ياسر بركات يكتب عن: نحن نجيب عن السؤال المثير: من يدفع لرويترز؟
الملف الذى كشفنا أسراره منذ عام..
ينفجر اليوم!!
«الموجز» حذرت بالوقائع والأرقام.. والرئاسة تباطأت عاماً كاملاً!!
التاريخ الأسود لصفقات وكالة الأنباء الشهيرة
قبل سنة تقريباً، تحديداً فى مايو 2015 سألنا بوضوح:
«هل تفعلها مؤسسة الرئاسة وتقاضى وكالة رويترز؟!»
وقتها، كان واضحا تماما أن الوكالة تحاول بشتى الطرق استهداف مصر ورئيسها بنشر أكاذيب وتحليلات وصلت حد اختلاق أخبار ومعلومات عن صراعات داخل مؤسسات الدولة والتبشير أو توقع حدوث انقلاب ضد الرئيس!
وغير المقال الذى طرحنا فيه ذلك السؤال، كنا قد تناولنا ورصدنا، أكثر من مرة، الصيغة المريبة والمثيرة للدهشة التى تتعامل بها تلك الوكالة منذ 30 يونيو 2013 مع مصر وكشفنا عن تلقيها لأموال ضخمة من جهات متعددة بينها رجال أعمال على صلة وثيقة بقطر والأسرة الحاكمة هناك.
كما توقفنا أيضاً أمام التقارير والتحليلات الغريبة، والبعيدة كل البعد عن واقع ما يحدث فى مصر، والتى تحمل توقيع «مايكل جورجى» وهو الشخص نفسه الذى تقدمت وزارة الداخلية ببلاغ ضده الأسبوع الماضى، بسبب فبركته تقريراً يزعم فيه أن ستة مصادر أمنية صرحت له بأن الطالب الإيطالى جوليو ريجينى كان محتجزاً بقسم الأزبكية ثم بأحد مقار الأمن الوطنى قبل اختفائه والعثور على جثته.
واليوم نعود لطرح السؤال الأهم: ما الذى يدفع وكالة أنباء عالمية تدّعى الموضوعية، إلى التخلى عن موضوعيتها وعن ألف باء تدقيق معلوماتها؟
بصيغة أخرى: من الذى يدفع لـ«رويترز»؟!
وبالطبع، ستختلف درجة كارثية الإجابة، لو كان من «أجنبى»، عنها لو كان الذى يدفع يحمل ـ للأسف!ـ الجنسية المصرية!
الثابت، هو أن وكالات الأنباء الدولية فرضت نفسها على إعلام الدول النامية مستفيدة من تطور إمكاناتها الفنية والمالية ومن منهج وطريقة أدائها وكتابتها للأخبار أو التقارير بصيغة توحى بالموضوعية والتجرد وسرعة توصيل الخبر وتأمين التسهيلات التقنية لتلقى الخبر.
والثابت كذلك، هو أن وكالات الأنباء العالمية منذ أن انطلقت عام 1825 وهى تسهم فى تعزيز نفوذ الدول القوية (الاستعمارية فى بعض المراحل)، وفى التأثير على الرأى العام العالمى، وتوجيهه إلى وجهات تتناسب مع سياساتها وأهداف القائمين عليها والممولين لها.
ومما يؤسف عليه هو أن هذه الوكالات لا تزال إلى الآن أهم المصادر على الإطلاق فى تزويد الصحف والمجلات ومحطات الراديو والتلفزيون ومواقع الإنترنت بالمواد الخبرية؛ لأنها تقوم بالعمل الذى لا يمكن لوسائل الإعلام الأخرى القيام به، وهو تغطية أهم العواصم والمدن، ومناطق الأحداث الساخنة فى العالم بشبكة واسعة من المراسلين والمكاتب، نظراً لما يتكلفه ذلك عادة من أموال ونفقات لا يمكن أن تتحملها تلك الوسائل.
ومع تطور تلك الوكالات بمرور السنين عززت دورها وانتشارها، لتبقى الوسيلة الإعلامية الأولى فى العالم من حيث التأثير والفعالية والتوجيه والانتشار، ورغم التنافس المحموم بين الفضائيات نفسها من جهة، وبين الفضائيات ووكالات الأنباء من جهة أخرى، ظلت وكالات الأنباء هى صاحبة النفوذ الأكبر، ومازالت حصتها من سوق وسائل الإعلام تتراوح بين 70٪ و75٪، حسب إحصاءات متفاوتة تجريها مؤسسات متخصصة بين مدة وأخرى.
ومن واقع متابعتنا ورصدنا، طوال سنوات، أصبح فى حكم المؤكد أن هذه الوكالات مرتبطة أساساً بالدول التى تتبعها ولا تستطيع الخروج على الخط المرسوم لها، لذلك فإن عملية تشويهها للأخبار التى تنقلها عن بلدان العالم الثالث تتعدى حدود نشر معلومات كاذبة لتأخذ أشكالاً أخرى منها المغالاة فى التأكيد على أحداث ليس لها أهمية، ووضع الحقائق التى لا ترتبط ببعضها فى قالب واحد وعرضها بشكل يوحى بأنها متصلة وتكون حالة واحدة. والتشويه القائم على خلق حالة مزاجية وعقلية مسبقة نحو الأحداث، عن طريق تقديم الأحداث ذات الأبعاد المعروفة بأسلوب خلق حالة خوف أو شك لا أساس لها من الصحة.
أضف إلى ذلك التشويه من خلال التعتيم أو عدم نشر أى معلومات متصلة بالحدث أو الموقف الذى لا يخدم مصالح الدول التى تنتمى إليها تلك الوكالات.
كما أن الأخبار والمعلومات التى تروجها هذه الوكالات لا تتلاءم فى واقع الحال مع بلدان العالم الثالث وحاجاته لأنها جمعت ونشرت عن طريق مصادر وأجهزة الوكالات الغربية، إضافة إلى أن المحتكر هو الذى يحدد أى الموضوعات التى تستحق الطرح وأيها يستحق المنع وهم يعلمون أنهم يتحكمون بذلك التدفق إذ يحصلون على المعلومات التى يريدونها وبالشكل الذى يرونه مناسباً وفى الوقت الذى يرغبون فيه!
