ياسر بركات يكتب عن: الصفقات المعلنة والخفية فى زيارة «نتنياهو» للدول الأفريقية
كان اللعب مستتراً.. والآن أصبح ع المكشوف
العيون مفتوحة وترصد منذ سنوات وسنوات كل خطوات إسرائيل للتغلغل فى أفريقيا، وكل فعل إسرائيلى يسبقه فعل مصرى، لا ينتظر أن يكون رد فعل.
من هنا كانت دهشتنا من حالة التهويل التى تعاملت بها بعض الصحف العربية والأجنبية مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى لعدد من الدول الأفريقية، وهى الزيارة التى بدأها «نتنياهو» يوم الاثنين من أوغندا ثم زار كينيا الثلاثاء ورواندا الأربعاء واختتمها يوم الخميس بإثيوبيا، والتقى أثناء وجوده فى أوغندا بقادة دول أفريقية أخرى هى جنوب السودان وتنزانيا وزامبيا.
حالة التهويل، بدت كما لو كانت العلاقات الإسرائيلية بتلك الدول وليدة اللحظة أو كانت سراً طوال السنوات الكثيرة الماضية، وفى مقابل تهويل الأضرار التى قد تلحق بنا، كانت هناك حالة استهانة بالدور الذى تلعبه إسرائيل فى دول أفريقيا، ومحاولاتها المستمرة لتعظيمه لتحقيق أكبر استفادة لصالحها وإلحاق أكبر ضرر يمكنها إلحاقه بنا!
...............
ماذا يفعل نتنياهو فى أفريقيا؟
السؤال طرحه الكاتب بيتر فام فى مقال نشرته مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، تناول فيه الأهداف الكامنة وراء جولة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى أفريقيا التى زار خلالها عدداً من الدول الأفريقية والتقى عدداً آخر من زعمائها، هو ما اعتبره «فام» محاولة للعودة إلى أفريقيا بعد انقطاع العلاقات مع القارة منذ زمن بعيد.
بيتر فام، المتخصص فى شئون أفريقيا لدى مجموعة الأبحاث أتلانتيك، أوضح فى المقال أن إسرائيل ستقوم بمساعدة كينيا على بناء جدار بطول 708 كلم تقريباً على طول الحدود مع الصومال، وذلك لمنع حركة «الشباب المجاهدين» والميليشيات المسلحة الأخرى من عبور الحدود.
وأضاف أن نتنياهو هو القائد الإسرائيلى الثانى الذى يقوم بزيارة تاريخية لأفريقيا بعد تلك التى قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إسحاق رابين للمغرب للقاء الملك المغربى الراحل الحسن الثانى عام 1993.
وقال بيتر فام إنه بالرغم من أن التغطية الإعلامية لجولة نتنياهو الأفريقية ركزت على مراسم استقباله فى عنتيبى بأوغندا، فإن القصة الحقيقية تتمثل فى العودة المهمة لإسرائيل فى الوقت الراهن إلى قارة كانت مغلقة فى وجهها بشكل فعلى منذ زمن بعيد.
وأضاف أن إسرائيل كانت واحدة من أوائل الدول التى تقيم علاقات دبلوماسية مع 33 دولة أفريقية من تلك التى حققت استقلالها فى ستينيات القرن الماضى، وأنها تبادلت السفراء معها وكانت من أكبر مانحى المساعدات لهذه الدول مدة من الزمن.
وأشار الكاتب إلى أن رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير التى أمضت فترة طويلة وزيرة خارجية لبلادها اعترفت فى مذكراتها بالقول: هل ذهبنا إلى أفريقيا لأننا بحاجة إلى أصوات فى الأمم المتحدة؟!.. وأجابت: نعم، فهذا كان أحد دوافعنا الشريفة ولن أخفيه مطلقاً عن نفسى أو عن الأفارقة.
ويمضى «بيتر فام» قائلا: إنه فى أعقاب انتصار إسرائيل فى حرب الأيام الستة فى 1967 قامت سبعة بلدان أفريقية بقطع علاقاتها معها، وإن أكثر من 23 دولة أفريقية أخرى قطعت علاقاتها بإسرائيل فى أعقاب حرب أكتوبر 1973 والاحتلال الإسرائيلى لشبه جزيرة سيناء التابعة لمصر، وهى عضو فى منظمة الدول الأفريقية.
ولم تحتفظ لاحقا أى دولة أفريقية بعلاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل سوى مالاوى وليسوتو وسوازيلاند، وأما فى 1975 فوصلت العلاقات الدبلوماسية الإسرائيلية مع الدول الأفريقية إلى الحضيض، وذلك بعد صدور قرار الأمم المتحدة الذى اعتمد فى نوفمبر من ذلك العام.
وأوضح أن هذا القرار هو الذى يقول إن الصهيونية تعتبر شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصرى، وقد صوتت 19 دولة لصالح القرار وإن لم تتمكن الدول الأفريقية من توافق شامل، حيث صوتت خمس دول أفريقية ضده هى ساحل العاج وليبيريا ومالاوى وسوازيلاند وأفريقيا الوسطى، وامتنعت 16 دولة أفريقية عن التصويت.
وأضاف الكاتب أن إسرائيل بدأت إعادة علاقاتها ببطء مع بعض الدول الأفريقية فى 1978، وذلك بعد أن عقدت إسرائيل اتفاق كامب ديفيد للسلام مع مصر، وأن الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود وعدداً من وزرائه التقوا حديثا بنتنياهو أثناء زيارة لإسرائيل لم يُكشف عنها إلا هذه الأيام.
وأشار إلى أن نتنياهو شرع فى زيارته الأخيرة لشرق أفريقيا، وأخبر وزراءه بأن إسرائيل تعتزم العودة إلى أفريقيا، وذلك نظراً لأهمية العلاقات الدبلوماسية فى بناء التحالفات والعلاقات الدولية فى أنحاء العالم.
وأما أبرز أهداف نتنياهو من وراء زيارته الأخيرة لأفريقيا، فتتمثل فى حشد الدعم لاستعادة صفة مراقب فى الاتحاد الأفريقى الذى تم إلغاؤه فى 2002 بناء على طلب من «الديكتاتور» الليبى معمر القذافى.
وأضاف الكاتب أن طلب نتنياهو لقى قبولا ودعما من جانب عدد من قادة الدول الأفريقية، بمن فيهم الرئيس الكينى أوهورو كينياتا الذى وصف الخطوة الإسرائيلية بأنها جيدة ليس فقط لكينيا بل جيدة من أجل أفريقيا «ومن أجل السلام العالمى»، وذكر أن كينياتا أشار إلى المصلحة المشتركة بين بلاده وجيرانها وإسرائيل فى محاربة «الإرهاب الإسلامى».
.................
زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، إلى الدول الأفريقية تصدّرت قائمة اهتمامات الصحف الإثيوبية، فى ظل التوتر القائم على مياه النيل بين مصر وإثيوبيا، فأشارت تلك الصحف إلى أن العلاقات «الإسرائيلية الإثيوبية» تعود إلى عام 1952، حين كان استيراد البقر من إثيوبيا، هو أبرز الأنشطة المعلنة، فيما كان ذلك غطاء لاستخدام إثيوبيا كقاعدة مخابراتية للموساد الإسرائيلى.
صحيفة «أديس أنيوز» الناطقة باللغة الأمهرية، ذكرت صباح الجمعة، فى خبر تحت عنوان «الخارجية المصرية تنتفض لتعاون إثيوبيا مع إسرائيل»، إن الإدارة الأفريقية بوزارة الخارجية المصرية تسودها حالة طوارئ، لدراسة ما حدث أثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى إثيوبيا، وأشارت إلى أنها تعد تقريرا سيطرح على كل من وزير الخارجية المصرى ووزير الرى للتأكد أن ما جرى لا يتعارض مع الاتفاقيات بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وأضافت الصحيفة أن مصر تخشى تدخل إسرائيل فى أزمة سد النهضة، لأنها تدرك جيداً، رغم اتفاقية السلام بين البلدين، أن إسرائيل تسعى بشكل أو بآخر بالإضرار بمصلحة مصر.
وتضمن الخبر تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبى هيلا مريام ديسالين الذى أكد أن إثيوبيا بحاجة إلى دعم إسرائيل فى جهودها الرامية فى التعامل مع مصر فى الكثير من المجالات رغم الخلاف بينهما منذ عهد الرئيسين عبدالناصر والسادات، وأشار إلى أن الاتفاق مع إسرائيل فى مجال المياه لا يعنى تهديد المياه الإقليمية لمصر.
وتابع «ديسالين» أن نجاح إثيوبيا فى توقيع اتفاقية من أجل قضايا الأمن الإليكترونى مع الجانب الإسرائيلى جاء نتيجة تخوفات إثيوبيا من تكنولوجيا المعلومات والأقمار الصناعية الإليكترونية التى تنقل معلومات خاطئة عن طبيعة إثيوبيا وعن الخطة التى تنوى الحكومة تطبيقها خلال السنوات المقبلة.
فيما نقلت الوكالة الإثيوبية الرسمية، ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، قبل مغادرته إثيوبيا بشأن استعداد بلاده لتقديم الدعم اللازم لإثيوبيا فى كل القطاعات، إذ قال «لقد خططنا لنكون مركز قوة للتكنولوجيا فى العالم، ونحن بحاجة إلى تبادل خبراتنا مع الدول الأفريقية مثل إثيوبيا، وأود أن أؤكد أن إسرائيل مستعدة للعمل مع إثيوبيا فى كل القطاعات».
وأعرب نتنياهو عن سعادته بدعم إثيوبيا تعيين إسرائيل بصفة مراقب فى الاتحاد الأفريقى، ما سيحفز بلاده على تعزيز دعمها لأفريقيا، وأشار إلى أنه اتفق مع الرئيس الإثيوبى مولاتو تشوم على محاربة الإرهاب فى منطقة القرن الأفريقى ومحاربة حركة الشباب فى الصومال.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلى، أن التعاون فى المجال المائى بين مصر وإثيوبيا، يتضمن تقديم كافة المساعدات إلى الجانب الإثيوبى التى تمكنه من الانتهاء من بناء سد النهضة مطلع يونيو 2017، دون الإضرار بمصالح مصر والسودان من الحصة المائية للنيل الأزرق.
فيما قال رئيس الوزراء الإثيوبى هيلى ماريام ديسالين، إن بلاده ستدعم تحركات إسرائيل الساعية لاستعادة مكانتها فى الاتحاد الأفريقى.
وأضاف ديسالين، خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره بنيامين نتنياهو فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، «لا يوجد سبب يمنع إسرائيل من صفة عضو مراقب فى الاتحاد الأفريقى».
من جانبه، أشاد نتنياهو بـ«العلاقات المميزة والتاريخية» بين الجانبين، مضيفا أن تل أبيب تنوى تعزيز التعاون مع أديس أبابا فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية خاصة فى مجال «مكافحة الإرهاب».
ودعا نتنياهو رجال أعمال شاركوا فى ندوة اقتصادية عقدت فى أديس أبابا، إلى زيادة الاستثمارات فى إثيوبيا والدولة العبرية، متعهدا بدعم الحكومة الإسرائيلية لهم.
.....................
ورغم العلاقات القديمة بل وشديدة القدم بين الدولتين، إلا أن العلاقات الدبلوماسية المعلنة بين تل أبيب وأديس أبابا بدأت فى 1989، وهو العام نفسه الذى زار فيه رئيس وزراء إثيوبيا تل أبيب، وبدأت العلاقات تزداد مع الوقت، حتى زار وزير الخارجية الإسرائيلى الأسبق، سيلفان شالوم أديس أبابا فى 2004، برفقة وفد اقتصادى مكون من 22 شخصية اقتصادية إسرائيلية معروفة، وأحدثت الزيارة صدى كبيراً لما نتجت عنه من اتفاقات بين الجانبين، أعلنت بموجبها إسرائيل نيتها تطوير الصناعة والزراعة الإثيوبية عن طريق استخدام التكنولوجيا الزراعية التى تفتقر إليها إثيوبيا، بالرغم من وجود أراض وثروة مائية كبيرة فى أديس أبابا لكنها غير مستغلة بحسب مراقبين فى هذه الآونة.
