ياسر بركات يكتب عن: حرب جنرالات الفساد فى وثائق بنما
علقة ساخنة من الملياردير الأمريكى جورج سوروس لرئيس وزراء بريطانيا
- ديفيد كاميرون ينهار ويعترف بثروات والده.. وحملات لإجباره على الاستقالة
- الرجل الذى كسر بنك إنجلترا.. دفع المليارات لتحطيم أنف البريطانيين
- العالم يدفع ثمن انتقام جبابرة المخابرات وأباطرة المال
لعل الحدث الأبرز طوال الأسبوع الماضى، كان سيل التسريبات الأضخم فى التاريخ الذى تم تداوله إعلامياً باسم «وثائق بنما».
وهى التسريبات التى شملت غالبية دول العالم تقريباً، باستثناء الولايات المتحدة، التى لم تتناول الوثائق المسربة غير عدد ضئيل من الأمريكيين ليس بينهم سياسيون.. وكأن السياسيين وكبار رجال الدولة الأمريكية السابقين والحاليين لم يكن بينهم من نقل جانباً من أمواله إلى الملاذات الضريبية الآمنة أو شركات الـ«أوفشور» كغيرهم ممن تعاملوا مع مكتب المحاماة البنمى «موساك فونسيكا».
وكانت نكتة أن يكون أبرز الأسماء الأمريكية المتداولة ديفيد جيفن، نجم الموسيقى الذى أسس مع المخرج ستيفن سبيلبرج إستديوهات «دريم ووركس»!!.. وبقية الأمريكيين، باعتراف مارينا ووكر جيفارا مساعدة مدير «الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقصائيين» كانوا أفراداً عاديين!
فهل يمكن أن نستنتج من ذلك أن الولايات المتحدة نموذج للشفافية المالية؟ أم إلى إخفاء متعمد للوثائق التى تخصهم؟!
أم نقبل التفسير أو التبرير الذى قاله نيكولاس شاكسون صاحب كتاب «الجنات الضريبية. تحقيق فى أضرار المالية النيوليبرالية» بأن الأمريكيين لديهم ملاذات ضريبية أخرى كثيرة يمكنهم التوجه إليها مثل جزر كايمان وجزر فيرجن البريطانية، وأن الأمريكيين الحريصين على إبقاء أنشطتهم المالية سرية، لا يحتاجون إلى الخروج من بلادهم؟!
أم يكون التفسير الأقرب هو وقوف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سى.آى.إيه» خلف تلك التسريبات بهدف زعزعة استقرار بعض الدول، وعلى رأسها روسيا التى تردد اسم فلاديمير بوتين شخصيا أحد من طالتهم التسريبات؟!
ونوضح هنا أن الملاذ الضريبى أو الجنة الضرائبية «Tax Haven» هى منطقة تفرض أقل الضرائب، أو لا تفرضها على الإطلاق، أى أن الأنظمة المصرفية فى تلك المنطقة تحكمها قوانين صارمة للمحافظة على سرية حسابات العملاء، ومساعدتهم على التهرب من دفع الضرائب فى بلادهم، وبالتالى إخفاء ثرواتهم.
جوليان أسانج، مؤسس موقع «ويكيليكس» أكد الاحتمال الأخير، بإعلانه أن تلك التسريبات (تسريبات بنما) ظهرت بتمويل مباشر من الحكومة الأمريكية والملياردير الأمريكى جورج سوروس.
وأوضح فى تغريدات فى حسابه على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» أن تسريب البيانات التى تدل على تورط عدد من ممثلى النخبة السياسية على مستوى العالم فى الشبكات المالية غير الشرعية العاملة فى الملاذات الضريبية (أوفشور)، كان فى حقيقة الأمر هجوماً موجهاً ضد روسيا، مضيفاً وموضحاً أن مشروع رصد الجريمة المنظمة والفساد أعد هجوم «وثائق بنما» ضد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، كما استهدف الجمهوريات السوفييتية السابقة، وأن تمويله يتم من «وكالة التنمية الدولية الأمريكية» وسوروس.
وفى تغريدة أخرى، أضاف مؤسس «ويكيليكس»: ربما يقوم المشروع الأمريكى لرصد الجريمة المنظمة والفساد بعمل جيد، لكن حصوله على تمويل مباشر من الحكومة الأمريكية لشن هجوم «وثائق بنما» على بوتين، يثير شكوكاً حول نزاهة المشروع.
