ياسر بركات يكتب عن: المخابرات المصرية تحقق مع أربعة ضباط أتراك شاركوا فى قتل جنودنا فى سيناء
المتهمون: إسماعيل بال وضياء جادو وعبدالله التركى وباكوش الحسينى.. شاركوا فى لقاءات مع المخابرات القطرية - تنظيم «القاعدة» سعى لتوسيط ضباط مخابرات أتراك وقطريين للتحالف مع جيش الإسلام الموالى للإخوان بقيادة «زهران علوش» - «واشنطن تايمز»: «أنصار بيت المقدس» استخدمت أسلحة تركية فى الشيخ زويد.. وأنقرة تحولت إلى محطة عبور الإرهابيين إلى سيناء ..... من أوراق السفير التركى المطرود: «مرسى» خطط لاختطاف 83 قيادة عسكرية قبل ثورة 30 يونيو بـ6 أسابيع
بداية.. إن التطورات الجذرية التى تشهدها السياسة التركية التى تحولت من حاضنة وداعمة لتنظيم داعش الإرهابى، إلى دخولها بشكل مباشر فى الحرب ضد التنظيم، أثارت العديد من التساؤلات حول مستقبل الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، خاصة فى ظل انتفاضات ومظاهرات شعبية بمعظم الولايات اعتراضاً على سلوك حكومته القمعية، التى عملت على تسمين الإرهاب فى سوريا، منذ أعوام وحولت حدودها مع الدولة السورية لجسر عبور للعناصر الجهادية. القوات التركية دخلت فى مواجهات مسلحة مع عناصر «داعش» على طول الحدود السورية، وتنازلت «أنقرة» عن شروطها بإقامة منطقة عازلة على الحدود مقابل تعاونها مع التحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش»، وأعلنت السماح بفتح قواعدها الجوية أمام مقاتلات التحالف، ووقعت على بياض على كل الطلبات الأمريكية، ودفعت بجنودها وعتادها لتعلن عن نفسها رسمياً شريكاً فى الحرب ضد الإرهاب، بعد أن ظل الرئيس التركى وأجهزة مخابراته، شركاء فاعلين فى تفريخ تنظيم «داعش»، وتحولت العاصمة «أنقرة» إلى محطة عبور للمقاتلين، وغضت السلطات التركية الطرف عن العناصر الجهادية التى تحج إلى سوريا والعراق من كل أنحاء العالم، بهدف القضاء على النظام السورى. والثابت هو أن الرئيس التركى أراد أن يستخدم «داعش»، فى خطته الانتقامية، وساهم فى تسليح عناصر التنظيم، ومدهم بالمعلومات المخابراتية، فى ظل فشل ما يوصف بـ«الجيش السورى الحر»، فى تحقيق انتصارات على الجيش السورى، وتكبد خسائر هائلة أمام القوات النظامية للدولة، واكتفت قيادته بالاختباء داخل المكاتب فى «إسطنبول»، لإصدار بيانات حول الانتصارات الوهمية!! تنظيم الإخوان، والمخابرات القطرية، بالاتفاق مع الرئيس التركى، قاموا بنقل التحالف مع «داعش»، إلى جبهة النصرة فرع «القاعدة» فى سوريا، وتسربت تقارير حول لقاءات جمعت ضباط مخابرات أتراكاً وقطريين بقيادات «القاعدة» لإقناعها بالتحالف مع جيش الإسلام الموالى للإخوان بقيادة «محمد زهران علوش»، وبدأت قناة الجزيرة القطرية خطة تلميع «القاعدة»، من خلال استضافة مذيع القناة «أحمد منصور»، أبومحمد الجولانى زعيم «القاعدة» فى سوريا، فى محاولة لإقناع الغرب بميلاد هجين سياسى إسلامى، قابل للتعايش مع الآخر فى سوريا يصلح بديلاً لنظام بشار، خاصة مع قبول إسرائيل بالتعامل مع عناصر «القاعدة»، بدليل قيامها باستقبال عناصر «القاعدة» المصابين فى العمليات، لتلقى العلاج فى «تل أبيب»!! ومع تطور الأحداث ودخول تركيا على خط المواجهة، خرجت تسريبات تشير إلى غضب جنرالات الجيش التركى من الورطة التى وضعهم فيها أردوغان إضافة إلى عجز حزبه الحاكم (العدالة والتنمية) عن حصد أغلبية المقاعد البرلمانية وعجزه عن تشكيل الحكومة. فى ظل هذه المتغيرات، أصبح متوقعاً دخول الجيش فى تحالف سياسى سرى مع المعارضة لتقوية شوكتها وعرقلة تشكيل حكومة ائتلافية والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، يتكبد فيها الحزب الحاكم المزيد من الخسائر، مع نجاح مرتقب للمعارضة فى حصد الأغلبية البرلمانية وتشكيل الحكومة، وتحويل حلم «أردوغان» فى النظام الرئاسى إلى «كابوس»!! التطور الجذرى الذى شهده الموقف التركى وتحوله من حاضن وداعم لتنظيم داعش الإرهابى، إلى محارب له أو سبب موافقة تركيا على المشاركة فى الحرب ضد تنظيم «داعش»، أرجعته جريدة «واشنطن تايمز» الأمريكية إلى قيام مصر بتقديم أدلة رسمية تثبت تورط «أنقرة» فى دعم الإرهاب، بكشفها عن أسماء أربعة عملاء للمخابرات التركية تم إلقاء القبض عليهم فى سيناء، بينهم ضباط كبار فى هيئة المخابرات القومية التركية. ـ إسماعيل على بال. ـ ضياء الدين