ياسر بركات يكتب عن: «دوج ناكوين» الأمريكى الغامض: مهمتى إسقاط نظام السيسى!
src="//pagead2.googlesyndication.com/pagead/show_ads.js">
المصريون تحت المراقبة
فضائح جواسيس «الفيس بوك»
- «بريزم».. حكاية البرنامج الذى يفتح غرف النوم أمام الـ «CIA»
- مؤسس ويكليكس: «ياهو» و«جوجل» واجهات لأجهزة المخابرات!
دول الاتحاد الأوروبى تحاول الإفلات من سيطرة المخابرات الأمريكية عليها عبر جوجول وشبكات التواصل الاجتماعى.. وقد تجبر شركات التكنولوجيا الكبرى وعلى رأسها «فيسبوك» على القيام بتغييرات جذرية فى الطريقة التى تتعامل بها مع بيانات المستخدمين.
قبل أسابيع، قضت محكمة العدل الأوروبية، بحظر تسليم تلك البيانات إلى السلطات الأمريكية، وحكمت ببطلان اتفاقية «الملاذ الآمن» التى كانت تسمح لـ«فيسبوك» وشركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى بنقل بيانات المستخدمين (كل بيانات المستخدمين) لأجهزتها فى الولايات المتحدة.. وهى الاتفاقية نفسها التى استغلتها أكثر من 4 آلاف شركة، تتقدمها جوجل وأمازون!
حكم محكمة العدل الأوروبية أو المحكمة العليا للاتحاد الأوروبى، صدر لصالح ماكس شريمز، طالب الحقوق النمساوى، الذى كان قد اشتكى من طريقة نقل فيسبوك للبيانات الشخصية إلى خوادمها فى الولايات المتحدة، مستنداً إلى وثائق سربها إدوارد سنودن، موظف وكالة الأمن القومى الأمريكية السابق، تثبت مشاركة شركات التكنولوجيا الكبرى فى عمليات تجسس شامل لصالح أجهزة المخابرات الأمريكية. وجاء الحكم ليكون بمثابة ضربة كبرى لعمليات التجسس أو المراقبة العالمية التى تقوم بها الولايات المتحدة، والتى تعتمد فيها اعتماداً كبيراً على شركاء من القطاع الخاص، إذ كانت اتفاقية «الملاذ الآمن» التى تم توقيعها منذ 15 عاماً، تسمح للشركات الأمريكية بنقل بيانات المستخدمين إلى الولايات المتحدة.
فى حيثيات بطلان الاتفاقية، ذكرت محكمة العدل الأوروبية أن العلاقة الضبابية بين طرق جمع البيانات والأمن القومى الأمريكى تنتهك خصوصية المواطنين الأوروبيين الذين يتم نقل بياناتهم خارج البلاد، وأن هذه الاتفاقية تركت هذه العمليات، واسعة النطاق، لشركات التكنولوجيا الأمريكية على أرضية قانونية هشة.
منتقدو هذا الحكم، وعلى رأسهم «بينى بريتزكر»، وزير التجارة الأمريكى، زعموا أنه سوف يعرّض الاقتصاد الرقمى عبر الأطلنطى للخطر وسيكلف الشركات الأمريكية مليارات الدولارات. وأن هناك خطراً كبيراً ما وصفوه بـ«فرض الحجر» على البيانات الشخصية داخل أوروبا، سيخلق ما أطلق عليه «إريك شميت»، الرئيس التنفيذى لألفابيت «جوجل سابقاًَ»، إنترنت داخلياً لكل بلد. وإذا حدث ذلك، وفقاً لـ«شميت»، فإنه سوف يتم تدمير أحد أعظم منجزات الإنسانية. ويقول المنتقدون أيضاً إن الاتحاد الأوروبى يتصرف من جانب واحد لحماية شركاته من المنافسة الأجنبية، حتى لو ألحق الضرر بالطبيعة المفتوحة والديمقراطية للإنترنت.
