ياسر بركات يكتب عن: نص رسائل منظمات التمويل الأجبنى إلى «أوباما»
الخونة بالملابس الرسمية
مصر تدفع ثمن فتح الملف الشائك.. ومنظمات التمويل المشبوهة أخطر من الاستعمار
كالعادة، تم استخدام ملف حقوق الإنسان لشن حملات هجوم على مصر، التى صارت فى مرمى نيران تقارير تفتقد أبسط معايير النزاهة أو أية معايير من أى نوع أعدتها «منظمات مشبوهة» تعمل فى الداخل، بكل أسف، وتربطها علاقات قذرة بدول كبرى تدللها وتحميها.
بدأ الهجوم من البرلمان الأوروبى، وتبعه هجوم فى تصريحات من الخارجية الأمريكية، وتزامن مع حملة إعلامية ممنهجة، اتخذ فيها الهجوم شكلاً جديداً، بظهور من يضغطون على الإدارة الأمريكية لاستخدام سلاح المعونة.
ولا يحتاج الأمر إلا قليلاً من التركيز لإدراك أن مصدر ذلك كله واحد، وهو للأسف تلك المنظمات المشبوهة التى ظلت لسنوات تعمل داخل مصر دون غطاء قانونى، وتتلقى تمويلات أجنبية بشكل غير شرعى، الأمر الذى يجعلنا نصف القائمين عليها بـ«وكلاء أو مندوبى الاستعمار الجديد»!
ولم نكد نخرج من الضجة التى أحدثها تقرير البرلمان الأوروبى الذى ثبت أنه تم نقله بالكامل بشكل يكاد يكون حرفياً من بيان تم إرساله من حقوقيين مصريين، حتى فوجئنا بخطاب صدر عن مجموعة وصفوا أنفسهم بـ«مجموعة العمل الخاصة بمصر» وتضم عدداً من العاملين فى مراكز أبحاث أمريكية، وهو الخطاب الذى تم إرساله إلى الرئيس الأمريكى باراك أوباما تطالبه فيه بضرورة أن يبدى اعتراضه للرئيس عبدالفتاح السيسى على ما وصفته بالحملة المتسارعة ضد حقوق الإنسان والمجتمع المدنى فى مصر!
الموقعون على الخطاب أشادوا بإعلان أوباما فى سبتمبر 2014 عن دعم أمريكا لمنظمات وجمعيات المجتمع المدنى وحديثه عنها باعتبارها مسألة أمن قومى، قبل أن يتناولوا ما وصفوه بأنه «انتهاكات غير مسبوقة من قوات الأمن المصرية، وعمليات القتل غير القانونى واعتقال عشرات الآلاف من السجناء المصريين والتعذيب والاختفاء القسرى».. كما تناول الخطاب قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، زاعمين أن الإجراءات الخاصة بهذه القضية تمثل خطورة كبيرة وأن السماح باستمرارها إلى نهايتها سيسكت جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان التى نجت من حكم استبدادى استمر لأكثر من 30 عاماً، ولم يترك سوى عدد قليل من المصريين يتمتعون بحرية التحقيق فى الانتهاكات المتزايدة.
وحذر الخطاب الرئيس الأمريكى من أن الحملة الراهنة التى يقوم بها النظام المصرى لن تقتصر فقط على المنظمات المحلية، وإنما هناك مؤشرات بأنها ستطال المنظمات الدولية التى من المحتمل أن تواجه ضغوطاً متزايدة، خاصة تلك التى ليس لديها مكاتب أو فريق عمل فى مصر.
وقبل الإشادة بتصريحات جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى التى عبر فيها عن قلقه إزاء الخطوات الأخيرة، دعا الموقعون على الخطاب الرئيس الأمريكى إلى مزيد من التحرك، ولمواجهة ما قالوا إنه تحد للسياسة الأمريكية إزاء مصر والذى استمر طيلة السنوات الخمس الماضية والتى كانت صاخبة، مؤكدين أن اللحظة الراهنة نقطة حاسمة لاختبار تعهد الرئيس الأمريكى بالوقوف مع المجتمع المدنى ودعمه.