محمد جادو. ـ باكوش الحسينى يوزمى. ـ عبدالله التركى. وهؤلاء جاءوا إلى سيناء لمعاونة ما يوصف بتنظيم «أنصار بيت المقدس» الموالى لـ «داعش»، وقيام مصر بإلقاء القبض عليهم حسبما ذكرت الجريدة الأمريكية دفع تركيا للرضوخ أمام أمريكا لتبييض صفحتها وتقديم دليل على عدم دعمها للإرهاب. «واشنطن تايمز» نقلت عن مسئول مصرى، لم تذكر اسمه، قوله «إن مصر لديها أدلة تربط الحكومة التركية بما يسمى تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذى أعلن مبايعته لتنظيم «داعش» الإرهابى، إضافة إلى الدعم الذى يقدمه الأتراك لجماعة الإخوان المحظورة فى البلاد». وأضافت الجريدة الأمريكية أن العلاقات بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، مع الرئيس المعزول محمد مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين، أثارت غضب الجيش المصرى منذ يونيو 2013، حينما أوفدت «أنقرة»، رئيس المخابرات «حقان فندان»، إلى القاهرة لتحذير مرسى من تحركات المعارضة والجيش!! وللجريدة الأمريكية أيضاً، أكد «جاك نرياه» النائب السابق لرئيس وحدة التقييم فى المخابرات العسكرية الإسرائيلية أن التعاون الأمريكى التركى يعكس، غالباً، محاولة أنقرة احتواء الضرر، الذى لحق بها بعد أن فضح النظام المصرى بالأدلة، تورط تركيا فى الإرهاب بسيناء، بما يعنى أن أردوغان اتخذ الحرب على «داعش» وسيلة لتحسين صورته لدى واشنطن. وأضاف نرياه: «أعتقد أنه بعد نشر المصريين أسماء العملاء الأتراك الأربعة المعتقلين فى سيناء، بدأ الأمريكيون فى توجيه أسئلة صعبة لأنقرة.. الأتراك يحتاجون إلى طمأنة الأمريكيين إلى أنهم أخيار.. وهذا سبب أنهم سمحوا فجأة للأمريكيين باستخدام قاعدة انجرليك الجوية لمهاجمة داعش». وأشارت «واشنطن تايمز» إلى ظهور أسلحة تركية فى أيدى جماعة «أنصار بيت المقدس» أثناء هجومها على القوات المصرية فى الشيخ زويد مطلع يوليو، وكذلك الهجوم على زورق بحرى مصرى قرب سواحل غزة يوم 15 يوليو كان باستخدام أسلحة تركية. ****************** من أوراق السفير التركى المطرود: «مرسى» خطط لاختطاف 83 قيادة عسكرية قبل ثورة 30 يونيو بـ6 أسابيع ولابد من الوضع فى الاعتبار أن قرار الحكومة المصرية بطرد السفير التركى من مصر، جاء بعد أن كثرت التدخلات التركية المبالغ فيها فى الشأن المصرى. وبعد أن رصدت المخابرات المصرية تحركات غير مفهومة للسفير التركى، ووصول معلومات تؤكد أن الرئيس المعزول محمد مرسى خطط لاختطاف 83 قيادة عسكرية، قبل ثورة 30 يونيو بـ6 أسابيع بالتعاون من بعض العناصر التركية العسكرية!! تقليل مستوى التعاون الدبلوماسى وطرد السفير التركى جاء بعد أن تبين دوره الواضح فى تمويل تنظيم الإخوان وفتح أبواب سفارته لقادة التنظيم الدولى لتكون أشبه بغرفة عمليات للفوضى والتخريب فى البلاد.. وقيام السفير التركى بتقديم غطاء لتمويلات قطر وأموالها التى تدخل البلاد بشكل مهرب والمضبوطة شحنات منها ومصادرتها. ولا ننسى الاجتماعات الخاصة بالتنظيم الدولى للإخوان برعاية أردوغان التى نجحت المخابرات المصرية فى رصدها وبث مقتطفات منها. قرار طرد السفير كان واجباً فى مثل هذه الظروف الدقيقة التى تمر بها مصر، بعد أن تحول مكتب السفارة إلى بؤرة تهدد المجتمع المصرى وخروجه عن الوظيفة الدبلوماسية المفترض أن يقوم بها، إضافة إلى قيام بعض القيادات التركية البارزة بالتحريض ضد مصر وتأليب الرأى العام العالمى ضد إرادة المصريين ورفض ثورة الشعب فى 30 يونيو. لدينا أيضاً معلومات تؤكد أنه بعد اعتقال عدد من الإرهابيين خلال عمليات الجيش المصرى فى سيناء، اعترف بعضهم بأنهم تلقوا أموالاً وتدريبات من المخابرات التركية.. وخلال إحدى الحملات، تم ضبط ضابطى مخابرات تركيين. صحيح، أنه حتى الآن لم تعلن السلطات المصرية رسمياً عن اعتقال رعايا أتراك أو طبيعة العمل الذى كانوا يقومون به، لكن المؤكد هو أن كافة التفاصيل سيتم إعلانها ونشرها بعد الانتهاء من التحقيقات. وما من شك فى أن نشر أسماء «ضباط» مخابرات أتراك ألقت السلطات المصرية القبض عليهم، سيتسبب فى حرج كبير للرئيس التركى، وسيؤكد ادعاءات سوريا والعراق وقوى تركية معارضة بأن تركيا ساهمت بشكل كبير فى تطور تنظيم الدولة الإسلامية ونموه، حتى وصل التنظيم إلى هذا الحجم الذى يستطيع أن ينشط فى عدة دول عربية شرق أوسطية وشمال إفريقية