غير أن السبب الرئيسى لهياج الشركات الأمريكية والمسئولين الأمريكيين، هو أنهم اعتادوا دائماً وضع القواعد. على مدى السنوات الـ70 الماضية، منتظرين أن يقوم الجميع بالتنفيذ دون نقاش للعواقب أو حجم المخاطر، التى جعلت الولايات المتحدة تقوم منفردة بتشكيل النظام العالمى للمعلومات والاستثمار والتجارة العابرة للحدود. وهذه القواعد التى صارت تشكل الضوابط والأولويات للدول الأخرى هى التى منحت القوة المبالغ فيها للولايات المتحدة الأمريكية، اقتصادياً ومعرفياً ومخابراتياً!
فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر، بدأت الولايات المتحدة فى استغلال هذا الترابط، مستغلة قوتها الاقتصادية كأداة للأمن القومى. وعلى الرغم من الدعوة إلى التدفق الحر لرؤوس الأموال، استخدمت منهج العقوبات لإلزام البنوك الأجنبية والمؤسسات المالية بعزل الشركات والأفراد والدول غير المرغوبة من النظام المالى الأمريكى. وعلى الرغم من أنها كانت تشجع فى العلن الإنترنت المفتوح والآمن، فإنها دعمت ضرب هذه العلنية بتشجيع تشفير الاتصالات عبر الإنترنت وفرض نظم مراقبة دولية واسعة بالتعاون من حلفائها المقربين، وأولهم بريطانيا.
باختصار، تمكنت الولايات المتحدة من تحويل اعتماد العالم على اقتصادها إلى أداة للتأثير والتجسس على بقية دول العالم، وهى الاستراتيجية التى تعدت حدودها، وجاء حكم إلغاء اتفاقية الملاذ الآمن ليوضح بقوة أن واشنطن فى حاجة إلى الاستيقاظ والنظر فى تكاليف هذه الاستراتيجية. خاصة أن الولايات المتحدة عندما تستخدم ثقلها الاقتصادى العالمى لتعزيز قدراتها المخابراتية، فإنها تجعل من المستحيل على الدول الأخرى استبعاد سوء النية فى أنشطتها الخارجية. وكان من الصعب على دول الاتحاد الأوروبى الرد بقوة، سواء بسبب القوة الهائلة للأجهزة الأمنية الأمريكية أو لأن الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى لديهم بالفعل ارتباط يصعب فكه مع القدرات المخابراتية والعسكرية والتكنولوجية الأمريكية.
ومع أن محكمة العدل الأوروبية ليس لها اختصاص على أنشطة وكالة الأمن القومى الأمريكية، فإنها تملك ولاية قضائية على العمليات الأوروبية مع الشركات الأمريكية. وهذا ما أوضحته المحكمة فى حيثيات حكمها بتأكيدها أن واشنطن تحاول الاستفادة من الترابط بين النظام العالمى لتحقيق الأهداف الأمنية الخاصة بها، وأن على الدول الأخرى ومحاكمها أن تقاوم تمركز الاقتصاد العالمى حول الولايات المتحدة.
وما من شك فى أن القدرة على الوصول إلى العالم، واحدة من الأدوات الفاعلة لمنظومة الهيمنة. وأن العولمة التى تقودها الولايات المتحدة أزالت العوائق أمام التدفق الحر للأموال والبضائع والمعلومات، بما صاحب إزالة هذه الحواجز من تكاليف سياسية ضخمة.. لكن هذه التكاليف لم تتحمل أعباءها غير الدول الأخرى، التى اضطرت لضبط قواعدها المحلية فى محاولة منها للاستفادة من الانفتاح الاقتصادى العالمى، فكانت النتيجة هى أن المستفيد الأوحد كانت أمريكا، التى أصبح مسموحاً لها إيجاد أسواق جديدة وبناء سلاسل التوريد الدولية المعقدة التى تؤدى إلى انخفاض تكاليفها.
وهو ما استفادت منه الشركات التكنولوجية الكبرى، مثل فيسبوك وجوجل واستغلت هذا الانفتاح وتحدت بشكل صارخ القواعد المحلية والوطنية فى دول العالم المختلفة.. الأمر الذى رفع من أهمية الدولار الأمريكى والسوق الأمريكية.
