن مليارات التسليح فى أوربا والشرق الأوسط





الجيش الفرنسى
يمتلك مجموعة لاجاردير العسكرية .. و 19 إذاعة و11 تليفزيونا وحصة بارزة فى إيرباص
ـ جهاز المخابرات فى باريس يمتلك شبكة ميريديان وطيران إيرفرانس
البنتاجون فى أمريكا
يمتلك محلات للشيكولاته والأحذية والموبايلات وماكيير الأظافر .. ويعقد صفقات سنوية مع لوكهيد مارتن و جنرال داينامكس
نحن نجيب عن السؤال الصعب :
هل يتم توزيع أرباح الجيش على ضباط القوات المسلحة ؟!
خفايا صراع المشير طنطاوى وحكومة أحمد نظيف على شركات الأسمنت
ـ جيش مصر دفع 400 مليون جنيه لتطهير سيناء من مستثمر يهودى جاء تحت غطاء قطرى لشراء مليون متر فى طابا !
قرار سيادى بوقف صفقات مشبوهة لبيع سيماف للسكك الحديدية وشركة النقل النهرى والترسانة البحرية بالإسكندرية.
ـ الجيش الذى يهتم بمصير طفل مصرى .. ويواجه الموت كل ليلة .. لا يجوز أن يتطاول عليه الصغار والجهلاء الذين لا يقرأون
لا يهمهم اختفاء لبن الأطفال أو توافره.. ولا يهمهم الأطفال أنفسهم.. وما يهمهم فقط أنهم وجدوا تلكيكة جديدة، أرادوا استغلالها للنيل من جيش مصر الوطني.
لم تكن صدفة، أن يبدأ التركيز على اقتصاد الجيش المصري قبل شهور من 25 يناير 2011!
وتكاد تكون المرة الأولى التي نجد فيها اهتماما صحفياً أو إعلاميا بالنشاط الاقتصادي للجيش، حين سألت جريدة نيويورك تايمز رشيد محمد رشيد، في 2010 عن تقييمه لأداء اقتصاد الجيش المصري، وكانت إجابته أن الجيش يتعامل في الاقتصاد بنسبة تصل إلى 10%، واختفى الاهتمام قليلا، ليصبح أحد أهم الموضوعات المثارة بعد تخلي مبارك عن الحكم، وتزايد حجم وكم الشائعات بعد ثورة 30 يونيو، وأصبح الكلام عن اقتصاد الجيش أحد أبرز محاور الهجوم على النظام المصري أو الدفاع عن تنظيم الإخوان الذي أسقطه المصريون.
يحدث ذلك، على الرغم من أن كل جيوش العالم تقريبا لها أنشطة اقتصادية، وبعضها كالولايات المتحدة مثلاً تمتد أنشطتها إلى خارج الدولة وغالبية الجيوش تقوم باستغلال فائض قواتها كأيدي عاملة اقتصاديا، لتحقيق الاكتفاء الذاتي اللوجستي للجيش, من مأكل ومشرب وملبس وإيواء ودواء، وبعضها يتطور ويتعاظم نشاطها الاقتصادي الزراعي والصناعي والخدمي, ليساهم في توفير السلع والخدمات علي مستوي الدولة وبأسعار تنافسية وجودة عالية لصالح الشعب وتخفيفا للأعباء عن كاهل الدولة, بتوفير جزء من مطالب موازنة القوات المسلحة, ليساهم ما تم توفيره في خطط التنمية الشاملة للدولة، علي أن يتم الاستفادة من تلك الكوادر العسكرية بعد ذلك في خطط التنمية الاقتصادية المختلفة في الدولة, خاصة في المناطق الجغرافية الصعبة, سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، حيث تدربت تلك القوي البشرية داخل القوات المسلحة , بشكل جيد علي الإنتاج وتحسين الإنتاجية, في إطار من التخطيط والالتزام والانضباط كأسس للنجاح.
ومعروف أن القوات المسلحة في أي دولة من دول العالم يمكنها المساهمة في المجالات التي لا يقبل عليها القطاع الخاص سواء لضخامتها أو لقلة ربحيتها أو صعوبة بيئة العمل, طالما أن ذلك لن يؤثر علي الكفاءة القتالية الاحترافية للقوات.
صحيح أن المهام الأساسية للقوات المسلحة هي قتالية, لكن الحكمة تقتضي استغلال هذه الطاقات البشرية والفنية في أوقات السلم.. وليس مهما من يتولى إدارة هذه الاستثمارات, جهازا عسكريا كان أم مدنيا , قيادة الجيش أم وزارة الدفاع , المهم هنا هو أن تبقى وتستمر, طالما أن عائداتها تذهب لتمويل حاجات القوات المسلحة في التطوير والتسليح أو في مساندة الاقتصاد الوطني.
2 نموذج الجيش الأمريكى
الجيش الأمريكي، مثلاً، مالك ومساهم رئيسي في 25 شركة أمريكية كبرى منها "مان تك ManTech" و"إتش بي Hewlett-Packard" و"روكويل كويلنز Rockwell Collins" و"جنرال إليكتريك General Electric" و"لوكهيد مارتن Lockheed Martin" وإجمالاً، يمكننا أن نقول إن الجيش الأمريكي صاحب الميزانية الأكبر في العالم والتي تتجاوز الـ 615 مليار دولار، يمتلك ويساهم في الكثير من الشركات منها المتخصص في الأمن والزراعة والطاقة ...الخ، ومنها شركة Academi وهي شركة تقدم خدمات أمنية وعسكرية وتقوم بتوريد الجنود أي أن الشركة يقوم نشاطها الأساسي على المرتزقة!
وتعتبر واحدة من أبرز الشركات العسكرية الخاصة في الولايات المتحدة، ويخضع جنودها للحصانة من الملاحقات القضائية، وتقدم خدماتها للحكومات والأفراد من تدريب وعمليات خاصة، ورغم وصفها بالمنظمة الإجرامية الأشد خطراً إلا أن المعلومات المتوفرة عنها قليلة.
ويمتلك الجيش الأمريكي واحدة من الشركات الأشهر في العالم "داو كيميكال، وهي شركة كيميائية مقرها في ميدلاند بولاية ميشيجان، وتقدم الكثير من المنتجات الكيميائية، والبلاستيكية، والزراعية إلى الأسواق الاستهلاكية التي تشمل الغذاء والنقل والصحة والدواء والعناية الشخصية والبناء، وتعمل في حوالي 180 دولة، كما أنها تعمل في مجال الاكتشافات البترولية، إضافة إلى مساهماته في شركة بكتل كبرى شركات المقاولات والبناء ودائما ما يساعد ويضغط من أجل إسناد المشروعات لها، وهي الشركة التي تنشئ مترو الرياض، وكذلك اصطحبها جورج بوش لبناء مدارس بعد تدمير العراق، وحصلت على عقود بـ 700 مليون دولار لبناء مدارس العراق، كانت متهمًا رئيسي في قتل عمر توريخوس رئيس بنما الوطني لوقوفه ضد الهيمنة الأمريكية، وهي شركة يديرها عسكريون أمريكان.
