الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:52 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: مصير الوقود الخارج من المفاعل النووى يؤجل مشروع الضبعة!

أهم محطات الرئيس فى موسكو.. ويكشف أسباب تأجيل المشروع الكبير
الخبراء المصريون يرفضون إرساله إلى موسكو.. والروس يدرسون الموقف
تضارب فى تصريحات السفارة والخارجية ومصر تبدأ تدريب الكوادر النووية
6 مجموعات فى مجال البحث العلمى لتحديد اختصاصات تشغيل المحطة
......
- أسرار زيارة الملك سلمان لأمريكا.. وخديعة القوات العربية المشتركة
- الروبل الروسى والجنيه يهزان عرش الدولار الأمريكى!
الثلاثاء الماضى، استقبلت العاصمة الروسية موسكو زعماء ثلاث دول عربية: مصر والأردن والإمارات، وبتلك الزيارة، أصبحت روسيا نقطة ارتكاز جديدة للعرب، وهو الهدف الذى سعت إليه الدولة العظمى بانتهاجها سياسة خارجية مستقلة، وبعدم تراجعها عن مواقفها الملتزمة تجاه الحلفاء وببذلها المزيد من الجهود لتشكيل تحالف واسع لمكافحة الإرهاب.
الكوارث كانت هى البند الرئيسى، إضافة إلى العلاقات بين موسكو والعالم العربى، وتوسيع نطاق التعاون فى مختلف المجالات.
ولا نبالغ لو قلنا إن الزيارة كانت الحدَث السياسى الأهم الذى يشهده العالم فى هذه الفترة. خاصة مع ازدياد انهماك واشنطن وكبار مسئوليها ودوائرها بمعالجة اعتراضات الكونجرس على الاتفاق النووى مع إيران.
ولا نبالغ أيضاً لو تخيلنا أن كبار المسئولين والسياسيّين فى أوروبا والولايات المتحدة فركوا أعينهم ليتأكّدوا من أن ما يشاهدونه على الشاشات حقيقى، وأن الصور من الكرملين وليست من البيت الأبيض، أو فى الاتحاد الأوروبى.. ويومياً، يتأكد للعالم أن فلاديمير بوتين يعرف جيداً من أين ومتى وكيف تُؤكل كتف السياسة الدولية، وهى الصفة التى يشاركه فيها من هندس معه هذه الزيارة، والكلام بدون مواربة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، والأطراف كلها اتفقت (ربما بشكل ضمنى) على أن تحصد الولايات المتحدة ما زرعته سياساتها التى تمليها إسرائيل واللوبى الصهيونى بشأن منطقة الشرق الأوسط، حسب حجمها عسكريّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً وقربها أو بعدها من إسرائيل.
الملف السورى، لم يكن الوحيد، فالملف الليبى كان جزءاً من المحادثات ونتوقع أن ينخرط مثلث القاهرة عمان أبوظبى فى الأزمة الليبية ويدعم الفريق خليفة حفتر، الذى كان فى عمان قبل أيام.
فرضت روسيا نفسها كطرف أساسى فى حل الأزمة السورية. ويظهر ذلك فى الاتصالات التى تقودها موسكو سواء مع وفود المعارضة السورية على اختلاف مشاربها إلى اللقاءات المنتظمة مع المسئولين الأمريكيين والعرب، خاصة الخليجيين الذين كانوا يرفضون مجرد الحديث عن أى دور روسى فى الحل!
ولعلنا نتذكر موقف الإدارة الأمريكية من قانون مكافحة الإرهاب!
