ياسر بركات يكتب عن:مصر لا تصالح من ذبح أولادها لو منحوها الذهب
src="//pagead2.googlesyndication.com/pagead/show_ads.js">
عاجل إلى قصر الرئاسة فى إسطنبول
- «الدونمة».. جماعات صهيونية أسقطت الإسلام فى تركيا وتسعى لتدمير العرب من جديد
- أتاتورك كان عضواً نشطاً فيها واستعان باليهودى توفيق روستو لمحو اللغة العربية
- تغيير اسم القسطنطينية إلى «إسطنبول» كان مقصوداً للتخلص من المعالم المسيحية
- أردوغان دافع عن «شعار رابعة» واستقبل الإخوان ويغازل السعودية لتحقيق الحلم الصهيونى
بحثاً عن حلول لما يمكن وصفه بمعضلة القمة الإسلامية القادمة المقرر أن تنعقد فى أنقرة، ذهب خيال البعض إلى احتمالية حدوث تطبيع فى العلاقات بين مصر وتركيا!
المعضلة تتمثل فى أن مصر هى الرئيس الحالى للقمة بينما تركيا هى الرئيس المقبل. ولأن العلاقات الراهنة بين البلدين لا تسمح بأن تشارك مصر فى القمة بوفد على المستوى الرئاسى، صرنا أمام مشكلة بروتوكولية فى تسليم الرئاسة من مصر إلى تركيا.
ولأن تركيا زادت من تعقيد الوضع، برفضها اقتراحاً بنقل القمة إلى الرياض لتتسلم السعودية الرئاسة باعتبارها دولة المقر ثم تسلمها إلى تركيا، جاء دور الخيال لينسج قصصاً وحكايات عن وساطة سعودية بين مصر وتركيا لتطبيع العلاقات بينهما قبل انعقاد القمة فى أبريل المقبل! وهى القصص التى ثبت عدم صحتها جملة وتفصيلاً، وتبين أن الهدف منها إعطاء مبرر لـ«الأحمق» الذى يرأس تركيا، كى يواصل حماقاته وبذاءاته التى اعتاد أن يتقيأها بمناسبة أحياناً وبدون مناسبة فى كثير من الأحيان.
الأحمق الذى يرأس تركيا، لم يهاجم مصر فقط، بل لا نبالغ لو قلنا إن أحداً لم ينجُ من هجومه العنيف الذى شنّه قبل أيام على وقع طبول الحرب التى يدقها، موحياً بأن جيشه «الإنكشارى» يُعدّ العدة لإعادة احتلال سوريا، واجتياح «روسيا»!
وكان لافتاً اعترافه بصحة ما سرّبه الإعلام الغربى، فى ما يتعلق بسعى الرئيس التركى للحصول على المزيد من المليارات من مسئولى الاتحاد الأوروبى، مهدّداً إياهم بإرسال مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى قارتهم، براً وبحراً، إذا لم يدفعوا. وقال أردوغان صراحةً، «نعم، قلت لهم ذلك، وأقولها مرة أخرى. فنحن لسنا أغبياء حتى نتحمّل مسئولية اللاجئين بمفردنا»!
كان هذا الخطاب تلخيصاً شاملاً للوضع التركى، بعد فشل كل سياسات أنقرة فى سوريا والمنطقة عموماً، فجاء بالتالى انعكاساً للحالة النفسية التى يعيشها أردوغان الذى لم يبقَ له صديق، داخلياً وخارجياً، إلا الملك سلمان، إذا تجاهلنا الأمير تميم الذى بات تأثيره ثانوياً فى المعادلات الإقليمية والدولية، وذلك فى وقت يعرف فيه الجميع أن المؤسسة العسكرية التركية، التى يريد أردوغان أن يحارب بها الجميع، غير مرتاحة للتحالف مع «الدولة المتخلفة»، السعودية، «عدوّ الأتراك والعثمانيين والجمهورية التركية»، كذلك يعرف الجميع أن هذه المؤسسة لن تغامر فى خوض حرب محكوم عليها بخسارتها المطلقة، فى حال تلقّيها الأوامر من أردوغان لشنّ هجوم على سوريا، إن كان بهدف ضرب «وحدات حماية الشعب» المدعومة من أمريكا والدول الغربية، أو لقتال الجيش السورى فى شمالى حلب أو ريف اللاذقية، وهو المدعوم من إيران وروسيا وحزب الله.
وتكتسب كل هذه المعطيات والسيناريوهات أهمية إضافية مع الأحداث المتتالية التى تعيشها تركيا داخلياً، وأهمها المعارك الدموية المستمرة التى يخوضها الجيش التركى فى جنوبى شرقى البلاد، ضد عناصر ومؤيدى حزب العمال الكردستانى، الذى لم يتخذ بعد قرار المواجهة الشاملة على الأرض التركية بأكملها، وبالتالى إغراقها بالدم، لما لـ«الكردستانى» من قوة شعبية وقتالية فى عموم البلاد، وليس فى معاقله المعروفة فقط.