خلال السنوات الـ15 الماضية، مارست واشنطن هذه السياسة على نحو متزايد بوصفها سلاحاً، وتحكمت بذلك فى تشكيل قرارات حكومات غالبية دول العالم والشركات التى أصبحت تعتمد كلياً (تقريباً) على عملة الولايات المتحدة، إضافة إلى قطاع المعلومات. وبدلاً من أن تنشر الولايات المتحدة قواعدها وتفضيلاتها من خلال آليات السوق المعتادة، فإنها سخرت القوة لأسواقها وشبكات المعلومات التى تتحكم فيها لتحقيق أهدافها الأمنية والسياسة الخارجية، واستطاعت تطبيق العقوبات والتلاعب بخصومها اقتصادياً. وتدريجياً أصبحت الولايات المتحدة الآن تسيطر على التدفقات المالية وتدفقات المعلومات أيضاً. وصار بإمكانها تكبيد الخسائر للمؤسسات المالية الأجنبية إذا لم تتوافق مع القواعد الأمريكية.
إحدى هذه الاستراتيجيات أطلقوا عليها اسم «حرب الخزانة» وهى الحرب التى وضع قواعدها «خوان زاراتى»، مساعد وزير الخزانة الأمريكية لتمويل الإرهاب والجرائم المالية، فى عهد إدارة «جورج دبليو بوش». وتقوم هذه الاستراتيجية على قيام الولايات المتحدة بممارسة الضغوط على المؤسسات المالية الأجنبية لخدمة مصالح وكلاء واشنطن. وبموجب المادة 311 من قانون باتريوت الأمريكى، فإن وزارة الخزانة الأمريكية لديها القدرة على تصنيف أى مؤسسة مالية أجنبية باعتبارها «مؤسسة مشتبه فى تورطها بغسيل الأموال»، وهذا التصنيف يمكن أن يؤثر على قدرة البنك أو المؤسسة على العمل فى الولايات المتحدة ويسمح لواشنطن بممارسة الضغط على المؤسسات المالية العاملة فى الأسواق الأمريكية.
مثلاً، تم إجبار أحد الكيانات المالية التى تقع فى بلجيكا على الإفصاح عن كنز من المعلومات حول التحويلات المالية الإلكترونية فى جميع أنحاء العالم، وكسر قوانين الخصوصية المتبعة فى الاتحاد الأوروبى، وقد تم استغلال الترابط العالمى أيضاً من أجل دفع الحكومات الأجنبية إلى تغيير الممارسات المحلية حول قضايا لا يبدو أن لها علاقة بالأمن مثل السرية المصرفية، والرشاوى وغسيل الأموال. كما أن البنوك السويسرية، التى طورت أعمالها لمساعدة الأثرياء على تجنب دفع الضرائب فى دول العالم، وجدت نفسها فى بؤرة اهتمام سياسات الأمن القومى الأمريكية.
الغريب أنه عندما حاولت هيئات غير أمريكية تطبيق القواعد المحلية أو الوطنية التى تستخدمها شركات التكنولوجيا الأمريكية، اتهمتها الولايات المتحدة بأنها تحمل دوافع خفية. والمثال الأبرز على ذلك قيام الرئيس الأمريكى «باراك أوباما»، بتفسير الجهود المبذولة من الحكومات غير الأمريكية لحماية مواطنيها ضد الشركات الأمريكية بأنها سياسات حماية كاذبة. وقال فى حوار فى فبراير 2015 حول التحقيقات الأوروبية المتعلقة بفيسبوك وجوجل: «شركاتنا قامت بتأسيس الإنترنت وتطويره بطريقة لا يستطيع الأوربيون منافستها. وفى كثير من الأحيان فإن ما يتم تصديره على أنه مواقف سامية (حماية المستخدمين) لا هدف له غير تحقيق بعض المصالح التجارية».
أوباما قال ذلك، بينما شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، تواصل جمع المعلومات الشخصية المفصلة وتغذى بها دولة المراقبة الأمريكية. وحيث إن الدول الأخرى لا يمكنها توجيه الاتهامات المباشرة نحو وكالة الأمن القومى الأمريكية، فإنها تحاول الآن إجبار الشركات الأمريكية على تغيير أنظمتها.
