الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 11:02 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:برلين تشرب من كأس السم الإخوانى.. 3 آلاف عضو إخوانى فى IGD الألمانية ينفقون الملايين لمراقبة تحركات الجيش المصرى




* المخابرات المصرية أسقطت شبكة تجسس لجمع معلومات عن حركة البورصة وتحركات قوات الجيش والشرطة فى سيناء
* عشر مؤامرات ألمانية لزراعة الإرهاب فى سيناء والإسكندرية
* مفاجأة.. القيادى الإخوانى ابراهيم الزيات يعلن الحرب ضد مصر من مسجد برلين
* الإخوان ساعدوه فى الهروب إلى ألمانيا بعد صدور حكم عسكرى بسجنه 15 عاماً
* «مرسى» أصدر عفواً عنه وظل يمارس التحريض ضد مصر برعاية ألمانية رسمية!
* متزوج من ابنة شقيقة نجم الدين أربكان رئيس وزراء تركيا الأسبق ويتلقى تمويلات علنية لدعم الإرهاب!
لأسباب لا نفهمها ولا نعرفها، رفضت شرطة ميونيخ، حتى يوم السبت، تأكيد وجود دوافع إرهابية للهجوم الذى ضرب مدينة ميونيخ، على الرغم من وجود عشرات الأسباب التى استندت إليها التكهنات بشأن وجود صلة بين التنظيمات الإرهابية المتمركزة فى ألمانيا وذلك الهجوم الذى فضح الخريطة الأمنية والسياسية لألمانيا.
الفتى المسلح البالغ من العمر 18 عاماً، لم يتصرف بشكل منفرد، وهو يفتح النار قرب مركز مزدحم للتسوق فى ميونيخ، مساء الجمعة، فقتل 9 أشخاص على الأقل فى ثانى هجوم يستهدف مدنيين بألمانيا خلال أيام.
صحيح، أن سره مات معه، إذ تم العثور عليه مقتولاً بعيار نارى أطلقه على نفسه، إلا أن قائد شرطة ميونيخ، هوبرتوس أندريه، أعلن أنه ألمانى من أصل إيرانى. وكان طبيعياً ومنطقياً أن يتم الربط بين هذا الهجوم وذلك الذى سبقه بأيام والمعروف بـ«هجوم الفأس» الذى قام فيه لاجئ أفغانى باستهداف ركاب أحد القطارات قرب مدينة فولفسبورج. ولا نبالغ لو قلنا إن ألمانيا قد تتعرض للمزيد من الهجمات الإرهابية بسبب تورطها فى ملفات دولية وإهمالها لكثير من المشكلات الداخلية التى أدت إلى توتر جبهتها الداخلية، شأنها فى ذلك شأن دول أوروبية أخرى، وإن كانت أوضاع ألمانيا أكثر تعقيداً بسبب سياستها الغريبة والمريبة فى ملف اللاجئين وسياسة الباب المفتوح التى أعلنتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والتى أدت إلى دخول ما يزيد على مليون لاجئ إلى ألمانيا، مؤكد أن إرهابيين اندسوا ضمن جموع اللاجئين وهو ما أعلنته ميركل نفسها حين قالت إن جماعات متشددة قامت بتهريب عدد من أعضائها إلى أوروبا وسط موجة المهاجرين الذين هربوا من سوريا تحديداً.
ما لم تقله شرطة ميونيخ، قاله الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند الذى وصف إطلاق النار الدامى الذى وقع فى ميونيخ بأنه «هجوم إرهابى مقيت» استهدف إثارة الخوف فى ألمانيا بعد استهداف فرنسا الأسبوع الماضى.
وأوضح هولاند فى بيان أن «الهجوم الإرهابى الذى وقع فى ميونيخ، وقتل أشخاصاً كثيرين عمل مقيت يهدف إلى إثارة الخوف فى ألمانيا بعد دول أوروبية أخرى».
«على الغرب أن ينتبه لما يدور فى العالم، وخريطة التطرف التى تنمو وتزدهر. هذه الخريطة ستمسكم لا محالة».
وليس ما حدث فى ميونيخ مؤخراًً إلا نتيجة طبيعية لعودة مئات من الذين غادروا ألمانيا للالتحاق بصفوف تنظيم «الدولة الإسلامية» فى سوريا والعراق، وبعضهم انخرط فى القتال، حسب ما أوردته صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» التى نشرت تقريرا تحدثت فيه عن تجربة «جهاديين» ألمان كانوا يقاتلون فى صفوف تنظيم «الدولة الإسلامية» فى سوريا، وعادوا إلى ألمانيا.
فى التقرير، ذكرت مجموعة من المقاتلين الألمان ضمن تنظيم «الدولة الإسلامية» والذين عادوا من سوريا مؤخراً إلى ألمانيا، أن التنظيم يمارس الإرهاب مع أعضائه بأقصى درجة، وأضافوا أن هناك حوالى 200 من الجهاديين الإسلاميين عادوا مؤخراً إلى ألمانيا، تعاون خمسهم تقريباً مع سلطات الأمن الألمانية وأدلوا خلال الاستجوابات التى أجريت معهم بمعلومات عن الفترة التى قضوها بين أعضاء تنظيم «داعش».
وقالت الصحيفة: إن العديد من العائدين صوروا مناخا من الخوف والريبة والقسوة يسود بين أعضاء التنظيم، وقال أحدهم إنه وضع فى «مجزر»؛ لأنه لم يسلم جواز سفره لقيادات التنظيم، مبينا أن جدران المكان كانت ملطخة بالدماء، وأن جثة بلا رأس ألقيت داخل الحجرة التى كان ينام فيها.
وأوضح التقرير أن التنظيم يقوم بتعذيب من يشك فى قيامهم بالتجسس عليه أو يقتلهم رمياً بالرصاص أو بقطع رقابهم. وأضاف التقرير أن أحد العائدين ذكر أن وافداً جديداً على التنظيم أعدم لأنه خبأ هاتفه المحمول فقط، مبينا أن رجال التنظيم كانوا يخشون فيما يبدو من قدرة الطائرات بدون طيار على تحديد المواقع التى بها هواتف محمولة.
وواصلت الصحيفة أن هناك تقارير لعائدين آخرين تشير إلى أن الجهاديين الذين حاولوا مغادرة البلاد بدون تصريح كتابى من أحد أمراء التنظيم بخروجهم، كانوا يقتلون رمياً بالرصاص، وأفادت الصحيفة أن وافدين جدداً كانوا يؤمرون بممارسة القتل لإظهار اتباعهم لأوامر القادة.
وأفاد تقرير الصحيفة أن حوالى خمسين مقاتلا تقريباً من ولاية شمال الراين ويستفاليا وحدها عادوا إلى ألمانيا، وذكرت السلطات الألمانية أن هناك خطرا داهما فى الوقت الراهن يمثله المقاتلون الذين خاضوا معارك فى صفوف التنظيم، مشيرة إلى أن عشرة من العائدين مؤخراً تنطبق عليهم هذه الصفة، بينما أصيب الباقون وهم حوالى أربعين شخصا بصدمات نفسية.
ونشير هنا إلى أن هانز جيورج ماسن، رئيس «هيئة حماية الدستور» فى ألمانيا - وهو الاسم الرسمى للمخابرات الداخلية سبق أن عرض خلال جلسة للبرلمان الألمانى (بوندستاج) مقاطع فيديو يظهر فيها مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية وهم يقفون أمام جثث يهينونها وقد مثلوا بها.