أما الأزمة الأخطر التى قد يواجهها أردوغان، فهى التمرد داخل حزبه الحاكم، وكان أول نُذُرها ما جاء على لسان نائب رئيس الوزراء السابق، بولنت أرينج، وأيّده 4 وزراء سابقين، حيث قالوا إنهم غير راضين عن مجمل سياسات الحكومة، الداخلية والخارجية، والمقصود بذلك سياسات أردوغان الاستبدادية والدموية، التى تزعج عدداً كبيراً من ممثلى الحزب فى البرلمان.
هذه الحسابات المعقدة دفعت أردوغان إلى دعوة الرئيس الأسبق، عبدالله غول، إلى منزله، حيث حاول إقناعه بالتدخل لدى «المتمردين» فى الحزب الحاكم، فى محاولة لإقناعهم بالتهدئة، فى حين يدور الحديث عن «ضوء أخضر أمريكى» لهؤلاء بالتخلص من أردوغان، أو إلزامه حدوده الدستورية، داخلياً وخارجياً، وتخليه عن مساعى تحويل النظام إلى رئاسى.
وتؤكد كل هذه المقدمات، على المستويين الداخلى والخارجى، أن تشهد تركيا قريباً سلسلة من التطورات المثيرة والمفاجئة! كما تؤكد أن العلاقات التركية المصرية ستظل كما هى.. أى ستظل على طبيعتها!.
خيوط جديدة فى اللعبة بدأت تتكشف.. بشكل يوحى بأن الولايات المتحدة وأوروبا تحاول أن تغسل يديها من التنظيم، وتلبيس الجريمة لـ«الصبيان» أو للوكلاء، ونقصد تركيا وقطر!
وأمامى الآن، مقال يقترب من الدراسة لـ«ديفيد جريبر»، يطرح فيه عدداً من الأسئلة حول مدى جدية الغرب فى تصفية تنظيم داعش، ويشكك فى تلك الجدية ودليله فى ذلك هو ما يراه من تقارب مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الذى يصفه «جريبر»، بأنه السبب الأول والداعم الأول فى تواجد واستمرار تنظيم داعش!
«جريبر» أوضح أن متابعة الأحداث الجارية بمنطقة الشرق الأوسط، خلال السنوات التى شهدت ظهور وصعود «داعش»، تكشف أن تركيا قدمت للتنظيم ما يبقيه متواجداً، وما يجعله يمتلك القدرة على نقل عملياته إلى أوروبا.
وبشكل أوضح، ذكر «جريبر» أن تحركات تركيا عند إعلانها الحرب على داعش، لم تتسبب فى أى ضرر للتنظيم، بل كانت تضرب الأكراد، وتمنعهم من تلقى الإمدادات عبر الحدود، وكانت غارات الطائرات التركية تستهدف المواقع الكردية فقط، دون توجيه ضربات حقيقية لتنظيم داعش.
وفى المقال الأقرب للدراسة، يستعرض «جريبر» عدداً من الأدلة جمعها معهد دراسات حقوق الإنسان بجامعة «كولمبيا» بالولايات المتحدة، تثبت مساعدة تركيا لـ«داعش» و«جبهة النصرة»، ليخلص إلى أن أردوغان هو السبب الرئيسى فى ازدهار داعش.
والواقع هو أن العلاقات الطبيعية بين مصر وتركيا، هى تلك العلاقات الحالية، وغير الطبيعية وما تتناقض مع التاريخ والجغرافيا هى أن تكون غير ذلك، أو ما حدث بشكل استثنائى خلال فترة اختطاف تنظيم إرهابى للسلطة فى مصر. والسبب هو أن الدولة التركية ومنذ الحرب العالمية الثانية أصبحت مجرد مخلب قط لمشروعات الهيمنة الغربية على المنطقة، ولذلك تصادمت مع مشروع التحرر العربى لثورة 1952، وقبلها كان اعترافها المبكر بالكيان الصهيونى وعلاقاتها معه التى كانت واستمرت قوية حتى وإن ادعت غير ذلك فى أوقات بعينها، تزامنت مع أوهام استعادة «الخلافة» العثمانية أو مع أحلام تعزيز النفوذ التركى فى المنطقة العربية لاستخدامه كأحد مسوغات انضمامها المستحيل إلى الاتحاد الأوروبى!
ولعل هذه الأوهام وتلك الأحلام هى التى جعلتها تعتقد أن مصير مشروع الخلافة قابل للتحقق لو نجح مشروع تنظيم الإخوان الإرهابى فى السيطرة على دول المنطقة، فكان أن ألقت بكل ثقلها وكل رهاناتها على التنظيم، وكان أن أصابتها حالة جنون ميئوس منها حين أفسد المصريون وجيشهم هذا المخطط.