وبفضل ما كشفه «إدوارد سنودن»، فإن الاستياء من الممارسات المخابراتية الأمريكية تحول إلى معارضة نشطة، بعد أن أظهرت ملفات «سنودن» أن الولايات المتحدة، جنباً إلى جنب مع حلفائها الرئيسيين، قد استغلوا نقاط الضعف التكنولوجية للتجسس على العالم، وجمع كميات هائلة من البيانات من الاتصالات الشخصية لمئات الملايين من البشر وتمشيطها من أجل الحصول على المعلومات الأمنية ذات الصلة. وهذا يعنى أن واشنطن التى أمضت سنوات فى الدعوة إلى الإنترنت المفتوح وأدانت المراقبة الرقمية التى فرضتها بلدان مثل الصين وروسيا قد استغلت هذا الإنترنت المفتوح لأغراض خبيثة، وكانت الولايات المتحدة تبشر علناً بالتدفق الحر للمعلومات، فى حين أن هذا التدفق كان يتم توجيهه سراً إلى خوادم وكالة الأمن القومى. وقد أيدت بشدة التوسع العالمى لشركات التكنولوجيا.
وبينما كانت الولايات المتحدة تدافع عن حق نشطاء ما يوصف بـ«الربيع العربى»، فى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى فيسبوك وتويتر، أجبرت تلك الشركات، بمنتهى الهدوء، على تسليم كل ما لديها من كنوز البيانات!
ولدينا بالفعل معلومات مؤكدة عن أن المخابرات الأمريكية «سى آى إيه» تراقب يومياً أكثر من 5 ملايين تدوينة قصيرة على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» فى المنطقة العربية وحدها، وأن مصر من أكبر الدول التى تتم مراقَبتها!!.. وهناك مركز خاص يقوم بأعمال المراقبة اليومية وعمل تقرير يومى بالتفاصيل وعرضها على الرئيس الأمريكى «باراك أوباما».
وإضافة إلى ذلك، فإن القيادة المركزية للجيش الأمريكى، التى تشرف على العمليات المسلحة الأمريكية فى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، تعاقدت مع شركة «كاليفورنيا» من أجل تطوير برنامج يسمح للمسئول الواحد من المخابرات الأمريكية بأن ينتحل 10 هويات إلكترونية مختلفة، وأن هناك برامج و«سيرفرات» خاصة لعدم كشف تلك الشخصيات الوهمية، وإظهارها على أنها شخصيات حقيقية تتناقش على «فيسبوك» و«تويتر»، وتنتمى أيضاً لمصر والعالم العربى؛ ما يعنى أن ينشر هؤلاء الأشخاص الوهميون من المخابرات الأمريكية أخباراً ومعلومات كاذبة تصب فى صالح أهداف أمريكية بعينها!
قاعدة «ماكديل» للقوات الجوية بالقرب من تامبا بولاية فلوريدا، مقر قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، هى مركز تلك الوحدة المخابراتية المعلوماتية، وفقاً لما جاء فى نص العقد بين الجيش الأمريكى وشركة «كاليفورنيا»، أما العملية فقد أطلقوا عليها اسم «الدمية».
والأرجح هو أن عملية «الدمية» قد تكون جزءاً من عملية أكبر اسمها «OEV»، تتعلق بالحرب النفسية وهى التى جرى تطبيقها فى غزو العراق سنة 2003. وسبق أن أشارت وكالة «أسوشيتد برس» (AP) الأمريكية فى نوفمبر 2011 إلى أن وكالة المخابرات الأمريكية أنشأت منذ أشهر قطاعاً جديداً فى مبنى صناعى فى ولاية فيرجينيا، يعمل به فريق من الخبراء أطلقوا عليهم اسم «أصحاب المكاتب الانتقاميون»، ويقوم هذا الفريق بمراقبة شبكات التواصل الاجتماعى وكل شىء يتوصل إليه الأشخاص علناً، ورصد أى معلومة تنطلق من هذه المواقع ومقارنتها مع الأخبار الصادرة فى الصحف ووكالات الأنباء والنشرات الإخبارية، وحتى التنصت على المكالمات التليفونية. ويتميز هذا الفريق بأنه يهتم بجميع المعلومات وبجميع لغات العالم، ويقدِّم تقريراً مخابراتيا بشكل يومى إلى «البيت الأبيض».
