ياسر بركات يكتب عن:وقائع اغتصاب تنظيم الإخوان فى أمريكا الجماعة على قوائم الإرهاب بأغلبية 17 صوتاًً
الكونجرس يمهل «أوباما» 60 يوماُ قبل الاعتراف بجريمة «احتضان» الإرهابيين
- مفاجأة.. الخارجية المصرية ساهمت فى مسودة القرار
- النائب ماريو دياز: الرئيس تستر على هذا السرطان وجاء الوقت لقطع رأسه
- بوب جودلاتى: وجودهم يهدد الأمن القومى للولايات المتحدة
- اجتماع طارئ للجماعة فى تركيا.. وقيادى يهدد أمريكا بموجات إرهابية فى حال الموافقة على القانون
- التنظيم يشترى صفحات إعلانية فى كبرى الجرائد الأمريكية ويتعاقد مع شركات عملاقة لعدم تمرير القرار
ماذا تعنى موافقة اللجنة القضائية بـ«مجلس النواب الأمريكى» على مشروع القرار بأغلبية 17 صوتاً مقابل امتناع ورفض عشرة أصوات؟!
وما معنى أن يقول بوب جودلاتى، رئيس اللجنة، بعد التصويت إنه كان يجب إدراج جماعة الإخوان منذ مدة فى قوائم الإرهاب، بسبب تبنيها الإرهاب والتهديد الذى تشكله على الأمريكيين والأمن القومى للولايات المتحدة؟!
علينا قبل محاولة الإجابة والتفسير توضيح أن مشروع القرار جاء بناء على اقتراح من النائب الجمهورى «تيد كروز» الذى يطمح إلى أن يرشحه حزبه الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، ومعه النائب الجمهورى، أيضاً، ماريو دياز بلارت.
وعلينا أيضاً أن نشير إلى أن مشروع القانون سيتم رفعه إلى مجلس النواب الذى يضم 435 عضواً، وبعد موافقة 218 عضواً (50%+1) سيذهب إلى مجلس الشيوخ قبل أن يتم طرحه على البيت الأبيض. وأن مسودة المشروع طالبت جون كيرى، وزير الخارجية، ووزيرى الخزانة والأمن الداخلى بممارسة صلاحياتهم ووضع تنظيم الإخوان ضمن «قائمة منظمات الإرهاب الأجنبى»، وهو الطلب الذى إذا تمت الاستجابة إليه سيمنع أى أمريكى أو مقيم على أراض أمريكية من التعامل مع أى شخص أو جهة على علاقة بتنظيم الإخوان فى أى بقعة من العالم، ويمنع أى مواطن أجنبى على صلة بالتنظيم من دخول الأراضى الأمريكية، بالإضافة إلى حظر أية ممتلكات أو أموال فى حوزة مؤسسات مالية أمريكية تخص الجماعة.
وفوق ذلك كله، طالبت مسودة القانون إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما «بتقديم تبرير مفصل عن أسباب رفضها وضع الجماعة ضمن قائمة الإرهاب الدولى، ويتم تقديم هذا التبرير إلى الكونجرس خلال مدة لا تتجاوز ستين يوما».
والإشارة هنا واجبة إلى أنه خلال التصويت، رفض أعضاء بالحزب الديمقراطى الأمريكى، إدراج تنظيم «الإخوان» على قائمة المنظمات الإرهابية، وحذّروا ما وصفوه بـ«العواقب الدبلوماسية لمثل هذا التصنيف المقترح». وجاء على لسان أبرز ممثليه فى اللجنة القضائية بمجلس النواب، عن معارضة نواب الحزب القوية لمحاولات البعض وصف الإخوان بـ«الإرهابية». ووصف النائب الديمقراطى جون كونير، عضو اللجنة القضائية، مشروع القانون الذى أعده نائبان جمهوريان بأنه استفزازى ولا يحمى الأمن القومى الأمريكى بقدر ما يقوّضه، مناشداً زملاءه فى الكونجرس بالتصويت ضد المشروع. بما يعنى أن معركة ساخنة ستشتعل خلال الأسابيع أو الشهور المقبلة فى الكونجرس، خلال المناقشات التى تسبق التصديق المحتمل على مشروع القانون المقترح.
