الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:51 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: الرئيس وحيداً

كل الخدم وعبيد المال باعوك يا «سيسى»
تسخير صبيان رجال الأعمال فـى الصحف والفضائيات لترويج أكاذيب الغاز والضرائب
تختلف تشابكات مصالح قوى الشر، لكنها لا تتوحد إلا فى استهداف الرئيس!
كلهم يصوبون سهامهم عليه، لا فرق بين فلول مبارك وفلول الإخوان ورجال أعمال كل العصور وإعلاميين وصحفيين باعوا أنفسهم لمن يستخدمهم من هؤلاء.
هدفهم جميعاً هو إرباك الرئيس، وبالتالى إرباك الدولة، ليمارسوا فى تلك الحالة الضبابية ما اعتادوه من فساد وإفساد، ويعود الوضع إلى ما كان عليه، دون رقيب أو حسيب ودون أن تطالهم يد القانون.
الرئيس حاول كثيراً، أن يطمئن رجال الأعمال وتعهد بشكل مفرط بأنه لن يتجاوز القانون أو يسمح بتجاوزه معهم.. لكنهم لا يريدون ذلك.. لا يريدون أن يمتثلوا لقوانين غير التى يتم تفصيلها على مقاس مصالحهم وحساباتهم وأثبتت تجارب عديدة أنهم لا يرتاحون للرئيس ولا يرغبون فى دعم مشروعه الاقتصادى أو السياسى بل ثبت أن كثيراً منهم يسخرون كل إمكانياتهم لوضع الرئيس تحت ضغط مستمر، منذ رفضهم أو مماطلتهم فى التبرع لصندوق «تحيا مصر» وحتى الطريقة التى لعبوا بها قبل وأثناء وبعد الانتخابات البرلمانية.
وبالتدريج، تبين أنهم لم يدعموا ثورة 30 يونيو إلا ليكونوا أصحابها أملاً فى أن يمتلكوا نوعاً من الوصاية على مقدرات البلاد بعدها، فى محاولة لاستعادة الوضع الذى كانوا عليه فى عهد مبارك، والذى كان أحد أبرز أسباب الإطاحة به وبنظام حكمه.
هكذا، ضلت رسائل الرئيس التطمينية طريقها إلى رجال الأعمال، وكأنهم لم يسمعوه حين قال لهم خلال إعلانه بدء العمل فى مشروع شرق التفريعة: «اطمنوا واشتغلوا والبرلمان هيحاسبنا كلنا»، كما لم ينظروا بعين الرضا لما قامت به الحكومة خلال الفترات الماضية من أجل تهيئة مناخ الاستثمار لرجال الأعمال، وسعيها لحل مشكلات المستثمرين. وتغاضوا عن استجابة الرئيس لما عرضوه عليه فى اجتماعاته المتكررة معهم منذ توليه مقاليد الحكم. وتناسوا قانون الاستثمار الموحد، الذى استهدف توفير الوقت والجهد والإجراءات الاستثمارية.. ولم يقنعوا بما أقرته وزارة المالية من زيادة فى مخصصات دعم الصادرات، بعد أزمة الركود الاقتصادى، وتراجع حركة التجارة الخارجية، التى أدت إلى تراجع الصادرات بشكل هدد عدداً لا بأس به من المصدرين. وبالفعل ارتفعت مخصصات برنامج دعم الصادرات، لتلافى آثار الركود التجارى الدولى، الذى دفع الصادرات نحو التراجع بنحو 20%.
جهود كثيرة يبذلها الرئيس لتحسين بيئة ومناخ الاستثمار، إضافة إلى النية الصادقة للرئيس، أشركهم فى حوارات مجتمعية من أجل حل المشكلات التى تحول دون انطلاق التنمية، فقام بعضهم بنقل الأصول خارج البلاد ليتهربوا من الضرائب.. واستغلوا بشكل هو الأسوأ إرجاء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة، التى كان الدافع إليها تراجع أرباح بعض الشركات، وتسجيل أخرى خسائر كبيرة وإقرار ضريبة بهذا الشكل كان سيؤثر بشكل أساسى على حجم التوسعات والأرباح المستقبلية للشركات، فإذا بهم يستخدمون ذلك كباب خلفى للتهرب الضريبى فى صفقات البيع والشراء!
بل والأغرب أنهم شحنوا وسائل إعلامهم ضد الرئيس حين قام بتخفيض الضرائب عليهم، بإلغاء ضريبة 5% لمن يزيد دخولهم على مليون جنيه، وتخفيضه الحد الأقصى للضرائب إلى 22.5% بدلاً من 25% فى قانون الضريبة على الدخل!
هؤلاء يريدون الحصول على امتيازات أكبر، مثل ما كانوا عليه فى عهد مبارك. والأخطر من ذلك، يمتلك رجال الأعمال سلاح «القوة الناعمة» وهو الإعلام. فأغلب رجال الأعمال يمتلكون وسائل الإعلام المرئية والمقروءة الخاصة، وبالتالى لديهم قدرة على خلق رأى عام، إما مؤيد للسيسى أو معارض له.
