الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 11:15 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: Med – Red المؤامرة الإسرائيلية على قناة السويس!!

خط برى بين إيلات وأشدود وتل أبيب.. و63 جسراً، وخمسة أنفاق
أيام مرت على الحدث الأبرز مصرياً وإقليمياً وهو افتتاح قناة السويس الجديدة، ولاتزال ردود الفعل الدولية «الرسمية» تتواصل، لتؤكد ترحيب غالبية دول العالم بالمشروع بينما تواصل الآلة الدعائية الإخوانية، ووسائل الإعلام التى استأجرتها محاولتها التقليل من أهمية المشروع أو من جدواه! غير أن كل محاولات تنظيم الإخوان والتابعين له، ذهبت أدراج الرياح، بعد بيان «غرفة الملاحة الدولية» الذى أكد أنها «قناة مذهلة ومشروع ضخم بالمعيار العالمى». وهى تقريباً الصيغة نفسها التى استقبلت بها كل الكيانات والشركات الدولية ذات الصلة مشروع قناة السويس، وهذا ما سنتوقف عنده طويلاً فى السطور القادمة لنوضح ردود الفعل العالمية بصورة مفصلة، ولكن دعونا الآن نتحدث عن المؤامرات التى كانت تحاك لمصر وشعبها، فالحدث الذى شهدناه فى 6 من أغسطس 2015 لم يكن مجرد فرحة شعبية بإنجاز الرئيس، بل كان ضربة قصمت ظهر الصهاينة وأشياعهم من أعداء مصر، كان هناك تحدٍ كبير، تمثل فى رغبة عدة دول أو كيانات فى سرقة دور قناة السويس فى النقل البحرى!! وبالفعل، شهد العالم فى السنوات الأخيرة أكثر من مشروع، لا هدف لها سوى تقليل عائدات مصر من القناة. من تلك المشروعات، مشروع تقيمه شركة جبل على الإماراتية فى دولة جيبوتى، وتتلخص فكرته فى نقل تجارة الشرق إلى جيبوتى بالسفن، ليجرى نقلها بعد ذلك إلى غرب أفريقيا إما بالسيارات أو بالقطارات، ثم نقلها بالسفن من موانئ غرب أفريقيا إلى الأمريكتين. هذا المشروع لن يجعل السفن القادمة من الشرق تمر عبر مضيق باب المندب وبالتالى لن تمر من قناة السويس! وهناك مشروع آخر، تتبناه «الصين»!، ففى 12 من أغسطس 2013 أرسلت شركة صينية، سفينة أبحرت من إحدى موانيها الشمالية، وتوجهت عبر مناطق ذوبان الجليد فى القطب الشمالى، بهدف الالتفاف جهة الغرب فى أقصى الشمال عبر مضيق برينك. وكان هدف الرحلة إثبات أن الإبحار من شمال الصين إلى ميناء روتردام الهولندى، سوف يستغرق عبر هذا الطريق خمسة وثلاثين يوماً، فى مقابل ثمانية وأربعين يوماً تستغرقها الرحلة فى طريق قناة السويس. أما أخطر تلك المشروعات، فهو إنشاء خط سكة حديد بين ميناءى أشدود وإيلات فى إسرائيل، مع شق قناة بين البحرين الأبيض والميت، وهناك معلومات تؤكد أنه جار العمل «الآن» فى إنشاء خط السكة الحديد بين ميناءى أشدود وإيلات، فى صمت تام وبمستويات محدودة! هذا المشروع أسمته جريدة «هآرتس» الإسرائيلية (فى 2012) بـ«مشروع قناة السويس الإسرائيلية»! وأطلقت عليه إسرائيل اسم « Med – Red» اختصاراً للبحرين المتوسط والأحمر، ويتلخص فى مدّ خطٍّ بريّ موازٍ لقناة السويس بين إيلات وأشدود وتلّ أبيب، مروراً بمدنٍ أخرى مركزية مثل بئر السبع وديمونة.. مع إقامة 63 جسراً، وخمسة أنفاق. مشروع إسرائيل «القومى»، أو الـ«Med – Red» يمتد لمسافة 350 كيلومتراً، وسيستغرق تنفيذه خمس سنوات، حسب بعض التقارير وسبع سنوات حسب تقارير أخرى، ليكون حلقة الوصل بين الدول الآسيوية الكُبرى