ياسر بركات يكتب عن: إنها الحرب يا سيسى!!
«أوباما» ينتقم.. و«كاميرون» يغسل عار الإخوان
20 دقيقة من بيانات الصندوق الأسود تكشف أسرار فصل جسم الطائرة عن ذيلها
- مراسل الـ«بى.بى.سى» يكشف تورط «الإندبندنت» فى فضيحة رشوة موظف مطار شرم الشيخ
- «الجارديان» تنشر وثيقة تهديد من الإمارات إلى ديفيد كاميرون قبل ساعات من الحادث
- سفير بريطانيا تلقى رسالة شديدة اللهجة من خلدون المبارك ورئيس نادى مانشيستر لملاحقة الإخوان
- استبعاد تفجير الطائرة بعد العثور على ملابس الركاب بدون حروق عليها
لا معلومات مؤكدة بشأن الطائرة الروسية التى سقطت فى سيناء، غير أننا أمام عدة ألغاز ستحتاج وقتاً طويلاً لحلها أبسطها من وجهة نظرى هى أسباب سقوط الطائرة!!
أما أصعب تلك الألغاز فتتعلق بالفرضيات العديدة التى تم طرحها وتحديداً ترجيح مسئولين بريطانيين وأمريكيين قيام إرهابيين بـ«زرع عبوة ناسفة» على متنها، ويزداد اللغز تعقيداً لو كان بين هؤلاء المسئولين الرئيس الأمريكى نفسه.. ورئيس الوزراء البريطانى!!.. كما يزيد من تعقيده أيضاً أن تلك الفرضية دفعت بريطانيا إلى وقف رحلاتها الجوية من شرم الشيخ إلى أراضيها، وهو ما دعا سامح شكرى، وزير الخارجية، للتعبير عن شعوره بـ«الدهشة» للقرار البريطانى، وما يدفعنا نحن للسؤال عن الأسباب التى تدفع دولاً كبرى إلى استباق نتائج التحقيق وإعلان فرضيات واتخاذ خطوات على أساسها!!.. خاصة أن قرار الحكومة البريطانية تزامن مع وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى والوفد المرافق له إلى لندن!!
رسائل متعددة وراء الفرضية الأمريكية أو البريطانية.. أبرزها وأقذرها من وجهة نظرنا هى لفت نظر الدولة المصرية إلى أنها لاتزال تحت الرعاية الغربية ومحاولة التشكيك فى كل خطواتها، كما يمكن اعتبارها أيضاً رسالة للضغط على الجانب الروسى وهناك مناكفات مكتومة ما بين التحالف الغربى وروسيا على خلفية المشهد فى سوريا، بما يجعلنا نستنتج أن ما حدث محاولة لتوجيه رسالة بأن الرعايا والمصالح الروسية حتى وإن كانت خارج مسرح العمليات فى سوريا والعراق قد تكون محل استهداف من قبل الجماعات الإرهابية أو تحت التهديد.
ولعلنا لا نبالغ لو قلنا إننا أمام محاولة دنيئة للنيل من مصر، وحرب تركيع، تستخدم فيها الولايات المتحدة كل أسلحتها وآلتها الدعائية للضغط اقتصادياً بعد أن فشلت مساعيها للضغط السياسى أو باستخدام الإرهابيين.
لا نبالغ أيضاً لو قلنا إن الولايات المتحدة وبريطانيا بعد فشل الأتباع فى المنطقة (ونقصد قطر وتركيا) فى إحراز نتائج ملموسة ضد مصر، قررت الدولتان الكبيرتان أن تنزلا إلى أرض الصراع بشكل واضح وفج.. رافعين لافتة «بلطجة القوة».
الإعلان الأمريكى أو البريطانى فيه كثير من التعجل والتجنى أكثر مما هو مستند إلى حقائق وفيه قفز على نتائج التحقيقات بمحاولة فرض ترجيحات جديدة حول الموضوع، أما إمكانية اختراق مطار شرم الشيخ بوضع عبوة ناسفة على الطائرة، فهى فرضية لا تخرج عن قائمة طويلة من الفرضيات تقوم أجهزة التحقيق المصرية-الروسية بالبحث فيها منذ اللحظة الأولى، لكن محاولة تصويرها على أنها السبب الرئيسى والسبب الذى توصلت إليه أمريكا أو بريطانيا دون أن يكون لديهم أى ممثل فى طاقم التحقيق فى موقع الحادث، فهى تحليلات تدور فى المكاتب بعيدة عن مسرح الحادث وتدفع إلى طرح عشرات علامات استفهام ومئات علامات التعجب.