كما كشف أن أكثر من 3 آلاف شخصية اعتبارية وطبيعية مذكورة فى «وثائق بنما»، مقيمون فى الولايات المتحدة، فيما يقيم ما يزيد على 9 آلاف من الشخصيات الاعتبارية والطبيعية التى وردت أسماؤها فى وثائق فى بريطانيا. الأمر الذى جعله يطالب بضرورة نشر كامل قاعدة البيانات التى سربها الـ«هاكر المجهول» بدلاً من نشر مقتطفات منها بشكل انتقائى!
دعم جورج سورس أو تمويله التسريبات ربما يكون السبب فى حملة التجريس التى يتعرض لها رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون الذى يواجه الآن بمطالب بالاستقالة كرد فعل شعبى ورسمى على إقراره بتورطه مع والده فى إخفاء ثروتهما وارتباطهما بفضيحة «وثائق بنما»، ووصل الأمر حد تأكيد جريدة «الإندبندنت» أن عدداً من النواب البريطانيين طالبوا كاميرون بالاستقالة بعد اعترافه بامتلاك 5000 سهم فى صندوق والده الاستثمارى رغم نفيه عدة مرات لأى محاولة تهرب ضريبى، وتأكيده أنه باع تلك الحصص قبل أن يصل إلى منصب رئيس الوزراء.
وقالت الجريدة البريطانية: كاميرون لم يكذب ولكنه لم يقل الحقيقة كاملة، وقد يضطر للاستقالة فى أى لحظة، مضيفة: اعترافه جاء بعد 5 أيام من الضغوط التى واجهها إثر الكشف عن تهربه ووالده من دفع الضرائب عدة سنوات.
وفى سياق متصل، قال عضو لجنة الخزانة البرلمانية جون مان فى تصريح لشبكة «آى.تى.فى»: القضية تتعلق بالشفافية.. كان مطلوباً منه منذ عام 2001 وحتى 2010 وهو العام الذى باع فيه حصته أن يعلن عن كل ما يمتلكه، ما يعنى أنه كان أمامه عشر سنوات ليبلغ البرلمان عن هذه الحصة.
جون مان النائب عن حزب «العمال» وصف كاميرون بالمنافق فى سلسلة من التغريدات قائلاً: إنه فشل فى أن يكون أميناً مع الشعب البريطانى.
وبالطبع، لم ينس العميل السابق لوكالة المخابرات الأمريكية إدوارد سنودن أن يطالب الشعب البريطانى بالثورة على كاميرون وإجباره على الاستقالة، وقال: الـ24 ساعة المقبلة قد تكون حاسمة لتغيير بريطانيا، مشيرا إلى أن غضب البريطانيين تجاه اعتراف كاميرون لا ينبغى أن يكون أقل من الغضب الذى أجبر رئيس وزراء أيسلندا سيغموندور على الاستقالة، بسبب تورطه فى الفضيحة نفسها.
لماذا قلنا إن دعم جورج سورس أو تمويله التسريبات ربما يكون السبب فى حملة التجريس التى يتعرض لها رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون؟!
قلنا ذلك لأن جورج سوروس، يوصف بأنه ألد أعداء بريطانيا ويفخر بلقب «الرجل الذى كسر بنك إنجلترا».
وسوروس الذى يهاجمه كثيرون وينسبون إليه تمويل ما توصف بثورات الربيع العربى يعتبره كثيرون لغزاً، ويؤكدون أن محاولة فهم شخصيته مهمة أصعب من حفظ دليل التليفون. والثابت هو أنه كسب المليارات بشراكته لديك تشينى القديمة فى «هاليبيرتون» للطاقة، التى حققت أرباحاً طائلة من وراء غزو العراق، والمضحك أنه يقوم فى الوقت نفسه بالتبرع بملايين الدولارات للحركات الرافضة للحرب!!.. وأيضاً هو نفسه الذى توقع الورطة الأمريكية فى العراق فى كتابه «فقاعة التفوق الأمريكى»!