والأكثر من ذلك، أن 800 ألف مدني، نصف موظفي "الولايات المتحدة"، يعملون ضمن أنشطة مدنية تتبع البنتاجون، ويتداخل مجمع الصناعات العسكرية مع أنشطة اقتصادية مدنية، هذا غير الشركات التابعة للـ سي أي إيه وأبرزها "بان أمريكان" و"كازينو ليدو".
3 مركز "آى إتش إس جاين"
مركز "آى إتش إس جاين" البريطاني الشهير، المتخصص فى تقديم المعلومات الإستراتيجية والتحليلات الجيوسياسية لصناع القرار العالمي، والمهتم بالشئون العسكرية حول العالم أعد تقريرًا يرصد فيه بالأرقام "بيزنس الجيوش في العالم"، وبرغم أن السلاح كان المسيطر الأكبر علي هذا البيزنس فإن التقرير البريطاني أكد أن ميزانيات الدفاع العالمية شهدت منذ 2014 ارتفاعات غير مسبوقة لكن هل التسليح وحده هو سبب ارتفاع تلك الميزانيات، بالتأكيد لا فإن جيوش العالم لها "بيزنسها" الخاص لكن الجيش المصري الوحيد في المنطقة هو الواقع تحت المجهر رغم أن شركاته معلنة للجميع!
أمامي الآن تقرير "آى إتش إس جاين" الذي أعدته مجموعة من المحللين العسكريين والاستراتيجيين البريطانيين على رأسهم "بول بورتون"، رئيس وحدة تحليل الميزانيات والتصنيع العسكري في المركز. والتقرير يرصد وبالأرقام حجم بيزنس وصفقات الجيوش ويضع ترتيباً يتغير سنوياً، ليؤكد في النهاية أنه لا توجد دولة في العالم تقف أمام باقي الدول لتفرض احترامها بسجل حقوق الإنسان المشرف فيها، أو ممارساتها الديمقراطية الشفافة في صناديق الانتخابات فقط، لأن الجيش أو القوات المسلحة في النهاية تظل هى صاحبة الصوت الأعلى، والأكثر حسماً عند فرض نفوذ أو هيبة دولة ما على الساحة العالمية، مهما عارض البعض ذلك الوضع أو أنكروه. لكن "قوة الجيش" في عالم اليوم لا تعنى بالضرورة حشد الجنود وإشعال الحروب وإطلاق النيران والقنابل والرشاشات، فأحيانا يكون مجرد صفقات البيزنس أشد وقعاً على التوازنات العالمية من ضربات المدافع.
تكشف قراءة التقرير البريطاني عن أن "بيزنس الجيوش" أصبح هو المرآة الحقيقية التي تعكس حقيقة الوضع السياسى الذي يجرى على الأرض، فمجرد امتلاك دولة ما لأسلحة معينة لم تكن تفكر فى امتلاكها من قبل، أو اتجاهها لرفع ميزانيتها العسكرية أكثر من جيرانها لتعزز نفوذها ضدهم، أو اقتحام دولة ما لعالم تصدير السلاح بشكل يحد من نفوذ دولة أخرى - كلها أمور ترسم صورة محددة لشكل التغيرات التي تحدث على الأرض. فمثلا، كان بيزنس السلاح وصفقاته بين الجيوش سوقاً نائمة خاملة منذ عام 2009، لكنه شهد طفرة مفاجئة فى حجم الصفقات بين الدول، وكم وحجم الأسلحة الذي تستوردها دول بعينها، وحجم الإنفاق العسكري التي تخصصه الدول لجيوشها فى ميزانياتها بداية من عامى 2010 و2011، وهى نفس الفترة التي شهدت اندلاع موجة ثورات الربيع العربي التي قلبت شكل الخريطة السياسية فى الشرق الأوسط، وقلبت على ما يبدو شكل الخريطة العسكرية له كذلك. وشهد بيزنس السلاح انتعاشة جديدة ، عام 2013، وهو عام سقوط حكم الإخوان فى مصر، وارتباك قبضتهم على السلطة فى دول الربيع العربي، وتوحش الحركات التكفيرية المسلحة فى سيناء وسوريا والعراق وليبيا، واشتعال التدخل العسكري والمواجهات القبلية والدينية فى بعض أجزاء من أفريقيا. لذلك كله، يرى التقرير البريطاني أن ميزانيات الدفاع العالمية شهدت فى العام الماضى قفزة وزادت بقوة فى عام 2014، ولفترة طويلة ممتدة بعده. وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية فى تعليقها على التقرير إن "هذه القفزات القوية فى أرقام بيزنس السلاح تعنى أن سوق ميزانيات الدفاع أصبحت مجالاً جديداً للتنافس والصراع بين القوى الكبرى التي تسعى لفرض نفوذها على العالم عن طريق "السلاح". وإحدى أهم القوى التي تصر على فرض نفوذها على العالم من خلال بيزنس السلاح هى روسيا والصين. ينطلق التقرير البريطاني من إقرار واقع أن الولايات المتحدة الأمريكية هى أكبر مورد للسلاح فى العالم، وهى صاحبة نصيب الأسد فى الصفقات التجارية التي تعقد فى مناطقه المختلفة، كما أن الولايات المتحدة تعد، وبلا منازع، صاحبة أضخم ميزانية مخصصة للإنفاق العسكري على أسلحتها وجيشها، وتصل ميزانية الولايات المتحدة العسكرية إلى 582 مليار دولار عام 2013، لأن الدولة الأقوى فى العالم حتى الآن تعرف أن النفوذ العالمى ليس بلا ثمن. لكن، لا أحد يضمن أن المستقبل يمكن أن يستمر دائماً لصالح طرف دون آخر. كانت إحدى الملاحظات الدقيقة التي رصدها التقرير البريطاني فى مقدمته أن بيزنس الجيوش، على قوته والنفوذ الذي يمنحه لأصحابه، متغير لا يمكن توقع تقلباته، ولا التنبؤ بالمسار الذي تتحرك فيه حساباته، فعلى الرغم من أن مصر مثلاً كانت تحصل على معظم وارداتها من السلاح من واشنطن فى العامين السابقين، فإن التغيرات السياسية الحالية، وتوتر علاقة القاهرة بواشنطن فى الفترة الأخيرة، يمكن أن يكون لهما تأثير فى تغيير حسابات بيزنس السلاح الأمريكى فيما بعد. فى المقابل، رصد التقرير دخول روسيا بقوة إلى مجال بيزنس السلاح فى السنوات الأخيرة، إلى حد أنه توقع أن تزيح روسيا قريباً معظم دول أوروبا الغربية التي يتناقص إنفاقها العسكري تدريجياً فى الفترة المقبلة، فى إشارة إلى تراجع النفوذ السياسى لهذه الدول بشكل عام. كان من المثير مثلاً أن يرى التقرير أنه بداية من العام 2015 فإن حجم الإنفاق العسكري لروسيا والصين معاً سوف يتجاوز بكثير ميزانية الإنفاق العسكري لدول الاتحاد الأوروبى مجتمعة، بل إن حجم الإنفاق العسكري للصين وحدها، موزعاً ما بين إنفاقها على تسليح نفسها وعلى صفقات السلاح مع دول أخرى، سوف يصل إلى 159 مليار دولار، ليتجاوز بذلك حجم الإنفاق العسكري لبريطانيا وفرنسا وألمانيا مجتمعة.