كما أن القانون الدولى ينص على اختصاص الدولة التى وقع فيها الحادث بالتحقيقات وعلى باقى دول العالم تقديم المساعدة لها وإمدادها بأى معلومات لديها قد تساعد فى التحقيقات، ولكن أمريكا وبريطانيا أعلنتا أن لديهما معلومات ولم تقدماها حتى الآن للجنة التحقيق.
ومما يثير الدهشة أيضاً أن وكالة «رويترز» نقلت عن مصادر مخابراتية غربية أن جواسيس بريطانيين وأمريكيين التقطوا «دردشة» من أشخاص يشتبه بأنهم متشددون وحكومة واحدة أخرى على الأقل تنبئ باحتمال أن قنبلة ربما تكون مخبأة فى مخزن الأمتعة هى سبب سقوط الطائرة الروسية!!
وقالت المصادر المخابراتية الغربية، تضيف رويترز، إن جزءاً من التقييم بشأن القنبلة جاء من اتصالات تم رصدها من أشخاص يشتبه بأنهم متشددون وحكومة واحدة أو أكثر شملها التحقيق.
هل يعقل أن تصدر تصريحات من رئيسى أكبر دولتين فى العالم ويصدران قرارات على إثرهما بسبب دردشة بين إرهابيين، وبالطبع لابد من أن نضع فى الاعتبار أن امتلاك أجهزة المخابرات لتقنية تجعلها تلتقط محادثات أو دردشات الإرهابيين يجعلها شريكة رئيسية فى كل عملياتهم ولو بالتواطؤ.
إن سقوط طائرة ركّاب مدنيّة يصبح دائماً لغزاً يحيّر الخبراء والمحققين على مدى شهور وربما سنوات، قبل أن يتمكّنوا من إزالة ستار الغموض عنه. ومن هنا، يصبح اللغز الأكبر هو كيفية توصل أطراف لا علاقة لها بالموضوع إلى معلومات أو تصورات أو فرضيات بعد ساعات معدودة من وقوع الحادث؟!
كما أن محاولة ربط الحادث بتنظيم «داعش» أمر محير جداً، مع الوضع فى الاعتبار أن التنظيم لم ينتظر طويلاً وأعلن مسئوليّته عن إسقاط الطائرة، بصاروخٍ مضاد للطائرات، الأمر الذى كان مثيراً للسخرية، وتم استبعاد احتمالية حدوثه تقنيّاً، قبل أن يظهر رئيس الوزراء البريطانى ويتبعه الرئيس الأمريكى ليصححا الأمر أو يحاولا «تظبيط» رواية داعش بزعمهما أنّ الطائرة تم إسقاطها بوضع قنبلة داخلها، وهى الفرضية التى يمكننا أن نستخرج منها عشرات الأسئلة، وعلامات التعجب!!
وما من شك فى أن تنظيم داعش يتبع سياسة دعائيّة كبيرة لإثارة الرعب، والدعاية السياسيّة أو البروباجاندا لا تستبعد الكذب عن أجنداتها للوصول إلى غاية معيّنة أو هدف معين، ولدينا ألف دليل يشكك فى قدرة التنظيم على إدارة عمليّات أمنيّة معقدة وعابرة للدول والأقاليم.. أبسطها أنّ هجمات «داعش» كانت واضحة فى دول عدّيدة حول العالم، ولم تكن تتطلّب فى معظم الحالات تخطيطاً مركزيّاً كما أن معظم الاعتداءات التى حدثت بعيداًً عن سوريا والعراق، شنّها ما بات يُعرف بـ«الذئب المنفرد» (lone wolf) أى بقيام إرهابيين بالتخطيط والتنفيذ ثمّ يتبنّاهم «داعش» بدون أن يكون قد صدرت أوامر من القيادة إليهم، وبدون حتّى حدوث مجرّد تنسيق أو معرفة مسبقة من القيادة بما ينوى المخطّطون تنفيذه!!