وطالب الموقعون على الخطاب أوباما بضرورة أن يوضح للرئيس السيسى بشكل قاطع، أن الهجمات المستمرة على المجتمع المدنى والتضييق على المنظمات الأمريكية ستجعل من الصعب على الإدارة أن تتعامل مع النظام المصرى فى عدد من القضايا، وستؤثر سلباً على الاستثمار الأمريكى فى مصر وعلى المساعدات المالية التى تقدمها الإدارة الأمريكية للحكومة المصرية.
وكما طالبوا الرئيس الأمريكى بوقف الدعم الأمريكى لمصر، لو واصلت حكومتها ما وصفوه حربها نحو تدمير مجتمعها المدنى.
ولعل أبرز ما يلفت النظر هو ظهور أسماء بعينها بين الموقعين على الخطاب مثل دانيال كاليجارت من فريدوم هاوس، وامى هاوثورن من مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط، وبرايان كاتيوليس من مركز التقدم الأمريكى، ونيل هيكس من مؤسسة هيومان رايتس فرست، وسارة مورجان من منظمة هيومان رايتس ووتش، وروبرت كاجان وتمارا ويتس من معهد بروكينجز، وميشيل دون من مركز كارنيجى، وإليوت ابرامز من مجلس العلاقات الخارجية، وإلين بورك من مبادرة السياسة الخارجية.
وبشكل أكثر وضوحاً، وخارج مضمون الخطاب، هدد إريك تريجر، الخبير بمعهد واشنطن، مصر من تبعات ما وصفه باستهداف المنظمات التى يحظى أصحابها باحترام كبير فى واشنطن وعواصم غربية أخرى! مشيراً إلى أن مصر بهذا الشكل تنشئ ما وصفه بالكتلة الضاغطة ضد نفسها فى الخارج، وأن التحقيقات مع المنظمات فى قضية التمويل الأجنبى ستؤدى إلى خفض مستوى العلاقات! وحذر من أن الاستمرار فى هذه القضية سيؤثر سلباً على العلاقات المصرية الأمريكية التى ساءت بالفعل خلال الفترة الماضية!
لا يمكن فصل ما سبق عن ذلك الخطاب المشبوه الذى أرسلته 17 منظمة حقوقية مصرية إلى «زيد رعد» المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، قبيل ساعات من الكلمة التى كان مقرراً أن يلقيها ضمن فعاليات الجلسة الـ31 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بجنيف، فى 10 مارس.
الخطاب تضمن تحريضاً صريحاً وواضحاً ضد مصر فى سبعة ملفات أساسية شملت مزاعم بارتكاب النظام المصرى لجرائم قتل خارج نطاق القضاء واتهامات للشرطة المصرية بممارسة العنف والتعذيب وإساءة المعاملة، إضافة إلى التيمات المكررة عن قمع الحريات الإعلامية والفنية واتخاذ إجراءات صارمة ضد الأماكن الثقافية والأكاديميين، وضد العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وضد حقوق المرأة، وضد الحريات الدينية!
المنظمات الموقعة على الخطاب حددت مجموعة من التوصيات طالبت المفوض السامى بدعمها خلال الدورة الـ31 لمجلس الأمم المتحدة، وقد تضمنت التوصيات: تمكين منظمات المجتمع المدنى فى مصر من العمل بحرية فى ظل إطار تشريعى يمتثل للمعايير الدولية، ويحافظ على أواصر التواصل مع المنظمات والجهات الدولية حول حالة حقوق الإنسان فى مصر دون التعرض لتدابير انتقامية أو لمخاطر القصاص، والحفظ الفورى لملف قضية التمويل الأجنبى “المسيسة” سيئة السمعة التى تحمل رقم 173 لسنة 2011. وضمان بيئة آمنة ومواتية لتعزيز المجال العام وحماية المراكز الثقافية بما يتيح لها تنفيذ فعالياتها.