ونوضح هنا أن سقوط نظام «الإخوان» كان بالنسبة لدوائر أمريكية وبريطانية «طعنة» أصابت مشروع «الشرق الأوسط الكبير»، فأرادوا أن يردوا عليها بطعنة أقسى منها؟
إننا نعرف جميعاً أن واشنطن ولندن كانتا تطمحان، إلى أن يكون نظام الإخوان فى مصر هو «الخيمة الإسلامية» التى تحتضن التيار الإسلامى فى المنطقة على أن يتكامل مع التيار الإسلامى ممثلاً فى حزب «العدالة والتنمية» فى تركيا، فيحدث التغيير الذى ينتج انضباط التطرف الإسلامى بكل مظاهره.
وضع فى اعتبارك أن واشنطن كانت تزعم دائماً أن «داعش» تنظيم إرهابى إقليمى لا يشكل خطراً على الخارج وتحديداً على الغرب!
ولعل قراء «الموجز» يتذكرون أننا سبق أن تناولنا بشكل عابر العلاقات التركية الإسرائيلية الأمريكية، ووعدنا بـأن نتناول الموضوع فى مقال لاحق، بقدر من التفاصيل.. والواقع هو أن تركيا أشبه بـ«خزينة رصاص» مسدس أمريكى زناده هو إسرائيل. بما يعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها الاستغناء عن أى منهما ولا يمكن أن تسمح بغير بقائهما متحالفين، مهما ادعى أى طرف غير ذلك! ويكفى أن تعرف أن العلاقات بين الكيانين بدأت فى مارس 1949 باعتراف تركيا بـ«إسرائيل» كأوّل دولة إسلامية (إذا جاز وصفها بذلك) وتعزّزت تلك العلاقات بحصول تركيا على عضوية حلف الأطلنطى سنة 1952 لتصبح العلاقات راسخة وعميقة بمباركة أمريكية، ولتصبح إسرائيل أحد أهم مورّدى السلاح للجيش التركى. ودائماً كانت تركيا هى الظهير وهمزة الوصل بين الكيان الصهيونى والغرب، وعدد من دول المنطقة حتى فى أحلك الظروف وفى أسوأ الظروف العدائية بينها وبين الدول العربية.
كما أن العلاقات السياسية والاقتصادية تطورت، بشكل ملحوظ بين إسرائيل وتركيا، فى تسعينيات القرن الماضى، وأن هناك لجنة مشتركة بينهما تم تشكيلها منذ سنة 1993أطلقوا عليها اسم «لجنة التعاون الاستراتيجى»، عقدت اجتماعها الأول فى فبراير 1994ومع بداية 1995تم توقيع ثلاث اتفاقيات للتعاون العسكرى، تضمنت مجالات متعددة فى التعاون العسكرى والأمنى بينهما، وكان من بين تلك المجالات إنشاء ما يسمى بـ « مجموعة عمل التقويم الاستراتيجى Group Strategic Assessment Working بهدف تنسيق التعاون الاستراتيجى والمخابراتى والمساعدات الإسرائيلية لتنظيم وتدريب الجيش التركى!
ونضيف أن إسرائيل قدمت إلى تركيا مساعدات كبيرة سنة 1999 فى عمليات الإغاثة إثر كارثة الزلزال المدمّر الذى ضرب مدينة إزميت، وتضمَّنت المساعدة فرقاً للبحث والإغاثة بالإضافة إلى إقامة مستشفى ميدانى مع فريق طبى كبير شارك فيه مئات من الأطباء والممرضين من الجيش والمؤسسات الرسمية الأخرى، وكان الأكبر بين الفرق الأجنبية كلها التى وصلت إلى تركيا لتدارك آثار الزلزال الذى تسبَّب فى مقتل ما يزيد على 17 ألف شخص.
ولعل ما يثبت قوة العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل وتركيا ويؤكدها، تواجد مجموعات عسكرية إسرائيلية، إلى الآن، داخل الأراضى التركية تمثل مختلف فروع الجيش، مثل شعبة العمليات وقادة الميدان وسلاح الجو، وسلاح البحرية، وتتألف من 12 ضابطاً من رتبة عقيد وعميد، بهدف تنسيق التعاون الاستراتيجى بين البلدين.
ومن المهم هنا الإشارة إلى مشروع «أنابيب السلام» فى إقامة محطة بمنطقة شلالات «مناوجات» التركية لتزويد إسرائيل بكمية 50 مليون طن سنوياً من المياه لمدة 20 سنة. ويستند المشروع إلى ضخّ المياه فى أنابيب برية عبر الأراضى السورية، ثم دخولها إلى شمال لبنان أو شمال شرق الأردن، وبعدها إلى الأراضى الفلسطينية، أو نقلها بحراً إلى الساحل الإسرائيلى فى حال عدم توقيع اتفاقية سلام بين إسرائيل وكل من سوريا ولبنان!
