ياسر بركات يكتب عن:الرئيس لا يملك حق إعلان الحرب على إثيوبيا!
البرلمان لم يعد مجرد مقعد وحصانة يا سادة
مطلوب إصدار 42 قانوناً وتعديل 132 قانوناً لتتوافق مع الدستور الجديد
- جمال حشمت يقدم فقرة كوميدية فى إسطنبول بحضور 100 شخص!
بينما أكتب هذه السطور، تكون وزارة الداخلية قد أنهت إجراءاتها لتأمين الجلسة، بخطة أمنية مُحكمة ترتكز على عدة محاور لتأمين مقر البرلمان والنواب، والضيوف الذين سيحضرون الجلسة الأولى ووسائل الإعلام التى ستنقل الحدث.
شارع قصر العينى تم إغلاقه بالحواجز الحديدية لتأمين وصول الضيوف، الذين سيكون من بينهم المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية السابق ورئيس المحكمة الدستورية العليا، والمهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء وعدد من الوزراء ورموز المجتمع.
التأمين بدأ من ميدان التحرير بعمليات مسح شاملة وبتعزيز أجهزة الأمن لتواجدها بميدان التحرير القريب من مقر البرلمان لفرض السيطرة الأمنية على المنطقة ومنع أية محاولات تخريبية، كما عززت أجهزة الأمن تواجدها بمخرج محطة مترو السادات، وأجرت عمليات مسح شامل لمحيط مقر البرلمان بواسطة أجهزة الكشف عن المواد المتفجرة وضباط المفرقعات والكلاب البوليسية لضمان عدم وجود أية مواد متفجرة أو قنابل تستهدف البرلمان.
ودفعت أجهزة الأمن بخدمات نظامية وبحثية، لضبط الشارع ومنع اقتراب أى أحد من مقر البرلمان عدا المسموح لهم بالدخول للمكان.
كما أجرت الأجهزة الأمنية عمليات تفتيش للشقق المفروشة المجاورة لمقر البرلمان وأسطح المنازل، وتم الكشف على أصحاب المحلات المجاورة سياسياً وجنائياً، وشددت أجهزة الأمن على القوات المشاركة فى عمليات التأمين بتوسيع دائرة الاشتباه الجنائى والسياسى.
وشددت على النواب، بعدم اصطحاب مرافقين لهم غير مسموح بدخولهم للبرلمان فى الجلسة والالتزام بالتعليمات وعدم السماح لأحد بترك سيارته بالقرب من السور الخارجى لمقر مجلس النواب.
وعلمنا أن هناك ترتيبات خاصة للتغطية الإعلامية، منها عدم السماح بدخول الإعلاميين والصحفيين عدا المسجلة أسماؤهم فى المجلس، ولدى الجهات المعنية والحاصلين على تصاريح دخول ومتابعة، واشترطت وجود كارنيه نقابة الصحفيين وبطاقة الرقم القومى للصحفيين المسموح لهم بمتابعة جلسات مجلس النواب.
أيضاً، تم تعيين خدمات أمنية لحراسة رئيس مجلس الشعب فور اختياره من قبل الأعضاء فى الجلسة الأولى، على أن ترافقه حتى منزله، باعتباره شخصية عامة.
بينما أكتب هذه السطور، يكون العد التنازلى قد بدأ لانعقاد أولى جلسات المجلس، الذى أتمنى ولعلنا نتمنى جميعاً أن يكون على مستوى آمال وطموحات الشعب، أو يصحح بأدائه الصورة المقلوبة التى حاولت عدة وسائل إعلام أن تظهره عليها طوال شهور، مستندة إلى وجود عدد من الأشخاص غير المرغوب فيهم بين الأعضاء، أو باقتناص تصريح من هذا وخناقة بين أعضاء أو تكتلات أو أحزاب!
مجلس النواب هو سلطة الدولة التشريعية، وله عدد من الاختصاصات نص عليها دستور 2014 الذى وضع فى يد البرلمان سلطات واسعة تجعله شريكاً مع رئيس الدولة فى اتخاذ القرارات وفى ذات الوقت رقيباً عليه، كما أن المجلس يأتى فى فترة تتسم بتطورات مهمة تشهدها البلاد على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، كما يأتى فى فترة تتصاعد فيها وتيرة الإرهاب الأسود سواء الموجه ضد القوات المسلحة أو ضد قوات الأمن أو ضد المواطنين العاديين والمرافق العامة، بالإضافة إلى أن المجلس يأتى أيضاً فى ظل ضغوط وتهديدات وتحديات سواء على المستوىين الإقليمى والدولى، وفى ظل محاولات يائسة لتهديد الأمن القومى المصرى، ويمكن القول إن هذه التحديات المختلفة والمتعددة الأبعاد والمستويات يترتب عليها ارتفاع سقف توقعات وطموحات المواطنين من مجلس النواب القادم، وربما يمكن تفسير ذلك بخصوصية المرحلة التى تمر بها البلاد، إضافة إلى خصوصية المجلس القادم بالذات باعتباره المجلس الأول عقب ثورة 30 يونيو، إذا افترضنا أن السيرك الذى شاهدناه فى 2012 كان برلماناً أو مجلساً تشريعياً من الأساس!