وهى أولا وأخيراً، لا تعمل إلا على خدمة مصالح الدول التى تنتمى إليها، فهى فى تغطيتها الإخبارية لمختلف أحداث العالم، رغم ما تدعيه من موضوعية أو حياد، وهذا ما يجعلها تلجأ إلى تلوين الأخبار طبقاً لمصالحها ومصالح النظم السياسية والاقتصادية التى تتبعها. وما يجعلها أيضاًً تمارس التعتيم المتعمد والتحريف وإحلال الأخطاء أو الأكاذيب محل الحقائق الثابتة أو بإضافة تفسير غير حقيقى إلى الخبر أو بصنع الأخبار من حقائق عشوائية وتقديمها كحقيقة متكاملة أو بتجميع الحقائق الجزئية لكى تعطى انطباعاً بأنها الحقيقة الكاملة أو عرض الحقائق بطريقة تثير شكوكاً ومخاوف لا أساس لها من الصحة أو مبالغاً فيها، بهدف التحكم فى رد الفعل.
كل ما سبق وأكثر، ينطبق بالضبط على التقرير المشار إليه، وحتى تكتمل الصورة، تعالوا نرد الأمور لأصلها ونسأل عن طبيعة وكالة رويترز، لنكتشف أن جوليوس رويتر، قام بتأسيسها فى أواخر عام 1851، بهدف تغطية الأخبار المالية.. المالية فقط، ثم توسعت فى عام 1858 لتغطى الأخبار العامة، وكانت انطلاقتها المهمة مع بداية الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861 والتى غطتها «رويترز» ونقلت أخبارها إلى أوروبا، وهو ما أثر بشكل كبير على اقتصادياتها وأحدث إرباكاً فى أسواقها.. ونكرر: «أثر بشكل كبير على اقتصادياتها وأحدث إرباكاً فى أسواقها».
ومؤخراً، اندمجت «رويترز» مع «تومسون» الكندية ليكون اسمها «تومسون رويترز» وتم إدراج أسهمها فى كل من مؤشر «فوتسى 100» البريطانى وبورصة تورونتو الكندية.
وقد تعتقد مثل كثيرين أن «رويترز» مجرد وكالة أنباء، لكنك ستفاجأ بأن الخدمات الإخبارية لا تمثل أكثر من 8٪ من حجم أعمالها، فى حين أن الـ92٪ الباقية عبارة عن بيع المعلومات للشركات، والثابت هو أن أكثر من 650 ألف شركة كبرى فى العالم تعتمد على ما تقدمه «رويترز» من خدمات ومعلومات.
وبحسب إحصائيات تم نشرها مؤخراً، فإن عدد العاملين فى الوكالة يبلغ نحو 55 ألف عامل موزعين على 100 دولة تقريباً، ويبلغ حجم عائداتها نحو 12,5 مليار دولار.
هنا تبرز مرة أخرى الأسئلة التى طرحناها، قبل قليل: ما الذى يدفع وكالة أنباء عالمية تدعى الموضوعية، إلى التخلى عن موضوعيتها وعن ألف باء تدقيق معلوماتها؟!
وما الذى يجعلها تنسب معلومات مشكوك فى صحتها لمصادر مجهولة.. وتنقل آراء وتحليلات عن مصادر معلومة منتقاة بعناية لتقول شيئاً محدداً؟!
المراسل الأجنبى أو مراسل وسيلة الإعلام الأجنبية هو الشخص المسئول عن نقل وقائع وأحداث المنطقة التى يعمل بها إلى نطاق عمل أو اتساع وسيلة الإعلام التى يعمل بها، وبالتالى يكون مسئولاً بدرجة أو بأخرى عن أى فجوة أو هوة أو سوء فهم بين الطرفين.
مراسلو وسائل الإعلام الغربية فى منطقة الشرق الأوسط مثلاً لهم نصيب كبير من المسئولية عن الهوة المستمرة بين المنطقة والغرب سواء كان أمريكياً أم أوروبياً، والمفترض أن يكون وجود هؤلاء المراسلين فى الشرق الأوسط ومعيشتهم فيه ومعرفتهم بجميع همومه ومشكلاته والأسباب والدوافع وراء أية ظواهر يشهدها.. ودورهم هو المساهمة فى التعريف والتوضيح والشرح والتحليل بعد أداء الدور الأهم وهو الرصد والمتابعة.
لكن ذلك فى الغالب لا يحدث!!.. والأمثلة كثيرة ومتنوعة ومتعددة على الكسل والجهل من السمات الأساسية فى التغطيات الغربيّة للشرق الأوسط، ولا تملك غير الامتعاض من اعتماد تلك التغطيات على وجهة نظر واحدة! وهى على اختلافها تفرض رؤية لا تتطابق أو حتى تقترب من الواقع، بل مجرد بيانات دعائيّة وتحريض رخيص ومساحة للدعايات والاختلاقات وضخ الكذب والفتنة. وبات فى حكم المؤكد أن هذا النوع من الصحافة عادة لا يعرض إلا مجرد الخطوط الأساسية وغالباً ما يشوه الحقائق، بشكل لا يخفى الجهل بالمسائل أو التفاصيل التى ترد فى السياق.
كما اتضح أن المراسلين كثيراً ما يكونون مشوشين، وغالباً ما تكون المعلومات المتاحة هى تلك التى توفرها المؤسسات أو الجهات التى تستخدمهم!
الصحفى الهولندى جوريس لوينديك الذى عمل مراسلاً فى الشرق الأوسط لسنوات، تناول تلك الأزمة منذ عشر سنوات تقريباً وانتهى إلى أن هؤلاء المراسلين يقدمون وصفاً مشوهاً وبعيداً عن التعمق لما يحدث فى الشرق الأوسط!!
