الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:51 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: أسرار الموت فى سيناء

قوات حفظ السلام تقتل جنودنا برصاص «داعش»!
فى بلادى لم يسمعنى أحد وأنا أصرخ محذراً من الدور الغامض لقوات حفظ السلام فى سيناء!!.. كتبت العشرات من المعلومات الموثقة وبكل أسف لم تهتم جهة واحدة بما جاء فى «الموجز» بتاريخ 6 يوليو الماضى.
كتبت الكثير ولن أتوقف عن الكتابة فى هذا الملف ربما نستطيع تفسير جزء مما يحدث فى سيناء، فتلك القوات لها دور فى غاية الخطورة وسبق وكشفنا عن دورها المشبوه فى دعم الإرهابيين فى سيناء، وها هى جريدة الـ«نيويورك تايمز» الأمريكية تؤكد أنه بعد مرور أكثر من 3 عقود على إنشاء فرقة متعددة الجنسيات ومراقبين، والتى تتضمن كتيبتين من الجيش الأمريكى، أصبح هناك قتال مستعرا فى تلك المنطقة، حيث تشهد مناطق بسيناء صدامات بين الجماعات الإرهابية وقوات الأمن المصرية.
وزعمت الجريدة أن أعمال العنف، شكلت خطراً وفرضت قيوداً شديدة على حركة قوات حفظ السلام، وأن ذلك سبب وجيه للنظر فى سحب هذه القوات من سيناء، إذ إن أى هجوم على القوة المتعددة الجنسيات المكونة من نحو 1600 جندى، يمكن أن يفتح جبهة جديدة فى الحرب التى تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش!
وأضافت الجريدة الأمريكية أن مهمة قوات حفظ السلام عفا عليها الزمن، وأن مصر فى السنوات الأخيرة الماضية، قامت، بموافقة إسرائيل، بنشر قوات وأسلحة ثقيلة فى سيناء لمكافحة الإرهابيين، رغم أن اتفاقية السلام تفرض قيوداً صارمة على نشر قوات فى تلك المنطقة، لكنها تسمح باستثناءات بناء على اتفاق بين البلدين. وبمرور الوقت، فإن علاقات تعاونية وظيفية تتعلق بالجانب الأمنى جمعت بين الدولتين، وتشاركا فى قلق عميق حيال التهديد الذى يشكله الإرهابيون فى المنطقة.
لابد أن نتوقف هنا أمام التقرير السنوى، الصادر فى الخريف الماضى، الذى حددت فيه القوات متعددة الجنسيات عدة خطوات لحماية أعضائها، بما فى ذلك استخدام العربات المدرعة وتحصين دفاعات معسكراتها. ومما جاء فى التقرير: «مازلنا نواجه خطر الوقوع فى تبادل إطلاق النار الدائر، ربما لخطـأ المكان أو خطأ التوقيت، أو أن نصبح هدفاً مقصوداً من المتشددين».
وقال الجنرال مارتن ديمبسى، رئيس هيئة الأركان المشتركة، فى شهادته أمام الكونجرس الشهر الماضى، إن البنتاجون وفر مؤخراً رادارات مضادة للهاون ومعدات اتصال أفضل لتلك القوة للتعامل مع التهديدات.. مضيفًا: «نتوقع زيادة التهديد».
وعودة إلى افتتاحية «نيويورك تايمز» التى أشارت إلى أن المخاوف الأمنية نمت عقب هجوم بقذائف الهاون على مطار «الجورة» فى 9 يونيو الماضى، المجاورلأحد المعسكرات الكبرى لقوات حفظ السلام.
افتتاحية الجريدة لم تتجاهل الجانب المالى، فأوضحت أن ميزانية تلك القوات بلغت فى 2014 حوالى 82.6 مليون دولار، وانتهت السنة المالية بعجز يبلغ 606 آلاف دولار. ومن المتوقع أن ترتفع الفجوة إلى 9 ملايين دولار فى السنة المالية 2016 و20 مليون دولار فى 2020.
ولن أعيد هنا ما سبق أن طرحته بكثير من التفاصيل عن قيام القوات الدولية بتقديم الدعم للإرهابيين وإمدادهم بالوقود اللازم لسياراتهم وعلاج مصابيهم!
