ياسر بركات يكتب عن: دولة الأبالسة .. ننشر رسائل التهديد إلى الرئيس
إن جبروت المال وسطوته صنعت أبالسة يتحدون فى دائرة واحدة لهلاك مصر وشعبها، وليست تلك مبالغات ولكنها حقائق نكشفها بالتفاصيل للرأى العام حتى تتضح معالم المؤامرة التى يتم التخطيط على مرأى ومسمع من مؤسسات الدولة وفى وضح النهار.
كتبت على هذه الصفحة أكثر من ثلاثين مقالاً عن شبكات المصالح التى تجمع بقايا نظام مبارك مع جماعة الإخوان الإرهابية فى جبهة واحدة ضد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقدمت بالوقائع والوثائق كيف أشعل أباطرة المال نار الصراع ضد الرئيس منذ أن اجتمع بهم فى أول لقاء، وطلب منهم التبرّع للدولة بـ100 مليار جنيه دعماً للاقتصاد المصرىّ، وهى الدعوة التى عاد وجددها حين دعاهم للتبرّع إلى صندوق «تحيا مصر».. فخذلوه ولم يحصد الصندوق -حسب علمنا- أكثر من 9 مليارات جنيه.
وكشفنا على هذه الصفحة عشرات المؤامرات التى كان يتم التنسيق لها لإشعال الشارع ضد الرئيس والتحريض ضده فى صحف يمتلكها عدد من هؤلاء الأباطرة الذين يعتبرون الرئيس السيسى عقبة أمام توحشهم خاصة وهو يطالبهم دائماً بتسديد فواتير الوطن الذى يحمى استثماراتهم ودفع جزء بسيط من ديونهم لهذا الشعب وهذه الأرض الطيبة التى نهبوا ثرواتها.
كما كشفنا عشرات الصفقات بين قيادات بالحزب الوطنى المنحل وبين قيادات فى الجبهة السلفية للاستحواذ على البرلمان المقبل، وعادة يسعى رجال الأعمال لدعم الأنظمة لضمان عدم عرقلة استثماراتهم، وفى سبيل ذلك أيضاً يحاولون أن تكون لهم أذرعهم الإعلامية فى القنوات المختلفة، سواء بامتلاكها أو بشراء مساحات فيها أو بالتأثير عليها بشكل أو بآخر.. ولدينا الأشكال المتعددة.. لدينا قنوات مملوكة لرجال الأعمال محمد أبوالعينين ونجيب ساويرس ومحمد الأمين وحسن راتب وأحمد بهجت.
ولدينا قنوات مملوكة لآخرين، يخضعون لأشكال عديدة من سيطرة رجال الأعمال! وغير الحفاظ على المشروعات والاستثمارات، يحاول رجال الأعمال أيضاً مساومة النظام السياسى على تحقيق مطالبهم وغالبا ما تصطدم هذه المطالب بتردى الأوضاع الاقتصادية.
والحقيقة هى أن شريحة رجال الأعمال ترتبط دائماً بالأنظمة الحاكمة فى مختلف الدول فى أوروبا وأمريكا وفى مصر، فالسلطة تحتاج إلى المال لمساندتها فى تثبيت أركان حكمها والمال يحتاج إلى السلطة ليدعم نموه واستمراره، ولكن الأهم ألا يخالف هذا الخلط بين المال والسلطة القانون القائم.
غير أنه فى مصر وعلى مدار الأنظمة السابقة كان اختلاط المال بالسلطة يخالف القانون وأيضاً على حساب هيبة الدولة وقوتها وتطبيقها لمفهوم العدالة بين أفراد المجتمع.
لا ننكر طبعاً أن فى مصر رجال أعمال يعملون فى صمت ولم يتورطوا فى علاقات معلنة مع نظام مبارك، غير أن الجهة المقابلة فيها عدد كبير لم تكن مشروعاته ستحقق أى نجاح إلا بالمشاركة مع نظام فاسد ضرب الفساد كل مؤسساته، فحصلوا على تسهيلات من كل مؤسسات الدولة، وتهربوا من الضرائب وحققوا أرباحاً خرافية نقلتهم سريعاً من نادى المليونيرات إلى نادى المليارديرات!!
