الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:52 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:أسرار أبشع جريمة فى عهد «السيسى» من قتل جوليو ريجينى؟!

ياسر بركات يكشف
قصة الـ6 مليارات دولار التى تسببت فى الجريمة!
- ماذا جرى فى لقاء السفير الإيطالى ماوريتسيو مع المهندس طارق قابيل يوم 25 يناير؟
- فيدريكا جيدى تغادر القاهرة.. و7 قيادات إيطالية وصلت لمتابعة التحقيقات
- الخيوط السرية بين مقتل الشاب الإيطالى والصحفية جوليانا التى تعرضت لإطلاق النار من مدرعة أمريكية
- التضارب بين تاريخ الوفاة وظهور الجثة يثير الجدل حول دور المخابرات
الشاب الإيطالى، البالغ من العمر 29 عاماً، طالب دكتوراه فى جامعة كامبريدج البريطانية، جاء إلى القاهرة منذ أربعة أشهر لدراسة أوضاع النقابات العمالية فى مصر بعد الثورة، ويعمل باحثاً زائراً فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وبعد مرور حوالى 10 أيام على اختفائه، تحديداً مساء الأربعاء 3 فبراير، تم العثور على جثة ريجينى بمدينة السادس من أكتوبر، قبل أن تعلن السلطات المصرية، عن تلقيها بلاغاً من مواطنين يفيد بالعثور على جثته ملقاة فى منطقة حازم حسن فى مدينة السادس من أكتوبر، وجاء فى التقرير الأولى لمصلحة الطب الشرعى وجود كدمات متفرقة فى جسد الشاب، وقطع فى الأذن، إضافة إلى آثار تعذيب ونزيف حاد وكسر فى الجمجمة، وهى إصابات حادة أحدثت نزيفاً داخلياً أدى إلى الوفاة.
فور اختفائه، رفضت وزارة الخارجية الإيطالية، الإدلاء بأية معلومات، بشأن الواقعة، غير أن وزير الخارجية الإيطالى، باولو جنتيلونى، أعرب عن أسفه لموت ريجينى «المرجح».. ولاحظ أن الوزير أعرب عن أسفه عن حادث موت لم يكن قد تأكد بعد!!
مزاعم كثيرة انتشرت وتم الترويج لها، وتم استغلال الحادث فى الدعاية السوداء ضد الدولة المصرية.. وتم استغلال العديد من وسائل الإعلام الإيطالية لبث السموم ضد مصر. جريدة «لا ستامبا» الإيطالية، مثلاً، زعمت يوم الجمعة، أن الطالب الإيطالى، جوليو ريجينى، كان على علاقة بأطراف من المعارضة السياسية فى مصر، وخطط لمقابلة مع نشطاء قبل خروجه ليلة اختفائه.
وادعت الصحيفة، فى التقرير الذى كان عنوانه «غموض بشأن وفاة جوليو: اعتقلته وقتلته الشرطة المصرية»، أن ريجينى كان يخضع لمراقبة الشرطة، واتهمتها باعتقاله وقتله بسبب علاقته بنشطاء سياسيين مصريين. وأضافت أن مصادر محلية كشفت لها أن الطالب شارك فى اعتصام ميدان النهضة بالجيزة، لتأييد الرئيس الأسبق محمد مرسى، وكانت الشرطة المصرية تعترض طريقه بشكل متكرر لأنه أجنبى وتربطه صلة بنشطاء من توجهات مختلفة.
هل بعد هذا التدليس تدليس؟!
ربما فات من دس تلك المعلومات الخاطئة على الجريدة الإيطالية أن جوليو ريجينى لم يكن قد جاء إلى مصر من الأصل وقت ما وصفوه باعتصام «نهضة مصر» وأن تلك البؤرة تم فضها قبل سنوات من بداية زيارته للقاهرة!
وهذا كاتب وصحفى فى إذاعة «راديو بوبولارى» الإيطالية اسمه «جيوسيبى أكونشيا»، قال إنه كان صديقاً لـ«ريجينى» وأن الأخير «أعرب له عن خوفه على أمنه الشخصى» فى بعض رسائل البريد الإلكترونى بينهما، وهو ما أرجعه «أكونشيا»، إلى «مشاركته فى مساعدة النقابات والحركات العمالية المستقلة» فى مصر، وبالتالى، «كانت له صلات بالمعارضة المصرية».
كما ذكر «أكونشيا»، فى مقابلته مع الإذاعة، شهادة لـ«صحفية مصرية» على واقعة إلقاء القبض على شخص أجنبى «داخل محطة مترو الجيزة»!!
الشهادة المزعومة التى ذكرها «أكونشيا» تخص خبراً نشرته الصحف المصرية يوم 24 يناير نقلاً عن اللواء خالد شلبى، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، ذكر فيه إنه جار التحقيق مع شخص يحمل جنسية أجنبية بعد إلقاء القبض عليه بدائرة قسم الجيزة بمنطقة البحر الأعظم. وأضاف شلبى أن قوات القسم ضبطته عقب تلقيها بلاغاً من أحد المواطنين بقيام شخص بالتحدث مع الشباب والمواطنين بلغة عربية ركيكة وبعض المصطلحات الأجنبية تبين أنه أجنبى، ويقوم بمحاولة استثارتهم وحثهم على النزول للاعتراض فى ذكرى ثورة 25 يناير، ما أدى إلى نشوب مشادات كلامية بينه وبين أحد المواطنين وعلى أثره تم إبلاغ قسم الشرطة وضبطه، وبمواجهة الشاب الأجنبى مع رجال مباحث القسم، نفى تحريضه الشباب على الاحتجاجات ضد الدولة، وادعى تنقله بين المناطق الشعبية فى مصر لمساعدته على تعلم اللهجة المصرية العامية، وتحرر محضر بالواقعة وأخطرت النيابة للتحقيق.
