الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:47 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:لغز الدم الفرنسى .. أمريكا تعاقب حلفاء مصر بقنابل داعش


لقطات مصورة تجمع بين البغدادى ونتنياهو بالقرب من مرتفعات الجولان
ألطف خنانى والزرعونى.. قصة أضخم شبكة مالية تأسست فى واشنطن لتمويل الإرهاب
الـ«c.i.a» تلاحق البروفيسير إدوارد سنودن بعد تسريب وثيقة تؤكد أن زعيم داعش كان عميلاًً للمخابرات الإسرائيلية
عرائس الجهاد
.. قصة تجنيد النساء بإغراءات الجنس والمال
فرنسا أصبحت تحت قصف نيران داعش
هجمات متفرقة ومنسّقة، وتفجيرات وعملية احتجاز رهائن وإطلاق رصاص، وضحايا بالعشرات.
إجمالاً نحن أمام سيناريو كتبه إرهابيون وأخذوا لقطاته فى أماكن عديدة من باريس، ليخرجوا فيلماً أثار الرعب لضخامة الأحداث التى دارت خلاله، الأمر الذى يجعلنا نؤكد أن فرنسا قبل ليل الجمعة الدامى ليست كما هى بعده، وأن الثمن سيكون كبيراً وسيدفع القسم الأكبر من فاتورته اللاجئون السوريون، بالإضافة إلى أن السياسات الكبرى سيعاد النظر فيها من قبل أوروبا والولايات المتحدة وغيرها.
نحن أمام 11سبتمبر فرنسى بكل معنى الكلمة.
ساعات طويلة من الرعب عاشتها باريس التى تحولت إلى مدينة حرب.
سلسلة من الهجمات الإرهابية أودت بحياة كثيرين إضافة إلى عدد كبير جداً من الجرحى، وكان من تداعياتها المباشرة إعلان حالة الطوارئ وإغلاق الحدود، بما يشير إلى أن فرنسا بعد 13 نوفمبر لن تكون هى فرنسا التى قبله.
«إنه رعب.. باريس تتعرض لسلسلة هجمات إرهابية غير مسبوقة»
بهذه الكلمات لخص الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند ساعات ليلة قاتمة، عاشتها باريس إثر عدة اعتداءات كانت متزامنة بما يعنى أن الجناة ينتمون لمجموعة إرهابية كبيرة خططت الهجمات ونفذتها فى توقيت واحد فى أماكن متفرقة. والعمليات تمت بثلاثة أساليب مختلفة: إطلاق نار، احتجاز رهائن، وتفجيرات.
العملية الأكثر دموية استهدفت مسرح «باتاكلان» حيث تم احتجاز كل الموجودين الذين كانوا يحضرون حفلاً موسيقياً ليعلن لاحقاً مقتل 100 شخص وثلاثة إرهابيين بعد اقتحام الشرطة المسرح بعد بدء الإرهابيين بإطلاق النار على الرهائن.
بدأت الهجمات الإرهابية عندما هاجم إرهابيون مطعماً يدعى «كومبودج» (كمبوديا) فى الدائرة العاشرة من العاصمة، بإطلاق النار من أسلحة رشاشة على بعض الرواد الذين كانوا يجلسون على الرصيف، وكان هناك ما لا يقل عن 10 جثث ممددة فى المكان بين قتيل وجريح. ولم نعرف ما إذا كانت المجموعة نفسها هى التى قامت بحصد أرواح من كانوا موجودين بالصدفة فى شارع «شارون»، أم لا؟!
وكان عدد الذين أطلقوا الرصاص من أسلحة «كلاشنيكوف» روسية الصنع، على الناس فى الشارع ثلاثة شبان لا يرتدون أى أقنعة، بينما وقعت 3 انفجارات (تفجيران انتحاريان وثالث بعبوة ناسفة) قرب إستاد «دو فرانس» حيث كان منتخب فرنسا لكرة القدم يستضيف نظيره الألمانى فى لقاء ودى بحضور الرئيس الفرنسى نفسه، فتم إيقاف المباراة وهرول الجمهور إلى أرض الملعب، فيما تم إخراج الرئيس الفرنسى على وجه السرعة إلى مكان آمن. كما تم سماع صوت إطلاق نار فى أحد المراكز التجارية قرب مركز «بومبيدو».