وهاهم يحاولون الآن أن يلعبوا دوراً داخل النظام السياسى الحالى، أو يحاولون التعايش مستخدمين وسائل إعلام ومنابر السياسة، يستخدمونها أحياناً للضغط على النظام مرة بغمزة خفيفة ومرة بتلميحات برفع السقف وأحياناً بما يشبه التهديد!!
بوادر هذه التحركات ظهرت فى الانتقادات الحادة التى توجهها عدة صحف وقنوات خاصة للحكومة والرئيس، ولم يعد خافياً على أحد وجود حالة من عدم الرضا فى صفوف أصحاب الفضائيات والصحف.
ويكفى أن تقارن بين ما تنشره صحف تابعة أو مملوكة لرجال أعمال عن الوضع الاقتصادى، وما تنشره صحف عالمية!!
إن رجال أعمال بعينهم قلقون، من خطوات السيسى أو مشروعه الإصلاحى، وبعضهم يشكون بوضوح من أنهم لم يعد بإمكانهم التأثير على السياسات الحكومية على خلاف ما كان عليه الحال فى الماضى.
ومع سعيهم لاستعادة نفوذهم فإنهم يشاركون فى سباق الانتخابات، ومن المحتمل كما هو الحال مع المسئولين من عهد مبارك وأعيان المحافظات أن يحققوا نتائج جيدة فى ظل نظام انتخابى يحابى من لديهم المال والمعارف والصلات السياسية.
وكلنا نتذكر بالطبع أن صفقات كثيرة، تمت فى عهد مبارك من تخصيص أراض وخصخصة شركات وكلها تمت بشكل مريب وبعيد كل البعد عن الشفافية ويخالف القانون أو بقوانين تم تفصيلها.
غير أن تحريك الدعاوى القضائية ضد بعض هذه الصفقات بعد 25 يناير، أثّر سلباً على الاستثمار لفترة، بشكل جعل من أداروا البلاد يعيدون النظر، وبدأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقتها فى وضع إطار للتصالح مع رجال الأعمال وأصدر قراراً رقم 4 فى يناير 2012، الذى ركز على فكرة رد الأموال، وانقضاء الدعوى الجنائية بعد إتمام التصالح!!.. وهو الوضع الذى أبقاه مجلس شعب الإخوان كما هو عليه.. بل وسعى للتصالح مع رجال أعمال عهد مبارك!!
ولابد من النظر بكثير من الحرص والقلق إلى خطوة التصالح مع رجال الأعمال، والتى نراها محاولة لتقديم ضمانات وتطمينات حتى يعود رأس المال، بتأمين الصفقات وأطرافها، على حساب القانون وتعطيل الرقابة، غير أننا فى الوقت نفسه لابد أن نضع نصب أعيننا أن هؤلاء يمتلكون قدراً كبيراً من الشبكات التى يدخل من خلالها رأس المال الأجنبى، مثل شركتى هيرمس ومجموعة القلعة والتى تضم صناديقها أموالاً من دول عربية عديدة!!.. فهل تضحى السلطة السياسية بدولة القانون من أجل هؤلاء؟!
إن كل ذلك يتم فى سيناريوهات تسبق الانتخابات البرلمانية فى محاولة لإعادة ترتيب أوضاع أصحاب النفوذ وفرض مزيد من الحصار على فقراء مصر.. وفى السطور القادمة نرصد باقى خطوات سيناريوهات «الأبالسة».
من وراء إعلان إفلاس مصر فى صحف أباطرة البيزنس؟!
نخطئ لو تجاهلنا أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال، كان لهم تأثير على القرار السياسى ومقربون من نظام مبارك، وأنهم حققوا مكاسب فلكية بسبب حصولهم بدون وجه حق على أراض كثيرة ولم ينفذوا المشروعات التى كان يجب أن يتم تنفيذها.