الخبر كما أشرنا، ونؤكد، نشرته الصحف يوم 24 يناير، غير أن عمرو أسعد وهو شاب مصرى كان صديقاً لريجينى أكد فى أقواله أمام جهات التحقيق أن ريجينى اختفى يوم الخامس والعشرين من يناير، بعد مغادرته منزله الواقع فى منطقة الدقى للقاء أحد أصدقائه فى وسط القاهرة، وأنه اتصل به فى اليوم ذاته ليهنئه بعيد ميلاده فكان تليفونه مغلقاً.
كذلك، رصدت كاميرات المراقبة فى مترو الأنفاق وجود الشاب فى اليوم ذاته فى إحدى محطات منطقة وسط القاهرة برفقة شاب مصرى.
وعلى خط الاصطياد فى الماء العكر، تساءلت جريدة الإندبندنت فى عنوانها: هل يمثل مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى أحدث جريمة قتل برعاية الدولة فى مصر؟
وزعمت الجريدة البريطانية أن مصر تتحول تدريجياً لتصبح دولة بلا قانون مضيفة أن الجثة التى كانت عارية النصف السفلى ومشوهة وجدت على جانب طريق الإسكندرية قرب أحد ضواحى العاصمة المصرية.
وأضافت أن الجثة كان يبدو عليها أثار أنواع مختلفة من التعذيب منها جروح بسبب الطعن بآلة حادة وكدمات شديدة وحروق متعددة فى الأذنين بسبب السجائر وتنقل عن ممثل النيابة العامة أحمد ناجى أن ريجينى «مات ببطء».
وبعد أن زعمت «الإندبندنت» أن من وصفتهم بـ«المتابعين للشأن المصرى» يعرفون أن السلطات شددت قبضتها خلال الفترة الماضية لتجنب اندلاع مظاهرات كبيرة فى الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير التى أطاحت بمبارك، نقلت عمن وصفته بـ«أحد أصدقاء ريجينى» أنه كان يسعى لمقابلة عدد من «نشطاء حقوق العمال» لكنه كان قد تعهد بعدم السعى لمقابلتهم فى تلك الفترة القريبة من 25 يناير وأن الخلفية السياسية للموضوع كانت مركز التحقيقات معه شخصياً بعد اختفاء ريجينى.
ثم أشارت الجريدة البريطانية إلى أنه بعد أيام من اختفاء ريجينى نشرت جريدة الأهرام الرسمية خبراً قالت فيها إن حملة أمنية مكثفة قامت باعتقال عدد من المصريين والأجانب فى منطقة الجيزة.
وهنا، نكرر مرة أخرى أن الخبر المقصود هنا، تم نشره يوم 24 يناير نقلاً عن اللواء خالد شلبى، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، ذكر فيه إنه جار التحقيق مع شخص يحمل جنسية أجنبية بعد إلقاء القبض عليه بدائرة قسم الجيزة بمنطقة البحر الأعظم، وأضاف شلبى أن قوات القسم ضبطته عقب تلقيها بلاغاً من أحد المواطنين بقيام شخص بالتحدث مع الشباب والمواطنين بلغة عربية ركيكة وبعض المصطلحات الأجنبية تبين أنه أجنبى، ويقوم بمحاولة استثارتهم وحثهم على النزول للاعتراض فى ذكرى ثورة 25 يناير، ما أدى إلى نشوب مشادات كلامية بينه وبين أحد المواطنين وعلى أثره تم إبلاغ قسم الشرطة وضبطه، وبمواجهة الشاب الأجنبى مع رجال مباحث القسم، نفى تحريضه الشباب على الاحتجاجات ضد الدولة، وادعى تنقله بين المناطق الشعبية فى مصر لمساعدته على تعلم اللهجة المصرية العامية، وتحرر محضر بالواقعة وأخطرت النيابة للتحقيق!!.. وأن عمرو أسعد وهو شاب مصرى كان صديقاً لريجينى أكد فى أقواله أمام جهات التحقيق أن ريجينى اختفى يوم الخامس والعشرين من يناير، بعد مغادرته منزله الواقع فى منطقة الدقى للقاء أحد أصدقائه فى وسط القاهرة، وأنه اتصل به فى اليوم ذاته ليهنئه بعيد ميلاده فكان تليفونه مغلقاً.
كذلك، رصدت كاميرات المراقبة فى مترو الأنفاق وجود الشاب فى اليوم ذاته فى إحدى محطات منطقة وسط القاهرة برفقة شاب مصرى!!
وبما أننا كررنا ما سبق وأكدناه، فلا مانع من أن نضيف بالمرة أن الشخص المقصود أو الذى يتحدث عنه الخبر كان يحمل الجنسية الأمريكية، وليست الإيطالية!
ثم كانت المفاجأة التى أعلنتها جريدة «المانفيستو»، ذات التوجه اليسارى، بأن ريجينى كان مراسلها فى القاهرة، لكنه كان يكتب باسم مستعار «خوفاً على سلامته الشخصية»!