والإشارة هنا واجبة إلى أن أمام البرلمان القادم أجندة تشريعية مزدحمة، فعليه أن يراجع كل القرارات بقوانين التى صدرت فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى.. وعليه أيضاً أن يراجع كل القرارات بقوانين التى صدرت فى عهد الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، وكذلك مراجعة القرارات بقوانين التى صدرت فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وبموجب الدستور، فإن على مجلس النواب إصدار 42 قانوناً جديداً أوجب الدستور إصدارها، وتعديل ما يزيد على الـ132 قانوناً لتتوافق مع الدستور الجديد.
لسنا -إذن- أمام مجلس نواب أو برلمان عادى، لكننا أمام مجلس تقع عليه أعباء لا نعتقد أنها وقعت على مجلس سابق.
فغير كونه هو البرلمان الأول بعد ثورة 30 يونيو أو لنقل منذ 25 يناير 2011، فإن عليه إعادة النظر فى المنظومة التشريعية بأكملها، وعليه يضع المواطن المصرى آمالاً كبيرة وطموحات كثيرة، رغم «خيبة الأمل» التى أحدثها التناول الإعلامى المثير للريبة، منذ مرحلة ما قبل فتح باب الترشح والمستمر إلى الآن ولا ننتظر أنه سينتهى قريباً!
غير كونه برلمان الثورة كما قلنا فإن لديه صلاحيات غير عادية منحها له دستور 2014 وجعلته شريكاً لرئيس الدولة فى كل شىء تقريباً، فلا يحق للرئيس إعلان الحرب، إلا بموافقة أغلبية الأعضاء.. ولا يحق للرئيس إعفاء الحكومة من عملها، إلا بموافقة أغلبية الأعضاء.. ولا يحق للرئيس إعلان حالة الطوارئ، إلا بموافقة أغلبية الأعضاء. وكذا لا يحق للرئيس العفو الشامل عن العقوبة، إلا بقانون وبعد موافقة أغلبية الأعضاء.. وأيضا لو أصدر قرارات لها قوة القانون، يجب عرضها على البرلمان ليقرها من عدمه..كما أن مجلس النواب هو صاحب الحق الأصيل فى اتهام رئيس الجمهورية بالاتهامات التى ورد ذكرها فى الدستور.. ولمجلس النواب أيضا الحق فى سحب الثقة من رئيس الجمهورية، عن طريق الاستفتاء الشعبى، وإذا تم رفض الاستفتاء على سحب الثقة، يعد البرلمان منحلاً بقوة الدستور.
وعلى مجلس النواب عرض مشروع الموازنة قبل تسعين يوماً على الأقل من بدء السنة المالية، ويتم التصويت عليه باباً باباً ولا تكون نافذة إلا بموافقته عليها، ولا يجوز أن يتضمن قانون الموازنة أى نص يكون من شأنه تحميل المواطنين أعباء جديدة، كما يجب وفقاً للمادة 125 من الدستور عرض الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة على المجلس خلال مدة لا تزيد على ستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية، ويعرض معه التقرير السنوى للجهاز المركزى للمحاسبات وملاحظات على الحساب الختامى، الذى يتم التصويت عليه باباً باباً ويصدر بقانون.
وإعمالا لفكرة التوازن بين السلطات يتولى مجلس النواب وفقاً للمادة 101 من الدستور الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وتتمثل أساليب الرقابة المقررة وفقاً للدستور فى الاستجواب وطلب مناقشة موضوع عام، وتقديم طلبات الإحاطة أو البيانات العاجلة، وتشكيل اللجان الخاصة أو تكليف إحدى لجان مجلس النواب بتقصى الحقائق فى موضوع عام أو فحص نشاط إحدى الجهات الإدارية أو الهيئات العامة أو المشروعات العامة، لتقصى الحقائق فى موضوع معين أو إجراء تحقيقات، ويقرر المجلس ما يراه مناسباً فى هذا الشأن وللجنة فى سبيل القيام بمهمتها أن تجمع ما تراه من أدلة وأن تطلب سماع من ترى سماع أقواله وعلى جميع الجهات أن تستجيب لطلبها، وفى جميع الأحوال، يحق لعضو مجلس النواب الحصول على أية بيانات أو معلومات من السلطة التنفيذية تتعلق بأداء عمله فى المجلس، ووفقاً للمادة 131 من الدستور فإن لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، على أن يكون ذلك عقب استجواب وبناء على اقتراح عُشر أعضاء المجلس على الأقل ويكون سحب الثقة بأغلبية الأعضاء، وإذا كان قرار سحب الثقة متعلقاً بأحد أعضاء الحكومة، وجبت استقالته، فإذا أعلنت الحكومة تضامنها معه قبل التصويت، وجب أن تقدم الحكومة استقالتها.