وفى مقطع فيديو آخر، ظهر مقاتل يتفاخر بالرغبة فى القتال وخوض معارك جديدة لأنه سيجد من يذبحه.
وفى مقاطع الفيديو، التى عرضها ماسن، شباب من مقاتلى «الدولة الإسلامية» يتكلمون باللغة الألمانية، موضحا أنه التحق 400 «جهادى» ألمانى بمقاتلى تنظيم الدولة فى سوريا والعراق وعددهم فى ازدياد، حسب رئيس هيئة حماية الدستور فى ألمانيا.
وفى جلسة حوارية خاصة عقدها «البوندستاج» لمناقشة خطر الجهاديين على الأمن فى ألمانيا، بمشاركة خبراء فى الشأن الأمنى، قيل إن الجهاديين يشكلون خطرا حقيقيا على أمن ألمانيا. وحسب رئيس هيئة حماية الدستور، عاد ما لا يقل عن 125 جهادياً من سوريا إلى ألمانيا، و25 منهم قد «ثبتت مشاركتهم فى الأعمال القتالية».. بيد أنه يسود اعتقاد بأن العدد أكبر من ذلك بكثير، لأن كل الجهاديين لا يفاخرون فى مواقع التواصل الاجتماعى ويكشفون عن الأعمال التى قاموا بها أو المعارك التى شاركوا فيها فى سوريا والعراق أثناء وجودهم هناك. كما أن الكثيرين منهم يختفون عن عيون الأجهزة الأمنية ويظهرون فجأة فى ألمانيا من جديد.
ومنذ وقت طويل، يثير قلق الأجهزة الأمنية الألمانية احتمالية قيام الجهاديين العائدين من سوريا والعراق بتنفيذ هجمات داخل البلاد أيضاً، وعرض رئيس هيئة حماية الدستور، أثناء الجلسة البرلمانية خريطة سوداء لألمانيا تنقط دما، وهى رمز لنداء الجهاد ضد ألمانيا «وبالتالى فنحن فى مرمى نيران الدولة الإسلامية» حسب تعبيره. ولكن هل يستهدف زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبوبكر البغدادى أوروبا أيضاً، هذا ما لا يستطيع تأكيده خبراء الشئون الأمنية ومنهم الخبير الألمانى المتخصص فى قضايا الإرهاب جيدو شتاينبرج.
شتاينبرج لا يعتقد أن أبوبكر البغدادى يمكن أن يسحب فى الظروف الراهنة بعض مقاتليه من سوريا أو العراق، لكنه (أى البغدادى) «لن يفوت الفرصة للاستفادة ممن يقدمون له المقاتلين والهيكلية التنظيمية فى أوروبا».
ومن شتاينبرج عرفنا أن هناك بين الـ6200 سلفى فى ألمانيا يدعمون مقاتلى تنظيم الدولة الإسلامية، ويؤيدون فكره.. وأن البغدادى حين أعلن عن قيام «الدولة الإسلامية»، فرح السلفيون فى ألمانيا واحتفلوا بالحدث!
وفوق ذلك، هناك تحذيرات متكررة من تسلل إرهابيين بين اللاجئين؛ حيث أشار تقرير صادر عن الشرطة الأوروبية «يوروبول»، يوم الأربعاء 20 يوليو 2016، إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين قتلوا فى هجمات متطرفة فى أنحاء أوروبا مقارنة بالعام السابق.
وحذر التقرير من أن تنظيم داعش ربما «يزيد التركيز على العمليات بالخارج»، ورسم «يوروبول» صورة مقلقة للاتحاد الأوروبى، وفيه تظهر تهديدات متطرفة من غير المحتمل أن يتم التخلص منها قريباً.
وحذر من أن طالبى اللجوء السوريين يمكن أن يكونوا عرضة للاستهداف، وتحويلهم سريعا لمتطرفين على يد أشخاص يقومون بتجنيد مقاتلين لتنظيم لداعش، فيما يتم تنشئة جيل جديد من المقاتلين فى الأراضى التى يسيطر عليها التنظيم فى سوريا والعراق.
كما حذر التقرير أيضاًً من أن تنظيم الدولة يبدو أنه يفضل الهجمات على أهداف ناعمة؛ لأنهم «يزرعون المزيد من الخوف بين الرأى العام».
وفى نفس السياق قال وزير الداخلية الألمانى توماس دى مايتسيره: إن ألمانيا تواجه هجمات فردية محتملة ينفذها متشددون على غرار الهجوم الذى نفذه لاجئ بلغ من العمر 17 عاماً داخل قطار ركاب باستخدام فأس مساء الاثنين.
وأضاف دى مايتسيره للصحفيين «مثل عدة دول أخرى فى الاتحاد الأوروبى.. وكل الاتحاد الأوروبى فإن ألمانيا أيضاًً هدف للإرهاب الدولى؛ لذا فقد قلت منذ فترة طويلة: إن الموقف خطير».
وأضاف الوزير أن هناك بعض المؤشرات على أن منفذ هجوم القطار كان من باكستان وليس من أفغانستان مثلما كان يعتقد فيما سبق.
***********************
2
«على الغرب أن ينتبه لما يدور فى العالم، وخريطة التطرف التى تنمو وتزدهر. هذه الخريطة ستمسكم لا محالة».
ستجد هذا التحذير، مكرّراً فى الفقرة الأخيرة ومنسوباً لقائله، أما ما ننسبه لأنفسنا فهو أننا كنا أول من حذر من لعب ألمانيا فى الداخل المصرى وتصديرها للمتطرفين وأشرنا إلى قيام سلطات مطار القاهرة الدولى، بمنع المتطرف الألمانى «سيفين لو» من دخول البلاد لدى وصوله من هولندا فى (5 أغسطس 2013) وتم ترحيله إلى حيث أتى، تنفيذا لتعليمات جهاز الأمن الوطنى بوضع اسمه على قوائم الممنوعين من دخول البلاد.
فى تلك الأثناء، وأثناء إنهاء إجراءات جوازات ركاب الطائرة الهولندية القادمة من أمستردام، تقدم الألمانى سيفين لو، وهو متطرف معروف باسم «أبوآدم» لإنهاء إجراءات وصوله. وبوضع بيانات الألمانى المذكور على جهاز الحاسب الآلى الخاص بالجوازات، تبين وجود اسمه على قوائم الممنوعين من الدخول تنفيذا لقرار من الأمن الوطنى بوضع اسمه على القوائم وتم إبلاغ لو بالقرار واحتجازه بصالة الترانزيت لحين ترحيله إلى خارج البلاد.
فى مارس 2010 رصدنا اهتمام الصحف الألمانية بأخبار عن وجود خلية من الشباب الألمانى المنتمى لفكر السلفية الجهادية فى محافظة مرسى مطروح، كما أكدت نقلا عن مصادر بالمخابرات الألمانية هجرة 60 سلفياً ألمانياً إلى مصر، وأن غالبيتهم يتمركزون فى حى المندرة بمحافظة الإسكندرية. وهى الأخبار التى دفعت «تاكيس فورجر» المحقق بمجلة «دير شبيجل» كبرى المجلات الألمانية، إلى المجىء إلى مصر والبحث فى تلك الظاهرة.
«فورجر» وصف رحلته بالمثيرة، حيث بدأت منذ أن وطأت قدماه أرض مطار الإسكندرية.
كان «راث كامب»، 24 عاماً، فى انتظاره، واصطحبه هذا الشاب الألمانى ذو اللحية الطويلة ذات اللون الأحمر التى تشبه حلقة النار حول وجهه ذى الملامح الأوروبية، إلى منزله الكائن بحى المندرة.
