ياسر بركات يكتب عن: مصر فى قبضة سماسرة البورصة
«مرسى» استخدمها سلاحاً فى معركة عائلة ساويرس
..وثلاثة أنظمة فشلت فى فرض ضرائب عليها
الإخوان كانوا يمهدون لتحريمها واعتبروها صالات للقمار وحاولوا استبدال الصكوك الإسلامية بها
لماذا خسرت 12 ملياراً فور إعلان «السيسى» رئيساً للجمهورية؟
البورصة هى غرفة جهنم لأى حكم سياسى، ففى داخل الغرف المغلقة تتم المؤامرات والصفقات التى تصعد بالاقتصاد أو تخسف به الأرض، ولن ينسى الشعب المصرى أبداً كيف تم التلاعب بالبورصة هبوطاً وصعوداً فى مواقف سياسية فارقة فى تاريخ مصر، وظهر هذا التلاعب القذر بشكل كبير للشعب المصرى حين خسرت البورصة 12 ملياراً فور إعلان فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى فى انتخابات الرئاسة!!.. كانت اللعبة مكشوفة فلم تكن مصادفة أبداً بل كانت لعبة خسيسة تحدثنا عنها آنذاك بالتفصيل.
واليوم يثار السؤال الكبير: من يستخدم البورصة المصرية؟!
بصيغة أخرى من هؤلاء الذين يتلاعبون بها ويستخدمون مؤشراتها سياسياً أو يحاولون ذلك؟!
رغم أن ذلك غير مفاجئ ورغم أن علامات الاستفهام تزداد وتزداد، فإن ذلك أمر طبيعى فى ظل ظروف صعبة عانت منها البورصة وصغار المستثمرين، ومن المتوقع أن تنكشف العديد من المفاجآت خلال التحقيقات فى البلاغات التى قدمها عدد من المستثمرين وخبراء فى سوق المال، خاصة مع زيادة حدة التوتر فى السوق والتى لم تكن فى صالح صغار المستثمرين.. الذين لا يتم تعويضهم من خلال صندوق تعويضات المستثمرين!!
وفى الوقت الذى تم فيه إطلاق عدد من الآليات الجديدة بهدف زيادة السيولة فى السوق، كان ذلك سبباً فى مزيد من موجات الهبوط ومنها ما يسمى بنظام الاقتراض للسهم الذى استغرقت دراسته أكثر من عامين حيث يتم من خلال هذا النظام بيع الأسهم قبل اقتراضها، ومن المعروف أن هذا النظام يتيح للمستثمرين المضاربة على هبوط الأسهم من خلال اقتراض الأسهم المتوقع تراجع أسعارها وبيعها فى السوق ثم إعادة شرائها مرة أخرى فور هبوط أسعارها فى مقابل قيمة مالية تحصل عليها شركة مصر للمقاصة المسئولة عن قيد جميع الشركات بالبورصة كضمان لحين رد الأسهم مرة أخرى لوعاء التسليف.
والمتابع للسوق فى هذه الفترة يرى أنه كان يعانى من أزمة سيولة رهيبة، خاصة أن حجم التداول اليومى بالبورصة بات يهدد جميع المتعاملين حيث تراجعت معدلات التداول لأدنى مستوياتها خلال الثلاث سنوات الأخيرة كما أن أزمة سيولة كانت السبب وراء هبوط حاد فى عدد كبير من الأسهم.
ووصل الأمل حد مطالبة البعض بإغلاق البورصة، واتهامها صراحة بأنها تضر بالاقتصاد الوطنى!!
وهى فعلاً تضر الاقتصاد الوطنى، لأنها صارت بورصة السماسرة والهليبة والمتلاعبين والقناصة، وقد لا تندهش لو راجعت تاريخ البورصة المصرية منذ إعادتها للحياة سنة ١٩٩١، ولم تجد أى دليل أو إثبات أو شاهد على أنها كانت مفيدة للاقتصاد أو لعموم الشعب أو لأى أحد غير مجموعة «ضئيلة» هم من يحققون المكاسب والخسائر!!