والثابت هو أن مطار شرم الشيخ يشهد إقلاع وهبوط مائة رحلة أسبوعياً كحد متوسط ولم يحدث أى خرق أمنى فيه حتى فى أوج قوة المجموعات الإرهابية داخل سيناء، حيث يحيط بالمطار سياج أمنى دقيق للغاية بعمليتى الإقلاع والهبوط والتفتيش والتأمين ومع ذلك لا يوجد نطاق أمنى يصل إلى 100٪ فحتى المطارات الأمريكية تم اختراقها.
الثابت أيضاً هو أن الإجراءات الأمنية فى المطارات المصرية عالية وبتقنيات حديثة، وفى ظروف كانت أسوأ مما نحن فيها بمئات المرات لم تحدث هذه الحوادث، بما يعنى أنه بعد التطور والتطوير الفنى والتقنى فى أجهزة الأمن والخبراء الموجودين والإجراءات المتسلسلة، يمكن تماماً استبعاد فرضية وجود عمل إرهابى.
وبناءً على التصوير والمعلومات المتاحة، فالاختراق الأمنى مستبعد، وفى مطار شرم الشيخ بالتحديد لكونه قبلة للسياح والمؤتمرات الاقتصادية، ونسبة الأمن فيه عالية جداً.
ما لدينا من معلومات يؤكد أنه خلال الـ96 ساعة التالية للحادث تم تحليل الأشرطة الكاملة للتفتيش على الأفراد والحمولات والتى تصور بتقنية عالية، فلم يوجد بها شىء.
أما ما قيل عن إمكانية وجود عميل فى الخارج، فبتحليل الكاميرات الموجودة فى ساحة المطار لم يظهر له أثر!!
هناك أيضاً تقرير الفحص الفنى للمطار وليس لشركة الطيران الذى يفحص الطائرة من الخارج، وهو التقرير الذى جاء إيجابياً وسليماً.
يبقى احتمال حدوث انفجار المحرك وهو وارد إذا كان المحرك قد اشتعل ومن المعروف أن الوقود موجود فى ذيل الطائرة ويمكن أن يؤدى إلى انفجار، لكن تظل كل هذه احتمالات إلى حين صدور نتيجة التحقيقات.
واللافت للنظر هو أن ملابس الركاب فى المخزن سليمة ولا حروق عليها، ولو كان هناك احتمال لصحة نظرية تفجير عبوة فى الطائرة لكانت أدت إلى انفجار خزان الوقود وبالتالى تفحم الطائرة.
كما أن صور الطائرة بعد الحادث لا تظهر ذلك بما يعنى أن هذا الاحتمال ضعيف، ليبقى الاحتمال الأساسى عطلاً فنياً وستثبت ذلك تحليلات الصندوقين الأسودين، وما من شك فى أن التحقيقات تتم بشفافية بالغة من قبل اللجنة التى لديها تقنية عالية فى بحث هذه الأمور.
التصعيد الأمريكى البريطانى.. وفضيحة واشنطن مع الإرهابيين
ردود الفعل حول سقوط الطائرة تطورت بشكل متسارع وملحوظ جدا فور تصريح رئيس الوزراء البريطانى بأنه يرجح احتمالية وجود قنبلة على متن الطائرة أدت لانفجارها قبل سقوطها، وهو نفسه ما ذهب إليه الرئيس الأمريكى بعدها بساعات، وهو ما يجعلنا نعيد استعراض أو التركيز فى تطورات الحادث منذ سقوط الطائرة يوم السبت قبل الماضى وحتى إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وقف الرحلات الجوية إلى مصر بعد توصية مخابراتية، لحين التحقق من أسباب سقوط الطائرة.