كما لن أتوقف عند المعلومات شبه المؤكدة، التى كشفت أن العناصر الإرهابية تختبئ فى نفق طوله 500 متر ينتهى أسفل نقطة مراقبة قوات حفظ السلام «MFO» بقرية اللفيتات شمال سيناء، وأن الإرهابيين يسرعون للاختباء فى النفق عند سماع أصوات طائرات الجيش المصرى، لمعرفتهم بأن القوات المسلحة المصرية لن تقصف معسكرات القوات الدولية.
فقط، أذكركم وأتذكر معكم أن الولايات المتحدة سبق أن وجهت رسالة إلى القاهرة ألمحت فيها إلى رغبتها فى الاستغناء عن وجود القوات متعددة الجنسية فى شبه جزيرة سيناء فى ظل استقرار العلاقات المصرية الإسرائيلية والتنسيق الأمنى والمخابراتى على الحدود بين الجانبين فى مواجهة خطر التنظيمات التكفيرية فى سيناء.
ولك أن تندهش حين تعرف أن القوات متعددة الجنسيات أبلغت السلطات المصرية بالقلق على أمن أفرادها فى ضوء تدهور الوضع الأمنى فى سيناء رغم تمركز هذه القوات بعيداً عن الاشتباكات.
حدث ذلك، بينما تؤكد المعلومات أن عناصر التنظيم الإرهابية فى سيناء تستخدم ملاجئ تقع قرب مطار الجورة الجوى، الذى تستخدم قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات جزءاً منه!
المخابئ كانت عبارة عن أنفاق تصل لحوالى 150 متراً، وتقع خارج المطار بمسافة بعيدة، أسفل مدرجين مهجورين لا تستخدمهما قوات حفظ السلام، وتقع خارج السياج الشائك المحيط بالمطار، وعثرت القوات فى المخابئ على أدوات معيشة وملابس عسكرية وذخائر، دمرتها تماماً.
وتستخدم قوات حفظ السلام مدرجاً محمياً بسياج شائك، تستخدمه طائرات الشحن الجوى التابعة للقوات متعددة الجنسيات فى الهبوط بين فترة وأخرى.
ومطار الجورة أنشأته إسرائيل خلال فترة احتلالها لسيناء، وكانت تجهزه ليكون أكبر قاعدة جوية لها فى سيناء، وانسحبت منه بالكامل عام 1982، وتسلمته قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات.
كما أن الخدمات التى تقدمها قوات حفظ السلام للإرهابيين لا تتوقف عند تموين السيارات، بل تتعداها إلى علاج المصابين بإصابات حرجة داخل مطار الجورة.
تعالوا نقلب تلك الصفحة أو نضع ذلك جانباً، ونرى قوات حفظ السلام من زواية أخرى أو من وجهها الآخر!
قبل أيام، تحديداً يوم 12 أغسطس 2015، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، عن تقديم مبعوثه الخاص لجمهورية أفريقيا الوسطى، باباكار جاى، استقالته من منصبه بناء على طلب الأمين العام.
هذه التصريحات، جاءت خلال مؤتمر صحفى عقده فى نيويورك بهذا الشأن، وأعرب، خلاله، عن غضبه وأسفه الشديد لجرائم تحرش واغتصاب اتهم بها جنود فى قوات حفظ السلام فى جمهورية أفريقيا الوسطى!
وقال فى المؤتمر الصحفى «لن أتهاون مع أى أعمال تؤدى إلى استبدال ثقة الناس بالخوف. وعلينا التحقيق فى كل تهمة موجهة لأفراد فى قوات حفظ السلام».
وأضاف الأمين العام «أن العدد المقلق للاتهامات المقدمة ضد قوات حفظ السلام فى دول عدة، وعلى وجه التحديد فى جمهورية أفريقيا الوسطى، سواء كان ذلك فى الفترات التى سبقت تولى قوات حفظ السلام مهامها أو بعد توليها تلك المهام، تظهر الحاجة لأخذ خطوات فورية».