أراضى خليج السويس، مثلاً، التى كان من المفترض أن تقام عليها مشروعات تخدم ميناء السخنة.. وبسبب عدم تنفيذ المشروعات التى كان متفقاً عليها، تأثر الاقتصاد بشكل كبير وتحول إلى اقتصاد ريعى بدلاً من أن يكون اقتصاداً منتجاً.
وبينما الثابت هو أن السيسى حقق تقدماً ملحوظاً على صعيد الاقتصاد، ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادى خمسة فى المائة فى 2015-2016 وهو تقريباً نفس مستواه فى 2009-2010 فى عهد مبارك. وبلغ معدل البطالة 12.8 فى المائة لكنه انخفض قليلاً وتبدى وكالات التصنيف الائتمانى بوجه عام تقديرات إيجابية لمصر.
بينما الثابت هو ذلك، أدهشنى مثلاً خلال الأسبوع الماضى أن تتصدر الصفحات الأولى لصحيفة عناوين توحى بأن مصر على وشك الإفلاس بينما صحيفة فى حجم «فاينانشيال تايمز» تنشر تقريراً يوم الثلاثاء الماضى، أكدت فيه أن مصر باتت تقترب من المركز الثانى فى أفريقيا من حيث الاقتصاد، وعلى الرغم من الخلفية الاقتصادية المصرية الصعبة، فإن إجمالى الناتج المحلى فى مصر يقترب من ذلك الخاص بجنوب أفريقيا».
وأضافت البريطانية أن مصر لم تكن بمثابة قصة نجاح ملحوظة سواء على الصعيد السياسى أو الاقتصادى فى السنوات الأخيرة، لافتة إلى أن ضوابط رأس المال المفروضة لدعم الجنيه المصرى جعلت كثيراً من الأعمال تصارع من أجل الحصول على الدولارات اللازمة للدفع من أجل الواردات، فضلاً عن أنه كان على المصنعين التأقلم مع انقطاعات التيار الكهربائى المتكررة بسبب نقص الطاقة.
واستطردت «فاينانشيال تايمز»، وَفق بنك الاستثمار «رينيسانس كابيتال»: «اقترب الاقتصاد المصرى كثيراً من اقتصاد جنوب أفريقيا، حيث بات ثانى أكبر اقتصاد فى ما يتعلق بالدولارات على مستوى القارة، ووفقاً للبنك ذاته سيصل إجمالى الناتج المحلى المصرى إلى 315 مليار دولار هذا العام مقارنة بـ317 مليار دولار لجنوب أفريقيا، وهو فارق ضئيل».
ووصفت الصحيفة الأرقام بأنها تمثل «تغييراً هائلاً» مقارنة بعام 2014، عندما بلغ إجمالى الناتج المحلى المصرى 286 مليار دولار بالمقارنة بـ350 مليار دولار فى جنوب أفريقيا، حسب إحصاءات صندوق النقد الدولى.
وتابعت بأن اقتصاد جنوب أفريقيا فشل فى النمو خلال النصف الأول من هذا العام، ووصل معدل التضخم إلى 4.6%.
ونقلت «فاينانشيال تايمز» عن كبير الاقتصاديين فى «رينيسانس كابيتال»: «توجد قصة نمو هنا، على الرغم من قدر الغموض الكبير فى الفترة ما بين 2011 و2014، حيث لم تكن هناك استثمارات، وكانت هناك حاجة إلى بنية تحتية، فمنذ تولى عبدالفتاح السيسى السلطة أصبح هناك قدر كبير من الثقة من جانب المستثمرين»، مشيراً إلى توسيع قناة السويس فى الفترة الأخيرة، فضلاً عن بناء عاصمة جديدة بمساحة 45 كيلومتراً شرق القاهرة، واكتشاف حقل غاز عملاق قبالة السواحل المصرية أغسطس الماضى.