ولعل ما يلفت النظر ويستوجب الدهشة هو أن «كونير»، قال أمام اللجنة، إن دولتين صديقتين للولايات المتحدة هما الكويت والأردن، يوجد فيهما أعضاء من تنظيم «الإخوان» منتخبون فى برلمانى وحكومتى الدولتين، إضافة إلى أن التنظيم يحظى كذلك بدعم الملايين من المصريين، ومئات الآلاف من الأمريكيين من أصل مصرى، وسيكون للقانون عواقب شديدة القسوة عليهم، لأنه يصنف تلقائياً جميع أعضاء التنظيم بأنهم إرهابيون.
وبغض النظر عن عدم صحة ما قاله «كونير» إلا أنه يكشف أن الديمقراطيين لا يجدون مانعاً فى الكذب والتدليس وتزييف الحقائق، ليس دفاعاً عن تنظيم الإخوان فقط، بل لتبرير دعم «الإدارة الديمقراطية» للتنظيم الإرهابى.
وعناء الرد، تحمله ماريو دياز بلارت، عضو اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكى، وأحد مقترحى مشروع القانون الذى أكد أن الإخوان يمثلون تهديداً عالمياً، وأن التنظيم يدعم ويمول العديد من الشبكات الإرهابية حول العالم ودعا الولايات المتحدة إلى ضرورة الاعتراف بأن الإخوان المسلمين تنظيم إرهابى كجزء من الاستراتيجية الأمريكية للأمن القومى.
وطبقاً لما ذكره موقع «بريت بارت» الأمريكى، فإن إدارة الرئيس باراك أوباما كانت مترددة فى تصنيف الإخوان بأنها جماعة إرهابية حتى مع تهديد التنظيم للولايات المتحدة وحلفائها، ونقل الموقع عن أعضاء فى اللجنة القضائية بمجلس النواب أن هدف الإخوان فى أمريكا «هو نوع من الجهاد الكبير للقضاء على الحضارة الغربية وتدميرها من الداخل وتخريب بيتها البائس بأيديهم وأيدى المؤمنين بحيث يتم القضاء عليها وينتصر دين الله على كل الأديان الأخرى»!
قبل أن نكمل، تعالوا نلتقط أنفاسنا ونطرح سؤالا يخصنا ونراه بديهياً:
هل لمصر علاقة مباشرة أو غير مباشرة بموافقة اللجنة القضائية بـ«مجلس النواب الأمريكى» على مشروع القرار بأغلبية 17 صوتاً مقابل امتناع ورفض عشرة أصوات؟
ما لدينا من معلومات يؤكد أن سامح شكرى، وزير خارجية مصر، كان له الدور الأبرز خلال زيارته للولايات المتحدة، التى التقى خلالها بأعضاء داخل الكونجرس وممثلى بعض جماعات الضغط السياسى بأمريكا.
وهى المعلومات التى أكدها موقع «المونيتور» الأمريكى فى تقريره حول من يقف وراء تحرك الكونجرس ضد الإخوان، كشف فيه أن «شكرى» قدم أدلة ووثائق قوية إلى المسئولين الأمريكيين، حول أنشطة الإخوان السرية، ودورها وعلاقتها بالتنظيماًت الإرهابية فى المنطقة.
وفى تقرير «المونيتور» أشار جوليان بيكويت، محرر شئون الكونجرس وصاحب مدونة «هيلز جلوبال أفيرز» إلى أن هذه الخطوة بمثابة إعلان حرب من الجمهوريين على الديمقراطيين وضربة لهم فى مقتل، خاصة أن الرئيس باراك أوباما، وإدارته كانت الراعى الرسمى للإخوان فى الشرق الأوسط وسعوا لإيصالهم للحكم عقب ما عُرف بـ«ثورات الربيع العربى»، خاصة فى مصر، وأن سقوطهم فى القاهرة بعد ثورة ٣٠ يونيو جاء بمثابة ضربة قاصمة لأوباما وإدارته، يحاول الجمهوريون استغلالها حالياً ضد الحزب الديمقراطى فى الانتخابات المقبلة.
وذكر التقرير بوضوح أن مصر هى القوة الرئيسية المؤثرة فى إقرار هذا المشروع بجانب الجمهوريين، ولا يمكن فصل الموضوع عن زيارة وزير الخارجية المصرى الأخيرة، وظهور أدلة متزايدة حول أنشطة الإخوان المثيرة للقلق.
ما يضيف قدراً كبيراً من الأهمية على موافقة اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكى على مشروع القانون، هو أن عدداً من قيادات جماعة الإخوان فى الخارج، عقدوا اجتماعاً طارئاً، الخميس الماضى، ناقشوا خلاله سبل مواجهة ذلك الموقف وانتهوا إلى ضرورة استخدام أذرع التنظيم الإعلامية فى تركيا، وشراء مساحات فى عدد من الصحف العالمية، لخلق رأى عام مؤيد لهم فى الخارج، والتعاقد مع شركة علاقات عامة عالمية إضافية.