ففور تحطم الطائرة، استبعدت القاهرة وموسكو وجود «عمل إرهابى» وراء الحادث، ثم أعلن بوتين وأوفدت موسكو لجانها للتحقيق، وظهر وزير النقل الروسى ليؤكد أنه «لا دليل على وقوف الإرهاب خلف سقوط الطائرة بسيناء»، بالتزامن مع دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى عدم استباق التحقيقات لمعرفة أسباب سقوط الطائرة وتأكيده على أننا «نتعاون مع الجهات الروسية».. بعدها قال أكثر من مسئول مصرى إن أجواء سيناء آمنة ومفتوحة للطيران وإن تحليل الصندوقين الأسودين للطائرة بدأ.. ثم خرج تصريح من الكرملين لا يستبعد أى فرضيات فى حادث الطائرة بما فيها «العامل الخارجى».. وأعلنت «واشنطن» أنه لا مؤشرات بعد على وجود «عمل إرهابى» تسبب فى سقوط الطائرة، وبتأكيد الرئيس السيسى على أن مزاعم «الإرهابيين» بإسقاط الطائرة محض دعاية للإضرار بسمعة مصر، وصل وفد فنى وقضائى روسى إلى مصر للمشاركة فى التحقيقات.. ثم أعلن تنظيم «داعش» مجدداً مسئوليته عن إسقاط الطائرة المنكوبة دون توضيح كيفية حدوث ذلك ووعد بتسجيل صوتى يحمل التفاصيل.. بعدها، أعلنت بريطانيا تعليق رحلاتها إلى شرم الشيخ لتنامى القلق من أن عبوة ناسفة وراء سقوط الطائرة بالتزامن مع إعلان عدد من وسائل الإعلام أن أصابع الاتهام تتجه إلى تنظيم داعش الإرهابى بشأن سقوط الطائرة بحسب مصادر أمنية أمريكية قالت إن لديها أدلة على أن زرع قنبلة هو السبب الأرجح لتحطم الطائرة وهو ما رفضه وزير الخارجية المصرى.. ثم ظهر ديفيد كاميرون ليرجح فرضية إسقاط الطائرة الروسية بقنبلة تم زرعها على متنها وهو ما رد عليه مسئولون مصريون بإعلان استيائهم من محاولات استباق نتائج التحقيقات وبتوضيح وزير الطيران المدنى المصرى أن الولايات المتحدة وبريطانيا لا تشاركان فى تحقيقات حادثة الطائرة.. وأخيراً، أعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين موافقته على توصية مخابراتية بتعليق الرحلات الجوية إلى مصر لحين التحقق من أسباب سقوط الطائرة.. وقال الكرملين إن وقف
الرحلات لا يعنى أن تحطم الطائرة نتيجة عمل إرهابى.
ومن الواضح تماماً أن التعامل مع الحادث اتسم بالهدوء فى البداية على الصعيد الدولى إلا أن تصريح وزير الخارجية البريطانى، فيليب هاموند ثم أمريكا بترجيح وجود قنبلة على متن الطائرة قلب موازين الحادث وجعلها تعلو فى مؤشرات الأخبار ومصدر اهتمام عالمى.
ثم استطاعت بريطانيا وأمريكا أن تحولا هذا الاعتقاد إلى فكرة راسخة مستغلتين شبكات وسائلهما الإعلامية القوية التى تعتبر مصدراً إخبارياً مهماً لجميع الصحف ووسائل الإعلام العالمية، ويبدو أن هذا التوجه الأمريكى البريطانى وراءه ضغوط سياسية وأمنية على مصر خاصة فى الوقت الذى كان يقوم فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة للندن.
ثم تسارعت الأمور، حينما خرج الرئيس الأمريكى باراك أوباما ليقول إنه يوجد احتمال بأن يكون حادث تحطم الطائرة الروسية قد نجم عن قنبلة على متنها، كما أعلن البيت الأبيض أن أمريكا لا تستبعد احتمال ضلوع إرهابيين فى حادث تحطم الطائرة الروسية فى مصر، مستنداً أيضاً إلى معلومات مخابراتية.. وبدأ الحادث يأخذ طابع الجدية والخطورة، مع إعلان بريطانيا أن الطيران فوق سيناء منطقة خطرة، مطالبة مواطنيها فى شرم الشيخ بالتوجه إلى المطار لنقلهم عبر رحلات طوارئ إلى الأراضى البريطانية، وهو ما يشكل ضربة قوية خاصة أن البريطانيين فى مصر يشكلون ثانى أكثر السياح الذين يأتون إلى مصر بعد الروسيين.
ومجدداً، خرج الرئيس الأمريكى ليعلن عن ترجيحه أن يكون سبب تحطم الطائرة هو وجود قنبلة على متنها وأن تنظيم داعش هو منفذ الاعتداء، موضحاً أن أمريكا تأخذ هذا الاحتمال بشكل تقنى، فى نفس الوقت أعلنت أمريكا أن منطقة سيناء أصبحت خطرة ولا يمكن الطيران فوقها بسبب تنظيم داعش، أيضاًً خرج وزير الأمن الداخلى الأمريكى «جيه جونسون» يوم الجمعة ليقول: إن الولايات المتحدة ستعزز أمن الرحلات الجوية المتجهة إليها من المنطقة، كما ادعت واشنطن أن لديها تسجيلاً صوتياً بين التنظيم الإرهابى فى الرقة بسوريا وأتباعه فى سيناء «بيت المقدس»، يؤكد استهداف التنظيم للطائرة الروسية، بل وإعلانها بعد ذلك احتمالية أن القنبلة وضعت على الطائرة بواسطة التنظيم.