إنها ساحة مستباحة للسماسرة، يتلاعبون فيها بمصائر الملايين، وينهبون فيها مدخراتهم.. ومعها يستنزفون الناتج القومى.. وذلك كله يذهب لما يشبه العصابات الإجرامية، التى لم تكتف بما نهبته وما اقتنصته من مليارات، بل باعت نفسها لقوى سياسية لتستخدمها وقتما شاءت وكيفما شاءت.
هل تعتقد مثلاً أنها كانت صدفة أن تخسر البورصة 12 ملياراً فور إعلان فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى فى انتخابات الرئاسة؟!
لم تكن صدفة طبعاً، ووقتها سجل المؤشر الرئيسى «إيجى إكس 30» تراجعاً بنسبة 5.3% بمقدار 7804 نقطة، وكذا مؤشر «إيجى إكس 20»، بنسبة بلغت 5.6% ليصل إلى 9362 نقطة.
بينما هبط مؤشر «إيجى إكس 70» الذى يقيس أداء الأسهم المتوسطة بنسبة 3.2 % عند 570 نقطة، وكذا مؤشر «إيجى إكس 100»، بنسبة 3.4% مسجلاً 995 نقطة.
وسجل رأس المال السوقى للأسهم المقيدة بالبورصة،تراجعاً قدره 13.5 مليار جنيه، مسجلاً مستوى 462.7 مليار جنيه مقارنة بـ476.2 مليار جنيه الأسبوع الماضى.
أبرز أدوات اللعب هى صناديق الأوفشور التى تعد بمثابة بوابة لإخفاء استثمارات رجال الأعمال الذين يتلاعبون بالبورصة المصرية تحت ستار «المستثمرين الأجانب». وذلك يتم بحصولهم على ترخيص عمل صندوق استثمار أجنبى فى مصر من أى دولة أجنبية فى حدود 5000 دولار لمدة 72 ساعة، وبالتالى تدخل تعاملات هذا الصندوق تحت بند تعاملات الأجانب كمؤسسات غير خاضعة للرقابة نتيجة ترخيصه من دولة أجنبية، وهو ما يساعد على حدوث العديد من التلاعبات، والتى ظهرت فى الآونة الأخيرة!!
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن البورصة المصرية تكاد تخلو من تعاملات الأجانب على مستوى الأفراد؛ حيث إن ما يظهر فى نهاية جلسات التداول من أحجام تعاملات الأجانب كمؤسسات والتى تتفوق على تعاملات الأجانب كأفراد بنسبة 93%، ما هى إلا تعاملات رجال أعمال مصريين من خلال صناديق الاستثمار الأجنبية! كما أن نسبة الـ 7% المتبقية من إجمالى تعاملات الأجانب، باعتبارها تعاملات الأجانب كأفراد هى أيضاً ليست تعاملات لأجانب حقيقيين، وإنما لمصريين ذوى جنسيات أجنبية مختلفة.
إن ملفات الفساد فى البورصة المصرية كثيرة ومتعددة، منها ما يخص مسئولين ومدراء ومنها ما يخص مستثمرين أو مضاربين ومقامرين، وهى واحدة من أهم ملامح الفساد العام، وأكثر ملفات الفساد فى البورصة هو التلاعبات التى تتخذ طرقاً متعددة تخفى على من ليس له إلمام بقواعد الاستثمار، منها مثلاً استغلال المعلومات الداخلية من جانب أعضاء مجالس إدارات الشركات وذويهم، والعروض والطلبات الوهمية على مدار اليوم والمعروفة باسم عمليات «التدوير» بغرض تجميع الأسهم، والشائعات التى تهدف لإيهام المستثمر بصعود أو هبوط الأسهم، وتسريب معلومات من جانب فئات على علاقة بإدارات الشركات حول تقسيم الأسهم، ونشر بيانات مغلوطة عن نتائج أعمال الشركات، من شأنها خلق طلبات غير حقيقية.
هذا بالإضافة إلى الإعلان عن شراء أسهم خزينة وعدم تنفيذها، والإعلان عن توزيعات مجانية للأسهم وزيادات رأس المال لقدامى المساهمين للاكتتاب والتباطؤ فيها، والإعلان عن توسعات وضخ استثمارات جديدة بهدف خلق طلب على الأسهم وعدم تنفيذها لاحقاً، وبيع كميات كبيرة من الأسهم ذات الوزن النسبى الثقيل على مؤشر السوق الرئيسى لدفعه للتراجع بشكل حاد وإيهام المتعاملين بانهيار السوق لإجبارهم على البيع ثم الشراء عند مستويات متدنية.