هذا بالإضافة إلى المطالبة بتعديل قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013 –من خلال البرلمان– على نحو يتوافق مع الدستور المصرى والتزامات مصر الدولية، والتوصيات المقدمة فى هذا الصدد ضمن آلية الاستعراض الدورى الشامل. وكذا تعديل تعريف التعذيب بالمادة 126 من قانون العقوبات المصرى، لكى يتسق مع التعريف الأشمل الوارد باتفاقية مناهضة التعذيب. وتعديل المادة 102 من القانون رقم 109 لسنة 1971 لكى يتسق مع المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين الصادرة عن الأمم المتحدة، وإلغاء الحكومة المصرية والبرلمان المنتخب حديثاً المادة 98 فقرة (و) من قانون العقوبات والمتعلقة بازدراء الأديان.
كما أوصت المنظمات بضرورة مراعاة الحكومة المصرية لاستحقاقاتها الدستورية فيما يتعلق بالإنفاق على التعليم والصحة، وألا تسمح لسياسات التقشف المالى بتقويض هذه الاستحقاقات.
ولم تنس تلك المنظمات أن تعرب، فى الخطاب، عن قلقها البالغ إزاء ارتفاع وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان التى ترتكبها السلطات المصرية حالياً على نحو عنيف وصادم. إذ تستخدم الحرب على الإرهاب كذريعة للانتهاكات، فى ظل حالة من الطوارئ غير المعلنة، وبدعم من السلطة القضائية التى تعانى من تسييّس واضح.
وضع عشرات الخطوط تحت توصية أو المطالبة بالحفظ الفورى لملف قضية «التمويل الأجنبى»، ووصفها بـ«المسيسة وسيئة السمعة»، لضمان بيئة آمنة ومواتية لتعزيز المجال العام وحماية المراكز الثقافية والحقوقية بما يتيح لها تنفيذ فعالياتها. مع الوضع فى الاعتبار أن غالبية المنظمات التى أرسلت هذا الخطاب، ورد ذكرها فى تقرير الأمن الوطنى عن المنظمات المخالفة والتى ستخضع للتحقيق، مثل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مركز الأرض لحقوق الإنسان، المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة!
وبالتزامن مع الخطاب الذى تم إرساله إلى الرئيس الأمريكى، نشرت جريدة «نيويورك تايمز» يوم السبت مقالاً يحمل مضموناً شديد الغرابة والسخافة، يدعو الرئيس أوباما إلى إعادة النظر فى علاقة إدارته مع مصر والتوقف عن اعتبارها شريكاً استراتيجياً أساسياً فى المنطقة نظراً لقيام النظام المصرى الحالى بالبطش بكل التيارات المعارضة وأنصار حقوق الإنسان الذين يبذلون الجهود لكشف الانتهاكات التى تحدث فى مصر.
وزعم المقال أن مصر لم يعد لها المكانة التى كانت تحظى بها من قبل وبالتالى فلابد من مراجعة السياسة الأمريكية إزاءها والتى كانت تعتبر ركناً رئيسياً من أركان سياسة الأمن القومى الأمريكى.
الواضح من تلك التتابعات، هو أن مصر بفتحها قضية التمويل الأجنبى غير المشروع لمنظمات تعمل خارج إطار القانون، قد دخلت منطقة محظورة وهى منطقة أسلحة الأمريكيين الناعمة التى استطاعت من خلالها أن تحقق كوارث كبيرة، وأن تدمر دولاً ومجتمعات من الداخل، وهى الأسلحة التى تختلف كلياً عن الأسلحة التقليدية وتفوقها تأثيراً وخطورة وأهم ما يميزها أنها غير مرئية!
وهى القوة التى استطاعت بها الولايات المتحدة أن تحتل دولاً دون أن تطلق رصاصة واحدة، بتجنيد جيل جديد من الطابور الخامس داخل الدول العربية ليقوموا بتفكيك دولهم وزعزعة استقرارها من الداخل وذلك بمساعدة التكنولوجيا بدلاً من تدخل قوات أجنبية لتقوم بهذه المهمة.
مصر دخلت المنطقة المحظورة وضربت فى مقتل ذلك المشروع الأمريكى الذى أنفقت عليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة عشرات المليارات فى مبادرات، عادت بأرباح كبيرة عليها وعلى عملائها، الذى يتضح يوماً بعد آخر مدى قذارة الدور الذى يلعبونه.