هذا الإرهاب الذى أغرق باريس خلال دقائق قليلة فى بحر من الدم، دفع هولاند إلى إعلان حالة الطوارئ القصوى فى البلاد. وأمر بإغلاق جميع مداخل البلاد براً وجواً وبحراً معلناً «عدم السماح لأى شخص بدخول الأراضى الفرنسية حتى إشعار آخر».
ودعا هولاند الفرنسيين إلى الهدوء والباريسيين إلى التزام منازلهم، وشدد على أن «فرنسا دولة قوية وستتعامل مع الوضع بكل حزم»، ثم ترأس لقاء حكومياً أمنياً طارئاً فى وزارة الداخلية لمتابعة الوقائع والتحريات مع قادة الأجهزة الأمنية أولاً بأول ووضع خطة محكمة لمنع الوضع الأمنى من التفجر فى البلاد بصورة أخطر.
نحن أمام عدة سيناريوهات أبرزها أن يكون التنظيم الإرهابى أرسل فريقاً إلى فرنسا أو قام بتجنيده فى البلاد أو كلا الأمرين معاً، ثم أداره بحذر من الخارج. واستناداً إلى تقديرات رسمية أخيرة هناك 520 مواطناً فرنسياً يقاتلون فى سوريا و250 آخرون عادوا، وهناك سيناريو آخر أقرب إلى هجمات باريس قبل عشرة أشهر وهو يمكن أن يشمل تنظيم «القاعدة» أو «داعش»، أو كليهما، كما حدث فى الهجوم السابق الذى شارك فيه ثلاثة مسلحين محليين، أحدهم أقسم الولاء لـ«داعش» إلا أنه لم يقم بأى اتصال مباشر مع التنظيم. وهناك أيضاً سيناريو ثالث يشير إلى فاعلين محليين تحركوا منفردين، وفى فرنسا بالفعل مجموعة كبيرة من الشباب المغتربين الغاضبين والمحبطين، ولطالما كانت هناك شبكات غير منظمة من المتطرفين وهؤلاء ينشطون فى إرسال إرهابيين إلى سوريا.
غير أن قلة من المهاجمين الذين نفذوا اعتداءات فى السنوات الأخيرة كانوا «ذئاباً منفردين» حقيقيين، غالبيتهم، مثل محمد مراح الذى قتل سبعة أشخاص فى 2012 أو مهدى نموش الذى قتل أربعة فى متحف يهودى فى بروكسيل، وهؤلاء لهم صلات بجماعات خارجية.
ورغم أن مهاجمين غير مدريبن أثبتوا قدرتهم على القتل بدم بارد واحترافية، فإن التنسيق والتحضير والموارد التى ظهرت فى هجمات باريس يوم الجمعة تهدم فرضية عمل الهواة منفردين بالتكتيكات التى تم استخدامها فى هجمات سابقة، فإنها تعيد إلى الأذهان هجمات مومباى سنة 2008، حين هاجم المسلحون فنادق ومقاهى ومركزاً يهودياً ووسائل مواصلات.. ومنذ ذلك الوقت تخوفت الأجهزة الأمنية من عملية مماثلة فى الغرب.
ومن المحتمل أيضاً أن تكون الأهداف التى تم استهدافها اختيرت لتوجيه رسالة معينة، فهى لم تكن سفارات تخضع لإجراءات أمنية مشددة ولا مواقع سياحية أو فنادق فخمة أو متاحف.. وعدا إستاد «دو فرانس»، كانت الأهداف متواضعة فى ضواحى باريس الشرقية المتعددة الثقافة والأقل فخامة، وهذا يمكن أن يكون اختياراً متعمداً أو يمكن ببساطة إرجاع الاختيار إلى أن الإرهابيين يعرفون تلك المنطقة جيداً!!
وقبل الدخول إلى أى تفاصيل، أشير إلى أن فرنسا نقلت يوم السبت ملفاً معلوماتياً عن طريق دبلوماسيين تضمن معلومات غزيرة ودقيقة عن الجهات التى قامت بتمويل تنظيم داعش وتضمنت ثلاث حكومات عربية وعشرات المؤسسات المالية الدولية والشركات الكبرى وأيضاً أسماء سياسيين ورجال أعمال، غير أسماء فرنسيين أعدادهم بالمئات منهم ضباط بالجيش الفرنسى سبق لهم المشاركة فى القوات الفرنسية بأفريقيا، ومعلومات عن مواقع فى لبنان وقبرص التركية وصقلية وليبيا وتونس، كان لها دور فى دعم داعش بأوروبا، وبين الأسماء أيضاً مهاجرون سوريون وأفغان ومن جنسيات مختلفة وصلوا إلى أوروبا فعلاً وكلهم ينتمون إلى تنظيمات إرهابية.