وهناك فى أحد أركان المنزل، شرع «كامب» فى أداء صلاة الظهر، وما إن انتهى من صلاته حتى بدأ يحكى لـ«فورجر» ملابسات هجرته من ألمانيا وقدومه إلى مصر، وكيفية تحوله من المسيحية إلى الإسلام.
واستهل «كامب» حكايته مع السلفية حين قرر أن يتحول من المسيحية إلى الإسلام، بعد أن وجد الإسلام دينا سمحا يسعى لنشر السلام على الأرض، ولذلك قرر المجىء إلى الإسكندرية ليتعلم مبادئ الدين الإسلامى ولغة القرآن الكريم، بعيدا عن وطنه ألمانيا، التى ينظر مجتمعها بعين الريبة والتوجس من كل ما هو إسلامى، حتى إنهم يعتقدون أننى أخفى تحت ملابسى البسيطة المكونة من جلباب قصير، وبنطلون أبيض اللون حزاماً ناسفاً طوال الوقت!
وفى التحقيق وصف «فورجر» الجالية السلفية الألمانية فى الإسكندرية، بالمنظمة والمترابطة، موضحا أن «أبوآدم»- بوصفه قيادياً فى الجماعة- يقوم بتوفير حجرة فى مسكنه لكل مهاجر من ألمانيا، حتى يستطيع الأخير توفير مسكن خاص به، يصلح بيتا للزوجية، بعدما ينجح «أبوآدم» فى تزويجه من فتاة مسلمة ألمانية تأتى إليه فى الإسكندرية.
وأشار «فورجر» إلى أن هؤلاء السلفيين الألمان، جاءوا إلى مصر لمجرد أنهم يحسون بالاضطهاد فى ألمانيا، على خلفية اتهام العديد منهم بالضلوع فى عمليات إرهابية فى كل من ألمانيا وبريطانيا، لذا هربوا من ألمانيا إلى مصر وبالتأكيد لحقهم من يؤمنون بأفكارهم وأيديولوجيتهم.
وخلاصة ما طرحناه وتناولناه وحذرنا منه هو أن ألمانيا، كانت تخطط لهجرة كل المتطرفين الذين يهددون أمنها القومى إلى مصر، تحديداً إلى سيناء باتفاق مع تنظيم الإخوان الإرهابى.
ولعلنا نتذكر أن أبرز ما لفت نظرنا فى شبكتى التجسس التى نجحت المخابرات المصرية فى ضبطهما أبريل 2014 هو ذكر ألمانيا، ربما لأول مرة فى قضية تجسس أو تخابر!
وما عرفناه هو أن العناصر التى تم إلقاء القبض عليها كانوا يجمعون معلومات عن الأوضاع فى مصر خلال الفترة التى سبقت الانتخابات الرئاسية، وأنهم كانوا يقومون بتوصيلها أولاً بأول إلى مخابرات عدد من الدول الأجنبية، منها: الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإسرائيل.
عرفنا أيضاً أن الشبكتين اللتين بدأتا العمل فى مصر بناء على توصيات اجتماع، انعقد بألمانيا فى إحدى القواعد البحرية، فبراير 2014، وكان مخصصاً للتعامل مع الملف المصرى، وكيفية إدارته خلال الفترة التى تلت هذا التاريخ، وهو الاجتماع الذى ضم ممثلين لعدد من أجهزة المخابرات، وخلص إلى عدة توصيات، أهمها تأسيس شبكتين لجمع المعلومات الخاصة بالوضع الاقتصادى والأمنى والمزاج العام عند المصريين خلال فترة الانتخابات، لاتخاذ القرار المناسب بناء على تلك المعلومات، وضمان استمرار حالة الفوضى فى البلاد، من خلال عدة وسائل، منها التضييق الاقتصادى وتمويل جماعات إرهابية لمواصلة إجهاد قوات الجيش والشرطة، وضخ أكبر كمية من الأسلحة، وتنفيذ عمليات مختلفة لضرب السياحة.
شبكتا التجسس، ضمت الشبكة الأولى منهما 7 أعضاء، بينهم 3 مصريين، إضافة إلى 4 أجانب دخلوا البلاد كسائحين، واتخذوا من شقة بوسط القاهرة، مقراً لهم، وكانت مهمة هذه الشبكة إجراء استطلاعات للرأى العام ودراسة الحالة المزاجية للشعب المصرى، وجمع معلومات حول المقرات الأمنية والمعدات العسكرية ووحدات الجيش الموجودة فى محيط القاهرة الكبرى، وحركة البورصة وأسعار السلع المختلفة.
أما الشبكة الثانية فضمت 5 عناصر، وكانت مهمتها رصد أوضاع سيناء ومراقبة تحركات قوات الجيش والشرطة هناك، وجمع المعلومات الخاصة بأكمنة ووحدات قوات الأمن وحركة قناة السويس، وتمويل التجمعات الإرهابية، وتضم الشبكة عناصر من غزة ومنتمين للسلفية الجهادية، وجرت مداهمة المنزل الخاص بهم بجنوب الشيخ زويد، وعثر فيه على وسائل اتصالات متطورة.
وطبعا، لم يكن ممكنا إغفال ذكر ألمانيا كدولة يجرى التخابر لصالحها، فى ظل الصلات القوية التى تربط ألمانيا بالتنظيم الدولى للإخوان، رغم اعتراف السلطات الألمانية بخطورة التنظيم على أمنها القومى.. ورغم أن السلطات هناك تراقبهم.. إلا أنها لا تمنعهم.
وكان ذلك من المواقف الكاشفة لازدواجية ألمانيا فى التعامل مع جماعة الإخوان. إذ إن الحكومة الألمانية كانت ترفض تجاهلهم سياسياً وترى فيهم قوة سياسية فى الشارع العربى، وبدأت بالفعل فى فتح قنوات الاتصال بهم فى ألمانيا حتى قبل ثورة 25 يناير بحسب اعتراف وزير الخارجية السابق فيسترفيله نفسه.. بينما وعلى الجانب الآخر، ظلت السلطات الألمانية تتعامل معهم أمنياًً بحذر شديد وتراقب أنشطتهم بريبة.
مثلاً، يصف تقرير جهاز حماية الدستور فى ولاية بافاريا استراتيجية الإخوان بأنها مزدوجة «.. حيث يظهرون انفتاحا وتسامحاً واستعداداً للحوار والتعاون مع المؤسسات السياسية وصانعى القرار لكسب المزيد من التأثير فى الحياة العامة.. ولكن هدف الجماعة الرئيسى يبقى تأسيس نظام سياسى اجتماعى قائم على الشريعة الإسلامية يتولون هم فيه القيادة، كما أن مواقفهم عدائية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل واليهود وأصحاب الديانات الأخرى».. أما جهاز حماية الدستور فى ولاية سكسونيا السفلى فيقول إن هدف المنظمة هو الوصول للسلطة فى مصر وغيرها من الدول العربية وتأسيس دولة إسلامية كما أنها يمكن أن تستخدم العنف لذلك سبيلاً.
واللافت هنا اللهجة اللاذعة التى طالبت بها الجمعية الدولية لحقوق الإنسان فى فرانكفورت الاتحاد الأوروبى بمراجعة موقفه من جماعة الإخوان المسلمين، رغم انتقادها أيضاً لممارسات الشرطة المصرية.