كما قال سيمون بيرانى، محرر الشئون الخارجية بالجريدة الإيطالية، إن الصحيفة ستنشر يوم الجمعة، الخامس من فبراير، آخر مقال أرسله جوليو قبل اختفائه بأيام قليلة، مع توقيعه الحقيقى!!.. وهو ما حدث بالفعل، توماسو دى فرانسيسكو، الصحفى بجريدة «المنافيستو»، ذكر أنه فى بداية يناير، وبعد أن أرسل ريجينى مقاله الأخير بشأن «استئناف مبادرة النقابات العمالية المصرية»، شدد عدة مرات على ضرورة نشر مقاله تحت اسم مستعار.
بتاريخ الخامس من فبراير، نشر موقع «المنافيستو» مقال ريجينى الأخير، الذى احتوى بالفعل على انتقادات لاذعة للنظام المصرى والرئيس السيسى بالتحديد، كما ذكر ريجينى حضوره اجتماعاً خاصاً بـ«دار الخدمات النقابية والعمالية»، وهو كيان نقابى عمالى مستقل يضم أعضاءً من جميع أنحاء مصر، وتناول الاجتماع مناقشات حول توجه الدولة لمحاربة النقابات المستقلة وتهميش العمال.
اشتمل جدول أعمال الاجتماع أيضاً على وضع خطط للتحرك على المدى القصير والمتوسط، وقد كان الحضور كبيراً لدرجة أن البيان الختامى قد اختتم بتوقيع 50 جهة، تمثل تلك الجهات قطاعات من مختلف أنحاء البلاد، كما تجدر الإشارة إلى أن ذلك الكيان لم يجتمع منذ عام 2013، حسبما أوضح ريجينى فى مقاله.
المقال الذى كان عنوانه «فى مصر: حياة ثانية للنقابات المستقلة» تم نشره من قبل (فى ديسمبر الماضى) بتوقيع اسم آخر (مستعار) وزعمت الجريدة أن ذلك كان بناء على طلب ريجينى نفسه، غير أن الصفة التى سبقت الاسم الآخر أو المستعار هى «مراسل للجريدة بالقاهرة»!
يبدأ المقال باستعراض الوضع العام فى مصر وانتقاد هيمنة الدولة والارتفاع المهول فى قوة الشرطة والجيش بشكل غير مسبوق فى تاريخ البلاد، وأجواء القمع خاصة ما يتعلق بحرية الصحافة، لكنه يستدرك أنه رغم ذلك «فالنقابات المستقلة ترفض أن تستسلم».
ويعرض الباحث لاجتماع جرى مؤخراً (وقت كتابة المقال) فى مركز الخدمات النقابية والعمالية وشكل القاعة التى رغم مقاعدها المائة لم تستوعب عدد الحضور الكبير من كل المحافظات، وأجواء الهمة التى سادت لتوزيع العمل النقابى على مستوى الجمهورية، وكان من ضمن ما نوقش وهوجم إصدار مجلس الوزراء، بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى كتاباً دورياً يدعو الوزراء لقصر التعاون الوثيق على الاتحاد العام لعمال مصر والنقابات الرسمية دون غيرهما، واعتبر الباحث أن هذه محاولة واضحة لتحجيم الحركة المستقلة لعمال مصر.
ويشير للمشاركة الواضحة للنساء فى الاجتماع والعمل النقابى، والاحتفاء الذى قوبلت به كلمات بعض النقابيات والناشطات.
وفى موضع آخر يشير المقال لتفتت الحركة الوليدة (بعد استعراض لنشأتها واتساعها عقب انتفاضة العام 2011) وكيف أن بعضها لم يعقد جمعيات عمومية منذ عامين، ويُرجع هذا لمحاولات السيسى وحكومته إضعاف النقابات الجديدة، وينقل عن البعض «أسفهم لهذا، والدعوة للعمل معاً، بغض النظر عن الانتماءات».
ورغم أن اجتماعاً كالذى يستعرضه الكاتب لم يكن ممثلاً على مستوى الحضور لكل النقابات المستقلة فإنه بنهاية اللقاء «كان هناك 50 قد وقعوا على عريضة مشتركة»، وناقش الحضور أموراً تهم النقابات المصرية ككل، مثل قانون 18 لعام 2015، الخاص بالعاملين بالدولة، وكان محل جدل فى الأشهر الأخيرة، كما ناقشوا كيفية مساندة العمال الذين يلاقون تعسفاً فى مصانع ومحافظات مثل السويس والمحلة وغيرها.
يبدى الكاتب ملاحظة على النبرة الحماسية أو العاطفية لبعض الحضور وتكرار عبارة مثل «ماذا نحن فاعلين غداً؟!» فيما يرى أهمية وجود خطط آنية قصيرة ومتوسطة الأجل. كما أشار لدعوة البعض لاجتماعات عمومية أو لقاءات موسعة تستلهم أجواء (وربما نفس المكان) التحرير فى عام 2011.
هناك سوء نية بالطبع فى إعادة نشر المقال الذى سبق نشره باسم مستعار، هذا إذا سلّمنا أو إن صدقّنا أن ريجينى كان هو نفسه مراسل جريدة المنافيستو بالقاهرة!
ونضيف هنا أنه فى اليوم الذى اختفى فيه جوليو ريجينى، كانت جريدة المنافيستو تنشر له تقريراً يهاجم فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى وتتهمه بأنه «خان» الشهداء الذين سقطوا فى الثورة التى أطاحت بنظام حسنى مبارك، وعمل بالمقابل على إعادة منظومة القمع والاستبداد القديمة ذاتها، وسط صمت تام من بعض وجوه النخبة المثقفة المصرية، الذين يبررون موقفهم بأن السيسى رغم كل مساوئه أفضل من الإخوان.