وما يثير الدهشة أنهم قرروا، بمنتهى الغباء، إرسال تهديدات إلى «واشنطن» بموجات عنف كبيرة إذا ما تم إقرار هذا القانون!
ليست هذه استنتاجات أو تكهنات، بل أعلنها محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بتنظيم الإخوان، الهارب فى لندن، الذى وصف قرار اللجنة القضائية بالغريب، مشيراً إلى أن اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكى، سبق أن رفضت محاولات عديدة بهذا الشأن.
سودان قال بوضوح إن الجماعة ستلجأ إلى إحدى شركات العلاقات العامة الكبرى فى الولايات المتحدة الأمريكية، لإعادة تصحيح صورة الجماعة هناك، وقال: «نفاضل بين شركتين من كبرى الشركات العاملة فى هذا المجال»، موضحاً أنها ستقوم بتجهيز جميع الوثائق والمستندات والمواقف التاريخية التى تؤكد نقاء منهج الإخوان من الإرهاب والتطرف، لتقديمها إلى الخارجية الأمريكية خلال مهلة الستين يوماً التى يمنحها مجلس النواب للوزارة للرد على القرار.
وبشكل فج وينم عن غباء، هدد سودان، أمريكا، قائلاً: «قرار اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكى، فى حال إقراره، سيدفع إلى موجات تطرف جديدة، ويصعب مهمة قيادات الجماعة الذين يدفعون نحو السلمية، ويمسكون بعضد الشباب لعدم الانجرار إلى العنف.
هكذا، يمكننا أن نقول إن قرار اللجنة القضائية بالكونجرس الأمريكى، جاء كزلزال هز أركان التنظيم الذى كان يعتمد على الجانب الأمريكى بشكل كبير فى معركته مع مصر وعدد من دول المنطقة.
كما يمكننا التنبؤ بأن السياسة الأمريكية تجاه الإخوان ستختلف خلال الفترة المقبلة بسبب قرب الانتخابات البرلمانية وكذلك اقتراب موعد رحيل باراك أوباما وإداراته التى مكنت الإخوان من الحكم فى دول عربية منها مصر وتونس، ومؤكد أن لجوء التنظيم لشركة علاقات عامة للترويج له لن يفيده فى شىء، إذ إن السياسة الأمريكية تجاه الإخوان تحولت، بعد أن صار التنظيم عبئاً على الإدارة، وأصبح ورقة محروقة، يضر استخدامها أكثر ما ينفع.
هنا، علينا أن نعترف دون تردد أو مواربة, أن دعم الولايات المتحدة لتنظيم الإخوان, يطرح الكثير من التساؤلات الملحة, عن ماهية المصالح الأمريكية التى قد يحققها تزاوج من هذا النوع؟!
ومخطئ بالطبع من يعتقد أن دعم الولايات المتحدة لتنظيم الإخوان كان دعماً للديمقراطية وأنه كان لهدف آخر غير تأجيج الخلافات والاختلافات العقائدية والمذهبية وأن ذلك الدعم كان آخر حيلة لديها كى تقضى شعوب المنطقة على بعضها البعض دون تدخل مباشر منها ودون أن تتكلف عناء أى تدخل عسكرى مباشر وهو الدرس الذى تعلمته من تدخلها المباشر للقضاء على العراق فكان حلها الشيطانى الذى استقرت عليه هو الحل الأقل كلفة حرب التدمير الذاتى.
فى كتاب روبرت درايفوس «لعبة الشيطان: الإسلام السياسى والولايات المتحدة» ما يجعلنا نفهم أسباب دعم الولايات المتحدة والغرب عموماً لمشروع ما يوصف بالإسلام السياسى وفيه أيضاً ما يجعلنا نستوعب أسباب سحب الدعم أو رفع الغطاء.