وسبق ذلك، قيام «منظمة العفو الدولية» باتهام قوات حفظ السلام فى جمهورية أفريقيا الوسطى بارتكاب جرائم اغتصاب وتحرش ضد فتيات فى أكثر من حادث، إضافة إلى قتل طفل ووالده، فى وقت سابق من شهر أغسطس، وصرّحت جوان مارينر، كبيرة مستشارى الأزمات فى منظمة العفو، فى بيان للمنظمة صدر فى وقت سابق، أن أدلة المنظمة «تشير بقوة إلى أن أحد جنود قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة اغتصب فتاة صغيرة، وأن قوات حفظ السلام قتلت اثنين من المدنيين عشوائياً».
الأمين العام للأمم المتحدة، طالب مجلس الأمن بعقد جلسة خاصة حول الموضوع الأربعاء فى نيويورك. وأكد كذلك أنه سيعقد جلسة أخرى مع رؤساء الأركان والشرطة ومبعوثيه الخاصين للدول المختلفة لقوات حفظ السلام. وأضاف: «إننى أكرر أنه على القادة، أن يبلغوا فوراً عن أى اتهامات موجهة لفرقهم، ويحققوا بدقة ويتخذوا الخطوات الحاسمة فى هذا الشأن».
كل ذلك، كلام جميل وكلام معقول، لكن ما ينسفه من أساسه هو أن الجنود المشاركين ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يتمتعون بحصانة، ولا يسمح القانون الدولى بمحاكمتهم خارج بلدانهم الأصلية!
ويشارك تحت مظلة الأمم المتحدة ضمن قوات حفظ السلام حوالى 125 ألف جندى فى مناطق عديدة من العالم ومن دول عدة.
أما مناسبة هذا الكلام الجميل والمعقول والذى ترتب عليه، تعيين الجابونى بارفيه اونانجا-انيانجا، يوم الخميس الماضى، رئيساً لبعثة «المنظمة الدولية»، فى جمهورية إفريقيا الوسطى، وإقالة رئيسها السابق الدبلوماسى السنغالى، باباكار جاى.
مناسبة ذلك، فتح تحقيق فى اتهامات بعملية اغتصاب، طالت فتاة، وجريمة قتل فتى فى السادسة عشرة من عمره ووالده من جانب جنود دوليين، خلال عملية مسلحة فى عاصمة إفريقيا الوسطى فى بداية أغسطس.. وقتل خمسة أشخاص على الأقل وإُصابة عشرات آخرين خلال هذه العملية التى تمت يومى الثانى والثالث من أغسطس.
هذا التحقيق، جاء بعد حالات أخرى مماثلة، وُجهت فيها أصابع الاتهام إلى جنود دوليين فى المغرب وبوروندى. وفى قضية منفصلة، تحقق فرنسا فى مزاعم عن عمليات استغلال جنسى لأطفال فى إفريقيا الوسطى حدثت بين ديسمبر 2013، ويونيو 2014. وتستهدف هذه الاتهامات 14 جندياً فرنسياً، كانوا يشاركون فى عملية سنجاريس التى نفذّتها فرنسا فى هذا البلد خارج مظلة الأمم المتحدة.
وهناك 57 شكوى أخرى ضد جنود دوليين، بينها 11 تتعلق بحالات استغلال جنسى لـ«أطفال».
ويبقى فى النهاية أن نشير إلى أن اللعب بورقة القوات متعددة الجنسيات بدأ منذ فترة، تحديداً منذ يونيو 2012 حين قدم ديفيد شينكر مدير برنامج السياسة العربية فى معهد واشنطن، تقريراً عنوانه «القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون مهددون فى سيناء»، زعم فيه تهديد التدهور الأمنى فى شبه جزيرة سيناء لا يؤثر فقط على قوات حفظ السلام المتمركزة هناك بل يمتد أيضاً إلى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية».. على الرغم من أن «القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون» لم يتعرضوا لمستوى اعتداء مماثل لما شهدته منظمات حفظ سلام ومراقبة أخرى كـ«قوات الأمم المتحدة المؤقتة فى لبنان» أو «اليونيفيل».