وجاء فى التقرير أن الأغلبية الساحقة من النخبة المثقفة فى مصر تلتزم الصمت، على غرار الكاتب علاء الأسوانى، وكل من يتجرأ على انتقاد النظام يتعرض للقمع والإسكات، حتى أصبحت مصر بعد خمس سنوات من ثورة 25 يناير التى أسقطت نظام حسنى مبارك، دولة استبدادية ودكتاتورية بمعنى الكلمة.
وأضاف التقرير أن ما وصفه بـ«النظام العسكرى» الذى حكم مصر بعد ما وصفه بـ«الانقلاب العسكرى» على محمد مرسى فى صيف 2013، «فرض سيطرة تامة على النخب كافة، وقضى على مناخ الحرية فى البلاد، ورغم ذلك فإن علاء الأسوانى الذى كان فى السابق معارضاً لحسنى مبارك، والذى ساند فى الانتخابات الرئاسية فى سنة 2012 المرشح اليسارى حمدين صباحى، يساند الآن هذا النظام العسكرى ويعتبره أقل سوءاً من نظام حكم الإخوان المسلمين، ويعتبر أن هذا مبرر كاف للانقلاب الذى أطاح بمحمد مرسى، الرئيس المنتخب فى أول انتخابات ديمقراطية فى تاريخ مصر، والحكم عليه بالإعدام، وقتل المئات وربما الآلاف فى اعتصام رابعة العدوية؛ لأنهم ساندوا الشرعية ووقفوا ضد الانقلاب.
واعتبرت الصحيفة أن مصر اليوم تعيش تحت دكتاتورية مقنعة، بعد أن نجحت فى القيام بمسرحية الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التى جرت فى ظروف أسوأ من عهد مبارك.
بعيداً عن قصة جوليو ريجينى الذى قالت جريدة المنافيستو إنه كان مراسلها فى القاهرة.. وربما بالقرب منها، وجدتنى أتذكر حادثة شديدة الغرابة مازالت تثير العديد من علامات الاستفهام لم تنجح السنوات الطويلة التى مرت عليها فى الإجابة عنها أو كشف غموضها.. وبطلة الحادثة كانت أيضاً صحفية فى جريدة المنافيستو!
فى مثل هذا اليوم منذ 11 سنة، عادت الصحفية الإيطالية جوليانا زجرينا إلى روما، بعد اختطاف دام أكثر من شهر.
عادت جريحة، مصابة بطلق نارى، من مدرعة أمريكية، أودى بحياة ضابط المخابرات الإيطالى نيكولا كاليبارى الذى كان يفترض أن يؤمن عودتها سالمة، ووقتها تم الإعلان رسمياً عن أن إطلاق النار تم عن طريق الخطأ إلا أن كثيرين لم يقبلوا بذلك التفسير، على خلفية مواقف جوليانا المعلنة، والمعارضة للوجود العسكرى الإيطالى فى العراق، وانتقادها الشديد للدور الأمريكى هناك.
عودة جوليانا، فجرت جدلاً فى الأروقة السياسية، بعد استدعاء رئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكونى (وقتها) السفير الأمريكى فى روما، لتوضيح ما وصفه بـ«مثل هذا الحادث الخطير»، واضعاً العديد من علامات الاستفهام حول القصة بأكملها.
جوليانا زجرينا كانت قد وصلت إلى بغداد فى فبراير سنة 2003، وأصرت على البقاء رغم القصف الذى تعرضت له المدينة، وتم اختطافها بداية 2005 أثناء ذهابها للقاء عائلات عراقية فى الفلوجة، تقيم حول جامع المصطفى.
بعد اختفاء جوليانا زجرينا الغامض فى العراق، ظهرت فى شريط فيديو مسجل تطلب فيه المساعدة وتناشد القوات التى تقودها الولايات المتحدة مغادرة العراق، وذلك بعد أن أعلنت جماعة مسلحة أطلقت على نفسها «منظمة الجهاد الإسلامى» عن اختطافها.
فى ذلك التسجيل، طالبت جوليانا حكومة بلدها بسحب قواتها من العراق مقابل الإفراج عنها، وقالت وهى ترتجف وتبكى: «لابد أن تنهوا الاحتلال، هذه هى الطريقة الوحيدة لخروجى من الموقف الراهن، إننى أعتمد عليكم». غير أن مجلس الشيوخ الإيطالى بعد قليل من عرض هذا الشريط قام بالتصويت لصالح مد فترة بقاء القوات الإيطالية فى العراق!
قيل وقتها إن الهدف من عرض التسجيل كان أن يتزامن مع موعد تصويت البرلمان، خاصة أن تلك الجماعة كانت قد أعلنت فى سبتمبر 2004 عن أنها قتلت عاملتى إغاثة إيطاليتين، هما سيمونا توريتا وسيمونا بارى، لكن تبين فى وقت لاحق عدم صدق تلك المزاعم حين أطلقت منظمة أخرى سراح الرهينتين!
فى ذلك الوقت (فبراير 2005) كانت جوليانا هى ثامن شخص إيطالى يتم اختطافه فى العراق!!.. قبلها تم اختطاف صحفى إيطالى اسمه إنزو بالدونى، وتم قتله فى أغسطس 2004، كما تم اختطاف أربعة إيطاليين فى أبريل 2004 قتل الخاطفون أحدهم وأطلقوا سراح الثلاثة الآخرين!