وكان توطيد علاقة إثيوبيا بالغرب والولايات المتحدة المدخل المهم الذى استغلته إسرائيل ولوحت به لإغراء الإثيوبيين لمد يد العون للدولة الحبشية، لتكون أديس أبابا المدخل الإسرائيلى صوب البوابة الأفريقية، ناهيك عن الاحتياج الإثيوبى للخبرة الإسرائيلية فى مجال التكنولوجيا الزراعية من أجل الخروج من أزمة المجاعات التى حلت بالدولة الإثيوبية.
ولا يمكن إحصاء الزيارات الدبلوماسية المتبادلة بين الطرفين بداية من الألفية الجديدة وحتى الآن، فمعظم الزيارات تهدف لتوطيد الجانب الاقتصادى بين الدولتين.
فهناك الزيارة التى قام بها وزير خارجية إثيوبيا لتل أبيب فى 2003، وبعدها زيارة سيلفان شالوم لأديس أبابا فى 2004، ثم زيارة رئيس وزراء إثيوبيا الأسبق، مليس زناوى، لتل أبيب فى يونيو 2004، وغيرها من الزيارات، ناهيك عن الزيارات والبعثات الطلابية التى تحرص إسرائيل على زيادتها مع الجانب الإثيوبى، من خلال إرسال وفودها إلى أديس أبابا، والعكس.
كما يكشف أرشيف الصحف عن أن البداية الإسرائيلية فى إثيوبيا كانت فى ستينيات القرن الماضى حينما بدأت إسرائيل فى إرسال خبرائها فى مجال الاقتصاد والأمن والزراعة والاتصالات، ودشنت إسرائيل سفارتها التى تعد الأضخم بين سفارات تل أبيب بعد سفارتها فى الولايات المتحدة الأمريكية.
.................
أرشيف الصحف يكشف أن سياسات التغلغل الصهيونى فى أفريقيا شهدت مراحل مختلفة بدأت فى عام 1957، حيث كان الكيان الصهيونى أول دولة أجنبية تفتح سفارة لها فى أكرا بعد أقل من شهر واحد من حصول غانا على استقلالها، حيث لعبت السفارة الصهيونية فى أكرا دوراً كبيراً فى تدعيم العلاقات بين البلدين، وهو ما دفعه إلى افتتاح سفارتين أخريين فى كل من منروفيا وكوناكرى، وذلك تحت تأثير إمكانية الحصول على مساعدات تنموية وتقنية من الكيان الصهيونى.
وتعمقت العلاقات الإسرائيلية الأفريقية مع قيام جولدا مائير -وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك- عام 1958 بزيارة أفريقيا لأول مرة، حيث اجتمعت بقادة كل من ليبيريا وغانا والسنغال ونيجيريا وكوت ديفوار، وبحلول عام 1966 كانت إسرائيل تحظى بتمثيل دبلوماسى فى كافة الدول الأفريقية جنوب الصحراء، باستثناء كل من الصومال وموريتانيا، ومع ذلك فإن أفريقيا كانت بمنزلة ساحة للتنافس العربى الإسرائيلى.
وقبل حرب أكتوبر 1973 كانت إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية مع خمس وعشرين دولة أفريقية، لكن فى الأول من يناير عام 1974 تقلص هذا العدد ليصل إلى خمس دول فقط هى: جنوب أفريقيا، ليسوتو، مالاوى، سوازيلاند، موريشيوس، وفى عام 1982 أعلنت دولة أفريقية واحدة هى زائير عن عودة علاقاتها مع إسرائيل، لأن الرئيس موبوتو كان بحاجة ماسة للمساعدات العسكرية الصهيونية وخاصة فى ميدان تدريب الجيش وحرسه الجمهورى.
وركزت إسرائيل فى تفاعلاتها الأفريقية منذ البداية، وحتى فى ظل سنوات القطيعة الدبلوماسية بينها وبين أفريقيا، خلال الفترة من 1973/1983، على المساعدات العسكرية فى مجال تدريب قوات الشرطة وقوات الحرس الرئاسى لعدد من الدول الأفريقية من بينها الكونغو والكاميرون، كما أنها تمد دولا أفريقية بالعديد من الخبراء والفنيين العسكريين الإسرائيليين، ورجال المخابرات المدربين، وضباط أمن وعسكريين متقاعدين، ومجموعات أمنية خاصة لتدريب وحدات المهام الخاصة فى بعض الدول الأفريقية، وتدريب وتأهيل الحراسات الخاصة، والمرافقة الأمنية الشخصية، الخاصة بالرؤساء والوزراء والقادة العسكريين وكبار مسئولى الدولة، حيث يقوم بهذه المهام ضباطٌ متقاعدون، ممن يملكون القدرة والكفاءة.
ووصل الأمر إلى قيام بعض الضباط الإسرائيليين فى مناطق التوتر الأفريقية بقيادة المعارك بأنفسهم، والنزول إلى جبهات القتال للإشراف على أداء المجموعات العسكرية، لضمان تفوقهم وانتصارهم، وهو ما تأكد فعلا من خلال مقتل العديد من الضباط الإسرائيليين فى معارك أفريقية داخلية ومنها السودان، فما يهم إسرائيل أن تنتقل المعارك وحالة عدم الاستقرار من جنوب السودان إلى شماله، ومنه إلى مصر التى تربطها بالسودان حدودٌ طويلة.
وتشير الإحصاءات التى نشرها مركز التعاون الدولى التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية أن عدد الأفارقة الذين تلقوا تدريبهم فى مراكز التدريب الإسرائيلية خلال الأربعين سنة الماضية وصل إلى نحو 24636 أفريقياً.
السلاح والألماس
ومن جانب التدريب إلى جانب التسليح حيث سارعت إسرائيل إلى توفير السلاح للدول الأفريقية بالإضافة إلى التدريب العسكرى، وتفيد الخبرة التاريخية أن إسرائيل تتعامل مع الأشخاص الأفارقة وذوى النفوذ أو الذين لهم مستقبل سياسى فاعل فى بلدانهم، ولعل حالة الرئيس الكونغولى الراحل موبوتو سيسىسيكو تطرح مثالاً واضحاً، فقد تلقى تدريبا إسرائيليا، ثم أصبح رئيسا للدولة بعد ذلك بعامين، ولا يخفى أن إسرائيل تقوم بتزويد العديد من الدول الأفريقية بالأسلحة مثل إثيوبيا وإريتريا. فإسرائيل قدمت للمتمردين فى جنوب السودان دعما عسكريا وماليا يقدر بمليارات الدولارات، ومعلومات مهمة بواسطة الأقمار الصناعية عن تحركات الجيش السودانى، حيث قتل عام 1988 خمسة ضباط إسرائيليين فى معارك داخل جنوب السودان، كذلك كانت إسرائيل هى من نقلت المعارك من جنوب السودان إلى شماله.
كما أصبحت إسرائيل منذ تسعينيات القرن العشرين المورد الرئيسى للأسلحة والأجهزة العسكرية والعتاد الحربى وتكنولوجيا الحرب المتطورة، وأجهزة التشويش، إلى العديد من الدول الأفريقية، خاصةً تلك التى تشهد اضطرابات قبلية، وحروبا داخلية أو حدودية مع دول مجاورة.
الأخطر من ذلك كله هو أن إسرائيل تعتبر القارة الأفريقية حقلا جاهزا لإجراء الكثير من التجارب فيها، ولكنها تركز فى مبيعاتها للأسلحة إلى الدول الأفريقية على أنواع من الأسلحة الخاصة، كما تعمل إسرائيل على البحث عن أماكن جديدة لإجراء تجاربها المحظورة والمحرمة دوليا ولن تجد مكانا أفضل من الدول الأفريقية لإجراء ذلك، وهو ما كانت تتعاون فيه سابقا مع حكومات جنوب أفريقيا العنصرية، ولكنها خسرت هذه الفرصة مع سقوط النظام العنصرى، وتولى حكومات ديمقراطية تعارض إسرائيل الحكم فيها.
كما مثلت السفارات الإسرائيلية فى دول أفريقيا أوكارا للتجسس ولتوقيع العقود، وإبرام الصفقات العسكرية والأمنية، ومكاتب متخصصة لمختلف الاستشارات الفنية، فى الوقت الذى تقوم فيه بالتجسس على المواطنين، ويساعدهم فى ذلك مجموعات متمردة فى هذه الدول ممن يظاهرون الحكومة بالعداء، ويقاتلونها لإسقاطها أو الانفصال عنها، وقد أعلن عددٌ من قادة المتمردين عن زياراتهم المتكررة لإسرائيل، ولقاءاتهم مع مسئولين فيها.
تعمل إسرائيل على ألا يكون لدول مثل إيران والصين وأحيانا روسيا موطئ قدم فى أفريقيا، أو أن تتعاظم قوتهم فيها، لهذا فإنهم وحدهم أو بالتنسيق مع حلفائهم، يحاولون مجابهة إيران تحديداً، وقطع خيوطها فى أفريقيا، ومنعها من أن تتغلغل فيها أكثر.
..................
ما حدث وما يحدث يؤكد أن إسرائيل بعد أن فشلت محاولاتها العديدة والتاريخية للوصول إلى مياه النيل عن طريق مصر، خلال مشروع ترعة السلام، قامت بالالتفاف حتى تصل إلى المنابع، واندفعت إثيوبيا فى توثيق علاقاتها مع إسرائيل لتحقيق هدف مشترك بين الدولتين، وهو كسر الطوق العربى فى البحر الأحمر، ونزع الصفة القومية عن هذا البحر، لذلك جعلت إثيوبيا شواطئ إريتريا وجزرها تحت السيطرة الأمريكية والإسرائيلية، وقدمت لها تسهيلات استراتيجية غير محدودة.
إن إسرائيل ومنذ نشأتها تتعامل مع قضية المياه من منطلقات جيو سياسية، فأطماعها تعدت مياه النيل، ففى عام 1990 قامت إسرائيل بدراسة عن طريق الأقمار الاصطناعية لتقدير كمية المياه الجوفية المخزنة فى صحراء شبه جزيرة سيناء، وقامت بحفر آبار ارتوازية على عمق 800م بالقرب من الحدود المصرية فى سيناء وهى بذلك تقوم بسرقة المياه المصرية، كما نجحت فى سرقة مياه نهر الأردن واليرموك والليطانى ومياه فلسطين، وعملت بكل قوة على إبعاد سوريا عن نهر الأردن وبحيرة طبرية، وبتحريض منها أيضاً بدأت بعض دول المنبع المطالبة بالمحاصة المتساوية فى نهر النيل، ومطالبة دول المصب أى مصر والسودان بدفع أثمان مياه نهر النيل.
فى عام 1974 طرحت دولة الاحتلال مخططا يقضى بنقل مياه نهر النيل إليها، عبر حفر ست قنوات تمر من تحت قناة السويس لنقل ما يقارب المليار م3 من المياه المصرية سنويا إلى صحراء النقب، حيث صمم حينها المهندس الإسرائيلى (اليشع كيلى) مشروعا لمحاولة جلب مياه النيل لإسرائيل من خلال توسيع ترعة الإسماعيلية، حتى يزيد معدل تدفق المياه داخلها وسحبها من أسفل قناة السويس.