مصر تدفع ثمن فتح الملف الشائك.. ومنظمات التمويل المشبوهة أخطر من الاستعمار
كالعادة، تم استخدام ملف حقوق الإنسان لشن حملات هجوم على مصر، التى صارت فى مرمى نيران تقارير تفتقد أبسط معايير النزاهة أو أية معايير من أى نوع أعدتها «منظمات مشبوهة» تعمل فى الداخل، بكل أسف، وتربطها علاقات قذرة بدول كبرى تدللها وتحميها.
بدأ الهجوم من البرلمان الأوروبى، وتبعه هجوم فى تصريحات من الخارجية الأمريكية، وتزامن مع حملة إعلامية ممنهجة، اتخذ فيها الهجوم شكلاً جديداً، بظهور من يضغطون على الإدارة الأمريكية لاستخدام سلاح المعونة.
ولا يحتاج الأمر إلا قليلاً من التركيز لإدراك أن مصدر ذلك كله واحد، وهو للأسف تلك المنظمات المشبوهة التى ظلت لسنوات تعمل داخل مصر دون غطاء قانونى، وتتلقى تمويلات أجنبية بشكل غير شرعى، الأمر الذى يجعلنا نصف القائمين عليها بـ«وكلاء أو مندوبى الاستعمار الجديد»!
ولم نكد نخرج من الضجة التى أحدثها تقرير البرلمان الأوروبى الذى ثبت أنه تم نقله بالكامل بشكل يكاد يكون حرفياً من بيان تم إرساله من حقوقيين مصريين، حتى فوجئنا بخطاب صدر عن مجموعة وصفوا أنفسهم بـ«مجموعة العمل الخاصة بمصر» وتضم عدداً من العاملين فى مراكز أبحاث أمريكية، وهو الخطاب الذى تم إرساله إلى الرئيس الأمريكى باراك أوباما تطالبه فيه بضرورة أن يبدى اعتراضه للرئيس عبدالفتاح السيسى على ما وصفته بالحملة المتسارعة ضد حقوق الإنسان والمجتمع المدنى فى مصر!
الموقعون على الخطاب أشادوا بإعلان أوباما فى سبتمبر 2014 عن دعم أمريكا لمنظمات وجمعيات المجتمع المدنى وحديثه عنها باعتبارها مسألة أمن قومى، قبل أن يتناولوا ما وصفوه بأنه «انتهاكات غير مسبوقة من قوات الأمن المصرية، وعمليات القتل غير القانونى واعتقال عشرات الآلاف من السجناء المصريين والتعذيب والاختفاء القسرى».. كما تناول الخطاب قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، زاعمين أن الإجراءات الخاصة بهذه القضية تمثل خطورة كبيرة وأن السماح باستمرارها إلى نهايتها سيسكت جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان التى نجت من حكم استبدادى استمر لأكثر من 30 عاماً، ولم يترك سوى عدد قليل من المصريين يتمتعون بحرية التحقيق فى الانتهاكات المتزايدة.
وحذر الخطاب الرئيس الأمريكى من أن الحملة الراهنة التى يقوم بها النظام المصرى لن تقتصر فقط على المنظمات المحلية، وإنما هناك مؤشرات بأنها ستطال المنظمات الدولية التى من المحتمل أن تواجه ضغوطاً متزايدة، خاصة تلك التى ليس لديها مكاتب أو فريق عمل فى مصر.
وقبل الإشادة بتصريحات جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى التى عبر فيها عن قلقه إزاء الخطوات الأخيرة، دعا الموقعون على الخطاب الرئيس الأمريكى إلى مزيد من التحرك، ولمواجهة ما قالوا إنه تحد للسياسة الأمريكية إزاء مصر والذى استمر طيلة السنوات الخمس الماضية والتى كانت صاخبة، مؤكدين أن اللحظة الراهنة نقطة حاسمة لاختبار تعهد الرئيس الأمريكى بالوقوف مع المجتمع المدنى ودعمه.