أكبر وأقوى وأهم ثلاث دول فى أوروبا الغربية لن يزيد حجم البيزنس العسكري فيها عن 149 مليار دولار، أى أقل بعشرة مليارات كاملة من دولة واحدة فى آسيا. لكن الأهم أنه حتى بدون الصين فإن حجم الإنفاق العسكري لدول آسيا، مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية، سوف يتجاوز أيضاً حجم الإنفاق العسكري لدول أوروبا الغربية، وهو ما يبرر بالطبع القلق الأمريكى من تزايد النفوذ الآسيوى فى البيزنس العسكري والتسليح من جهة أخرى، ويبرر أيضاً سبب اتجاه أمريكا لزيادة وجودها العسكري فى آسيا على حساب وجودها فى الشرق الأوسط، الأمر الذي أثار هلع العديد من حلفائها فى الفترة الأخيرة وعلى رأسهم إسرائيل. لكن، على ما يبدو، قررت إسرائيل بدورها أن تتجه أيضاً إلى البيزنس العسكري الآسيوى الذي يجتذب مركز الثقل إليه يوماً بعد يوم، فألقت بثقلها وراء كوريا الجنوبية، لتعقد معها علاقة تحالف عسكرى، وتستورد منها قدراً كبيراً من المعدات والسلاح. هذا التمويل الإسرائيلى المباشر للبيزنس العسكري في جنوب كوريا يستهدف، وفقاً للتقرير، زيادة نفوذ كوريا الجنوبية فى مواجهة الصين، لكى تنجح "بيونج يانج" فى تجاوز "بكين" لتصبح أهم لاعب فى مجال بيزنس الجيوش بحلول عام 2016. إسرائيل لم تكن الدولة الوحيدة التي تسعى لتغيير حسابات بيزنس الجيوش، السعودية أيضاً كانت لاعباً أكثر ثقلاً وتأثيراً بكثير فى تقدم دول فى البيزنس العسكري وتراجع أخرى، فمثلاً يقول التقرير إن بريطانيا تقدمت على ألمانيا فى ترتيب الدول المصدرة للسلاح على مستوى العالم، وكان السبب هو دخول السعودية لشراء صفقة أسلحة ضخمة من شركة "طيفون" الإنجليزية. والواقع أن السعودية قد نجحت فى أن تصنع لنفسها نفوذاً فى بريطانيا بقوة السلاح دون أن تطلق طلقة واحدة، ونجحت بشكل أكبر فى أن يكون لها نفوذ أكبر فى فرنسا بعد أن أصبحت هي الزبون الرئيسى لصناعة التسليح الفرنسية، واستوردت وحدها ما يقرب من ثلث صادرات فرنسا من السلاح. تضع السعودية كما يكشف التقرير البريطاني، يدها بنفوذ وتحكم كاملين، على شرايين البيزنس العسكري حول العالم، فهي أكثر دولة تنفق على ميزانية تسليحها في الشرق الأوسط، حتى وصلت ميزانيتها العسكرية إلى 43 مليار دولار، تزايدت بشدة بداية من عام 2011، عام اندلاع الربيع العربي الذي فهمت المملكة آثاره وحسبت حساب تداعياته عليها جيداً. فتزايد حجم الميزانية العسكرية للرياض بنسبة 30%، أي أن حجم الميزانية العسكرية السعودية قد تضاعف 3 مرات في 10 أعوام. ليست السعودية وحدها هي التي تتحكم في أعصاب العالم الحديدية، الإمارات أيضاً، وفقاً للتقرير، هي أحد اللاعبين الذين يدفعون دولاً ويجبرون أخرى على التراجع في مجال البيزنس العسكري. بل إن السعودية والإمارات تستوردان أسلحة بقيمة ما تستورده دول أوروبا الغربية مجتمعة. وتصل قيمة هذه الواردات من أدوات ومعدات ونظم عسكرية إلى 8.5 مليار دولار. وعام 2013، الذي كان عاماً نشطاً بالنسبة لصفقات السلاح السعودية، زادت واردات السعودية بقيمة 1.3 مليار دولار، ليصل مجموعها إلى 3.7 مليار دولار. وتركزت تلك الواردات على الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر، بما يتناسب مع طبيعة التهديدات التي تواجهها السعودية، خاصة من دول أخرى مثل إيران. ويتوقع المراقبون في السوق، أنه مع استمرار اشتعال وتوتر الأوضاع في الشرق الأوسط، فإن تسليح السعودية لنفسها سيستمر في التزايد حتى عام 2015 على الأقل. الإمارات أيضاً تزايد حجم إنفاقها العسكري على تسليح نفسها بقيمة 122 مليون دولار عام 2013، ليصل حجم الإنفاق العسكري الإماراتي إلى 3.12 مليار دولار. مصر هي ثالث دولة على مستوى الشرق الأوسط في مجال الإنفاق العسكري. يرصد التقرير البريطاني أنه في عام 2013 قفزت واردات مصر من السلاح إلى الضعف، لتصل قيمتها إلى 2.1 مليار دولار، بزيادة 100% على وارداتها عام 2012 التي لم تكن تزيد على 1.1 مليار دولار. الأمر الذي يعكس بوضوح حجم التهديدات الأمنية والمخاطر العسكرية التي تحيط بمصر تحديداً في العام الأخير. أما صادرات مصر من السلاح للعالم، فهي لا تزيد على 3 ملايين دولار، وهى في ذلك المجال، تقل عن السعودية التي تصل قيمة صادراتها إلى 8 ملايين دولار، وعن الأردن التي تصل صادراتها من السلاح إلى 57 مليون دولار، وتقل بفارق ضخم عن أعلى الدول العربية تصديراً للسلاح وهى الإمارات، التي تصل قيمة صادراتها عام 2013 إلى 75 مليون دولار. لكن الفارق الأكثر ضخامة في صادرات السلاح، هو بين صادرات السلاح المصرية، وصادرات السلاح الإسرائيلية التي وصلت إلى 1.9 مليار دولار، بينما الواردات الإسرائيلية من السلاح لا تزيد على 1.3 مليار دولار، على الرغم من أنها قبلها بعام، لم تكن تزيد على 851 مليون دولار، وهى إشارة أخرى إلى حجم التهديدات الأمنية التي تزايدت في العام الأخير بالنسبة لإسرائيل. أما قطر، فلا يكاد يكون لها حضور في مجال تصدير السلاح، وهى لا تستطيع منافسة