«داريفوس» عرض كثيراً من خفايا التحالفات السرية والغامضة التى عقدتها الولايات المتحدة على امتداد سنوات طويلة لرعاية وتشجيع التيارات الإسلامية كى تتلاعب بهم وتستخدمهم فى حربها الباردة ضد الاتحاد السوفيتى وضد طموحات القوى القومية الوليدة فى الشرق الأوسط على يد عبدالناصر فى مصر ومصدق فى إيران، فيوضح كيف استخدمت الولايات المتحدة تنظيم الإخوان ضد عبدالناصر وكيف زرعت التشدد الدينى فى إيران لتنفيذ الانقلاب الذى خططت له المخابرات المركزية الأمريكية فى إيران سنة1953 وما تبعها من دعم وتعزيز لحركات الإسلام السياسى حول العالم وكان من أبرز أشكال هذا الدعم تقديم مليارات الدولارات لدعم الجهاد فى أفغانستان بالتحالف مع الإخوان فى مصر.
وحتى بعد أن سادت السياسات الأمريكية حالة من التخبط والارتباك بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر لم تغلق أبواب التقارب مع تلك الحركات الإرهابية فساندت الإخوان فى مصر بقوة باعتبارهم البديل القادم بعد رحيل نظام مبارك والبديل القادر على حمايتها من الجماعات الجهادية باعتبارها فى نهاية المطاف إما قد خرجت من عباءتها أو على صلات قوية بها.
ومنذ 2005 قررت واشنطن أن يكون الإخوان هم الحكام الجدد للمنطقة العربية بعد أن تزيح عن كاهلها عبء عدد من الديكتاتوريات التى دعمتها وتسببت لها فى الكثير من الحرج خلال العقود الماضية حيث ظلت الاتهامات تلاحقها بدعم الأنظمة الفاشية وعلى رأسها نظام مبارك وعندما لاح لها الحل فى 25 يناير طرحت على المائدة وبكل وضوح دعمها الكامل والمطلق لحليفها الجديد فى المنطقة الوجه الجديد للفاشية القادم عبر صناديق الانتخاب، بعد أن استطاع تنظيم الإخوان فى مصر أن يثبت لصناع القرار السياسى فى واشنطن أنه وحده باعتبارها تيار إسلام سياسياً معتدلا القادر على التعامل فى عالم السياسة ببرجماتية وفاعلية وأنه أيضاً يستطيع توحيد صفوف التيارات الإسلامية اليمينية تحت لوائها بل ودفعها إلى تنفيذ نفس الأجندة الإخوانية دون عناء يذكر وأنها بالإضافة إلى ذلك قادرة على حشد ملايين المؤيدين دون أى مشكلات فى عملية تبديل الكراسى ودون أى صراعات على مستوى الشارع.
موقع «ويكيليكس» قدم أيضاًً مدخلاً مهماً لتفسير العلاقة.. بتسريبه الوثيقة التى تحمل رقم (CAIRO 21221-86) بتاريخ سبتمبر 1986 عن اتصالات مبكرة للإخوان المسلمين بالسفارة الأمريكية فى القاهرة، إذ تشير إلى أن الإخوان يرغبون فى توثيق اتصالاتهم بالسفارة الأمريكية لتعزيز شرعيتهم السياسية، وحضر عن الإخوان المرشد ونائبه وعن الجانب الأمريكى «بولوف وبول فسن».. ثم لحقتها وثيقة أخرى تحمل رقم (CAIRO1968-A88) بتاريخ أغسطس 1988، وتكشف عن مراسلات متبادلة بين أحد قادة الإخوان والسفارة الأمريكية فى القاهرة، ثم لقاء سرى بين المتحدث الرسمى باسم الإخوان تم فى داخل السفارة الأمريكية.. أما الوثيقة (CAIRO6474-A6) لسنة 2006، فقد انصبت على الرغبة الأمريكية فى معرفة القوانين الداخلية للإخوان المسلمين، فيما كشفت زيارة الرئيس الأمريكى الأسبق «جيمى كارتر» والوفد المرافق لمقر الإخوان المسلمين فى القاهرة، عن التوقيع على اتفاقية خلال اجتماع سرى مغلق، قبيل الانتخابات التى خاضها الإخوان المسلمون!
قبل أسابيع، وحين صدر التقرير الحكومى البريطانى بشأن تنظيم الإخوان الذى اعتبر التنظيم يروج للعنف وأحياناً يقوم بتنفيذ أعمال عنف، ويسعى لهيمنة عالمية للشريعة الإسلامية ويعتبر الأديان الأخرى غير شرعية.