وقد تلجأ بعض الشركات لتضخيم القوائم المالية للشركة من قبل المدراء التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة، حتى تبدو أكثر إغراء للشراء لرفع قيمة سهم الشركة، وهناك وجه آخر من الفساد مرتبط بقرارات الاندماج والاستحواذ، مثل الإعلان عن تقديم عرض لشراء أو دمج أو الاستحواذ على شركة، مما يؤدى إلى رفع سعر سهم الشركة المستهدفة، فيقوم المعلن ببيع ما يملكه من أسهمها، ويعلن بعد ذلك أن المفاوضات تعثرت، وتم الرجوع عن العرض.
والمؤسف هو أن تكون طريقة إدارة البورصة المصرية نفسها، هى رأس الفساد، فالبورصة منظمة حكومية لا تأخذ شكل القطاع العام ولا الخاص، وإنما تتبع مجلس الوزراء، ولا تعرف لها ميزانية، وتدار منذ سنوات بمبدأ «الشللية»، ومعروف أن مبدأ «الشللية» فى الإدارة أصبح هو الغالب فى عهد نظام «مبارك»، وللأسف ما زال مستمرا حتى الآن.. وهناك مجموعة أشخاص يمكن حصرهم على أصابع اليد تتبادل الأدوار فى المناصب.
هذا إلى جانب أن قائمة المستفيدين لم تتغير سواء من استفادوا من المضاربات أو التلاعبات أو من أشياء أخرى كالاستخدام السياسى مثلاً!!
*****************
الجماعة كانت تسعى إلى إعادة هيكلة سوق الأسهم
تفاصيل جديدة عن حرب الإخوان وساويرس بين البورصة والصكوك الإسلامية
استخدام البورصة المصرية سياسياً ليس غريباً، فهذا تقرير نشرته «لوس أنجلوس تايمز» فى مايو 2013 كشفت فيه كيف تلاعب «اﻹخوان» بالبورصة ﻹنجاح مشروع الصكوك التى وصفوها بـ«الإسلامية»!!
سماسرة ومستثمرو سوق الأسهم المصرى تنتابهم حالة من القلق والخوف من تولى جماعة الإخوان المسلمين مقاليد الأمور وتوقعات بهبوط الاقتصاد المصرى ككل لمستوى يصعب تخيله. القاهرة..إسماعيل مصطفى.. سمسار مالى.. تبدو عليه جليًّا أعراض الإحباط وهو ذاهب إلى عمله بالبورصة أملاً فى أية بارقة إيجابية على الرغم من ندرتها فى وطن يعانى من عدم الاستقرار السياسى لسنتين منذ ثورة يناير، وهو الوضع الذى أدى إلى زعزعة ثقة المستثمرين وحصرها فى مجال ضيق لا يقارن بالمراحل السابقة.
«الانحدار الذى نشهده بالسوق لم نشاهد مثله سابقاً» يسترسل إسماعيل برباط عنقه غير المحكم ربطه وهو يتفحص الأرقام المجدولة أمامه، ويضيف: «لا يوجد تداول ولا بيع ولا شراء حتى بين الأشخاص المحبين لاتخاذ المخاطر». أصبح سوق البورصة المصرية قصة مبكية ومحزنة، وبعد أن كان حجم التعامل اليومى مليار جنيه مصرى، أى حوالى 143 مليون دولار يصير الآن 250 مليون جنيه مصرى، مؤشر البورصة الرئيسى انخفض من 12000 قبل الأزمة الاقتصادية فى 2008 إلى 3500 بعدها، ثم أخذ فى الصعود زحفاً حتى وصل إلى 5000 فى أبريل الماضى، وكما يقول الدكتور محمد البرادعى أحد كبار المعارضين السياسيين: «مصر الآن تنهار سياسيًّا واقتصاديًّا، ونحن كمصريين ندفع الثمن باهظاً».