جوليانا زجرينا صحفية يسارية تخصصت فى الشئون العربية.
ولدت فى فربانيا بالريف الإيطالى سنة 1948، ودرست بميلانو، والتحقت بجريدة «المنافيستو» سنة 1988، وخلال عملها بهيئة تحرير الأخبار الخارجية بالجريدة قامت بتغطية الحرب فى أفغانستان وجميع مراحل الحرب العراقية، وعندما اشتعلت الأحداث فى مدينة «الفلوجة» العراقية فى شهر يونيو 2004، وكانت جوليانا فى قلب الأحداث، استخدمت كلمة «مقاومة» فى وصف ما يجرى هناك، مخالفة بذلك كل الصحف الغربية والأمريكية تقريباً. وفى تقرير لها عن تلك الأحداث كتبت: «ما السبب الذى جعل من الفلوجة رمزاً للمقاومة ضد الاحتلال الأمريكى؟!.. إن ما جعل من مدينة المساجد تحتل هذه المكانة الشهيرة هى تقاليدها الدينية ومدرستها القرآنية ذات المذهب السنى، والتى أخرجت من بين صفوفها العديد من الزعماء الدينيين، وكان وصول الأمريكيين سبباً فى قلب هذا النظام المحافظ والصارم من جهة، ومن جهة أخرى، فإن غطرسة العالم الغربى كانت السبب فى القضاء على كل ما بقى من فرصة للحوار، إن جميع من حاورنا ينكر قطعياً وجود سلطة دينية أو سياسية تنظم عمليات المقاومة هذه، إنها عبارة عن مجموعات تنظم نفسها بشكل مستقل، على الرغم من أن هجمات بهذه النوعية وباستعمال البازوكا والمدافع الرشاشة والقنابل اليدوية تتطلب شكلاً من أشكال التنظيم، إن المزاعم القائلة بأن هذه المقاومة هى من تنظيم أنصار صدام حسين السابقين، وأن مدينة الفلوجة هى قلعة المقاومة للدكتاتور السابق، مزاعم يرفضها محاورونا تماماً».
لعلك تتفق معى على غرابة أن يتم اختطاف من كتبت ما سبق!
وستزداد الغرابة وسيزيد اندهاشك عندما تقرأ تقريراً آخر ننقل منه الفقرة التالية: «طالب جاك شيراك الصحفيين الفرنسيين ألا يذهبوا إلى العراق، وهو ما ردده وراءه وزير الخارجية الإيطالى جانفرانكو فينى، إن المهمة الإعلامية تزداد صعوبة بسبب تدهور الأوضاع فى العراق، لقد أصبح الصحفيون رهائن لكل هذه التأثيرات السلبية التى سببها الاحتلال العسكرى، والخصوصية التى اتصفت بها هذه الحرب· لقد تزايدت مقاومة العراقيين لهذه الحرب إلى درجة أنها شملت فى النهاية بين ضحاياها كل الأجانب الموجودين: من مقاولين وصحفيين وحتى عمال الإغاثة الإنسانية، إن التمرد على هذا المخطط مسألة خطيرة، ولكنها خطورة من الواجب السير فيها إذا ما رغبنا فى أن نطرح مستوى إعلامياً جيداً ولائقاً، وحتى لا تتحول علاقتنا بما يحدث إلى مجرد بلاغات عسكرية أو نشرات إعلانية».
إجمالاً يمكننا أن نقول إن مواقفها كلها كانت معارضة بشدة لموقف الحكومة الإيطالية، إلا أن رئيس الوزراء بيرلوسكونى لم يتوان عن التنسيق مع معارضيه من أجل إطلاق سراح زجرينا، بل وسارع بحشد الجهود الرسمية من أجل ذلك الهدف.
قيل وقتها إن خطة المخابرات الإيطالية سارت بشكل جيد، وإن عمليات التنسيق الناجحة بين الجهود المختلفة، أثمرت عن إطلاق سراح جوليانا، لكن بياناً للقوات الأمريكية فى بغداد خرج معلناً أن جنوداً أمريكيين قد أطلقوا النار على سيارة وأن تحقيقاً قد بدأ حول الحادث، وقال البيان: «أطلقت قوات التحالف المكلفة من جانب القوة المتعددة الجنسيات بالعراق النار على سيارة كانت تقترب من حاجز تفتيش خاص بقوات الائتلاف بسرعة كبيرة»، ثم أضاف: «كانت الصحفية الإيطالية المفرج عنها مؤخراً جوليانا زجرينا بين ركاب السيارة ويبدو أنها أصيبت».
لكن الذى لم يعلنه البيان هو أن المدرعة الأمريكية فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة على السيارة التى كانت تقل الصحفية، ومن كانوا بصحبتها من رجال المخابرات الإيطالية، ما أسفر عن مقتل نيكولا كاليبارى، وإصابة زجرينا فى كتفها، كما أصيب ضابط استخبارات إيطالى آخر بجروح!