ومما يؤسف له أن بيان الإدارة الأمريكية الذى ندد بقانون مكافحة الإرهاب، جاء متزامناً مع جريمة ذبح المواطن الكرواتى، التى زعمت شبكة «سى.إن.إن» أن تنظيم «داعش» نفذها فى سيناء، ثم تبيّن أنها تمت فى مكان آخر، وان هناك من أراد إلصاقها بصورة مصر التى كانت (ولا تزال) موضع استهداف وتشويه من جانب واشنطن واسرائيل، وإذا كنا نتفهم أسباب ودوافع انزلاق وسائل إعلام أمريكية فى حملة ممنهجة لتشويه صورة مصر، لكن منتهى الغباء والرعونة أن تنساق وزارة الخارجية إلى هذه الحملة، خاصة عندما تصدر بياناً بدا كأنه يندد بحرص مصر على استئصال الإرهاب!
لذلك لم يكن غريباً أو مستغرباً مثلاً أن يتزامن افتتاح قناة السويس الجديدة، مع حملة مغرضة فى وسائل الإعلام الأمريكية حاولت تصوير الوضع فى سيناء كأنه نسخة مما يحدث فى الموصل العراقية أو الرقة السورية، رغم أن الجيش المصرى يبسط سيطرته هناك وينجح فى مواجهة الإرهابيين أكثر مما ينجح «التحالف الدولى» الذى تقوده أمريكا، والذى لا نعرف بالضبط إن كانت حربه ضد الإرهاب أم لصالحه؟!
ولا شك فى أن أمريكا ودول الخليج وتركيا كانت تعتقد أنه لا حاجة إلى دور روسى لتجاوز الأزمة فى سوريا لأن هؤلاء الأطراف اعتقدوا أن فى الإمكان حسم الأمور لمصلحتها وأن روسيا فى طريقها للخروج نهائياً من سوريا والشرق الأوسط بمجرد أن يسقط نظام الرئيس بشار الأسد. لكن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أظهر حرصاً شديداً على الوقوف إلى جانب دمشق سواء فى مجلس الأمن باستخدام الفيتو لمنع تكرار التجربة الليبية أو بالدعم العسكرى للجيش السورى.
ومع مرور السنوات على الأزمة السورية وبروز التنظيمات المتطرفة وضمور المعارضة السورية التى رعتها الولايات المتحدة، بدأ التبدل فى مواقف الأطراف، خاصة بعد أن صار خطر «داعش» على الأبواب، وسقطت مقولة إن المتطرفين من اختراع النظام السورى نفسه كى يبرر استخدامه القوة المفرطة لقمع المعارضة، بعد أن تبين أن المشروع الجهادى تخطى سوريا إلى العراق ومصر وليبيا وتونس واليمن ونيجيريا وأن دولاً أوروبية تعجز عن منعه من شن هجمات إرهابية على أراضيها.
ونضيف إلى ما سبق أن مصر وجدت أن استجابة موسكو لمساعدتها فى الحرب على الإرهاب أسرع بكثير من استجابة الولايات المتحدة ودول أوروبية لاتزال تبدى تحفظاً على الإطاحة بمحمد مرسى!
ونشير إلى أن السعودية هى أيضاً رأت أن تقاربها مع موسكو ضرورى لمواجهة التحديات فى المنطقة، إضافة إلى رغبتها فى عدم ترك إيران تستأثر وحدها بعلاقات وطيدة مع الكرملين، وكذلك حال سائر دول مجلس التعاون الخليجى.
هكذا، أصبحت روسيا بوابة لإعادة ترتيب الأولويات فى المنطقة والتخلى عن الكثير من القناعات التى برزت فى السنوات الأربع الأخيرة والتى لم تسفر سوى عن بروز المشروع الجهادى. ولهذا تشكل روسيا اليوم تقاطعاً لكل الدول الراغبة فى مواجهة هذا الخطر.
****************
الضبعة والحلم المصرى-الروسى
السفارة.. والخارجية وتضارب التصريحات!
خلال الزيارة التاريخية، تمت مناقشة عدد من قضايا التعاون المشترك والعلاقات السياسية والخطوات العملية والفعالة التى يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون المصرى الروسى فى كل المجالات، وزيادة حجم التعاون الاقتصادى والاستثمارات والتبادل التجارى.