ويهدد عدداً من الدول الغربية. *************** «رشاد أوز» حكاية جاسوس حاول تصوير المجرى الملاحى لقناة السويس ونشير هنا إلى أن أول جاسوس تركى ألقت أجهزة الأمن القبض عليه، كان «رشاد أوز»، الذى تم إلقاء القبض عليه فى أغسطس 2013، واعترف بتكليفه بمهمة خاصة من المخابرات التركية والتنظيم الدولى للإخوان داخل مصر، كما ثبت قيامه بإرسال معلومات تمس الأمن القومى المصرى، إلى شركة استيراد وتصدير بـ«قطر»، يديرها ضابط مخابرات تركى!! وقتها، طالبت السفارة التركية بالقاهرة أكثر من مرة بالإفراج عن «أوز»، غير أن جهازاً سيادياً أكد لمسئولى السفارة أن المتهم، الذى يحمل جواز سفر رقم 245800، لا يمكن إطلاق سراحه بعد أن اعترف بتفاصيل خطيرة حول نشاطه فى مصر، فى المحضر رقم 1920، إدارى السويس. الجاسوس التركى اعترف أيضاً أثناء تحقيقات النيابة الكلية بالسويس، أنه يعمل لدى جهاز المخابرات التركى، وأن إقامته بالسويس كانت بأمر وتخطيط المخابرات التركية، بالتعاون مع التنظيم الدولى للإخوان، واختاروا السويس لاستهداف الجيش الثالث. «رشاد أوز» عمل فى أحد مصانع الملابس الجاهزة بالسويس، بغرض التمويه وإبعاد أعين الأجهزة الأمنية والمخابراتية عنه، وكلفه جهاز المخابرات التركى بتصوير المجرى الملاحى لقناة السويس، والمواقع العسكرية والكنائس بمحافظات القناة الثلاث.. وتضمنت محاضر تحريات جهاز الأمن الوطنى، أرقام 1112، 1155 و1274 لشهرى يوليو وأغسطس 2013، تسجيلات لمكالمات المتهم مع قيادات من جماعة الإخوان، ورسائل مرسلة من بريده الإلكترونى، عبر جهاز «اللاب توب» الخاص به، تتضمن تقارير حول الحالة الأمنية فى مصر ومدن القناة، ووصفاً للحالة الاقتصادية والاعتصامات التى نظمها العمال فى عدد من مصانع وشركات السويس، ومن بينها شركة «السويس للصلب». وكان «الجاسوس» يرسل تقاريره إلى جهة واحدة فى قطر، عبارة عن شركة للاستيراد والتصدير، تبين أنها فرع من أفرع جهاز المخابرات التركى، وأن المسئول عنها ضابط بالمخابرات التركية، يعمل باسم حركى «قاسم سليم»، وأن «رشاد أوز» يقوم بمراسلة الشركة، بداية من مارس 2013 بعد دخوله البلاد، ونجح خلال تلك الفترة فى تصوير المنشآت العسكرية على طريق «السويس القاهرة»، خاصة بالجيش الثالث، إلى جانب تصويره لمخزن سلاح بإحدى المدن الجديدة بالسويس. مكالمات «رشاد أوز» مع أتراك وسوريين وفلسطينيين موجودين داخل مصر، كانت جميعها تدور حول التحريض على العنف ضد الجيش المصرى ومؤسسات الشرطة، وتوزيع أسلحة على أتباعهم، حتى كونوا أكبر شبكة تجسس تعمل لصالح التنظيم الدولى للإخوان وتركيا، وتهدد الأمن القومى المصرى. والإشارة مهمة هنا إلى أن الجاسوس التركى أرشد عن جميع العاملين معه داخل مصر، وبعضهم يحمل جنسيات مختلفة، كما أرشد عن قيام جماعة الإخوان بتخزين أسلحة داخل إحدى المدارس الخاصة، التى يمتلكها مجموعة من رجال أعمال الجماعة، لاستخدامها فى أعمال العنف ضد رجال الشرطة والجيش وإرهاب المواطنين. أيضا، فى أكتوبر الماضى، وجهت المخابرات المصرية صفعة إلى المخابرات التركية بإسقاطها شبكة تجسس تعمل فى مصر لصالح المخابرات التركية، وإلقاء القبض على أعضائها الـ12، بينهم 5 يحملون جنسيات دولتين عربيتين ويقيمون بالقاهرة منذ فترة. ومن التحقيقات عرفنا أن المخابرات التركية قامت بتجنيد 7 من خلايا الإخوان وتوزيعهم على مدن القناة والقاهرة الكبرى. وأن الشبكة كانت تحصل على مكافآت مالية كبيرة، أكد أحد المقبوض عليهم خلال التحقيقات أنه حصل على 120 ألف دولار خلال المدة التى عمل بها مع المخابرات التركية. وكشفت التحقيقات أن تجنيد الـ7 للعمل بالشبكة جاء بتوصيات من بعض العناصر الإخوانية الهاربة فى تركيا، وأنهم اختاروا الأسماء على أساس أنهم «خلايا نائمة» وغير مرصودين من قوات الأمن. وأن تجنيدهم من قبل المخابرات التركية تم قبل نحو 5 أشهر، وكانت مهمتهم جمع كافة المعلومات المتاحة عن الأوضاع التى تمر بها مصر، سواء معلومات عسكرية أو أمنية أو اقتصادية، بعد أن وزّعوا أنفسهم بين مدن القناة والقاهرة الكبرى وسيناء. وغير ما تخفيه السلطات لأسباب يسهل توقعها أو الوصول إليها، فالواضح وضوح الشمس هو أن أنقرة هى نقطة انطلاق غالبية الأنشطة التى تستهدف إسقاط ما ترتب على ثورة الثلاثين من يونيو، وأنها المقر الذى يتلاقى فيه أعضاء التنظيم الدولى وحركة