كما سبق أن أكد «جوليان أسانج»، مؤسس موقع «ويكيليكس»، فى حوار مع قناة «روسيا اليوم» فى فبراير 2012 أن موقع «فيسبوك» يعتبر من أكثر أدوات التجسس التى ابتكرها الإنسان رعباً فى تاريخ البشرية، وأكد أن أجهزة المخابرات الأمريكية يمكنها الحصول على معلومات عن أى مستخدم لمواقع الإنترنت الكبيرة فى أىّ وقت تريده، وأكد «أسانج» أن موقع «فيسبوك» يعتبر أكبر قاعدة بيانات خاصة بالبشر حول العالم، بما يحتويه من بيانات عنهم وعن أقاربهم وعلاقاتهم وأعمالهم وعناوينهم، والكثير من البيانات الأخرى، وأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يمكنها الاطلاع عليها والاستفادة منها على النحو الذى تراه مناسباً.
لم تقتصر تحذيرات «أسانج» على موقع «فيسبوك»، بل امتدت إلى مواقع أخرى كبرى فى عالم التكنولوجيا، كمحركى البحث «جوجل» و«ياهو»، بل وجميع الشركات الكبرى الأمريكية، حيث اعتبرها مجرد واجهات لوكالة المخابرات المركزية. غير أن مؤسس «ويكيليكس» أوضح أن تلك المواقع والشركات لا تدار بشكل مباشر من قبل وكالة المخابرات الأمريكية، بل يتم الضغط عليها فى أغلب الأحيان بصورة قانونية أو سياسية لتتعاون مع الوكالة وتعطيها البيانات التى تريدها.
وبوضوح، طالب «أسانج» كل البشر حول العالم بأن يدركوا أن الاشتراك فى «فيسبوك» يعنى تقديم معلومات مجانية لوكالات الأمن الأمريكية؛ لكى تقوم بإضافتها إلى قواعد بياناتهم التى يضعونها لجميع البشر على وجه الأرض.
هناك أيضاً مركز تكنولوجى مهم يقع فى مبنى متواضع بحديقة فى ولاية فرجينيا اسمه «Open Source Center»، يديره «دوج ناكوين» الذى سبق أن أكد أن المركز توقع قيام شبكات التواصل الاجتماعى بتغيير قواعد اللعبة فى المنطقة العربية وتقويض النظام فى مصر! وقال أيضاً إن المركز الذى يديره لديه خبراء يتقنون اللغات العربية، ويتابعون كل ما يدور على شبكات التواصل الاجتماعى ويخص الشرق الأوسط يومياً! وأن مواقع مثل «فيسبوك» و«تويتر» تتم مراقبتها يومياً وأصبحت مورداً أساسياً لمتابعة الأزمات التى تتحرك أحداثها بسرعة!
ما لدينا من معلومات يؤكد أيضاً حصول وكالة الأمن القومى الأمريكية على إذن دخول مباشر على أنظمة جوجل، فيس بوك، وغيرها من مواقع الإنترنت فى الولايات المتحدة، وهناك وثيقة سرية تثبت وجود برنامج لم يتم الكشف عنه يسمى «بريزم»، يسمح للمسئولين بجمع المواد بما فيها سجل البحث، ومحتوى رسائل البريد الإلكترونى ونقل الملفات والمحادثات الحية.