ونوضح هنا أن لبنان ممر نموذجى جغرافياً لتمرير الدعم للمرتزقة فى سوريا وتهريب الإرهابيين بعيداً عن تركيا والعراق ومن ثم السعودية. ولبنان مؤهل اليوم سياسياً وعسكرياً لفوضى تسمح بحركة ميليشيات الإرهابيين دون مقاومة من سلطات الدولة اللبنانية بفعل الاضطرابات المتصاعدة.
وبعد انفجار لبنان الذى أسفر عن 40 قتيلاً ثم انفجارات باريس، تشير معلومات شبه مؤكدة أن عناصر داعش استخدمت المنفذ اللبنانى للوصول إلى فرنسا. وبربط توقيت العمليات فى لبنان وباريس تكون الإشارة مهمة إلى أن روسيا أعلنت قبل أيام أن داعش والنصرة يتلقيان أسلحه حديثة لمواجهة الهجوم السورى.
****************
3 أجهزة مخابراتية وراء جريمة باريس
والسؤال الآن: هل هناك تقصير أو شبهة تقصير فى تعامل المخابرات وأجهزة الأمن الفرنسية مع ما يهدد أمنها الداخلى فى ظل تنامى تيارات وأفكار وجماعات مؤيدة للظاهرة الداعشية؟!
أما السؤال الأهم فهو لماذا رفضت الولايات المتحدة الامريكية قيادة التحالف الدولى فى ليبيا سنة 2011 وقادته فرنسا بدلاً منها فى الأسابيع الأولى وتلك حقيقة إستراتيجية لم يتنبه إليها كثيرون!!
وهل الإجراءات الأمنية التى ستكلف أوروبا المليارات من الدولارات كان يمكن توفيرها بإجراءات أخرى غير أمنية أو بوليسية؟!
إجابة كل تلك الأسئلة، لدى من صنع الإرهابيين ومن يستخدمهم.
الإجابة لدى الولايات المتحدة وحلفاؤها، بريطانيا وإسرائيل ودول أخرى تابعة بينها تركيا وقطر، وهذا ما أصبح ثابتاً من واقع وثيقة مخابراتية تم تسريبها، أكدت أن المخابرات المركزية الأمريكية لديها قوائم وهويات وأعداد أعضاء التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم وأنها تحتفظ بروابط معهم فى مختلف أنحاء العالم.
الوثيقة أكدت أنّ الحكومة الأمريكية أحصت ما لا يقل عن 680 ألف شخص حول العالم لهم علاقات مباشرة بأنشطة مرتبطة بالإرهاب، بينهم 280 ألف شخص ليس لديهم ارتباط معروف بجماعة إرهابية، أما العدد المتبقى، والبالغ 400 ألف شخص، فهم إما مشبوهون بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية أو بدعمها لمجموعات تعتبرها واشنطن إرهابية على غرار «تنظيم القاعدة»» وكذلك «حزب الله» و«حماس» اللتين تعتبرهما كلٌّّ من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل منظمتين إرهابيتين.
وأكدت الوثيقة أن الأسماء تضمنتها دراسة تم الانتهاء منها فى شهر أغسطس 2013، تحت عنوان: «الإنجازات الاستراتيجية لعام 2013 حول هُويّات الإرهابيين»، وفيها أيضاً إشارة إلى أن بنك المعلومات «تايد» يضمّ نحو مليون اسم لأشخاص يشتبه بصلتهم بالمنظمات الإرهابية.
وأشارت الوثيقة إلى أنّ عدد الأشخاص الذين أدرجتهم وكالة المخابرات الأمريكية على القائمة الأمريكية للممنوعين من السفر على متن رحلات جوية من وإلى أو عبر الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ 47 ألف شخص وقد تضاعف فى عهد الرئيس باراك أوباما عشر مرات.
وتتركز النسبة الكبرى من المشتبه بهم فى الانتماء إلى تنظيمات إرهابية أو دعم الإرهاب فى مدينة ديربورن، فى ميشيقان، وهى مدينة تضم 96 ألف ساكن، وفيها النسبة الكبرى من الأمريكيين العرب فى الولايات المتحدة الأمريكية.