وطالب الموقعون على الخطاب أوباما بضرورة أن يوضح للرئيس السيسى بشكل قاطع، أن الهجمات المستمرة على المجتمع المدنى والتضييق على المنظمات الأمريكية ستجعل من الصعب على الإدارة أن تتعامل مع النظام المصرى فى عدد من القضايا، وستؤثر سلباً على الاستثمار الأمريكى فى مصر وعلى المساعدات المالية التى تقدمها الإدارة الأمريكية للحكومة المصرية.
وكما طالبوا الرئيس الأمريكى بوقف الدعم الأمريكى لمصر، لو واصلت حكومتها ما وصفوه حربها نحو تدمير مجتمعها المدنى.
ولعل أبرز ما يلفت النظر هو ظهور أسماء بعينها بين الموقعين على الخطاب مثل دانيال كاليجارت من فريدوم هاوس، وامى هاوثورن من مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط، وبرايان كاتيوليس من مركز التقدم الأمريكى، ونيل هيكس من مؤسسة هيومان رايتس فرست، وسارة مورجان من منظمة هيومان رايتس ووتش، وروبرت كاجان وتمارا ويتس من معهد بروكينجز، وميشيل دون من مركز كارنيجى، وإليوت ابرامز من مجلس العلاقات الخارجية، وإلين بورك من مبادرة السياسة الخارجية.
وبشكل أكثر وضوحاً، وخارج مضمون الخطاب، هدد إريك تريجر، الخبير بمعهد واشنطن، مصر من تبعات ما وصفه باستهداف المنظمات التى يحظى أصحابها باحترام كبير فى واشنطن وعواصم غربية أخرى! مشيراً إلى أن مصر بهذا الشكل تنشئ ما وصفه بالكتلة الضاغطة ضد نفسها فى الخارج، وأن التحقيقات مع المنظمات فى قضية التمويل الأجنبى ستؤدى إلى خفض مستوى العلاقات! وحذر من أن الاستمرار فى هذه القضية سيؤثر سلباً على العلاقات المصرية الأمريكية التى ساءت بالفعل خلال الفترة الماضية!
لا يمكن فصل ما سبق عن ذلك الخطاب المشبوه الذى أرسلته 17 منظمة حقوقية مصرية إلى «زيد رعد» المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، قبيل ساعات من الكلمة التى كان مقرراً أن يلقيها ضمن فعاليات الجلسة الـ31 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بجنيف، فى 10 مارس.
الخطاب تضمن تحريضاً صريحاً وواضحاً ضد مصر فى سبعة ملفات أساسية شملت مزاعم بارتكاب النظام المصرى لجرائم قتل خارج نطاق القضاء واتهامات للشرطة المصرية بممارسة العنف والتعذيب وإساءة المعاملة، إضافة إلى التيمات المكررة عن قمع الحريات الإعلامية والفنية واتخاذ إجراءات صارمة ضد الأماكن الثقافية والأكاديميين، وضد العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وضد حقوق المرأة، وضد الحريات الدينية!
المنظمات الموقعة على الخطاب حددت مجموعة من التوصيات طالبت المفوض السامى بدعمها خلال الدورة الـ31 لمجلس الأمم المتحدة، وقد تضمنت التوصيات: تمكين منظمات المجتمع المدنى فى مصر من العمل بحرية فى ظل إطار تشريعى يمتثل للمعايير الدولية، ويحافظ على أواصر التواصل مع المنظمات والجهات الدولية حول حالة حقوق الإنسان فى مصر دون التعرض لتدابير انتقامية أو لمخاطر القصاص، والحفظ الفورى لملف قضية التمويل الأجنبى “المسيسة” سيئة السمعة التى تحمل رقم 173 لسنة 2011. وضمان بيئة آمنة ومواتية لتعزيز المجال العام وحماية المراكز الثقافية بما يتيح لها تنفيذ فعالياتها.