كالصين والهند والجانب الأوروبى، باعتبار أن الخط يصل البحر الأحمر بالمتوسط فى مسافة زمنية لا تتخطى الساعتين! هذا غير الهدف الأهم وهو شحن الغاز الإسرائيلى بعد اكتشاف كميات ضخمة من الغاز على شواطئ البحر المتوسط، قبالة بعض السواحل الإسرائيلية. وقبل ذلك كله، فهذا المشروع كان أحد أحلام الكيان الصهيونى منذ ظهوره، إذا كان التخطيط لمشروعين كبيرين، أولهما مشروع الخط المائى بين البحر الأحمر والبحر الميِّت، وهو ما حققته باتفاقيتها مع الأردن. أما المشروع الثانى، فكان «قناة مائية» موازية لقناة السويس تمتدّ من ميناء إيلات بالبحر الأحمر إلى ميناء أشدود بالبحر المتوسط. وبالفعل تعمل شركة بلجيكية على توسعة ميناء حيفا، وتشرف شركة صينية على تطوير ميناء أشدود وتتوقع إسرائيل أن يجذب المشروع نحو مليون إسرائيلى للسكن فى الجنوب، حيث ستقوم بإنشاء منطقة صناعية مساندة لمجمع القطارات قرب المطار. غير أن دراسة لـ«دافيد روزين» المدير السابق لشركة «تسيم» الإسرائيلية للشحن البحرى، انتهت إلى أنَّ شركات الشحن العالمية لن تفضل مسار الشحن البرى الذى تعتزم إسرائيل إقامته وستواصل الاعتماد على قناة السويس. وطبقا لهذه الدراسة، فإن الشحن البرى لحمولة سفينة عبر إيلات قد يستغرق 21 يوماً بينما عبور سفينة واحدة فى قناة السويس لا يستغرق أكثر من 14 ساعة فقط!! يضاف إلى ذلك أن تكلفة تفريغ وشحن حاوية واحدة فقط قرابة ألف دولار، بينما تبلغ تكلفة الحاوية الواحدة 30 دولاراً فقط!. سنة 2003 كان نتنياهو وزيراً للمالية، وطرح الفكرة وقتها، لكنه لم يعد يطرحها مرةً أخرى إلا سنة 2010، وفى فبراير 2012، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلى بالإجماع على تنفيذ المشروع. وكانت مشكلة التمويل هى أول عائق أمام تنفيذه، فجاء الحل من «الصين» المستفيد الأكبر من المشروع بعد إسرائيل، والتى رصدت 2 مليار دولار لتمويل المشروع.. وستشرف على المشروع شركة صينية لها تجارب سابقة فى بناء مشاريع بنية تحتية للطرق والأنفاق فى حيفا وعكَّا وتل أبيب.. والصين، كما قلنا، هى المستفيد الأول بعد إسرائيل. لكنَّ بعض الدول الأخرى ستستفيد أيضا مثل «بلجيكا» التى ستقوم بتوسيع ميناء حيفا. وكان «يسرائيل كاتس»، وزير النقل الإسرائيلى، قد وقّع فى أكتوبر 2011، اتفاقية تعاون بشأن الخط البرى مع وزير النقل الصينى.. وبعدها بعدة أشهر، تحديداً فى مايو 2012 وقَّعَ وزير النقل الإسرائيلى عقداً مع نظيره الإسبانى بشأن تطوير وسائل النقل العام التى قد تشمل السكك الحديدية فى الداخل الإسرائيلى أيضاً.. وأجرى محادثات مع وزير السياحة الهندى. الصين بتمويلها للمشروع، تستهدف أن يسهل عليها نقل بضائعها لأوروبا، لكن الاستفادة الكبرى للصين ستكون فى سحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة فى المنطقة. كما أن الصين هى الشريك الرئيسى لإفريقيا، بما قيمته 120 مليار دولار سنوياً.. والمشروع الجديد سيتيح لها وجوداً قوياً فى إفريقيا. **************** عمالقة النقل البحرى فى العالم يتحدثون عن أسطورة المصريين الجديدة مثلاً، على الموقع الرسمى لمجموعة «ميرسك» عملاق النقل البحرى فى العالم، أكد «كلوز هيمنجسن»، ممثل المجموعة والرئيس التنفيذى لميرسك للحفر، أن الشركة