كما طرحت إسرائيل أكثر من مرة قضية مياه نهر النيل وطالبت بحصولها على ما يقارب 8 مليارات م3 سنويا لحل مشكلة المياه فيها، وتعمل من أجل ذلك على إرسال عشرات الخبراء فى العديد من المجالات مثل الزراعة والرى والخبراء العسكريين إلى دول حوض النيل وخاصة (أوغندا، تنزانيا، كينيا،وإثيوبيا) لتطويق مصر والسودان مائيا وتهديد أمنهما القومى والتسبب فى نزاعات قد تتطور إلى خوض حروب على المياه بين دول المنبع والمصب فى حوض النيل، وأزمة سد النهضة حاليا أكبر دليل.
وخلال ثمانينيات القرن الماضى، انتقلت إسرائيل إلى العمل المباشر بوصول خبراء إسرائيليين لكل من إثيوبيا وأوغندا لإجراء أبحاث تستهدف إقامة مشروعات للرى على النيل تستنزف 7 مليارات متر مكعب أو 20% من وارد النيل إلى مصر، وذلك على الرغم من انتفاء الحاجة إلى مشاريع رى مائية فى أوغندا التى تصلها أمطار استوائية تبلغ سنويا 114 مليار متر مكعب.
ثم كانت مزاعم إسرائيل بأن هناك فوائض فى الرى المصرى تقدر بنحو 10 مليارات متر مكعب فى السنة، وأن هذه الكمية لن يتم استخدامها قبل اكتمال مشروع قناة جونجلى الذى يقلل حجم المياه التى تفقدها مصر والسودان فى البحر المتوسط، كما زعمت أن المياه المصرية التى يتم إهدارها فى البحر المتوسط فى الشتاء (خلال شهرى ديسمبر ويناير) من كل عام بسبب الطلب على المياه لأغراض الكهرباء والملاحة، ينبغى الاستفادة منها خلال مشروع لنقل المياه إلى إسرائيل من خلال (ترعة السلام) إلى صحراء النقب، وهو الهدف الذى تسعى إسرائيل إلى تحقيقه من خلال الضغط على مصر بالتعاون مع إثيوبيا.
ولم يكتف التعاون الإسرائيلى الإثيوبى حول شركات الكهرباء والاتصالات فقط، وإنما أمدت إسرائيل إثيوبيا بالأسلحة والمعدات العسكرية والذخائر، وكذلك قدمت لها دعماً فى المجال الأمنى وحرب العصابات، إضافة إلى تدريب الطيارين الإثيوبيين بالقوات الجوية الإسرائيلية، وتطوير نظم الاتصالات بين القيادة الجوية فى البلدين، إضافة إلى تبادل الزيارات بينهما على المستويين السياسى والأمنى.
فكرة تحويل ولو جزء من مياه النيل إلى صحراء النقب عبر سيناء. وهى فكرة قديمة تقدم بها هرتزل «مؤسس الحركة الصهيونية» عام 1903 إلى الحكومة البريطانية، وكانت حجته أن هناك فائضاً من مياه نهر النيل يفيض عن حاجة مصر ويصب فى البحر المتوسط دون استخدامه فى الزراعة أو تخزينه، حيث لم يكن لدى مصر فى ذلك الوقت أى خزانات على نهر النيل، لذلك فكر أصحاب هذا المشروع فى نقل هذا الفائض من مياه نهر النيل إلى سيناء عبر ترعة الإسماعيلية وقناة السويس.
وقد ظلت هذه الفكرة مرتبطة بالمراحل التاريخية للصراع العربى الإسرائيلى، ففى أعقاب الانتصار الذى تحقق فى حرب أكتوبر 1973، وما أعقبه من الحديث عن السلام، طرحت إسرائيل فى منتصف السبعينيات رغبتها فى الحصول على 10% من إيراد نهر النيل وهو ما يمثل (8 مليارات م3) لحل مشكلة المياه فى «إسرائيل». فى حين اقترح رئيس جامعة تل أبيب «حاييم بن شاهار» بأن تسعى «إسرائيل» إلى إقناع مصر بضرورة منحها حصة من مياه النيل لا تتجاوز نسبة (1%) تُنقل بواسطة أنابيب بهدف استخدامها فى مشاريع التنمية الزراعية داخل قطاع غزة وخارجها.
كما اقترح بعض خبراء المياه من الإسرائيليين أن تمد مصر قطاع غزة بما يعادل (100 مليون م3) سنوياً من المياه، وهى نسبة تُعادل (0.2%) من استهلاك مصر من المياه، كما اقتراح بعض المهندسين «الإسرائيليين» إقامة مشروع ضخم لجلب مياه النيل إلى صحراء النقب الشمالى عبر ترعة الإسماعيلية وعن طريق أنابيب تحت قناة السويس.
وكان من أبرز هذه المقترحات، ما طرحه المهندس الزراعى الإسرائيلى «اليشع كالى» عام 1974، من مشروع «مياه السلام»، والذى يتلخص فى توسيــع ترعة الإسماعيلية لزيـــادة تدفـق المياه فيها، وتنقل هـذه المياه عن طريــق سحــارة أسفل قناة السويس بعد اتفاقيات السلام لتنفيذ المشروع. كذلك مشروع «شــاؤول أولوزوروف» الخبير المائى الإسرائيلى النائــب السابق لمديــر هيئة المياه (الإسرائيلية)؛ حيث قدم مشروعاً للسادات أثناء مباحثات كامب ديفيد يتلخص فى شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس وبإمكان هـذا المشروع نقل مليار م3، لرى صحراء النقب منها 150 مليون م3، لقطاع غزة.
.................
وتحت أيدينا تقارير تؤكد أن المخابرات الصهيونية عقدت اجتماعات أمنية مع بعض دول حوض النيل، من أجل تحريضها والضغط على مصر لتعديل اتفاقية دول الحوض وتقديم مساعدات مالية مغرية وسخية وتقنيات حديثة من أجل بناء سدود ومشروعات زراعية فى كل من إثيوبيا وأوغندا، هذه «المساعدات» التى تقوم بها إسرائيل تتجاوز حدود ما يسمى «بالمنافسة الدبلوماسية» مع مصر، لأن الموضوع بالنسبة إلى إسرائيل يتمثل فى تحقيق حلمها القديم بالوصول إلى مياه النيل.
وإسرائيل تعمل على الدوام على تهديد الأمن الوطنى السودانى منذ عام 1952، فقبل أن ينال السودان استقلاله قامت الدولة العبرية بدعم ومساعدة التمرد بالجنوب لإضعاف قوى الشمال ذات الارتباط العربى، فقد صنَّفت إسرائيل السودان على أنه دولة معادية لها، نتيجة لمشاركة كل وحدات الجيش السودانى القتالية بالفعل فى الصراع ضد إسرائيل فى حرب أكتوبر 1973، وجعل أرضه فى الشمال الشرقى تحت تصرف القيادة المصرية لنصب صواريخ أرض جو لإفشال أى عملية التفاف على الجيش المصرى لضرب السد العالى، ولم تغيِّر العلاقة التى نشأت بين المخابرات السودانية والإسرائيلية فى عهد الرئيس السابق جعفر محمد نميرى من توصيف الحالة بين إسرائيل والسودان، بدليل أن إسرائيل رغم نجاحها فى وجود علاقة مع مركز القيادة السودانية فإنها لم تتوقف عن دعمها لحركة التمرد فى الجنوب.
هنا، يجب علينا أن نعى مدى خطورة المؤامرة على وحدة السودان وتمزيق الشمال عن الجنوب، فما هو إلا جزء من الاستراتيجية الصهيونية منذ أكثر من نصف قرن، فمنذ خمسينيات القرن الماضى شكل مؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن جوريون فريق عمل صهيونيّا لوضع الاستراتيجيات اللازمة لاختراق الدول العربية، وبخاصة دول الطوق ودول المحيط، ومن أبرز هذه الدول السودان.
إن محاولة تفكيك السودان وإضعافه ليست وليدة سياسات إسرائيلية جديدة، بل منذ عشرات السنين ديفيد بن جوريون قال: إن الجهد الإسرائيلى لإضعاف الدول العربية يجب ألا يحشد على خطوط دول المواجهة فقط، بل فى الجماعات غير العربية التى تعيش على التخوم فى شمال العراق وجنوب وغرب السودان وفى جبال لبنان.
ووفقاً لهذا التصور أنشأت وزارة الخارجية الإسرائيلية فى داخلها «المؤسسة الدولية للتعاون والتنمية» (MASHAV)، التى تقوم بمهام الربط ما بين مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص لإحداث اختراق إسرائيلى محكم للقارة الأفريقية، ويعد جهاز التعاون الدولى الإسرائيلى أحد أذرع وزارة الخارجية فى تنفيذ وتحقيق سياساتها فى القارة الأفريقية.
وأبرز الأنشطة التى يعمل فيها «MASHAV» إقامة المزارع وتأسيس غرفة للتجارة الأفريقية الإسرائيلية، وتقديم الدعم فى مجالات الزراعة والصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، وتقديم الخبراء والخبرات فى بعض المجالات التكنولوجية والعلوم التطبيقية، بالإضافة لتقديم المنح والقروض والدورات التدريبية فى العديد من الأنشطة التى تحتاجها دول القارة الأفريقية، من خلال التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والسفارات الأجنبية، وبصفة خاصة هيئة المعونة الأمريكية «USAID» التى نشطت على ضوء مبادرة كلينتون للشراكة مع أفريقيا.
ويتركز نشاط «الماشاف» على فئات معينة مثل القادة والنساء والخبراء والشباب الذين سيصحبون صنّاع السياسة مستقبلاً، ويتجه نشاطه للتركيز على التجمعات الإسلامية والعربية التى تعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل للحصول على تأييدها فى دول مثل كينيا وأوغندا وإثيوبيا.
....................
وأواخر 2011 جاءت زيارة وزير الخارجية الصهيونى أفيجدور ليبرمان إلى عدد من دول حوض النيل استكمالاً للمخطط الصهيونى لفرض نفوذها والاستيلاء على منابع نهر النيل. وهو المشروع الذى بدأ فى عقول رواد الصهيونية الأوائل من أمثال هرتزل قبل قيام الدولة الصهيونية على أرض فلسطين بسنوات كثيرة.
وتطورت العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية الإثيوبية حتى إن وزير الزراعة الإثيوبى، تفرا دبرو أعلن أن 250 شركة إسرائيلية تقدمت بطلبات للحصول على رخص تجارية للعمل فى مجالات مختلفة داخل إثيوبيا فى مارس 2014.
كما بدأ حوالى 50 رجل أعمال إسرائيلياً بإقامة مشروعات منذ 2014 فى قطاعات مختلفة، إضافة إلى حضور 60 مستثمراً إسرائيلياً اجتماعاً مع وزير الزراعة الإثيوبى لبحث سبل التعاون فى مجالات مختلفة، أكد عليها دبرو فى تصريحاته عقب الاجتماع.
تفرا دبرو، قال وقتها إن بلاده تتطلع إلى الاستفادة من التجربة الإسرائيلية التى تمتلك التكنولوجيا الحديثة فى قطاع الزراعة. وإن العلاقات القديمة بين البلدين لم تستفد منها بلاده فى تعزيز التبادل التجارى والاستثمارى على الوجه الأمثل.
أيضاًً، ظهر التعاون الأمثل بين تل أبيب وأديس أبابا فى مجال الطاقة والكهرباء، حيث ذكرت صحيفة «كابيتال» الإثيوبية يوم 16 سبتمبر 2012، أن مجلس إدارة شركة الكهرباء الإثيوبية التابعة للدولة وافق بشكل رسمى على اختيار شركة كهرباء إسرائيل لتولى إدارة قطاع الكهرباء فى إثيوبيا، كما تم الاتفاق على إنشاء محطات طاقة ووقود تتولى إسرائيل إدارتها.