فى مقال نشرته «لوموند الفرنسية»، طرح «لوينديك» أسئلة على قدر كبير من الأهمية: لماذا على سبيل المثال يطلق على المسئول الإسرائيلى الذى لا يؤمن سوى بالعنف بأنه من الصقور بينما يطلق على الطرف الآخر الذى يؤمن بالمبدأ نفسه فى الجانب الفلسطينى بأنه متطرف أو إرهابى؟!.. ولماذا لا يطلق عليه لقب صقر مثلاً. ويضيف: أن المسئولين الإسرائيلين المؤمنين بالحوار يطلق عليهم حمائم أما الفلسطينى الذى يختار الطريق نفسه فيطلق عليه معتدل. ويشير إلى أن ذلك يعنى أنه على الرغم من العنف المعشش فى قلبه فقد تمكن هذا الفلسطينى من تعديل طبيعته الأصلية.
«لوينديك» أشار فى المقال المشار إليه إلى أن المراسلين يفهمون ما يحدث بطريقة مختلفة أو يقومون بتحريفه فى بعض الأحيان!!
وأكثر من مرة، هاجم روبرت فيسك مراسل صحيفة الإندبندنت البريطانية الصحافة الغربية بشدة ووصفها بأنها لا تسعى إلى معرفة الحقيقة ولا إلى طرح الأسئلة المهمة حول القضايا التى تربط بين الحضارات.
«فيسك» أكد أن الإعلام الغربى ينزع المعنى من حقيقته ووصفه بأنه صحافة «أوتيلات» موضحاً أن الصحفيين أو المراسلين لا يغادرون الأوتيلات للقيام بواجبهم المهنى.
إن هذا النوع من الإعلام جعل المجتمعات الغربية عمياء لا ترى الحقيقة.
كثير من المراسلين فى المنطقة يتعمدون نقل الأخبار والتفاصيل بالطريقة التى يريد أن يسمعها الجمهور الغربى وهذا هو السبب وراء الأسلوب المتبع فى نقل أحداث الشرق الأوسط إلى الخارج وهو أيضاًً ما أدى إلى المساهمة فى زيادة جهل المجتمعات الغربية بالوضع فى الشرق الأوسط.
والحقيقة هى أنه لا يوجد فى الأوساط الغربية مراقبون حقيقيون أو محايدون لما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط وهذا ما يسهم بشكل كبير فى التغطية على كثير من الأحداث التى تشهدها المنطقة.
المراسلون يعملون وفى أذهانهم أن القراء لهم مواقف محددة سلفاً ويتوقع هؤلاء القراء أن يكون المراسل منحازاً لطرف من الأطراف.
حكاية المراسلين الغربيّين فى بلادنا حكاية طويلة تتداخل فيها الصحافة مع السياسة مع المخابرات مع الجهل مع الدعاية المدفوعة ويمكن وضع كثير منها فى خانة «الحرب النفسيّة»!!
مثلاً، تسرّبت تقارير فى الصحافة الأمريكيّة عن شركات تعاقدت مع وزارة الدفاع الأمريكيّة لنشر مقالات تؤيد الغزو الأمريكى للعراق فى الصحافة العربيّة بعد ترجمتها، كما تحدّثت «نيويورك تايمز» بعد 11 سبتمبر عن تنسيق بين الحكومة الأمريكيّة و«الصحافة العربيّة الصادرة فى لندن» وكذا وكالات أنباء عالمية بينها أسوشيتد برس ورويترز!
*********************
2
مبالغات وتعميمات وتسطيحات، يمكن أن نرجع كثيراً منها إلى انخفاض المردود المالى لوسائل الإعلام وشراء وسائل الإعلام من قبل شركات عملاقة تسعى وراء الربح!!.. الأمر الذى أدّى إلى تدنّى المستوى الصحفى وازدياد العامل التجارى والضغط المستمرّ لربط كل شىء بحسابات المكسب والخسارة.
لم تعد وسائل الإعلام الغربية مهتمة إلا بالحسابات سواء كانت سياسية أو اقتصادية، حتى ما كان منها يفتعل الحياد أو الموضوعية صار يلعب بشكل واضح ومكشوف.
على مدار سنة مثلاً تابع وكالات الأنباء العالمية، أو ما تنقله الصحف عنها.
تابع وكالة «رويترز» مثلاً، وقارن بين ما تنشره عن مصر بما يحدث فعلاً حولك، وستجد اختلافاً كبيراً.. ولو دخلت على موقع الوكالة ستضرب كفاً بكف لو قرأت تغطياتها لما فات من أحداث غير أنك قد تستلقى على ظهرك من الضحك لو صادفت حواراً أجرته الوكالة مع رجل الأعمال الشاب «أحمد أبوهشيمة»، والذى ستظل تسأل نفسك وأنت تقرأه عن السبب الذى يدفع وكالة بحجم وأهمية رويترز لنشر حوار معه، وقد يدفعك الفضول للاتصال بمراسل «رويترز» الذى وضع رقم تليفونه فى السطر الأخير!!.. فربما يجيبك بالرقم الذى دفعه أبوهشيمة.. وقد تستطيع بعد معرفة الرقم أن تعرف الأرقام التى يدفعها غيره من رجال الأعمال فى الداخل والخارج.. أو دول لا تريد استقراراً لمصر.
هنا يبرز السؤال بشكل مباشر دون لف أو دوران: من الذى يدفع لـ«رويترز»؟!
ونكرر أن درجة كارثية الإجابة، ستختلف لو كان من يدفع «أجنبى»، عنها لو كان الذى يدفع، يحمل ـ للأسف!ـ الجنسية المصرية! وما لدينا من معلومات يؤكد ـ للأسف!ـ أن «مصريين» يقفون وراء الحملات المسمومة ضد مصر؟!
هل تكون إعادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لـ«طهارة اليد» إلى مؤسسة الرئاسة هو السبب؟!
هل يمكن أن يكون ذلك هو ما دفع بعض الفاسدين من رجال الأعمال إلى إدارة حملات خفية ضده، لم يكتفوا فيها باستخدام وسائل إعلام مملوكة لهم، سواء كانت صحفاً أو قنوات تلفزيونية، وقاموا بشراء مساحات فى وكالات الأنباء العالمية، لتشويه النظام وإرسال رسائل «تحذيرية» أو تهديدات مباشرة؟!