وهناك علاقة واضحة بين بدء ارتفاع الدين الخارجى التركى وزيادة وتيرة التعاون العسكرى مع إسرائيل والناتو بشكل عام. ففى تقرير لصندوق النقد الدولى صدر فى 20 سبتمبر 2011، خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد التركى إلى 6.6% بنهاية 2011 وإلى 2.2% فقط فى العام التالى 2012، وهو مؤشر خطير للغاية وسيؤثر على قدرة تركيا فى الوفاء بديونها المتضخمة. وهو أمر مشابه لما تعرضت له اليونان من أزمة عنيفة ما زالت مستمرة. وتهدد بإعلان اليونان عن إفلاسها وعجزها عن سداد الديون المستحقة للبنوك الأوروبية وصندوق النقد.
ولكى نفهم قوة العلاقة بين البلدين وسر الترابط غير المعلن، علينا أن نعود إلى حقائق نجحت تركيا فى طمسها، تقول بوضوح إن تركيا يحكمها اليهود!
وإثباتا لذلك، علينا العودة إلى القرن السادس والسابع عشر قامت إسبانيا باضطهاد اليهود، ولجأت طائفة منهم إلى الدولة العثمانية وهى الطائفة التى تعرف بيهود الدونمة ورحب بهم السلطان العثمانى محمد الثانى بعد أن أوهموه بتحولهم من اليهودية إلى الإسلام!
وبعد سنوات، استطاع يهود الدونمة «المتأسلمين» أن يتوغلوا فى الحياة العثمانية ويقوموا بتشكيل قوة سياسية واقتصادية لا يستهان بها كما أنهم كونوا جماعة سرية تسمى حركة شباب الأتراك وهى الحركة التى استطاعت أن تسقط السلطان عبدالحميد الثانى سنة 1908 واستطاعت أن تعلن الدولة العثمانية جمهورية جديدة تحمل اسم تركيا بعد الحرب العالمية الأولى على يد مصطفى كمال أتاتورك وهو من يهود الدونمة والذى قام بسجن السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى حتى وفاته فى سنة 1918، وكان سبب ذلك أنه رفض سنة 1901 مقابلة تيودور روزفلت فى القسطنطينية كما رفض عرضاً قدمه له بالتنازل عن «القدس» لليهود والسماح لهم بالعودة إليها!
وسنة 1923 تولى مصطفى كمال أتاتورك الرئاسة التركية والمعروف بأنه مؤسس تركيا الحديثة وجعل كبير مستشاريه توفيق روستو وزيراً للخارجية وهو من يهود الدونمة أيضاً وأمر أتاتورك شعبه بالتخلى عن أسمائهم العربية كما أمر بتغيير المعالم المسيحية أيضا فقام برفع اسم القسطنطينية وأسماها إسطنبول وأخيرا أمر بإلغاء اللغة العربية كلغة رسمية.
مؤرخون كثيرون قالوا إن مصطفى كمال أتاتورك ما هو إلا اسم مستعار استخدمه لإخفاء نسبه إلى جده شابتاى يتزيفى.. وما يهمنا هنا هو أنه منذ نهاية الحرب العالمية الأولى ويهود الدونمة المتحولون إلى الإسلام يسيطرون على كل نواحى الحياة فى تركيا ويتقلدون أرفع المناصب السياسية والعسكرية كما أنهم يسيطرون على التجارة والثقافة والجامعات ويقدر عددهم الآن بحوالى مليون ونصف، وتأكيداً لذلك، نشير إلى أن إسرائيل ترفض دائماً إدانة أو الاعتراف بالمذابح التركية ضد الأرمن المسيحيين والتى راح ضحيتها مليون ونصف من الأرمن سنة 1915، والسبب المعلن لرفض الإدانة هو أن إسرائيل لا تريد أن تفقد علاقتها الجيدة مع تركيا. غير أن السبب الحقيقى هو أن يهود الدونمة كانوا وراء تحريض الأتراك ضد الأرمن وهم من ساعدوهم على ذبح رجالهم واغتصاب نسائهم.
كونها أشبه بـ«خزينة رصاص» مسدس أمريكى زناده هو إسرائيل، هو ماجعل تركيا تصف ما حدث فى 30 يونيو بأنه انقلاب وجعل «أردوغان» يطالب بتدخل مجلس الأمن فى الشأن المصرى وجعله أيضا يقول إن علامة «رابعة» أصبحت إشارة دولية للتنديد بالظلم! وجعل من تركيا غرفة عمليات كبيرة للإخوان الفارين من مصر.
وهكذا، وبعد نفاد صبر، عادت العلاقات المصرية التركية إلى طبيعتها وأبلغت مصر السفير التركى بالقاهرة فى 23 نوفمبر 2013 بأنه شخص غير مرغوب فيه وقررت نقل سفيرها من القاهرة نقلاً نهائياً وكان قد تم استدعاؤه للتشاور منذ 15 أغسطس من السنة نفسها.
وبهذا الشكل يكون نوعا من العبث، أو الجنون أن يضع أردوغان شروطه «للعفو» عن مصر، متخذاً من خيالات وأوهام، عن وساطات بين الدولتين، ذريعة لذلك!