تضيف الحكومة الأمريكية أسماء أشخاص فى قاعدة البيانات أو تضيف معلومات حول الأسماء المسجلة بحساب 900 ملف يومياً.
ومن وثيقة أخرى تسربت من المحكمة الاتحادية الأمريكية اتضح أنّ نحو 1.5 مليون من الأسماء أضيفت إلى قائمة المراقبة من طرف محامى الإدارة على مدى السنوات الخمس الماضية، فكان تعليق الإدارة الاتحادية بأنّ العدد غير دقيق، وبغض النظر عن العدد فإن الوثيقة لم تكن تتضمن أسماء الأشخاص فقط، بل معلومات مخابراتية حول سيرهم الذاتية أيضاً!!
وضمن وثيقة المحكمة الاتحادية، كانت أسماء الـ16 ألفاً الذين كشفتهم الوثيقة الأحدث وبينهم 1200 أمريكى استهدفوا مطارات ومعابر حدودية، غير 611 ألف شخص على قائمة الإرهاب الرئيسية بينهم 39 ألف امرأة.
وفى الوثيقة أيضاً منظمات تستخدمها الإدارة الاتحادية فى مهام، أكبرها وأكثرها عدداً تنظيم فى العراق ويضم (73189 شخصاً) وحركة طالبان وتضمّ (62794 شخصاً) ثم فى سوريا (50446 شخصاً) وحماس (21913 فرداً) وحزب الله (21199 فرداً).
وفى الترتيب الأخير ضمن الجماعات العشر الأولى نجد شبكة حقانى فى باكستان (12491 فرداً) والقوات الثورية المسلحة فى كولومبيا (11275 فرداً) وجماعة الشباب الصومالى (11547 فرداً).
وتوضح الوثيقة أنّه اعتباراً من سنة 2012، سجلت الولايات المتحدة الأمريكية 3200 شخص تحت اسم «إرهابيين معروفين» مرتبطين بالحرب فى سوريا بينهم 715 فرداً من الأوروبيين والكنديين إضافة إلى 410 أمريكان.
***************
سنودن: البغدادى كان عميلاً للمخابرات الإسرائيلية
وما يؤكد صحة ما جاء بتلك الوثائق، تلك التسريبات التى كشفها الموظف السابق بوكالة الأمن القومى الأمريكية إدوارد سنودن عن أن أبوبكر البغدادى، أمير تنظيم «داعش» والتى أكد فيها أنه كان عميلاً لجهاز المخابرات الإسرائيلى «الموساد»، وهى الوثيقة التى يمكن أن نستنتج منها بسهولة أن تنظيم «داعش» صنيعة المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.
الأجهزة الثلاثة خططت لصناعة تنظيم قادر على استقطاب المتطرفين من جميع أنحاء العالم فى مكان واحد فى عملية أطلقوا عليها اسم «عش الدبابير» وهى خطة بريطانية قديمة هدفها حماية إسرائيل وتقضى بإنشاء «دين» شعاراته إسلامية قائم على مجموعة من الأحكام المتطرفة، ترفض أى فكر آخر. ومن أجل ذلك تم إخضاع أبوبكر البغدادى لدورة مكثفة استمرت لمدة سنة كاملة تلقى خلالها دورات فى فن الخطابة ودروساً فى علم اللاهوت، إضافة إلى طريقة اجتذاب النساء أو «عرائس الجهاد»، وهو ما يتم وفقاً لخطة معينة كشفها منشور «كتيبة الخنساء النسائية» التابعة للتنظيم، والتى أصدرت دار النشر الألمانية «هيردر» كتاباً يسلط الضوء عليها بالتفاصيل!!
الخطة تركز على جذب نساء لم يحصلن على تعليم جيد للتنظيم وتعدهن بدور محدد فى المجتمع يتمثل فى «الأطفال والمطبخ والدين».
وإذا كان يتم اجتذاب الرجال بالسيارات الفارهة والزواج من أربع نساء، كما قال أحد العائدين من سوريا، فإن «عرائس الجهاد» لا يذهبن إلى داعش بسبب رجال عجزوا عن شراء سيارة فى بلادهم أو يرغبون فى زوجة رابعة.