الدولية ترحب بما سيحققه المشروع من تقليص وقت العبور وتسهيله. وقال هيمنجسن، إن قناة السويس تشكل ممراً رئيسياً بين الغرب والشرق وقد استخدمتها المجموعة الدولية طيلة أكثر من 90 عاماً، وإنهم يرحبون بما سيحققه مشروع توسيع القناة من تسهيل حركة العبور وتقليل الوقت للنصف. وقالت الغرفة البريطانية للنقل البحرى، على موقعها الرسمى، إن مشروع قناة السويس الجديدة سيغير قواعد اللعبة فى التجارة العالمية، مشيرة إلى توقعات بزيادة عدد سفن الشحن التى تعبر القناة يومياً من 49 إلى 85 على الأقل، خلال السنوات العشر المقبلة. وأشارت الغرفة إلى أنه بينما يشكل النقل البحرى 90% من التجارة العالمية واعتماد المملكة المتحدة بشكل كبير على التجارة مع الشرق الأقصى، فإن ضيق قناة السويس كان يتسبب فى زيادة زمن رحلة الواردات والصادرات؛ حيث لم تكن تسمح بعبور سفن الشحن فى الاتجاهين فى نفس الوقت. وأضافت أنه قبل مشروع حفر القناة الجديدة، كانت سفن الحاويات تحتاج للانتظار ساعات حتى تتمكن من البدء فى العبور ضمن قافلة مع السفن الأخرى، لكن القدرة الاستيعابية الجديدة للقناة فى ظل المشروع الجديد تسمح للسفن بالتحرك ذهاباً وإياباً فى نفس الوقت، ما يجعل التجارة العالمية أكثر كفاءة. وقال جاى بلاتن، المدير التنفيذى لغرفة الشحن البحرى البريطانية، إن القناة الحالية قدمت عجائب للتجارة العالمية، والتوسعة الجديدة مثل تحويل طريق فرعى إلى طريق سريع، ما سوف يقدم دفعة قوية لتجارة المملكة المتحدة مع الشرق الأقصى. وتناولت العديد من وسائل الإعلام الإيطالية مشاركة وزيرة الدفاع «روبرتا بينوتى» فى حفل افتتاح قناة السويس الجديدة التاريخى؛ حيث أشارت إلى العلاقات الوثيقة التى تربط بين مصر وإيطاليا فى مختلف المجالات. كما اعتبر «الاتحاد الإفريقى»، قناة السويس الجديدة بادرة خير، ليس لمصر فقط، وإنما لمجمل القارة الإفريقية، لأنها تفتح الطريق أمام تنفيذ أجندة 2063 للتنمية فى إفريقيا. وفى بيان رسمى، أكد الاتحاد أن قناة السويس الجديدة ستحقق زيادة هائلة فى حجم التجارة الدولية، وأعلنت «دلامينى زوما»، رئيسة مفوضية الاتحاد، عن تقديرها لهذا العمل الضخم الذى قام به الشعب المصرى، وقالت: «إنها سعادة بالغة، أن أرى إحدى الدول الأعضاء فى الاتحاد الإفريقى دولة، تحقق هذا التقدم الكبير على ساحة التجارة الدولية». وعبر حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إنه تشرف بمشاركة الشعب المصرى أفراحه التاريخية بافتتاح قناة السويس الثانية. وأضاف أنه مثلما فتحت مصر للعالم عبر قناتها الأولى آفاقاً تجارية جديدة وواسعة، تفتح عبر قناتها الثانية لشعبها وللمنطقة أملاً جديداً ومستقبلاً واعداً. وأكد أن إنجاز قناة السويس بهذه السرعة يثبت للعالم أن الشعب المصرى لا يعرف المستحيل ولا يعترف باليأس. خروج بيانات وتصريحات مثل التى استعرضنا بعضاً منها ومن كيانات كتلك التى أشرنا إليها، يؤكد أن العالم كله يعرف أهمية المشروع وجديته. ونشير هنا إلى أن غرفة الملاحة الدولية مؤسسة مدنية رسمية وليست حكومية، لها دور كبير حيث تعد المنسق ما بين الدول والمستخدمين، كما تتبع قوانين المنظمة البحرية الدولية.. وهى التى تتولى التواصل مع غرف الملاحة فى العالم. غرفة