فكان أن سارعت الحكومة الإيطالية بالتعليق، وقال بيرلسكونى، المعروف بتأييده القوى للغزو الأمريكى للعراق: لقد أصبنا بالصدمة.. وإن هناك تساؤلات مقلقة تحتاج إلى إجابات، وأضاف: إننا فى حالة فزع وصدمة بسبب مقتل ضابط المخابرات الإيطالى نيكولا كاليبارى، الذى قتل عندما كان يحاول حماية الصحفية زجرينا بجسده لدى تعرض السيارة لإطلاق النار، وقال من كان رئيساً لوزراء إيطاليا وقتها: إنه لأمر مؤسف، لقد كانت لحظة بهجة أدخلت السعادة على كل مواطنينا، ثم تحولت إلى ألم لمقتل شخص تصرف بشجاعة فائقة.
أما «جابريلى بولو» رئيس تحرير صحيفة المانفيستو، فامتدح شجاعة الضابط القتيل وقال: إن نيكولا كاليبارى هو الشخص الذى يجب أن يوجه إليه الشكر فى عملية تحرير جوليانا.
وأخيراً، عادت زجرينا إلى الأراضى الإيطالية على متن طائرة عسكرية، وتم نقلها فور وصولها إلى المستشفى وأجريت لها عملية بسيطة لاستخراج شظايا من كتفها.
ومن وقتها، أى منذ 11 سنة وإلى الآن، ظل السؤال المحير الذى يثير جدلاً كبيراً فى الأروقة الإيطالية هو: لماذا فتحت المدرعة الأمريكية النار على السيارة التى كانت متجهة إلى مطار بغداد؟ وهل كانت المخابرات الإيطالية تخطط لنقل جوليانا بصحبة عدد من رجالها إلى طائرة عسكرية دون تنسيق تام مع القيادة العسكرية الأمريكية؟ ولماذا حاول نيكولا كاليبارى حمايتها بجسده؟ هل كان على علم بأن هناك من يخطط للتخلص منها؟!
وعلى الرغم من أن الأسباب الحقيقية حول وفاة جوليو روجينى لاتزال غير معروفة، فإن الثابت والواضح وضوح الشمس هو أن الهدف من الجريمة هو الإضرار بالجهود المصرية الساعية لتصدير صورة الاستقرار للعالم، لجذب الاستثمارات الأجنبية والسياحة بعد سنوات من الاضطرابات والأعمال الإرهابية.
والتواريخ هنا مهمة..
والربط بين تاريخ احتفاء جوليو ريجينى وتاريخ إلقاء جثته فى طريق عام أيضا مهم.
ريجينى اختفى بحسب شهادات أصدقائه يوم 25 يناير الماضى.. وكان معروفاً أن وفداً من رجال الأعمال الإيطاليين سيزورون مصر خلال شهر فبراير، غير أن الموعد والتفاصيل لم يتم الإعلان عنهما إلا يوم 25 يناير الماضى حين أعلن المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، أن فيدريكا جودى وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية، ستزور مصر مطلع فبراير المقبل على رأس وفد يضم 30 شركة من كبريات الشركات الإيطالية العاملة فى مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، خاصة فى قطاعات الأثاث، الطاقة، والنقل، والكهرباء، والإنشاءات لاستعراض فرص الاستثمار بمصر خلال المرحلة المقبلة.
يومها، أى يوم 25 يناير، التقى قابيل مع ماوريتسيو مسارى سفير إيطاليا بالقاهرة ومسئولى شركة دى بولوينا الإيطالية المسئولة عن إعداد المخطط العام لمشروع المثلث الذهبى، لبحث الإعداد للزيارة، واستعراض أوجه التعاون الاقتصادى المختلفة بين البلدين، إلى جانب تحديد أولويات التعاون المشتركة خلال المرحلة المقبلة.
وقال الوزير إن الزيارة تأتى فى إطار التمهيد للقمة المصرية-الإيطالية المزمع عقدها خلال العام الجارى برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى وماتيو رينزى رئيس وزراء إيطاليا، لتؤكد حرص القيادات السياسية بكل البلدين على دعم وتعزيز العلاقات الثنائية، وبخاصة الاقتصادية والدفع بها لآفاق أرحب.
وأشار وزير الصناعة إلى وجود العديد من الفرص الاستثمارية المتاحة أمام الشركات الإيطالية للاستثمار فى مصر خلال المرحلة المقبلة، خاصة فى قطاعات الجلود، والأثاث، والصناعات المغذية للسيارات، والصناعات الصغيرة والمتوسطة والتى توليها الحكومة أهمية خاصة، وكذا فى إطار المشروعات القومية الكبرى مثل مشروع تنمية محور قناة السويس.
وأوضح قابيل أن اللقاء تناول مجالات التعاون المشتركة مع الجانب الإيطالى، خاصة فى إطار تجمع الصناعات الجلدية بمدينة الروبيكى والذى يجرى حالياً الانتهاء من مرحلتيه الأولى والثانية تمهيداً لنقل مدابغ مصر القديمة إلى الموقع الجديد، مع إتاحة المرحلة الثالثة من المشروع أمام المستثمرين، وهو ما يعد فرصة كبيرة أمام المستثمرين الإيطاليين للمشاركة فى هذا المشروع الضخم، مؤكداً أهمية المشروع لكل من مصر وإيطاليا والذى يسهم فى تطوير صناعة الجلود وزيادة قيمتها المضافة.