تتابع الأحداث بهذا الشكل يشير إلى هجمة مرتبة ضد مصر، سيكون لها آثارها السلبية مباشرة على الاقتصاد المصرى، خاصة أن السياحة فى مصر كانت فى طريقها للتعافى، إلا أن القرارات الأخيرة من جانب الدول التى طلبت من رعاياها مغادرة مصر تصب فى الاتجاه المضاد، كما أن الأمر لا يخلو من تكهنات حول استهداف العلاقات المصرية ـ الروسية، التى بدأت تشهد تطوراً ملحوظاً خلال العامين الماضيين، بشكل ربما أزعج عواصم غربية، فكان اللجوء إلى محاولة «توتير» العلاقات بين القاهرة وموسكو.
على أن ما لا يمكن الشك أو التشكيك فيه هو أن هناك حملة إعلامية ممنهجة ضد مصر، يتم فيها استخدام حادث سقوط الطائرة، كذريعة أو «تلكيكة»، ليس أكثر!!
***
أسرار
20 دقيقة للصندوق الأسود
ومهم هنا أن نشير إلى أنه فى ضوء تعليق رحلات الطيران الروسية إلى مصر، تم مساء الجمعة الماضى اتصال هاتفى بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وفى إطار التفهم المشترك لتوفير أقصى درجات التأمين للسائحين الروس فى مصر، تم الاتفاق بين الرئيسين على تعزيز التعاون بين السلطات المعنية فى الدولتين من خلال التنسيق بين سلطات الأمن والطيران المدنى فى البلدين بهدف ضمان أمن وسلامة السائحين الروس وتعزيز الإجراءات الأمنية للطائرات الروسية، هذا وقد تم الاتفاق على استئناف رحلات الطيران الروسية إلى مصر فى أقرب وقت ممكن.
أيضاً أعلن سامح شكرى، وزير الخارجية -السبت الماضى- أن مصر لا تؤيد أى فرضية بشأن تحطم الطائرة الروسية فى سيناء، وأضاف خلال مؤتمر صحفى عقده مع وزير الخارجية المجرى بيتر سيارتو أن دعوات محاربة الإرهاب التى أطلقتها مصر لم تلق ترحيباً من دول تقوم الآن بسحب رعاياها من مصر.
وبين كل المعلومات الزائفة والمضللة التى تناقلتها وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية، كان الأقرب للصحة من وجهة نظرنا هو ما كشفته صحيفة «كوميرسانت» الروسية، التى أكدت أن الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، لم يقدم أى أدلة لحل لغز الحادث.
وقالت الصحيفة إن المعلومات التى تم الحصول عليها من الصندوق الأسود، لا يساعد فى كشف أسباب الحادث فى الوقت الراهن، وأوضحت، نقلاً عن مصادر خاصة بها، أنه خلال سماع تسجيل البيانات استمر المسجل لأكثر من 20 دقيقة، وجميع الأنظمة تعمل بشكل صحيح، وبعد ذلك انقطع التسجيل، حيث يشير الخبراء إلى أن هذا الأمر قد يكون راجعاً للضغط الهائل فى المقصورة، ثم فصل جسم الطائرة عن ذيلها وتوقف المسجل على الفور بعد انفصال الذيل.
كذلك كانت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء، قد نقلت عن مصادر، إن التسجيلات الصوتية للطائرة الروسية المنكوبة أشارت إلى وجود أصوات غير مألوفة فى مقصورة القيادة فى الوقت الذى تحطمت فيه الطائرة.
وغير الموقف الروسى بشأن منع الرحلات من وإلى مصر، لا يلفت نظرنا غير أن الهيئة المختصة بتنظيم الطيران فى روسيا، أعلنت يوم الجمعة الماضى، تعليق العمل بشهادات الطيران الممنوحة لطائرات «بوينج 737» المستخدمة حالياً فى روسيا إلى حين تلقيها ما يؤكد سلامة الطائرة، ومن بيان صدر عن اللجنة عرفنا أن تعليق الشهادات سيظل سارياً إلى حين تلقيها من الوكالة الاتحادية للنقل الجوى ومن الإدارة الاتحادية الأمريكية للطيران ما يفيد بسلامة مسطحات التوجيه الموجودة فى ذيل الطائرة (بوينج 737) والتى تساعد فى توجيه الطائرة.
