الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:36 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:تفاصيل أخطر مؤامرة ضد «السيسى» فى منتجع بوتشن

150 شخصية من قادة العالم يجتمعون وسط حراسة المخابرات النمساوية والكندية لإشعال الفوضى فى مصر!
وقائع اختراق المنظمات السرية التى تحكم العالم
- «بيلدربيرج».. كلمة السر لاغتيال رؤساء الشرق الأوسط وتصعيد البديل
- «كلينتون» انضم للمنظمة عام 1991 وتحول بعدها من حاكم مغمور لولاية أركنساس إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
- تونى بلير أصبح رئيس وزراء بعد ٣ سنوات من حضور مؤتمر للمنظمة عام ١٩٩٣
- «كيسنجر» اصطحب «مارجريت تاتشر» فى سيارته الليموزين فأصبحت رئيسة وزراء بعد أربع سنوات من اللقاء!
- المنظمة عقدت اجتماعها الأخير فى ألمانيا بحضور هنرى كينسجر وبلغت تكاليف الحراسة 28 مليون دولار!
- أنجيلا ميركل، وتونى بلير، وديفيد كاميرون من أشهر الأعضاء وهى أقوى المنظمات
- جمعية «الجمجمة والعظام» تضم جون كيرى وجورج بوش وهدفها إعادة تشكيل خرائط العالم
بينما اهتمت عدة صحف ومواقع إلكترونية بتقرير نشرته جريدة الإكسبريس البريطانية عن أخطر خمس جمعيات سرية تحكم العالم، فإن حدثاً سنوياً شديد الأهمية والخطورة، مر كعادته كل عام مرور الكرام.. والحدث الذى نقصده هو اجتماع نادى «بيلدربيرج» فى مدينة دريسدن الألمانية، وهو النادى الذى اجتمع أعضاؤه لأول مرة عام 1954، محاطين بجدار من السرية فتحت الأبواب أمام تفسيرات نظرية «المؤامرة» واحتمالات وجود حكومة سرية تحكم العالم، خاصةً مع تأكيدات مشاركة عديد من القادة الفاعلين عالمياً.
وما يستلفت النظر هو أن نادى أو جمعية «بيلدربيرج» كانت هى الجمعية الخامسة التى تناولها تقرير جريدة «الإكسبريس»، فذكر أنها تشكلت فى هولندا عام 1954، بواسطة العائلة المالكة هناك، وأنها هى الأقوى على حد قول الصحيفة البريطانية، وتعتبر حكومة العالم السرية لأنها تضم أكثر من 150 شخصاً من كبار القادة والسياسيين ورجال المال والاقتصاد فى أوروبا وأمريكا.
وكان الهدف من تشكيلها الجمع بين القادة الأمريكيين والأوروبيين لتعزيز العلاقات والتعاون فى القضايا السياسية والاقتصادية والدفاعية.
وجاء فى تقرير «الإكسبريس» أن من أشهر أعضاء الجمعية أو النادى، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وهنرى كيسنجر، وتونى بلير، وديفيد كاميرون، ورئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر، وأشارت الجريدة البريطانية إلى ما يتردد عن أن جمعية «بيلدربيرج» هى التى تخطط وتضع سياسات النظام العالمى الجديد، وتحاول فرض حكومة عالمية واحدة.
*******************
2
غير «بيلدربيرج»، كشفت الـ«إكسبريس» البريطانية، النقاب عن أربع جمعيات سرية أخرى قالت إنها موجودة منذ قرون طويلة وإنها تحكم العالم وتحرك قادة الدول الكبرى لتنفيذ سياستها وتحقيق أهدافها الخفية.
وعلى رأس تلك الجمعيات، جاءت جمعية «الجمجمة والعظام»، التى تشكلت عام 1832 فى جامعة «ييل» الأمريكية بمبادرة من أشهر أساتذتها،، وكان من أبرز أعضائها الرئيس الأمريكى السابع والعشرون وليام هوارد تافت الذى تولى الرئاسة من عام 1908 إلى عام 1912.
والمعروف أن العضوية فى الجمعية كانت متاحة للمنحدرين من أسر نبلاء أمريكيين من الأصل الأنجلوسكسونى البروتستانتى فقط.. ووفقاً لتقاليد الجمعية، ظل أعضاؤها على التواصل فيما بينهم طول حياتهم بعد التخرج من الجامعة. وحل أعضاؤها مناصب مهمة فى شتى المجالات.
ومن أشهر أعضائها الحاليين وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى، والرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الأب ونجله جورج دبليو بوش.
ويتهم مؤيدو نظرية «المؤامرة» هذه الجمعية، بأنها مسئولة عن صناعة القنبلة النووية وإلقائها على اليابان، واغتيال الرئيس الأمريكى الأسبق جون كيندى، إضافة إلى العديد من الحوادث العالمية الأخرى.
واحتلت جماعة «المتنورين» المركز الثانى فى قائمة أخطر الجمعيات السرية التى تدير العالم، التى تأسست فى ألمانيا عام 1776 على يد آدم إيزهاوبت، بهدف خلق مجتمعات علمانية فى أوروبا، ومقاومة التمدد الدينى آنذاك.
وتضم الجمعية فى عضويتها حالياً العشرات من السياسيين العالميين ونجوم الفن والمجتمع ومن أبرزهم الرئيس الأمريكى الحالى باراك أوباما، ونجوم الفن جاى زى، ومادونا، وبيونسيه.