ولفت وزير الصناعة إلى أهمية الاستفادة من الخبرة الإيطالية فى إنشاء مدينة الأثاث الجديدة المزمع إقامتها بدمياط، خاصة فيما يتعلق بتوفير أحدث الماكينات المستخدمة فى هذه الصناعة من خلال التنسيق مع اتحاد مصنعى ماكينات الأخشاب الإيطالى، وكذا فى مجال تطوير صناعة السيارات والصناعات المغذية لها، إلى جانب التعاون فى مجال التدريب الفنى والمهنى من خلال إنشاء المزيد من المعاهد الفنية المتخصصة على غرار معهد (الدون بوسكو) والذى يعد قصة نجاح كبيرة فى ذلك المجال يجب تكرارها على مستوى مختلف المجالات التصنيعية فى مصر.
واستعرض اللقاء أبرز التطورات المتعلقة بإعداد المخطط العام لمشروع المثلث الذهبى الذى تقوم بتنفيذه شركة دى بولوينا الإيطالية، وأكد مسئولو الشركة قرب الانتهاء من إعداد المخطط العام للمشروع والمقرر عرضه بشكل نهائى خلال شهر فبراير المقبل، الذى يضم الفرص الاسثمارية المتاحة بالمنطقة ودراسات الجدوى الخاصة بكل منها، وخطة التحرك المقترحة لتنفيذ المخطط خلال المرحلة المقبلة.
وأكد الوزير أهمية الانتهاء من المخطط العام للمشروع فى أقرب فرصة، والذى من المقرر أن يعقبه عقد اجتماع موسع مع جميع الوزارات المعنية لتشكيل فرق العمل ووضع الخطوات التنفيذية للمشروع والذى من المتوقع أن يعمل على إحداث انتعاشة اقتصادية كبيرة فى المنطقة الواقعة بين كل من سفاجا والقصير وقنا نظراً لما تحتويه من ثروات تعدينية هائلة والتى فى حال حسن استغلالها تسهم فى زيادة القيمة المضافة لعدد كبير من الصناعات المصرية.
من جانبه، وفى اليوم نفسه، يوم 25 يناير الماضى، أكد ماوريتسيو مسارى سفير إيطاليا بالقاهرة حرص حكومة بلاده على زيادة أوجه التعاون المشترك مع مصر، لافتاً إلى أهمية الزيارة المرتقبة لوزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية لمصر والتى تسهم فى دعم وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية وتحقيق المزيد من التكامل الاقتصادى بين البلدين.
وأوضح السفير استهداف وفد الشركات الإيطالية من خلال الزيارة استكشاف أبرز الفرص الاستثمارية بمصر خاصة فى إطار مشروع تنمية محور قناة السويس، والقطاعات الحيوية والتى توليها الحكومة المصرية أولوية خاصة خلال المرحلة المقبلة، إلى جانب إستعراض أوجه التعاون المحتملة مع نظرائهم من الشركات المصرية.
أيضاً، فى 30 يناير، استقبل أشرف سالمان وزير الاستثمار، سفير إيطاليا بالقاهرة والوفد المرافق له، بحضور عدد من المسئولين بكل من وزارة الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وكان ذلك فى إطار الإعداد للزيارة المرتقبة لوزيرة التعاون الاقتصادى الإيطالية، والقمة المصرية-الإيطالية.
وتم الإعلان وقتها عن أن هناك مساعى من الجانبين المصرى والإيطالى لترسيخ التعاون وتقوية العلاقات السياسية والاقتصادية، والذى تعكسه الزيارات المتبادلة بين الجانبين على جميع المستويات.
كما شهد اللقاء بحث الترتيبات الخاصة باستقبال القاهرة أوائل الشهر المقبل لوزيرة التعاون الاقتصادى والتنمية الإيطالية على رأس وفد من كبار المستثمرين ورجال الأعمال الإيطاليين.
وأعلن السفير الإيطالى: إن البعثة الإيطالية مهتمة بالاستثمار فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة والصناعات الثقيلة والنقل ومشروعات تنمية محور قناة السويس وقطاع المنسوجات والتعرف على الفرص الجديدة، وأضاف أن البعثة التى سترأسها وزيرة التعاون الاقتصادى ستراجع الترتيبات النهائية للقمة المصرية-الإيطالية، وأشار وزير الاستثمار إلى اهتمام الحكومة المصرية بجذب الاستثمارات الإيطالية فى مختلف القطاعات وتنمية التعاون الاستثمارى استغلالاً للعلاقات المتميزة بين البلدين، مشيراً إلى أن وزارة الاستثمار من جانبها ستقوم بعرض التطورات التى شهدتها الساحة الاقتصادية على مدى العام الماضى والإجراءات الإصلاحية التى تم اتخاذها، بجانب طرح عدد من الفرص الاستثمارية والمشروعات.
كذلك، عقد وزير التجارة والصناعة المهندس طارق قابيل مؤتمراً صحفياً يوم 3 فبراير، عقب انتهاء جلسة مباحثات الوفدين المصرى والإيطالى والتى شارك فيها الدكتور أحمد درويش رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وخلال المؤتمر أكد وزير التجارة والصناعة، أن حجم التبادل التجارى مع إيطاليا وصل إلى 5 مليارات و180 مليون يورو طبقاً لأرقام 2014 منها 60% واردات من إيطاليا مقابل 40% صادرات مصرية وهى نسبة جيدة للبلدين نظراً لتاريخ الصناعة الإيطالية، وما تتمتع به من تكنولوجيا متقدمة.