وفى هذا الشأن ذكرت وزارة الشئون الخارجية الإثيوبية أن وزير الخارجية تيدروس أدهانوم حث الشركات الإسرائيلية فى مارس 2014 على الاستثمار الإسرائيلى داخل إثيوبيا، جاء ذلك أثناء لقائه رئيس شركة، ألانا بوستاش، الإسرائيلية لإنتاج البوتاس نجيب أبا، وذكر بوستاش أن إجمالى استثماراته يصل إلى 650 مليون دولار، مع استعداد الشركة لإقامة مصنع فى المنطقة وإمداده بالتكنولوجيا المطلوبة وتعهد بتلبية الطلبات المحلية.
...............
زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى الدول الأفريقية لم تكن خارج توقعات مصر، بل إن تغلغل إسرائيل فى العمق الأفريقى لم يكن بعيداً عن الرصد، ففى بداية 2010 وبعد تفجر أزمة حوض النيل بين مصر والسودان، من جهة، ودول المنبع السبع من جهة أخرى حول الاتفاقية الإطارية لحوض النيل، التى أسفرت عن قيام 5 دول من دول المنبع بالتوقيع على الاتفاقية، كانت أصابع الاتهام تشير بوضوح إلى إسرائيل التى كانت تقف وراء تحريض دول المنبع ضد مصر.
وقتها، صدر تقرير رسمى مصرى قارن بين دور مصر فى دول حوض النيل والدور الإسرائيلى فى تلك الدول، عرفنا منه أن القاهرة لديها 8 سفارات فى جميع دول الحوض إضافة إلى إريتريا التى تمتلك صفة المراقب، فى حين لا تملك إسرائيل سفارات سوى فى 3 دول فقط وهى: إثيوبيا وكينيا وأوغندا، إضافة إلى قائم بالأعمال فى إريتريا.
التقرير الذى قارن بين الوجوديين المصرى والإسرائيلى فى دول حوض النيل كل على حدة، أوضح أنه بالنسبة لدولة الكونغو الديمقراطية هناك وجود مصرى مكثف وزيارات متبادلة للمسئولين المصريين والكونغوليين لكل من القاهرة وكينشاسا.
واعترف التقرير بأن التبادل التجارى بين البلدين شبه منعدم بسبب الأوضاع الداخلية المضطربة فى هذه الدولة، بالإضافة إلى أنه لا توجد أى شركات مصرية تعمل على أراضى الكونغو الديمقراطية فى الوقت الحالى، مشيراً إلى بعض المساعدات الإنسانية التى قدمتها مصر للكونغو.
وفى المقابل، أكد التقرير أن الفترة الماضية لم تشهد أى نشاط إسرائيلى علنى ملحوظ لإسرائيل فى هذا البلد سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى أو الثقافى، حيث يرجع آخر نشاط لتل أبيب فى هذه الدولة إلى الزيارة غير المعلنة للسفير الإسرائيلى غير المقيم فى كينشاسا «جاك ريفية» فى فبراير 2010 والتى قام خلالها بمقابلة بعض المسئولين الكونغوليين لإبداء رغبة إسرائيل فى شراء قطعة أرض لبناء سفارة إسرائيلية بالعاصمة كينشاسا، إضافة إلى بحث فرص عقد دورات تدريبية للأطباء والمهندسين الزراعيين الكونغوليين فى إسرائيل ومناقشة استعداد إسرائيل لإمداد الجيش الكونغولى ببعض المواد اللوجيستية.
ولفت التقرير إلى الزيارات المتعددة التى قام بها وزراء مصريون، على رأسهم وزراء الزراعة والتعاون الدولى والتضامن لأوغندا.
وأوضح أن هناك نشاطاً ملحوظاً للشركات المصرية فى أوغندا حيث يوجد هناك عدد كبير من الشركات العاملة، منها شركة «مساهمة البحيرة» التى تقوم بتنفيذ المشروعات الخاصة ببعثة الرى المصرية «مشروع إزالة الحشائش وميناء الصيد بمنطقة جابا»، وشركة النصر للاستيراد والتصدير وشركة مصر للطيران-كمبالا وبنك مصر وشركة المقاولون العرب التى بدأ نشاطها الفعلى فى كمبالا فى عام 1998، وتقوم حالياً بتنفيذ العديد من المشروعات المهمة فى أوغندا.
وبالنسبة للوجود الإسرائيلى، أوضح التقرير أن العلاقات الإسرائيلية الأوغندية ترجع إلى خمسينيات القرن الماضى، مشيراً إلى أنه على الرغم من ذلك فإن الزيارة البارزة التى قام بها مسئول إسرائيلى لأوغندا هى زيارة وزير الخارجية الإسرائيلى ليبرمان إلى كمبالا ضمن جولة أفريقية فى سبتمبر 2009 شملت وقتها إثيوبيا وكينيا وأنجولا وأوغندا، حيث كانت هذه الزيارة هى الأولى لوزير إسرائيلى لأوغندا، ورافق ليبرمان خلال الزيارة مسئولون أمنيون ومخابراتيون وكذلك 20 من رجال الأعمال وممثلى الشركات الإسرائيلية.
وأكد التقرير أنه لا يوجد أى وجه للمقارنة بين العلاقات المصرية-الإريترية والعلاقات الإسرائيلية-الإريترية وتحديداً منذ عام 2008، موضحا أن هذا الأمر تظهر بوادره فى اتساع حجم وأوجه التعاون بين القاهرة وأسمرة وتعدد زيارات المسئولين المصريين والإريتريين للبلدين.
وأشار التقرير إلى زيارة أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، والوزير عمر سليمان، لأسمرة فى أكتوبر 2009، إضافة إلى زيارات عدد من كبار المسئولين المصريين لإريتريا. كما أشار أيضاً إلى زيارات عدد من الوزراء الإريتريين للقاهرة، على رأسهم وزراء الخارجية الإريترى والزراعة والطاقة والتعدين والصحة.
وأوضح التقرير أن حجم الصادرات المصرية إلى إريتريا بلغ حوالى 15 مليون دولار، مشيراً إلى قيام مصر بدعم المدارس الإريترية بـ5 مدرسين لغة عربية، كما زاد عدد الإريتريين المستفيدين من منح التعليم العالى من 4 طلاب خلال العام الدراسى 2007-2008 إلى 16 طالباً خلال العام الدراسى 2008-2009 وصولاً إلى 19 طالباً خلال العام الجارى.
وبالنسبة للعلاقات الإسرائيلية-الإريترية فقد أكد التقرير أن هذه العلاقات تتسم بالتذبذب والتغيرات الشديدة من وقت لآخر تبعاً لتوازنات القوى والمصالح الإسرائيلية فى المنطقة، موضحاً أن إسرائيل سعت منذ البداية للإبقاء على إريتريا ضمن الجسد الإثيوبى، لذا عملت على إعاقة استقلالها بشتى الطرق تجسيداً للإستراتيجية الإسرائيلية العسكرية فى البحر الأحمر حيث يستمر التفوق الإسرائيلى فى ضوء سيطرة إثيوبيا على إريتريا.
وعلى صعيد العلاقات المصرية-الرواندية، أكد التقرير أن العلاقات بين البلدين أكثر تنوعاً وعمقاً من نظيرتها الإسرائيلية-الرواندية، كما يربط بين القاهرة وكيجالى العديد من الأطر الإقليمية والاقتصادية.
وأشار التقرير إلى الزيارة التى قام بها الرئيس الرواندى بول كاجامى على رأس وفد رفيع المستوى إلى القاهرة فى الفترة من 4-7 نوفمبر 2009 وهى الزيارة الرئاسية الأولى التى يقوم بها رئيس رواندى للقاهرة منذ 15 عاما.
وبالنسبة للعلاقات الإسرائيلية-الرواندية أكد التقرير أن العلاقات بين البلدين جيدة، لكنها محدودة فى الوقت الراهن وهى مرشحة للتنوع والزيادة فى المستقبل، ويلاحظ أن مؤسسات أمريكية رسمية ومدنية تدخل فى مشروعات إسرائيلية تنفذها فى دول أفريقية ما يعطيها مزيداً من الثقل السياسى والموضوعى.
وقال التقرير: إنه لا يوجد تمثيل دبلوماسى لرواندا فى إسرائيل، والتمثيل الإسرائيلى فى رواندا «غير مقيم».
وبالنسبة للعلاقات مع بوروندى أكد التقرير أن العلاقات بين مصر وبوروندى متميزة، حيث قام رئيس بوروندى بزيارة للقاهرة حيث عقد قمة ثنائية مع الرئيس مبارك فى 17 مارس 2009، مشيرا إلى الزيارات المتعددة التى قام بها مسئولون مصريون لبوروندى وكذلك زيارات المسئولين البورونديين لمصر.
وأوضح التقرير أنه بالنسبة للعلاقات الإسرائيلية البوروندية فإن إسرائيل تتبع سياسة التكتم والغموض فى علاقاتها مع بوروندى فلا توجد مصلحة مباشرة لتل أبيب فى بوجمبورا.
وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية-الإثيوبية أكد التقرير أن هذه العلاقات تعد من أقدم العلاقات فى أفريقيا حيث أقيمت العلاقات بين البلدين عام 1927، وأن هذه العلاقات تتخذ طابعاً خاصاً نظراً لاشتراك البلدين فى ملفات بالغة الحيوية، أبرزها المياه وأمن القرن الأفريقى ومكافحة ظاهرة القرصنة.
وأوضح التقرير أن العلاقات الاقتصادية المتميزة بين البلدين إضافة إلى وجود عدد من الشركات المصرية العاملة هناك.
وبالنسبة للعلاقات الإثيوبية-الإسرائيلية، أوضح التقرير أن إسرائيل نجحت فى الحفاظ على علاقتها مع إثيوبيا خلال فترات حكم الأنظمة المختلفة منذ خمسينيات القرن الماضى وحتى الآن فى صورة جيدة، مشيراً إلى أن العلاقات الرسمية بين إسرائيل وإثيوبيا بدأت عام 1955 بالعلاقات القنصلية، حيث تم افتتاح سفارات للدولتين فى أديس أبابا وتل أبيب عام 1961، ولكن قامت إثيوبيا بقطع علاقتها الرسمية مع إسرائيل فى أعقاب حرب أكتوبر 1973، أسوة بالدول الأفريقية التى اتخذت هذا الإجراء، ثم عادت العلاقات الرسمية بين البلدين عام 1989.
وحول العلاقات المصرية-الكينية أكد التقرير أنها علاقات متميزة، مشيراً إلى زيارات مسئولى البلدين لكل من القاهرة ونيروبى.
وأشار التقرير إلى المنح المتعددة التى تقدمها مصر إلى كينيا فى جميع المجالات.
وبالنسبة للعلاقات الكينية-الإسرائيلية قال التقرير إنه تم إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين كينيا وإسرائيل فى ديسمبر عام 1963، وقد مرت العلاقات الكينية بمراحل مختلفة، حيث تم قطع العلاقات فى عام 1973 بسبب حرب أكتوبر، التى شهدت تضامناً أفريقياً مع الموقف العربى.
.................
هكذا، يتأكد لنا ما ذكرناه فى البداية عن أن العيون مفتوحة وترصد منذ سنوات وسنوات، وبالتأكيد فإن كل فعل إسرائيلى يسبقه فعل مصرى، لا ينتظر أن يكون رد فعل.
ومن هنا يكون علينا ألا نبالغ فى تهويل الأضرار التى قد تلحق بنا من زيارة كتلك التى قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلى.. لكن علينا أيضاً ألا نستهين بالدور الذى تلعبه إسرائيل فى دول أفريقيا، ومحاولاتها المستمرة لتعظيمه لتحقيق أكبر استفادة لصالحها وإلحاق أكبر ضرر يمكنها إلحاقه بنا!!