ويقول أصحاب نظرية «المؤامرة» إن «المتنورين» تسللوا إلى صناعات الإعلام والترفيه والموسيقى لاستخدامها فى غسل أدمغة الجماهير، وهى المتهم الرئيسى وراء عشرات الحروب والثورات الدامية التى شهدها العالم.
وتعتبر جمعية «الماسونيين» أو «البنائين الأحرار»، التى تشكلت فى بريطانيا عام 1717 هى الجمعية الأم التى تفرعت منها كل الجمعيات السرية السابقة واللاحقة التى تتحكم فى العالم.
ومن أشهر أعضائها السابقين الرئيسان الأمريكيان السابقان جورج واشنطن وبنجامين فرانكلين، ورئيس الوزراء البريطانى الأسبق ونستون تشرشل، والموسيقار العالمى الشهير موزارت، والممثل الأمريكى هارى هودينى الذى اشتهر بلقب أستاذ فن الوهم.
أما جمعية «البوستان البوهيمى»، فاحتلت المرتبة الرابعة فى القائمة. وقد تشكلت فى عام 1872 على يد مؤسسها هنرى إدواردز فى منطقة مونتى ريو بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
ومن أشهر أعضائها رؤساء أمريكا السابقون ريتشارد نيكسون، ورونالد ريجان، وبيل كلينتون، وزوجته هيلارى كلينتون المرشح الرئاسى الأوفر حظاً فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية.
********************
3
ما يلفت النظر، كما أشرنا، هو أن تقرير الـ«إكسبريس» جاء بعد أيام من انتهاء أعمال اجتماع نادى بيلدربيرج، والتى انتهت الأحد الماضى 12 يونيو 2016 فى مدينة دريسدن الألمانية، وقيل إن الاجتماع اتخذ عدة قرارات فى قضايا دولية، من بينها سياسة الاتحاد الأوروبى حيال المهاجرين والرئيس الأمريكى القادم.
ونشير هنا إلى أن بين ما تم تسريبه عن الذين شاركوا فى الاجتماع رئيس المخابرات المركزية الأمريكية السابق ديفيد بترايوس؛ والرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطانى جون ساورز؛ والرئيس التنفيذى لشركة «بريتش بتروليوم» العملاقة روبرت دادلى. كما تردد أيضاً أن بين المشاركين رئيس المفوضية الأوروبى السابق خوسيه باروسو؛ ووزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر؛ وملك هولندا وليام ألكسندر؛ وغيرهم من النخبة العالمية.
وقيل إن تكاليف حماية الاجتماع بلغت نحو 28 مليون دولار؛ ما يعنى أن الاجتماع تم حمايته بآلاف الجنود.
وإذا كانت السرية هى إحدى سمات «بيلدربيرج» التى تزعج الكثيرين، فإن هناك سمة أخرى تتمثل فى هوية المشاركين. وبالنظر إلى القائمة المعتادة لأعضاء بيلدربيرج نجد فعلاً أن «هؤلاء الأشخاص هم الذين يديرون العالم». فالمخضرمون أمثال هنرى كيسنجر ودايفيد روكفيلر وزيجنيو بريجنسكى ينضم إليهم كل عام أعضاء جدد مثل الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون ورئيس الوزراء البريطانى تونى بلير وأمين عام «الناتو« هوب شيفر ومستشار البنتاجون السابق ريشارد بيرل وآخرون.
وكل عام، تضم القائمة أيضاً أهم رجال الإعلام فى إصدارات ذات نفوذ قوى مثل «فايننشيال تايمز» و«واشنطن بوست» و«الايكونوميست» و«التايمز» و«الفيجارو».. وتكتمل الصورة بوجود رؤساء أكبر الشركات العالمية.
ومع مثل هذا الخليط، تزداد نظريات المؤامرة وأبرزها نظرية «اليد الخفية».
وبعد عام من حضوره قمة «بيلدربيرج» عام ١٩٩١، تحول كلينتون من حاكم مغمور لولاية أركنساس إلى رئيس للولايات المتحدة، فيما أصبح تونى بلير رئيساً للوزراء بعد ٣ سنوات من حضوره للمؤتمر عام ١٩٩٣.
يمكنك أن تصدّق أو لا تُصدّق، ولكن سرية هذه اللقاءات -التى تتم دون تليفونات محمولة ودون مغادرة الفندق التى تقام فيه لمدة ٣ أيام ودون إجراء حوارات صحفية- توفر أرضية خصبة لنظريات المؤامرة.
وما يثير الدهشة، أن ممثلين بارزين لعمالقة وسائل الإعلام كـ«فايننشيال تايمز» و«وول ستريت جورنال» و«واشنطن بوست» يحضرون اللقاءات كل عام ولا ينشرون شيئاً بعدها عن «بيلدربيرج». هناك عدد قليل من الصحفيين الذين يمكنهم الحديث عن «بيلدربيرج» ومنهم تونى جوسلين الذى يدير موقع بيلدربيرج على «الإنترنت»، ويقول جوسلين إن بيلدربيرج قوية للغاية «لذا إذا توصل أعضاؤها لقرار فهو نافذ».