وتابع كبير الاقتصاديين فى «رينيسانس كابيتال» بأن القطاعات الأخرى ربما تكون لديها فرص أيضاً، موضحاً أنها الدولة الأقل بنوكاً لتلبية طلب السوق فى المنطقة، 10.5% فقط من شعبها لديه حساب بنكى، وهى نسبة أقل من رواندا».
كما تنبّأ البنك أن قيمة الجنيه المصرى ستنخفض 20% أمام الدولار خلال الـ24 شهراً الماضية، ما يقربه من قيمة متوسط سعر الصرف الفعلى للعملة على مدار العشرين عاماً الماضية.
ويرى «رينيسانس كابيتال» أنه إذا حدث هذا واستقر الراند (عملة جنوب أفريقيا)، ربما تتراجع جنوب أفريقيا مرة أخرى عن مصر فى ما يتعلق بإجمالى الناتج المحلى بالدولار. ومع هذا سيفوز معدل النمو المصرى الأسرع فى النهاية.
وقال كبير الاقتصاديين: «خلال 5 سنوات وحتى إذا تغيرت العملات قليلاً، أتصور أن مصر ستتفوق على جنوب أفريقيا بشكل دائم».
إن سلاح المال فى أيدى أصحاب الفضائيات والصحف يجعلهم أقوياء ويمتلكون القدرة على مواجهة الدولة إذا تم تشريع أى قوانين قد تضر مصالحهم وثرواتهم، والأخطر من ذلك أن كثيراً منهم يستغل الإعلام لإشعال الفتن والحرائق السياسية، ولم يعد هناك خطوط حمراء تحافظ على الأمن القومى للبلاد، وأصبح من العادى أن تتحول أجهزة المخابرات وباقى المؤسسات السيادية المفترض أنها سرية إلى مادة للتسلية فى برامج التوك شو!!
وليست أموال جماعة الإخوان الإرهابية بعيدة عن الساحة الإعلامية فى مصر، فالصحف والمواقع الإخوانية التى تصدر فى لندن وغيرها بأموال الجماعة هى فى الأصل جزء من منظومة إعلامية يمتلكها رجل الأعمال الشهير الذى يعمل بمجال النشر والمعروف بعلاقته العائلية مع قادة الإخوان.
إن تضخم ثروات رؤساء تحرير تلك الصحف وتحولهم إلى رجال أعمال جدد يجعل مصر فى مواجهة صعبة مع أصحاب المصالح العليا وتابعيهم من الصحفيين والإعلاميين المملوكين لرجال الأعمال وقنواتهم الفضائية، ولكن وبكل أسف نجد أن الدولة نفسها بأجهزتها ومؤسساتها تركع أمام أباطرة المال والإعلام، وتدعوهم للمشاركة فى وضع كافة التشريعات الإعلامية!!
إن تعاظم دور أباطرة المال فى مجال الإعلام ليس خطراً على الدولة ومؤسساتها وتوجهاتها السياسية فحسب، لكنه خطر على العدالة الاجتماعية التى كانت شعار الشباب فى ثورة يناير، وذلك لأن الإعلام سيكون فى خدمة البيزنس وأباطرة المال ومصالحهم واستثماراتهم، وبالتالى سوف تظل طبقات رجال الأعمال تتسع وتنمو وتتوحش على حساب الفقراء من أبناء هذا الوطن.
إن ملفات أباطرة المال فى الإعلام بها الكثير من الألغام وتحتاج إلى وقفة مطولة بالأرقام والمستندات والوقائع لكشف تفاصيلها وأسرارها وأساليبها فى الابتزاز والضغط على الدولة ومؤسساتها.