الملاحة الدولية، هى باختصار الكيان الأكبر لغرف الملاحة فى العالم كله، وكانت زيارتها للقناة قبل افتتاحها مهمة وتمثل زيادة تأكيد وثقة فى قناة السويس. ****************** هدية قناة «بنما» للرئيس السيسى!! كان من المفترض أن تنتهى قناة بنما من أعمال التطوير فى نفس توقيت افتتاح قناة السويس الجديدة، وكان ذلك سيصبح مصدر إزعاج للقيادة المصرية لأسباب كثيرة سنوضحها، ولكن إرادة الله شاءت أن يكون مصدر الخطر هو مصدر الخير. ومن الغريب أن أحداً لم يلتفت إلى أن الهيئة المشرفة على قناة «بنما» قررت يوم السبت (8 من أغسطس 2015) وضع حد بشكل مؤقت لحجم السفن المسموح لها بالمرور من القناة بسبب الجفاف الناجم عن ظاهرة «النينو» المناخية التى تتسبب فى انخفاض مستويات المياه فى بحيرتى جاتون وألاخويلا.. الأمر الذى يتطلب أن يتم تخفيض غاطس السفن بداية من سبتمبر ليصل إلى 39 قدما (11.89 متر)، وهو ما قد يؤثر فى نحو 20٪ من حجم حركة القناة. وأعلنت السلطات فى بنما أنها قد تفرض مزيداً من القيود على غاطس السفن فى 16 من سبتمبر لو لم تشهد الأوضاع المناخية أى تحسن. ومعروف أن الحد الأقصى لغاطس السفن فى الوقت الحالى يبلغ 39.5 قدم، سينخفض إلى 39 قدماً فى 8 سبتمبر، فيما تشير توقعات بانخفاضه إلى 38.5 قدم فى 16 من سبتمبر. وهو ما دفع شركات الشحن إلى التحذير من تداعيات فرض المزيد من القيود. علينا ونحن نتوقف أمام هذه المعلومة، أن نضع فى الاعتبار أنه بينما كانت «مصر» تعلن (منذ سنة) عن زيادة قدرات قناة السويس على استقبال عدد أكبر من السفن، بحفرها للقناة الجديدة، نقلت إذاعة صوت ألمانيا «دويتشه فيلا» عن مسئولين فى قناة «بنما» أنها بعد أعمال التوسعة والتعميق والتطوير التى من المنتظر أن تنتهى، ستزيد من حدة المنافسة بينها وبين قناة السويس. ووقتها، كانت سلطات بنما تحتفل بذكرى مرور 100 عام على إنشاء القناة فى 15 من أغسطس الماضى، وتعمل على تنفيذ التوسعات الجديدة لزيادة إيراداتها من هذا الشريان الملاحى، وهى التطورات التى دفعت خبيراً مثل بيتر ساند، كبير المحللين بشركة بيمكو لخدمات النقل البحرى، إلى توقع أن ينتهى تفرد قناة السويس بميزة عبور السفن ذات الحمولات الضخمة! هنا، علينا أن نتوقف أمام حقيقة واضحة.. وهى أن التطورات التى لحقت بوسائل النقل البحرى، هى أهم ما واجه القناة من تحديات، وأبرزها حمولة السفن، التى يجرى التعبير عنها بطول الغاطس.. والغاطس هو عمق أو طول الجزء المختفى من السفينة تحت سطح الماء. وبتتبع التغيرات التى طرأت على عمق القناة، طوال عمرها، يمكننا معرفة الكيفية أو الطريقة التى تمت بها توسعة القناة لاستيعاب الأجيال الجديدة من السفن. عند افتتاحها سنة 1869، كان عرض القناة وعمقها ثمانين متراً وثمانية أمتار على التوالى، وكان ذلك العمق مناسباً للسفن الشراعية أو البخارية، وعندما تطورت فيما بعد (فى النصف الأول من القرن العشرين) قدرات السفن وبالتالى أحجامها، تم تعميق القناة وتوسيعها لتستوعب الزيادات. فبلغ عمق القناة سنة 1956 أربعة عشر متراً، بما يسمح بمرور السفن ذات غاطس طوله خمسة وثلاثين قدماً (عشرة أمتار ونصف المتر)، وسنة 1980، زاد عمق القناة ليصل إلى 19.5 متر، ليبلغ أقصى غاطس للسفن العابرة للقناة فى ذلك العام