الزيارة شهدت مباحثات مهمة مع كبار المسئولين ورؤساء الشركات الروسية الكبرى، وتناولت المباحثات مجمل العلاقات الثنائية وتعزيزها فى مختلف المجالات خاصة الاقتصاد والطاقة، إضافة إلى التشاور بشأن عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والأوضاع على الساحة العربية.
لكن.. لماذا لم يتم التوقيع النهائى على عقد إنشاء محطة الضبعة، بين الجانبين المصرى والروسى خلال زيارة الرئيس؟!
التأجيل حدث لأسباب فنية ترتبط بشكل وثيق بنتائج أعمال مجموعات العمل المشترك التى تضم خبراء الطاقة النووية من الجانبين، وهناك عدد من الملفات تعمل عليها 6 مجموعات فى مجال البحث العلمى وتدريب الكوادر النووية المصرية وتحديد الاختصاصات فى تشغيل المحطات المزمع إنشاؤها وأعمال التغذية الكهربائية للمحطات والتخصص النووى وأجهزة التحكم، وجميعها أخرجت العديد من التقارير والتوصيات التى أثارت الخلاف حول تحديد الاختصاصات، إضافة إلى بعض النقاط الاقتصادية والقانونية وملف التمويل.
ومن بين أبرز النقاط الخلافية مصير الوقود الخارج من المفاعل النووى، وإمكانية إرساله إلى روسيا على نفقة الجانب المصرى، أو الإبقاء عليه داخل مصر.. وقد رفض الخبراء المصريون مقترح إرسال الوقود إلى روسيا وتمسكوا بحقهم فى الإبقاء عليه داخل مصر، وهو ما تم ترجيحه وأبدى الخبراء الروس موافقتهم المبدئية على تمسك الخبراء المصريين بحق الحصول على الوقود المستخدم الخارج من المفاعل النووى أثناء استبداله بالوقود الجديد، وهو ما يحقق بعض المزايا والمكاسب من خلال إعادة استخدامه فى مجالات أخرى منها استخراج اليورانيوم والبلاتنيوم الذى يتم استخدامه فى العديد من الصناعات بعد ذلك.
وعلى المستوى الرسمى، قال السفير علاء يوسف، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إنه لم يكن هناك حديث قبل زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى روسيا، عن التوقيع على اتفاقية إنشاء محطة للطاقة النووية فى الضبعة، وأوضح خلال تصريحات له بموسكو على هامش زيارة السيسى أن المفاوضات لا تزال جارية مع الجانب الروسى حول هذا الموضوع فى إطار مذكرة التفاهم والتعاون الموقعة خلال زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى مصر حول التعاون فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ومن بينها العرض الروسى المقدم فى يونيو الماضى لإنشاء محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية.
وهنا، لابد أن نتوقف طويلاً أمام تصريحات سامح شكرى، وزير الخارجية، الذى أعلن من موسكو أن مصر تجرى مشاورات مع أطراف متعددة بشأن إنشاء محطة الطاقة النووية بالضبعة، للوصول إلى أفضل العروض التى تلبى مصلحة مصر، مشيراً إلى تأجيل توقيع عقد إنشاء المحطة النووية خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الحالية لموسكو، لأنه موضوع متشعب وضخم.
*****************
2
أسرار زيارة الملك لأمريكا.. وخديعة القوات العربية المشتركة!
الجاهل هو من صدق «أوباما» حين زعم أن العداء بين إيران والسعودية مجرد أوهام زائفة!
هل لزيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك السعودية، للولايات المتحدة، علاقة بالقوات العربية المشتركة؟!