وأشار قابيل إلى أن البلدين يستهدفان رفع حجم التبادل التجارى إلى 6 مليارات يورو خلال عامين وهو ما يتطلب تذليل جميع العقبات لتسهيل حركة تبادل التجارة البينية مع دعم مبادرة التجارة الخضراء والتى تستهدف زيادة تنافسية الحاصلات الزراعية المصرية وبالتالى زيادة صادراتها إلى إيطاليا وأوربا فضلاً عن التنسيق لإنشاء خط ملاحى سريع يربط الموانى المصرية بنظيرتها الإيطالية بما يسهم فى تسهيل نقل المنتجات تصديراً واستيراداً.
وقال إن الجانبين المصرى والإيطالى بحثا عدداً من فرص الاستثمار والتعاون فى مجالات التجارة وبعض المشاريع التى يمكن الاستفادة بالخبرات الإيطالية لدعمها.
وأشار إلى أن اجتماع الرئيس مع الوفد الإيطالى والذى استغرق نحو ساعة تناول تأكيد أهمية الإسراع فى تنفيذ أية اتفاقيات أو مشروعات يتم التوصل لها سواء خلال هذه الزيارة أو الزيارات السابقة للوفود الإيطالية لمصر.
وحول القطاعات التى ترغب مصر فى الاستفادة من الجانب الإيطالى لتطويرها قال قابيل: إنها تشمل قطاعات الرى والكهرباء والبترول والصناعة بوجه عام خاصة الرخام والأثاث والجلود، لافتاً إلى اتفاق الجانبين على تفعيل قرض إيطالى لمصر بقيمة صغيرة تبلغ 45 مليون يورو لتنمية صناعتى الأثاث والجلود ونقل التكنولوجيا والتدريب لتنمية الصناعات الصغيرة فى ضوء جهود الحكومة لنقل المدابغ لمدينة الروبيكى وإنشاء مدينة الأثاث بدمياط، لافتاً إلى أن هاتين المدينتين فرصة للتوسع فى هاتين الصناعتين وليس مجرد نقل للمدابغ.
وأضاف أن زيارة الوفد الإيطالى تعد زيارة استكشافية لمتابعة التباحث حول عدد من الملفات الاقتصادية وكذلك التحضير لزيارة رئيس الوزراء الإيطالى ماثيو رينزى للقاهرة للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى والمنتظر أن تتم الشهر المقبل.
غير أن ذلك كله تبخر!
ففور الإعلان عن العثور على جثة الطالب الإيطالى، ظهرت أجواء التوتر من الجانب الإيطالى، فقطعت وزيرة الصناعة فيدريكا جيدى زيارتها لمصر، وغادرت البلاد برفقة وفد من رجال الأعمال الإيطاليين، وقال مكتبها الإعلامى إنها طلبت من مصر بالنيابة عن الحكومة الإيطالية التحقيق فى وفاة ريجينى قبل عودتها إلى روما.
كما توجه السفير الإيطالى فى القاهرة إلى مقر مصلحة الطب الشرعى للتأكد من الجثمان ومتابعة القضية، فيما استدعت وزارة الخارجية الإيطالية السفير المصرى فى روما، وقال أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى باسم الخارجية المصرية، إن الاستدعاء كان لطلب مزيد من المعلومات والتفاصيل حول أسباب الوفاة، وطلب التعامل والتنسيق بين الجانبين (المصرى والإيطالى) لمعرفة أسباب الحادث فى أسرع وقت فى إطار علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين البلدين.
كما سعى سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، إلى تهدئة التوتر، فالتقى وزير خارجية إيطاليا على هامش المؤتمر الدولى للمانحين لسوريا، المنعقد فى لندن، وتمت مناقشة حادثة الوفاة وجرى الاتفاق على التعاون الكامل بين الجانبين لاستجلاء أسباب الوفاة فى إطار علاقات الصداقة بين البلدين.
روايات عديدة تم تداولها حول أسباب الوفاة وكيفية حدوثها، وجدل واسع حول ما إذا كانت هناك شبهة جنائية وراء مقتله من عدمه، إلا أن الرواية الحقيقية، ستتكشف خلال الأيام المقبلة، بعد انتهاء التحقيقات، التى يشارك فيها خبراء إيطاليون، بناءً على طلب حكومتهم، حسبما أعلنت صحيفة «إيلفيلينو» الإيطالية.
وبالفعل، وصل إلى القاهرة وفد أمنى إيطالى قادماً من روما فى زيارة لمصر تستغرق عدة أيام يتابع خلالها التحقيقات الجارية لمعرفة ملابسات مصرع الشاب الإيطالى.
الوفد وصل على رحلة مصر للطيران رقم 792 والقادمة من روما ويضم ٧ من كبار المسئولين الأمنيين، والتقى عدداً من المسئولين الأمنيين لمتابعة التحقيقات الجارية وظروف العثور على جثمان الشاب الإيطالى تمهيداً لمشاركته وتنسيقه مع السلطات المصرية المعنية فى متابعة عمليات البحث الجنائى وكشف خيوط الجريمة. وهو ما يعنى بوضوح أن التحقيقات ستتم بشفافية وموضوعية وتعاون كامل مع إيطاليا فى ظل تفهمنا لما تمثله قضية مصرع الطالب الإيطالى من أهمية بالنـسبة لجميع الدوائر الإيطالية الرسمية والشعبية.
والثابت هو أن الحكومة المصرية تتعامل بجدية وموضوعية كاملة مع القضية وتُبدى أقصى درجات التعاون مع الحكومة الإيطالية، إضافة إلى أن الوفد الإيطالى سيتابع التحقيقات فى ملابسات مصرع الشاب فى ظل الرغبة المشتركة فى الكشف عن الجناة.