هذه الوثيقة التى تقع فى 41 صفحة عبارة عن برنامج خاص بتدريب عملاء المخابرات على قدرات البرنامج، الذى يجمع المعلومات مباشرة من خوادم مقدمى الخدمات الرئيسيين فى الولايات المتحدة. استناداً إلى تمكين وصول وكالة الأمن القومى للمعلومات الذى تم تفعيله بالتغييرات فى قانون المراقبة التى تم إقرارها فى عهد إدارة الرئيس السابق جورج بوش، وتم تجديد الموافقة عليها فى ديسمبر 2012. ومن الوثيقة نكتشف أن برنامج «بريزم» يوفر مراقبة متعمقة على الاتصالات المباشرة والمعلومات المخزنة.. أما تعديلات القانون فتسمح باستهداف أى عملاء فى الشركات المشتركة من خارج الولايات المتحدة، أو الأمريكيين الذين تشمل مكالماتهم أشخاصاً من خارج أمريكا.
الطريقة التى تستخرج بها وكالة الأمن القومى ما تريده من معلومات غير معتادة بحسب الوثيقة، تتمثل فى تجميع البيانات مباشرة من أجهزة الحاسب الرئيسية لمزودى الخدمات الأمريكية، مايكروسوفت وياهو وجوجل وفيسبوك وبالتوك وأمريكا أون لاين وسكايب ويوتيوب وأبل.
وأشارت إلى أن برنامج «بريزم» جرى إطلاقه من بقايا برنامج سرى لجورج دبليو بوش خاص بالرقابة الداخلية التى تتم بدون تصريح فى عام 2007 بعد أن أجبرت تغطيات وسائل الإعلام الإخبارية، وعدد من الدعاوى القضائية بشأن مراقبة المخابرات الأجنبية، الرئيس على البحث عن وسيلة جديدة لفرض سلطاته.
ومما يثير الدهشة أن جيمس كلابر، مدير أحد الأجهزة المخابراتية الأمريكية، حين تسربت تلك الوثيقة لوسائل الإعلام منتصف 2013 أصدر بياناً أعلن فيه أن «المعلومات التى يجرى تجميعها بموجب هذا البرنامج هى من بين أكثر المعلومات المخابراتية الأجنبية المهمة والقيمة التى نجمعها، ويتم استخدامها فى حماية دولتنا من مجموعة واسعة من التهديدات. إننا نشجب هذا الكشف -غير المصرح به- عن هذا البرنامج المهم والقانونى تماماً، إذ إنه يعرض إجراءات حماية أمن المواطنين الأمريكيين للخطر».
ومما يثير الدهشة أو السخرية، أن «توماس دى مايتسيره»، وزير الداخلية الألمانى حاول فرض أنظمة رقابة مماثلة على المدنيين فى بلده، كما حاولت وكالات المخابرات غير الأمريكية التى تعتمد على وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التقليل من الفضائح التى كشفها «سنودن» خوفاً من عزلهم عن برامج تبادل المعلومات المخابراتية مع الولايات المتحدة، ورغم ذلك، فإنه بسبب تعارض إجراءات الولايات المتحدة مع الحقوق الأساسية للمواطنين فى الخارج، فإنها أثارت حفيظة القضاة الذين يصعب تخويفهم مقارنة بالسياسيين!!.. وبالفعل، قامت محكمة العدل الأوروبية بإلغاء قانون يسمح لشركات الاتصالات الأوروبية بالاحتفاظ ببيانات العملاء لمدة تصل إلى عامين، ويرجع ذلك بشكل رئيسى إلى أن هذه المعلومات قد يتم تمريرها إلى خارج الاتحاد الأوروبى. والآن، ذهبت المحكمة خطوة أبعد، متحدية القاعدة الأساسية لنقل المعلومات الشخصية من الاتحاد الأوروبى إلى الولايات المتحدة.
وفى أعقاب الفضائح التى كشفها «إدوارد سنودن»، بدأ نشطاء فى أوروبا يستكشفون القنوات القانونية للحد من المراقبة الأمريكية، إلى أن أقام «ماكس سكريمز»، طالب القانون النمساوى، سنة 2013 دعوى قضائية فى أيرلندا ضد اتفاقية «الملاذ الآمن» وأكد أن فضائح تجسس وكالة الأمن القومى أظهرت عدم وجود نظام فعال لحماية البيانات فى الولايات المتحدة وأن اتفاقية الملاذ الآمن لا يمكن أن تحمى المواطنين الأوروبيين من المراقبة الجماعية.