حماس ودويلة قطر. ونشير هنا إلى اجتماعين أساسيين انعقدا فى إسطنبول، الأول استمر لثلاثة أيام، بأحد الفنادق (المملوكة لشخصية محسوبة على إخوان تركيا) المجاورة لمطار أتاتورك بإسطنبول، وضم عدداً من قيادات التنظيم الدولى للإخوان مثل يوسف ندا وراشد الغنوشى ومحمد رياض الشفقة وممثلين عن حركة حماس. وقد جاء هذا المؤتمر تحت غطاء حضور مؤتمر شعبى عالمى يعقده حزب السعادة التركى لنصرة الديمقراطية، للتغطية على الهدف الأساسى للزيارة، والمتمثل فى بحث مستقبل «التنظيم الدولى» فى ضوء التطورات الأخيرة، بعد إسقاط حكم الإخوان المسلمين فى مصر. وسبق هذا الاجتماع انعقاد اجتماع آخر فى لندن لبحث الوضع فى مصر، وكلف هذا الاجتماع إبراهيم منير بالتواصل مع الإدارة التركية للتنسيق المشترك إزاء استراتيجيات التحرك حيال الإدارة الجديدة فى مصر. واستهدف الاجتماع بحث آليات تسويق فكرة «الانقلاب» للغرب عن طريق تفويض عدد من الشخصيات التى تمتلك علاقات وثيقة بقيادات غربية، للاضطلاع بهذا الدور، ويأتى على رأس هؤلاء، يوسف ندا، رجل «التنظيم الدولى» القوى، الذى يمتلك عدداً من شركات «الأوفشور» فى عدد من الدول الغربية، والتى تضطلع بدور أساسى فى تمويل جماعة الإخوان. وقد تبنى الاجتماع وثيقة أسماها «استراتيجية النفس الطويل» جاءت ضمن دراسة بعنوان «الانقلاب العسكرى على الشرعية فى مصر: تقدير موقف استراتيجى على المستوى الداخلى والخارجى»، وضعها المركز الدولى للدراسات والتدريب INTERNATIONAL CENTER FOR STUDIES AND TRINING، التابع للتنظيم، وتستهدف تكثيف الحملات الإعلامية والتوعية بحقيقة ما حدث فى ثلاثين من يونيو، والملاحقة القانونية لرموز النظام المصرى، ونصت على محاولة تأجيج الصراع المجتمعى فى مصر، والدعوة للعصيان المدنى، ومحاصرة مؤسسات الدولة السيادية، وإحداث انقسامات داخل المؤسسة العسكرية، والوصول لولاءات بعض قاداتها عبر مضامين إعلامية تطمينية، والتنسيق مع «الطابور الخامس» الذى يرفض موقف الجيش المصرى حيال حكم محمد مرسى. وتستهدف هذه الاستراتيجية أيضاً إبراز المواقف الدولية المعارضة لإسقاط حكم الإخوان. كما ترمى إلى الضغط على بعض أعضاء الكونجرس لوقف المساعدات للجيش المصرى. كما استهدف الاجتماع مناقشة وضع حماس بعد الصدام مع الجيش المصرى، وفقدان الإخوان القدرة على التحرك فى غالبية دول الخليج. الواضح وضوح الشمس هو أن تركيا هى «نقطة الانطلاق» التى يتحرك من خلالها «التنظيم الدولى» للإخوان، ومن المرجح أن يستمر هذا الوضع طالما بقى حزب «العدالة والتنمية» هو الحزب الحاكم فى تركيا. لعب الأتراك (أو الحزب الحاكم هناك) لصالح تنظيم الإخوان يعود إلى زمن مضى. فمع سقوط حكم حزب الشعب الجمهورى الذى أسسه أتاتورك وبداية حكم الحزب الديمقراطى بزعامة عدنان مندريس فى ستينيات القرن الماضى، كانت الفرصة ملائمة لمد قنوات التواصل التى تعززت مع صعود التيار الإسلامى فى تركيا بقيادة نجم الدين أربكان، الذى ارتبط صعوده السياسى بدعمه من قبل حركة النورسين الصوفية، التى تأثرت «رسائل» زعيمها، بديع الزمان النورسى، برسائل حسن البنا، وهو ما أدى إلى قيام أربكان سنة 1969 بتأسيس حركة «ملى جورش» أو الفرع التركى لتنظيم الإخوان، وهى الحركة التى قامت بتأسيس أول حزب سياسى لها تحت اسم «النظام الوطنى». وبوصول حزب الرفاة إلى السلطة سنة 1996، حاول أربكان التواصل مع دول العالم الإسلامى وتنفيذ الاستراتيجية الخاصة بتعميق الروابط مع هذه الدول، فقام بزيارة كل من ليبيا وإيران وسعى لتشكيل مجموعة الثمانى الإسلامية التى تضم إلى جانب تركيا كلاً من مصر وإيران وباكستان واندونيسيا ونيجيريا وبنجلاديش وماليزيا، وسعى أيضاً فى حينها لعقد مؤتمر عالمى لقيادات العمل الإسلامى.. وظهرت فى هذه الفترة العلاقات بين النخبة الإسلامية التركية ونظيرتها الإخوانية فى مصر، حيث شارك كل من مصطفى مشهور ومحمد مهدى عاكف وأحمد سيف الإسلام حسن البنا ومحفوظ النحناح وآخرون، فى مؤتمرات جماهيرية لحزب الرفاة التركى. ورغم أن أردوغان كان قد استقال من حركة «ملى جورش» قبيل تأسيس حزب العدالة والتنمية سنة 2001، غير أنه ظل مستمسكاً بخلفيته وأيديولوجيته، وداعماً للتواصل بين الإخوان ونظرائهم فى تركيا، وفى يونيو 2006 شارك الإخوان فى الاحتفالات التركية الخاصة بمرور 553 عاماً على فتح القسطنطينية، وهو الاحتفال الذى نظمه حزب السعادة التركى، والذى يشكل امتداداً لحزبى الرفاة والفضيلة، وشارك فى هذه الاحتفالات كل من حسن هويدى، نائب المرشد العام للإخوان، ومحمد سعد الكتاتنى، وعبدالمنعم أبوالفتوح، عضو مكتب الإرشاد (وقتها)، وقد ألقى هويدى كلمة المرشد العام فى الاحتفال.