وبعد تنحية حسنى مبارك وصعود محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين التى بدورها تتحكم الآن فى الحكومة، مما يحرك مخاوف رجال الأعمال والمستثمرين ذوى الاتجاهات العلمانية من إحكام قبضة المتشددين دينياً على الأمور فى وقت تشتد فيه معاناة الاقتصاد المصرى، فمصر الآن تواجه ركوداً ملحوظاً فى الاستثمارات الأجنبية، وعلو نسبة البطالة بين الشباب والنقص فى مصادر الطاقة والوقود.. الفوضى بين الحرس القديم ومن بينهم أصحاب الثروات السابقون أعطت الإشارة لإعادة توزيع القدرة على التحكم فى مجريات السوق لصالح المنبوذين سابقاً الإخوان المسلمين الذين بدورهم سيريدون التعاون عاجلاً أو آجلاً مع أصحاب الثروات من المؤيديين السابقين لحسنى مبارك، وعلى الجانب الآخر يوجد الكثير من رجال الأعمال المناهضين للحكومة الحالية ويريدون إسقاطها، ولو نجحوا فى هذا فلن يكون هناك بديل عن التمويل الإسلامى الذى يحذر منه المستثمرون لإضراره بصورة مصر أمام المجتمع الدولى.. ويقول أحمد حمدى نائب رئيس شركة سيجما للاستثمارات بالقاهرة «لا يوجد مستثمرون جدد فى مصر، والمستثمرون كبار الشأن حالياً فى طريقهم للمغادرة»..
ويضيف قائلاً: «نسبه 1% من عدد السكان هم من يتحكمون فى ثروات مصر، وهم الآن يفضلون الاحتفاظ بثرواتهم عن استثمارها خوفاً من الانتعاش الاقتصادى الذى سيستفيد منه الإخوان المسلمون فقط، وهذه هى المعركة التى نحن بين رحاها»، وضحت معالم هذا النزاع عندما قامت الحكومة بمنع كل من ناصف ساويرس ووالده أونسى من السفر فى مارس السابق، وهم من أغنى أصحاب الأعمال فى مصر ومن كبار العائلات القبطية فى مصر، كما تم توجيه تهمة التهرب الضريبى لشركة أوراسكوم للإنشاءات المملوكة لهم، وعلى الرغم من أنه تم التوصل لاتفاق لتسوية النزاع يتضمن دفع مليار دولار إلا أن النزاع أثار ريبة عدد كبير من المستثمرين، وتعاملوا مع الموقف على أنه تحذير من أن الحكومة ستقوم باستهداف شركات بعينها.
أما نجيب ساويرس الأخ الأصغر لناصف وأحد أهم أغنياء شركات الاتصالات، وهو من أبرز المعادين السياسيين لحكم الإسلاميين، فقد عاد لأرض مصر فى الثالث من مايو السابق بعد شهور من إقامته فى الخارج، وتم استقباله فى المطار من قبل مندوب من القصر الجمهورى من قبل الرئيس مرسى، وهى محاولة واضحة من الحكومة للظهور بشكل إيجابى تجاه المستثمرين.. ويضيف إسماعيل سمسار مالى فى شركة سيجما: «سابقاً كان ابنا مبارك علاء وجمال يتحكمان فى السوق بشكل كامل، وبجوارهما ساويرس وحلفاؤه، أما رجال أعمال الإخوان المسلمين من أمثال خيرت الشاطر فقد كانوا فى ظلال المشهد، وانقلبت الأحوال حالياً ليكونوا هم من فى مركز القوى مع عدم كشف جميع أوراقهم حتى الآن».
ويعتبر خيرت الشاطر هو محور اتخاذ القرارات التمويلية الاستراتيجية والسياسية فى جماعة الإخوان المسلمين، وهو مهندس من أصحاب الملايين، تم سجنه فى عصر مبارك، وهو من أصحاب الفكر الإسلامى، لكن أشيع عنه أنه يشجع التجارة الحرة ونظريات السوق الحر، ولكن واقعيته المشهور بها لم تُختبر نتيجة عدم ثقة المستفيدين فى الوقت الذى كان فيه الإخوان المسلمون مضطهدين.. بعض المحللين يتوقعون أن الهدف الأسمى لجماعة الإخوان ومرسى هو إعادة هيكلة سوق الأسهم الذى ينظر إليه على أنه مخالف لتعاليم الإسلام، فقطاع كبير من الإخوان المسلمين ينظرون للبورصة والاستثمار فى الأسهم على أنه ليس فقط نوعاً من المضاربة، بل من المقامرة، والتى تعتبر من كبائر المحرمات فى القرآن.