العيون مفتوحة وترصد منذ سنوات وسنوات كل خطوات إسرائيل للتغلغل فى أفريقيا، وكل فعل إسرائيلى يسبقه فعل مصرى، لا ينتظر أن يكون رد فعل.
من هنا كانت دهشتنا من حالة التهويل التى تعاملت بها بعض الصحف العربية والأجنبية مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى لعدد من الدول الأفريقية، وهى الزيارة التى بدأها «نتنياهو» يوم الاثنين من أوغندا ثم زار كينيا الثلاثاء ورواندا الأربعاء واختتمها يوم الخميس بإثيوبيا، والتقى أثناء وجوده فى أوغندا بقادة دول أفريقية أخرى هى جنوب السودان وتنزانيا وزامبيا.
حالة التهويل، بدت كما لو كانت العلاقات الإسرائيلية بتلك الدول وليدة اللحظة أو كانت سراً طوال السنوات الكثيرة الماضية، وفى مقابل تهويل الأضرار التى قد تلحق بنا، كانت هناك حالة استهانة بالدور الذى تلعبه إسرائيل فى دول أفريقيا، ومحاولاتها المستمرة لتعظيمه لتحقيق أكبر استفادة لصالحها وإلحاق أكبر ضرر يمكنها إلحاقه بنا!
...............
ماذا يفعل نتنياهو فى أفريقيا؟
السؤال طرحه الكاتب بيتر فام فى مقال نشرته مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، تناول فيه الأهداف الكامنة وراء جولة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى أفريقيا التى زار خلالها عدداً من الدول الأفريقية والتقى عدداً آخر من زعمائها، هو ما اعتبره «فام» محاولة للعودة إلى أفريقيا بعد انقطاع العلاقات مع القارة منذ زمن بعيد.
بيتر فام، المتخصص فى شئون أفريقيا لدى مجموعة الأبحاث أتلانتيك، أوضح فى المقال أن إسرائيل ستقوم بمساعدة كينيا على بناء جدار بطول 708 كلم تقريباً على طول الحدود مع الصومال، وذلك لمنع حركة «الشباب المجاهدين» والميليشيات المسلحة الأخرى من عبور الحدود.
وأضاف أن نتنياهو هو القائد الإسرائيلى الثانى الذى يقوم بزيارة تاريخية لأفريقيا بعد تلك التى قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إسحاق رابين للمغرب للقاء الملك المغربى الراحل الحسن الثانى عام 1993.
وقال بيتر فام إنه بالرغم من أن التغطية الإعلامية لجولة نتنياهو الأفريقية ركزت على مراسم استقباله فى عنتيبى بأوغندا، فإن القصة الحقيقية تتمثل فى العودة المهمة لإسرائيل فى الوقت الراهن إلى قارة كانت مغلقة فى وجهها بشكل فعلى منذ زمن بعيد.
وأضاف أن إسرائيل كانت واحدة من أوائل الدول التى تقيم علاقات دبلوماسية مع 33 دولة أفريقية من تلك التى حققت استقلالها فى ستينيات القرن الماضى، وأنها تبادلت السفراء معها وكانت من أكبر مانحى المساعدات لهذه الدول مدة من الزمن.
وأشار الكاتب إلى أن رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير التى أمضت فترة طويلة وزيرة خارجية لبلادها اعترفت فى مذكراتها بالقول: هل ذهبنا إلى أفريقيا لأننا بحاجة إلى أصوات فى الأمم المتحدة؟!.. وأجابت: نعم، فهذا كان أحد دوافعنا الشريفة ولن أخفيه مطلقاً عن نفسى أو عن الأفارقة.
ويمضى «بيتر فام» قائلا: إنه فى أعقاب انتصار إسرائيل فى حرب الأيام الستة فى 1967 قامت سبعة بلدان أفريقية بقطع علاقاتها معها، وإن أكثر من 23 دولة أفريقية أخرى قطعت علاقاتها بإسرائيل فى أعقاب حرب أكتوبر 1973 والاحتلال الإسرائيلى لشبه جزيرة سيناء التابعة لمصر، وهى عضو فى منظمة الدول الأفريقية.
ولم تحتفظ لاحقا أى دولة أفريقية بعلاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل سوى مالاوى وليسوتو وسوازيلاند، وأما فى 1975 فوصلت العلاقات الدبلوماسية الإسرائيلية مع الدول الأفريقية إلى الحضيض، وذلك بعد صدور قرار الأمم المتحدة الذى اعتمد فى نوفمبر من ذلك العام.
وأوضح أن هذا القرار هو الذى يقول إن الصهيونية تعتبر شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصرى، وقد صوتت 19 دولة لصالح القرار وإن لم تتمكن الدول الأفريقية من توافق شامل، حيث صوتت خمس دول أفريقية ضده هى ساحل العاج وليبيريا ومالاوى وسوازيلاند وأفريقيا الوسطى، وامتنعت 16 دولة أفريقية عن التصويت.
وأضاف الكاتب أن إسرائيل بدأت إعادة علاقاتها ببطء مع بعض الدول الأفريقية فى 1978، وذلك بعد أن عقدت إسرائيل اتفاق كامب ديفيد للسلام مع مصر، وأن الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود وعدداً من وزرائه التقوا حديثا بنتنياهو أثناء زيارة لإسرائيل لم يُكشف عنها إلا هذه الأيام.
وأشار إلى أن نتنياهو شرع فى زيارته الأخيرة لشرق أفريقيا، وأخبر وزراءه بأن إسرائيل تعتزم العودة إلى أفريقيا، وذلك نظراً لأهمية العلاقات الدبلوماسية فى بناء التحالفات والعلاقات الدولية فى أنحاء العالم.
وأما أبرز أهداف نتنياهو من وراء زيارته الأخيرة لأفريقيا، فتتمثل فى حشد الدعم لاستعادة صفة مراقب فى الاتحاد الأفريقى الذى تم إلغاؤه فى 2002 بناء على طلب من «الديكتاتور» الليبى معمر القذافى.
وأضاف الكاتب أن طلب نتنياهو لقى قبولا ودعما من جانب عدد من قادة الدول الأفريقية، بمن فيهم الرئيس الكينى أوهورو كينياتا الذى وصف الخطوة الإسرائيلية بأنها جيدة ليس فقط لكينيا بل جيدة من أجل أفريقيا «ومن أجل السلام العالمى»، وذكر أن كينياتا أشار إلى المصلحة المشتركة بين بلاده وجيرانها وإسرائيل فى محاربة «الإرهاب الإسلامى».
.................
زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، إلى الدول الأفريقية تصدّرت قائمة اهتمامات الصحف الإثيوبية، فى ظل التوتر القائم على مياه النيل بين مصر وإثيوبيا، فأشارت تلك الصحف إلى أن العلاقات «الإسرائيلية الإثيوبية» تعود إلى عام 1952، حين كان استيراد البقر من إثيوبيا، هو أبرز الأنشطة المعلنة، فيما كان ذلك غطاء لاستخدام إثيوبيا كقاعدة مخابراتية للموساد الإسرائيلى.
صحيفة «أديس أنيوز» الناطقة باللغة الأمهرية، ذكرت صباح الجمعة، فى خبر تحت عنوان «الخارجية المصرية تنتفض لتعاون إثيوبيا مع إسرائيل»، إن الإدارة الأفريقية بوزارة الخارجية المصرية تسودها حالة طوارئ، لدراسة ما حدث أثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى إثيوبيا، وأشارت إلى أنها تعد تقريرا سيطرح على كل من وزير الخارجية المصرى ووزير الرى للتأكد أن ما جرى لا يتعارض مع الاتفاقيات بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وأضافت الصحيفة أن مصر تخشى تدخل إسرائيل فى أزمة سد النهضة، لأنها تدرك جيداً، رغم اتفاقية السلام بين البلدين، أن إسرائيل تسعى بشكل أو بآخر بالإضرار بمصلحة مصر.
وتضمن الخبر تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبى هيلا مريام ديسالين الذى أكد أن إثيوبيا بحاجة إلى دعم إسرائيل فى جهودها الرامية فى التعامل مع مصر فى الكثير من المجالات رغم الخلاف بينهما منذ عهد الرئيسين عبدالناصر والسادات، وأشار إلى أن الاتفاق مع إسرائيل فى مجال المياه لا يعنى تهديد المياه الإقليمية لمصر.
وتابع «ديسالين» أن نجاح إثيوبيا فى توقيع اتفاقية من أجل قضايا الأمن الإليكترونى مع الجانب الإسرائيلى جاء نتيجة تخوفات إثيوبيا من تكنولوجيا المعلومات والأقمار الصناعية الإليكترونية التى تنقل معلومات خاطئة عن طبيعة إثيوبيا وعن الخطة التى تنوى الحكومة تطبيقها خلال السنوات المقبلة.
فيما نقلت الوكالة الإثيوبية الرسمية، ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، قبل مغادرته إثيوبيا بشأن استعداد بلاده لتقديم الدعم اللازم لإثيوبيا فى كل القطاعات، إذ قال «لقد خططنا لنكون مركز قوة للتكنولوجيا فى العالم، ونحن بحاجة إلى تبادل خبراتنا مع الدول الأفريقية مثل إثيوبيا، وأود أن أؤكد أن إسرائيل مستعدة للعمل مع إثيوبيا فى كل القطاعات».
وأعرب نتنياهو عن سعادته بدعم إثيوبيا تعيين إسرائيل بصفة مراقب فى الاتحاد الأفريقى، ما سيحفز بلاده على تعزيز دعمها لأفريقيا، وأشار إلى أنه اتفق مع الرئيس الإثيوبى مولاتو تشوم على محاربة الإرهاب فى منطقة القرن الأفريقى ومحاربة حركة الشباب فى الصومال.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلى، أن التعاون فى المجال المائى بين مصر وإثيوبيا، يتضمن تقديم كافة المساعدات إلى الجانب الإثيوبى التى تمكنه من الانتهاء من بناء سد النهضة مطلع يونيو 2017، دون الإضرار بمصالح مصر والسودان من الحصة المائية للنيل الأزرق.
فيما قال رئيس الوزراء الإثيوبى هيلى ماريام ديسالين، إن بلاده ستدعم تحركات إسرائيل الساعية لاستعادة مكانتها فى الاتحاد الأفريقى.
وأضاف ديسالين، خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره بنيامين نتنياهو فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، «لا يوجد سبب يمنع إسرائيل من صفة عضو مراقب فى الاتحاد الأفريقى».
من جانبه، أشاد نتنياهو بـ«العلاقات المميزة والتاريخية» بين الجانبين، مضيفا أن تل أبيب تنوى تعزيز التعاون مع أديس أبابا فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية خاصة فى مجال «مكافحة الإرهاب».
ودعا نتنياهو رجال أعمال شاركوا فى ندوة اقتصادية عقدت فى أديس أبابا، إلى زيادة الاستثمارات فى إثيوبيا والدولة العبرية، متعهدا بدعم الحكومة الإسرائيلية لهم.
.....................
ورغم العلاقات القديمة بل وشديدة القدم بين الدولتين، إلا أن العلاقات الدبلوماسية المعلنة بين تل أبيب وأديس أبابا بدأت فى 1989، وهو العام نفسه الذى زار فيه رئيس وزراء إثيوبيا تل أبيب، وبدأت العلاقات تزداد مع الوقت، حتى زار وزير الخارجية الإسرائيلى الأسبق، سيلفان شالوم أديس أبابا فى 2004، برفقة وفد اقتصادى مكون من 22 شخصية اقتصادية إسرائيلية معروفة، وأحدثت الزيارة صدى كبيراً لما نتجت عنه من اتفاقات بين الجانبين، أعلنت بموجبها إسرائيل نيتها تطوير الصناعة والزراعة الإثيوبية عن طريق استخدام التكنولوجيا الزراعية التى تفتقر إليها إثيوبيا، بالرغم من وجود أراض وثروة مائية كبيرة فى أديس أبابا لكنها غير مستغلة بحسب مراقبين فى هذه الآونة.