هذا بالإضافة إلى المطالبة بتعديل قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013 –من خلال البرلمان– على نحو يتوافق مع الدستور المصرى والتزامات مصر الدولية، والتوصيات المقدمة فى هذا الصدد ضمن آلية الاستعراض الدورى الشامل. وكذا تعديل تعريف التعذيب بالمادة 126 من قانون العقوبات المصرى، لكى يتسق مع التعريف الأشمل الوارد باتفاقية مناهضة التعذيب. وتعديل المادة 102 من القانون رقم 109 لسنة 1971 لكى يتسق مع المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين الصادرة عن الأمم المتحدة، وإلغاء الحكومة المصرية والبرلمان المنتخب حديثاً المادة 98 فقرة (و) من قانون العقوبات والمتعلقة بازدراء الأديان.
كما أوصت المنظمات بضرورة مراعاة الحكومة المصرية لاستحقاقاتها الدستورية فيما يتعلق بالإنفاق على التعليم والصحة، وألا تسمح لسياسات التقشف المالى بتقويض هذه الاستحقاقات.
ولم تنس تلك المنظمات أن تعرب، فى الخطاب، عن قلقها البالغ إزاء ارتفاع وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان التى ترتكبها السلطات المصرية حالياً على نحو عنيف وصادم. إذ تستخدم الحرب على الإرهاب كذريعة للانتهاكات، فى ظل حالة من الطوارئ غير المعلنة، وبدعم من السلطة القضائية التى تعانى من تسييّس واضح.
وضع عشرات الخطوط تحت توصية أو المطالبة بالحفظ الفورى لملف قضية «التمويل الأجنبى»، ووصفها بـ«المسيسة وسيئة السمعة»، لضمان بيئة آمنة ومواتية لتعزيز المجال العام وحماية المراكز الثقافية والحقوقية بما يتيح لها تنفيذ فعالياتها. مع الوضع فى الاعتبار أن غالبية المنظمات التى أرسلت هذا الخطاب، ورد ذكرها فى تقرير الأمن الوطنى عن المنظمات المخالفة والتى ستخضع للتحقيق، مثل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مركز الأرض لحقوق الإنسان، المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة!
وبالتزامن مع الخطاب الذى تم إرساله إلى الرئيس الأمريكى، نشرت جريدة «نيويورك تايمز» يوم السبت مقالاً يحمل مضموناً شديد الغرابة والسخافة، يدعو الرئيس أوباما إلى إعادة النظر فى علاقة إدارته مع مصر والتوقف عن اعتبارها شريكاً استراتيجياً أساسياً فى المنطقة نظراً لقيام النظام المصرى الحالى بالبطش بكل التيارات المعارضة وأنصار حقوق الإنسان الذين يبذلون الجهود لكشف الانتهاكات التى تحدث فى مصر.
وزعم المقال أن مصر لم يعد لها المكانة التى كانت تحظى بها من قبل وبالتالى فلابد من مراجعة السياسة الأمريكية إزاءها والتى كانت تعتبر ركناً رئيسياً من أركان سياسة الأمن القومى الأمريكى.
الواضح من تلك التتابعات، هو أن مصر بفتحها قضية التمويل الأجنبى غير المشروع لمنظمات تعمل خارج إطار القانون، قد دخلت منطقة محظورة وهى منطقة أسلحة الأمريكيين الناعمة التى استطاعت من خلالها أن تحقق كوارث كبيرة، وأن تدمر دولاً ومجتمعات من الداخل، وهى الأسلحة التى تختلف كلياً عن الأسلحة التقليدية وتفوقها تأثيراً وخطورة وأهم ما يميزها أنها غير مرئية!
وهى القوة التى استطاعت بها الولايات المتحدة أن تحتل دولاً دون أن تطلق رصاصة واحدة، بتجنيد جيل جديد من الطابور الخامس داخل الدول العربية ليقوموا بتفكيك دولهم وزعزعة استقرارها من الداخل وذلك بمساعدة التكنولوجيا بدلاً من تدخل قوات أجنبية لتقوم بهذه المهمة.
مصر دخلت المنطقة المحظورة وضربت فى مقتل ذلك المشروع الأمريكى الذى أنفقت عليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة عشرات المليارات فى مبادرات، عادت بأرباح كبيرة عليها وعلى عملائها، الذى يتضح يوماً بعد آخر مدى قذارة الدور الذى يلعبونه.