أيضاً، كانت الإدارة الاتحادية الأمريكية للطيران قد أصدرت بياناً قالت فيها: «إن المخاوف الروسية بشأن مسطحات توجيه الذيل ترجع إلى عام 2013 إثر تحطم طائرة (بوينج 737) تتولى تشغيلها شركة طيران تتارستان، والتى راح ضحيته كل من كان على متن الطائرة وعددهم 50 شخصاً!!
النكتة الأكبر هى أن صحيفة «ديلى ميل» البريطانية زعمت يوم السبت الماضى أن طائرة تابعة لخطوط «طومسون» الجوية البريطانية تفادت صاروخاً كاد يصيبها أثناء هبوطها فى شرم الشيخ قبل شهرين من تحطم الطائرة الروسية!!
ووفقا لما نشرته الصحيفة، فإن الطائرة التى أقلعت من مطار «لندن ستانستيد» فى 23 أغسطس تمكنت من النجاة بعد تمكن الطيار من تفادى الصاروخ بشكل سريع، وأنقذ 189 راكباً كانوا على متنها آنذاك، لتهبط الطائرة بسلام فى مطار شرم الشيخ، ولم يقم طاقم الطائرة وقتها بإبلاغ الركاب بالخطر الذى كاد يودى بحياتهم.
ونقلت الصحيفة عن مصدر كشف أن مساعد الطيار كان يقود الطائرة، بينما توُجد قائد الطائرة داخل غرفة القيادة ورصد هجوم الصاروخ ناحية الطائرة، وأمر مساعده بالانحراف يساراً على الفور من أجل تفادى الضربة.
وأضاف المصدر نفسه أن لا أحد حينها من الذين كانوا على متن الطائرة علم بالحادثة ما عدا 5 أفراد من طاقم الطائرة، عرض عليهم البقاء تلك الليلة فى مصر من أجل التعافى من الصدمة، لكنهم فضلوا العودة إلى بريطانيا!!.. هل بعد هذه الهلاوس، هلاوس؟!
وما يستحق التوقف هو عدم وجود أى ردود فعل عربية أو دولية على الكاريكاتير السخيف الذى نشرته مجلة «شارلى إيبدو» الفرنسية، والذى يسخر من مأساة الطائرة المنكوبة، باستثناء إثارته لاستياء واسع فى روسيا، ووصف الكرملين له بأمر غير مقبول.
دميترى بيسكوف المتحدث الرسمى باسم الرئيس الروسى، قال فى تصريح له يوم الجمعة 6 نوفمبر: «إننا نسميه فى روسيا تدنيساً للمقدسات، ولا علاقة له بالديمقراطية أو حرية التعبير»، لكنه أضاف أن موسكو لا تخطط لمناقشة هذا الموضوع خلال اتصالاتها مع باريس، مستبعداً تأثيره على العلاقات الثنائية.
وأوضح بيسكوف أن «شارلى إيبدو» مجلة قليلة الانتشار ومثيرة للجدل لا يقبلها كثيرون، كما أكد أنه لا مكان لمثل وسائل الإعلام هذه فى المجتمع الروسى متعدد القوميات والديانات. وفيما يخص رد الفعل الغاضب من جانب النواب الروس على الرسوم المسيئة الجديدة لـ«شارلى إيبدو»، فقد ربطه بيسكوف بعجزهم عن قبول مثل هذه النزوات الشاذة من وجهتى النظر العاطفية والوجدانية.
كما أدان برلمانيون روس بشدة الكاريكاتير باعتباره يسخر من مأساة الطائرة الروسية المنكوبة ووصف قسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة الشؤون الدولية فى مجلس الاتحاد الروسى (الشيوخ) نشر الكاريكاتير بأنه أمر مناف للأخلاق، باعتبار أنه يستهدف الدعاية الذاتية والحصول على مكاسب مالية على حساب مآسى الآخرين.
الكاريكاتير الذى نتحدث عنه عبارة عن رسمين متعلقين بكارثة الطائرة الروسية يربط الرسم الأول كارثة الطائرة بالعملية الروسية فى سوريا ويظهر إرهابياً يسقط عليه حطام طائرة. ويظهر الرسم الثانى جمجمة وسط حطام الطائرة تتحدث مع نفسها عن مدى خطورة الرحلات الروسية منخفضة التكلفة!