قبل أيام، مثلاً، نشرت جريدة «الإندبندنت» البريطانية، تقريراً تناول فيه الكاتب «آدم لوشر» اجتماع «بيلدربيرج» هذا العام، جاء فيه: «لن نعرف شيئاًً عما سيدور داخل ذلك الاجتماع الذى يعقد نهاية هذا الأسبوع فى مدينة «دريسدن» الألمانية، حيث لا يُسمح بالتصوير أو دخول الصحفيين. ربما يرى البعض فى ذلك إهانة كبرى للديمقراطية، وربما يطرح الجميع سؤالاً مهماً: ألا يجب علينا أن نطالب بوضع حد لهذه السرية؟
هل يمكن للمجموعة حل أزمات العالم؟
وبحسب تقرير الإندبندنت، فهناك خطر من اجتماع عصبة «بيلدربيرج» التى ربما تجتمع لتخطط للسيطرة على العالم، إلا أن هناك أيضاًً احتمالية أن يكون اجتماعهم فرصة لحل بعض القضايا المعقدة، دون أن يعرضوا أنفسهم لضغوط الصحافة. فكر على سبيل المثال فى حساسية إجراء مناقشة علنية حول مشكلة المخدرات العالمية، أو حتى أن يطرح أحدهم فكرة إيقاف الإرهاب عن طريق التفاوض مع الإرهابيين!
وكتب «آدم لوشر»: ربما يعقد البعض الكثير من الآمال عندما يسمع بذلك؛ فقد يفكر أحدهم فى حلول لأزمات، مثل الحروب، وغيرها، من خلال مثل ذلك الاجتماع، إلا أنه يضيف أن هذا الأمر ليس متوقعاً؛ فعلى الرغم من أن تلك الشخصيات تبدو مثيرة للغاية عندما تلتقى بهم للمرة الأولى، إلا أنهم ليسوا كذلك عندما تعرفهم جيداً، وهم شخصيات لا يمكن الاعتماد عليها فى مثل هذه الأمور.
يستدل «آدم لوشر» على ذلك باجتماع عام 1975، حينها كانت «مارجريت تاتشر» فى ريعان شبابها، وحينها، بحسب وصف الكاتب «جون رونسون» «وقع ديفيد روكفيلر، وهنرى كيسينجر، فى غرامها، وأخذاها فى جولة بسيارة ليموزين ليقدماها للجميع». أصبحت تاتشر بعد ذلك بأربع سنوات رئيسة للوزراء، وهنا يمكنك تخيل شعور «دينيس هيلى»، والذى كان ضمن لجنة الاجتماع، وأطيح به من منصبه؛ لتحل تاتشر محله.
وطبقاً لما ذكره «آدم لوشر»، فإنه يجب أيضاًً أن ننظر بتركيز نحو أحد الحضور فى اجتماع هذا العام، وهو «ماركوس أجيوس»، والذى استقال من منصب رئيس بنك «باركليز» بعد غرامات وُقِعت على البنك بقيمة 290 مليون جنيه إسترلينى، بعد محاولته تثبيت سعر «الليبور» (وهو سعر الفائدة المعروض بين البنوك فى لندن، وهو عبارة عن متوسط سعر الفائدة على المدى القصير، والذى تقوم عنده البنوك بإقراض واقتراض الأموال من بعضها البعض؛ لتخفيف مراكزها التى تؤثر على السعر لأمور أخرى)، حيث اعتذر بعد ذلك مبتسماً.
هل يجب أن يظل الاجتماع سرياً؟
ومن خلال ذكر هذه الشخصية، يرى «آدم لوشر» أنه ربما لا يجب أن ننتظر الكثير من مثل هذا الاجتماع، إلا أن ذلك لا يعنى أن نستمر فى تغافل أمر الحواجز الأمنية والسرية المفروضة عليه؛ فلم يزل هناك الكثير لنرى، وهو ما يمكن أن نستنتجه من تصريح «دينيس هيلى»، والذى قال «القول بأننا كنا نسعى لتكوين حكومة عالمية واحدة، هو أمر مبالع فيه، إلا أنه ليس خطأ بالكامل؛ فقد شعرنا بأن وجود مجتمع عالمى واحد سيبدو أفضل».
بحسب التقرير، لا نعرف أيضاًً ما إذا كانت هناك خلافات فى بيلدربيرج، إلا أنها على الأغلب فى حال وجودها ستكون محض اختلافات «نرجسية» طفيفة. يقول الكاتب إنه على الرغم من أن السفر يوسع مدارك الإنسان، وعلى الرغم من الأميال الطويلة التى سيقطعها هؤلاء نحو دريسدن، لا يبدو فى الأساس أن عقولهم قد سافرت بعيداً.
وأضاف «آدم لوشر» أن هؤلاء ربما لا تشغلهم مشاكل الفقراء، وحياتهم، على الإطلاق، وأن حياتهم تلك فى مجالس الإدارات والوزارات، ليست سوى حياة فارهة، وأن بيلدربيرج ما هى إلا مكان لتلتقى فيه تلك النخبة محاولين الوصول للرضا الذاتى عن أنفسهم، فى حين يقف البسطاء فى الخارج خلف ذلك الحاجز الأمنى متمنين أن يتحولوا من مجرد بسطاء إلى سياسيين متمردين.
*******************
4
هنا، تكون الإشارة ضرورية إلى أن اجتماع «بيلدربيرج» فى يونيو العام الماضى والذى انعقد بالنمسا، تم اختراقه، وتسربت منه بعض الوثائق، بينها ما كشف عن أن «إشعال مصر» كان على جدول أعمال الاجتماع الثالث والستين فى تاريخ المنظمة السرية المثيرة للجدل، الذى عقد فى «منتجع تلفس بوتشن»، بحضور ١٥٠ شخصية، فى ظل حراسة أمنية مشددة فرضتها أجهزة الأمن والمخابرات النمساوية والأوروبية والكندية، لمناقشة أبرز المشكلات العالمية، وكيفية التعامل معها، والحفاظ على «القبضة الحديدية» لأوروبا وأمريكا على مصير العالم.