نشرت جريدة «واشنطن تايمز» الأمريكية تقريراًً مطولاً عن التقرير البريطانى ذكرت فيه أنه يتعارض مع بعض وجهات النظر الأمريكية الإيجابية عن الإخوان بما فى ذلك وجهات نظر البيت الأبيض. وأضافت أن «قادة هذا التنظيم السرى يستخدمون دائماً لغة معادية للسامية، وبرروا قتل الأمريكيين وقوات التحالف الأخرى فى العراق وأفغانستان، وإلى اليوم يقولون إن الحكومة الأمريكية اختلقت أحداث 11 سبتمبر 2001 وإن الحرب ضد تنظيماًت -مثل القاعدة- هى مجرد غطاء للهجوم على الإسلام».
ووصفت الجريدة التقرير بأنه غير مسبوق فى هذه الفترة التى تواجه فيها حكومة غربية مجموعة الإخوان المسلمين التى تعتبر قوة منظمة أيديولوجياً لكنها «ليست تنظيماً إرهابياً عابراً للقوميات».
ونقلت «واشنطن تايمز» عن رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون قوله إن هذه الدراسة بشأن التنظيم أجريت لتحديد ما إذا كان تنظيم الإخوان يساهم فى العنف ببلاده وغيرها بتهيئة مناخ لأنشطة «المتطرفين».
وأضاف كاميرون أن تنظيم الإخوان «يتعمد التعتيم على طبيعته ونشاطاته»، وأنه «يروج للقيم التى يبدو أنها غير متسامحة تجاه المساواة وحرية الدين والمعتقد»، مضيفاً أن النتائج الرئيسية التى تضمنها التقرير ستساعد حكومته فى وضع سياسة إما لحظر التنظيم تماماً فى بريطانيا أو خفض عدد تأشيرات الدخول لأعضائه الراغبين بدخول البلاد.
وتابع كاميرون أن النصوص المؤسسة لتنظيم الإخوان تدعو إلى النقاء الأخلاقى للأفراد المسلمين والمجتمعات المسلمة ووحدتهم السياسية فى نهاية المطاف فى دولة للخلافة الإسلامية تحكمها الشريعة الإسلامية، وإلى هذا اليوم يعتبر التنظيم المجتمعات الغربية والمسلمين الليبراليين بأنهم متفسخون ومنحطون ولا أخلاق لهم.
وأشارت «واشنطن تايمز» إلى أن الموقع الإلكترونى لتنظيم الإخوان باللغة الإنجليزية أدان نتائج التقرير فى اليوم الذى قدمه كاميرون للبرلمان البريطانى.
وأضافت أن عمرو دراج العضو باللجنة التنفيذية لحزب الحرية والعدالة وهو الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بمصر قال إن ما ردده كاميرون عن أن الانتماء لعضوية التنظيم أو تأييده أو الوقوع تحت تأثيره يجب أن يعتبر مؤشراً محتملا للتطرف «يدين بشكل ظالم ملايين المسلمين وغير المسلمين على نطاق العالم، وكثير منهم بريطانيون»، مضيفاً «أن هذه القراءة لأكبر تنظيم ديمقراطى فى الشرق الأوسط خاطئة، كما أنها خاطئة فى معرفة ما يجب عمله لتحقيق حكم سلمى ومستقر بالمنطقة».
كما نقلت الجريدة عن مدير «مشروع التحقيق عن الإرهاب» ستيفن إيمرسون إشادته بالتقرير البريطانى «لأنه يؤكد ما ظل يقوله والآخرون بشأن تنظيم الإخوان المسلمين»، مضيفاً «لم أر أى حكومة غربية تصدر تقريراً مثل هذا التقرير فى صدقه السياسى والفكرى بشأن الإخوان المسلمين».
وقال إيمرسون عن محتوى التقرير إنه لأمر غير معتاد أن يكون بالسجلات الغربية أن تنظيم الإخوان المسلمين وواجهاته مجموعات غير ديمقراطية وقنوات للإرهاب ومؤيدة للعنف وتستخدم الديمقراطية للوصول إلى السلطة لفرض «نظام حكم إسلامى فاشى على الجميع».
ولفتت الجريدة إلى أن التقرير تضمن تعريفاً بمصادر تعاليم التنظيم، ومنها أفكار سيد قطب الذى قالت إنه يعتبر «أحد مؤسسى الحركات الجهادية المتطرفة والعنيفة»، وإنه الشخص الذى يقف وراء «عقيدة تكفير الآخرين».
كما أشارت إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -التى تعتبرها الولايات المتحدة «تنظيماً إرهابياً»- هى أحد فروع تنظيم الإخوان المسلمين.