وإذا وضعنا فى الاعتبار الوثيقة الصادرة من داعش نفسها مطلع هذا العام لجذب شابات، فسنجد أنه لا مكان للإغراء بسلع استهلاكية أو بمنتجات ترفيهية، لكن العكس تماماً هو الصحيح إذ يحاول التنظيم جذب النساء من خلال فكرة العودة للدور التقليدى للمرأة وشرف فكرة كون المرأة ربة بيت وأماً!!
كتاب «المرأة فى الدولة الإسلامية» يقدم دليلاً شارحاً وكاشفاً لكتيبة الخنساء داخل «داعش»، فى خمسين صفحة عبارة عن «منشور للتجنيد والبروباجندا» يقوم بتجميل شكل الحياة فى المناطق التى يسيطر عليها «داعش، فلا حديث عن وحشية التنظيم ضد الخارجين عليه أو ضد غير المسلمين ولا ضد الرافضين الانصياع لأوامره. كما أن خطاب الكراهية غير موجه ضد «الغرب الكافر» أو «الشيعة الخائنين» فحسب، لكنه موجه أيضاً ضد السعودية، بما يعنى أن السعوديات فى مقدمة الفئات المستهدفة من قبل «داعش»، فكثيراً ما يتطرق المنشور لوضعهن الشائك بشكل مباشر كالتالى «اذهبن إلى الأحياء الفقيرة جنوب الرياض أو بيوت المحتاجين فى محيط جدة.. عندها ستجدن نتيجة بحثكن عن الحقيقة».
اللافت للنظر هو الاطلاع الجيد الذى يتضح فى المنشور، على النقاشات الدائرة حول الإعانات المقدمة فى الغرب للنساء بعد الإنجاب، إذ إن هناك إشارة مباشرة للمناقشات الدائرة حول هذا النوع من الإعانات إذ تطرق المنشور لهذه النقطة تحديداً كما يلى: «نرى أن حكومات بعض الدول تقدم رواتب وإعانات حتى تتمكن النساء من العودة للبيت وتربية الأبناء».
وبالنظر إلى الدورات التعليمة والدينية والخاصة بإدارة البيت والكتابة والحساب، نكتشف أن نوعية النساء المستهدفات من مثل هذا المنشور، هن النساء المحرومات من أى نوع من التعليم العالى واللاتى لم يتمكنّ من الحصول على وظائف مهمة. بما يعنى أن الأمر يتعلق ببرنامج للمسلمات الشابات المنحدرات من الطبقة الدنيا سواء فى العالم العربى أو بين صفوف الفئات المهاجرة المهمشة فى الغرب.
واشنطن -إذن- صنعت تنظيم «داعش» وفق مواصفات تخدم أهدافها فى منطقة الشرق الأوسط، كما سبق أن صنعت القاعدة التى كانت فى الأصل أحد فروع الكيان الذى أنشأته المخابرات الأمريكية بدعم من المخابرات البريطانية MI6، والموساد الإسرائيلى، وجهاز المخابرات الباكستانية ISI.
****************
الشيطان الأمريكى ومعسكرات التدريب التركية
أما قوات «داعش»، فهم جنود مشاة تابعون للتحالف العسكرى الغربى؛ ومهمتهم غير المعلنة هى تخريب وتدمير الدول العربية وأخرى أجنبية بالنيابة عن راعيهم الأمريكى، والثابت هو أن إسرائيل قدمت دعماً لـ«داعش» و«النصرة» من مرتفعات الجولان، كما أن مقاتلين داعشيين اجتمعوا مع ضباط الجيش الإسرائيلى ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو!
وبتتبع طبيعة العمليات التى يقومون بها، يسهل استنتاج وجود قوات خاصة وعملاء مخابرات غربيين فى صفوف «داعش»، وأن القوات الخاصة البريطانية ومخابرات MI6 شاركت فى تدريب المتمردين فى سوريا، وهناك أيضاً عشرات الوثائق تثبت أن التنظيم ليس أكثر من وحش تحركه وكالة المخابرت المركزية الأمريكية من أجل رسم خرائط جديدة لدول المنطقة وتغيير حدودها بشكل يفيد الولايات المتحدة، دون أن تضطر إلى التدخل بجيوشها وقوتها العسكرية.