قبل أيام، أعلنت الجامعة العربية تأجيل اجتماع وزراء الدفاع العرب الذى كان مقرراً عقده، يوم الخميس (27 أغسطس 2015)، لإقرار إنشاء القوة العربية المشتركة إلى موعد لاحق بناءً على طلب من المملكة العربية السعودية، وتأييد كل من: الإمارات، والبحرين، والكويت، وقطر، والعراق.
وقالت الجامعة فى بيان لها، صدر الأربعاء (26 أغسطس 2015)، إنها «تلقت مذكرةً من الوفد الدائم للسعودية لدى الجامعة، يُعرب فيها عن رغبة حكومة المملكة العربية السعودية فى تأجيل عقد اجتماع مجلس الدفاع العربى المشترك من وزراء الدفاع والخارجية العرب إلى موعد يحدد لاحقاً».
والمؤكد هو وجود اتفاق عربى-عربى بشأن أهمية تأجيل إطلاق القوة العسكرية العربية المشتركة التى كان مقرراً التوقيع على بروتوكول تكوينها فى مقر الجامعة العربية فى القاهرة يوم الخميس، وجاء بيان الجامعة العربية حول تأجيل اجتماع وزراء الدفاع والخارجية العرب إلى موعد يحدد لاحقاً، ليشير إلى بداية مرحلة جديدة على صعيد التعاون العربى-العربى لم تتكشف ملامحه حتى الآن، خصوصاً فى ظل التصاعد الذى تشهده الساحة اليمنية، ودخول أطراف إقليمية ودولية تسعى بقوة لتحويلها إلى بؤرة صراع وتوتر لاستنزاف دول الخليج.
وطبقاً لما لدينا من معلومات، نستطيع أن ننفى احتمال وجود خلافات حول القوة المشتركة، خصوصاً وأن الجامعة العربية شهدت اجتماعاً تنسيقيا الثلاثاء الماضى، للإعداد للاجتماع.
ولأن التأجيل جاء بناء على طلب سعودى، وبتأييد خليجى، يكون مهماً أن نطرح السؤال الذى بدأنا به تلك السطور:
هل لزيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك السعودية، للولايات المتحدة، علاقة بالقوات العربية المشتركة؟!
الواضح للعيان هو أن الحيرة الأمريكية فى التعامل مع السعودية بدأت من اليوم الأول للملك سلمان، عندما كلف الرئيس أوباما نائبه «جو بايدن» باستكشاف الأجواء بالمملكة فى عهد عاهلها الجديد، بعد الانتقال السلس للسلطة قبل خمسة أشهر تقريبا، وهو الخبر الذى استقبله كبار رجال البيت الأبيض بالسؤال البديهى: ما هى الطريقة المثلى للتعامل مع أصدقائنا السعوديين بعد أعوام من فتور العلاقة؟ وما هى أولويات حليفنا المهم فى الشرق الأوسط؟
وبسرعة شديدة، تعاقبت الأحداث بعد ذلك وأطلق الملك سلمان بن عبدالعزيز، عاصفة الحزم لتتضح الصورة لدى الإدارة الأمريكية.
الرسالة كانت واضحة..
والصديق الأمريكى عرف متأخراً، بأمر التحالف الخليجى الذى انضمت إليه القوى العربية دون تردد.
ووسط مراقبة البيت الأبيض، لم تتوقف العاصمة الرياض عن استقبال رؤساء دول، رؤساء حكومات، وزراء دفاع وقادة جيوش، ملبين دعوة التحالف التى اكتفت الولايات المتحدة بدعمهم استخباراتياً ومعلوماتياً، وعلى استحياء!
ومن الرياض إلى نيويورك أحاطت السعودية شرعيتها العربية بأخرى دولية ليخرج القرار التاريخى ٢٢١٦ بتأييد ما ذهبت إليه المملكة.