أما عداؤه لبريطانيا، فكان أبرز نتائجه قيامه فى 1992، بتحقيق ربح يزيد على مليار دولار أمريكى فى يوم واحد عرفه العالم بالأربعاء الأسود على حساب بريطانيا. وكان ذلك هو اليوم الذى انسحبت فيه بريطانيا من آلية تسعير صرف العملات الأوروبية التى كانت شرطاً للانضمام للعملة الأوروبية الموحدة والتى ربطت العملات الأوروبية بما فيها الجنيه الإسترلينى بالمارك الألمانى، وفى ذلك الوقت كانت معدلات التضخم فى بريطانيا أعلى بفارق كبير منها فى ألمانيا.
يومها توقع سوروس والمضاربون الآخرون فى فوريكس بأن قيمة الجنيه ستنخفض مقابل المارك، وباعوا ما لديهم من جنيهات ليشتروها من جديد بأسعار أقل فيما بعد. فكان أن ردت الحكومة البريطانية برفع سعر الفائدة إلى 12% وباستثمار المليارات فى شراء الجنيه الإسترلينى من الأسواق لدعم سعره، ولكن بالسرعة نفسها التى كانت تشترى بها الحكومة البريطانية الجنيه، كان سوروس وأصدقاؤه يبيعون. وهكذا فشلت الحكومة البريطانية (حكومة جون ميجر)، وفى 16 سبتمبر من عام 1992 لم يكن أمام بريطانيا إلا الخروج من آلية سعر الصرف الأوروبية وتثبيت قيمة الجنيه الإسترلينى، وربح جورج سوروس ما يزيد على المليار يومها ولخصت إحدى المجلات على صفحتها الأولى ما حدث بعنوان «الاغتصاب الاقتصادى على حسب مدخرات الطبقة العاملة البريطانية».
وعودة إلى الوثائق المسربة التى تعود إلى أربعين عاماً مضت، ويتجاوز عددها الـ11 مليون وثيقة قيل إنها تكشف أن شركة «موساك فونسيكا»، ساعدت فى إنشاء شركات وهمية سرية وحسابات خارجية لعدد من ذوى النفوذ وقادة الدول والسياسيين البارزين، والوثائق فى ذاتها لا تعنى بالضرورة وجود أنشطة غير قانونية، غير أن الشركات الوهمية والحسابات الخارجية عادة ما يجرى استخدامها لإخفاء أصل المعاملات المالية والملكية، كما تشمل الملفات أشخاصا وشركات وضعتهم الولايات المتحدة على «القائمة السوداء» بسبب تهريب المخدرات وكونهم على صلات بالإرهاب، وفقا لما أعلنه الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقضائيين (ICIJ) الذى وصلته نسخة من الوثائق عبر صحيفة «دويتشه تسايتونج» الألمانية، فقام بتحقيقها وتولى التنسيق مع مئات وسائل الإعلام!
وبغض النظر عن الشكوك فى الهدف من التسريبات أو ما تردد عن استهدافها دولا أو أشخاصاً بعينهم، فإن هناك تأكيدات بأن لن تتسبب فى اختفاء مناطق الـ«أوفشور» كظاهرة وإنما ستجرى عملية إعادة توجيه للتدفقات المالية، بما يعنى أن تريليونات الدولارات ستتوجه إلى الولايات المتحدة التى تسعى حاليا للتحول إلى ملاذ ضريبى كبير جديد. وبما أن الفضائح لم تمس أية شركة أمريكية، فإن ذلك قد تكون جزءا من استراتيجية أمريكية، بالضبط كما سبق أن تمكنت الولايات المتحدة من تقويض مبدأ سرية الودائع فى سويسرا التى أصبحت اليوم ملزمة بأن تقدم إلى السلطات الأمريكية كل ما تطلبه من معلومات عن المواطنين الأمريكيين، والأمر نفسه، تم تطبيقه مع دول أخرى، ومع وجود بعض الولايات الأمريكية تقوم بتطبيق السرية المصرفية بشكل مطلق، مثل ولايات نيفادا وداكوتا الجنوبية، وأيومنج وديلاوير، فإن تلك الولايات مرشحة بقوة لتكون هى الـ«ملاذات ضريبية مطلقة»، وبالتالى بعد فضيحة وثائق بنما، سيقوم الأفراد والشركات بنقل أموالهم إلى تلك الولايات ومن المتوقع أن يتجازو ما سيتم نقله رقم الـ50 تريليون دولار!