كما وصفت الجمعية الألمانية الجماعة صراحة بأنها جماعة معادية للديمقراطية بل وصفتها بأنها منظمة إرهابية، نظرا لاستخدامها العنف وتشجيع أعضائها على استخدامه. ووصفت الجمعية فى بيان لها الإخوان بالجماعة الشمولية، وبأن نظام القيادة فيها هرمى صارم وهو ما كشفه الأعضاء المنشقون عنها الذين حذروا من خطورة الأيديولوجية الشمولية لها فى أثناء وجودها فى السلطة فى مصر.
********************
3
علينا حتى نرى الصورة كاملة أن نوضح عدداً من الحقائق أبرزها أن ألمانيا يعيش فيها أكثر من 3 ملايين مسلم، نحو 38 ألفاً منهم بما يعادل 1%، ينضوون تحت لواء الحركات الإسلامية بمختلف ألوانها، وأكبرها حركة «ميلى جيروش» التى تتبنى أفكار نجم الدين أربكان مؤسس حزب «الرفاة» التركى، ويبلغ عدد أعضائها 31 ألفاً، لكنها وإن كانت تلقى امتعاضاً بين الألمان عموماً فإن كثيرين يرون أنها لا تشكل تحدياً كبيراً أو تمثل مشكلة عويصة؛ لأن هذه الحركة تنبذ العنف والتطرف، وتندمج فى المجتمع الألمانى، وذلك على العكس من «جماعة دولة الخلافة» التركية أيضاًً، التى ترفع شعار «القرآن دستورنا» وتدعو للعودة إلى إقامة «الخلافة» الإسلامية من غانا إلى فرغانة، وترفض الديمقراطية، ولذا تم حظرها، لكن أفرادها موجودون فى ألمانيا، يحاولون أن يمارسوا عملهم فى سرية وتكتم.
أما عدد من ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين فى ألمانيا فيبلغ نحو 3 آلاف عضو تحت اسم «رابطة المسلمين فى ألمانيا» IGD وينشغلون بتصحيح المفاهيم الخاطئة عن دعوتهم وجماعتهم باعتبارها تجسد «الطريق الإسلامى الصائب» من وجهة نظرهم، وينتقدون أفكار وتصرفات السلفيين الألمان ويبتعدون عنهم بقدر الإمكان، وهم يؤكدون دوماً أنهم غير تابعين مباشرة للجماعة الأم، لكنهم يستقبلون قيادات إخوانية عربية، ولاسيما مصرية، ويجرون اجتماعات مستمرة معهم، ويحرصون على وصفها بأنها «اجتماعات تناقش قضايا عامة» لكن الحكومة الألمانية تضعهم تحت المراقبة الدائمة الناعمة، وفق ما قاله د. فارشيلد، ولديها معلومات يقينية أن هذه الاجتماعات لها علاقة بما يشغل «التنظيم الدولى للإخوان»، وأنها جزء لا يتجزأ منه.
والمدهش أيضاً هو أن تقرأ تقريرا صادرا عن مكتب المخابرات الألمانية BfV سنة 2012، يؤكد أن «الإخوان» فى ألمانيا يظهرون عداءً واضحاً لقوانين الدولة.
واستند تقرير المكتب - المعنى فى الأساس بحماية الدستور إلى أن عدد مجلة «الإسلام» الصادر فى فبراير، من العام نفسه، يبين بوضوح كيف أن «الإخوان الألمان» يرفضون مفهوم الدولة العلمانية، إذ يقول: «إن المسلمين لا يمكن أن يرتضوا، على المدى الطويل، قوانين الأسرة وقانون الملكية العقارية وقانون المحاكمات الألمانية.. يجب أن يتوجه المسلمون إلى إجراء اتفاق بينهم وبين الدولة الألمانية من أجل سلطة قضائية منفصلة للمسلمين».
وذكر التقرير: «خلال السنة الماضية (2012)، شهدت المنظمات الإسلامية فى ألمانيا، تصاعدا فى الدعم.. وأن عدد أعضاء ومؤيدى جماعات مثل (رؤيا الملة) التركية - وهى أكبر منظمة إسلامية فى البلاد، وتتداخل بشكل لصيق مع تنظيم «الإخوان» الدولى - أو (حزب الله) فى ألمانيا ارتفع من 38080 نسمة فى العام 2011م، إلى 42550 نسمة فى العام الماضى.. كما شهدت البلاد نمواً ملحوظاً بين أعضاء وأنصار التيار السلفى، إذ ارتفع عددهم من 3800 إلى 4500.. ما دفع وزير الداخلية الألمانى «هانز بيتر فريدريش»، لحظر ثلاث من هذه الجماعات.
قبل سنوات من تولى جماعة الإخوان السلطة فى مصر سلط الإعلام الألمانى الضوء بشكل غير معتاد على الجماعة ونشأتها وعلاقتها بألمانيا وكان ذلك بعد أن عرضت القناة الأولى الرسمية فى التليفزيون الألمانى فيلما وثائقيا عن الإخوان استغرق إعداده أربع سنوات من الصحفى البارز شتيفان مايننج.
الفيلم حمل عنوان «بين الهلال والصليب المعقوف - التحالف المريب بين المتطرفين الإسلاميين والنازيين السابقين» وأثار ضجة كبيرة؛ حيث ربط تاريخياً بين النازية والأصولية الإسلامية، وركز بشكل خاص على تأسيس الإخوان لمسجدهم فى مدينة ميونيخ جنوب ألمانيا منذ نصف قرن واتخاذه مركزا لنشر فكر الإسلام السياسى وأيديولوجية الإخوان فى ألمانيا وبقية الدول الأوروبية.
من الفيلم عرفنا أنه أثناء احتفالات عيد الميلاد فى عام 1958 سمح قسيس كنيسة سان باول فى ميونيخ لمجموعة من 86 مسلماً بأداء صلاة الجمعة فى قاعة ملحقة بالكنيسة وبعد انتهاء الصلاة اجتمع المصلون لبحث بناء مسجد ومركز إسلامى كبير خاص بهم فى المدينة. ولم يحظ الخبر باهتمام الصحافة المحلية رغم أن هذا الاجتماع كان تاريخياً!
كانت أول مرة يجتمع فيها مسلمون من جنسيات مختلفة على أرض ألمانية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية للتخطيط لبناء مسجد فى أوروبا الغربية، وبالنظر للدور الذى لعبه هذا المركز فيما بعد فإنه يمكن وصف هذا الاجتماع بأنه أول نشاط لتيار الإسلام السياسى على ارض أوروبا. وقد أطلقت هذه المجموعة على نفسها اعتبارا من عام 1960 اسم «لجنة بناء المسجد».
ووصف الفيلم مسجد ميونيخ بأن الإخوان المسلمين استخدموه بعد ذلك كرأس جسر لنشر مشروعهم الإسلامى فى أوروبا.. وفى ذلك الوقت فى نهاية الخمسينات لم يكن عدد المسلمين فى ألمانيا يتجاوز بضعة آلاف أغلبهم من قارة آسيا وشرق أوروبا ممن شاركوا أثناء الحرب العالمية تطوعا فى صفوف جيوش ألمانيا النازية وحاربوا ضد روسيا ولذلك لم يتمكنوا من العودة لبلادهم التى رزحت تحت الحكم الشيوعى بعد الحرب فبقوا فى ألمانيا.