وطبقاً لتلك التسريبات، فإن تناول جدول أعمال ذلك الاجتماع تناول عدداً من القضايا المهمة والمؤثرة فى مستقبل العالم والشرق الأوسط، فى مقدمتها ما يجرى فى كبرى دول المنطقة وعلى رأسها مصر، بالإضافة إلى إيران وملف الإرهاب وتنظيم «داعش»، وكذلك أمن الإنترنت وعمليات القرصنة الإلكترونية وسرقة المعلومات، وكذلك الذكاء الصناعى ومعاهدات أسلحة الدمار الشامل، بالإضافة إلى الوضع فى إيران وروسيا وتهديدها لدول حلف شمال الأطلنطى. فيما حلت قضية الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، على رأس جدول الأعمال، وسط تكهنات بأن الاجتماع شهد الاتفاق على الرئيس القادم للولايات المتحدة.
ومن جريدة «الأوبزرفر» البريطانية التى نشرت نسخة من مسودة تقييم الأحداث التى وقعت خلال ١٢ شهراً السابقة على اجتماع العام الماضى، ودور المنظمة فيها، عرفنا أنه كان أبرزها: «النجاح فى خفض أسعار البترول بنسبة ٥٠٪، وذلك لإخضاع وإذلال روسيا».
ووفقاً لما جاء فى الوثيقة: «ينبغى على الرئيس فلاديمير بوتين أن يعلم من هو الرئيس والحاكم الحقيقى للعالم».
كما كشفت مسودة التقرير بعض أسرار تلك المنظمة وأهمها: «الحرص على أن يبقى أعضاؤها وزعماؤها سريين ولا يعرفهم أحد، حتى أنهم يدعون بعضهم البعض بأرقام كودية، فمثلاً الخطاب كان موجهاً للرئيس وكان اسمه رقم ١، وكان هناك حديث عن الشخص رقم ٢ ورقم ٣، وكل عضو أو قيادى له رقم كودى، وكأنها عصابة دولية تخفى نفسها عن العالم».
أيضاً تناول ما تم تسريبه خطة المنظمة لاغتيال الرئيس الأمريكى باراك أوباما معنوياً، لفشله فشلاً ذريعاً فى تحقيق المطلوب منه، وعدم انتهاجه السياسة المطلوبة، وذلك بتدبير المنظمة العديد من الأحداث فى أمريكا، وزرع الفتنة بين «السود والشرطة»، لتشويه صورة «أوباما» شعبياً.
واعترفت المنظمة بأن عضوها «رقم ٥»، كان المدبر الرئيسى للاحتجاجات التى شهدتها الولايات المتحدة فى ولايتى «فيرجسون وتكساس»، ومدن أخرى ضد عنف الشرطة تجاه «المواطنين السود»، بجانب الإقرار بأن جميع ما ارتكبه رجال الشرطة، وقتل «مواطنين سود»، كان أمراً مدبراً، بهدف إشعال اضطرابات محدودة فى البلاد، والقضاء على سمعة «أوباما». ووصفت المنظمة «أوباما» بـ«الحشرة الكبيرة» الذى يجب القضاء على سمعته وتشويهها.
ومما يلفت النظر هو أن اجتماع الجمعية أو النادى لعام 2007 انعقد فى العاصمة التركية إسطنبول.. وكالعادة كان صمت وسائل الإعلام العالمية هو السمة الغالبة والتى أضافت كالعادة مزيداً من التكهنات حول وجود مؤامرات.
بعض الكتاب والمحللين السياسيين والاقتصاديين، رأوا فى تلك المجموعة أو هذا النادى جنيناً لحكومة عالمية مختصة بالقرارات السياسية والثقافية والاقتصادية والعسكرية الكبرى للنصف الثانى من القرن العشرين، وهو التفسير الذى دعمه فيدل كاسترو.
خاصة أن عمل هذه المجموعة أو النادى أو الجمعية وفق أجندة لها أهداف سرية، وتحفظها فى إعلان توصياتها التى تخرج بها وعدم تعليقها على أى من التفاصيل التى تتم مناقشتها والتى تدور بسرية تامة وخلف الأبواب المغلقة فى الفنادق التى يتم حجزها بالكامل لاستضافة أعضاء المجموعة وجلساتهم الرئيسية والجانبية.
لا يتحدث هؤلاء إلا عن أحلام الدولة العالمية الموحدة وفق نظريتهم، مؤكدين أن الاتحاد الأوربى هو إحدى خطوات هذه العولمة، مؤكدين أن الأمر سيتم عن طريق الشركات متعددة الجنسيات التى تعتبر هى الحاكم الفعلى للعالم الآن، وفى جانب الشركات المتعددة الجنسيات يمكن أن يتفق الطرفان لأول مرة فى تفسير التنسيق بين هذه الشركات.
والملفت أنه من ضمن الحضور فى هذه التجمعات شركات مايكروسوفت، وشركات كوكاكولا وشركات عالمية رائدة أعطينا لها أكثر من مثال، ولكن الأمر عند المؤمنين بوجود حكومة الظل لا يدرى تفسيره بأنه سيطرة اقتصادية وتنسيق فحسب ولكنهم يعتبرون أن الأمر مؤامرة متكاملة الأركان تستخدم كل الأدوات لإخضاع العالم لسيطرتهم، عبر حروب الجيل الرابع وغيرها من الأدوات التى فى نظرهم هى أسلحتهم فى السيطرة على العالم.