فى ذلك الوقت، كان عادل الجبير، وزير الخارجية السعودى (سفير المملكة فى واشنطن آنذاك) يؤكد لوسائل الإعلام الأمريكية أن لا مجال لإيران فى أى مفاوضات بشأن اليمن، وكتب براين بنات لـ«لوس أنجلوس تايمز»، على لسان محللين أن السعودية ماضية دون تردد، بعد أشهر من تمويل إيران للحوثيين بتلال من الأسلحة!
ورغم تظاهر الولايات المتحدة بالحرص على أمن المنطقة ودعم أصدقائها، فإن ذلك ظل بعيداً عن الكونجرس، ولم تصدر قرارات بشأنه، بينما كانت السعودية تتجه بقوة وثبات إلى سياسة الأفعال (لا التصريحات) بتوسعة خريطة تحالفاتها، من فرنسا الصادقة الواضحة، وحتى روسيا القوية. لتبقى أمريكا الصديق المتردد حتى إشعار آخر وسط إخفاقات متواصلة ونتوقع أن تستمر فى الملف الإيرانى، بعد أن هلّلت الإدارة الأمريكية لاتفاقها مع من كانت تصفهم بـ«قوى الشر»، وخرج أوباما على شعبه مزهواً باتفاقه الذى مازال وسيبقى بعيداً من ثقة السياسى والناخب الذين عرفوا أن ما فعل مجرد مناورة لدعم حزبه فى الانتخابات المقبلة.
وليس خافياً ان السعودية ومصر دولتان كبيرتان تمثلان قاعدتى الجسر الإستراتيجى العربى، الذى يفترض ان يعمل على إنتشال المنطقة المتخبطة فى الفوضى من اليمن إلى تونس مروراً بالعراق وسوريا وليبيا، وفى هذا السياق دور السعودية محورى فى منطقة الخليج والدور المصرى محورى من باب المندب إلى موريتانيا، ولهذا يمكن القول إن «إعلان القاهرة» جاء لينقل الوضع العربى من حال الإنحدار إلى حال المنعة والقوة ومواجهة الأخطار وكبح كل التدخلات!
هكذا كان من الطبيعى أن يحظى «إعلان القاهرة» باهتمام كبير على المستويين الإقليمى والدولى، لأنه يمثل انطلاقاً لمرحلة جديدة من العمل الممنهج والرؤية الموحدة لأكبر قوتين عربيتين «فى مواجهة كل محاولات التدخل فى الدول العربية أياً كانت مصادرها، وذلك حفاظاً على النظام العربى وترميمه وتقويته فى مواجهة محاولات اختراقه وإضعافه»، كما أعلن الناطق باسم الرئاسة المصرية.
الإعلان تضمّن ستة بنود تناولت الآليات التنفيذية لمسار التكامل المصرى-السعودى، الذى يفترض أن يحسّن قوة الردع لمواجهة الأخطار الإرهابية والتدخلات الإقليمية، ويوفّر بالتالى رافعة قوية للوضع العربى، لكن البند الأول يكتسب أهمية متقدمة لأنه ينصّ على «تطوير التعاون العسكرى والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة».
ذلك أن السعودية التى أعلنت «عاصفة الحزم» لإسقاط الانقلاب الحوثى الذى تدعمه طهران فى سعى واضح للسيطرة على باب المندب بما يوفّر لها كماشة حول السعودية وخنقاً لقناة السويس، ولهذا فإن التعاون العسكرى بين البلدين ضرورى لدعم الدور المحورى لكل منهما فى محيطه.
«إعلان القاهرة» وجه صفعة إلى الذين هللوا لزيارة خالد مشعل ورفاقه للسعودية مفترضين أنها مؤشّر لانهيار العلاقة بين السعودية ومصر التى تتهم «حماس» بالضلوع فى الأعمال الإرهابية فى سيناء، ولهذا جاء بيان وزير الخارجية السعودى عادل الجبير سريعاً فى تأكيده أنها زيارة دينية لأداء مناسك العمرة وأن الموقف من «حماس» التى تسبح فى مياه إيرانية لم يتغيّر.