- ديفيد كاميرون ينهار ويعترف بثروات والده.. وحملات لإجباره على الاستقالة
- الرجل الذى كسر بنك إنجلترا.. دفع المليارات لتحطيم أنف البريطانيين
- العالم يدفع ثمن انتقام جبابرة المخابرات وأباطرة المال
لعل الحدث الأبرز طوال الأسبوع الماضى، كان سيل التسريبات الأضخم فى التاريخ الذى تم تداوله إعلامياً باسم «وثائق بنما».
وهى التسريبات التى شملت غالبية دول العالم تقريباً، باستثناء الولايات المتحدة، التى لم تتناول الوثائق المسربة غير عدد ضئيل من الأمريكيين ليس بينهم سياسيون.. وكأن السياسيين وكبار رجال الدولة الأمريكية السابقين والحاليين لم يكن بينهم من نقل جانباً من أمواله إلى الملاذات الضريبية الآمنة أو شركات الـ«أوفشور» كغيرهم ممن تعاملوا مع مكتب المحاماة البنمى «موساك فونسيكا».
وكانت نكتة أن يكون أبرز الأسماء الأمريكية المتداولة ديفيد جيفن، نجم الموسيقى الذى أسس مع المخرج ستيفن سبيلبرج إستديوهات «دريم ووركس»!!.. وبقية الأمريكيين، باعتراف مارينا ووكر جيفارا مساعدة مدير «الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقصائيين» كانوا أفراداً عاديين!
فهل يمكن أن نستنتج من ذلك أن الولايات المتحدة نموذج للشفافية المالية؟ أم إلى إخفاء متعمد للوثائق التى تخصهم؟!
أم نقبل التفسير أو التبرير الذى قاله نيكولاس شاكسون صاحب كتاب «الجنات الضريبية. تحقيق فى أضرار المالية النيوليبرالية» بأن الأمريكيين لديهم ملاذات ضريبية أخرى كثيرة يمكنهم التوجه إليها مثل جزر كايمان وجزر فيرجن البريطانية، وأن الأمريكيين الحريصين على إبقاء أنشطتهم المالية سرية، لا يحتاجون إلى الخروج من بلادهم؟!
أم يكون التفسير الأقرب هو وقوف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سى.آى.إيه» خلف تلك التسريبات بهدف زعزعة استقرار بعض الدول، وعلى رأسها روسيا التى تردد اسم فلاديمير بوتين شخصيا أحد من طالتهم التسريبات؟!
ونوضح هنا أن الملاذ الضريبى أو الجنة الضرائبية «Tax Haven» هى منطقة تفرض أقل الضرائب، أو لا تفرضها على الإطلاق، أى أن الأنظمة المصرفية فى تلك المنطقة تحكمها قوانين صارمة للمحافظة على سرية حسابات العملاء، ومساعدتهم على التهرب من دفع الضرائب فى بلادهم، وبالتالى إخفاء ثرواتهم.
جوليان أسانج، مؤسس موقع «ويكيليكس» أكد الاحتمال الأخير، بإعلانه أن تلك التسريبات (تسريبات بنما) ظهرت بتمويل مباشر من الحكومة الأمريكية والملياردير الأمريكى جورج سوروس.
وأوضح فى تغريدات فى حسابه على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» أن تسريب البيانات التى تدل على تورط عدد من ممثلى النخبة السياسية على مستوى العالم فى الشبكات المالية غير الشرعية العاملة فى الملاذات الضريبية (أوفشور)، كان فى حقيقة الأمر هجوماً موجهاً ضد روسيا، مضيفاً وموضحاً أن مشروع رصد الجريمة المنظمة والفساد أعد هجوم «وثائق بنما» ضد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، كما استهدف الجمهوريات السوفييتية السابقة، وأن تمويله يتم من «وكالة التنمية الدولية الأمريكية» وسوروس.
وفى تغريدة أخرى، أضاف مؤسس «ويكيليكس»: ربما يقوم المشروع الأمريكى لرصد الجريمة المنظمة والفساد بعمل جيد، لكن حصوله على تمويل مباشر من الحكومة الأمريكية لشن هجوم «وثائق بنما» على بوتين، يثير شكوكاً حول نزاهة المشروع.