بداية.. إن التطورات الجذرية التى تشهدها السياسة التركية التى تحولت من حاضنة وداعمة لتنظيم داعش الإرهابى، إلى دخولها بشكل مباشر فى الحرب ضد التنظيم، أثارت العديد من التساؤلات حول مستقبل الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، خاصة فى ظل انتفاضات ومظاهرات شعبية بمعظم الولايات اعتراضاً على سلوك حكومته القمعية، التى عملت على تسمين الإرهاب فى سوريا، منذ أعوام وحولت حدودها مع الدولة السورية لجسر عبور للعناصر الجهادية. القوات التركية دخلت فى مواجهات مسلحة مع عناصر «داعش» على طول الحدود السورية، وتنازلت «أنقرة» عن شروطها بإقامة منطقة عازلة على الحدود مقابل تعاونها مع التحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش»، وأعلنت السماح بفتح قواعدها الجوية أمام مقاتلات التحالف، ووقعت على بياض على كل الطلبات الأمريكية، ودفعت بجنودها وعتادها لتعلن عن نفسها رسمياً شريكاً فى الحرب ضد الإرهاب، بعد أن ظل الرئيس التركى وأجهزة مخابراته، شركاء فاعلين فى تفريخ تنظيم «داعش»، وتحولت العاصمة «أنقرة» إلى محطة عبور للمقاتلين، وغضت السلطات التركية الطرف عن العناصر الجهادية التى تحج إلى سوريا والعراق من كل أنحاء العالم، بهدف القضاء على النظام السورى. والثابت هو أن الرئيس التركى أراد أن يستخدم «داعش»، فى خطته الانتقامية، وساهم فى تسليح عناصر التنظيم، ومدهم بالمعلومات المخابراتية، فى ظل فشل ما يوصف بـ«الجيش السورى الحر»، فى تحقيق انتصارات على الجيش السورى، وتكبد خسائر هائلة أمام القوات النظامية للدولة، واكتفت قيادته بالاختباء داخل المكاتب فى «إسطنبول»، لإصدار بيانات حول الانتصارات الوهمية!! تنظيم الإخوان، والمخابرات القطرية، بالاتفاق مع الرئيس التركى، قاموا بنقل التحالف مع «داعش»، إلى جبهة النصرة فرع «القاعدة» فى سوريا، وتسربت تقارير حول لقاءات جمعت ضباط مخابرات أتراكاً وقطريين بقيادات «القاعدة» لإقناعها بالتحالف مع جيش الإسلام الموالى للإخوان بقيادة «محمد زهران علوش»، وبدأت قناة الجزيرة القطرية خطة تلميع «القاعدة»، من خلال استضافة مذيع القناة «أحمد منصور»، أبومحمد الجولانى زعيم «القاعدة» فى سوريا، فى محاولة لإقناع الغرب بميلاد هجين سياسى إسلامى، قابل للتعايش مع الآخر فى سوريا يصلح بديلاً لنظام بشار، خاصة مع قبول إسرائيل بالتعامل مع عناصر «القاعدة»، بدليل قيامها باستقبال عناصر «القاعدة» المصابين فى العمليات، لتلقى العلاج فى «تل أبيب»!! ومع تطور الأحداث ودخول تركيا على خط المواجهة، خرجت تسريبات تشير إلى غضب جنرالات الجيش التركى من الورطة التى وضعهم فيها أردوغان إضافة إلى عجز حزبه الحاكم (العدالة والتنمية) عن حصد أغلبية المقاعد البرلمانية وعجزه عن تشكيل الحكومة. فى ظل هذه المتغيرات، أصبح متوقعاً دخول الجيش فى تحالف سياسى سرى مع المعارضة لتقوية شوكتها وعرقلة تشكيل حكومة ائتلافية والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، يتكبد فيها الحزب الحاكم المزيد من الخسائر، مع نجاح مرتقب للمعارضة فى حصد الأغلبية البرلمانية وتشكيل الحكومة، وتحويل حلم «أردوغان» فى النظام الرئاسى إلى «كابوس»!! التطور الجذرى الذى شهده الموقف التركى وتحوله من حاضن وداعم لتنظيم داعش الإرهابى، إلى محارب له أو سبب موافقة تركيا على المشاركة فى الحرب ضد تنظيم «داعش»، أرجعته جريدة «واشنطن تايمز» الأمريكية إلى قيام مصر بتقديم أدلة رسمية تثبت تورط «أنقرة» فى دعم الإرهاب، بكشفها عن أسماء أربعة عملاء للمخابرات التركية تم إلقاء القبض عليهم فى سيناء، بينهم ضباط كبار فى هيئة المخابرات القومية التركية. ـ إسماعيل على بال. ـ ضياء الدين محمد جادو. ـ باكوش الحسينى يوزمى. ـ عبدالله التركى. وهؤلاء جاءوا إلى سيناء لمعاونة ما يوصف بتنظيم «أنصار بيت المقدس» الموالى لـ «داعش»، وقيام مصر بإلقاء القبض عليهم حسبما ذكرت الجريدة الأمريكية دفع تركيا للرضوخ أمام أمريكا لتبييض صفحتها وتقديم دليل على عدم دعمها