الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:32 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: بالأسماء.. رجال أعمال متهمون بشراء 116 مقعداً فى مجلس النواب!

لوبى جديد يعيد مصر إلى فساد تسقيع الأراضى والقروض
«اللوبى» يسيطر على وسائل الإعلام ولا توجد جهة للمحاسبة!
سر المادة 39 التى استغلها أباطرة المال
ثروات النواب قبل الحصانة!
تقول بيانات أعضاء مجلس النواب إن 116 رجل أعمال فازوا بمقاعد، بنسبة 20% من إجمالى عدد الأعضاء، مقابل 18% فى برلمان 2010، وبعيداً عن التحالفات التى أرهقتنا متابعة تشكيلها ومشاكلها، تم تكوين تحالف غير معلن يضم غالبية رجال الأعمال قاموا بتكوين ما يشبه جماعة ضغط (لوبى)، تكراراً لما حدث فى برلمانى 2000 و2005. ولو لم ينتبه أعضاء المجلس وينجحوا فى التصدى لهذا اللوبى، سيشهد المجلس قيام رجال الأعمال بممارسة ضغوط لتمرير تشريعات تخدم مصالحهم، وتزيد من امتيازاتهم.
وهناك معلومات شبه مؤكدة عن بدء رجال الأعمال داخل المجلس لمخططهم بقضايا الضرائب، وطرق سدادها، وإجراء تعديلات على بعض مواد قانون الاستثمار الجديد.
نجح رجال الأعمال المليارديرات فى استغلال الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر وفاوضوا النظام مقابل الاستفادة من المشروعات الخدمية والسلعية التى يشاركون فيها.
شكا بعضهم من سيطرة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على مشروع قناة السويس.. وزعم بعضهم أن الجيش يحارب القطاع الخاص.. ثم فجأة تغيرت نغمتهم، فتحالفوا مع قائمة «فى حب مصر» ثم كانوا أصحاب الصوت الأعلى فى تحالف دعم الدولة الذى تغير اسمه إلى دعم مصر! والخلاصة أن نتائج الانتخابات جاءت لتثبت أن رجال المال سيطروا أو كادوا على البرلمان، وكانت تلك هى النتيجة الطبيعية لتجاوزهم سقف الإنفاق فى الدعاية الانتخابية لأنفسهم أو لمرشحيهم أو لقوائمهم.
كانت هناك أكثر من فرصة لكى يتطهر البعض من فسادهم القديم ويعتذروا عنه ويعيدوا ما نهبوه من المال العام، لكن يبدو أن أفكار رجال الأعمال لم تتغير بعد ثورتين ومازالوا يفكرون بنفس الطريقة.. تعودوا على تحقيق أرباح طائلة خلال عهود سابقة، بحصولهم على تسهيلات هائلة من الدولة لإطلاق مشروعات تم بناؤها على أسس فاسدة.. التسهيلات تركزت فى سعر الأرض وأسعار الكهرباء والغاز الطبيعى بالإضافة إلى تسهيلات القروض من البنوك. وبعض هؤلاء، للأسف، تصوروا أن أمامهم فرصة لتجديد فسادهم وتثبيت مواقعهم ويقفون ضد أى محاولة حقيقية للإصلاح. وتعمدوا تكوين إمبراطوريات إعلامية تحمى فسادهم، واستمروا فى إفساد وزراء ومحافظين، وفى شراء الذمم وسرقة الأراضى ونهب كل ما يستطيعون نهبه لمرات عديدة.. ومؤخراً، قاموا بشراء كراسى مجلس النواب.
وما يثير الدهشة وربما الغيظ، هو أن حزب الفساد يعرف كما نعرف جميعاً أن الدولة جادة فى محاربته. صحيح أن المعركة لن تكون سهلة، لكننا نعرف أن حسمها هو شرط الانتصار فى كل معاركنا، من الحرب على الإرهاب، إلى بناء مصر الجديدة والانتصار لثورتها، وغيرها من المعارك التى لن نتمكن من الانتصار فيها إلا باستئصال الفساد من جذوره.
والثابت هو أن الدولة لم تتدخل لتزوير العملية الانتخابية، سواء برفع نسب المشاركة أو الانحياز إلى طرف على حساب آخر، ولم يصدر عن أى من المرشحين اتهامات للأجهزة الحكومية بالتزوير لمصلحة أحد المرشحين أو الحشد له، بل تركزت الشكاوى على المعالجة الإعلامية لأسماء بعض المرشحين، بالإضافة إلى الرشاوى الانتخابية التى ظهرت بقوة، خاصة فى الساعات الأخيرة قبل إغلاق الصناديق.