مؤامرة البورصة.. وخطة شيطان المال
لكن فى هذا السياق لا بد من توضيح أن نظام الرئيس السيسى لا يحتاج إلى خدمات هؤلاء.. فالرجل تستندُ شرعيته إلى شعبيته الكبيرة، وعلى النتيجة غير المسبوقة التى أتت به رئيساً فى انتخابات عامة شهد العالم بنزاهتها. ولم يعد أمام رجال الأعمال غير التعايش والتسليم بانتهاء الزمن الذى كانوا يتمتعون فيه بامتيازات لا حصر ولا حدود لها.
وإن كنا نعتقد أن أملهم مازال معقوداً على انتكاسات قد يتعرضُ لها الرئيس، فى الداخل أو فى الخارج، بما يكفل لهم ضمان موقع مميز! وهو ما نراهم يسعون من أجله، ونؤكد أنه مستبعد الحدوث!!
لا ننكر طبعاً أن «السيسى» لكى يتمكن من النهوض بالبلاد من كبوتها، ويحقق طفرة اقتصادية، يحتاج إلى خبرة رجال الأعمال الطويلة فى السوق المصرى، بما يتطلب وجود تعاون بين مؤسسات الدولة ورجال الأعمال، وهو ما لن يتحقق دون توفير مناخ استثمارى جيد، وتشريعات اقتصادية تحفــز رجال الأعمال على تعزيز استثماراتهم، ومن ثم فالرئيس مطالب بخلق مناخ جيد للاستثمار، وإصدار قوانين محفزة لرجال الأعمال دون تفرقة بينهم، كما أنه على الرئيس الاستعانة برجال الأعمال فى مواجهة أزمة البطالة.
وبين اللقاءين، حاول عدد من رجال الأعمال توصيل رسالة بأنهم قوة سياسية وليست اقتصادية فقط، بقيامهم مثلاً بعدم تمكين العاملين فى مصانعهم وشركاتهم من الذهاب إلى التصويت فى انتخابات الرئاسة، الأمر الذى فسره البعض بأنه اعتراض أو غضب على الاجتماع الذى جمعهم به وقت حملته الانتخابية، والذى طلب فيه «السيسى» من رجال الأعمال مبلغ 30 ملياراً لإسعاف ميزانية البلاد.
توقّف مثلاً أمام قيام وزارة الماليّة فى 7 أبريل 2015، بإصدار اللائحة التنفيذيّة لقانون فرض ضريبة 10% على أرباح البورصة للمضاربين، وحملة أسهم الشركات الذى أقرّه السيسى فى يوليو 2014؛ انطلاقاً من أن أى أرباح يجب أن تفرض عليها ضرائب، بما فيها أرباح البورصة تحقيقاً للعدالة الاجتماعية، وهو المعروف إعلامياً بقانون «ضرائب البورصة» وهو ما اعترض عليه بعض رجال الأعمال. وتذكّر أن عدداً من التحليلات الاقتصادية أرجعت الخسائر التى لحقت بالبورصة وقتها إلى أن رجال أعمال (بعينهم) تعمدوا إحداث تلك الخسائر للضغط على النظام، خاصة أن غالبية رجال الأعمال لن يتأثروا بخسارة أسهمهم لفترة من أجل الضغط على الدولة؛ لأنّها خسائر وقتيّة يُمكن تعويضها بارتفاع سعر الأسهم مرّة أخرى. ودفعت هذه الضغوط الحكومة إلى تأجيل العمل بقرار تطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية لتعاملات سوق الأسهم لمدة سنتين!!
هناك أيضاً قرار البنك المركزى فى 4 فبراير 2015 بتقييد إيداعات الأفراد والشركات فى البنوك من الدولار بعشرة آلاف دولار كحد أقصى فى اليوم، و50 ألف دولار كحدّ أقصى فى الشهر، انطلاقاً من أن تقييد إيداعات الدولار سيؤدى إلى تقليل الطلب عليه، مما يخفض سعره فى السوق السوداء للعملة، وهو القرار الذى رفضه أيضاً بعض رجال الأعمال واعتبروه سبباً فى تعطيل أو شل حركة الاستيراد!!