ومهم هنا أن نوضح الدور المحورى لحكومة حزب «العدالة والتنمية» فى تركيا فى مساعدة إرهابيى تنظيم «داعش» حيث توجد على الأراضى التركية معسكرات لتدريبهم بمشاركة مسئولين عسكريين أتراك إضافة إلى أن هناك ضباطاً أتراكاً انضموا للتنظيم، إلى جانب أن تركيا تعمل على تغذية الإرهاب بطريقتين أولاهما تدريب وإرسال الإرهابيين إلى الدول المجاورة لها كسورية والعراق وثانيهما عن طريق طلب المساعدة من حلف الناتو لحماية حدودها الأمر الذى دفع دول الحلف لإرسال بطاريات صواريخ باتريوت وجنود لتحقيق ذلك.
ولعلنا نتذكر أن جريدة «نيويورك تايمز» سبق أن تساءلت عن طبيعة العلاقة بين السيناتور الأمريكى جون ماكين، وأبوبكر البغدادى زعيم تنظيم داعش بالتزامن مع ظهور صورة تجمعهما!!
والتنظيم كما أصبح معروفاً وواضحاً يتمركز فى الشمال السورى ليتم استخدامه كقاعدة لنشر الرعب وإخلال التوازن فى العالم العربى، وبالتدريج يجرى استخدام تلك العناصر ضد روسيا والصين، معتمدين فى ذلك على عناصر التنظيم القادمة من الشيشان وجورجيا، بما يعنى أن المرحلة القادمة ستكون محاربة روسيا، كما بدأت تركيا وأمريكا بتدريب مسلمين صينيين يتحدثون اللغة التركية لاستخدامهم فيما بعد ضد الصين، لتكون داعش هى الورقة التى تحركها الولايات المتحدة ضد دول البريكس لإضعافهم لأنها لا تريد إلا مجتمعاً أحادى القطبية.
وربما يفسر ذلك، ذلك الكتيب الذى نشرته «واشنطن بلوج»، وربط بين ظهور التنظيم وسياسات الولايات المتحدة، وهو الكتاب الذى كان عنوانه «فضح هوية داعش unmasking ISIS»، وكشف أن «داعش» يديره مجلس الجنرالات العراقى السابق، ومعظمهم من حزب الرئيس العراقى السابق صدام حسين «حزب البعث». وبين الغرائب التى كشفها الكتيب عن تاريخ قادة «داعش» الغريب، أن فيهم واحداً لم يكن موجوداً من الأساس وآخر تم قتله ثم ألقى القبض عليه ثم تم قتله مرة أخرى!!
وطرح الكتيب سؤالاً عن إرهابى اسمه «عبدالله راشد البغدادى» ذكرت صحيفة «نيو يورك تايمز» الأمريكية، عام 2007، أنه زعيم أعتى الجماعات المتمردة فى العراق.
كما أشار الكتيب إلى تاريخ الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط بدأ بين عامى 1932 و1948 عندما زرعت جذور الحرب الراهنة فى العراق، لوجود خط نفط ذى أهمية استراتيجية لبريطانيا وأمريكا أثناء الحرب العالمية الثانية، وهو الخط الذى تم مده إلى فلسطين ليساعد إسرائيل على بناء دولتها!!
****************
داعش.. من الزرقاوى إلى وزير الحرب الجديد
أما ما يخص داعش، فنكتشف أن التنظيم تدرج فى عدة مراحل قبل أن يصل إلى ما هو عليه، فبعد تشكيل جماعة التوحيد والجهاد بزعامة أبى مصعب الزرقاوى فى عام 2004، تلت ذلك مبايعته لزعيم تنظيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن ليصبح تنظيم «القاعدة» فى بلاد الرافدين، وكثف التنظيم من عملياته إلى أن أصبح واحداً من أقوى التنظيمات فى الساحة العراقية وبدأ يبسط نفوذه على مناطق واسعة من العراق إلى أن جاء فى عام 2006 ليخرج الزرقاوى على الملأ فى شريط مصور معلناً عن تشكيل مجلس شورى المجاهدين بزعامة عبدالله رشيد البغدادى.
وبعد مقتل الزرقاوى فى الشهر نفسه، جرى انتخاب أبى حمزة المهاجر زعيماً للتنظيم. وفى نهاية السنة، تم تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبى عمر البغدادى، وفى 19 أبريل 2010 قتلت القوات الأمريكية والعراقية «أبوعمر البغدادى وأبوحمزة المهاجر». وبعد حوالى عشرة أيام، انعقد مجلس شورى الدولة ليختار «أبوبكر البغدادى» خليفة له والناصر لدين الله سليمان وزيراً للحرب.