ويشير الفيلم إلى أن هذه الجالية المسلمة متنوعة الجنسيات أصبحت ورقة تستغلها المخابرات الأمريكية وحكومة كونراد اديناور الألمانية الغربية للهجوم على الاتحاد السوفييتى وانتقاد ممارساته فى بلادهم مقابل تقديم الدعم المادى لهم واللوجيستى أيضاً وتسهيل مهمتهم فى إنشاء المسجد الكبير. ونشير إلى أن لجنة بناء المسجد دعت القيادى الإخوانى سعيد رمضان الذى أنهى للتو دراسته للدكتوراه فى كولونيا لحضور الاجتماع وكان يشغل منصب سكرتير عام المؤتمر الإسلامى العالمى، وتمكن رمضان من كسب ثقة المسلمين وتم انتخابه رئيسا للجنة لتبدأ سيطرة الإخوان على مسجد ميونيخ من خلال أعضاء التنظيم الذين يدرسون فى ألمانيا.
يمكن الإشارة هنا إلى أن عقدى الخمسينات والستينات من القرن الماضى شهد هجرة عدد كبير من أعضاء الجماعة لألمانيا للدراسة فى الجامعات الألمانية غير أن السبب الرئيسى لقدومهم كان الخوف من الملاحقة من قبل نظام الرئيس جمال عبدالناصر الذى حاولت الجماعة اغتياله. وسهل قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وألمانيا الغربية بسبب اعتراف مصر بألمانيا الشرقية الشيوعية، سهل على أعضاء الجماعة الحصول على الدعم المطلوب فى ألمانيا الغربية.
الفيلم الوثائقى وصف المسجد والمركز الإسلامى فى ميونيخ الذى تم افتتاحه عام 1973 بأنه حجر الأساس للتجمع الإسلامى فى ألمانيا أو فرع جماعة الإخوان فى ألمانيا. ويتطرق الفيلم إلى الكثير من العلاقات المريبة للمشرفين على هذا المسجد بنازيين سابقين أو بمنظمات إرهابية كالقاعدة. على سبيل المثال التركى نورالدين نمانجانى، نائب سعيد رمضان فى لجنة بناء المسجد، الذى كان جندياً فى الجيش النازى وشارك فى مذبحة فى وارسو، ولكن الحكومة الألمانية الغربية دعمته رغم ذلك. أو محمود أبوحليمة الذى شارك فى الاعتداءات على مركز التجارة العالمى فى نيويورك عام 1993 والذى كان يتردد على المسجد فى الثمانينات أو غالب همت الذى ترأس التجمع الإسلامى فى ألمانيا من 1973 وحتى عام 2002 وساهم فى تأسيس بنك التقوى مع كل من القرضاوى ويوسف ندا. وقد وجهت لغالب همت وندا أصابع الاتهام بدعم أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة من خلال شبكة الشركات والبنوك فى واحات التهرب الضريبى. وصولا إلى إبراهيم الزيات الذى تسلم رئاسة التجمع الإسلامى أو فرع الإخوان من غالب همت عام 2002 والذى وصفه رئيس جهاز حماية الدستور فى ولاية شمال الراين وستفاليا الألمانية بالعنكبوت الذى يتمركز فى شبكة من الاتحادات والمراكز الإسلامية بالغة الخطورة.
من اللافت أيضاً والذى سبق أن أشرنا إليه هو أنه فى 20 مارس 2009، ألقت الشرطة الألمانية القبض على إبراهيم الزيات، فى مدينة ميونيخ، وكان يرأس كياناً عنوانه «الجمعية الإسلامية»، وعرفنا وقتها أنه هو المسئول المالى للتنظيم الدولى للجماعة فى أوروبا وأنه من القيادات المهمة للتنظيم.
ووقتها، كشفت الصحف الألمانية أن «المدعى العام» فى مدينة ميونيخ، بدأ تحقيقاً مع بعض قيادات اتحادات إسلامية بينهم إبراهيم الزيات، وخمسة أشخاص آخرين، وقالت إن هذه المجموعة متهمة بالحصول على أموال بطرق غير مشروعة، مثل الدعوة للتبرع بأموال لبناء مساجد، وتجارة العقارات والأراضى، واستخدامها لأغراض سياسية.
وقتها أيضاً، وصف مكتب إرشاد جماعة الإخوان إلقاء القبض على الزيات وعدد من الإسلاميين فى أوروبا وخاصة ألمانيا، بأنه يرتبط بحملات التحريض الصهيونية التى تستهدف فى الأساس نشاط الجمعيات الدعوية والخيرية الإسلامية. وأكد أن نشاط الجمعيات فى تلك المنطقة، كله دعوى، ونشاطهم يتم وفقاً للقوانين المنظمة هناك.
والزيات كان هاربا من تنفيذ عقوبة السجن عشر سنوات من المحكمة العسكرية.. صدر غيابياً ضده مع خيرت الشاطر فى 2006 ورغم ذلك، استبعد مكتب الإرشاد وقتها قيام ألمانيا بتسليم الزيات لمصر، لأن الحكم الصادر ضده من القضاء العسكرى، وهو ما لا تعترف به الحكومة الألمانية. وفى 2012 أصدر الرئيس المعزول عفوا عاماً عنه.
إبراهيم الزيات هو أشهر قيادات الإخوان فى ألمانيا، رغم أنه ينفى تماما عضويته فى التنظيم الدولى للإخوان أو علاقته بالإخوان إلا أن السلطات الألمانية تعتبره ممثل الإخوان فى ألمانيا. والزيات ألمانى الجنسية من أب مصرى كان يعمل إماما وأم ألمانية وهو متزوج من ابنة شقيقة نجم الدين أربكان رئيس وزراء تركيا الأسبق الذى حقق مكاسب كبيرة لتيار الإسلام السياسى هناك.
والزيات رجل أعمال من أكبر ذوى النفوذ فى المنظمات الإسلامية بألمانيا، ويقوم بإدارة نحو 600 مسجد ومركز تابع للمنظمة فى ألمانيا وأوروبا، ويمثل مجموعة «ميلى جوروش» لتجارة العقارات والأراضى، كما يدير عددا من الشركات التركية والألمانية وهو أحد مؤسسى المجلس الأعلى للمسلمين فى ألمانيا ومسئول أوقاف منظمة ميلى جوروش التركية التى تراقبها أجهزة الأمن الألمانية وتعتبرها خطرا على النظام الديمقراطى فى البلاد.
وفى عام 1997 أسس «الزيات» شركته «إس إل أم» للاستشارات والتمويل والتى تقوم بشراء الأراضى لبناء المساجد وتقدم الدعم والاستشارات للمركز الإسلامى للحصول على تراخيص البناء والتمويل كما أنه وسيط عقارات لشخصيات ورجال أعمال ومستثمرين عرب، وفقا لما قاله لورنزو فيدينو فى كتابه «غزو الإخوان المسلمين لأوروبا» وما تنشره العديد من الصحف الألمانية.
ومؤخراًً.. حذر تقرير «محلى» لشرطة مدينة «ميكينهايم» الألمانية من وجود صلات غير مطمئنة لـ«الزيّات»، والعديد من التنظيمات المتشددة بألمانيا.
وربطت شرطة «ميكينهايم» بين الزيات و«المعهد الأوروبى للعلوم الإنسانية»، وهو معهد فرنسى لإعداد الأئمة الأوروبيين.. إلا أن تقارير وكالات المخابرات الألمانية ترى أنه «مفرخة» للعديد من رجال الدين المتطرفين.. وتشير وكالة (BND) للاستخبارات الخارجية إلى ارتباط اسمه بعدد من القضايا الخاصة بعمليات «غسل الأموال».
وإذا كنا لا ندرى إلى أى مدى وصلت معلومات «المخابرات الألمانية».. إلا أننا نرى أن ارتباط «الزيات» بالمعهد، طبيعى.. ويتماشى وسياق الشبكة العامة التى شكلها تنظيم «الإخوان» داخل أوروبا!!.. فالمعهد نشأ برعاية «اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا» التابع لاتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا (مقر أمانة لندن بتنظيم الإخوان الدولى)، ويخضع لإشراف مباشر من الداعية، ذى الأصول التونسية «أحمد جاب الله».. كما أن «صبيحة أربكان» –زوجة الزيات– عنصر بارز بـ«مركز دراسات المرأة»، التابع للمعهد.