ويقول راشد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة: «جماعة الإخوان لا تنظر لسوق الأسهم والبورصة بعين الاعتبار»، ويضيف: «إنهم يريدون تحويلها لسوق أسهم إسلامية، وهو ما يختلف كليًّا، ويتضمن إصدار صكوك إسلامية بدون فوائد»، ويقوم أستاذ الاقتصاد بتصنيف الشاطر ورجال أعمال الجماعة كتجار وليسوا كرجال مؤسسات وإداريين تنفيذيين، لهذا فهم لا يستطيعون فهم القوة المحركة للسوق، وتزداد المخاوف من أنه مع سيطرتهم سيتدهور الاقتصاد من السيئ إلى الأسوأ، ويضيف راشد عبده: «يوجد مظاهرات بمعدل يومى، بل وهناك من يرمى قنابل المولوتوف، تلك الفوضى السياسية تنعكس سلباً على سوق الأسهم والبورصة».. ويختتم كلامه قائلاً: «لا يملك الرئيس ولا من حوله المعلومات الكافية عن إدارة الأعمال أو الاقتصاد»، ما يدور حالياً فى السوق من مؤامرات تؤدى إلى مزيد من الترهل فى الاقتصاد القومى وضياع فرص الاستثمار الأجنبى الذى انخفضت نسبته 60٪ من وقت تنحى حسنى مبارك، ومنذ تولى مرسى الحكم تم إبطاء حركة الخصخصة مع العلم بأنه حتى الآن لم تسن أى قوانين لزيادة التقشف على مستوى الدولة التى سيضطر إليها، ومنها قطع الدعم عن كثير من السلع خوفاً من موجة اعتراضات من الطبقة الفقيرة، ولكن مع الأسف لابد منها ليتم الموافقة على قرض صندوق النقد الدولى.
أما حمدى نائب مدير عام بنك معروف، فيقول: «نحن نحتاج قرض صندوق النقد الدولى، ونحتاج إشهار حصولنا على الموافقة التى ستكون بمثابة تأكيد على تعافى قدراتنا الاقتصادية، وبالتالى سيعطى ثقة أكبر للمستثمرين، ويشجعهم على الدخول مرة أخرى فى ماكينة الاقتصاد القومى، وبالأخص المستثمرون الأوروبيون ومستثمرو بلدان الخليج العربى».. ويضيف حمدى قائلاً: «نحن فى أشد الاحتياج لدم جديد فى السوق المصرى، حيث إن ثمانين فى المائة من مكاتب وشركات السمسره تحقق خسائر ولا توجد حلول أخرى».
وختاماً يجب الإشارة إلى أن مشكلة السوق المصرية هى أنها على علاقة موازية بنقص الوعى السياسى ما بين الإخوان المسلمين والمعارضين لهم، هذا الشقاق يتسبب فى اندلاع المظاهرات واعتصامات العمال، ويجب ألا ننسى عدم قدرة الحكومة الحالية على توفير فرص العمالة لملايين الشباب العاطلين، بالإضافة لمعدلات الجريمة المتزايدة والتضخم.
*******************
أباطرة البورصة يعلنون التحدى:
من يجرؤ على فرض الضرائب؟
هل تريد مثالاً أو دليلاً آخر على التلاعب؟!
وعلى إمكانية استخدام البورصة كورقة ضغط؟!
منتصف أبريل تقريباً، قام وزير المالية بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على الأرباح الرأسمالية، إيذاناً بتفعيل الضريبة على أرباح التعاملات فى البورصة والتى سبق إقرارها فى يوليو العام الماضى.