وفى التاسع من أبريل سنة 2011، ظهر تسجيل صوتى منسوب لأبى بكر البغدادى يعلن فيها أن جبهة «النصرة» فى سوريا هى امتداد لدولة العراق الإسلامية، وأعلن فيها إلغاء اسمى «جبهة النصرة» و«دولة العراق الإسلامية» تحت مسمى واحد وهو «الدولة الإسلامية فى العراق والشام»، لكن «جبهة النصرة» رفضت الالتحاق بهذا الكيان الجديد، وينشط كل من التنظيمين بشكل منفصل فى سوريا.
****************
شبكة مالية لتمويل الإرهاب فى أمريكا
ونشير إلى أن هناك اتجاهاً أمريكياً للتركيز على منطقة المحيط الهادئ وعلى علاقات من نوع جديد مع أوروبا التى أصبحت واشنطن تتعامل معها من منطلق أنها القارّة العجوز التى عليها أن تتدبّر أمورها بنفسها، بما فى ذلك المشكلة الناجمة عن تدفّق اللاجئين السوريين بالآلاف على دولها.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، يُعتبر بلد مثل اليمن فى غاية الأهمّية بالنسبة إلى الأمن الخليجى، ورغم ذلك فاليمن ليس على قائمة الأولويات الأمريكية بأى شكل، رغم أن هناك سعياً عربياً لمنع سقوط اليمن وتحوّله إلى مستعمرة إيرانية.
نحن أمام حرب مكلفة جديدة، اندلعت على مساحة العالم، أسوأ ما فيها أنها جزء من حرب الظلال، ومعظم ضحاياها يسقطون دون أن يعرفوا سبب ذلك. وأخطر ما فيها أن الرد لا يضع أى اعتبار للقواعد، لأنها بالأساس حرب بلا إنسانية ولا أخلاق.
وخارج منطق المؤامرة، هناك أسئلة كثيرة مطروحة، مثلاً، حول المسارعة إلى إدانة مصر ومعاقبتها اقتصادياً بضرب السياحة، أبرز تلك الأسئلة هو لماذا سارعت لندن إلى الحسم والقول بأن تفجيراً قد وقع فى الطائرة الروسية، خاصة أن لندن معروفة «بالبرودة» أمام حدث كهذا؟
ولماذا وصل الأمر إلى درجة العمل على إجلاء رعاياها من شرم الشيخ، وكأن المنطقة كلها معرّضة لهجوم برى ضخم؟! مع الوضع فى الاعتبار أن لندن انتظرت ثلاث سنوات لإصدار حكمها على تفجير طائرة لوكربى!!
ودعنا من سؤال اللياقة الدبلوماسية والسياسية: هل يجوز استقبال رئيس مصر فى لندن «بإطلاق النار» بهذه الطريقة، ضد السياحة المصرية أى ضد اقتصادها؟!
ثم لماذا جرى التحوّل فى موقف «القيصر» فلاديمير بوتين من الحذر إلى قرار إجلاء الرعايا الروس من شرم الشيخ؟ وما من شك فى أن القرار «القيصرى» قد باغتنا وباغت الأصدقاء قبل الأعداء، بل وقيل إن القيصر غرس خنجراً مسموماً فى ظهر مصر، بعد أن بدأت القاهرة انفتاحاً غير مسبوق من أربعين سنة على موسكو بشكل بدا وكأنها تكرر مسار ما بعد باندونج أيام جمال عبدالناصر!!
ألم يكن يستطيع بوتين التمهّل وتدعيم المشاركة الأمنية فى مطارات مصر، وبالتالى عدم إجلاء الروس من شرم الشيخ وكأن هذه المنطقة السياحية قد أصبحت بلاد الشيشان حيث البقاء ثمنه الموت؟!
وتبقى الإشارة إلى أنه مر فى الزحام أن وزارة الخزانة الأمريكية فرضت عقوبات ضد شبكة مالية دولية أسسها مواطن باكستانى، واتهمتها بغسيل الأموال لصالح عصابات إجرامية وتجار مخدرات وتنظيمات إرهابية.