وتأسس المعهد فى بادئ الأمر خلال العام 1992م، بالتوازى مع إدارة «اتحاد المنظمات» لعدد من المساجد والمدارس، والمخيمات الشبابية، الموزعة بين أنحاء فرنسا.. وكثير من دروسه تعطى عن طريق المراسلة، إذ يسعى الاتحاد من خلال «معهده» لتكوين الأئمّة بما يتفق وفهم الجماعة للإسلام!
ويضم المعهد قسماً لـ«أصول الدين»، وآخر لـ«الشريعة الإسلامية».. ويحتوى على 12 غرفة ومكتبة، وقاعتين للمطالعة وتسع قاعات للدراسة.. ومن أشهر المترددين عليه، كذلك –إلى جانب الزيات- «طارق رمضان»، ابن سعيد رمضان، الذى يحمل الجنسية السويسرية، ويعد أحد الفاعلين البارزين بـ«التجمع الإسلامى فى ألمانيا».
وعقب تفجير «أمن الدولة» فى مصر، لقضية «التنظيم الدولى» سنة 2009، كان أن نصت مذكرة تحريات المباحث، عندما تعرضت للحديث عن «اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا» –أمانة لندن، التى باتت محل رصد أجهزة المخابرات الدولية، مؤخراًً– على الآتى: «يتفرع من اتحاد المنظمات الإسلامية» المركز الإسلامى فى فرانكفورت بألمانيا، والمركز الإسلامى بالسويد، ومكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامى فى أوروبا، الذى يتولى الإشراف عليه إبراهيم الزيات.
والمركز الإسلامى فى ميونيخ هو أحد أهم الأعضاء فى الجمعية الإسلامية فى ألمانيا، التى تمثل الفرع الرئيسى للإخوان المصريين فى ألمانيا.. الجمعية تنامت بشكل لافت عبر السنين وتتعاون الآن مع عدد كبير من التنظيمات الإسلامية فى البلاد. واندرج تحت مظلتها مراكز إسلامية من أكثر من ثلاثين مدينة ألمانية، وتكمن القوة الحقيقية للجمعية اليوم فى تنسيقها مع وإشرافها على عدد من المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية فى ألمانيا.
وجاء التركيز على الشباب بعد وصول إبراهيم الزيات إلى رئاسة الجمعية. فقد أدرك أهمية التركيز على الجيل الثانى من المسلمين الألمان وأطلق حملات تجنيد لتنظيم المسلمين الشباب فى المنظمات الإسلامية، إلا أن تقريراً لشرطة ميكينهايم عن الزيّات يكشف عن صلات تُنذر بشر، والسلطات الألمانية تقول علناً إنه عضو فى تنظيم الإخوان المسلمين، كما تربطه بالمجلس العالمى للشباب المسلم (....).. وللمجلس العالمى للشباب المسلم، الذى يتظلل بغطاء رابطة مسلمى العالم، هدف ثابت فى «تسليح الشباب المسلم بالثقة الكاملة فى تفوق النظام الإسلامى على الأنظمة الأخرى».. وهو أكبر منظمة للشباب المسلمين فى العالم وله أن يتباهى بموارد لا نظير لها.
وسنة 1991 أصدر المجلس كتاباً بعنوان: توجيهات إسلامية، جاء فيه «لنربِ أطفالنا على حب الانتقام من اليهود والطغاة، ولنعلمهم أن شبابنا سيحررون فلسطين والقدس عندما يعودون إلى الإسلام ويقومون بالجهاد فى سبيل الله».. والعاطفة فى كتاب «توجيهات إسلامية» هى القاعدة وليست الاستثناء. كما تغص منشورات المجلس الكثيرة بخطابات قوية معادية للسامية وللمسيحية.
أما ما أثار أعظم شكوك السلطات الألمانية، من بين كل النشاطات المالية للزيات، هو تعاونه مع رسميين يزعمون أنهم يدافعون عن حقوق السكان الأتراك المهاجرين فى ألمانيا، بإعطائهم صوتاً فى ميدان السياسة الديمقراطية وفى الوقت ذاته «تحافظ على هويتهم الإسلامية»، بيد أن لرؤيا الملة أجندة أخرى، ففى وقت تعلن فيه على الملأ اهتمامها بالحوار الديمقراطى ورغبتها فى رؤية المهاجرين الأتراك مندمجين فى المجتمعات الأوروبية، عبّرَ بعض زعماء رؤيا الملة عن ازدرائهم للديمقراطية والقيم الغربية، فقد نقلت دائرة حماية الدستور الألمانى تحذيراً من نشاطات رؤيا الملة، واصفة الجماعة فى تقاريرها السنوية بـ«منظمة من المتطرفين الأجانب». كما أوردت الدائرة فى تقريرها أنه «رغم ادعاء رؤيا الملة فى تصريحاتها العلنية دعمها للمبادئ الأساسية للديمقراطيات الغربية، فإن إلغاء نظام الحكم العلمانى فى تركيا وإنشاء دولة ونظام حكم إسلاميين، كما كان الحال سابقاً، هو من بين أهدافها».. وتاريخ رؤيا الملة وحده يشير إلى السبب فى وجوب اعتباره تنظيماً متطرفاً. فرئيس الوزراء التركى السابق، نجم الدين أربكان، الذى حُظر حزبه، حزب الرفاه، بقرار من المحكمة الدستورية التركية فى نوفمبر 1998 بسبب «نشاطات له ضد النظام العلمانى فى البلاد» مازال الزعيم الأوحد لتنظيم رؤيا الملة، حتى مع وجود ابن أخيه محمد صبرى أربكان فى رئاسته.
******************
4
ونعود إلى 20 مارس 2009 حين وجه المدعى العام الألمانى عددا من التهم إلى كل من أوزجور أوجونجو، الأمين العام الجديد لمنظمة (مللى جورش) الإسلامية وإبراهيم الزيات، رئيس الجمعية الإسلامية فى ألمانيا، ومازيك آيمان، الأمين العام لمجلس المسلمين فى ألمانيا، وجه لهم تهماً تتعلق بالفساد المالى والتطرف الدينى ومخالفة القوانين السائدة.. وقبل توجيه هذه التهم لهؤلاء القادة الإسلاميين اقتحمت الشرطة الألمانية مكاتبهم وبيوتهم وعثرت على أدلة دامغة تدين المتهمين. وفى مؤتمر صحفى أشار المدعى العام الألمانى إلى أن المبالغ التى حصلت عليها هذه المنظمات من خزينة الدولة والتى تقدر بنصف مليون يورو، تقدم عادة كمساعدات سنوية لمنظمات النفع العام، فضلاً عن التبرعات التى تجمعها هذه المنظمات لم تصرف بالشكل المطلوب، قسم كبير منها يقدر بثلاثة ملايين يورو حل فى الجيوب الخاصة بهؤلاء القادة فى عام 2008 والقسم الآخر تم إرساله عن طريق أشخاص وليس حوالات مصرفية إلى منظمات متطرفة فى العراق وأفغانستان وغزة ومصر وباكستان، أما المبالغ المختلسة فقد صرفها هؤلاء المتهمون على شراء المبانى السكنية والسياحية فى ألمانيا وتركيا ومصر.