إن الصراعات بين الرئيس وبعض من اعتبروا أنفسهم مراكز قوى من رجال الأعمال، قائم، ونستطيع أن نراه بالعين المجردة فى كثير من الظواهر والشواهد، والأبشع هو أن هؤلاء استغلوا كون مصر مهددة بالمؤامرات الخارجية، واستغلوا أيضاًً إنهاء الرئيس لصيغة كيسنجر فى حكم مصر وإقامته لتوازن جديد فى العلاقات الدولية، ليتحالفوا مع قوى الخارج، ضد مصر وضد الرئيس.
ونظراً، لكونهم يملكون الإعلام الخاص، ونظراً لأن معظمهم كانوا على صِلة وثيقة بنظام مبارك، فقد شكلوا حلفاً من ثلاثة أضلاع: مال، وإعلام، وفساد.. وظلت الأوضاع ساكنة، وظلت النار تحت الرماد، حتى صار اللعب مكشوفاً وبدأت تتكشف حقائق شبكة العلاقات التى تتحالف فيها «أحزاب» وبعض رجال الأعمال، يتم فيها توظيف المال والصحف والفضائيات، لتنفيذ ما يمكننا تسميته بـ«الانقلاب الناعم» على الرئيس! وهو ما سبق أن أوضحناه بمزيد من التفاصيل فى أعداد سابقة.
*********************
3
إنها لعبة كبيرة، بل أكبر ما كنا نتخيل، تشارك فيها إمبراطوريات إعلامية تديرها إحدى شركات الإعلانات ويديرها بالوكالة متهم فى قضايا فساد مالى!!.. استطاع خلال فترة وجيزة أن يحكم قبضته على العديد من القنوات بإنقاذها من أزماتها المالية، مقابل حصوله على حق الإعلانات على الشبكة بعقود تضمن له السيطرة على القنوات بما فيها ومن فيها.
والمشاركون فى «المؤامرة» يشتركون جميعاً فى صفات محددة أبرزها أن رحلتهم مع المليارات والربح السريع كانت عن طريق شراء أراض شاسعة بأسعار مجانية تقريباً قاموا بتقسيمها وإعادة بيعها فيما كان معروفاً بمافيا تسقيع الأراضى، ومعهم أصحاب مصانع السيراميك والأسمنت وحديد التسليح، وكلهم كانوا مدعومين من كهنة المعبد الحزب الوطنى المنحل.. وهم أيضاً من دقوا المسمار الأخير فى نعش نظام مبارك ولما تهدم المعبد، وقع على رأس الجميع، إلا هم!!.. واستمروا على حالتهم: حيتان وقطط سمان ينشرون سرطان الفساد وثقافة الفساد فى المجتمع.
كل هؤلاء، كما سبق أن عرضنا وحذرنا قرروا أن يعلنوا الحرب على الرئيس قبل بضعة أسابيع من إتمامه سنته الأولى فى الحكم.. وهى الحرب التى ينفقون فيها بلا حساب من أموالهم الحرام، يدفعون منها لـ«صبيانهم» الذين يملأون الشاشات عشرات أضعاف الراتب الذى يتقاضاه رئيس الدولة!!.. فكان أن وصل تدهور وسائل الإعلام فى مصر، إلى درجة غير مسبوقة، ووصل تدنى أداء كثير من الفضائيات الخاصة إلى الحضيض، الأمر الذى أحبط آمالاً كانت معلقة عليها فى أن تصبح بديلاً عن القنوات الرسمية التى ظلت منذ نشأتها دعائية، وليست إعلامية. ولم يعد السؤال الأكثر أهمية اليوم عن مدى التزام الإعلام بالقواعد المهنية، والمواثيق الأخلاقية، بل عن وجود إعلام من الأساس، وعلاقة معظم الفضائيات والقنوات الموجودة الآن بالعمل الإعلامى من حيث المبدأ!
وزادوا على ذلك، فقاموا بشراء مساحات فى صحف دولية، ووكالات الأنباء لتبدأ حملات التشويه فى الداخل، لتتلقفها وسائلهم أو شركاؤهم فى الخارج.. والهدف من ذلك كله هو إجهاض المشروع الوطنى الذى يقوده السيسى على أساس من العدالة الاجتماعية، وهو التعبير الكلمة التى تحظى بكراهية مجتمع رجال الأعمال، لا ينافسه إلا مصطلح «الاستقلال الوطنى» لمن ارتبطت مصالحهم بدول أخرى!
وصل الأمر بهؤلاء حد «التآمر» فى وضح النهار! وصار معلوماً للجميع أن عدداً ممن يوصفون برجال أعمال بعينهم، يتحركون داخل مصر وخارجها بدعم مباشر من قطر وعبر «أشخاص» معروفين بالاسم يديرون أموال النظام القطرى!
وصارت اجتماعات هؤلاء بالفنادق الكبرى متكررة، وبعضها تحضرها بشكل واضح شخصيات تابعة ونافذة فى أجهزة مخابرات دول، بينهم قطريون وأتراك وما يثير الدهشة أن هؤلاء يمتلكون فعلياً عدداً من وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية والمرئية!!.. والأغرب أن بعض هؤلاء موالون بشكل واضح لتنظيم الإخوان، ويتواصلون عبر دوائر تلفزيونية برجال مخابرات خارجية بينهم نافذون بالمخابرات المركزية CIA ويقومون بشكل واضح بالضغط على عدد من رجال الأعمال حاملى توكيلات الشركات الأمريكية فى مصر!
والوضع كذلك، فلا نعتقد أننا نتجاوز لو قلنا إن سيطرة رجال الأعمال على الإعلام، محلياً ودولياً، تحتاج إلى وقفة من الدولة، وأن على السلطة الحالية أن تضع يدها على مكمن الضرر حتى تتمكن من علاجه.. وعلى الرئيس الإسراع بإيجاد صيغة نستطيع من خلالها ضبط ما اتفقنا جميعاً على وصفه بـ«الفوضى الإعلامية».
على الرئيس أن يتدخل ويوقف بحسم وحزم هذا «الابتزاز» الرخيص، الذى يحاول به من يعتقدون أنهم مراكز الضغط على الدولة، والعودة بها إلى حالة الفساد والإفساد التى كانت هى عنوان مرحلة سابقة، قام الشعب بثورتين كى يتخلص منها.