ولا نعتقد أن عاقلاً صدّق «أوباما» حين زعم أن العداء بين إيران والسعودية مجرد أوهام زائفة! إذ لا يخفى على أحد أن القرار عند المرشد على خامنئى لا عند حسن روحانى أو محمد جواد ظريف.
أوباما، وفى سياق تسويقه للاتفاق النووى مع طهران، أكد لشبكة «سى.إن.إن» أن الاتفاق سيؤدى إلى زيادة التعاون بين دول يسود شعور العداء بينها وبالنص قال: «أعتقد أنه من المتوقع أن تبدأ كل من السعودية وإيران بالاعتراف بأن العداء بينهما مجرد أوهام زائفة كأى شىء آخر، وأن ما تمثله «داعش» أو انهيار سوريا أو اليمن أو غيرهما هو أكثر خطراً مما تشعران به من عداء متبادل»!
وتناسى (أو تجاهل) التصريحات الإيرانية، بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء واندفاعهم إلى عدن والتى قالوا فيها إن «هذا انتصار عظيم للثورة وسيأتى الدور على السعودية»!
كما تناسى وتجاهل وتجاوز كل التدخلات السلبية الإيرانية فى العراق والبحرين والإمارات والكويت ولبنان وحتى فى المناطق الشرقية من السعودية، وأيضاً المحاولة الفاشلة لاغتيال عادل الجبير عندما كان سفيراً للمملكة فى واشنطن!
فى السياق نفسه، أجرى مايكل راتنى، المبعوث الخاص الأمريكى الجديد إلى سوريا، الذى زار موسكو، محادثات مع ميخائيل بوجدانوف، نائب وزير الخارجية الروسى المبعوث الخاص للرئيس الروسى إلى الشرق الأوسط، بشأن الانتقال السياسى فى سوريا، وأوضحت الخارجية الروسية أن لقاء بوجدانوف وراتنى شهد تبادلاً مفصلاً لوجهات النظر بشأن الجهود الرامية إلى تسوية الأزمة السورية فى أقرب وقت بالطرق السياسية والدبلوماسية، إضافة إلى مهمات مكافحة الإرهاب بصورة فعالة.
وفى واشنطن أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً جاء فيه أن «الولايات المتحدة تواصل جهودها على المستوى الدولى لمواجهة تنظيم داعش فى سوريا والعراق على حد سواء».. وأضافت: «إننا ندرك أن استمرار سلطة الأسد يغذى التطرف ويؤجج التوتر فى المنطقة. ولذلك يعد الانتقال السياسى ضرورياً ليس لتحقيق مصلحة الشعب السورى فحسب، بل إنه أيضاًً جزء مهم من المعركة لإلحاق الهزيمة بالمتطرفين»، وأشارت إلى أن «زيارة راتنى لروسيا شكلت فرصة ملائمة للبحث فى هذه المواضيع مع المسئولين الروس»، وأوضحت أن «اللقاءات التى عقدها راتنى فى موسكو تشكل جزءاً من المشاورات التى يجريها الطرفان استمراراً للمناقشات الأخيرة بين وزيرى الخارجية سيرجى لافروف وجون كيرى، وفى إطار الجهود المتواصلة لدعم المعارضة السورية والعمل الرامى إلى تحقيق توافق أكبر فى آراء الأطراف السوريين واللاعبين الدوليين حول الانتقال السياسى فى سوريا وسبل إلحاق الهزيمة بالمتطرفين!
وبناء على ذلك، فإن زيارة الزعماء الثلاثة المصرى والأردنى والإماراتى إلى روسيا فى جزء منها، كان هدفها التحضير مع موسكو للوصول إلى صيغة تقبل بها السعودية وروسيا. وضع فى الاعتبار أن المملكة هى التى طرحت تكوين تحالف لمواجهة التنظيمات المتطرفة، بعد زيارة محمد بن سلمان، ولى ولى العهد السعودى، وزير الدفاع، واجتماعه مع الرئيس الروسى، وهو ما تزامن أيضاً مع مبادرة إيرانية من أربع نقاط لحل الأزمة السورية.