فى كتابها الصادر حديثا بعنوان «الإخوان المسلمون - استراتيجيتهم السرية وشبكتهم العالمية» أوضحت الصحفية النمساوية «بيترا رامساور» أن الجماعة استغلت المركز الإسلامى فى ميونيخ كنقطة انطلاق لنشر أيديولوجيتها فى دول أوروبا الأخرى، مستفيدة فى ذلك من الحرية الكبيرة التى يمنحها قانون الجمعيات الأهلية فى ألمانيا لمثل هذه الأنشطة وفى الوقت نفسه مراقبة السلطات الألمانية للجماعة وعدم تصنيفها كجماعة إرهابية.
تخلص رامساور بعد بحث مضن ولقاءات سرية بقيادات الجماعة فى ألمانيا وأوروبا اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم، إلى أن الإخوان المسلمين جماعة غامضة من الصعب اختراقها تملك فروعا فى 79 دولة وفرعها فى ألمانيا (التجمع الإسلامى) يضم نحو 1900 عضو غير أن أعداد الداعمين لها والمتعاطفين معها أضعاف ذلك.
وانتهت «رامساور» فى كتابها إلى أن الجماعة بدأت فى تغيير استراتيجيتها وخاصة فى أوروبا، فهى تريد تحسين صورتها فى ألمانيا وأوروبا وتركز فى هذه المهمة على الأخوات ودور المرأة بشكل خاص. حيث يتم تأهيل النساء الآن للعمل الإعلامى ولدور أكبر من ترتيب الزيجات والعمل الخيرى والاجتماعى وذلك بالسماح لهن بتولى المناصب القيادية وعضوية مجالس شورى الجماعة كما فى تونس وسوريا وليبيا.
وأشارت «رامساور» إلى أن الاستراتيجية الجديدة تهدف لتعويض غياب القيادات من الرجال فى السجون ولتحسين صورة الجماعة فى الغرب والرهان على أن السلطات فى الدول العربية لن تتعامل بقسوة مع النساء.
*********************
5
أعتقد أن الصورة باتت شديدة الوضوح الآن.
وغير كل ما سبق، هناك أيضاً موقف «نوبرت لامرت»، رئيس البرلمان الألمانى (البوندستاج)، الذى أعلن بشكل لا يخلو من «فجاجة» أنه لن يلتقى الرئيس عبدالفتاح السيسى إذا ما زار ألمانيا بسبب ما وصفه بتراجع ملف حقوق الإنسان وزيادة القمع ضد المعارضين وهو الموقف الذى لم نشك وقت الإعلان عنه فى أنه يأتى دعما لتنظيم الإخوان ورداً على الأحكام التى صدرت ضد قيادات التنظيم.. وقد فندناه وقتها، وكشفنا كم المغالطات والأكاذيب التى لا نعتقد أنه استقاها من مصدر آخر غير تنظيم الإخوان.. وبهذا التفسير أمكننا فهم واستيعاب ادعائه الخاطئ بأن مجلس الشعب المصرى تم حله منذ عامين بعد ثورة 30 يونيو 2013، وأنه تم اعتقال رئيسه سعد الكتاتنى، رغم أن الثابت والمؤكد هو أن مجلس الشعب المشار إليه تم حله فى عام 2012 بناء على دعوى قضائية تم رفعها وأن المحكمة الدستورية العليا قضت بحله لعدم دستورية قانون الانتخابات بسبب عدم المساواة بين المرشحين.
هناك أيضاً زعمه بأن وقائع قضيتى التخابر واقتحام السجون المتهم فيها محمد مرسى وسعد الكتاتنى قد بدأت بعد ٣٠ يونيو رغم أن القضية بدأت فى عهد جماعة الإخوان فى عام 2013 عندما قضت محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية بإحالة أوراق إحدى القضايا التى كانت تنظر فيها بشأن اقتحام سجن وادى النطرون إلى النيابة العامة لإجراء التحقيقات حول أدلة على تورط جهات خارجية مع جماعة الإخوان الإرهابية فى اقتحام السجون والقتل العمد للعشرات من المسجونين وضباط وجنود الشرطة.
ونضيف إلى ذلك، زعمه بوجود 40 ألف شخص معتقل فى السجون المصرية لأسباب سياسية، الأمر الذى يكشف بوضوح أنه استقى معلوماته إما من عناصر تابعة لتنظيم الإخوان أو من منظمات يستخدمها التنظيم للترويج لمثل هذه الأكاذيب.
كانت تلك الأمثلة، كافية وزيادة لنقول إن موقف رئيس «البوندستاج»، يمكن اعتباره نجاحا جديداً لجناح التنظيم الدولى للإخوان فى برلين والذى سبق له القيام بحملات تشويه للنظام المصرى فى عهد مبارك، كما حدث فى انتخابات 2005 والتى أسفرت عن اتفاق بين النظام والإخوان فى دخول الانتخابات والحصول على نسبة 20% بحسب الاتفاق ولكن فازت الجماعة بثلث مقاعد البرلمان من نتائج الانتخابات.
موقف رئيس البوندستاج كشف أيضاً نجاح الآليات التى تملكها قيادات التنظيم فى الخارج فى التفاوض مع الغرب وربما يمكن وفق هذا السياق رصد التغيرات التى تطرأ بين حين وآخر على مواقف سياسيين كبار فى عدة دول بينها ألمانيا والولايات المتحدة والدانمارك والسويد وإيطاليا وغيرها من الدول وهى الشخصيات التى لا تتوقف عن المطالبة بالإفراج عن مرسى وقيادات إخوانية أخرى.
بهذا الشكل، يمكننا أن نقول إن السحر انقلب على الساحر، وإن تجنيد العرب والأجانب الذى كان الهدف منه احتلال دول المنطقة (وبينها مصر) تحت لافتة داعش، أتى بنتائج عكسية، ونشير هنا إلى أن كل أجهزة المخابرات العالمية كانت تتابع تدفق الإرهابيين من مختلف الجنسيات، ولم تتدخل لمنعها من دول المنبع، باستثناءات قليلة.. وهناك ما يؤكد أن أجهزة مخابرات «بعينها» دعمت الإرهابيين وقامت بتسهيل وصولها اعتقادا بأن ذلك سيساعد فى تنفيذ المخطط المعروف باسم الربيع العربى إضافة إلى أن تكتل الجماعات الإرهابية فى مكان واحد يساعد على مراقبتها وإبعاد خطرها عن أوروبا والولايات المتحدة!
بين يدى الآن، مثلاًً، تقرير لمركز «سوفان جروب» الأمريكى، يوضح أن عدد المقاتلين الأجانب فى سوريا وصل إلى 12 ألف مقاتل، جاءوا من 81 دولة، وهو العدد الذى يزيد عن عدد «الأجانب» الذين حاربوا فى أفغانستان خلال حربها مع الاتحاد السوفييتى، التى استمرت 10 سنوات!
جاء بالتقرير أن التونسيين يتصدرون عدد الإرهابيين الأجانب بـ3 آلاف وكذلك الحال بالنسبة للسعوديين ويليهم المغاربة بــ1500 والجزائريون بــ200.
هناك أيضاً إرهابيون من الجنسيات غير العربية، فمن روسيا الاتحادية 800 ومن فرنسا 700، ومن بريطانيا 400، ومن تركيا 400، من استراليا 150، ومن الدانمارك 100، ومن الولايات المتحدة 70.
وفى التقرير أن عدد المقاتلين الألمان فى سوريا يقدرون بنحو 320 شخصا تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 عاماًً وتمثل نسبة النساء 10%، وكذلك الحال بالنسبة للتقارير الخاصة بالمقاتلين من الدول المغربية وتحديداًً تونس والمغرب والجزائر.