ينفجر اليوم!!
«الموجز» حذرت بالوقائع والأرقام.. والرئاسة تباطأت عاماً كاملاً!!
التاريخ الأسود لصفقات وكالة الأنباء الشهيرة
قبل سنة تقريباً، تحديداً فى مايو 2015 سألنا بوضوح:
«هل تفعلها مؤسسة الرئاسة وتقاضى وكالة رويترز؟!»
وقتها، كان واضحا تماما أن الوكالة تحاول بشتى الطرق استهداف مصر ورئيسها بنشر أكاذيب وتحليلات وصلت حد اختلاق أخبار ومعلومات عن صراعات داخل مؤسسات الدولة والتبشير أو توقع حدوث انقلاب ضد الرئيس!
وغير المقال الذى طرحنا فيه ذلك السؤال، كنا قد تناولنا ورصدنا، أكثر من مرة، الصيغة المريبة والمثيرة للدهشة التى تتعامل بها تلك الوكالة منذ 30 يونيو 2013 مع مصر وكشفنا عن تلقيها لأموال ضخمة من جهات متعددة بينها رجال أعمال على صلة وثيقة بقطر والأسرة الحاكمة هناك.
كما توقفنا أيضاً أمام التقارير والتحليلات الغريبة، والبعيدة كل البعد عن واقع ما يحدث فى مصر، والتى تحمل توقيع «مايكل جورجى» وهو الشخص نفسه الذى تقدمت وزارة الداخلية ببلاغ ضده الأسبوع الماضى، بسبب فبركته تقريراً يزعم فيه أن ستة مصادر أمنية صرحت له بأن الطالب الإيطالى جوليو ريجينى كان محتجزاً بقسم الأزبكية ثم بأحد مقار الأمن الوطنى قبل اختفائه والعثور على جثته.
واليوم نعود لطرح السؤال الأهم: ما الذى يدفع وكالة أنباء عالمية تدّعى الموضوعية، إلى التخلى عن موضوعيتها وعن ألف باء تدقيق معلوماتها؟
بصيغة أخرى: من الذى يدفع لـ«رويترز»؟!
وبالطبع، ستختلف درجة كارثية الإجابة، لو كان من «أجنبى»، عنها لو كان الذى يدفع يحمل ـ للأسف!ـ الجنسية المصرية!
الثابت، هو أن وكالات الأنباء الدولية فرضت نفسها على إعلام الدول النامية مستفيدة من تطور إمكاناتها الفنية والمالية ومن منهج وطريقة أدائها وكتابتها للأخبار أو التقارير بصيغة توحى بالموضوعية والتجرد وسرعة توصيل الخبر وتأمين التسهيلات التقنية لتلقى الخبر.
والثابت كذلك، هو أن وكالات الأنباء العالمية منذ أن انطلقت عام 1825 وهى تسهم فى تعزيز نفوذ الدول القوية (الاستعمارية فى بعض المراحل)، وفى التأثير على الرأى العام العالمى، وتوجيهه إلى وجهات تتناسب مع سياساتها وأهداف القائمين عليها والممولين لها.
ومما يؤسف عليه هو أن هذه الوكالات لا تزال إلى الآن أهم المصادر على الإطلاق فى تزويد الصحف والمجلات ومحطات الراديو والتلفزيون ومواقع الإنترنت بالمواد الخبرية؛ لأنها تقوم بالعمل الذى لا يمكن لوسائل الإعلام الأخرى القيام به، وهو تغطية أهم العواصم والمدن، ومناطق الأحداث الساخنة فى العالم بشبكة واسعة من المراسلين والمكاتب، نظراً لما يتكلفه ذلك عادة من أموال ونفقات لا يمكن أن تتحملها تلك الوسائل.
ومع تطور تلك الوكالات بمرور السنين عززت دورها وانتشارها، لتبقى الوسيلة الإعلامية الأولى فى العالم من حيث التأثير والفعالية والتوجيه والانتشار، ورغم التنافس المحموم بين الفضائيات نفسها من جهة، وبين الفضائيات ووكالات الأنباء من جهة أخرى، ظلت وكالات الأنباء هى صاحبة النفوذ الأكبر، ومازالت حصتها من سوق وسائل الإعلام تتراوح بين 70٪ و75٪، حسب إحصاءات متفاوتة تجريها مؤسسات متخصصة بين مدة وأخرى.
ومن واقع متابعتنا ورصدنا، طوال سنوات، أصبح فى حكم المؤكد أن هذه الوكالات مرتبطة أساساً بالدول التى تتبعها ولا تستطيع الخروج على الخط المرسوم لها، لذلك فإن عملية تشويهها للأخبار التى تنقلها عن بلدان العالم الثالث تتعدى حدود نشر معلومات كاذبة لتأخذ أشكالاً أخرى منها المغالاة فى التأكيد على أحداث ليس لها أهمية، ووضع الحقائق التى لا ترتبط ببعضها فى قالب واحد وعرضها بشكل يوحى بأنها متصلة وتكون حالة واحدة. والتشويه القائم على خلق حالة مزاجية وعقلية مسبقة نحو الأحداث، عن طريق تقديم الأحداث ذات الأبعاد المعروفة بأسلوب خلق حالة خوف أو شك لا أساس لها من الصحة.
أضف إلى ذلك التشويه من خلال التعتيم أو عدم نشر أى معلومات متصلة بالحدث أو الموقف الذى لا يخدم مصالح الدول التى تنتمى إليها تلك الوكالات.
كما أن الأخبار والمعلومات التى تروجها هذه الوكالات لا تتلاءم فى واقع الحال مع بلدان العالم الثالث وحاجاته لأنها جمعت ونشرت عن طريق مصادر وأجهزة الوكالات الغربية، إضافة إلى أن المحتكر هو الذى يحدد أى الموضوعات التى تستحق الطرح وأيها يستحق المنع وهم يعلمون أنهم يتحكمون بذلك التدفق إذ يحصلون على المعلومات التى يريدونها وبالشكل الذى يرونه مناسباً وفى الوقت الذى يرغبون فيه!