وبالإضافة إلى الشبكة نفسها التابعة لرجل الأعمال الباكستانى ألطف خنانى، استهدفت العقوبات الأمريكية الجديدة شركة «الزرعونى للصرافة» التى يقع مقرها فى دبى، والتى تعمل فى مجال التحويلات المالية وتبادل العملات، باعتبار أن هذه الشركة الإماراتية تخضع لسيطرة منظمة «خنانى».
وجاء فى بيان نشرته وزارة الخزانة الأمريكية، يوم السبت الماضى، أنه، وفقاً للعقوبات الجديدة، سيفرض الحجز على أى ممتلكات تابعة لمنظمة «خنانى» أو «الزرعونى للصرافة» فى حال الكشف عنها فى الأراضى الأمريكية، بالإضافة إلى منع المواطنين الأمريكيين من التعامل مع هاتين الشركتين.
ونقلت وزارة الخزانة الأمريكية فى بيانها عن القائم بأعمال وكيل شؤون الإرهاب وتعقب الأموال المشبوهة فى وزارة الخزانة آدم زوبين، أن «منظمة خنانى لغسيل الأموال تستغل علاقاتها بمؤسسات مالية لتراكم مليارات الدولارات حول العالم نيابة عن الإرهابيين ومهربى المخدرات والمنظمات الإجرامية».
وأوضحت أن منظمة «خنانى» تضم شخصيات طبيعية واعتبارية تنشط تحت إشراف الباكستانى ألطف خنانى الذى اعتقلته السلطات الامريكية فى أيلول الماضى.
وتابعت أن المنظمة الإجرامية تساهم فى تحويل الأموال غير الشرعية ما بين باكستان والإمارات والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ودول أخرى، وتتحمل المسئولة عن غسيل مليارات الدولارات فى سياق التعاملات للجريمة المنظمة.
وأضافت أن «المنظمة تعرض خدماتها لغسيل الأموال على مجموعة واسعة من الزبائن، بمن فيهم منظمات إجرامية صينية وكولومبية ومكسيكية وشخصيات مرتبطة بحزب الله اللبنانى. كما قامت المنظمة وشركة الزرعونى للصرافة بغسيل الأموال لمصلحة تنظيمات إرهابية مدرجة على القائمة الدولية، مثل حركة طالبان، فيما عُرف ألطف خنانى بعلاقاته الوثيقة بتنظيمات شكر طيبة والقاعدة وجيش محمد والهندى داود إبراهيم، وهو زعيم أحد أكبر التنظيمات الإجرامية فى المنطقة.
كما أشادت الخزانة الأمريكية بالمساعدات التى قدمتها فى هذا السياق الحكومة الإماراتية والمصرف المركزى لدولة الإمارات فى وقت سابق من الأسبوع الجارى، معربة عن أملها فى مواصلة التعاون مع الإمارات فى مجال مكافحة غسيل الأموال.
وأخيراً، نرى أنه من حقنا أن نعرف من يريد إشعال النار فى المنطقة ولماذا؟
هل محاولاتنا لاستعادة دورنا كمنطقة مركزية فى العالم جريمة نعاقب عليها؟
أم أن سقوط نظام «الإخوان» كان بالنسبة لدوائر أمريكية وبريطانية «طعنة» أصابت مشروع «الشرق الأوسط الكبير»، فأرادوا أن يردوا عليها بطعنة أقسى منها؟
إننا نعرف جميعاً أن واشنطن ولندن كانتا تطمحان، إلى أن يكون نظام الإخوان فى مصر هو «الخيمة الإسلامية» التى تحتضن التيار الإسلامى فى المنطقة على أن يتكامل مع التيار الإسلامى ممثلاًً فى حزب «العدالة والتنمية» فى تركيا، فيحدث التغيير الذى ينتج انضباط التطرف الإسلامى بكل مظاهره.
وضع فى اعتبارك أن واشنطن كانت تزعم دائماً أن «داعش» تنظيم إرهابى إقليمى لا يشكل خطراً على الخارج وتحديداً على الغرب! وهو ما يوحى بتغير جديد بإعلان الحرب على موسكو ربما بهدف فتح ألف جبهة وجبهة، لرفع منسوب الخطر، أمام الدب الروسى، الذى لن يستفيد بالطبع إذا اشتعلت مصر بعد سوريا، ومصر كما هو معروف ومؤكد هى «مركز» العالم العربى، وإذا انهار المركز فهذا يعنى مباشرة أن «أبواب جهنم» ستنفتح على مصراعيها على العالم الكبير.