الأخطر هو أن الأرقام فى تزايد، والتجنيد مستمر فى العالم العربى وفى كل دول العالم، وقد يستوقفنا ما ذكرته صحيفة ديلى ميل البريطانية عن قيام السعودى محمد العريفى بتجنيد الشباب البريطانى للمشاركة فى الجهاد الإسلامى فى العراق وسوريا، الذى يديره داعش.
مع الوضع فى الاعتبار أنه ثبت بشكل قاطع أن هناك شبكات خاصة تقوم بتسفير الشباب إلى بؤر القتال لخدمة أغراض دولية، وفى تونس مثلاً تم إلقاء القبض على 293 متورطاً فى أنشطة إحدى هذه الشبكات!
نشاط هذه الشبكات يتركز فى الأساس على «المهمشين»، وأصحاب السوابق الإجرامية، لسهولة إقناعهم بالتطرف كمنهج حياة، وبانضمامهم إلى التنظيم يتطهرون فى نظرهم، ومن جهة أخرى يحققون نوعاً من الفاعلية وإثبات الوجود.
هذه الشبكات لا تعمل من نفسها، بل بتوجيهات وتكليفات من أجهزة مخابرات دول كبرى بينها المخابرات المركزية الأمريكية والدول التابعة والحليفة لها وفى مقدمتها ألمانيا وتركيا وإيران وقطر وإسرائيل!
ليس ذلك تخمينا أو استنتاجاً لكنه ثابت ومؤكد وهناك تفاصيل أخرى كثيرة ومهمة فى كتاب «القوى الظلامية» للكاتب كينيث تيمرمان الذى كشف أن دعم الغرب لتنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية يتم بطرق مبتكرة، للتخلص أو للإفلات من الرقابة البرلمانية ويكفى أن تعرف مثلاً أن التنظيمات الإرهابية حصلت على ما يزيد على مليار و250 مليون دولار على هيئة فدية مقابل إطلاق سراح أوروبيين وأمريكيين تم اختطافهم منذ 2008، وكانت حصيلة العام الماضى فقط 660 مليون دولار.
وغير استخدام حيلة دفع الفدية، أحيانا تتحايل الحكومات على الأمر بالتظاهر بأن ما تدفعه هو مساعدة مادية لتطوير البلاد، وهو ما كشفته جريدة «نيويورك تايمز» من خلال لقاءات أجرتها مع محتجزين سابقين عند تنظيم القاعدة، ومفاوضين، ودبلوماسيين ومسئولين حكوميين، من 10 دول أوروبية وأفريقية وشرق أوسطية مختلفة.
وأشارت الجريدة الأمريكية إلى حادثة اختطاف فى مالى عام 2009، لمجموعة من السياح كانوا عائدين من النيجر، وكان بينهم ألمانية وزوجان سويسريان وبريطانى يدعى إدوين داير (61 عاماًً)، وكالعادة، رفضت بريطانيا دفع الفدية فيما قبلت الدول الأخرى، ما أسفر عن رسالة بثها تنظيم القاعدة فى 31 مايو 2009، أعلن فيها عن قتله المواطن البريطانى، وعاد مواطنو الدول الأخرى سالمين إلى بلادهم!
ما حدث ويحدث وما سوف يحدث يؤكد أن كرة الإرهاب أصبحت فى ملعب الغرب!
ولا نشك فى أن كرة الإرهاب غادرت الملعب الأوروبى أصلا منذ أن بدأ الإرهاب يضرب هناك قبل أعوام.
ولا يختلف المشهد فى ميونيخ عن سابقاته فى المدن والمناطق التى ضربها الإرهاب فى وقت سابق ولم تعد هناك جدوى لـ«الجرعات التخديرية» لتلك الدول فى جسد المجتمع الدولى عند كل حادث إرهابى بهدف امتصاص غضب الشارع واحتواء ردود الأفعال وتشتيت الانتباه ولفت الأنظار عن الخطر الحقيقى للإرهاب والاستراتيجيات المغيبة لمحاربته حتى إشعار آخر أو حتى تتحقق المكاسب والطموحات والمشروعات والخطط الاستعمارية، بعيدا عن مصلحة الشعوب وبغض النظر عن الأثمان الباهظة التى سيتم دفعها حتى تتحقق تلك الخطط والمشروعات التى بدت فى مجملها مجرد أوهام توجهها وتحكمها الرغبات والأحلام الاستعمارية التى تسيطر على مجمل العقل الغربى.‏
والمفارقة هى أن الإجراءات التى يتم عادة الإعلان عنها على لسان هذا الرئيس أو ذاك باتت معروفة، فهى لم تتغير فى عناوينها وتفاصيلها، ولم تؤد حتى اللحظة إلى وقف تقدم الإرهاب ولا حتى إلى وقف تمدده ووصوله إلى العمق الأوروبى، وما يزيد الطين بلة هو ذلك الإصرار الغربى على المضى قدما فى سياسات دعم الإرهاب واحتضانه بشكل أعمى وغير مسئول.
لطالما حذرت الدولة السورية مرارا وتكرارا ان كرة الإرهاب تتدحرج بسرعة مفرطة وأن الإرهاب بات ظاهرة عالمية بعد تمدده وانتشاره فى مختلف الاتجاهات، وهذا يفرض على جميع دول العالم وخاصة الدول التى تدعمه وتحتضنه وتدافع عنه، اتخاذ إجراءات أكثر جدية وفاعلية، والأهم أكثر مصداقية لمحاربته ومكافحته، وهذا لا يكون إلا بوضع استراتيجيات واضحة ومعلنة وملزمة للجميع لمحاربته، بعيدا عن الزيف والخداع والمراهنة على ذلك الوحش الذى يواصل إجرامه بما يشبه فيلم رعب يتنقل من مكان إلى مكان بجواز سفر أمريكى أو أوروبى يسهل له الحركة والتنقل ويتيح له الدخول إلى المكان الذى يريده فى الوقت الذى يريده وبالكيفية أو الطريقة التى يريدها.‏
العالم اليوم فى أمس الحاجة إلى إجراءات فاعلة وحقيقية تقتلع الإرهاب من جذوره وذلك لن يكون إلا برفع اليد عن دعمه واحتضانه، ومن ثم التعاون مع مصر لمحاربته واجتثاثه، وهى الدولة التى أثبتت أنها الأقدر على محاربته وأنها ذات خبرة واسعة فى مكافحته والقضاء عليه.‏
وفى هذا السياق لم يعد مقبولاً بعد الآن من جميع الأطراف التى أصبحت جميعها، دون استثناء، هدفا واضحا ومعلنا للإرهاب أن تختبئ خلف التصريحات والشعارات الرنانة والإجراءات السطحية والفارغة التى لا تحقق أية فائدة أو نتيجة على الأرض سوى أنها مجرد جرعة تخديرية، أو مسكّن يخفف الألم قليلاً بينما الإرهاب يكبر وينمو ويتضاعف خطره بشكل يفوق كل التوقعات والحدود والخطوط التى ظن داعموه أنه لن يجرؤ على تخطيها وتجاوزها.‏
الآن، أصبح «على الغرب أن ينتبه لما يدور فى العالم، وخريطة التطرف التى تنمو وتزدهر. هذه الخريطة ستمسكم لا محالة».
وما بين التنصيص هو ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى لوكالة «رويترز» فى 15 مايو 2014 ويبدو أننا نحتاج إلى تكراره فى اليوم مائة مرة!