المحكمة العليا فى أيرلندا وجدت أن ما كشف عنه سنودن يؤكد وجود انتهاك كبير لجزء من السلطات الأمنية، مع عدم اكتراث لخصوصية المواطنين العاديين. وأن حقوق حماية البيانات صارت مهددة بشكل كبير بسبب برامج المراقبة غير الخاضعة للرقابة. كما أشارت محكمة العدل الأوربية فى حكمها إلى النتائج التى توصلت إليها المحكمة الأيرلندية العليا والتى ربطت بين الوثائق التى كشف عنها «سنودن» وبين اتفاقية الملاذ الآمن فيما يتعلق بغموض قواعد جمع البيانات بالنسبة إلى القطاع الخاص وبرامج المراقبة العامة فى الولايات المتحدة. وانتهت المحكمة إلى أن متطلبات الأمن القومى والمصلحة العامة فى الولايات المتحدة تتغلبان على اتفاقية الملاذ الآمن، وأن الولايات المتحدة تتجاهل تعهداتها الملزمة فى هذا الصدد ولا تلتزم بالإجراءات الوقائية التى تتعارض مع مصالحها. وبالتالى فإن اتفاقية الملاذ الآمن يتم العبث بها من قبل السلطات فى الولايات المتحدة، الأمر الذى يمثل انتهاكاً للحقوق الأساسية للأفراد.
بشكل أكثر وضوحاً، يمكننا أن نقول إن واشنطن بتحويلها لشركات التكنولوجيا الأمريكية إلى أدوات مخابراتية، قد أضرت بشكل بالغ بسمعة هذه الشركات كما أنها تعرضها للوقوع تحت طائلة عقوبات العديد من الدول. ونشير هنا إلى أن أرباح هذه الشركات، التى تمثل حصة كبيرة فى الاقتصاد الأمريكى، تعتمد بشكل رئيس على التدفق الحر للمعلومات عبر الحدود.
وتأسيساً على حكم محكمة العدل الأوروبية، أعطت سلطات حماية البيانات الأوروبية واشنطن مهلة لبضعة أشهر لتنتهى من كافة إجراءاتها، لكنها هددت باتخاذ إجراءات صارمة إذا لم تقم الولايات المتحدة بإصلاح قواعد الخصوصية الخاصة بها قبل نهاية يناير 2016.
بمنتهى الوضوح، تم إجبار الولايات المتحدة على التوصل إلى ترتيب قانونى ملزم يضمن حقوق الخصوصية الأوروبية عن طريق الحفاظ على البيانات من عبث وكالات المخابرات الأمريكية. وإذا لم تقم الولايات المتحدة بتعديل قوانينها لحماية الأوروبيين، فإن الشركات الأمريكية على الأرجح سوف تكون مطالبة بوقف تدفق البيانات الخاصة بها وعدم الاقتراب من بيانات المستخدمين الأوروبيين؛ تجنباً لمواجهة عقوبات محتملة من سلطات مكافحة البيانات.
ولمحاسن الصدف، فإن الولايات المتحدة، وفى سياق تحقيق جنائى، تطالب الآن شركة «ميكروسوفت» بتسليم البيانات الموجودة فى مركز البيانات الخاص بها فى أيرلندا، بدلاً من أن تطلب تلك البيانات من خلال عمليات التبادل الحكومية الدولية، عبر قيام الحكومة الأمريكية بتقديم طلب رسمى بذلك إلى المسئولين فى أيرلندا!
يحدث ذلك، رغم معارضة الحكومة الأيرلندية وشركة ميكروسوفت نفسها التى تخشى أن تسهم هذه الخطوة فى المزيد من الإساءة إلى سمعتها. وهو ما دفع عدداً من عمالقة التكنولوجيا القوية، بينهم شركة آبل وشركة سيسكو سيستمز، إلى تقديم بيان إلى المحكمة الأمريكية دعماً لـ«ميكروسوفت» ورفضاً لموقف الإدارة الأمريكية!