ووفقاً للمادة 226 من الدستور، يحق لرئيس الجمهورية، أو لخمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، مع ذكر المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل فى الطلب، وعلى مجلس النواب مناقشة الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول الطلب كلياً أو جزئياً بأغلبية أعضائه، وإذا رفض الطلب، لا يجوز طلب تعديل ذات المواد قبل حلول دور الانعقاد التالى، وفى حال الموافقة، تناقش نصوص المواد بعد ستين يوماً من تاريخ الموافقة، ثم تطرح للاستفتاء عليها، ويصبح التعديل نافذاً من تاريخ إعلان النتيجة وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء، ووفقاً لذات المادة، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية أو المساواة ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات.
ورغم ما يقره الدستور بشأن أحقية مجلس النواب فى تعديل مواده، إلا أنه ليس مناسباً، من وجهة نظرى، أن يبدأ المجلس التشريعى عمله بتعديل دستورى، فالدستور لم يتم تطبيقه بعد، وأبسط متطلبات المطالبة بتغييره هو تطبيقه لفترة زمنية، وإذا أثبت التطبيق أن هناك مادة أو أكثر تحتاج إلى تعديل فإنه يمكن فى هذه الحالة تعديلها على أن يكون هذا التعديل مرتبطاً بالمصلحة الوطنية، لا بدافع المزايدات الرخيصة أو محاولة البعض إثبات أنهم أكثر ولاء للنظام أو للسلطة الحاكمة من غيرهم!
ومما أثير عن تعديل الدستور، ومن الجدل الذى بدأ منذ الترشح ولم ينته بإعلان النتائج، يمكننا استنتاج أن الأزمة أو المعضلة الأبرز التى تواجه البرلمان هى تحديد قائمة أولويات الأجندة التشريعية، خاصة مع وجود مهام وأعباء كثيرة ومتعددة، على مختلف المستويات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، الأمر الذى يتطلب تحديد الأولويات التشريعية، وأن يكون هناك توافق بين الأعضاء أو بين الكتل التى تم الإعلان عن تكوينها بفرض بقائها، وهو ما نتشكك فيه!
كذلك، على الأعضاء أن يضعوا نصب أعينهم أن تتوافق القوانين والتشريعات التى ستصدر عن مجلسهم مع طموحات المواطنين، وأن تكون على مستوى توقعاتهم التى نعتقد أن كثيراً منها خابت من ذلك الجدل الذى تابعوه عبر وسائل الإعلام المختلفة، طوال الشهور الماضية.
ويبقى أن نتوقف عند فاصل كوميدى أبطاله بعض «المجانين» الذين زعموا يوم الجمعة الماضى، أنهم بصدد عقد «تجمع برلمانى موازٍ بالخارج»، يوم الأحد 10 يناير 2016 فى التوقيت ذاته، الذى سيعقد فيه مجلس النواب المصرى، جلسته الأولى!
«التجمع البرلمانى»، سيعقده المجانين بمدينة إسطنبول التركية، ووجهوا دعوات بحضوره إلى 100 شخصية بينهم، 50 برلمانياً سابقاً ينتمون لتنظيمات إرهابية!
رئيس هذا التجمع، هو الإخوانى جمال حشمت، قال لوكالة الأناضول التركية إنه يراهن على اعتراف العالم بالتجمع البرلمانى الجديد، زاعماً أن له علاقات قائمة مع نواب وبرلمانات العالم!
بعد هذا الفاصل الكوميدى تبقى الإشارة إلى أن السلطة الحالية أثبتت فى أكثر من اختبار أنها لا تتستر على فساد ولا تحمى فاسدين.. الأمر الذى يجعل كرة الكشف عن الفساد والفاسدين والمفسدين فى ملعب أعضاء مجلس النواب الذين ننتظر منهم أن يبذلوا قصارى جهدهم فى فضح فاسدين كثيرين نعرف جميعاً أنهم يختبئون داخل ملفات لن يكون صعباً على نواب الشعب الوصول إليها.. ودورنا ودور كل مصرى شريف أن يساعدهم فى ذلك ويدعمهم بكل ما يستطيع حتى يتمكنوا من أداء رسالتهم التى ننتظر منهم تأديتها على الوجه الأكمل.