ونقلت عن السفير البريطانى السابق لدى السعودية جون جنكنز الذى كتب الجزء الدولى من التقرير قوله إنه رفض شهادة التنظيم بأنه تنظيم سلمى، وأوردت نبذة عن تأسيس التنظيم وهيكل خلاياه والبرامج التعليمية لأعضائه وتربيتهم على التضامن والانضباط.
وباستثناء ما نقلته عن عضو اللجنة التنفيذية لحزب الحرية والعدالة فإن صحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية اليمينية والقريبة من الحزب الجمهورى لم تورد آراء أخرى معارضة للتقرير البريطانى، فيما نقلت تعليقات عديدة مؤيدة له.
والوضع كذلك، علينا استحضار سياق المصالح، واضعين فى الاعتبار أن المصالح الأمريكية تحددها مبادئ مثل مبدأ كارتر ومبدأ ريجان وبوش الأب والابن حتى أوباما.. ومن أهم أركان الاستراتيجية الأمريكية خلق الأدوات، وتقع أدوات نظرية الضرب فى أسفل الجدار التى ابتكرها «زبيجنيو بريجنسكى» مستشار كارتر لشئون الأمن القومى، والذى له مكانته المرموقة فى مجموعة الأزمات الدولية، فى مقدمة العقل الذى يأخذ بأداة الطائفية والعرقية لتفكيك الشعوب وتفتيت الكتل الكبيرة، وإعادة تركيبها عرقياً وطائفياً.. وتلك هى الأداة الاستراتيجية التى تعطى المؤشر القوى على طبيعة الاستراتيجية وقدراتها وإمكانات التحكم فى مساراتها.
الإخوان المسلمون وصلوا إلى السلطة فى مصر، وحزب (النهضة) فى تونس و(حزب العدالة والتنمية) فى المغرب، وكان يجرى التحضير لمثل هذا التشكيل فى سوريا.. وصلوا على رأس السلطة بدعم أمريكى خالص، ليس من أجل التغيير الجذرى نحو الأفضل والأحسن، إنما نحو التخريب والاحتراب، لأن هذه الأحزاب (التابعة للتنظيم الدولى الإرهابى) لا تملك الخبرة ولا البرامج الخاصة بإدارة شئون الدولة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكانت فى مرحلة استكشاف واقع الأشياء ومن الصعب أن تصل إلى نتيجة تتسق مع ما يريده الشعب وتتماشى مع روح العصر بحكم منطلقاتها فى تفسير الظاهرات والعلاقات المخالفة لها.
كان الأمريكيون يعلمون ذلك.. غير أنهم لا تعنيهم مصالح الشعوب العربية، بل تعنيهم فقط مصالحهم ولا مانع لديهم من تغيير الحكام والشخصيات وهدم الأنظمة السياسية عن طريق القوة الغاشمة أو التآمر المخابراتى، والتاريخ الأمريكى حافل بمثل هذه الأفعال.
غير أن ما حدث في 30 يونيو 2013 أثبت أن إدارة أوباما قد خسرت رهانها أو أنها وضعته على الحصان الخاسر فخرجت الاتهامات التى تتهم إدارة أوباما بأنها سمحت بتسرب عناصر إخوانية إليها بشكل يهدد الأمن القومى الأمريكى.
وكانت أبرز الاتهامات، تلك التى أطلقها إيد رويس، رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الأمريكى الذى اتهم وعدد من الجمهوريين إدارة أوباما بأنها دعمت الإرهاب بصمتها عن عمليات غسيل أموال واسعة النطاق تمت لصالح تنظيم الإخوان وسماحها باختراق التنظيم للإدارة الأمريكية من خلال بعض عناصره فى البيت الأبيض.
كان الهدف الأساسى أو المركزى هو تدمير عناصر القوة لدى الأنظمة العربية وفى مقدمتها الجيوش العربية، بعد أن حلَ الأمريكيون جيش العراق بعد الاحتلال، وفككوا جيش تونس، ودمروا جيش ليبيا، وبعثروا جيش اليمن، ومزقوا جيش سوريا، وقسموا جيش السودان، فلم يعد أمامهم غير الجيش المصرى، بتصعيد الإخوان وخلق فجوات لاصطدام الشعب بالجيش غير أن العقيدة الوطنية للجيش منعت حدوث أى انحراف، ويقظة الشعب جعلته يحافظ على جيشه ويسحق التنظيم الإرهابى.. وبهذا الشكل لم يجد الأمريكيون غير التخلص من ذلك الكارت المحروق أو لو شئنا الدقة من «منديل الكلينيكس» الذى يكون مكانه الطبيعى بعد استخدامه هو أقرب «سلة زبالة».