الفترة السابقة على إصدار اللائحة التنفيذية شهدت هجوماً مكثفاً من المضاربين وشركات الأوراق المالية على الحكومة لمحاولة إلغاء الضريبة أو حتى تأجيل تطبيقها، وتنافس مسئولون عن البورصة ومحللون ماليون فى التحذير من مخاطر وعواقب تطبيق الضريبة، بزعم أنها ستتسبب فى هروب المستثمرين وإغلاق البورصة بالضبة والمفتاح!!
الانخفاضات المتوالية المثيرة للدهشة وغير المبررة فى مؤشر البورصة، تعكس مقدار وشدة الضغوط المستخدمة على الحكومة من خلال التلويح بالانهيارات التى تنتظر البورصة إذا تم تفعيل الضريبة.
طبعاً موقف المضاربين فى البورصة، يمكن استنتاجه بعد أن رأوا الحكومة تتنازل عن إيرادات ضريبية فى موجات متتابعة، بدأت بقانون الاستثمار ثم تعديلات قانون الضرائب على الدخل التى تضمنت إلغاء ضريبة الـ 5% الإضافية التى سبق أن تم فرضها على دخول المشروعات التى تزيد على مليون جنيه سنوياً، وتخفيض الحد الأقصى للضريبة إلى 22.5%. رغم أن معدلات الضريبة على الأرباح الرأسمالية فى مصر والتى لا تتجاوز 10% تعتبر منخفضة للغاية مقارنة بمعدلات تلك الضريبة فى أعتى الدول الرأسمالية التى تطبق اقتصاديات السوق وتلك التى تتركز فيها كبرى البورصات العالمية.
فى هذه الدول يتم تطبيق ضريبة تصاعدية على الأرباح الرأسمالية للتعامل فى سوق الأوراق المالية. معدلات تلك الضريبة تتراوح بين 15% و20% فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبين 18% و28% فى إنجلترا، وتصل إلى 30.5% فى ألمانيا و35% فى سويسرا و45% على أعلى شريحة للدخل فى فرنسا.
ولابد من توضيح أن فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية للأوراق المالية لن يؤدى إلى هروب المستثمرين إلى بورصات الدول المجاورة التى لا تفرض مثل تلك الضرائب، لأن المستثمر الأجنبى سيدفع فى بلده إذا لم يدفع لنا، والخزانة المصرية والشعب المصرى أولى بتلك الأموال.
هذه الضريبة، ضريبة البورصة مطبقة فى غالبية دول العالم.. وحاولت مصر تطبيقها طوال عشر سنوات، لكنها وفى كل مرة تحاول فرضها، تواجه بعاصفة غوغائية من السماسرة ورجال أعمال بعينهم!!
حاولت حكومة أحمد نظيف تطبيقها، لكن أنصار جمال مبارك منعوها وحاربوها.. وحاولت حكومة عصام شرف بعد 25 يناير 2011 تطبيقها، ومع قليل من الضغوط، تراجع وأعلن تأجيلها! وبعد أن تضاعفت أسعار الأوراق المالية منذ إعادة افتتاح البورصة، سقطت كل الحجج والدعاوى التى تقول أجلوا الضريبة.
بمؤامرات هؤلاء وألاعيبهم وتلاعباتهم تحولت البورصة المصرية إلى صالة قمار، ولم تقدم للدخل القومى أى إضافة من أى نوع.. فقط، قدمت للمتلاعبين والسماسرة والفهلوية والحلنجية مكاناً مناسباً يمارسون فيه جرائمهم التى تبدأ بغسيل الأموال ولا تنتهى عند سرقة أموال صغار المضاربين.
وللأسف فإن الضحايا الذين خربت بيوتهم وضاعت أموالهم هم أولئك المتعاملون الصغار الذين انساقوا وراء تحليلات المحللين الاقتصاديين والماليين، وأيضاً وراء الإغراءات التى شنتها حملات الدعاية عن الفرص الذهبية التى أغرت الكثيرين بأن يبيعوا كل ما يملكون، بل ويقترضون من البنوك ومن شركات السمسرة بالبورصات تحت وهم الكسب السريع وتحقيق الأحلام الوردية التى انقلبت عليهم للأسف إلى كوابيس سوداء فقدوا منها كل ما يملكون، وأصبحوا عاجزين حتى عن إشباع أبسط حاجاتهم وتلبية ضرورات الحياة لأسرهم وأبنائهم!!