أما رجال الأعمال فدخلوا إلى المجلس عبر بوابات الأحزاب أو مستقلين، ومن البديهيات أن الاستثمار سواء كان أجنبياً أو محلياً لن يأتى بالنيات الحسنة، وأنه يحتاج إلى تشريعات محفزة تيسر حركة الدخول والتخارج من السوق المصرى.
وبناء على ذلك، طبيعى أن يكون قانون الاستثمار الذى أصدره رئيس الجمهورية، على قائمة القوانين التى سيتم إقرارها، بعد إجراء عدد من التعديلات عليه، وتحديد الجهة المنوط بها تخصيص الأراضى لتكون هيئة التنمية الصناعية، مع التركيز على الأسعار، وعرفنا أن هناك اتجاهاً أو شبه اتفاق على تسعير الأراضى!!.. وهناك بالفعل من زعموا أن الأرض فى مصر أغلى منها فى الدول المنافسة، ضاربين المثل بـ«ماليزيا» التى يصل سعر المتر فيها إلى 6 دولارات!
قانون العمل أيضاً على قائمة أولويات رجال الأعمال وكثير منهم إن لم يكن كلهم يزعمون أن قانون العمل متحيز بالكامل للعامل على حساب صاحب العمل. وهناك أيضا قانون الشركات وأهم مقترحاته أن يتمكن المستثمر الأجنبى والمحلى من إنشاء شركة بمفرده، كما انتهى لوبى رجال الأعمال بالفعل من وضع قانون يتحدث عن حماية الدولة للاستثمار والمستثمرين وعدم اتخاذ إجراءات ضد المستثمر قبل صدور أحكام قضائية.
كنا من قبل قد توقفنا عند المادة 39 من قانون مباشرة الحقوق السياسية التى تنص على «فصل ملكية نائب البرلمان عن الإدارة خلال 60 يوماً من تاريخ اكتساب عضوية مجلس النواب»، وتوقعنا أن يتحايل رجال الأعمال الذين انتزعوا مقاعدهم البرلمانية على تلك المادة، وهو ما حدث بالفعل، وقام غالبيتهم بتقديم كافة الأوراق القانونية التى تفيد نقل إدارة أسهمهم وحصصهم بالشركات التى يملكونها عقب تسلمهم بطاقات عضوية مجلس النواب.
هذه المادة جاءت لتضع، للمرة الأولى، قواعد حاسمة لضمان عدم استغلال النفوذ وعدم التربح من عضوية البرلمان، بتضمنها أن يتنازل صاحب الأسهم إلى شخص يتعدى درجة القرابة الرابعة أو إلى شخصية اعتبارية، حتى يكون التنازل واقعياً وليس مجرد صورة على ورقة، وبقدر ما كانت صياغة المادة 39 واضحة ومحكمة ولا يوجد بها ثغرات تسمح بالتلاعب، بقدر ما كان التحايل أكثر إتقاناً!
وإذا كان من الطبيعى فى عالم السياسة أن تكون هناك علاقة بين رجال الأعمال والسلطة لأن نشاطهم لا يقام فى فراغ أو فى جزيرة منعزلة، ومن البديهى أن الاقتصاد لا يمكنه أن يعيش بمعزل عن السياسة، غير أن المعضلة أو ما تنتج عنه الأزمات هو طبيعة هذه العلاقة وشروطها.
وفى ظل غياب الشفافية قد تصبح تلك العلاقة مصدراً للفساد والإفساد، وتغيب الحدود الفاصلة بين المال العام والمال الخاص، بشكل يؤدى إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولدينا نماذج كثيرة لفاسدين نهبوا المال العام، واعتادوا الظهور فى وسائل إعلام تعرف عنهم الكثير وتتجاهله لالتقاء المصالح، فتمكنوا من الوصول إلى كثير من المواقع المهمة منها مجلس النواب ليستغلوه فى تحقيق مصالحهم الخاصة.
وخلال السنوات الأخيرة الماضية عرفت مصر تنامى أدوار رجال الأعمال وتصاعد نفوذ الكيانات المعبرة عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، وأصبح الوجود القوى لأصحاب الأعمال كنواب داخل البرلمان ظاهرة لافتة، خاصة مع تطبيق سياسات التحرر الاقتصادى والخصخصة وانقلاب الدولة على نمط الاقتصاديات المركزية التى تديرها المؤسسات الرسمية، وتفضيلها التدريجى للقطاع الخاص كقاطرة للنمو، وبالتزامن بدأت الكيانات التنظيمية لأصحاب الأعمال تلعب أدواراً مهمة فى صناعة القرار على كل المستويات وتحديداً المتعلق منها بالشأن الاقتصادى.