والغريب والمثير للدهشة والحيرة أن يستمر فى أوهامه وهلاوسه، حتى بعد أن نفى سامح شكرى، وزير خارجية مصر، بشكل قاطع وصريح (فى 17 يناير) وجود وساطة سعودية للمصالحة بين مصر وتركيا، وقوله بوضوح: «هذا الأمر غير وارد على الإطلاق، ولا صحة لما ينشر فى وسائل الإعلام».
كذلك، فإن وزير الخارجية أو رئيس الدبلوماسية المصرية، شدد خلال حواراته مع عدد من الصحف، على أن عودة العلاقات مع تركيا إلى طبيعتها مرهون باتخاذ تركيا موقفاً من شأنه دعم العلاقات الثنائية، وأن تكف أنقرة عن تدخلها فى شئون مصر الداخلية، وتتوقف عن دعم جماعة الإخوان، موضحاً «مصر قطعت العلاقات بعد تجاوز تركيا حدود المسموح به»، وأضاف «مصر تحتج على جميع التجاوزات التركية، وتقدم احتجاجات على أى خطوات ترى أنها غير إيجابية، وتضر بمصالحنا، ويتم ذلك من خلال القنوات الدبلوماسية الرسمية».
مثلاً، فى حوار نشرته جريدة «الوطن» مع وزير الخارجية، فى 17 يناير، رد بوضوح على الأوهام التى قيل إنها تسريبات عن مفاوضات بين مصر وتركيا، بوساطة سعودية، وأن تركيا تريد مصالحة وأن مصر اشترطت طرد الإخوان وإغلاق القنوات.
شكرى رد قائلاً: «لست على أى علم بمثل هذه المفاوضات، ولم نتطرق إلى هذا الأمر عندما زرت المملكة مؤخراً، لكن هذا لا يمنع أنه فى مراحل عديدة كنا دائماً نتحدث مع الشركاء الأوروبيين والشركاء فى المؤتمر الإسلامى لتوضيح الأمور، وهناك ممارسات من قبل تركيا لا تتسق مع العلاقات الدولية ولا تتسق مع عدم التدخل فى الشئون الداخلية، ومن ضمنها رصد القنوات الفضائية المحرضة التى تنطلق لاحتضان قيادات الجماعة الإرهابية، وإقامتهم ندوات واجتماعات تنسيقية فيما بينهم بغرض زعزعة الاستقرار فى مصر.. كل هذا طالما دعونا تركيا أن تكف عنه باعتباره أعمالاً غير إيجابية، وفيها تدخل فى الشئون الداخلية المصرية، ونتوقع أن تتوقف عنها تركيا لخروجها عن قواعد العلاقات الدولية، لكن لا يوجد اتصالات مباشرة على المستوى السياسى.. أنا التقيت مع وزير الخارجية التركى على هامش اجتماعات سوريا وليبيا لكن لم يحدث أى حديث موضوعى فيما بيننا.
ولعلنا لا نكشف سراً لو قلنا إن واشنطن صنعت تنظيم «داعش» وفق مواصفات تخدم أهدافها فى منطقة الشرق الأوسط، كما سبق أن صنعت القاعدة التى كانت فى الأصل أحد فروع الكيان الذى أنشأته المخابرات الأمريكية بدعم من المخابرات البريطانية MI6، والموساد الإسرائيلى، وجهاز المخابرات الباكستانية ISI.
أما قوات «داعش»، فهم جنود مشاة تابعون للتحالف العسكرى الغربى؛ ومهمتهم غير المعلنة هى تخريب وتدمير الدول العربية وأخرى أجنبية بالنيابة عن راعيهم الأمريكى، والثابت هو أن إسرائيل قدمت دعماً لـ«داعش» و«النصرة» من مرتفعات الجولان. كما أن مقاتلين داعشيين اجتمعوا مع ضباط الجيش الإسرائيلى ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو!
وبتتبع طبيعة العمليات التى يقومون بها، يسهل استنتاج وجود قوات خاصة وعملاء مخابرات غربيين فى صفوف «داعش»، وأن القوات الخاصة البريطانية ومخابرات MI6 شاركت فى تدريب المتمردين فى سوريا. وهناك أيضاً عشرات الوثائق تثبت أن التنظيم ليس أكثر من وحش تحركه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من أجل رسم خرائط جديدة لدول المنطقة وتغيير حدودها بشكل يفيد الولايات المتحدة، دون أن تضطر إلى التدخل بجيوشها وقوتها العسكرية.
ومهم هنا أن نوضح الدور المحورى لحكومة حزب «العدالة والتنمية» فى تركيا فى مساعدة إرهابيى تنظيم «داعش» حيث توجد على الأراضى التركية معسكرات لتدريبهم بمشاركة مسئولين عسكريين أتراك إضافة إلى أن هناك ضباطاً أتراكاً انضموا للتنظيم، إلى جانب أن تركيا تعمل على تغذية الإرهاب بطريقتين أولاهما تدريب وإرسال الإرهابيين إلى الدول المجاورة لها كسوريا والعراق وثانيهما عن طريق طلب المساعدة من حلف الناتو لحماية حدودها الأمر الذى دفع دول الحلف لإرسال بطاريات صواريخ باتريوت وجنود لتحقيق ذلك.