السعودية ولا الإمارات في مجال الضغط بمصالحها العسكرية مع دول أخرى. لا تزيد واردات قطر من السلاح وفق التقرير البريطاني على 650 مليون دولار عام 2013، أي حوالي خمس إنفاق السعودية على التسليح. إلا أن المثير أنه حتى إنفاق قطر قفز إلى ما يقرب من الضعف عام 2013، بعد أن كان لا يزيد على 354 مليون دولار عام 2012. أكبر مصدر سلاح لقطر هو أكبر مورد سلاح للشرق الأوسط كله: الولايات المتحدة الأمريكية التي تستحوذ على نصيب الأسد من الإنفاق العسكري لجيوش المنطقة. وتحظى منفردة بـ8.7 مليار دولار من واردات الشرق الأوسط. وتتركز المبيعات الأمريكية على الطائرات العسكرية والأنظمة الصاروخية، وستتزايد أرباحها مع صفقات طائرات إف -15 تم الاتفاق عليها مع السعودية، وطائرات إف - 35 لإسرائيل، لتظل متربعة لفترة لا يعرف أحد مداها على القمة، تاركة روسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا تتنافس على المركز الثاني في سوق بيزنس الشرق الأوسط، بقيمة واردات لا تزيد على 2 مليار دولار لكل دولة. لكن روسيا، على ما يبدو، لا تنوى ترك ذلك الوضع يستمر طويلاً. لقد لاحظ التقرير، أنه على الرغم من تفوق الولايات المتحدة الحالي على روسيا في بيزنس الجيوش، فإن "معدل تطور" الوجود الروسي في البيزنس العسكري يتقدم بسرعة البرق. فهي الدولة الوحيدة في العالم التي قفزت ميزانيتها العسكرية بنسبة 44%، ليجدها العالم فجأة وقد احتلت المركز الثالث عالمياً في مجال تصدير السلاح، ثم تقفز إلى المركز الثاني عالمياً على حساب بريطانيا عام 2013. ويرى التقرير البريطاني، أنه على الرغم من أن أمريكا تتصدر سوق الصادرات العسكرية العالمية بقيمة 25 مليار دولار، فإن روسيا نجحت في رفع صادراتها من السلاح في السنوات الثلاث الأخيرة لتصبح قيمتها 10 مليارات دولار. لكن، وعلى الرغم من أن روسيا هي أحد "الكبار" في مجال توريد السلاح في العالم، فإنها تظل أيضاً، أحد كبار المستوردين له. والسبب في ذلك هو فلسفة اقتصادية تتبعها الحكومة الروسية، التي قررت في منتصف الألفينيات أن تقوم باستيراد مكونات معينة، مثل بعض أنظمة الصواريخ، لا بسبب عجزها عن إنتاجها، وإنما لانخفاض تكلفة استيرادها عن تكلفة إنتاجها محلياً في روسيا. أي أن موسكو تستورد مكونات أسلحة لأنها وجدت الاستيراد في حالات معينة أرخص من الإنتاج! ولا تتخلى روسيا عن سمعتها في كونها قوة ضاربة في مجال معدات الدفاع. ويقول التقرير البريطاني، إن روسيا نادراً ما تستورد قطع أسلحة أو معدات عسكرية، وإنما تتركز وارداتها على أنظمة تحكم صاروخية، أو برامج التطوير التكنولوجية لبعض المعدات، التي تستوردها "على الجاهز" بدلاً من أن تنفق الوقت والمال على مجال الأبحاث العسكرية والتطوير، ولا تزيد واردات روسيا من السلاح على 921 مليون دولار عام 2013، مقابل صادرات وصلت إلى 9.6 مليار دولار. أي أنها لا تستورد أكثر من قيمة عشر ما تصدره من سلاح.
ولا تعانى روسيا من "عقد" خاصة في استيراد الأسلحة، بل إنها تعرف كيف تستخدم تلك المعادلة بالضبط لصالحها، على العكس مثلاً من تركيا التي وضعت نصب عينيها ضرورة وقف استيرادها للأسلحة من الخارج، وأن تتحول لمصدر سلاح فقط لدول العالم. هو هدف، أعلنته حكومة رجب طيب أردوغان، رئيس حزب العدالة والتنمية التركي المقرب من التنظيم الدولي للإخوان. وقف أردوغان عام 2011، في عام وصول الإخوان للسلطة في معظم الدول العربية، ليقول إن تركيا قررت أن تصل لمرحة الاكتفاء الذاتي في مجال التسليح بحلول عام 2023، وأن تخفض تدريجياً من اعتمادها على استيراد الأسلحة من الخارج. والغريب، أنه في الوقت الذي ارتفعت فيه واردات دول الشرق الأوسط من السلاح بعد عام 2011، عام وصول الإخوان للحكم، كانت تركيا هي الدولة الوحيدة التي انخفضت فيها قيمة الواردات لتصبح 1.9 مليار دولار عام 2013، بعد أن كانت تصل إلى 2.9 مليار دولار عام 2012. لكن، وكما هي عادة وعود حكومة رجب طيب أردوغان، يوجد فرق كبير بين ما يعد به رئيس الوزراء التركي، وما يمكنه تحقيقه والوفاء به. فعلى الرغم من "طموحاته" بأن تصبح تركيا مكتفية ذاتياً في مجال السلاح، بل ودولة مصدرة رئيسية له، فإن حجم الصادرات التركية عام 2013، لم يكن يتجاوز 290 مليون دولار. أي أنها لا تصدر إلا ما يوازى خمس ما تستورده. يقول التقرير البريطاني، إن دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، أصبحت تحظى بنصيب قليل من سوق السلاح الدولية مقارنة بأمريكا وروسيا، كما أن حجم إنفاقها العسكري، والأموال التي تخصصها لميزانيتها العسكرية سيتضاءل كثيراً في الفترة المقبلة مقارنة بروسيا، التي قرر البرلمان فيها أن يصل حجم الإنفاق على الميزانية العسكرية في السنوات القليلة المقبلة إلى 20% من إجمالي دخلها القومي. وتكشف هذه النسبة الضخمة عن الأهمية التي توليها روسيا لقواتها المسلحة، واستعدادها للتدخل العسكري الفعلي في بعض المناطق لدعم نفوذها، كما فعلت مؤخراً في منطقة