وهنا تكون الإشارة واجبة إلى أن روسيا والولايات المتحدة متفاهمتان بشأن بقاء مؤسسات الدولة السورية وعدم هدمها منعاً لإحداث فراغ تملؤه الجماعات المتطرفة، وواشنطن تركت إدارة هذا الملف إلى موسكو، وبينهما تفاهم غير معلن على أن بقاء بشار الأسد مشروط بضمان ألا تعنى إزاحته استيلاء المتطرفين على الحكم، غير أن صيغة هذا البقاء ومداه الزمنى لم يتم حسمه حتى الآن.
وتوحى المؤشرات أن روسيا نجحت إلى حد بعيد فى إقناع السعودية وحلفائها بالحل السياسى للأزمة السورية!
********************
3
بشرة خير للمصريين
الروبل الروسى والجنيه يهزان عرش الدولار الأمريكى
قد ينجح الروبل الروسى فى هز عرش الدولار.
والسبب ما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى حواره مع «ميخائيل جوسمان» نائب المدير العام لوكالة الأنباء الروسية «تاس»، عن تفكير مصر فى إمكانية استخدام العملات المحلية بهدف تجنب المشكلات التى تنشأ حالياً بسبب الدولار.
التصريح شديد الأهمية والخطورة، ومن شأنه أن يصيب الولايات المتحدة بقلق بالغ، وحال تنفيذه سيعمل على تخفيف الضغط على الموارد الدولارية للاحتياطى من النقد الأجنبى.
كما أن استخدام مصر للروبل الروسى فى المبادلات الثنائية يدعم شراء مصر للقمح من روسيا إلى جانب التغلب على مشكلة تراجع الدخل من الدولار، وبالتالى تحقيق المصلحة المشتركة للبلدين، بالحصول على الموارد من الروبل من قطاع السياحة، نظراً لأن السياحة الروسية تعد الأكبر تدفقاً إلى مصر.
فـ«الروبل» الذى ستحصل عليه مصر من السياحة، ستدفعه إلى روسيا مقابل السلع أو البترول أو القمح دون الحاجة إلى تحويله إلى عملات أخرى. وهو ما يؤثر إيجاباً على الاحتياطى من النقد الأجنبى بتخفيف الضغط على الدولار.
وما لدينا من معلومات يؤكد أن البنك المركزى المصرى يدرس بالفعل إقرار الروبل الروسى كعملة مبادلات، وهذا القرار سيعمل على دعم الاقتصاد المصرى من عدة أوجه.
تاريخ الروبل
كان هو العملة المتداولة رسمياً فى الإمارات الروسية المتعددة، وإمارة موسكو الكبرى منذ القرن الثالث عشر حتى القرن الخامس عشر، ثم فى موسكوبيا (من القرن السادس عشر إلى القرن السابع عشر)، والإمبراطورية الروسية فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ومطلع القرن العشرين، والاتحاد السوفيتي٬ فى القرن العشرين، وأخيراً فى روسيا الاتحادية.
وقد جاءت التسمية اشتقاقاً من الفعل الروسى «روبيت» أى «قطع». فقد كان الروبل قطعة من الفضة نتجت عن قطع سبيكة نقدية فضية آنذاك اسمها «جريفنا». وكانوا يقطعون السبيكة الفضية إلى 4 أقسام وأطلقوا على كل قسم أو قطعة اسم «روبل» أى «مقطوع».
وربما لا يعرف كثيرون أن الرحالة العربى «ابن بطوطة» وصف «الروبل» بأنه يعادل 5 أوقيات عربية أو 60 درهماً.