ويكاد لا يمر يوم دون أن تخرج شائعات عن صراعات داخل دوائر الحكم العليا، ومما يؤسف له أن من يروجون تلك الحكايات يدعون قربهم من مؤسسة الرئاسة، ويستخدمون تلك المزاعم فى ترويج ما يريده رجال أعمال يعملون لصالحهم فى الأوساط السياسية.. محاولين تصوير أى خلاف بين السيسى ورجال الأعمال، على أنه خلاف بين السيسى ومؤسسات الدولة!
والأكثر من ذلك، عدد من الإعلاميين بدأوا يتطاولون على الرئيس بتوجيه واضح ويكاد يكون معلناً من رجال أعمال معروفين بالاسم.
وقد تتعجب حين تعرف، مثلاً، أن أصحاب مصانع حديد وراء الحملة ضد قرار تخفيض سعر توريد الغاز لمصانع الحديد من 7 إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية!!.. والسبب هو أن استفادتهم من القرار أقل من استفادة منافسيهم. وعليه، قاموا بتوجيه وسائل الإعلام التى يمتلكونها للهجوم على القرار وتصويره للرأى العام كما لو كانت الدولة تدعم رجال الأعمال بـ1.2 مليار جنيه هى فارق السعر، بينما الصحيح هو أن ربح الدولة من بيع الغاز للمصانع هو الذى سيقل لكن فى المقابل سيتم توفير 1.6 مليار دولار قيمة العملة الصعبة التى يتم إنفاقها لاستيراد منتجات البليت من الخارج.
إن هذا القرار، الذى جاء بعد دراسات مستفيضة تمت داخل المجموعة الاقتصادية وبعد تنسيق كامل مع وزارة البترول وموافقة مجلس الوزراء، يسهم فى إعادة تشغيل خطوط الإنتاج المتوقفة بكامل طاقتها، وبالتالى زيادة الكميات المنتجة وزيادة معدلات التصدير بما قيمته 600 مليون دولار، إلى جانب تحقيق عائد للدولة يبلغ 170 مليون دولار فى صورة ضريبة مباشرة وضريبة مبيعات، ما يوفر فى النهاية نحو 1.5 مليار دولار.
ومعروف أن رفع سعر توريد الغاز لمصانع الحديد، خاصة تلك التى تمتلك خطوطاً أثر سلباً على إنتاجيتها، وأدى إلى توقف العديد من خطوط الإنتاج، الأمر الذى كبد هذه المصانع خسائر تتجاوز الـ2.5 مليار جنيه، إلى جانب ارتفاع فاتورة استيراد الحديد «كبليت» بقيمة 2 مليار دولار، وارتفاعه كمنتج نهائى من 200 مليون دولار إلى 900 مليون دولار، وعبء توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد تلك الكميات، لا يقع إلا على الدولة، ويفاقم أزمة الدولار، التى كان عدد من رجال الأعمال سبباً رئيسياً فى تفاقمها ولولا تدخل البنك المركزى فى الوقت المناسب وبالصيغة المناسبة، لحدث ما لا تحمد عقباه!
قطع الطريق على المنافسين دفع وسائل إعلام رجال الأعمال إلى ضرب عرض الحائط بإعادة تشغيل مصانع الحديد بكامل طاقتها، وترشيد الاستيراد، ومصائر 10 آلاف عامل، واستثمارات تزيد على الـ45 مليار جنيه، فهل يُعقل ذلك؟!
لم يكن ذلك غير مثال من أمثلة كثيرة، يجرى فيها استهداف القرارات وفتح النيران عليها لا لشىء إلا لحسابات مصالح ضيقة لرجال أعمال امتلكوا وسائل إعلام فجعلوا من فيها لا يتحدثون إلا وفق أهوائهم، وطبقاً لحسابات مصالحهم.
ولو تتبعت كل غربان التهييج وتأليب الرأى العام، ستجد الخيط ينتهى فى النهاية إلى رجل أعمال تقاطعت مصالحه مع النظام فدفع فى ذلك الاتجاه أملاً فى انتزاع ما يريد بلى الذراع المباشرة أو غير المباشرة، ولا تصدق ما يتم الترويج له من أن انسداد القنوات الاجتماعية ينذر باحتجاجات يصعب مواجهتها وقد تفضى إلى انهيارات مفاجئة، أو أن انسداد القنوات السياسية يخفض من منسوب حصانة الدولة وقدرتها على مواجهة العواصف، فذلك كله ليس أكثر من كروت ضغط يجرى استخدامها وقت اللزوم، بشكل يؤكد أن الأزمات التى يتم الترويج لها أو الزعم بوجودها ليست أكثر من أزمات إعلامية سببها رهانات رجال أعمال وأبواق يدفعون لها الملايين كى تنطق بلسان مصالحها.