وكان توطيد علاقة إثيوبيا بالغرب والولايات المتحدة المدخل المهم الذى استغلته إسرائيل ولوحت به لإغراء الإثيوبيين لمد يد العون للدولة الحبشية، لتكون أديس أبابا المدخل الإسرائيلى صوب البوابة الأفريقية، ناهيك عن الاحتياج الإثيوبى للخبرة الإسرائيلية فى مجال التكنولوجيا الزراعية من أجل الخروج من أزمة المجاعات التى حلت بالدولة الإثيوبية.
ولا يمكن إحصاء الزيارات الدبلوماسية المتبادلة بين الطرفين بداية من الألفية الجديدة وحتى الآن، فمعظم الزيارات تهدف لتوطيد الجانب الاقتصادى بين الدولتين.
فهناك الزيارة التى قام بها وزير خارجية إثيوبيا لتل أبيب فى 2003، وبعدها زيارة سيلفان شالوم لأديس أبابا فى 2004، ثم زيارة رئيس وزراء إثيوبيا الأسبق، مليس زناوى، لتل أبيب فى يونيو 2004، وغيرها من الزيارات، ناهيك عن الزيارات والبعثات الطلابية التى تحرص إسرائيل على زيادتها مع الجانب الإثيوبى، من خلال إرسال وفودها إلى أديس أبابا، والعكس.
كما يكشف أرشيف الصحف عن أن البداية الإسرائيلية فى إثيوبيا كانت فى ستينيات القرن الماضى حينما بدأت إسرائيل فى إرسال خبرائها فى مجال الاقتصاد والأمن والزراعة والاتصالات، ودشنت إسرائيل سفارتها التى تعد الأضخم بين سفارات تل أبيب بعد سفارتها فى الولايات المتحدة الأمريكية.
.................
أرشيف الصحف يكشف أن سياسات التغلغل الصهيونى فى أفريقيا شهدت مراحل مختلفة بدأت فى عام 1957، حيث كان الكيان الصهيونى أول دولة أجنبية تفتح سفارة لها فى أكرا بعد أقل من شهر واحد من حصول غانا على استقلالها، حيث لعبت السفارة الصهيونية فى أكرا دوراً كبيراً فى تدعيم العلاقات بين البلدين، وهو ما دفعه إلى افتتاح سفارتين أخريين فى كل من منروفيا وكوناكرى، وذلك تحت تأثير إمكانية الحصول على مساعدات تنموية وتقنية من الكيان الصهيونى.
وتعمقت العلاقات الإسرائيلية الأفريقية مع قيام جولدا مائير -وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك- عام 1958 بزيارة أفريقيا لأول مرة، حيث اجتمعت بقادة كل من ليبيريا وغانا والسنغال ونيجيريا وكوت ديفوار، وبحلول عام 1966 كانت إسرائيل تحظى بتمثيل دبلوماسى فى كافة الدول الأفريقية جنوب الصحراء، باستثناء كل من الصومال وموريتانيا، ومع ذلك فإن أفريقيا كانت بمنزلة ساحة للتنافس العربى الإسرائيلى.
وقبل حرب أكتوبر 1973 كانت إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية مع خمس وعشرين دولة أفريقية، لكن فى الأول من يناير عام 1974 تقلص هذا العدد ليصل إلى خمس دول فقط هى: جنوب أفريقيا، ليسوتو، مالاوى، سوازيلاند، موريشيوس، وفى عام 1982 أعلنت دولة أفريقية واحدة هى زائير عن عودة علاقاتها مع إسرائيل، لأن الرئيس موبوتو كان بحاجة ماسة للمساعدات العسكرية الصهيونية وخاصة فى ميدان تدريب الجيش وحرسه الجمهورى.
وركزت إسرائيل فى تفاعلاتها الأفريقية منذ البداية، وحتى فى ظل سنوات القطيعة الدبلوماسية بينها وبين أفريقيا، خلال الفترة من 1973/1983، على المساعدات العسكرية فى مجال تدريب قوات الشرطة وقوات الحرس الرئاسى لعدد من الدول الأفريقية من بينها الكونغو والكاميرون، كما أنها تمد دولا أفريقية بالعديد من الخبراء والفنيين العسكريين الإسرائيليين، ورجال المخابرات المدربين، وضباط أمن وعسكريين متقاعدين، ومجموعات أمنية خاصة لتدريب وحدات المهام الخاصة فى بعض الدول الأفريقية، وتدريب وتأهيل الحراسات الخاصة، والمرافقة الأمنية الشخصية، الخاصة بالرؤساء والوزراء والقادة العسكريين وكبار مسئولى الدولة، حيث يقوم بهذه المهام ضباطٌ متقاعدون، ممن يملكون القدرة والكفاءة.
ووصل الأمر إلى قيام بعض الضباط الإسرائيليين فى مناطق التوتر الأفريقية بقيادة المعارك بأنفسهم، والنزول إلى جبهات القتال للإشراف على أداء المجموعات العسكرية، لضمان تفوقهم وانتصارهم، وهو ما تأكد فعلا من خلال مقتل العديد من الضباط الإسرائيليين فى معارك أفريقية داخلية ومنها السودان، فما يهم إسرائيل أن تنتقل المعارك وحالة عدم الاستقرار من جنوب السودان إلى شماله، ومنه إلى مصر التى تربطها بالسودان حدودٌ طويلة.
وتشير الإحصاءات التى نشرها مركز التعاون الدولى التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية أن عدد الأفارقة الذين تلقوا تدريبهم فى مراكز التدريب الإسرائيلية خلال الأربعين سنة الماضية وصل إلى نحو 24636 أفريقياً.
السلاح والألماس
ومن جانب التدريب إلى جانب التسليح حيث سارعت إسرائيل إلى توفير السلاح للدول الأفريقية بالإضافة إلى التدريب العسكرى، وتفيد الخبرة التاريخية أن إسرائيل تتعامل مع الأشخاص الأفارقة وذوى النفوذ أو الذين لهم مستقبل سياسى فاعل فى بلدانهم، ولعل حالة الرئيس الكونغولى الراحل موبوتو سيسىسيكو تطرح مثالاً واضحاً، فقد تلقى تدريبا إسرائيليا، ثم أصبح رئيسا للدولة بعد ذلك بعامين، ولا يخفى أن إسرائيل تقوم بتزويد العديد من الدول الأفريقية بالأسلحة مثل إثيوبيا وإريتريا. فإسرائيل قدمت للمتمردين فى جنوب السودان دعما عسكريا وماليا يقدر بمليارات الدولارات، ومعلومات مهمة بواسطة الأقمار الصناعية عن تحركات الجيش السودانى، حيث قتل عام 1988 خمسة ضباط إسرائيليين فى معارك داخل جنوب السودان، كذلك كانت إسرائيل هى من نقلت المعارك من جنوب السودان إلى شماله.
كما أصبحت إسرائيل منذ تسعينيات القرن العشرين المورد الرئيسى للأسلحة والأجهزة العسكرية والعتاد الحربى وتكنولوجيا الحرب المتطورة، وأجهزة التشويش، إلى العديد من الدول الأفريقية، خاصةً تلك التى تشهد اضطرابات قبلية، وحروبا داخلية أو حدودية مع دول مجاورة.
الأخطر من ذلك كله هو أن إسرائيل تعتبر القارة الأفريقية حقلا جاهزا لإجراء الكثير من التجارب فيها، ولكنها تركز فى مبيعاتها للأسلحة إلى الدول الأفريقية على أنواع من الأسلحة الخاصة، كما تعمل إسرائيل على البحث عن أماكن جديدة لإجراء تجاربها المحظورة والمحرمة دوليا ولن تجد مكانا أفضل من الدول الأفريقية لإجراء ذلك، وهو ما كانت تتعاون فيه سابقا مع حكومات جنوب أفريقيا العنصرية، ولكنها خسرت هذه الفرصة مع سقوط النظام العنصرى، وتولى حكومات ديمقراطية تعارض إسرائيل الحكم فيها.
كما مثلت السفارات الإسرائيلية فى دول أفريقيا أوكارا للتجسس ولتوقيع العقود، وإبرام الصفقات العسكرية والأمنية، ومكاتب متخصصة لمختلف الاستشارات الفنية، فى الوقت الذى تقوم فيه بالتجسس على المواطنين، ويساعدهم فى ذلك مجموعات متمردة فى هذه الدول ممن يظاهرون الحكومة بالعداء، ويقاتلونها لإسقاطها أو الانفصال عنها، وقد أعلن عددٌ من قادة المتمردين عن زياراتهم المتكررة لإسرائيل، ولقاءاتهم مع مسئولين فيها.
تعمل إسرائيل على ألا يكون لدول مثل إيران والصين وأحيانا روسيا موطئ قدم فى أفريقيا، أو أن تتعاظم قوتهم فيها، لهذا فإنهم وحدهم أو بالتنسيق مع حلفائهم، يحاولون مجابهة إيران تحديداً، وقطع خيوطها فى أفريقيا، ومنعها من أن تتغلغل فيها أكثر.
..................
ما حدث وما يحدث يؤكد أن إسرائيل بعد أن فشلت محاولاتها العديدة والتاريخية للوصول إلى مياه النيل عن طريق مصر، خلال مشروع ترعة السلام، قامت بالالتفاف حتى تصل إلى المنابع، واندفعت إثيوبيا فى توثيق علاقاتها مع إسرائيل لتحقيق هدف مشترك بين الدولتين، وهو كسر الطوق العربى فى البحر الأحمر، ونزع الصفة القومية عن هذا البحر، لذلك جعلت إثيوبيا شواطئ إريتريا وجزرها تحت السيطرة الأمريكية والإسرائيلية، وقدمت لها تسهيلات استراتيجية غير محدودة.
إن إسرائيل ومنذ نشأتها تتعامل مع قضية المياه من منطلقات جيو سياسية، فأطماعها تعدت مياه النيل، ففى عام 1990 قامت إسرائيل بدراسة عن طريق الأقمار الاصطناعية لتقدير كمية المياه الجوفية المخزنة فى صحراء شبه جزيرة سيناء، وقامت بحفر آبار ارتوازية على عمق 800م بالقرب من الحدود المصرية فى سيناء وهى بذلك تقوم بسرقة المياه المصرية، كما نجحت فى سرقة مياه نهر الأردن واليرموك والليطانى ومياه فلسطين، وعملت بكل قوة على إبعاد سوريا عن نهر الأردن وبحيرة طبرية، وبتحريض منها أيضاً بدأت بعض دول المنبع المطالبة بالمحاصة المتساوية فى نهر النيل، ومطالبة دول المصب أى مصر والسودان بدفع أثمان مياه نهر النيل.
فى عام 1974 طرحت دولة الاحتلال مخططا يقضى بنقل مياه نهر النيل إليها، عبر حفر ست قنوات تمر من تحت قناة السويس لنقل ما يقارب المليار م3 من المياه المصرية سنويا إلى صحراء النقب، حيث صمم حينها المهندس الإسرائيلى (اليشع كيلى) مشروعا لمحاولة جلب مياه النيل لإسرائيل من خلال توسيع ترعة الإسماعيلية، حتى يزيد معدل تدفق المياه داخلها وسحبها من أسفل قناة السويس.