ومن هنا، لم تتوقف محاولات الصحفيين عن اختراق هذا العالم فى كل عام عبر العديد من الطرق التى يتصدى لها الأمن عادة، ولكن كل هذا المجهود فى سبيل كشف حقيقة هذا الأمر بين النظريتين التى تتبنى إحداهما وجهة نظر تقول إن هذه التجمعات هى مكامن الشر فى العالم، وترى الأخرى أن الأمر لا يعدو كونه تنسيقاً لمواجهة التحديات المشتركة.
*******************
5
عودة إلى سنة التأسيس إلى سنة 1954، لنوضح أن الاجتماع الأول، شارك فيه 70 شخصية، أتت من 12 دولة أوروبية.. وهو عبارة عن حلقات دراسية دامت ثلاثة أيام، من 29-30 مايو 1954، بالقرب من مدينة أرنهيم (فى هولندا). توزع الضيوف خلالها فى فندقين قريبين، إلا أن المناقشات جرت فى المقر الرئيسى والذى أعطى اسمه للمجموعة. طُبعت الدعوات، على أوراق رسمية تحمل شعار قصر سودييك، جاء فيها: «أثمّن بشدة مشاركتكم فى المؤتمر الدولى، بدون صفة رسمية، والذى سيعقد فى هولندا فى أواخر مايو. يهدف المؤتمر إلى دراسة عدد من القضايا ذات الأهمية الكبرى للحضارة الغربية، ويستهدف تعزيز التفاهم المتبادل من خلال التبادل الحر للآراء».
وقام بتوقيع الدعوات أمير هولندا، بيرنهارد زور ليب بيسترفيلد، وأرفقها بعدة صفحات من المعلومات الإدارية حول مسائل التنقل والإقامة.
المندوبون، على الأرجح، جاءوا من الولايات المتحدة ومن 11 دولة من أوروبا الغربية، وكان هناك ستة حصص عمل مبرمجة، مدة كل واحدة منها ثلاث ساعات. ونظرا لماضى الأمير برنهارد النازى (الذى كان قد خدم فى سلاح الفرسان فى القوات الخاصة (س.س) حتى زواجه عام 1937 من الأميرة جوليانا) وفى سياق الماكارثية.
من الواضح أن «القضايا ذات الأهمية الكبيرة للحضارة الغربية» تدور حول الكفاح ضد الشيوعية.
عند الوصول، عمل رئيسا الجلسة على التخفيف من انطباع الضيوف: وهما رجل الأعمال الأمريكى جون س. كولمان والوزير البلجيكى للشئون الخارجية المنتهية ولايته بول فان زيلاند.
الأول ناشط فى مجال الدفاع عن التجارة الحرة، أما الثانى فمن أنصار مجموعة الدفاع الأوروبية.. وفى نهاية المنصة جلس جوزيف ريتنجر.
كل هذا يشير إلى أن الملكيّتين الهولندية والبريطانية قامتا برعاية هذا الاجتماع مادياً لدعم مجموعة الدفاع الأوروبية والنموذج الاقتصادى لرأسمالية السوق الحرة فى مواجهة معاداة أمريكا والمعززة من قبل الشيوعيين والديجوليين.
ومع ذلك، هذه المظاهر خادعة.
فهى ليست حملة لمجموعة الدفاع الأوروبية، وإنما لتعبئة النخبة من أجل الحرب الباردة. وقد تم اختيار الأمير برنارد للدعوة لهذا المؤتمر نظراً لكونه قرين الأمير، الأمر الذى يعطيه صفة الدولة دون مكانة رسمية. إنه يخفى الراعى الحقيقى: منظمة حكومية دولية، تعمل على التلاعب بحكومات بعض الدول الأعضاء فيها.
لم يكن جون.س.كولمان آنذاك رئيس غرفة التجارة فى الولايات المتحدة، لكنه أقدم على تأسيس لجنة المواطنين لسياسة وطنية للتجارة (لجنة المواطنين من أجل سياسة تجارية وطنية-CCNTP).
ووفقاً له، فإن التجارة الحرة المطلقة، تعنى نبذ جميع الرسوم الجمركية والسماح للدول المتحالفة مع الولايات المتحدة بزيادة ثرواتهم المالية بغية تمويل مجموعة الدفاع الأوروبية (وهذا يعنى إعادة تسليح ألمانيا ودمج قوتها العسكرية المحتملة داخل منظمة حلف شمال الأطلسى) ومع ذلك، توضح الوثائق أن (لجنة المواطنين لسياسة تجارية وطنية-CCNTP) ليس لها من صفة المواطنة إلا الاسم.
فى الواقع، هى مبادرة من تشارلز د.جاكسون، مستشار الحرب النفسية فى البيت الأبيض. ويقود العملية بشكل موازٍ وليام دونوفان، القائد السابق للـ(أو.س.س) (قسم المخابرات الأمريكية خلال الحرب) والذى أصبح منذ الآن مسئولاً عن بناء الفرع الأمريكى لجهاز المخابرات الجديد لحلف الناتو، جلاديو.
بول فان زيلاند ليس فقط مروجاً لمجموعة الدفاع الأوروبية، ولكنه أيضاً سياسى ذو خبرة كبيرة. فى حرب التحرير، ترأس الرابطة المستقلة للتعاون الأوروبى (LICE) الذى يهدف إلى إنشاء اتحاد جمركى ونقدى. وقد أنشئت هذه المنظمة من قِبل جوزيف ريتنجر،السابق ذكره. وعلى وجه الدقة، فإن ريتنجر الذى يعمل أميناً لمؤتمر بيلدربيرج، خدم خلال الحرب فى جهاز المخابرات الإنجليزية (SOE) للجنرال كولن جيبنز. مغامر بولندى، وجد ريتنجر نفسه مستشاراً لحكومة سيكورسكى فى المنفى فى المملكة المتحدة. وفى لندن، قام بتنشيط عالم الحكومات الصغير فى المنفى وبالتالى امتلاكه لأفضل دفتر عناوين فى أوروبا المحررة. وقد ترك صديقه السير جيبنز رسمياً الخدمة فى المخابرات الإنجليزية التى تم حلّها.