وبسيطرتهم على وسائل إعلام عديدة، أصبح بإمكان رجال الأعمال أيضاً التأثير فى مجريات ومضامين النقاش العام حول القضايا المهمة وكذلك لصناعة صورة نمطية أقل سلبية عن دورهم فى الحياة العامة فى مجتمعات كانت تنظر إلى رجال الأعمال باعتبارهم كائنات طفيلية أو مشاريع مستقبلية للصوص تحميهم السلطة.
صحيح أن فئة رجال الأعمال من الفئات المؤثرة فى أى مجتمع، ومن المنطقى أن توجد علاقة ما بين هذه الفئة وبين النظام السياسى، أقلها الضغط على المؤسسات السياسية لصنع القرارات التى تلقى قبولاً لدى رجال الأعمال أو لمنع صدور قرارات لا تتسق مع مصالحهم ورؤاهم، إلا أن النظام السياسى أو النخبة السياسية المؤثرة قد تسعى أيضاً إلى جذب رجال الأعمال إلى قلب النظام السياسى وربما لإغرائهم بأن يكونوا جزءاً من النخبة السياسية الحاكمة؛ وذلك لتحقيق مكاسب لكلا الطرفين. وهناك عدة عوامل تؤدى إلى زيادة قدرة رجال الأعمال على التأثير فى القرار السياسى يعود بعضها إلى رجال الأعمال أنفسهم، بينما يعود بعضها الآخر إلى سمات النظام السياسى الذى يسعى رجال الأعمال للتأثير عليه، ويعود بعضها الثالث إلى تأثير أطراف أخرى.
والسمة الغالبة هى أن مالكى رءوس الأموال يسعون للسيطرة على النظام السياسى لتدعيم نفوذهم، باعتبارهم جماعة ضغط أو أصحاب مصالح تسعى للضغط على صانعى القرار؛ لاتخاذ قرارات تتسق مع مصالحهم أو لمنع صدور قرارات ذات آثار سلبية على أنشطتهم.
ورجال الأعمال نوعان، نوع يستخدم أسلوب التمثيل المباشر داخل الأحزاب أو المؤسسات التشريعية، ونوع يلجأ إلى التمثيل غير المباشر من خلال وسطاء.
لدينا كثير من رجال الأعمال أصبحوا أعضاء فى السلطة التشريعية وفى المواقع القيادية بعدد من الأحزاب بشكل أتاح لهم فرصة التأثير المباشر فى صنع القرار والتمتع بالحصانة البرلمانية والاحتكاك المباشر بالوزراء وصانعى القرار.
أما من لجأوا إلى التمثيل غير المباشر من خلال وسطاء، فغالبيتهم من رجال الأعمال الذين لم يكونوا ثرواتهم من عرقهم بل من عرق الشعب!
ويكفى أن تتابع ردود أفعالهم مثلاً على الطلب الذى تقدم به النائب عبدالحميد كمال، لرئيس المجلس والأمانة العامة لإلقاء بيان عاجل حول «تهرب رجال أعمال من سداد 350 مليار جنيه سنوياً» لمصلحة الضرائب!
والطلب إذا لم تكن تعرف يأتى استناداً للمادة (134) من الدستور والمادة (197) من اللائحة الداخلية، أما الرقم (رقم الـ350 مليار جنيه) فمصدره أشرف العربى، رئيس مصلحة الضرائب السابق.
رجال الأعمال الوطنيون (وضع عشرات الخطوط تحت الوطنيين) يستطيعون تعويض البلاد عن الدعم الخارجى، برأس مال وطنى. والفرق كبير بين رأس المال الوطنى الذى يستهدف التنمية ورأس مال بعض رجال الأعمال الذى لا هدف له غير تحقيق الربح فقط، حتى لو تسببوا فى الإضرار بالصالح العام.
وما من شك فى أن رجال الأعمال حين كانوا متنفذين فى العهد السابق، صدرت قوانين كثيرة لصالحهم. وساد الفساد بالرشاوى والعمولات، وتغلبت المصالح الشخصية على المصلحة العامة. وتم تهريب أموال كثيرة إلى الخارج، خوفاً من أن يحدث أى تغير سياسى فى الداخل. وكانت السلطة فى العهد السابق تحمى رأس المال، ولا تسمح بالمساس به.
