الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 11:01 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: الملك سلمان.. والإرهابى مشعل أسرار التقارب المستحيل


زيارة وفد حركة حماس للسعودية أثارت جدلاً وأسئلة بشأن مستقبل العلاقة بين الحركة والسعودية، فى ظل تغييرات الأوضاع فى الشرق الأوسط، وتوقيع إيران اتفاقًا مع الدول الغربية الكبرى بشأن برنامجها النووى، يتم بموجبه رفع العقوبات المفروضة دولياً عليها.
وذهب البعض إلى اعتبار الزيارة محاولة من السعودية لاستقطاب، وفك الروابط التى تجمع بين الحركة وإيران، إلى جانب انفتاح السعودية خاصة بعد تولى الملك سلمان مقاليد السلطة، على شخصيات وجماعات مقربة من تنظيم الإخوان سواء فى اليمن أو تونس، والأراضى العربية المحتلة، ونقصد حماس.
وقيل إن اجتماع الملك سلمان مع مشعل جاء فى إطار مساعى السعودية لحشد التأييد العربى فى ظل تصورات عن خطر إيرانى وأن الرياض ترى الحشد بات أكثر ضرورة منذ أن أبرمت طهران اتفاقاً نووياً مع القوى العالمية الست الأسبوع الماضى!
وروجت حماس لخبر انعقاد اجتماع مهم فى 17 يوليو وصفته بأنه الأول من نوعه منذ سنوات، ضم أعضاء كبارًا من الجناح السياسى لحماس مع العاهل السعودى وولى العهد ووزير الدفاع، وإنه جرت مناقشة الوضع السياسى فى المنطقة أثناء الاجتماع.
وبين ما تم الترويج له أيضاً هو أن الملك سلمان يسعى لتعزيز العلاقات مع تركيا وقطر.. وأنه قدم ملاذاً لقادة حزب الإصلاح جناح الإخوان فى اليمن بعد أن هربوا من صنعاء فى أعقاب سيطرة الحوثيين المتحالفين مع إيران عليها، وأنه ببناء علاقات مع حماس فإن الرياض قد تهدئ بعض حلفاء الإخوان وتجعل من الصعب على إيران أن تقدم نفسها بصفتها المدافع الرئيسى عن الفلسطينيين فى المنطقة ضد إسرائيل وتصوير السعودية بأنها تؤيد إسرائيل.
وزادت الآلة الدعائية للإخوان، فأكملت أن نتائج زيارة رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» إلى السعودية ستكون لها خطوات إيجابية لصالح الحركة بعد فترة من الخلافات، وأنه نتيجة لهذه الزيارة تم إطلاق سراح عدد من المعتقلين لحماس فى السجون السعودية، وفى مقدمتهم قيادى كبير فى الحركة ويشغل منصباً حساساً، اعتُقل قبل ذلك بتهمة تمويل الإرهاب.
وغرقنا فى تصورات واجتهادات واستنتاجات، كثير منها أنتجته الآلة الدعائية الإخوانية، وثبت أنها كلها لا أصل لها ولا أساس من الصحة بإعلان عادل الجبير، وزير الخارجية السعودى، أن زيارة وفد حركة حماس للمملكة الأسبوع الماضى كانت بغرض أداء العمرة ولم تكن لأسباب سياسية وأن العلاقات بين الحركة الفلسطينية المتحالفة مع إيران والمملكة لم تتغير.
أكد الجبير أن مجموعة من حماس تضم خالد مشعل وبعض زملائه قاموا بزيارة مكة المكرمة لأداء العمرة، إلا أن موقف المملكة بالنسبة لحماس لن يتغير، ووصف الجبير التقارير الإعلامية التى قالت إن الزيارة ذات طبيعة سياسية بأنها غير دقيقة ومبالغ فيها.
بالطبع، لا يمكن تجاهل السياق الذى أتت فيه تصريحات الجبير؛ ونقصد أنه مؤتمر صحفى مع سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، لكن فى الوقت نفسه لا يمكن تجاهل أن وسائل الإعلام الرسمية السعودية لم تتطرّق أبداً للزيارة التى من المفترض أن تكون مهمة وتحمل الرسائل المطلوبة للجهات المحددة مُسبقاً. وفى المقابل كان الترويج الإعلامى للزيارة ونتائجها كبيراً فى الأوساط الإعلامية القريبة من حركة حماس، وهو ما أدى إلى امتعاض عربى عموماً وسعودى على وجه الخصوص، إذ كان واضحاً أن الآلة الدعائية الإخوانية أو الحمساوية تريد أن ترسل رسائل غير صحيحة لدولٍ تحرص الرياض على علاقاتها بها.
وما يدعم تصريحات الجبير هو أن المملكة العربية السعودية تتعامل، على مدى سنوات، مع حماس بكثير من الشك، لأن الحركة الفلسطينية حليف وثيق لإيران كما أنها ذراع لتنظيم الإخوان الذى تعتبره المملكة مصدر تهديد.
وضع فى الاعتبار أن التضامن بين السعودية ومصر، كان دائماً صمام أمان واستقرار المنطقة، وما من شك فى أن هذا الاستقرار تأثر كثيراً حين توترت العلاقات بين البلدين.
كذلك فإنها بالإضافة إلى التعاون الخليجى-المصرى الضامن للالتفاف حول قضية فلسطين وعروبة القدس وإسلامها، ولا مجال إلى العودة للتفاوض الآن، إلا تحت مظلة المبادرة العربية للسلام، وسحب الراية الضائعة بين الإيرانيين والإرهابيين، والدفع باتجاه حل الدولتين.
عوامل متراكمة وسعت الهوة بين حماس والسعودية كان أهمها عدم تبنى الحركة لمبادرة الملك عبدالله للسلام والتلميح بأنها تحمل اعترافاً غير مقبول بـ(إسرائيل)، وجاء فشل اتفاق مكة وعمليات الحسم العسكرى فى 2007 ليزيد الفجوة بين الطرفين، بعدما اعتبر الملك عبدالله أن الحسم تجاوز شخصى لمكانته، والعامل الثالث الموقف السلبى للملك الراحل من تنظيم الإخوان ودعمه لثورة 30 يونيو.
أما السبب الرابع فيتمثل فى علاقة حماس مع إيران وحزب الله، وهذا ما كان يقلق حقيقة -وما زال- بعض مراكز القوى بما فيها المتعاطفة مع الحركة فى السعودية، لحساسية وتشابك وتعقيد كل ما يتعلق بإيران ومشروعها وعلاقتها وحلفائها، فالسعودية تعتبر الاهتمام الإيرانى بالقضية ودعمهم للمقاومة ذراً للرماد فى العيون، وحالة مُخادعة وتضليلاً لإخفاء الأطماع الفارسية الحقيقية فى المنطقة، وموقف حماس أنها تلتقى مع أى قوى لهدف محاربة (إسرائيل) فقط دون التورط فى تعقيدات المنطقة ومشكلاتها المتفجرة.
وما من شك فى أن حركة حماس ستجتهد لإرضاء المملكة العربية السعودية بشتى الطرق، طمعاً فى أن تقوم المملكة بأى نوع من الوساطة مع مصر.. غير أننا نعتقد أن كل اجتهادات الحركة لن تجد من يلتفت لها!!