وأدار شركة صغيرة للسجاد والمنسوجات، استخدمها بمثابة «غطاء». فى الحقيقة، جنباً إلى جنب مع نظيره دونوفان، أصبح مسئولاً عن إنشاء الفرع الإنجليزى من جلاديو. وشارك فى جميع الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر بيلدربيرج وكان حاضراً بين الضيوف، جالساً بجوار تشارلز د.جاكسون. ودون علم المشاركين، فإن المخابرات السرية لحلف شمال الأطلسى، هى القوة السلطوية المضيفة. وتستخدم برنهارد وكولمان وفان زيلاند كواجهات. حتى وإن لم يُعجب ذلك الصحفيين الخياليين الذين اعتقدوا الإحاطة بمجموعة بيلدربيرج على أنها تريد خلق حكومة خفيّة عالمية، فإن هذا النادى المؤلف من شخصيات مؤثرة ليس إلا أداة ضغط يستخدمها حلف شمال الأطلسى لترويج مصالحه. إن الأمر لهو أكثر جدية وأكثر خطورة، لأن منظمة حلف شمال الأطلسى تطمح لأن تصبح حكومة سرية عالمية تضمن استدامة الوضع الراهن الدولى وعلى بسط نفوذ الولايات المتحدة.
وإضافة إلى ذلك، فإن تأمين حماية كل الاجتماعات اللاحقة لم تتكفل بها شرطة البلد المضيف، ولكنها كانت مؤمنة من قِبل جنود من التحالف. ومن بين المتحدثين العشرة المسجلين، هناك رئيسا وزراء سابقان (جى موليه، فرنسا وألسيد دى جاسبيرى، إيطاليا)، وثلاثة مسئولين من خطة مارشال، صقر الحرب الباردة (بول نيتزه)، وبالأخص الممول النافذ (ديفيد روكفلر). ووفقاً للوثائق التحضيرية، حوالى عشرين مشاركاً حصرياً كانوا على اطلاع بالأمور السرية.
يعرفون تفاصيل تكثر أو تقلّ، عن هوية الذين يمسكون بالخيوط والذين صاغوا مسبقاً مداخلاتهم. وقد تم تعديل أدق التفاصيل ولم يترك لأى عنصر من العناصر للارتجال.
وعلى العكس، فالمشاركون الخمسون المتبقون لا يعرفون شيئاً عما يُحاك. يتم اختيارهم للتأثير على حكوماتهم وعلى الرأى العام فى بلدانهم. ويتم تنظيم الحلقات الدراسية لإقناعهم ودفعهم للالتزام بنشر الرسائل التى يُراد لها الانتشار.
المداخلات لا تعالج المشاكل الدولية الرئيسية، ولكنها تحلل الاستراتيجية الأيديولوجية السوفيتية المفترضة وتحدد كيفية التصدى لها فى «العالم الحر».
المداخلات الأولى قامت بتقييم الخطر الشيوعى.. «الشيوعيين الواعين» هم الأفراد الذين يعتزمون وضع بلدهم فى خدمة الاتحاد السوفيتى لفرض نظام جمعى على العالم.
يتوجب محاربتهم. إلا أن هذا الصراع صعب لأن هؤلاء «الشيوعيين الواعيين» جزء لا يتجزأ من شعب أوروبا، منخرطون فى كتلة الناخبين الشيوعيين، من الذين يجهلون خططهم الشريرة، ويتبعونهم على أمل تحسين ظروف حياتهم الاجتماعية.. تدريجياً، أصبح الخطاب متشدداً.. ويجب على «العالم الحر» مواجهة «المؤامرة الشيوعية العالمية»، ليس فقط بشكل عام، ولكن من خلال الرد أيضاً على أسئلة محددة تتعلق بالاستثمارات الأمريكية فى أوروبا أو المتعلقة بإنهاء الاستعمار. وفى الختام، قدم المتحدثون مقترحات لمعالجة المشكلة الرئيسية، مؤكدين أن السوفييت، يستغلون لمصلحتهم.
لأسباب ثقافية وتاريخية، فإن المسئولين السياسيين «للعالم الحرّ» يستخدمون مبررات تختلف عنها فى الولايات المتحدة وفى أوروبا، مبررات قد تتضارب مع بعضها البعض فى بعض الأحيان. الحالة الأكثر دلالة هى عمليات التطهير التى نظمها السيناتور مكارثى فى الولايات المتحدة. إنها ضرورية لإنقاذ الديمقراطية، ولكن الطريقة التى استُخدمت لذلك اعتُبرت فى أوروبا شكلاً من أشكال الاستبداد.
الرسالة النهائية، هى أنه لا مفاوضات دبلوماسية، وأن أى تنازل غير ممكن مع «الشياطين الحمر». بأنه يجب منع الشيوعيين بأى ثمن من لعب دور فى أوروبا الغربية، لذلك يتوجب استخدام المكر: فكما أننا لا نستطيع القبض أو إطلاق النار عليهم، يجب السيطرة عليهم بصمت، دون أن يشعر بذلك ناخبوهم.