ويسيطر على الانتخابات الشكلية وعلى أصوات مجلس النواب، ويصبح رجال الحكم ورجال الأعمال وجهين لعملة واحدة. وتسن القوانين، وتصاغ الدساتير، ويُعين محافظو البنوك ورؤساء الشركات دفاعاً عن رأس المال.
والمؤسف، الآن، هو أن بعض رجال الأعمال قاموا بشراء السياسيين، طمعاً فى أن يصبحوا رجال سياسة نيابة عنهم، ليتحقق ما يُوصف فى كتب العلوم السياسية بـ«تحكم رأس المال فى السلطة»، بهدف إطلاق أيادى رجال الأعمال فى السوق ليوجهوها كيفما شاءوا.
والدور الجديد الذّى سيلعبه أصحاب رؤوس الأموال فى رسم المستقبل السياسىّ للبلاد من خلال مجلس النواب الجديد لن يقتصر قطعاً على شعارات حملاتهم الانتخابيّة أو القسم الذى أدوه بل سيكون لهم بالتأكيد تأثير على التشريعات القادمة وسياسات الدولة الاقتصاديّة وستكون المصالح الخاصة وحسابات الربح والخسارة هى محور الصراع فى الفترة المقبلة.
ومعروف أن حضور رجال الأعمال فى قلب السلطة التشريعية لم ينشأ من الفراغ أو العدم، بل سبقته العديد من الخطوات التى كرّست لتواجد أصحاب الثروات بشكل فاعل فى المشهد السياسىّ، بعد أن ارتضت الأحزاب أن تفتح الباب لهؤلاء للمشاركة الفعليّة فى الحياة السياسيّة، بشكل مباشر ومُعلن أو الاكتفاء بدور المموّل من وراء ستار!
كل المؤشرات تؤكد أن رجال الأعمال لم يكتفوا طوال الفترة الماضية بأن يلعبوا دور المتفرّج وأنهم سعوا بكل قوتهم إلى التواجد فى صلب العملية السياسية وجاءتهم الفرصة على طبق من ذهب ليكونوا مؤثّرين فى القوانين والقرارات الصادرة مستقبلاً من «مجلس النواب».
صحيح أن وجود رجال صناعة داخل البرلمان، يساعد على تسهيل عرض مشاكل الصناعة والاستثمار فى مصر، وإيجاد حلول سريعة لمشاكل التوسعات الصناعية والأراضى والضرائب.
وصحيح أن ذلك قد ينجح فى تحقيق حلم الشباك الواحد، لتسهيل تعامل المستثمر ودفع مجالات الاستثمار.
لكن هل يلتفت هؤلاء، مثلاً، إلى أن الاستثمار فى الصعيد يحتاج لتشريعات خاصة، تضم مجموعة من الحوافز التى تشجع على الاستثمار فى الصعيد، وإعفاءات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
بهذا الشكل، تكون المعركة القادمة حول تثبيت المواقع وضمان المصالح الماليّة والاقتصاديّة لكلّ طرف. وهى المعركة التى استعد لها رجال الأعمال مبكّرا، فسعوا إلى تحصين أنفسهم عبر التغلغل فى صلب السلطة التشريعيّة بعد أن حاولوا وفشلوا فى بسط نفوذهم على السلطة التنفيذية.
انظر حولك وستجد أن خمسة رجال أعمال على الأقل أصبحت لديهم كتل برلمانية، بعضها ظاهر وبعضها خفى، سنكتشفه بالممارسة أو وقت مناقشة قوانين بعينها أو حين تحدث أزمات ننتظرها!
مؤشرات عديدة تقول إننا مقدمون على المنطقة الخطرة.. المنطقة التى قد يحكم فيها عدد من رجال الأعمال قبضتهم على البرلمان بعد أن سيطروا على وسائل الإعلام والاقتصاد بالطبع.
انظر حولك وستجد أن لهم وسائل إعلام متنوعة من قنوات فضائية إلى صحف إلى مواقع إلكترونية تخوض معاركهم بالنيابة عنهم ويستخدمونها فى كثير من الأحيان بشكل غير مباشر (أو مباشر) ككارت ضغط ضد السلطة السياسية.