وهى أولا وأخيراً، لا تعمل إلا على خدمة مصالح الدول التى تنتمى إليها، فهى فى تغطيتها الإخبارية لمختلف أحداث العالم، رغم ما تدعيه من موضوعية أو حياد، وهذا ما يجعلها تلجأ إلى تلوين الأخبار طبقاً لمصالحها ومصالح النظم السياسية والاقتصادية التى تتبعها. وما يجعلها أيضاًً تمارس التعتيم المتعمد والتحريف وإحلال الأخطاء أو الأكاذيب محل الحقائق الثابتة أو بإضافة تفسير غير حقيقى إلى الخبر أو بصنع الأخبار من حقائق عشوائية وتقديمها كحقيقة متكاملة أو بتجميع الحقائق الجزئية لكى تعطى انطباعاً بأنها الحقيقة الكاملة أو عرض الحقائق بطريقة تثير شكوكاً ومخاوف لا أساس لها من الصحة أو مبالغاً فيها، بهدف التحكم فى رد الفعل.
كل ما سبق وأكثر، ينطبق بالضبط على التقرير المشار إليه، وحتى تكتمل الصورة، تعالوا نرد الأمور لأصلها ونسأل عن طبيعة وكالة رويترز، لنكتشف أن جوليوس رويتر، قام بتأسيسها فى أواخر عام 1851، بهدف تغطية الأخبار المالية.. المالية فقط، ثم توسعت فى عام 1858 لتغطى الأخبار العامة، وكانت انطلاقتها المهمة مع بداية الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861 والتى غطتها «رويترز» ونقلت أخبارها إلى أوروبا، وهو ما أثر بشكل كبير على اقتصادياتها وأحدث إرباكاً فى أسواقها.. ونكرر: «أثر بشكل كبير على اقتصادياتها وأحدث إرباكاً فى أسواقها».
ومؤخراً، اندمجت «رويترز» مع «تومسون» الكندية ليكون اسمها «تومسون رويترز» وتم إدراج أسهمها فى كل من مؤشر «فوتسى 100» البريطانى وبورصة تورونتو الكندية.
وقد تعتقد مثل كثيرين أن «رويترز» مجرد وكالة أنباء، لكنك ستفاجأ بأن الخدمات الإخبارية لا تمثل أكثر من 8٪ من حجم أعمالها، فى حين أن الـ92٪ الباقية عبارة عن بيع المعلومات للشركات، والثابت هو أن أكثر من 650 ألف شركة كبرى فى العالم تعتمد على ما تقدمه «رويترز» من خدمات ومعلومات.
وبحسب إحصائيات تم نشرها مؤخراً، فإن عدد العاملين فى الوكالة يبلغ نحو 55 ألف عامل موزعين على 100 دولة تقريباً، ويبلغ حجم عائداتها نحو 12,5 مليار دولار.
هنا تبرز مرة أخرى الأسئلة التى طرحناها، قبل قليل: ما الذى يدفع وكالة أنباء عالمية تدعى الموضوعية، إلى التخلى عن موضوعيتها وعن ألف باء تدقيق معلوماتها؟!
وما الذى يجعلها تنسب معلومات مشكوك فى صحتها لمصادر مجهولة.. وتنقل آراء وتحليلات عن مصادر معلومة منتقاة بعناية لتقول شيئاً محدداً؟!
المراسل الأجنبى أو مراسل وسيلة الإعلام الأجنبية هو الشخص المسئول عن نقل وقائع وأحداث المنطقة التى يعمل بها إلى نطاق عمل أو اتساع وسيلة الإعلام التى يعمل بها، وبالتالى يكون مسئولاً بدرجة أو بأخرى عن أى فجوة أو هوة أو سوء فهم بين الطرفين.
مراسلو وسائل الإعلام الغربية فى منطقة الشرق الأوسط مثلاً لهم نصيب كبير من المسئولية عن الهوة المستمرة بين المنطقة والغرب سواء كان أمريكياً أم أوروبياً، والمفترض أن يكون وجود هؤلاء المراسلين فى الشرق الأوسط ومعيشتهم فيه ومعرفتهم بجميع همومه ومشكلاته والأسباب والدوافع وراء أية ظواهر يشهدها.. ودورهم هو المساهمة فى التعريف والتوضيح والشرح والتحليل بعد أداء الدور الأهم وهو الرصد والمتابعة.
لكن ذلك فى الغالب لا يحدث!!.. والأمثلة كثيرة ومتنوعة ومتعددة على الكسل والجهل من السمات الأساسية فى التغطيات الغربيّة للشرق الأوسط، ولا تملك غير الامتعاض من اعتماد تلك التغطيات على وجهة نظر واحدة! وهى على اختلافها تفرض رؤية لا تتطابق أو حتى تقترب من الواقع، بل مجرد بيانات دعائيّة وتحريض رخيص ومساحة للدعايات والاختلاقات وضخ الكذب والفتنة. وبات فى حكم المؤكد أن هذا النوع من الصحافة عادة لا يعرض إلا مجرد الخطوط الأساسية وغالباً ما يشوه الحقائق، بشكل لا يخفى الجهل بالمسائل أو التفاصيل التى ترد فى السياق.
كما اتضح أن المراسلين كثيراً ما يكونون مشوشين، وغالباً ما تكون المعلومات المتاحة هى تلك التى توفرها المؤسسات أو الجهات التى تستخدمهم!
الصحفى الهولندى جوريس لوينديك الذى عمل مراسلاً فى الشرق الأوسط لسنوات، تناول تلك الأزمة منذ عشر سنوات تقريباً وانتهى إلى أن هؤلاء المراسلين يقدمون وصفاً مشوهاً وبعيداً عن التعمق لما يحدث فى الشرق الأوسط!!