أيضاً، كانت هناك فضيحة عالمية للصحافة البريطانية، بنشر جريدة الـ«إندبندنت»، يوم الجمعة الماضى، تقريراً مطولاً نقلت خلاله صوراً نشرها وائل حسين، مراسل الـ«بى.بى.سى»، لأحد موظفى «الخدمة السريعة» بمطار شرم الشيخ، وهو يتقاضى رسوم الخدمة المعمول بها بعدة مطارات عالمية، ومن بينها مطار دبى، وزعمت أنها تظهر رجال أمن يتقاضون أموالاً لتسهيل مرور السياح وتخطيهم الإجراءات الأمنية، وقالت إنها تأتى بعد كشف الاستخبارات البريطانية أن انفجار الطائرة الروسية قد يرجع لزرع قنبلة داخلها.
مراسل «بى.بى.سى» نشر الصور وذكر عبر حسابه على تويتر، أنه رأى أحد موظفى المطار، يتقاضى 15 ديناراً أردنياً، مقابل «الخدمة السريعة»، والتى يعبر بها السائح دون الانتظار فى الطوابير، فنقلت الـ«إندبندنت» الصور وزعمت أنها رشاوى للأمن لتجاوز الإجراءات والتفتيشات الأمنية. رغم أن تلك الخدمة، خدمة الـ«VIP» يتم تطبيقها فى مختلف مطارات العالم، لاستقبال القادمين للبلاد وليس المغادرين، ويطلق عليها فى مطار دبى خدمة «فاست تراك»، كما تلجأ الفنادق العالمية لاستخدام هذه الخدمة لاستقبال السياح الحاجزين للإقامة بها، من المطار.
وبعد أن نشرت الـ«إندبندنت» الصور وتعاملات معها باعتبارها فضيحة تبعتها صحف أخرى مشبوهة مثل الهافنجتون بوست بتقرير مطول عنوانه «صور لموظفين يتلقون رشاوى من سياح فى مطار شرم الشيخ لتخطى الصفوف».. بعد ذلك كله ظهر مراسل الـ«بى.بى.سى»، ليقوم بتكذيب الصحيفة البريطانية، مؤكداً أن الصور لأحد مقدمى خدمة الـ«VIP»!!
على أن ما يستحق إشادة، هو قرار شركات الطيران السعودية استمرار طيران رحلاتها فى منطقة جنوب سيناء، باعتبارها المنطقة الآمنة للطيران، إلى جانب استمرار رحلاتها إلى مطار شرم الشيخ، بعد حادث الطائرة الروسية.
عبدالرحمن الفهد مساعد المدير العام للخطوط السعودية للعلاقات العامة، والمتحدث الرسمى أعلن أن رحلات السعودية لم تتأثر بحادث الطائرة الروسية ولم يتم تغيير مسارات الرحلات، حيث تبين بعد أنه المسار الأكثر أمناً، مشيراً إلى أن ذلك يأتى فى إطار حرص السعودية على سلامة مسافريها.
وأضاف أن المسارات الجوية التى تستخدمها رحلات السعودية تقع فى جنوب سيناء، وهى منطقة آمنة بحسب التقارير التى حصلنا عليها قبل تسيير الرحلات فى تلك المنطقة، مشيراً إلى أن أغلب المخاوف لخطوط الطيران تقع فى منقطة شمال سيناء، مؤكداً استمرار السعودية فى تسيير رحلاتها المجدولة إلى شرم الشيخ ولم يطرأ عليها أى إيقاف نتيجة حادث الطائرة الروسية.
وفى السياق ذاته، قالت شركة طيران «ناس» إن رحلاتها المتجهة إلى جمهورية مصر لا تعبر أجواء شبه جزيرة سيناء، وإنما تعتمد مساراً حول الجزء الجنوبى من شبه الجزيرة خلال الرحلات من وإلى القاهرة، إضافة إلى بقية الوجهات فى المطارات المصرية.
وأوضحت الشركة أنها تتواصل بشكل مستمر مع الهيئة العامة للطيران المدنى فى السعودية ومع السلطات المصرية، ممثلة بوزارة الطيران فى مصر، كما تقوم برصد القضايا المتعلقة بسلامة المسافرين فى المنطقة.