القرم جنوب أوكرانيا، التي كانت ساحة صراع مفتوحة ومعلنة بين موسكو، وعواصم الاتحاد الأوروبي كلها. يمكن ببساطة فهم جزء من سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية من مصالحه العسكرية. إن حجم الاحتجاج والتدخل الذي تبديه دول الاتحاد على ما يحدث في الشرق الأوسط، لا يقارن أبداً بـانتفاضة الدول الغربية أمام ما يحدث في أوكرانيا، تلك الدولة المحورية في أوروبا الشرقية، التي تعد هي السوق الأساسية الفعلية لمبيعات دول أوروبا الكبرى من السلاح. عام 2013، وصل حجم مبيعات السلاح من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لدول أوروبا الشرقية إلى 4 مليارات دولار، في سيطرة أوروبية واضحة على ذلك الجزء من العالم، ويرصد التقرير البريطاني، أن الدول الأوروبية الكبرى تعتبر أوروبا الشرقية منطقة نفوذ للبيزنس العسكري الخاص بها، حتى عام 2018 على الأقل، وتريد أن تظل أكبر مورد سلاح لها حتى تلك الفترة. لقد وصلت روسيا سريعاً إلى المركز الثاني في مجال تصدير السلاح. وتحتل المركز الثالث في مجال الميزانيات العسكرية التي ترصدها الحكومات والدول لكل ما يتعلق بأنشطتها العسكرية، وهو المجال الذي تكشف قراءة الأرقام فيه أيضاً، عن ترتيبات "الدول الكبرى" في هذا المجال. تحتل الولايات المتحدة المركز الأول بميزانية عسكرية 582 مليار دولار، تليها الصين بميزانية 139 مليار دولار. ثم روسيا بميزانية قدرها 69 مليار دولار، تليها بريطانيا في المركز الرابع بميزانية عسكرية 58 مليار دولار، ثم اليابان 56 مليار دولار، وفرنسا في المركز السادس 53 مليار دولار، ثم الهند 46 مليار دولار، وألمانيا 44 مليار دولار، ثم السعودية في المركز التاسع عالمياً 42 مليار دولار، فكوريا الجنوبية 31 مليار دولار، ثم البرازيل وأستراليا 29 مليار دولار، وإيطاليا 27 مليار دولار، تليها تركيا في المركز الرابع عشر 20 مليار دولار، ثم كندا 19 مليار دولار، وتايوان 14 مليار دولار، ومن بعدها إسبانيا وكولومبيا، ثم إسرائيل في المركز التاسع عشر عالمياً بميزانية عسكرية 13 مليار دولار.
4 الأنشطة الاقتصادية للجيش الأمريكي
وكنت قد سألت في عدد سابق: هل قرأت من قبل انتقادات للجيش الأمريكي أو وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بسبب أنشطتها الاقتصادية؟! وباستثناء انشغال وسائل إعلام عالمية ومحلية بالحديث عن الأنشطة الاقتصادية للجيش المصري، هل رأيت وسيلة أعلام واحدة تولي أي اهتمام للأنشطة الاقتصادية التي يقوم بها أي جيش من جيوش العالم؟!
أعرف أن إجاباتك ستكون بالنفي، كما أعرف أنك ستنفجر من الضحك، كما انفرجت أنا لو قرأت المقال الذي نشرته مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية وينتقد تحول "البنتاجون" إلى "وول مارت" للأمريكيين، وهذا تقريباً كان عنوان المقال الذي يكتسب أهمية مضاعفة لكون كاتبته هي روزا بروكس، أستاذة القانون في جامعة جورج تاون، كانت مستشارة سابقة لوزارتي الدفاع والخارجية الأمريكية.
وقبل أن أستعرض المقال، أوضحت أن النشاط الاقتصادي للجيش ومساهمته في الاقتصاد الوطني ليس اختراعا مصرياً، لأنه موجود في الدول الغنية قبل الفقيرة, وأن هذه الاستثمارات تساهم في توفير وتحقيق الاكتفاء الذاتي اللوجستي للجيش, الذي امتد نشاطه إلى الزراعة والصناعة والخدمات, وتوفير السلع الغذائية، بما لا يؤثر على المهام الاحترافية والكفاءة القتالية. وهذا الدور صار ضروريا باعتبار أن هذه الجيوش عموما جزء رئيسي في نسيج المجتمع, وتتميز بالالتزام والحرفية والدقة والتنظيم والتخطيط وأنظمة مشددة من الرقابة والمحاسبة, الأمر الذي يؤهلها للقيام بدور اقتصادي متقدم.
وأشرت إلى أن خطاب الوداع للرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور (وكان جنرالا في الجيش قبيل توليه الرئاسة) تحدث عما أسماه بـ"المجمع العسكري الصناعي" وهو المجمع الذي يمثل بعدا من أبعاد العلاقات المدنية العسكرية وقد تطور الآن إلى مجمع ثلاثي بإضافة الأكاديميين إلى العسكريين ورجال الصناعة.
مقال "روزا بروكس" الذي تناولته في عدد سابق، بدأ بحكاية طريفة، عن زيارة والدتها لها في مقر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" لتناول وجبة الغداء، وأنها حين رافقتها حتى وصلا إلى المصعد كان إلى جوارهما محل شيكولاتة، بينما كان عدد من الضباط والمدنيين يعبرون إلى محل لبيع الزهور، ثم صالون حلاقة وماكيير للأظافر، الأمر الذي جعل والدتها تقول: هل نحن في داخل القوة العسكرية الأمريكية أم في مركز للتسوق؟" وهو السؤال الذي علقت عليه روزا بروكس بأنه لم يكن بعيداً عن الحقيقة.
بعد تلك القصة، أشارت بروكس إلى أنها مع بداية عملها داخل "البنتاجون" في السنوات الأولى من حكم أوباما، كانت ممرات "البنتاجون"، التي يبلغ طولها 17.5 ميل، مليئة بالعشرات من المحلات والمطاعم التي تخدم 23 ألف موظف. ومع مرور الوقت أصبح الجيش الأمريكي يقدم نفس خدمة "المول" للمدنيين.