أما سك الروبل الفضى، فبدأ فى القرن الخامس عشر إلى جانب عملة الـ«دينجا».. وكان الروبل الواحد يساوى 100 دينجا.. وبدأ السك المنتظم فى عهد الأباطرة للروبل الفضى منذ سنة 1704 حين كان يزن 28 جراماً، وفى الفترة ما بين عام 1769 وعام 1849 كانت تتداول إلى جانب القطع النقدية «الروبل» أوراق مالية أطلقوا عليها «روبل» أيضاً. وعام 1897 ظهر الروبل الذهبى الذى كان يعادل 0.774235 جرام من الذهب.. وجرت العادة أن توضع صور الأباطرة الروس على الأوراق المالية الروسية.. وكانت الورقة المالية بقيمة 25 روبل تحمل صورة الإمبراطور ألكسندر الثالث، والورقة بقيمة 50 روبل تحمل صورة الإمبراطور نيكولاى الأول، وعلى الـ100 روبل وضعوا صورة الإمبراطورة كاترين، بينما كانت صورة الإمبراطور بطرس الأكبر على الـ500 روبل.
وفيما وصفوه بـ«الإصلاح النقدى»، تم سنة 1922 إدخال العملة المدعومة بالذهب إلى التداول النقدى فى البلاد، ومع عام 1947 تمت مصادرة ثلثى مدخرات الشعب فى الإيداعات المصرفية التى تفوق مبلغ 10 آلاف روبل و90% من المدخرات خارج المصرف، وتلا ذلك الإصلاح النقدى لعام 1961 حين تمت مبادلة الأوراق النقدية بمثيلاتها بقيمة تعادل عشرها!
ويوم 22 يناير 1991 أصدر الرئيس السوفيتى ميخائيل جورباتشوف مرسوماً يقضى بوقف تداول الأوراق النقدية من فئة 50 روبل و100 روبل التى يعود إصدارها إلى عام 1961.. وبذلك تم شطب كل مدخرات المتقاعدين الذين كانوا يحتفظون بها فى منازلهم. لكن الشعب لم يربط الإصلاح باسم جورباتشوف بل باسم رئيس الوزراء السوفيتى فالنتين بافلوف الذى تولى هذا المنصب قبل الإصلاح ببضعة أيام، وقبل ذلك كان يشغل منصب وزير المالية، وفعلاً كان هو الذى طرح فكرة الإصلاح النقدى وقام بتطبيقها.
وفى سنة 1998 جرى إصلاح مالى آخر من شأنه تضخيم قيمة الروبل بحيث أصبح كل روبل جديد يعادل 1000 روبل سابق، وحملت أوراق الروبل الجديد صور المدن الروسية بدلاً من صور الحكام.
فالورقة المالية الروسية الحالية بقيمة 5 روبل تحمل صورة آثار مدينة فيليكى نوفجورود، وورقة الـ10 روبل- آثار مدينة كراسنويارسك، وورقة الـ50 روبل- آثار مدينة بطرسبورج، وورقة الـ100 روبل- آثار مدينة موسكو، وورقة الـ500 روبل- آثار مدينة أرخانجلسك، وورقة الـ1000 روبل- آثار مدينة ياروسلافل ومدينة فلاديفوستوك، وورقة الـ5000 روبل- آثار مدينة خاباروفسك.
والروبل الروسى الحالى يساوى 100 كوبيكا التى اشتقت تسميتها من لفظ «كوبو« أى الرمح الذى يقتل به القديس جورجيوس التنين!
وكانت صورة القديس جورجيوس وهو يحمل الرمح يتم نقشها قبل ذلك على العملة المعدنية الصغرى- كوبيكا. وتصدر حالياً قطع كوبيكا معدنية بقيمة كوبيكا واحدة، و5 كوبيكا، و10 كوبيكا، و50 كوبيكا.. كما تصدر القطع النقدية المعدنية الروسية بقيمة روبل واحد، وخمسة روبل و10 روبل.