للإرهاب. «واشنطن تايمز» نقلت عن مسئول مصرى، لم تذكر اسمه، قوله «إن مصر لديها أدلة تربط الحكومة التركية بما يسمى تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذى أعلن مبايعته لتنظيم «داعش» الإرهابى، إضافة إلى الدعم الذى يقدمه الأتراك لجماعة الإخوان المحظورة فى البلاد». وأضافت الجريدة الأمريكية أن العلاقات بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، مع الرئيس المعزول محمد مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين، أثارت غضب الجيش المصرى منذ يونيو 2013، حينما أوفدت «أنقرة»، رئيس المخابرات «حقان فندان»، إلى القاهرة لتحذير مرسى من تحركات المعارضة والجيش!! وللجريدة الأمريكية أيضاً، أكد «جاك نرياه» النائب السابق لرئيس وحدة التقييم فى المخابرات العسكرية الإسرائيلية أن التعاون الأمريكى التركى يعكس، غالباً، محاولة أنقرة احتواء الضرر، الذى لحق بها بعد أن فضح النظام المصرى بالأدلة، تورط تركيا فى الإرهاب بسيناء، بما يعنى أن أردوغان اتخذ الحرب على «داعش» وسيلة لتحسين صورته لدى واشنطن. وأضاف نرياه: «أعتقد أنه بعد نشر المصريين أسماء العملاء الأتراك الأربعة المعتقلين فى سيناء، بدأ الأمريكيون فى توجيه أسئلة صعبة لأنقرة.. الأتراك يحتاجون إلى طمأنة الأمريكيين إلى أنهم أخيار.. وهذا سبب أنهم سمحوا فجأة للأمريكيين باستخدام قاعدة انجرليك الجوية لمهاجمة داعش». وأشارت «واشنطن تايمز» إلى ظهور أسلحة تركية فى أيدى جماعة «أنصار بيت المقدس» أثناء هجومها على القوات المصرية فى الشيخ زويد مطلع يوليو، وكذلك الهجوم على زورق بحرى مصرى قرب سواحل غزة يوم 15 يوليو كان باستخدام أسلحة تركية. ****************** من أوراق السفير التركى المطرود: «مرسى» خطط لاختطاف 83 قيادة عسكرية قبل ثورة 30 يونيو بـ6 أسابيع ولابد من الوضع فى الاعتبار أن قرار الحكومة المصرية بطرد السفير التركى من مصر، جاء بعد أن كثرت التدخلات التركية المبالغ فيها فى الشأن المصرى. وبعد أن رصدت المخابرات المصرية تحركات غير مفهومة للسفير التركى، ووصول معلومات تؤكد أن الرئيس المعزول محمد مرسى خطط لاختطاف 83 قيادة عسكرية، قبل ثورة 30 يونيو بـ6 أسابيع بالتعاون من بعض العناصر التركية العسكرية!! تقليل مستوى التعاون الدبلوماسى وطرد السفير التركى جاء بعد أن تبين دوره الواضح فى تمويل تنظيم الإخوان وفتح أبواب سفارته لقادة التنظيم الدولى لتكون أشبه بغرفة عمليات للفوضى والتخريب فى البلاد.. وقيام السفير التركى بتقديم غطاء لتمويلات قطر وأموالها التى تدخل البلاد بشكل مهرب والمضبوطة شحنات منها ومصادرتها. ولا ننسى الاجتماعات الخاصة بالتنظيم الدولى للإخوان برعاية أردوغان التى نجحت المخابرات المصرية فى رصدها وبث مقتطفات منها. قرار طرد السفير كان واجباً فى مثل هذه الظروف الدقيقة التى تمر بها مصر، بعد أن تحول مكتب السفارة إلى بؤرة تهدد المجتمع المصرى وخروجه عن الوظيفة الدبلوماسية المفترض أن يقوم بها، إضافة إلى قيام بعض القيادات التركية البارزة بالتحريض ضد مصر وتأليب الرأى العام العالمى ضد إرادة المصريين ورفض ثورة الشعب فى 30 يونيو. لدينا أيضاً معلومات تؤكد أنه بعد اعتقال عدد من الإرهابيين خلال عمليات الجيش المصرى فى سيناء، اعترف بعضهم بأنهم تلقوا أموالاً وتدريبات من المخابرات التركية.. وخلال إحدى الحملات، تم ضبط ضابطى مخابرات تركيين. صحيح، أنه حتى الآن لم تعلن السلطات المصرية رسمياً عن اعتقال رعايا أتراك أو طبيعة العمل الذى كانوا يقومون به، لكن المؤكد هو أن كافة التفاصيل سيتم إعلانها ونشرها بعد الانتهاء من التحقيقات. وما من شك فى أن نشر أسماء «ضباط» مخابرات أتراك ألقت السلطات المصرية القبض عليهم، سيتسبب فى حرج كبير للرئيس التركى، وسيؤكد ادعاءات سوريا والعراق وقوى تركية معارضة بأن تركيا ساهمت بشكل كبير فى تطور تنظيم الدولة الإسلامية ونموه، حتى وصل التنظيم إلى هذا الحجم الذى يستطيع أن ينشط فى عدة دول عربية شرق أوسطية وشمال إفريقية ويهدد عدداً من الدول الغربية. *************** «رشاد أوز» حكاية جاسوس حاول تصوير المجرى الملاحى لقناة السويس ونشير هنا إلى أن أول جاسوس تركى ألقت أجهزة الأمن القبض عليه، كان «رشاد أوز»، الذى تم إلقاء القبض عليه فى أغسطس 2013، واعترف بتكليفه بمهمة خاصة من المخابرات التركية