وأضافت "في "البنتاجون" يمكنك شراء حذاء جرى جديد أو يمكنك توجيه أوامر للبحرية للبحث عن قرصان صومالي، كما يمكنك شراء دواء للصداع، وشراء تليفون محمول جديد أو أن تكلف وكالة الأمن القومي لمراقبة رسائل الإرهابيين، كل ما تحلم به توفره "البنتاجون"، وكما قال الجنرال المتقاعد، ديف بارنو، في محاولة لشرح مدى توسع الجيش الأمريكي، إن "وول مارت سلسلة مراكز تسوق بالولايات المتحدة، توفر كل شيء تحت سقف واحد". ولكن لا يوجد سبب للاحتفال بتحول الجيش الأمريكي إلى أكبر "مول" للتسوق في العالم، وعلى العكس من ذلك يواجه الجيش تحديات متعاقبة. وهذه هي الحلقة المفرغة ونحن محاصرون داخلها، إذ نواجه تهديدات أمنية جديدة من مناطق جديدة، منبثقة عن الجماعات الإرهابية، من الفضاء الإلكتروني، ومن أثر الفقر، والإبادة الجماعية، أو القمع السياسي.. على سبيل المثال، تعودنا على مشاهدة كل تهديد جديد من خلال عدسة "الحرب"، وبالتالي جيشنا مطالب بأن يتحمل مسؤولية مجموعة متنامية من المهام غير التقليدية، وعرض المزيد والمزيد من التهديدات على أنها "حرب"، يجلب المزيد من مجالات النشاط الإنساني في نطاق قانون الحرب، مع مزيد من التسامح مع السرية والعنف والإكراه، وانخفاض الحماية من أجل الحقوق الأساسية".
وبعد عرض مزيد من التفاصيل، تنهي روزا بروكس مقالها بأن هناك بعض الجنرالات يريدون السيطرة على تحويل الجيش الأمريكي إلى "وول مارت"، لأنهم يخشون أنه في نهاية المطاف يؤدى اعتماد الأمة على الجيش إلى تدمير، ليس فقط التنافسية المدنية، ولكنه قد يدمر الجيش نفسه. كما أنهم يشعرون بالقلق من أن القوات المسلحة تحت ضغط مستمر ليصبح كل شيء لجميع الناس، يمكن أن تجد نفسها في النهاية قادرة على تقديم القليل. في نهاية المطاف فإنهم يخشون أن الجيش الأمريكي قد أصبح "وول مارت"، ولا يبقى فيه شيء غير "موظفين محبطين، وبعض المنتجات التي لا تطابق المواصفات، والمتناثرة عشوائيا في جميع الممرات".
هذا عن البنتاجون، الذي نكاد لا نسمع أو نقرأ شيئا عن أنشطته الاقتصادية، بينما لا يتوقف الجدل أو الهري عن اقتصاد الجيش المصري‏,‏ بأكاذيب وأرقام غير صحيحة بالمرة، تصدرّها لنا قوى معادية ويرددها خلفها بعض المصريين بكل أسف، بشكل لم ينقطع منذ استجابة الجيش لمطالب الشعب في ثورة 30 يونيو.
أيضاً، في باريس، تضم ممتلكات مجموعة لاجاردير العسكرية، المُفترض أنها خاصة، حصة بارزة في إيرباص، وثلث منظومة الإعلام. خارج الجمهورية: 19 إذاعة.. منها أوروبا 1 و2، و11 تليفزيونًا، و34% من كنال سات.. توزيع باقات تلفزيونية، و260 مطبوعة في 41 بلدا. داخل الجمهورية: دار هاشيت العريقة للنشر. صحيفة لو جورنال دو ديمانش.. الوحيدة التي تصدر يوم الأحد. مجلات.. باري ماتش، إيل ELLE.. النسائية الأولى، إيكيب الرياضية، وأخرى متخصصة في السينما والبيئة والعائلة والأعمال اليدوية، و25% في صحيفة لوباريزيان، وحصة مؤثرة في لوموند المسائية، وأربع صحف إقليمية، وحصص مرتفعة في أخرى، وأيضا ضمن ممتلكات مخابرات باريس.. شبكة ميريديان وطيران إيرفرانس.
هنا، الجيش المصري لا يحصل إلا علي 6% من الموازنة العامة، شاملة المرتبات والمعاشات التسليح المناورات والإعاشة ومشروعات الحرب والبعثات، بينما نصيب التعليم 12% والصحة 6% والحماية الاجتماعية 30% والداخلية 5% والخدمات 30% ومع هذه الميزانية الضعيفة جدا للجيش المصري إلا أنه بين أفضل جيوش العالم بشهادة بيزنس انسايدر مثلاً.
5 هل يؤثرالنشاط الأقتصادى للجيش على القطاع الخاص
ونؤكد هنا أن هناك الكثير من المبالغات فيما يتعلق بدور القوات المسلحة الاقتصادي في المرحلة الأخيرة، وما قد ينجم عن اتساعه من أثر على مستقبل القطاع الخاص. فعلى الرغم من أن دور الجيش الاقتصادي قد أصبح أكثر مركزية في الخطط الاقتصادية للدولة، خاصة تلك الهادفة لزيادة التشغيل ورفع معدلات النمو، إلا أن هذا التوسع لا يمثل تغييرا كيفيا أو كليا في علاقة الجيش بالاقتصاد. كما أن هذا الدور الواسع سيكون في غالب الحال مؤقتا بالظرف الحالي، وأولويات الخروج من الركود. ويضاف إلى هذا وذاك أن دور الجيش الاقتصادي الآخذ في التوسع لن يؤثر على كافة أنشطة القطاع الخاص بنفس الدرجة، ولن يؤثر على الشركات الصغيرة والمتوسطة بنفس طريقة التأثير على الشركات الكبرى.
كما لا يمكن فصل التوسع الكبير في أنشطة القوات المسلحة الاقتصادية عن الظرفين الاقتصادي والسياسي في مصر بعد ٣٠ يونيو، والحاجة الماسة لاستعادة النمو الاقتصادي ورفع معدلات التشغيل والاستثمار بعد سنوات من الركود والاضطراب وهروب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وذلك لأن شرعية وشعبية السلطة الجديدة التي ترتبت على تنفيذ بنود خارطة الطريق مرتهنة ارتهانا مباشراً بالقدرة على تحقيق التعافي الاقتصادي. وقد جرى التعويل في هذا على إطلاق حزم تحفيزية من الدولة أو هيأتها بتمويل من الحلفاء الخليجيين أو بتمويل ذاتي، ويأتي هذا في وقت قد عمد فيه أصحاب رأس المال الكبير المحلي والأجنبي إلى تجميد أنشطتهم وتحويل رؤوس أموالهم للخارج منذ يناير ٢٠١١. كما لم يظهر القطاع الخاص استجابة كبيرة لخطط التحفيز الأولى التي كانت قد أطلقتها حكومة الببلاوي من قبل.