فى مقال نشرته «لوموند الفرنسية»، طرح «لوينديك» أسئلة على قدر كبير من الأهمية: لماذا على سبيل المثال يطلق على المسئول الإسرائيلى الذى لا يؤمن سوى بالعنف بأنه من الصقور بينما يطلق على الطرف الآخر الذى يؤمن بالمبدأ نفسه فى الجانب الفلسطينى بأنه متطرف أو إرهابى؟!.. ولماذا لا يطلق عليه لقب صقر مثلاً. ويضيف: أن المسئولين الإسرائيلين المؤمنين بالحوار يطلق عليهم حمائم أما الفلسطينى الذى يختار الطريق نفسه فيطلق عليه معتدل. ويشير إلى أن ذلك يعنى أنه على الرغم من العنف المعشش فى قلبه فقد تمكن هذا الفلسطينى من تعديل طبيعته الأصلية.
«لوينديك» أشار فى المقال المشار إليه إلى أن المراسلين يفهمون ما يحدث بطريقة مختلفة أو يقومون بتحريفه فى بعض الأحيان!!
وأكثر من مرة، هاجم روبرت فيسك مراسل صحيفة الإندبندنت البريطانية الصحافة الغربية بشدة ووصفها بأنها لا تسعى إلى معرفة الحقيقة ولا إلى طرح الأسئلة المهمة حول القضايا التى تربط بين الحضارات.
«فيسك» أكد أن الإعلام الغربى ينزع المعنى من حقيقته ووصفه بأنه صحافة «أوتيلات» موضحاً أن الصحفيين أو المراسلين لا يغادرون الأوتيلات للقيام بواجبهم المهنى.
إن هذا النوع من الإعلام جعل المجتمعات الغربية عمياء لا ترى الحقيقة.
كثير من المراسلين فى المنطقة يتعمدون نقل الأخبار والتفاصيل بالطريقة التى يريد أن يسمعها الجمهور الغربى وهذا هو السبب وراء الأسلوب المتبع فى نقل أحداث الشرق الأوسط إلى الخارج وهو أيضاًً ما أدى إلى المساهمة فى زيادة جهل المجتمعات الغربية بالوضع فى الشرق الأوسط.
والحقيقة هى أنه لا يوجد فى الأوساط الغربية مراقبون حقيقيون أو محايدون لما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط وهذا ما يسهم بشكل كبير فى التغطية على كثير من الأحداث التى تشهدها المنطقة.
المراسلون يعملون وفى أذهانهم أن القراء لهم مواقف محددة سلفاً ويتوقع هؤلاء القراء أن يكون المراسل منحازاً لطرف من الأطراف.
حكاية المراسلين الغربيّين فى بلادنا حكاية طويلة تتداخل فيها الصحافة مع السياسة مع المخابرات مع الجهل مع الدعاية المدفوعة ويمكن وضع كثير منها فى خانة «الحرب النفسيّة»!!
مثلاً، تسرّبت تقارير فى الصحافة الأمريكيّة عن شركات تعاقدت مع وزارة الدفاع الأمريكيّة لنشر مقالات تؤيد الغزو الأمريكى للعراق فى الصحافة العربيّة بعد ترجمتها، كما تحدّثت «نيويورك تايمز» بعد 11 سبتمبر عن تنسيق بين الحكومة الأمريكيّة و«الصحافة العربيّة الصادرة فى لندن» وكذا وكالات أنباء عالمية بينها أسوشيتد برس ورويترز!
*********************
2
مبالغات وتعميمات وتسطيحات، يمكن أن نرجع كثيراً منها إلى انخفاض المردود المالى لوسائل الإعلام وشراء وسائل الإعلام من قبل شركات عملاقة تسعى وراء الربح!!.. الأمر الذى أدّى إلى تدنّى المستوى الصحفى وازدياد العامل التجارى والضغط المستمرّ لربط كل شىء بحسابات المكسب والخسارة.
لم تعد وسائل الإعلام الغربية مهتمة إلا بالحسابات سواء كانت سياسية أو اقتصادية، حتى ما كان منها يفتعل الحياد أو الموضوعية صار يلعب بشكل واضح ومكشوف.
على مدار سنة مثلاً تابع وكالات الأنباء العالمية، أو ما تنقله الصحف عنها.
تابع وكالة «رويترز» مثلاً، وقارن بين ما تنشره عن مصر بما يحدث فعلاً حولك، وستجد اختلافاً كبيراً.. ولو دخلت على موقع الوكالة ستضرب كفاً بكف لو قرأت تغطياتها لما فات من أحداث غير أنك قد تستلقى على ظهرك من الضحك لو صادفت حواراً أجرته الوكالة مع رجل الأعمال الشاب «أحمد أبوهشيمة»، والذى ستظل تسأل نفسك وأنت تقرأه عن السبب الذى يدفع وكالة بحجم وأهمية رويترز لنشر حوار معه، وقد يدفعك الفضول للاتصال بمراسل «رويترز» الذى وضع رقم تليفونه فى السطر الأخير!!.. فربما يجيبك بالرقم الذى دفعه أبوهشيمة.. وقد تستطيع بعد معرفة الرقم أن تعرف الأرقام التى يدفعها غيره من رجال الأعمال فى الداخل والخارج.. أو دول لا تريد استقراراً لمصر.
هنا يبرز السؤال بشكل مباشر دون لف أو دوران: من الذى يدفع لـ«رويترز»؟!
ونكرر أن درجة كارثية الإجابة، ستختلف لو كان من يدفع «أجنبى»، عنها لو كان الذى يدفع، يحمل ـ للأسف!ـ الجنسية المصرية! وما لدينا من معلومات يؤكد ـ للأسف!ـ أن «مصريين» يقفون وراء الحملات المسمومة ضد مصر؟!
هل تكون إعادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لـ«طهارة اليد» إلى مؤسسة الرئاسة هو السبب؟!
هل يمكن أن يكون ذلك هو ما دفع بعض الفاسدين من رجال الأعمال إلى إدارة حملات خفية ضده، لم يكتفوا فيها باستخدام وسائل إعلام مملوكة لهم، سواء كانت صحفاً أو قنوات تلفزيونية، وقاموا بشراء مساحات فى وكالات الأنباء العالمية، لتشويه النظام وإرسال رسائل «تحذيرية» أو تهديدات مباشرة؟!