وكانت النكتة أن مصر عندما قررت شن ضربات جوية ضد أهداف لتنظيم «داعش» فى درنة، الليبية فى 16 فبراير العام الماضى. ودعمت الحكومة الليبية المعترف بها دولياً والجيش التابع لها فى طبرق هذه الخطوة، أدانت أنقرة تلك الضربات الجوية، قائلة: «هذه الهجمات تعمّق المشاكل القائمة فى ليبيا وأجواء الصراع وتعرقل الجهود الرامية إلى حل الأزمة من خلال الوسائل السلمية»، بينما لم تعلق الولايات المتحدة، فلم تدعم ولم تنتقد الضربات!
تركيا، تفعل ما لا تريد أن تعلنه الولايات المتحدة.. هى بالضبط «خزينة رصاص» المسدس الأمريكى الذى زناده هو إسرائيل.
ولم يعد خافياً أن رادارات الدرع الصاروخية لحلف الناتو منتشرة فى الأراضى التركية التى تحتضن إحدى أكبر القواعد الأمريكية فى العالم (قاعدة أنجريلك فى جنوب تركيا) فى إطار منظومة دفاعية مشتركة مع إسرائيل وهى المنظومة التى رفضت مصر مراراً وتكراراً الانضمام إليها، وحين حاول محمد مرسى طرح الأمر للنقاش ردت عليه القوات المسلحة بمنتهى الحسم بأن أهداف تلك المنظومة الدفاعية تتعارض مع مصالحنا القومية والعربية.
ونشير هنا إلى أن هذه القاعدة تشارك فى قصف العراق باستمرار منذ 1991 مروراً بالغزو فى 2003 والقصف مستمر إلى الآن بزعم محاربة داعش، بينما الواقع يؤكد أنها تحارب لصالح ذلك التنظيم الإرهابى الذى صنعته ورعته ومولته.
ومع تلك القاعدة، توجد على الأراضى التركية محطات إسرائيلية للتجسس الأمـنى والمخابراتى على الدول الــمجاورة، سمحت لها تركيا أن تعمل من داخلها منذ سنة 1990 والى اليوم.. كما أن تركيا هى السوق الأضخم لصناعة السلاح الإسرائيلية، وذلك ضمن صفقة اندفعت إليها تركيا وفاء بالتزاماتها تجاه ديونها لصندوق النقد الدولى والبنوك الأوروبية.
ولعلنا نتذكر أن جريدة «نيويورك تايمز» سبق أن تساءلت فى تقرير لها عن طبيعة العلاقة بين السيناتور الأمريكى جون ماكين، وأبو بكر البغدادى زعيم تنظيم داعش بالتزامن مع ظهور صورة تجمعهما!
والتنظيم كما أصبح معروفاً وواضحاً يتمركز فى الشمال السورى ليتم استخدامه كقاعدة لنشر الرعب وإخلال التوازن فى العالم العربى، وبالتدريج يجرى استخدام تلك العناصر ضد روسيا والصين، معتمدين فى ذلك على عناصر التنظيم القادمة من الشيشان وجورجيا، بما يعنى أن المرحلة القادمة ستكون محاربة روسيا، كما بدأت تركيا وأمريكا بتدريب مسلمين صينيين يتحدثون اللغة التركية لاستخدامهم فيما بعد ضد الصين، لتكون داعش هى الورقة التى تحركها الولايات المتحدة ضد دول البريكس لإضعافها لأنها لا تريد إلا مجتمعاً أحادى القطبية.
وربما يفسر ذلك، الكتيب الذى نشرته «واشنطن بلوج»، وربط بين ظهور التنظيم وسياسات الولايات المتحدة، وهو الكتاب الذى كان عنوانه «فضح هوية داعش unmasking ISIS»، وكشف أن «داعش» يديره مجلس الجنرالات العراقى السابق، ومعظمهم من حزب الرئيس العراقى السابق صدام حسين «حزب البعث». وبين الغرائب التى كشفها الكتيب عن تاريخ قادة «داعش» الغريب أن فيهم واحد لم يكن موجوداً من الأساس وآخر، تم قتله ثم ألقى القبض عليه ثم تم قتله مرة أخرى!
وطرج الكتيب سؤالاً عن إرهابى اسمه «عبدالله راشد البغدادى» ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عام 2007، أنه زعيم أعتى الجماعات المتمردة فى العراق.
كما أشار الكتيب إلى تاريخ الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط بدأ بين عامى 1932 و1948 عندما زرعت جذور الحرب الراهنة فى العراق، لوجود خط نفط ذى أهمية إستراتيجية لبريطانيا وأمريكا أثناء الحرب العالمية الثانية، وهو الخط الذى تم مده إلى فلسطين ليساعد إسرائيل على بناء دولتها!