من هنا كان تعويل القيادة السياسية على الدولة بمؤسساتها، وخاصة القوات المسلحة التي تصدرت المشهد السياسي من بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، للإقدام على الدفعة الأولى لاستعادة النمو والثقة، ومن ثم تمهيد الطريق أمام تعاف اقتصادي أكثر شمولا. وينبغي هنا الأخذ في الاعتبار أنه في هذه الأجواء المضطربة سياسيا فإن القوات المسلحة هي الشريك الأكثر أمانا لأصحاب رؤوس الأموال الخليجية التي تبحث عن فرص للاستثمار من ناحية، وتقديم دعم فعلي للانتقال السياسي الجديد في مصر من ناحية أخرى.
ويضاف إلى ما سبق أن القوات المسلحة بهيئاتها وشركاتها تلعب دورا اقتصاديا مباشرا منذ بدء التحول الاقتصادي في مصر في الثمانينيات، وأن هذا الدور قد تعايش مع توسع القطاع الخاص بشتى أطيافه من ناحية، ومع ظهور رأسمالية مصرية كبيرة من ناحية أخرى في العقدين الأخيرين، ويمكن القول أنه ثمة تقسيم عمل لم يتم تجاوزه حتى الآن، وهو تركز أنشطة الجيش الاقتصادية في قطاع البنية الأساسية كالطرق والكباري والأنفاق، بينما لا نلحظ له وجودا يذكر في قطاعات أخرى هامة ونشطة مثل الصناعات الثقيلة كالأسمنت والحديد والصلب والألمونيوم، أو في قطاعات خدمية كالسياحة والاتصالات والمواصلات، وحتى اليوم فإن غالبية نشاط الجيش الاقتصادي قد انحصر في القطاعات التقليدية لنشاطه اللهم إلا في حالة بعض المشروعات السكنية التي يمكن اعتبارها استثناء.
كذلك، فإن مشروعات البنية الأساسية يستهدف رفع معدلات التشغيل لكونها مشروعات تطلب عمالة كثيفة من ناحية، وتقوم في أغلبها على إسناد العمل بالباطن لشركات صغيرة ومتوسطة من ناحية أخرى، وهو ما يجعلنا نؤكد أن توسع دور القوات المسلحة الأخير لن يؤثر على أنشطة القطاع الخاص بشكل عام، وإنما في الشريحة العليا فقط أو من يمكن وصفهم بأباطرة الرأسمالية الكبيرة!
وإذا كانت صحف أجنبية ووكالات أنباء عالمية، نشرت مراراً أن الجيش يستحوذ على 40% من حجم الاقتصاد المصري, فإننا نقول بوضوح أن هذه النسبة التي ليس لها أي سند علمي ولا تمت للحقيقة بأي صلة ورغم ذلك رددها مصريون بينهم أكاديميون وسياسيون وإعلاميون!
والحقيقة هي أن البيانات الرسمية تؤكد أن القطاع الخاص يسهم في الناتج المحلي بنحو62% ولا يتبقى غير 38% هو مجمل ما تساهم به الدولة بقطاعيها المدني والعسكري, مع الوضع في الاعتبار أن الشركات المدنية التابعة للمؤسسة العسكرية, نشأت بعد تحرير أسعار السلع وبدء خصخصة القطاع العام الذي كان يمد الجيش بالأغذية والمواد اللازمة, لضمان توفير هذه المواد للجيش, وليس من أجل التربح, وينبغي أن تكون تحت ولاية الجيش, وألا يكون هناك أي تغيير في وضعها إلا بالتشاور مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة, علي أن يكون أي تغيير تدريجي وعلي مدي زمني طويل, مع ضمان حصول الجيش علي إمدادات من شركات مملوكة للدولة في كل المجالات التي يحتاجها وبأسعار معتدلة, مع ضرورة خضوع هذه الشركات لكل النظم الضريبية والرقابية العامة في أعمالها المدنية غير العسكرية.
ومما يؤسف، هو أن من يتربصون وينتقدون الأنشطة الاقتصادية للجيش يفعلون ذلك، مع إشارات (غير مباشرة) مسمومة إلى أن الأرباح يتم توزيعها على ضباط القوات المسلحة، وهو ما لا يكشف إلا عن جهل أو تخلف، لا يستحق الرد عليه، وسنكتفي بعرض أربع أمثلة سبق أن استشهد بها المهندس يحيى حسين عبد الهادي.
أولها ما حدث في مجلس الوزراء سنة 2005 عندما ذهب محمود محيى الدين ليفاخر بأنه باع حصة الدولة في شركة السويس للأسمنت وأنه في خلال شهورٍ قليلةٍ سيبيع الشركة القومية للأسمنت وهى آخر شركة متبقية.. فإذا بالمشير طنطاوي ينتفض غاضباً ويوجه حديثه للدكتور أحمد نظيف متسائلاً: من أين يحصل الجيش على احتياجاته من الأسمنت؟ هل يتسول لدى شركات أجنبية (حيث إن شركات الأسمنت بيعت لأجانب)؟.. فقرر الجيش إنشاء مصنع أسمنت العريش الذي حاولت شلة أمانة السياسات إثناء الجيش عن بناء المصنع بحجة أن عصر قيام الدولة بإنشاء مصانع قد انتهى للأبد في مصر.. الحمد لله أن هذا المصنع قائمٌ الآن يؤّمن احتياجات الجيش ويبيع الفائض للشعب بسعرٍ يقل عن سعر السوق في أوقات الأزمات بحوالي 200 جنيه للطن.
والمثال الثاني يتعلق بفضيحة بيع مليون متر مربع بجوار طابا بسعرٍ بخس لمشترٍ مزدوج الجنسية، اتضح أنه واجهة لشركاء إسرائيليين وقطريين وهو ما عُرف بقضية سياج.. ولما نُزعت الأرض منه حُكم له بتعويض حوالي 400 مليون جنيه وكان هناك اتجاهٌ في الحكومة لإعادة الأرض له بدلاً من سداد التعويض.. قليلون هم الذين يعرفون أن الجيش هو الذي أصّر على تطهير سيناء من أي مشبوهين ودفع التعويض من عائد نشاط ما يُسمى الإمبراطورية.
وعن المثال الثالث، منذ عدة سنواتٍ كانت مادة الشبّة اللازمة لمحطات تنقية مياه الشرب تحتكرها شركة أجنبية ومستوردٌ خاص.. وتعرضت مصر لموقفٍ عصيبٍ عندما اتفقا على ابتزاز الدولة في هذه السلعة الحيوية.. فما كان من جهاز الخدمة الوطنية إلا أن بدأ في إنشاء مصنعٍ لإنتاج الشبّة تابعٍ لشركة النصر للكيماويات الوسيطة (المشهورة بالبيروسول) فتراجع الابتزاز فوراً وتحوّل إلى ترغيبٍ وإغراءٍ للجيش لكي لا يُنشئ مصنع الشبة.. طبعاً مصنع الشبة قائمٌ الآن ضمن هذه (الإمبراطورية) ويؤمن احتياجات الوطن من هذه السلعة الإستراتيجية ومن ابتزاز المحتكرين.