ثلاثة وخمسين قدماً (15.9 متر)، وسنة 2001، صار عمق القناة اثنين وعشرين متراً ونصف المتر، ما زاد من أقصى غاطس للسفن ليصل إلى اثنين وستين قدماً (18.6 متر)، وسنة 2010، كان عمق القناة أربعة وعشرين متراً، ما حقق غاطساً أقصى للسفن قدر بستة وستين قدماً، أى 19.8 متر. التطوير الذى شهدته القناة خلال 40 سنة، أى منذ إعادة افتتاحها للملاحة فى الخامس من يونيو 1975، أتاح للقناة أن تستوعب مختلف أنواع السفن، وجعلها صالحة لمرور جميع أنواع السفن ذوات غاطس حتى 66 قدماً.. وهو ما جعل القناة رقماً مهماً فى منظومة النقل البحرى، وأتاح لها الاستئثار بما يقترب من عُشر التجارة العالمية المنقولة بحراً. ***************** أحلام وطموحات كبرى بين الإسماعيلية والسويس وبورسعيد المعلومات كثيرة.. والمخططات والمشروعات التى تم التخطيط لها أيضاً كثيرة، وكلها تؤكد أهمية ما تم إنجازه، والذى لا يقتصر فقط على حفر القناة الجديدة، وإن كان الحفر والتوسعة والتطوير له الكثير من الأهمية، لأنه سيقلل ساعات انتظار السفن من 11 ساعة إلى 3 ساعات فقط، كما سيعمل على تقليل زمن رحلة مرور السفن بالقناة من 20 ساعة إلى 11 ساعة، إضافة إلى أنه سيضاعف عدد السفن المارة بالقناة لتصبح 97 سفينة فى اليوم الواحد، بدلاً من 49 سفينة تعبر القناة فى اليوم خلال العام الحالى، ما يعمل على زيادة إيرادات القناة بنسبة 259%. وغير ذلك، فالمشروع سيتضمن أيضاً إقامة ستة (6) أنفاق جديدة بمحافظتى الإسماعيلية وبورسعيد، وبواقع نفقين للسيارات ونفق للقطارات فى كل محافظة، بما ينهى عزلة سيناء ويربطها بعموم مصر. والأكثر أهمية هو تنمية منطقة قناة السويس، لكى تتحقق لها الريادة العالمية فى صناعة النقل البحرى واللوجستيات (الإمداد والتموين)، ولتصبح مركزاً صناعياً وتجارياً وسياحياً عالمياً، وذلك من خلال إنشاء مناطق حضارية جديدة، تمثل نقطة انطلاق للاقتصاد المصرى. فازدواج القناة سيسمح بمرور السفن فى اتجاهى الشمال والجنوب، دون توقف فى تفريعات القناة، ما كان يتسبب فى زيادة زمن عبور السفن للقناة، وتقاطر السفن فى قافلتى الشمال والجنوب دون توقف أو انتظار بما يساعد على زيادة أعداد السفن العابرة للقناة واختصار زمن عبورها للقناة، وهو ما سوف ينعكس ـ بالطبع ـ فى زيادة دخلها ورفع آفاق قدرتها التنافسية إلى الحد الذى تعجز عنه أية مشاريع منافسة. وبظهور الجيل الثالث من السفن، التى تتجاوز حمولاتها المائتى ألف طن، فإن الزيادة المتوقعة فى أعداد السفن بعد إتمام المشروع الجديد، سوف ينتج عنها تضاعف الحمولات العابرة للقناة، بالإضافة إلى تضاعف أعداد أطقم السفن، ما سيضاعف من قيمة إيرادات القناة المباشرة متمثلة فى رسوم العبور وغير المباشرة المتمثلة فى خدمات الصيانة والإصلاح والتموين والزيارات السياحية لأطقم السفن. كما أن الأنفاق الستة المزمع إنشاؤها ستسمح بامتداد محافظتى الإسماعيلية وبورسعيد شرق القناة، وذلك بتيسير الاتصال بين هاتين المحافظتين وسيناء، ما يمثل بداية لإنهاء عزلة سيناء عن الوادى، إضافة إلى أن تيسير الانتقال بين شرق القناة وغربها عبر الأنفاق، سيعمل على زيادة توطين السكان فى سيناء، لنتمكن بعد ذلك من إنشاء مشروعات جديدة تتضمن مناطق صناعية وأخرى زراعية