أما ما يخص داعش، فنكتشف أن التنظيم تدرج فى عدة مراحل قبل أن يصل إلى ما هو عليه، فبعد تشكيل جماعة التوحيد والجهاد بزعامة أبى مصعب الزرقاوى فى عام 2004، تلت ذلك مبايعته لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن ليصبح تنظيم القاعدة فى بلاد الرافدين، وكثف التنظيم من عملياته إلى أن أصبح واحداً من أقوى التنظيمات فى الساحة العراقية وبدأ يبسط نفوذه على مناطق واسعة من العراق إلى أن جاء فى عام 2006 ليخرج الزرقاوى على الملأ فى شريط مصور معلناً عن تشكيل مجلس شورى المجاهدين بزعامة عبدالله رشيد البغدادى.
وبعد مقتل الزرقاوى فى الشهر نفسه، جرى انتخاب أبى حمزة المهاجر زعيماً للتنظيم، وفى نهاية السنة، تم تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبى عمر البغدادى، وفى 19 أبريل 2010 قتلت القوات الأمريكية والعراقية أبوعمر البغدادى وأبو حمزة المهاجر. وبعد حوالى عشرة أيام، انعقد مجلس شورى الدولة ليختار أبوبكر البغدادى خليفة له والناصر لدين الله سليمان وزيراً للحرب.
وفى التاسع من أبريل سنة 2011، ظهر تسجيل صوتى منسوب لأبى بكر البغدادى يعلن فية أن جبهة «النصرة» فى سوريا هى امتداد لدولة العراق الإسلامية، وأعلن فيها إلغاء اسمى «جبهة النصرة» و«دولة العراق الإسلامية» تحت مسمى واحد وهو «الدولة الإسلامية فى العراق والشام»، لكن «جبهة النصرة» رفضت الالتحاق بهذا الكيان الجديد، وينشط كل من التنظيمين بشكل منفصل فى سوريا.
وربما كان انفلات الوضع فى العراق وسوريا جعل أردوغان يتوهم أن ذلك سيتيح له العودة إلى الموصل التى خرجت منها تركيا فى اتفاق 1926 مع بريطانيا والعراق.
والموصل، أو محافظة الموصل، كانت تضم معظم إقليم كردستان الحالى، إضافة إلى أجزاء من محافظة نينوى الحالية. وهو ما يحقق حلماً تاريخياً لم يمت لدى العقل السياسى التركى، فأتاتورك قال للأتراك بعد التخلى عن الموصل إنه عندما تمتلك تركيا القدرة على استعادتها فستفعل، أما الرئيس الأسبق تورجوت أوزال فسعى إلى إرسال قوات تركية لاحتلال شمال العراق أثناء «حرب تحرير الكويت» لإنشاء فيدرالية بين أكراد العراق وتركيا، تستعاد خلالها الموصل ونفطها، لكن معارضة الجيش التركى ورئيس الحكومة حينها يلديريم آق بولوت حالت دون ذلك.
ونشير إلى أن هناك اتجاهاً أمريكياً للتركيز على منطقة المحيط الهادئ وعلى علاقات من نوع جديد مع أوروبا التى أصبحت واشنطن تتعامل معها من منطلق أنها القارّة العجوز التى عليها أن تتدبّر أمورها بنفسها، بما فى ذلك المشكلة الناجمة عن تدفّق اللاجئين السوريين بالآلاف على دولها.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، يُعتبر بلد مثل اليمن فى غاية الأهمّية بالنسبة إلى الأمن الخليجى، ورغم ذلك فاليمن ليس على قائمة الأولويات الأمريكية بأى شكل، رغم أن هناك سعياً عربياً لمنع سقوط اليمن وتحوّله إلى مستعمرة إيرانية.
نحن أمام حرب مكلفة جديدة، اندلعت على مساحة العالم. أسوأ ما فيها أنها جزء من حرب الظلال. ومعظم ضحاياها يسقطون دون أن يعرفوا سبب ذلك، وأخطر ما فيها أن الرد لا يضع أى اعتبار للقواعد، لأنها بالأساس حرب بلا إنسانية ولا أخلاق.
وأتمنى ألا تكون نسيت أن الرئيس الروسى نفسه، فضح أردوغان حسب تأكيدات مصادر عديدة وغيره من ممولى الإرهاب وداعميه، فى قمة العشرين، وكان ذلك هو السبب المباشر فى تهور المهووس التركى وإسقاطه للطائرة الروسية دون أن يضع فى اعتباره ما قد يترتب على ذلك من تداعيات.
ولعلك تتذكر أن بوتين أعلن على الملأ، خلال قمة «العشرين»، أنه سيسلم الحضور فى ختام الجلسة بيانات وأرقاماً موثقة تكشف وتفضح الدول والأشخاص المتورطين فى تمويل التنظيمات الإرهابية.