كما كشف أن أكثر من 3 آلاف شخصية اعتبارية وطبيعية مذكورة فى «وثائق بنما»، مقيمون فى الولايات المتحدة، فيما يقيم ما يزيد على 9 آلاف من الشخصيات الاعتبارية والطبيعية التى وردت أسماؤها فى وثائق فى بريطانيا. الأمر الذى جعله يطالب بضرورة نشر كامل قاعدة البيانات التى سربها الـ«هاكر المجهول» بدلاً من نشر مقتطفات منها بشكل انتقائى!
دعم جورج سورس أو تمويله التسريبات ربما يكون السبب فى حملة التجريس التى يتعرض لها رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون الذى يواجه الآن بمطالب بالاستقالة كرد فعل شعبى ورسمى على إقراره بتورطه مع والده فى إخفاء ثروتهما وارتباطهما بفضيحة «وثائق بنما»، ووصل الأمر حد تأكيد جريدة «الإندبندنت» أن عدداً من النواب البريطانيين طالبوا كاميرون بالاستقالة بعد اعترافه بامتلاك 5000 سهم فى صندوق والده الاستثمارى رغم نفيه عدة مرات لأى محاولة تهرب ضريبى، وتأكيده أنه باع تلك الحصص قبل أن يصل إلى منصب رئيس الوزراء.
وقالت الجريدة البريطانية: كاميرون لم يكذب ولكنه لم يقل الحقيقة كاملة، وقد يضطر للاستقالة فى أى لحظة، مضيفة: اعترافه جاء بعد 5 أيام من الضغوط التى واجهها إثر الكشف عن تهربه ووالده من دفع الضرائب عدة سنوات.
وفى سياق متصل، قال عضو لجنة الخزانة البرلمانية جون مان فى تصريح لشبكة «آى.تى.فى»: القضية تتعلق بالشفافية.. كان مطلوباً منه منذ عام 2001 وحتى 2010 وهو العام الذى باع فيه حصته أن يعلن عن كل ما يمتلكه، ما يعنى أنه كان أمامه عشر سنوات ليبلغ البرلمان عن هذه الحصة.
جون مان النائب عن حزب «العمال» وصف كاميرون بالمنافق فى سلسلة من التغريدات قائلاً: إنه فشل فى أن يكون أميناً مع الشعب البريطانى.
وبالطبع، لم ينس العميل السابق لوكالة المخابرات الأمريكية إدوارد سنودن أن يطالب الشعب البريطانى بالثورة على كاميرون وإجباره على الاستقالة، وقال: الـ24 ساعة المقبلة قد تكون حاسمة لتغيير بريطانيا، مشيرا إلى أن غضب البريطانيين تجاه اعتراف كاميرون لا ينبغى أن يكون أقل من الغضب الذى أجبر رئيس وزراء أيسلندا سيغموندور على الاستقالة، بسبب تورطه فى الفضيحة نفسها.
لماذا قلنا إن دعم جورج سورس أو تمويله التسريبات ربما يكون السبب فى حملة التجريس التى يتعرض لها رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون؟!
قلنا ذلك لأن جورج سوروس، يوصف بأنه ألد أعداء بريطانيا ويفخر بلقب «الرجل الذى كسر بنك إنجلترا».
وسوروس الذى يهاجمه كثيرون وينسبون إليه تمويل ما توصف بثورات الربيع العربى يعتبره كثيرون لغزاً، ويؤكدون أن محاولة فهم شخصيته مهمة أصعب من حفظ دليل التليفون. والثابت هو أنه كسب المليارات بشراكته لديك تشينى القديمة فى «هاليبيرتون» للطاقة، التى حققت أرباحاً طائلة من وراء غزو العراق، والمضحك أنه يقوم فى الوقت نفسه بالتبرع بملايين الدولارات للحركات الرافضة للحرب!!.. وأيضاً هو نفسه الذى توقع الورطة الأمريكية فى العراق فى كتابه «فقاعة التفوق الأمريكى»!