والتنظيم الدولى للإخوان داخل مصر، كما ثبت قيامه بإرسال معلومات تمس الأمن القومى المصرى، إلى شركة استيراد وتصدير بـ«قطر»، يديرها ضابط مخابرات تركى!! وقتها، طالبت السفارة التركية بالقاهرة أكثر من مرة بالإفراج عن «أوز»، غير أن جهازاً سيادياً أكد لمسئولى السفارة أن المتهم، الذى يحمل جواز سفر رقم 245800، لا يمكن إطلاق سراحه بعد أن اعترف بتفاصيل خطيرة حول نشاطه فى مصر، فى المحضر رقم 1920، إدارى السويس. الجاسوس التركى اعترف أيضاً أثناء تحقيقات النيابة الكلية بالسويس، أنه يعمل لدى جهاز المخابرات التركى، وأن إقامته بالسويس كانت بأمر وتخطيط المخابرات التركية، بالتعاون مع التنظيم الدولى للإخوان، واختاروا السويس لاستهداف الجيش الثالث. «رشاد أوز» عمل فى أحد مصانع الملابس الجاهزة بالسويس، بغرض التمويه وإبعاد أعين الأجهزة الأمنية والمخابراتية عنه، وكلفه جهاز المخابرات التركى بتصوير المجرى الملاحى لقناة السويس، والمواقع العسكرية والكنائس بمحافظات القناة الثلاث.. وتضمنت محاضر تحريات جهاز الأمن الوطنى، أرقام 1112، 1155 و1274 لشهرى يوليو وأغسطس 2013، تسجيلات لمكالمات المتهم مع قيادات من جماعة الإخوان، ورسائل مرسلة من بريده الإلكترونى، عبر جهاز «اللاب توب» الخاص به، تتضمن تقارير حول الحالة الأمنية فى مصر ومدن القناة، ووصفاً للحالة الاقتصادية والاعتصامات التى نظمها العمال فى عدد من مصانع وشركات السويس، ومن بينها شركة «السويس للصلب». وكان «الجاسوس» يرسل تقاريره إلى جهة واحدة فى قطر، عبارة عن شركة للاستيراد والتصدير، تبين أنها فرع من أفرع جهاز المخابرات التركى، وأن المسئول عنها ضابط بالمخابرات التركية، يعمل باسم حركى «قاسم سليم»، وأن «رشاد أوز» يقوم بمراسلة الشركة، بداية من مارس 2013 بعد دخوله البلاد، ونجح خلال تلك الفترة فى تصوير المنشآت العسكرية على طريق «السويس القاهرة»، خاصة بالجيش الثالث، إلى جانب تصويره لمخزن سلاح بإحدى المدن الجديدة بالسويس. مكالمات «رشاد أوز» مع أتراك وسوريين وفلسطينيين موجودين داخل مصر، كانت جميعها تدور حول التحريض على العنف ضد الجيش المصرى ومؤسسات الشرطة، وتوزيع أسلحة على أتباعهم، حتى كونوا أكبر شبكة تجسس تعمل لصالح التنظيم الدولى للإخوان وتركيا، وتهدد الأمن القومى المصرى. والإشارة مهمة هنا إلى أن الجاسوس التركى أرشد عن جميع العاملين معه داخل مصر، وبعضهم يحمل جنسيات مختلفة، كما أرشد عن قيام جماعة الإخوان بتخزين أسلحة داخل إحدى المدارس الخاصة، التى يمتلكها مجموعة من رجال أعمال الجماعة، لاستخدامها فى أعمال العنف ضد رجال الشرطة والجيش وإرهاب المواطنين. أيضا، فى أكتوبر الماضى، وجهت المخابرات المصرية صفعة إلى المخابرات التركية بإسقاطها شبكة تجسس تعمل فى مصر لصالح المخابرات التركية، وإلقاء القبض على أعضائها الـ12، بينهم 5 يحملون جنسيات دولتين عربيتين ويقيمون بالقاهرة منذ فترة. ومن التحقيقات عرفنا أن المخابرات التركية قامت بتجنيد 7 من خلايا الإخوان وتوزيعهم على مدن القناة والقاهرة الكبرى. وأن الشبكة كانت تحصل على مكافآت مالية كبيرة، أكد أحد المقبوض عليهم خلال التحقيقات أنه حصل على 120 ألف دولار خلال المدة التى عمل بها مع المخابرات التركية. وكشفت التحقيقات أن تجنيد الـ7 للعمل بالشبكة جاء بتوصيات من بعض العناصر الإخوانية الهاربة فى تركيا، وأنهم اختاروا الأسماء على أساس أنهم «خلايا نائمة» وغير مرصودين من قوات الأمن. وأن تجنيدهم من قبل المخابرات التركية تم قبل نحو 5 أشهر، وكانت مهمتهم جمع كافة المعلومات المتاحة عن الأوضاع التى تمر بها مصر، سواء معلومات عسكرية أو أمنية أو اقتصادية، بعد أن وزّعوا أنفسهم بين مدن القناة والقاهرة الكبرى وسيناء. وغير ما تخفيه السلطات لأسباب يسهل توقعها أو الوصول إليها، فالواضح وضوح الشمس هو أن أنقرة هى نقطة انطلاق غالبية الأنشطة التى تستهدف إسقاط ما ترتب على ثورة الثلاثين من يونيو، وأنها المقر الذى يتلاقى فيه أعضاء التنظيم الدولى وحركة حماس ودويلة قطر. ونشير هنا إلى اجتماعين أساسيين انعقدا فى إسطنبول، الأول استمر لثلاثة أيام، بأحد الفنادق (المملوكة لشخصية محسوبة على إخوان تركيا) المجاورة لمطار أتاتورك بإسطنبول، وضم عدداً من قيادات التنظيم الدولى للإخوان مثل يوسف ندا وراشد الغنوشى ومحمد رياض الشفقة