ولعلك تتذكر أيضا أن تنظيم «داعش» عندما أطلق سراح الرهائن الأتراك الـ49 تحدث أردوغان عن «عملية إنقاذ
نفذتها القوات الخاصة» لكن داود أوغلو قال وقتها: إن تركيا لم تدفع أى فدية ورفض الكشف عن تفاصيل العملية وأشار إلى أن المخابرات حاولت 6 مرات تحريرهم لكنها فشلت، ومنع الرهائن من الإدلاء بأية تصريحات. ووقتها بدا واضحاً أنه لم تحدث أى عملية عسكرية لتحريرهم.
ووقتها، كشفت تعليقات الصحف التركية الغطاء عن تعاون تركى عميق مع «داعش»، فذكرت جريدة «جمهورييت» مثلاً أن القنصل التركى فى الموصل كتب إلى وزارة الخارجية محذراً من أن الأوضاع فى المدينة تتجه إلى الأسوأ، فى ظل الحديث عن تقدّم حثيث لتنظيم «داعش» بات يثير القلق، وكان رد الخارجية مدهشاً ومفاجئاً بقوله «إن داعش ليس خصماً لنا».. وهى الرواية التى أكّدها بولند أرينج موضحا أن المخابرات التركية كانت على علم بما يجرى التحضير له فى الموصل، وأنه سبق لـ«داعش» أن حصل على 5 ملايين دولار فى مقابل الإفراج عن 31 من سائقى الشاحنات التركية كان قد احتجزهم فى نينوى!
الرواية التى أجمعت عليها التصريحات هى أن أردوغان وافق على عملية مقايضة عندما قدّم 49 دبابة وكميات كبيرة من الذخائر فى مقابل الإفراج عن 49 رهينة تركية، وتبيّن أيضاً أن المفاوضات التركية مع «داعش» أدت إلى إفراج أنقرة عن القيادى البارز فى هذا التنظيم وهو الشيشانى المدعو شندريم رمضانى الذى يحمل جواز سفر سويسرياً، وكان قد اعتقل فى أضنة بعد دخوله من سوريا واشتباكه مع القوات التركية حيث قتل 3 منهم!
وأمام طوفان الاتهامات التى نشرتها الصحف التركية والعالمية لأردوغان، وبعد بث شريط مصوّر يظهر فيه قطار تركى يحمل دبابات وذخائر قيل إنها أرسلت إلى «داعش»، لم يتردد أردوغان فى القول: «حتى إن حصلت مقايضة، فالمهم بالنسبة لنا هو إطلاق سراح الرهائن»!
ويمكنك الرجوع إلى تحقيق نشرته «واشنطن بوست» فى 14 أغسطس انتهى إلى أن الحكومة التركية فرشت السجاد الأحمر أمام تنظيم «داعش» وأن مدينة الريحانية التركية تحولت إلى مركز تجارى لعناصره! وكذلك جريدة «وورلد تريبيون» التى ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما أجرت تحقيقاً يثبت أن تركيا ضالعة فى تسليح المتطرفين منذ انفجار حركتهم وأن تنظيم «داعش» بدأ منذ مطلع 2013 يحصل على أسلحة ومعدات عسكرية عبر البوابة التركية ومن خلال تجار أتراك وأن كميات كبيرة وصلت إليه من رومانيا وبلغاريا وكرواتيا!
وما من شك فى السنوات الثلاث الماضية، شهدت انتقال الإرهابيين الأجانب وتدفقهم عبر الحدود التركية السورية، ومنها إلى العراق وأن تركيا سلّحت وموّلت وسهّلت تنقل «الإرهابيين» عبر مناطقها الجنوبية إلى الشمال السورى. حتى بات من نافلة القول إنه لولا تلك الرعاية لما كان «داعش» يتمتّع بالقوة التى مكّنته من الاستيلاء على تلك المساحة الشاسعة بين سوريا والعراق.
تركيا، وهى تدعم داعش، لا تفعل ذلك من نفسها أو لنفسها أو تحقيقاً لمصالحها فقط، بل تنفيذاً لأوامر أمريكية، والثابت أو ما بات فى حكم المؤكد هو أن الولايات المتحدة على رأس قائمة المتورطين فى صناعة «داعش»، وهناك وثائق عديدة تناولنا بعضها فى أعداد سابقة، ووثائق أخرى تتكشف كل فترة بأسماء دول، وشركات كبرى (لها وكلاء فى الداخل) تجعلنا أمام «مؤامرة كبرى» على المنطقة، وليس مجرد تنظيم إرهابى!
الحادث الآن، هو أن أردوغان يمرّ بمرحلة مفصلية من تاريخه السياسى، وتاريخ بلده، بعد أن عاش لمدة طويلة بين جدران «نظرية المؤامرة»، مستعدياً الداخل والخارج. بدأها بالسيطرة على الجيش وأجهزة الأمن والقضاء والإعلام، بالتزامن مع شن حملات اعتقال لم تتوقف منذ أكثر من سنتين! وهى السياسات التى يمكن وصفها بالخوف والارتياب الزائدين.
خوف وارتياب زائدان، وقد يدفعانه بعد مرحلة الجنون التى وصل إليها أن يهدم المعبد على من فيه.. ما يعنى أن يربط نهايته بنهاية تركيا نفسها!