والإشارة هنا واجبة إلى أن الاستعانة بالمؤسسة العسكرية فى مواجهة الأزمة الاقتصادية، كانت ضرورية أو حتمية، نظراً لطبيعة السوق المصرية واختفاء دور القطاعين العام والتعاونى لحساب القطاع الخاص، الأمر الذى فرض قيام المؤسسة العسكرية بدور «الموازن» فى السوق.
هذا الدور الذى كان له، دون شك، عائد إيجابى على الدولة وعلى المواطنين.. وأغضب عدداً من رجال الأعمال ورأوا فيه تهديداً لممارساتهم الاقتصادية القائمة فى غالبيتها على الاحتكارية!!
المخاوف مشروعة من تكتل رجال الأعمال كفاعل سياسى، وهى مخاوف يدعمها خضوع عدد كبير من الأحزاب لسيطرة رجال الأعمال، أبرزها حزب المصريّين الأحرار.
وهناك حزب المحافظين الذى «يملكه» ولا نقول يرأسه أكمل قرطام المنتمى للحزب الوطنىّ المنحلّ.. والحالة مختلفة طبعاً أو لا يمكن القياس عليها بالنسبة لحزب الوفد الذى يرأسه الدكتور سيّد البدوى وهو أولاً وأخيراً رجل أعمال، إلا أن الوضع هنا يختلف نظراً لعراقة الحزب وعدم إمكانية السيطرة عليه.
البرلمان.. وأصابع الأمريكان
- اجتماعات سرية فى منزل السفير الأمريكى لإسقاط السيسى «بالقانون»!!
- رجل أعمال يطالب بإعادة سيناريو «أربكان» فى تركيا!!
- أحزاب أباطرة المال تطرح تشريعات جديدة لإعدام فقراء مصر!!
لاشك أن شعب مصر قادر على إسقاط تلك السيناريوهات الخسيسة التى يتم التخطيط لها.. ولاشك أن المشاركة بوعى فى الانتخابات البرلمانية هى الوسيلة الوحيدة لتفكيك هذه الجبهات التى تستخدم المال لتحقيق أغراضها وتحويل مصر إلى عزبة يمتلكها أصحاب النفوذ والحصانة، وحتى تكون الخريطة السياسية واضحة للرأى العام لابد أن نقول بوضوح إننا لو فتشنا فى كل الأحزاب سنجد رجال أعمال خلفها إما بالدعم المالى الواضح أو غير الواضح عبر قيادات بالحزب أو وسطاء، وهو ما ينذر باحتمالية سيطرة عدد من رجال الأعمال على البرلمان، وتتعاظم أو تتزايد المخاوف فى ظل ما يتمتع به البرلمان من صلاحيات وسلطات واسعة فى تشكيل الحكومة، وفى تعطيل بعض القرارات الرئاسية.
ومع اقتراب الانتخابات، بدأت تتردد أسماء عدد من المرشحين الذين ارتبطوا قبل ثورة 25 يناير بالحزب الوطنى وشاركوا لسنوات معه، كما ظهرت عشرات الأسماء لنواب الحزب الوطنى السابقين فى قوائم تعلن تأييدها للرئيس، وبهذا الشكل، قد نجد أنفسنا أمام برلمان تحت سيطرة رجال أعمال هم أنفسهم أصحاب فضائيات وصحف خاصة، وهم أنفسهم رجال الحزب الوطنى المنحل!!
وما من شك فى أن أولى المعضلات التى سيواجهها البرلمان القادم هى إصدار قانون ينظّم الضرائب التصاعديّة على الدخل التى أقرّها الدستور؛ وسبب المعضلة هو أن البرلمان قد يسيطر عليه من يرفضون الضرائب التصاعديّة؛ لأنّها ستضعهم (أو من دفعوا تكاليف حملاتهم الانتخابية)!!.. فى أعلى شريحة ضريبيّة. ونتوقف هنا عند حقيقة أن الانتخابات يتنافس فيها عدد من تحالفات يقودها أو يدعمها رجال أعمال!!