أما المثال الرابع، فقد انتشلت فيه (الإمبراطورية) في اللحظات الأخيرة ثلاث شركات قطاع أعمال مهمة من الغرق في دوامة الخصخصة وحولتها من الخسارة للربح، وهى شركة سيماف لعربات السكك الحديدية وشركة النقل النهري وشركة الترسانة البحرية بالإسكندرية.
حدث ذلك كله، دون أن تتحمل الدولة أية تكاليف أو أعباء مالية.. ونضيف إلى ما سبق كل الأنشطة الاقتصادية للجيش تخضع لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات منذ سنوات، الشيء المدني الوحيد الذي لم يكن مراقبا هو النوادي التي تتبع الأسلحة وقد بادر الرئيس عبد الفتاح السيسى حين كان وزيرا للدفاع بطلب مراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات لها لكي يقطع ألسنة المتربصين.
ولا يخفي على أحد أن تيار رجال الأعمال الذين يرفضون الدور الاقتصادي للقوات المسلحة ويصرحون بموقفهم ورفضهم لهذا الدور، يتزعمهم كل من نجيب ساويرس وصلاح دياب.
وبينما قام صلاح دياب بفتح صفحات جريدته المصري اليوم لانتقاد الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة، عبر موضوعات صحفيه أو باستكتاب أقلام مسمومة أو في المقال الذي يكتبه له آخرون باسم نيوتن، فقد أعلن نجيب ساويرس عن رفضه توسعات الجيش في الاقتصاد في مقابلة مع قناة "العربية" في فبراير 2014، وأعلن خلال المقابلة أنه ضد انخراط الجيش في أعمال اقتصادية مدنية، وكرر اعتراضه ذلك خلال حواره مع برنامج "هنا العاصمة" في سبتمبر 2014 قائلًا: "إن الجيش له مهام أخرى غير المشروعات، وهي مهمة حماية البلاد، والالتفات إلى المصائب التي تحدث في ليبيا والعراق". واعتبر رجل الأعمال أن الجيش لديه ميزة ليست لدى رجال الأعمال، وهي أنه "لما بينزل مش مهم التصاريح، ولا بيدفع رشوة، وبيقدر يتخطى المشاكل اللي إحنا عايزين نتخطاها كلنا"
والحقيقة، هي أنه منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مسئولية الحكم، وهو يضع مهاما كثيرة على عاتق الجيش المصري ويحمله بمسئوليات ضخمة، ليس لأن السيسى ابن المؤسسة العسكرية ومنحاز إليها وليس لأنه لا يثق في مؤسسات أخرى، ولكن لأنه يعلم أن هذه المؤسسة الوطنية على مدار تاريخها تتميز بالانضباط والالتزام واحترام التعهدات، والحقيقة أن الرئيس لم يبالغ في هذه الثقة ولم ينسب للمؤسسة العسكرية ما ليس فيها، فعلى مدار العام الماضي كان للجيش المصري دور في تنفيذ المشروعات التنموية لا ينكره إلا جاحد أو حاقد، من المشروع القومي للطرق إلى مشروع القرن العملاق في حفر قناة السويس الجديدة وصولاً إلى إنشاء مستشفيات ومراكز طبية متخصصة على أعلى مستوى من الكفاءة وأحدث التقنيات العالمية.
الأهم أن كل هذا لا تقوم به المؤسسة العسكرية بغرض الربح المالي أو المن على الشعب المصري، وإنما وكما قال كل قادتها على مدار السنوات الماضية فهي تقدم كل هذه المشروعات كجزء من رد الجميل للشعب المصري الذي لم يتخل عنها يوماً بل ظل دوماً يمنحها ثقته ويقدم لها دعمه ومساندته في كل الظروف والأحوال، ولهذا فكل المشروعات التي تقيمها القوات المسلحة ليست لها فقط ولا تخدم رجالها وحدهم، وإنما هي لكل الشعب. يستفيد منها كل المواطنين على السواء، لا فارق بين ضابط بالجيش ومواطن فقير أو عامل نظافة، فالجميع عند القوات المسلحة هم أبناؤها؛ لأنها من الأساس مؤسسة تقوم على مبدأ لم ولن يتغير وهو أنها مؤسسة ملك الشعب وليس للحاكم أو النظام، تبنى لمصر وليس لغيرها، تخدم المصريين دون أن تنتظر جزاء ولا شكورا، لم تفكر يوماً في احتكار خدمة أو مشروعات بعينها، لتحرم المصريين منها أو تتكسب بها، وإنما فقط تقدم للمصريين ما يحتاجون إليه، وما يحقق لهم التنمية التي يحلمون بها والخدمات التي يريدونها، ولأن النية صادقة فكل المصريين يشهدون ويتحاكون بنجاح وتميز مشروعات القوات المسلحة التي لا يطالها فساد ولا يفسدها إهمال، وليس أدل على ذلك من كل مشروعات الطرق التي أقامتها القوات المسلحة ومرت السنوات ولم تظهر فيها عيوب، بينما طرق أخرى أقامتها جهات مدنية ظهر الفساد في تنفيذها حتى قبل أن يتم افتتاحها. إذن نحن أمام مؤسسة تعمل للشعب، لا تحتكر ولا تسيطر ولا تقاول على حساب الناس، وإنما تؤمن المصريين ضد استغلال المحتكرين وفساد أصحاب المصالح.
وأكثر من هذا لم نسمع يوماً أن مؤسسة تابعة للقوات المسلحة أغلقت أبوابها في وجه المصريين أو فرضت عليهم سلعاً بعينها أو أشعلت جيوبهم بأسعار خيالية مثلما يفعل آخرون من معدومي الضمير ومصاصي دماء الشعب.
وأخيرا، فلا نبالغ لو قلنا إن الأكاذيب والشائعات التي طالت الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة، هي النموذج العملي للطريقة التي يمكن بها أن تصبح الأكاذيب والشائعات مهما خاصمت العقل والمنطق، قابلة للتصديق بكثرة ترديدها وانتقالها من صحيفة مشبوهة إلى أخرى من عدة صحف أجنبية تنقلها صحف مصرية ثم تداولها الفضائيات ويبدأ جدل لا ينتهي بشأنها على شبكات التواصل الاجتماعي، لنجد أنفسنا في دائرة مغلقة تحيطها وسائل وأطراف تنقل عن بعضها البعض، فتتحول الأكاذيب والشائعات غير المنطقية والتي لا يمكن أن يصدقها عقل إلى معلومات قابلة للتصديق، يجري استدعائها وتكرارها مع كل حدث أو تلكيكة كذلك الجدل المفتعل الذي صاحب تدخل القوات المسلحة لحل أزمة لبن الأطفال التي نعاني منها منذ عشرات السنوات.