إن الصراعات بين الرئيس وبعض من اعتبروا أنفسهم مراكز قوى من رجال الأعمال، قائم، ونستطيع أن نراه بالعين المجردة فى كثير من الظواهر والشواهد، والأبشع هو أن هؤلاء استغلوا كون مصر مهددة بالمؤامرات الخارجية، واستغلوا أيضاًً إنهاء الرئيس لصيغة كيسنجر فى حكم مصر وإقامته لتوازن جديد فى العلاقات الدولية، ليتحالفوا مع قوى الخارج، ضد مصر وضد الرئيس.
ونظراً، لكونهم يملكون الإعلام الخاص، ونظراً لأن معظمهم كانوا على صِلة وثيقة بنظام مبارك، فقد شكلوا حلفاً من ثلاثة أضلاع: مال، وإعلام، وفساد.. وظلت الأوضاع ساكنة، وظلت النار تحت الرماد، حتى صار اللعب مكشوفاً وبدأت تتكشف حقائق شبكة العلاقات التى تتحالف فيها «أحزاب» وبعض رجال الأعمال، يتم فيها توظيف المال والصحف والفضائيات، لتنفيذ ما يمكننا تسميته بـ«الانقلاب الناعم» على الرئيس! وهو ما سبق أن أوضحناه بمزيد من التفاصيل فى أعداد سابقة.
*********************
3
إنها لعبة كبيرة، بل أكبر ما كنا نتخيل، تشارك فيها إمبراطوريات إعلامية تديرها إحدى شركات الإعلانات ويديرها بالوكالة متهم فى قضايا فساد مالى!!.. استطاع خلال فترة وجيزة أن يحكم قبضته على العديد من القنوات بإنقاذها من أزماتها المالية، مقابل حصوله على حق الإعلانات على الشبكة بعقود تضمن له السيطرة على القنوات بما فيها ومن فيها.
والمشاركون فى «المؤامرة» يشتركون جميعاً فى صفات محددة أبرزها أن رحلتهم مع المليارات والربح السريع كانت عن طريق شراء أراض شاسعة بأسعار مجانية تقريباً قاموا بتقسيمها وإعادة بيعها فيما كان معروفاً بمافيا تسقيع الأراضى، ومعهم أصحاب مصانع السيراميك والأسمنت وحديد التسليح، وكلهم كانوا مدعومين من كهنة المعبد الحزب الوطنى المنحل.. وهم أيضاً من دقوا المسمار الأخير فى نعش نظام مبارك ولما تهدم المعبد، وقع على رأس الجميع، إلا هم!!.. واستمروا على حالتهم: حيتان وقطط سمان ينشرون سرطان الفساد وثقافة الفساد فى المجتمع.
كل هؤلاء، كما سبق أن عرضنا وحذرنا قرروا أن يعلنوا الحرب على الرئيس قبل بضعة أسابيع من إتمامه سنته الأولى فى الحكم.. وهى الحرب التى ينفقون فيها بلا حساب من أموالهم الحرام، يدفعون منها لـ«صبيانهم» الذين يملأون الشاشات عشرات أضعاف الراتب الذى يتقاضاه رئيس الدولة!!.. فكان أن وصل تدهور وسائل الإعلام فى مصر، إلى درجة غير مسبوقة، ووصل تدنى أداء كثير من الفضائيات الخاصة إلى الحضيض، الأمر الذى أحبط آمالاً كانت معلقة عليها فى أن تصبح بديلاً عن القنوات الرسمية التى ظلت منذ نشأتها دعائية، وليست إعلامية. ولم يعد السؤال الأكثر أهمية اليوم عن مدى التزام الإعلام بالقواعد المهنية، والمواثيق الأخلاقية، بل عن وجود إعلام من الأساس، وعلاقة معظم الفضائيات والقنوات الموجودة الآن بالعمل الإعلامى من حيث المبدأ!
وزادوا على ذلك، فقاموا بشراء مساحات فى صحف دولية، ووكالات الأنباء لتبدأ حملات التشويه فى الداخل، لتتلقفها وسائلهم أو شركاؤهم فى الخارج.. والهدف من ذلك كله هو إجهاض المشروع الوطنى الذى يقوده السيسى على أساس من العدالة الاجتماعية، وهو التعبير الكلمة التى تحظى بكراهية مجتمع رجال الأعمال، لا ينافسه إلا مصطلح «الاستقلال الوطنى» لمن ارتبطت مصالحهم بدول أخرى!
وصل الأمر بهؤلاء حد «التآمر» فى وضح النهار! وصار معلوماً للجميع أن عدداً ممن يوصفون برجال أعمال بعينهم، يتحركون داخل مصر وخارجها بدعم مباشر من قطر وعبر «أشخاص» معروفين بالاسم يديرون أموال النظام القطرى!
وصارت اجتماعات هؤلاء بالفنادق الكبرى متكررة، وبعضها تحضرها بشكل واضح شخصيات تابعة ونافذة فى أجهزة مخابرات دول، بينهم قطريون وأتراك وما يثير الدهشة أن هؤلاء يمتلكون فعلياً عدداً من وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية والمرئية!!.. والأغرب أن بعض هؤلاء موالون بشكل واضح لتنظيم الإخوان، ويتواصلون عبر دوائر تلفزيونية برجال مخابرات خارجية بينهم نافذون بالمخابرات المركزية CIA ويقومون بشكل واضح بالضغط على عدد من رجال الأعمال حاملى توكيلات الشركات الأمريكية فى مصر!
والوضع كذلك، فلا نعتقد أننا نتجاوز لو قلنا إن سيطرة رجال الأعمال على الإعلام، محلياً ودولياً، تحتاج إلى وقفة من الدولة، وأن على السلطة الحالية أن تضع يدها على مكمن الضرر حتى تتمكن من علاجه.. وعلى الرئيس الإسراع بإيجاد صيغة نستطيع من خلالها ضبط ما اتفقنا جميعاً على وصفه بـ«الفوضى الإعلامية».
على الرئيس أن يتدخل ويوقف بحسم وحزم هذا «الابتزاز» الرخيص، الذى يحاول به من يعتقدون أنهم مراكز الضغط على الدولة، والعودة بها إلى حالة الفساد والإفساد التى كانت هى عنوان مرحلة سابقة، قام الشعب بثورتين كى يتخلص منها.