وممثلين عن حركة حماس. وقد جاء هذا المؤتمر تحت غطاء حضور مؤتمر شعبى عالمى يعقده حزب السعادة التركى لنصرة الديمقراطية، للتغطية على الهدف الأساسى للزيارة، والمتمثل فى بحث مستقبل «التنظيم الدولى» فى ضوء التطورات الأخيرة، بعد إسقاط حكم الإخوان المسلمين فى مصر. وسبق هذا الاجتماع انعقاد اجتماع آخر فى لندن لبحث الوضع فى مصر، وكلف هذا الاجتماع إبراهيم منير بالتواصل مع الإدارة التركية للتنسيق المشترك إزاء استراتيجيات التحرك حيال الإدارة الجديدة فى مصر. واستهدف الاجتماع بحث آليات تسويق فكرة «الانقلاب» للغرب عن طريق تفويض عدد من الشخصيات التى تمتلك علاقات وثيقة بقيادات غربية، للاضطلاع بهذا الدور، ويأتى على رأس هؤلاء، يوسف ندا، رجل «التنظيم الدولى» القوى، الذى يمتلك عدداً من شركات «الأوفشور» فى عدد من الدول الغربية، والتى تضطلع بدور أساسى فى تمويل جماعة الإخوان. وقد تبنى الاجتماع وثيقة أسماها «استراتيجية النفس الطويل» جاءت ضمن دراسة بعنوان «الانقلاب العسكرى على الشرعية فى مصر: تقدير موقف استراتيجى على المستوى الداخلى والخارجى»، وضعها المركز الدولى للدراسات والتدريب INTERNATIONAL CENTER FOR STUDIES AND TRINING، التابع للتنظيم، وتستهدف تكثيف الحملات الإعلامية والتوعية بحقيقة ما حدث فى ثلاثين من يونيو، والملاحقة القانونية لرموز النظام المصرى، ونصت على محاولة تأجيج الصراع المجتمعى فى مصر، والدعوة للعصيان المدنى، ومحاصرة مؤسسات الدولة السيادية، وإحداث انقسامات داخل المؤسسة العسكرية، والوصول لولاءات بعض قاداتها عبر مضامين إعلامية تطمينية، والتنسيق مع «الطابور الخامس» الذى يرفض موقف الجيش المصرى حيال حكم محمد مرسى. وتستهدف هذه الاستراتيجية أيضاً إبراز المواقف الدولية المعارضة لإسقاط حكم الإخوان. كما ترمى إلى الضغط على بعض أعضاء الكونجرس لوقف المساعدات للجيش المصرى. كما استهدف الاجتماع مناقشة وضع حماس بعد الصدام مع الجيش المصرى، وفقدان الإخوان القدرة على التحرك فى غالبية دول الخليج. الواضح وضوح الشمس هو أن تركيا هى «نقطة الانطلاق» التى يتحرك من خلالها «التنظيم الدولى» للإخوان، ومن المرجح أن يستمر هذا الوضع طالما بقى حزب «العدالة والتنمية» هو الحزب الحاكم فى تركيا. لعب الأتراك (أو الحزب الحاكم هناك) لصالح تنظيم الإخوان يعود إلى زمن مضى. فمع سقوط حكم حزب الشعب الجمهورى الذى أسسه أتاتورك وبداية حكم الحزب الديمقراطى بزعامة عدنان مندريس فى ستينيات القرن الماضى، كانت الفرصة ملائمة لمد قنوات التواصل التى تعززت مع صعود التيار الإسلامى فى تركيا بقيادة نجم الدين أربكان، الذى ارتبط صعوده السياسى بدعمه من قبل حركة النورسين الصوفية، التى تأثرت «رسائل» زعيمها، بديع الزمان النورسى، برسائل حسن البنا، وهو ما أدى إلى قيام أربكان سنة 1969 بتأسيس حركة «ملى جورش» أو الفرع التركى لتنظيم الإخوان، وهى الحركة التى قامت بتأسيس أول حزب سياسى لها تحت اسم «النظام الوطنى». وبوصول حزب الرفاة إلى السلطة سنة 1996، حاول أربكان التواصل مع دول العالم الإسلامى وتنفيذ الاستراتيجية الخاصة بتعميق الروابط مع هذه الدول، فقام بزيارة كل من ليبيا وإيران وسعى لتشكيل مجموعة الثمانى الإسلامية التى تضم إلى جانب تركيا كلاً من مصر وإيران وباكستان واندونيسيا ونيجيريا وبنجلاديش وماليزيا، وسعى أيضاً فى حينها لعقد مؤتمر عالمى لقيادات العمل الإسلامى.. وظهرت فى هذه الفترة العلاقات بين النخبة الإسلامية التركية ونظيرتها الإخوانية فى مصر، حيث شارك كل من مصطفى مشهور ومحمد مهدى عاكف وأحمد سيف الإسلام حسن البنا ومحفوظ النحناح وآخرون، فى مؤتمرات جماهيرية لحزب الرفاة التركى. ورغم أن أردوغان كان قد استقال من حركة «ملى جورش» قبيل تأسيس حزب العدالة والتنمية سنة 2001، غير أنه ظل مستمسكاً بخلفيته وأيديولوجيته، وداعماً للتواصل بين الإخوان ونظرائهم فى تركيا، وفى يونيو 2006 شارك الإخوان فى الاحتفالات التركية الخاصة بمرور 553 عاماً على فتح القسطنطينية، وهو الاحتفال الذى نظمه حزب السعادة التركى، والذى يشكل امتداداً لحزبى الرفاة والفضيلة، وشارك فى هذه الاحتفالات كل من حسن هويدى، نائب المرشد العام للإخوان، ومحمد سعد الكتاتنى، وعبدالمنعم أبوالفتوح، عضو مكتب الإرشاد (وقتها)، وقد ألقى هويدى كلمة المرشد العام فى الاحتفال.