باختصار، إن الأيديولوجية التى تم تطويرها، هى أيديولوجية حلف شمال الأطلسى وجلاديو. ولم يتم الحديث مطلقاً عن تزوير الانتخابات، ولا عن عمليات الاغتيال بفتور، إلا أن جميع المشاركين اتفقوا على أنه لإنقاذ «العالم الحر».
يجب وضع الحرية بين قوسين. على الرغم أن مشروع مجموعة الدفاع الأوروبية المقترح فشل بعد ثلاثة أشهر تحت ضربات النواب الشيوعيين و«المتطرفين الوطنيين» (الديجوليين) فى مجلس النواب الفرنسى، إلا أن المؤتمر اعتُبر ناجحاً. وعلى الرغم من المظاهر الخارجية، لم يكن الهدف منه دعم إنشاء اتحاد الدفاع الأوروبى أو اتخاذ أية قرارات سياسية معينة، بل الهدف كان نشر أيديولوجية فى أوساط الطبقة الحاكمة، ومن خلالها فى المجتمع أجمع. وبموضوعية، كان الأوروبيون الغربيون على جهل بالحريات الممنوعة عنهم، وعلى اطلاع أكبر عن حجب الحريات على سكان أوروبا الشرقية.
**********************
6
أما المؤتمر الثانى للمجموعة، فانعقد فى فرنسا، من 18 إلى 20 مارس 1955. فى باربيزون.
وتدريجياً، استلزمت فكرة تنظيم المؤتمرات بشكل سنوى خلق أمانة دائمة لها. انسحب الأمير بيرنهارد بعد فضيحة استغلاله لنفوذه (فضيحة لوكهيد مارتن)، فتنازل عن الرئاسة لرئيس الوزراء البريطانى السابق دوجلاس هوم (1977-1980)، ومن ثم إلى المستشار السابق والرئيس الألمانى والتر شيل (1986)، ثم المحافظ السابق لبنك إنجلترا إريك رول (1986-1989)، ثم الأمين العام السابق للحلف بيتر كارينجتون (1990-1998)، وأخيرا لنائب الرئيس السابق للجنة إتيان دافينيون الأوروبية (منذ 1999).
لسنوات عديدة، كان يساعد رئيس مجموعة بيلدربيرج اثنين من الأمناء العامين، واحداً لأوروبا وكندا (الولايات التابعة) والثانى للولايات المتحدة (المهيمنة)، ومع ذلك، لا يوجد إلا أمين عام واحد منذ عام 1999.
ومن سنة إلى أخرى، لم يعد للنقاش لزوم، ولهذا كان يتم تغيير الضيوف، مع وجود نواة صلبة دائمة تقوم بإعداد الندوة مسبقا، ووافدين جدد من المتلقنين لكلام «الأطلسى» للحقبة المعنية.
حاليا، تجمع الحلقات الدراسية السنوية أكثر من 120 مشاركاً، بمن فيهم الثلث الذى يشكل النواة الصلبة للمجموعة. تم اختيارهم من قبل التحالف استناداً إلى أهمية علاقاتهم ونفوذهم وقدرتهم على التأثير، بغض النظر عن مناصبهم فى المجتمع.. ويبقون أعضاء أساسيين فى النواة الصلبة حتى عند تغييرهم العمل.
وطوال السنوات العشر الأخيرة، أبرزت تقارير متفرقة فى الصحافة الأمريكية مؤهلات القيادات الاقتصادية السياسية الإقليمية المرغوبة جداً لدى شركاء وأذرع مجموعة بيلدربيرج وأهليتهم للقيام بدور استراتيجى وإقليمى فاعل يحقق مصالح المجموعة. والمجموعة المذكورة هى أكبر شركة مقاولات صناعية وإنشائية وبنى تحتية فى العالم ينطبق عليها المثل الأمريكى TheyAre all in it for the money ويعنى بالعربية «أنهم جميعاً فى ذلك من أجل المال».. لذلك نجد هذه المجموعة تجمع صناع القرار الاقتصادى السياسى وتكون اجتماعاتهم السنوية بمثابة النسخة غير الأخلاقية لمنتدى دافوس الاقتصادى، ويقومون خلالها بتحديد التحركات المقبلة على الخريطة الربحية الجماعية مع مراعاة مصالحهم الفئوية فى ظل نظيرتها المشتركة، بحيث لا يكون العمل الفئوى يصب فى مصلحة العمل الجماعى ونجاحه على المدى الطويل.
والأهم من ذلك هو خضوع الساسة الظاهرين على مسرح الحكم فى تلك الدول لإملاءات الكواليس البيلدربيرجية وغيرها من التجمعات غير المعلنة، وعندما يتخبط دهاة بيلدربيرج نرى تخبط الساسة المؤتمرين بأمرهم، وهو ما رأيناه مؤخراً فى الموقف الغربى ما يوصف بـ«الربيع العربى» وما شهدته المنطقة من أحداث.
وقبل ذلك بكثير كان للمجموعة أو للنادى تأثير كبير فى كثير من الأحداث المفصلية التى شهدها العالم.
مثلا، فى مايو 1973 اجتمع 84 من الأعضاء فى السويد لمناقشة تهاوى الدولار الأمريكى والصراع العربى الإسرائيلى.. كما اجتمع عدد غير معلوم من كبار أعضاء المجموعة عشية عيد الميلاد فى ديسمبر 1974 وتحدد فى هذا الاجتماع الذى انعقد فى مقر مجهول أثناء أزمة وقف النفط تحرك الغرب لاغتيال المرحوم الملك فيصل بن عبدالعزيز (عاهل السعودية فى ذلك الوقت).