كما طرحت إسرائيل أكثر من مرة قضية مياه نهر النيل وطالبت بحصولها على ما يقارب 8 مليارات م3 سنويا لحل مشكلة المياه فيها، وتعمل من أجل ذلك على إرسال عشرات الخبراء فى العديد من المجالات مثل الزراعة والرى والخبراء العسكريين إلى دول حوض النيل وخاصة (أوغندا، تنزانيا، كينيا،وإثيوبيا) لتطويق مصر والسودان مائيا وتهديد أمنهما القومى والتسبب فى نزاعات قد تتطور إلى خوض حروب على المياه بين دول المنبع والمصب فى حوض النيل، وأزمة سد النهضة حاليا أكبر دليل.
وخلال ثمانينيات القرن الماضى، انتقلت إسرائيل إلى العمل المباشر بوصول خبراء إسرائيليين لكل من إثيوبيا وأوغندا لإجراء أبحاث تستهدف إقامة مشروعات للرى على النيل تستنزف 7 مليارات متر مكعب أو 20% من وارد النيل إلى مصر، وذلك على الرغم من انتفاء الحاجة إلى مشاريع رى مائية فى أوغندا التى تصلها أمطار استوائية تبلغ سنويا 114 مليار متر مكعب.
ثم كانت مزاعم إسرائيل بأن هناك فوائض فى الرى المصرى تقدر بنحو 10 مليارات متر مكعب فى السنة، وأن هذه الكمية لن يتم استخدامها قبل اكتمال مشروع قناة جونجلى الذى يقلل حجم المياه التى تفقدها مصر والسودان فى البحر المتوسط، كما زعمت أن المياه المصرية التى يتم إهدارها فى البحر المتوسط فى الشتاء (خلال شهرى ديسمبر ويناير) من كل عام بسبب الطلب على المياه لأغراض الكهرباء والملاحة، ينبغى الاستفادة منها خلال مشروع لنقل المياه إلى إسرائيل من خلال (ترعة السلام) إلى صحراء النقب، وهو الهدف الذى تسعى إسرائيل إلى تحقيقه من خلال الضغط على مصر بالتعاون مع إثيوبيا.
ولم يكتف التعاون الإسرائيلى الإثيوبى حول شركات الكهرباء والاتصالات فقط، وإنما أمدت إسرائيل إثيوبيا بالأسلحة والمعدات العسكرية والذخائر، وكذلك قدمت لها دعماً فى المجال الأمنى وحرب العصابات، إضافة إلى تدريب الطيارين الإثيوبيين بالقوات الجوية الإسرائيلية، وتطوير نظم الاتصالات بين القيادة الجوية فى البلدين، إضافة إلى تبادل الزيارات بينهما على المستويين السياسى والأمنى.
فكرة تحويل ولو جزء من مياه النيل إلى صحراء النقب عبر سيناء. وهى فكرة قديمة تقدم بها هرتزل «مؤسس الحركة الصهيونية» عام 1903 إلى الحكومة البريطانية، وكانت حجته أن هناك فائضاً من مياه نهر النيل يفيض عن حاجة مصر ويصب فى البحر المتوسط دون استخدامه فى الزراعة أو تخزينه، حيث لم يكن لدى مصر فى ذلك الوقت أى خزانات على نهر النيل، لذلك فكر أصحاب هذا المشروع فى نقل هذا الفائض من مياه نهر النيل إلى سيناء عبر ترعة الإسماعيلية وقناة السويس.
وقد ظلت هذه الفكرة مرتبطة بالمراحل التاريخية للصراع العربى الإسرائيلى، ففى أعقاب الانتصار الذى تحقق فى حرب أكتوبر 1973، وما أعقبه من الحديث عن السلام، طرحت إسرائيل فى منتصف السبعينيات رغبتها فى الحصول على 10% من إيراد نهر النيل وهو ما يمثل (8 مليارات م3) لحل مشكلة المياه فى «إسرائيل». فى حين اقترح رئيس جامعة تل أبيب «حاييم بن شاهار» بأن تسعى «إسرائيل» إلى إقناع مصر بضرورة منحها حصة من مياه النيل لا تتجاوز نسبة (1%) تُنقل بواسطة أنابيب بهدف استخدامها فى مشاريع التنمية الزراعية داخل قطاع غزة وخارجها.
كما اقترح بعض خبراء المياه من الإسرائيليين أن تمد مصر قطاع غزة بما يعادل (100 مليون م3) سنوياً من المياه، وهى نسبة تُعادل (0.2%) من استهلاك مصر من المياه، كما اقتراح بعض المهندسين «الإسرائيليين» إقامة مشروع ضخم لجلب مياه النيل إلى صحراء النقب الشمالى عبر ترعة الإسماعيلية وعن طريق أنابيب تحت قناة السويس.
وكان من أبرز هذه المقترحات، ما طرحه المهندس الزراعى الإسرائيلى «اليشع كالى» عام 1974، من مشروع «مياه السلام»، والذى يتلخص فى توسيــع ترعة الإسماعيلية لزيـــادة تدفـق المياه فيها، وتنقل هـذه المياه عن طريــق سحــارة أسفل قناة السويس بعد اتفاقيات السلام لتنفيذ المشروع. كذلك مشروع «شــاؤول أولوزوروف» الخبير المائى الإسرائيلى النائــب السابق لمديــر هيئة المياه (الإسرائيلية)؛ حيث قدم مشروعاً للسادات أثناء مباحثات كامب ديفيد يتلخص فى شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس وبإمكان هـذا المشروع نقل مليار م3، لرى صحراء النقب منها 150 مليون م3، لقطاع غزة.
.................
وتحت أيدينا تقارير تؤكد أن المخابرات الصهيونية عقدت اجتماعات أمنية مع بعض دول حوض النيل، من أجل تحريضها والضغط على مصر لتعديل اتفاقية دول الحوض وتقديم مساعدات مالية مغرية وسخية وتقنيات حديثة من أجل بناء سدود ومشروعات زراعية فى كل من إثيوبيا وأوغندا، هذه «المساعدات» التى تقوم بها إسرائيل تتجاوز حدود ما يسمى «بالمنافسة الدبلوماسية» مع مصر، لأن الموضوع بالنسبة إلى إسرائيل يتمثل فى تحقيق حلمها القديم بالوصول إلى مياه النيل.
وإسرائيل تعمل على الدوام على تهديد الأمن الوطنى السودانى منذ عام 1952، فقبل أن ينال السودان استقلاله قامت الدولة العبرية بدعم ومساعدة التمرد بالجنوب لإضعاف قوى الشمال ذات الارتباط العربى، فقد صنَّفت إسرائيل السودان على أنه دولة معادية لها، نتيجة لمشاركة كل وحدات الجيش السودانى القتالية بالفعل فى الصراع ضد إسرائيل فى حرب أكتوبر 1973، وجعل أرضه فى الشمال الشرقى تحت تصرف القيادة المصرية لنصب صواريخ أرض جو لإفشال أى عملية التفاف على الجيش المصرى لضرب السد العالى، ولم تغيِّر العلاقة التى نشأت بين المخابرات السودانية والإسرائيلية فى عهد الرئيس السابق جعفر محمد نميرى من توصيف الحالة بين إسرائيل والسودان، بدليل أن إسرائيل رغم نجاحها فى وجود علاقة مع مركز القيادة السودانية فإنها لم تتوقف عن دعمها لحركة التمرد فى الجنوب.
هنا، يجب علينا أن نعى مدى خطورة المؤامرة على وحدة السودان وتمزيق الشمال عن الجنوب، فما هو إلا جزء من الاستراتيجية الصهيونية منذ أكثر من نصف قرن، فمنذ خمسينيات القرن الماضى شكل مؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن جوريون فريق عمل صهيونيّا لوضع الاستراتيجيات اللازمة لاختراق الدول العربية، وبخاصة دول الطوق ودول المحيط، ومن أبرز هذه الدول السودان.
إن محاولة تفكيك السودان وإضعافه ليست وليدة سياسات إسرائيلية جديدة، بل منذ عشرات السنين ديفيد بن جوريون قال: إن الجهد الإسرائيلى لإضعاف الدول العربية يجب ألا يحشد على خطوط دول المواجهة فقط، بل فى الجماعات غير العربية التى تعيش على التخوم فى شمال العراق وجنوب وغرب السودان وفى جبال لبنان.
ووفقاً لهذا التصور أنشأت وزارة الخارجية الإسرائيلية فى داخلها «المؤسسة الدولية للتعاون والتنمية» (MASHAV)، التى تقوم بمهام الربط ما بين مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص لإحداث اختراق إسرائيلى محكم للقارة الأفريقية، ويعد جهاز التعاون الدولى الإسرائيلى أحد أذرع وزارة الخارجية فى تنفيذ وتحقيق سياساتها فى القارة الأفريقية.
وأبرز الأنشطة التى يعمل فيها «MASHAV» إقامة المزارع وتأسيس غرفة للتجارة الأفريقية الإسرائيلية، وتقديم الدعم فى مجالات الزراعة والصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، وتقديم الخبراء والخبرات فى بعض المجالات التكنولوجية والعلوم التطبيقية، بالإضافة لتقديم المنح والقروض والدورات التدريبية فى العديد من الأنشطة التى تحتاجها دول القارة الأفريقية، من خلال التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والسفارات الأجنبية، وبصفة خاصة هيئة المعونة الأمريكية «USAID» التى نشطت على ضوء مبادرة كلينتون للشراكة مع أفريقيا.
ويتركز نشاط «الماشاف» على فئات معينة مثل القادة والنساء والخبراء والشباب الذين سيصحبون صنّاع السياسة مستقبلاً، ويتجه نشاطه للتركيز على التجمعات الإسلامية والعربية التى تعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل للحصول على تأييدها فى دول مثل كينيا وأوغندا وإثيوبيا.
....................
وأواخر 2011 جاءت زيارة وزير الخارجية الصهيونى أفيجدور ليبرمان إلى عدد من دول حوض النيل استكمالاً للمخطط الصهيونى لفرض نفوذها والاستيلاء على منابع نهر النيل. وهو المشروع الذى بدأ فى عقول رواد الصهيونية الأوائل من أمثال هرتزل قبل قيام الدولة الصهيونية على أرض فلسطين بسنوات كثيرة.
وتطورت العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية الإثيوبية حتى إن وزير الزراعة الإثيوبى، تفرا دبرو أعلن أن 250 شركة إسرائيلية تقدمت بطلبات للحصول على رخص تجارية للعمل فى مجالات مختلفة داخل إثيوبيا فى مارس 2014.
كما بدأ حوالى 50 رجل أعمال إسرائيلياً بإقامة مشروعات منذ 2014 فى قطاعات مختلفة، إضافة إلى حضور 60 مستثمراً إسرائيلياً اجتماعاً مع وزير الزراعة الإثيوبى لبحث سبل التعاون فى مجالات مختلفة، أكد عليها دبرو فى تصريحاته عقب الاجتماع.
تفرا دبرو، قال وقتها إن بلاده تتطلع إلى الاستفادة من التجربة الإسرائيلية التى تمتلك التكنولوجيا الحديثة فى قطاع الزراعة. وإن العلاقات القديمة بين البلدين لم تستفد منها بلاده فى تعزيز التبادل التجارى والاستثمارى على الوجه الأمثل.
أيضاًً، ظهر التعاون الأمثل بين تل أبيب وأديس أبابا فى مجال الطاقة والكهرباء، حيث ذكرت صحيفة «كابيتال» الإثيوبية يوم 16 سبتمبر 2012، أن مجلس إدارة شركة الكهرباء الإثيوبية التابعة للدولة وافق بشكل رسمى على اختيار شركة كهرباء إسرائيل لتولى إدارة قطاع الكهرباء فى إثيوبيا، كما تم الاتفاق على إنشاء محطات طاقة ووقود تتولى إسرائيل إدارتها.