خلال البرلمانات السابقة كان هناك دور كبير لرجال الأعمال فى إفساد الحياة السياسية بتغليب المصالح الشخصية فوق المصلحة العامة وبالتالى ظلت هناك صورة سلبية لرجال الأعمال فى نفوس المصريين، الأمر الذى يضع على كاهل رجال الأعمال أعضاء البرلمان الحالى عبء تغيير هذه الصورة وأن يؤكدوا أن هناك الكثير من رجال الأعمال الوطنيين الذين يعملون للصالح العام ويؤدون واجبهم الذى ائتمنهم الشعب عليه من خلال اختياره لهم لتمثيله فى البرلمان، ونؤكد هنا أن رجال الأعمال جزء أساسى من الدولة وهناك علاقة متبادلة بينه وبين كل مؤسساتها فرجل الأعمال يسعى للمحافظة على استثماراته والمؤسسات تحرص على استمرار رجل الأعمال باستثماراته من أجل مصالح الدولة.
ونؤكد أيضاً أن لدينا بالفعل كثيراً من رجال الأعمال الوطنيين الشرفاء، الذين يتمتعون بالنزاهة. لكن لدينا أيضاً رجال أعمال يريدون تغليب المصلحة الخاصة لهم على المصلحة العامة.
غير أن علينا فى الوقت نفسه أن نؤكد مراراً وتكراراً أننا لا نريد أن يعود بنا الزمن إلى الوراء مرة أخرى ولا بد من أن يتعلم رجال الأعمال من أخطاء من سبقوهم حتى لا يتكرر ما حدث فى الماضى والذى مازلنا نعانى منه حتى الآن.
ولا أقل من إصدار قوانين تعيد توزيع الثروات التى تكونت بالفساد، كأن يدفع من استفادوا من قوانين نظام فاسد ضريبة استثنائية لصالح ملايين المصريين الكادحين الحقيقيين الذين أُضيروا من الفساد على مر العصور.
وجود 116 رجل أعمال فى مجلس النواب، قد يكون فرصه لتحسين وزيادة الاستثمارات وتوجيه الموارد بشكل أكثر تفهماً ووعياً.
ولا أجد حرجاً من لفت النظر إلى عدد من البديهيات، منها أن دور عضو مجلس النواب هو الرقابة على الحكومة، والحفاظ على المال العام، لا إهداره. والدور أكبر والمسئولية مضاعفة على رجال الأعمال، أعضاء المجلس، الذين عليهم أن ينسوا مصالحهم الشخصية ويضعوا نصب أعينهم المصالح العامة، وألا تكون عضوية المجلس بالنسبة لهم باباً للتربح وعقد الصفقات، واستخدام المعلومات للمضاربة فى البورصة أو فى عمليات الاستيراد والتصدير، أو بتعطيش السوق حين يعلمون مثلاً بوجود نية لرفع أسعار سلعة معينة ويقومون بتخزينها، وبعد ارتفاع أسعارها يقومون بطرحها فى الأسواق!
ومن البديهيات أيضاً، أن عضوية مجلس النواب، فى ظروف صعبة كهذه، ليست وجاهة اجتماعية أو فرصه للمضاربات وتحقيق الثروات، بل هى مسئولية تاريخية وتحقيق مطالب الناس ولو حتى الحد الأدنى منها، والضرب بيد من حديد على الفساد والفاسدين والمفسدين. والأهم سن قوانين نحتاجها فى كافة المجالات، الاجتماعية والاقتصادية.
وقبل ذلك وبعده، على أعضاء مجلس النواب، ورجال الأعمال منهم بشكل خاص، أن يدركوا أن الأنظار كلها دولية ومحلية تنظر وتنتظر بترقب أداء مجلس النواب الذى جاء بعد ثورتين، خاصة بعد رهانات كثيرة على أن هذا المجلس سيكون ساحة للخلافات والمهاترات والصراع على تحقيق المصالح الشخصية.
وأخيراً، نتمنى أن نرى نقاشاً هادئاً وحوارات مثمرة بين أعضاء المجلس من أجل الصالح العام، ويكفى ما حدث من مهاترات وتقطيع ملابس وتجريح شخصى، وعلى أعضاء مؤسسة التشريع والرقابة أن يدركوا طبيعة دورهم ومسئولياتهم ويستطيعوا تفادى الشر قبل وقوعه أو تطويقه إن لم يتمكنوا من ذلك حتى لا تمتد آثاره، وبغير ذلك لن يكون لدينا مجلس نواب قوى يحمى الوطن والمصالح العامة كما لن تستطيع الحكومة أن تقوم بدورها أو تضطلع بأعبائها.