وأكدت الشركة أن سلامة ضيوفها المسافرين فى مقدمة أولوياتها، كما أنها تنفذ عملياتها كافة استناداً إلى أعلى المعايير المتبعة فى صناعة النقل الجوى، إضافة إلى الالتزام الكامل بكل النظم واللوائح التى تطبقها الهيئة العامة للطيران المدنى والمنظمة الدولية للطيران المدنى (إيكاو).
والإشادة أيضاً واجبة بموقف دولة الإمارات الشقيقة التى هددت بوقف صفقاتها العسكرية التى تقدر بالمليارات مع الحكومة البريطانية ووضع نهاية لتعاون الدولتين مخباراتياً، والتوقف عن الاستثمار داخل إنجلترا فى حالة عدم ملاحقة رئيس الوزراء «ديفيد كاميرون» جماعة الإخوان المسلمين قانونياً وفقاً لما نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية.
يبدو أن هذا الموقف ظاهرياً بعيداً عن قصة الطائرة، لكننا نراه مرتبطاً بها بشكل أو بآخر، خاصة أن «الجارديان» أكدت أنها اطلعت على وثائق للحكومة الإماراتية تفيد بقيام ولى عهد إمارة أبو ظبى بمطالبة «كاميرون» بملاحقة جماعة الإخوان قانونياً مقابل عمليات استثمارية للإمارات داخل المملكة المتحدة ستدر على الاقتصاد البريطانى المليارات من الدولارات، وكشفت الصحيفة نقلاً عن تلك الوثائق عن تلقى السفير البريطانى بالإمارات تحذيراً من رئيس نادى مانشستر يونايتد الإنجليزى، ومساعد ولى عهد إمارة أبوظبى «خلدون المبارك»، شرح فيه عدم رضا الإمارات عن سياسة بريطانيا مع جماعة الإخوان المحظورة، لافتاً إلى أن العلاقة بين البلدين مهددة من قبل رؤية بريطانيا للجماعة التى اعتبرها «المبارك» تهديداً ليس للإمارات فقط، بل للمنطقة بأثرها، وتطرقت الصحيفة البريطانية إلى شكاوى حلفاء بريطانيا بمنطقة الشرق الأوسط، وهم مصر والإمارات والسعودية، من توغل جماعة الإخوان داخل المجتمع الإنجليزى دون أى محاولة لملاحقتهم قانونيا.
وأخيراً، كان لافتاً للنظر فى المؤتمر الصحفى الذى عقدته اللجنة الخماسية المعنية بالتحقيق فى حادث الطائرة الروسية عدم حضور أعضاء لجنة التحقيق الممثلين لروسيا وفرنسا وألمانيا وإيرلندا والشركة المصنّعة!!
الطيار أيمن المقدم رئيس اللجنة الفنية المكلفة بالتحقيق، أكد أن اللجنة دعت المحققين الأجانب لحضور المؤتمر، ولكنهم تخلفوا، قائلاً: «لا توجد مؤامرة ووجهنا لهم دعوة رسمية للمشاركة فى هذا المؤتمر ولكنهم أصروا على عدم المشاركة، ربما يكون لديهم أسبابهم أو قواعد تمنعهم من هذه اللقاءات، ولكنهم يعرفون ما جاء بهذا البيان وشاركوا فيه».
وفى ضوء التناول الموضوعى للطيار أيمن المقدم ورغم عدم تصريحه أو تلميحه بنتائج قاطعة، فإن رفض أعضاء لجنة التحقيق الأجانب لحضور المؤتمر الصحفى يمثل علامة استفهام كبيرة ويشير إلى مقاصد مريبة!!
وفى النهاية نؤكد للمرة الألف أن مصر لن تسقط، بل سيسقط كل المتآمرين عليها.. وبعد أن اتضحت الرؤية.. وتأكد الجميع أن مصر تواجه حرباً، وأن الدول التى توصف بالعظمى تريد عبر كل أسلحتها القذرة أن تحاصرنا اقتصادياً لتركيعنا فى محاولة لعقابنا على إفشالنا لخططهم ومؤامراتهم.
بعد أن أصبح اللعب «ع المكشوف»، ننتظر رداً حاسماً وقوياً من القيادة المصرية.. ننتظر رداً على الأرض، يوضح حقيقة ما حدث بالضبط، ويوقف المتآمرين عند حدهم.