وفى هذا الشأن ذكرت وزارة الشئون الخارجية الإثيوبية أن وزير الخارجية تيدروس أدهانوم حث الشركات الإسرائيلية فى مارس 2014 على الاستثمار الإسرائيلى داخل إثيوبيا، جاء ذلك أثناء لقائه رئيس شركة، ألانا بوستاش، الإسرائيلية لإنتاج البوتاس نجيب أبا، وذكر بوستاش أن إجمالى استثماراته يصل إلى 650 مليون دولار، مع استعداد الشركة لإقامة مصنع فى المنطقة وإمداده بالتكنولوجيا المطلوبة وتعهد بتلبية الطلبات المحلية.
...............
زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى الدول الأفريقية لم تكن خارج توقعات مصر، بل إن تغلغل إسرائيل فى العمق الأفريقى لم يكن بعيداً عن الرصد، ففى بداية 2010 وبعد تفجر أزمة حوض النيل بين مصر والسودان، من جهة، ودول المنبع السبع من جهة أخرى حول الاتفاقية الإطارية لحوض النيل، التى أسفرت عن قيام 5 دول من دول المنبع بالتوقيع على الاتفاقية، كانت أصابع الاتهام تشير بوضوح إلى إسرائيل التى كانت تقف وراء تحريض دول المنبع ضد مصر.
وقتها، صدر تقرير رسمى مصرى قارن بين دور مصر فى دول حوض النيل والدور الإسرائيلى فى تلك الدول، عرفنا منه أن القاهرة لديها 8 سفارات فى جميع دول الحوض إضافة إلى إريتريا التى تمتلك صفة المراقب، فى حين لا تملك إسرائيل سفارات سوى فى 3 دول فقط وهى: إثيوبيا وكينيا وأوغندا، إضافة إلى قائم بالأعمال فى إريتريا.
التقرير الذى قارن بين الوجوديين المصرى والإسرائيلى فى دول حوض النيل كل على حدة، أوضح أنه بالنسبة لدولة الكونغو الديمقراطية هناك وجود مصرى مكثف وزيارات متبادلة للمسئولين المصريين والكونغوليين لكل من القاهرة وكينشاسا.
واعترف التقرير بأن التبادل التجارى بين البلدين شبه منعدم بسبب الأوضاع الداخلية المضطربة فى هذه الدولة، بالإضافة إلى أنه لا توجد أى شركات مصرية تعمل على أراضى الكونغو الديمقراطية فى الوقت الحالى، مشيراً إلى بعض المساعدات الإنسانية التى قدمتها مصر للكونغو.
وفى المقابل، أكد التقرير أن الفترة الماضية لم تشهد أى نشاط إسرائيلى علنى ملحوظ لإسرائيل فى هذا البلد سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى أو الثقافى، حيث يرجع آخر نشاط لتل أبيب فى هذه الدولة إلى الزيارة غير المعلنة للسفير الإسرائيلى غير المقيم فى كينشاسا «جاك ريفية» فى فبراير 2010 والتى قام خلالها بمقابلة بعض المسئولين الكونغوليين لإبداء رغبة إسرائيل فى شراء قطعة أرض لبناء سفارة إسرائيلية بالعاصمة كينشاسا، إضافة إلى بحث فرص عقد دورات تدريبية للأطباء والمهندسين الزراعيين الكونغوليين فى إسرائيل ومناقشة استعداد إسرائيل لإمداد الجيش الكونغولى ببعض المواد اللوجيستية.
ولفت التقرير إلى الزيارات المتعددة التى قام بها وزراء مصريون، على رأسهم وزراء الزراعة والتعاون الدولى والتضامن لأوغندا.
وأوضح أن هناك نشاطاً ملحوظاً للشركات المصرية فى أوغندا حيث يوجد هناك عدد كبير من الشركات العاملة، منها شركة «مساهمة البحيرة» التى تقوم بتنفيذ المشروعات الخاصة ببعثة الرى المصرية «مشروع إزالة الحشائش وميناء الصيد بمنطقة جابا»، وشركة النصر للاستيراد والتصدير وشركة مصر للطيران-كمبالا وبنك مصر وشركة المقاولون العرب التى بدأ نشاطها الفعلى فى كمبالا فى عام 1998، وتقوم حالياً بتنفيذ العديد من المشروعات المهمة فى أوغندا.
وبالنسبة للوجود الإسرائيلى، أوضح التقرير أن العلاقات الإسرائيلية الأوغندية ترجع إلى خمسينيات القرن الماضى، مشيراً إلى أنه على الرغم من ذلك فإن الزيارة البارزة التى قام بها مسئول إسرائيلى لأوغندا هى زيارة وزير الخارجية الإسرائيلى ليبرمان إلى كمبالا ضمن جولة أفريقية فى سبتمبر 2009 شملت وقتها إثيوبيا وكينيا وأنجولا وأوغندا، حيث كانت هذه الزيارة هى الأولى لوزير إسرائيلى لأوغندا، ورافق ليبرمان خلال الزيارة مسئولون أمنيون ومخابراتيون وكذلك 20 من رجال الأعمال وممثلى الشركات الإسرائيلية.
وأكد التقرير أنه لا يوجد أى وجه للمقارنة بين العلاقات المصرية-الإريترية والعلاقات الإسرائيلية-الإريترية وتحديداً منذ عام 2008، موضحا أن هذا الأمر تظهر بوادره فى اتساع حجم وأوجه التعاون بين القاهرة وأسمرة وتعدد زيارات المسئولين المصريين والإريتريين للبلدين.
وأشار التقرير إلى زيارة أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، والوزير عمر سليمان، لأسمرة فى أكتوبر 2009، إضافة إلى زيارات عدد من كبار المسئولين المصريين لإريتريا. كما أشار أيضاً إلى زيارات عدد من الوزراء الإريتريين للقاهرة، على رأسهم وزراء الخارجية الإريترى والزراعة والطاقة والتعدين والصحة.
وأوضح التقرير أن حجم الصادرات المصرية إلى إريتريا بلغ حوالى 15 مليون دولار، مشيراً إلى قيام مصر بدعم المدارس الإريترية بـ5 مدرسين لغة عربية، كما زاد عدد الإريتريين المستفيدين من منح التعليم العالى من 4 طلاب خلال العام الدراسى 2007-2008 إلى 16 طالباً خلال العام الدراسى 2008-2009 وصولاً إلى 19 طالباً خلال العام الجارى.
وبالنسبة للعلاقات الإسرائيلية-الإريترية فقد أكد التقرير أن هذه العلاقات تتسم بالتذبذب والتغيرات الشديدة من وقت لآخر تبعاً لتوازنات القوى والمصالح الإسرائيلية فى المنطقة، موضحاً أن إسرائيل سعت منذ البداية للإبقاء على إريتريا ضمن الجسد الإثيوبى، لذا عملت على إعاقة استقلالها بشتى الطرق تجسيداً للإستراتيجية الإسرائيلية العسكرية فى البحر الأحمر حيث يستمر التفوق الإسرائيلى فى ضوء سيطرة إثيوبيا على إريتريا.
وعلى صعيد العلاقات المصرية-الرواندية، أكد التقرير أن العلاقات بين البلدين أكثر تنوعاً وعمقاً من نظيرتها الإسرائيلية-الرواندية، كما يربط بين القاهرة وكيجالى العديد من الأطر الإقليمية والاقتصادية.
وأشار التقرير إلى الزيارة التى قام بها الرئيس الرواندى بول كاجامى على رأس وفد رفيع المستوى إلى القاهرة فى الفترة من 4-7 نوفمبر 2009 وهى الزيارة الرئاسية الأولى التى يقوم بها رئيس رواندى للقاهرة منذ 15 عاما.
وبالنسبة للعلاقات الإسرائيلية-الرواندية أكد التقرير أن العلاقات بين البلدين جيدة، لكنها محدودة فى الوقت الراهن وهى مرشحة للتنوع والزيادة فى المستقبل، ويلاحظ أن مؤسسات أمريكية رسمية ومدنية تدخل فى مشروعات إسرائيلية تنفذها فى دول أفريقية ما يعطيها مزيداً من الثقل السياسى والموضوعى.
وقال التقرير: إنه لا يوجد تمثيل دبلوماسى لرواندا فى إسرائيل، والتمثيل الإسرائيلى فى رواندا «غير مقيم».
وبالنسبة للعلاقات مع بوروندى أكد التقرير أن العلاقات بين مصر وبوروندى متميزة، حيث قام رئيس بوروندى بزيارة للقاهرة حيث عقد قمة ثنائية مع الرئيس مبارك فى 17 مارس 2009، مشيرا إلى الزيارات المتعددة التى قام بها مسئولون مصريون لبوروندى وكذلك زيارات المسئولين البورونديين لمصر.
وأوضح التقرير أنه بالنسبة للعلاقات الإسرائيلية البوروندية فإن إسرائيل تتبع سياسة التكتم والغموض فى علاقاتها مع بوروندى فلا توجد مصلحة مباشرة لتل أبيب فى بوجمبورا.
وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية-الإثيوبية أكد التقرير أن هذه العلاقات تعد من أقدم العلاقات فى أفريقيا حيث أقيمت العلاقات بين البلدين عام 1927، وأن هذه العلاقات تتخذ طابعاً خاصاً نظراً لاشتراك البلدين فى ملفات بالغة الحيوية، أبرزها المياه وأمن القرن الأفريقى ومكافحة ظاهرة القرصنة.
وأوضح التقرير أن العلاقات الاقتصادية المتميزة بين البلدين إضافة إلى وجود عدد من الشركات المصرية العاملة هناك.
وبالنسبة للعلاقات الإثيوبية-الإسرائيلية، أوضح التقرير أن إسرائيل نجحت فى الحفاظ على علاقتها مع إثيوبيا خلال فترات حكم الأنظمة المختلفة منذ خمسينيات القرن الماضى وحتى الآن فى صورة جيدة، مشيراً إلى أن العلاقات الرسمية بين إسرائيل وإثيوبيا بدأت عام 1955 بالعلاقات القنصلية، حيث تم افتتاح سفارات للدولتين فى أديس أبابا وتل أبيب عام 1961، ولكن قامت إثيوبيا بقطع علاقتها الرسمية مع إسرائيل فى أعقاب حرب أكتوبر 1973، أسوة بالدول الأفريقية التى اتخذت هذا الإجراء، ثم عادت العلاقات الرسمية بين البلدين عام 1989.
وحول العلاقات المصرية-الكينية أكد التقرير أنها علاقات متميزة، مشيراً إلى زيارات مسئولى البلدين لكل من القاهرة ونيروبى.
وأشار التقرير إلى المنح المتعددة التى تقدمها مصر إلى كينيا فى جميع المجالات.
وبالنسبة للعلاقات الكينية-الإسرائيلية قال التقرير إنه تم إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين كينيا وإسرائيل فى ديسمبر عام 1963، وقد مرت العلاقات الكينية بمراحل مختلفة، حيث تم قطع العلاقات فى عام 1973 بسبب حرب أكتوبر، التى شهدت تضامناً أفريقياً مع الموقف العربى.
.................
هكذا، يتأكد لنا ما ذكرناه فى البداية عن أن العيون مفتوحة وترصد منذ سنوات وسنوات، وبالتأكيد فإن كل فعل إسرائيلى يسبقه فعل مصرى، لا ينتظر أن يكون رد فعل.
ومن هنا يكون علينا ألا نبالغ فى تهويل الأضرار التى قد تلحق بنا من زيارة كتلك التى قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلى.. لكن علينا أيضاً ألا نستهين بالدور الذى تلعبه إسرائيل فى دول أفريقيا، ومحاولاتها المستمرة لتعظيمه لتحقيق أكبر استفادة لصالحها وإلحاق أكبر ضرر يمكنها إلحاقه بنا!!