وسياحية، بالإضافة إلى مشروعات الاستزراع السمكى، التى يمكن أن تقام فى أحواض الترسيب بشرق القناة، إذ إنه من المقترح إنشاء نحو 23 حوض ترسيب بطول 120 كيلو متراً وعرض من 3 إلى 5 كيلو مترات فى شرق القناة. وما أريد التوقف عنده أيضاً، هو أن هدف القناة الجديدة ليس فقط زيادة العائدات، لكن هناك العديد من الأهداف اﻷخرى، منها ما يتعلق باﻷمن القومى والتنمية وخلق مساحات جديدة للاستثمار وفرص العمل. صحيح، أنه على المدى القصير، ستكون هناك زيادة فى العائدات وانخفاض فى الوقت الذى تستغرقه السفن للعبور، لكن اﻷرقام ليست مهمة، فاﻷكثر أهمية، هو حالة الاقتصاد العالمى والتجارة العالمية. الأكثر أهمية هو طرح أسئلة من عينة: هل ستصبح القناة أكثر جاذبية للتجارة العالمية باعتبارها طريقاً أقصر وأكثر أمناً؟ وضع تحت «أكثر أمناً» عشرات الخطوط. هناك أيضاً رهان حول حجم نمو الاقتصاد العالمى. إذا حدثت زيادة نسبتها 5%، فإن هذا سيحفز التجارة العالمية، وهو ما يعنى عبور مزيد من السفن عبر القناة. وبالتالى فإن تقليص وقت عبور هذه السفن سيزيد من العائدات. غير أن اﻷهم هى اﻷهداف متوسطة وطويلة اﻷجل. وأقصد التنمية على كل المستويات، وخلق حياة مكتملة على هذه القطعة من أرض مصر. الأهم هو تنمية المنطقة كلها عبر الاستفادة من إمكانياتها الصناعية وخلق فرص جديدة للمستثمرين المصريين واﻷجانب. وما يطمئن هو أن هناك خططاً يجرى تنفيذها، ودراسات جدوى تهدف لتقسيم المنطقة اقتصادياً، وتوفير الخدمات اللوجيستية اللازمة للصناعات البحرية، من تنظيم عبور السفن والشحن والتفريغ والحاويات وغيرها، وتطوير خدمات النقل البرى التى يمكنها نقل الحمولات مرة أخرى إلى موانى مختلفة.. وتطوير فى مجال إعادة تجميع المنتجات، والمواد الخام التى ستصل فى أجزاء ويتم تجميعها بين الميناءين أو فى سيناء. وهو ما سيمكننا حينها من إعادة تصدير هذه المنتجات دون ضرائب أو رسوم، أو حملها إلى السوق المحلى. وأمام ذلك كله.. وبينما تدخل مصر مرحلة جديدة من التطوير، فإنها تحتاج إلى حكومة ذات رؤية.. حكومة مؤهلة للتنفيذ وليس فقط لوضع اﻷفكار. حكومة تستطيع أن تفتح قنوات اتصال محلية ودولية وبناء الثقة مع دول العالم وأيضاً القوى السياسية فى الداخل. حكومة تستثمر أكثر فى التعليم والصحة، وتهتم بالمجتمعات المهمشة، حتى تصل فوائد التطوير إلى هؤلاء الذين يستحقونها أكثر من غيرها، بدرجة تحقق درجة من السلام الاجتماعى. وهناك بعض النقاط حول البيئة التشريعية التى تحتاج إلى الالتفات إليها. ولا بد أن نضع فى الاعتبار أن الهبوط الذى حدث بعد المؤتمر الاقتصادى كان سببه الرئيسى، ذلك التأخير فى إصدار قانون الاستثمار، الذى ما زال النقاش بشأنه مستمراً، وكذا حول العديد من النسخ التى يجرى تداولها من اللوائح التنفيذية، وسط مطالبات بتعديل القانون! كذلك، هناك قانون المناطق الاقتصادية الحرة الذى يحتاج إلى لوائح تنفيذية عليها اتفاق، ويحتاج أن يكون ملائماً لمنطقة قناة السويس، ويحمل إجابات وتطمينات من المخاوف اﻷمنية، والمخاوف التشريعية، والخبرات السيئة التى مر بها مستثمرون أجانب قبل ذلك. وأخيراً، علينا أن ندرك أن أى خطأ، مهما كان صغيراً ومهما كان بسيطاً، قد يسبب قلقاً للمستثمر، ويؤثر سلباً فى المنطقة ككل!!