وفى يونيو 1991 تقرر بعد اجتماع المجموعة الشروع الفعلى فى تفكيك الاتحاد السوفيتى المفلس تمهيداً لغزوه رأسمالياً والتحالف مع أباطرته الجدد.. لم يتبين أحد نتائج الاجتماعات اللاحقة بصورة واضحة نظراً لدخولها فى طى التكتم الشديد، إلا أن صحفيى التحقيقات يلاحقون المقار المرتقبة للاجتماعات السنوية ويرصدون الشخصيات المتوافدة عليها ويحددون الأجندات بواسطة التخمين الآنى وترقب النتائج اللاحقة.
كذلك، وقت انفصال جنوب السودان شكلت مجموعة بيلدربيرج ختم التفويض لتمكين الأكراد من مفاصل تصدير النفط العراقى نظراً لما تتمتع به هذه القومية العرقية المذهبية من صفات جيوسياسية تاريخية مناسبة للشراكة الاقتصادية الآنية. شكلت المجموعة -بصفتها جماعة ضغط جبارة- حجر زاوية فى شرعنة انفصال جنوب السودان للاستثمار فى الإقليم المستقل دون المرور عبر البيروقراطية الحاكمة الرئيسة فى الخرطوم واقتسام الأرباح معها.
وعلى الرغم من ذلك كله..
وعلى الرغم من ما طرحناه وعرضناه، تعلن مجموعة بيلدربيرج عبر موقعها الإلكترونى الرسمى بأن هدفها هو أن تكون «حاضنة للمناقشات والحوار». وهى تنفى فى الوقت ذاته وجود «حصيلة مرتجاة أو بيان ختامى ناهيك بانعدام أى مشاريع قرارات أو عمليات التصويت» بعد انتهاء مؤتمراتها الدورية.
غير أن النفى والتنصل لا يتماشيان مع إعلان مجموعة النخبة العالمية ذاتها، فى بيان صحفى، بأن جدول أعمال مؤتمرها الأخير يتناول قضايا عالمية هى الأسخن، إيران، روسيا، التجسس الصناعى، الأمن الإلكترونى، تهديد الأسلحة الكيميائية، الانتخابات الأمريكية، إلى جانب تسعة عناوين لقضايا عالمية أخرى.
الصحفى الأمريكى جيمس تاكر تصدى للكتابة عن مجموعة بيلدربيرج فى أسبوعية «سبوتلايت» التى كانت تصدر بواشنطن بدءاً من عام 1975 وحتى إغلاقها عام 2001. وفى إحدى مقالاته ينقل عن رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر أن قرار إسقاطها والإتيان بشخص آخر من حزبها (جون ميجور) إلى جانب الإتيان ببيل كلنتون للرئاسة الأمريكية، مرتبطان بمداولات اجتماع مجموعة بيلدربيرج فى بادن بادن (ألمانيا) عام 1991.
وفى عام 2005 جمع تاكر متابعاته لأنشطة مجموعة بيلدربيرج لأكثر من ثلاثين عاما فى كتاب. لكنه عاد فى العام التالى لينذر الأمريكيين فى أعقاب اجتماع مجموعة بيلدربيرج فى أوتاوا (عام 2006) بأن «بإمكانه التصريح بأن آلاف الأمريكيين سيفقدون منازلهم بعد نحو عام» فى إشارة مبكرة لأزمة الرهن العقارى التى تحولت إلى أزمة مالية عالمية. واقتبس تاكر تصريحات ساخرة أخرى لمشاركين فى مؤتمر أوتاوا حول الآثار المدمرة التى ستلحقها الأزمة بآلاف الأمريكيين.
كذلك، قام الصحفى الليتوانى دانيال إستولين بالتصدى لغموض هدف هذه المجموعة وأعد عام 2006 تحقيقاً استقصائياً نشره فى كتاب عنوانه «حقيقة مجموعة بيلدربيرج» انتهى فيه إلى أن غرض المجموعة الرئيسى هو «تشكيل حكومة عالمية تقودها نخبة يتلخص هدفها الرئيس فى السيطرة على الموارد الطبيعية للكرة الأرضية».
وقد تعاون إستولين مع تاكر قبل وفاة الأخير عام 2013، كما أن كتابه نال إعجاب الزعيم الكوبى فيدل كاسترو ووصفه بعد استقبال مؤلفه بـ«المذهل».
وقال إستولين فى مقابلة تليفزيونية إنه يتابع هذه المجموعة منذ عام 1995 وإن لديه مصدراً لمعلوماته داخلها. وأشار فى المقابلة التى أجريت معه بعد انتهاء أعمال مؤتمر المجموعة عام 2014 بأنه اطلع على تقرير المجموعة الختامى، وإن هناك انقساماً داخلها بين أعضائها الأوروبيين والأمريكيين حيال العلاقة مع أوكرانيا وروسيا.
كل هذا يثبت أنه، حتى فى حال عدم وجود حكومة خفية بشكلها التقليدى، أن هناك منظمات علنية وسرية تتحكم فى خيوط اللعبة العالمية.. وهى منظمات قد لا يشعر بوجودها الإنسان العادى لكونها تهتم أكثر بالاقتصاديات الكلية والإقليمية وتحاول أن تسيطر عليها لصالحها، وتتحكم بأبرز المقدرات الاقتصادية كأسعار الذهب والنفط والعملات والديون المتراكمة على الدول الفقيرة.
أين نحن من ذلك كله؟!
انظر حولك وسترى وبالتالى، ستعرف!