أما عداؤه لبريطانيا، فكان أبرز نتائجه قيامه فى 1992، بتحقيق ربح يزيد على مليار دولار أمريكى فى يوم واحد عرفه العالم بالأربعاء الأسود على حساب بريطانيا. وكان ذلك هو اليوم الذى انسحبت فيه بريطانيا من آلية تسعير صرف العملات الأوروبية التى كانت شرطاً للانضمام للعملة الأوروبية الموحدة والتى ربطت العملات الأوروبية بما فيها الجنيه الإسترلينى بالمارك الألمانى، وفى ذلك الوقت كانت معدلات التضخم فى بريطانيا أعلى بفارق كبير منها فى ألمانيا.
يومها توقع سوروس والمضاربون الآخرون فى فوريكس بأن قيمة الجنيه ستنخفض مقابل المارك، وباعوا ما لديهم من جنيهات ليشتروها من جديد بأسعار أقل فيما بعد. فكان أن ردت الحكومة البريطانية برفع سعر الفائدة إلى 12% وباستثمار المليارات فى شراء الجنيه الإسترلينى من الأسواق لدعم سعره، ولكن بالسرعة نفسها التى كانت تشترى بها الحكومة البريطانية الجنيه، كان سوروس وأصدقاؤه يبيعون. وهكذا فشلت الحكومة البريطانية (حكومة جون ميجر)، وفى 16 سبتمبر من عام 1992 لم يكن أمام بريطانيا إلا الخروج من آلية سعر الصرف الأوروبية وتثبيت قيمة الجنيه الإسترلينى، وربح جورج سوروس ما يزيد على المليار يومها ولخصت إحدى المجلات على صفحتها الأولى ما حدث بعنوان «الاغتصاب الاقتصادى على حسب مدخرات الطبقة العاملة البريطانية».
وعودة إلى الوثائق المسربة التى تعود إلى أربعين عاماً مضت، ويتجاوز عددها الـ11 مليون وثيقة قيل إنها تكشف أن شركة «موساك فونسيكا»، ساعدت فى إنشاء شركات وهمية سرية وحسابات خارجية لعدد من ذوى النفوذ وقادة الدول والسياسيين البارزين، والوثائق فى ذاتها لا تعنى بالضرورة وجود أنشطة غير قانونية، غير أن الشركات الوهمية والحسابات الخارجية عادة ما يجرى استخدامها لإخفاء أصل المعاملات المالية والملكية، كما تشمل الملفات أشخاصا وشركات وضعتهم الولايات المتحدة على «القائمة السوداء» بسبب تهريب المخدرات وكونهم على صلات بالإرهاب، وفقا لما أعلنه الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقضائيين (ICIJ) الذى وصلته نسخة من الوثائق عبر صحيفة «دويتشه تسايتونج» الألمانية، فقام بتحقيقها وتولى التنسيق مع مئات وسائل الإعلام!
وبغض النظر عن الشكوك فى الهدف من التسريبات أو ما تردد عن استهدافها دولا أو أشخاصاً بعينهم، فإن هناك تأكيدات بأن لن تتسبب فى اختفاء مناطق الـ«أوفشور» كظاهرة وإنما ستجرى عملية إعادة توجيه للتدفقات المالية، بما يعنى أن تريليونات الدولارات ستتوجه إلى الولايات المتحدة التى تسعى حاليا للتحول إلى ملاذ ضريبى كبير جديد. وبما أن الفضائح لم تمس أية شركة أمريكية، فإن ذلك قد تكون جزءا من استراتيجية أمريكية، بالضبط كما سبق أن تمكنت الولايات المتحدة من تقويض مبدأ سرية الودائع فى سويسرا التى أصبحت اليوم ملزمة بأن تقدم إلى السلطات الأمريكية كل ما تطلبه من معلومات عن المواطنين الأمريكيين، والأمر نفسه، تم تطبيقه مع دول أخرى، ومع وجود بعض الولايات الأمريكية تقوم بتطبيق السرية المصرفية بشكل مطلق، مثل ولايات نيفادا وداكوتا الجنوبية، وأيومنج وديلاوير، فإن تلك الولايات مرشحة بقوة لتكون هى الـ«ملاذات ضريبية مطلقة»، وبالتالى بعد فضيحة وثائق بنما، سيقوم الأفراد والشركات بنقل أموالهم إلى تلك الولايات ومن المتوقع أن يتجازو ما سيتم نقله رقم الـ50 تريليون دولار!