ولعلنا لا نخطئ لو قلنا إن كل الخطوط والخيوط تقود فى النهاية إلى الولايات المتحدة.. تحديداً إلى الوحدة المختصة بالشأن المصرى فى المخابرات المركزية الأمريكية، التى لا تعدم الخطط البديلة، والتى بدا وكأنها كانت مستعدة للتعامل مع فشل خطة السيطرة عبر الإخوان، بسيناريو بديل، يعتمد على إنتاج حالة من الارتباك السياسى تمكنها من إعادة طرح صيغة جديدة لفكرة الدولة الدينية بالصيغة نفسها التى نجحت فى تركيا، فى مرحلة ما بعد سقوط مشروع نجم الدين أربكان!!
والبديل هذه المرة، هو تشكيل تحالف من أحزاب مدنية وحزب النور يسمح بأن تحتضن بداخلها عناصر الصف الثالث والرابع من قيادات تنظيم الإخوان، ومن خلال هذا التحالف يتم إعادة طرح مشروع الإسلام السياسى.. وهو بالضبط السيناريو الذى نجح فى تركيا بإنتاج «حزب العدالة والتنمية» بعد فشل مشروع «حزب الرفاة»!!
الخطة البديلة، بدأ الإعداد لها مع وضع دستور 2014 والذى يجعل مؤسسة الرئاسة والبرلمان قوى متساوية، يمكن فى حالة تضادها أن توقف دائرة اتخاذ القرار وبالتالى تتجمد الدولة، وهى الحالة التى يمكن الوصول إليها بتمكين تحالف من الموالين أو الموضوعين تحت السيطرة الأمريكية من السيطرة على الكتلة البرلمانية الأكبر وبالتالى تشكيل حكومة تعمل ضد توجهات رئيس الدولة، ليصبح الرئيس بلا قوة.. وبلا صلاحيات! ثم يحدث الانقسام المنطقى بين مؤيدى الرئيس ومؤيدى الحكومة فى الوقت الذى تصبح فيه إدارات وأجهزة الدولة عاجزة عن التحرك نتيجة تخبط القرار السياسى.
ولعل ذلك يكشف أو يحل لغز اجتماع السفير الأمريكى بالقاهرة، شبه الدائم مع رجال أعمال مصريين (للأسف) وفى منازلهم أحياناً!!
بل ووصل الأمر إلى الدرجة التى يلوم فيها رجل أعمال وملياردير معروف السفير الأمريكى على تراخى الولايات المتحدة الأمريكية فى مواجهة السيسى، ويذكره بموقف بلاده القوى ضد مبارك حتى تم إقصاؤه عن الحكم بكلمة أوباما «NOW»!!
هذا الملياردير المصرى الذى قام بالتحريض ضد بلده صراحة وبشكل مباشر، فى جلسة يعرف بالتأكيد أن السفير الأمريكى سيكتب كل حرف دار بها ويرفعه فى تقرير إلى وزارة الخارجية أو إلى الإدارة الأمريكية أو إلى المخابرات المركزية.. هذا الملياردير وكيل لإحدى الشركات التى سبق أن أشرنا إليها باعتبارها من أكبر المستفيدين من اضطراب الأوضاع فى المنطقة، وإحدى الشركات التى حققت أرباحاً طائلة.
بإمكاننا أن نذكر اسم هذا الملياردير صراحة لكن هناك عدد غيره يفعل ما يفعله وربما أكثر، ورهاننا على أن أجهزة الدولة لديها تفاصيل كاملة عن مثل هذه التحركات.. مثلما تتابع كل التحركات المتوازية وعلى رأسها تحركات الأمريكى حليف الإخوان أو التابع لهم محمد الجمل الذى استطاع أن يخترق المشهد السياسى المصرى، مستغلاً وبالتنسيق مع الفريق أحمد شفيق الذى لا يكف عن اللعب فى الداخل المصرى رغم إعلانه غير ذلك!!