ياسر بركات يكتب عن: إنه الطوفان يا «سيسى»!!
إنه الطوفان يا «سيسى»!!
لن ينسى الأمريكان ماذا فعل بهم السيسى، ولن ينسى أوباما كيف تم إجباره على الاعتراف بثورة يونيو بعد أن ظل يماطل، ولن تنسى إدارة البيت الأبيض كيف أصبحت روسيا قوة كبيرة بعد أن اتجهت إليها أكبر قوة إقليمية فى العالم العربى، لن تنسى أمريكا كل ذلك، ولن تغفر لمصر رغبتها فى التحرر من الاستعباد الأمريكى وقص أذرعها داخل مصر.
وفى استغلال خسيس ومعتاد منها لضعاف النفوس وأصحاب الرغبات السياسية بدأت أمريكا فى تشكيل قوة جديدة من عملائها وأصحاب المصالح معها، والذين تضاربت مصالحهم مع مصالح الوطن فقرروا هدم المعبد على رأس الشعب المصرى!!
يتنوع هؤلاء بين رجال أعمال ترتبط مصالحهم بشكل مباشر مع كبريات شركات السلاح والبترول فى أمريكا، وبين رجال دين يحاولون الصعود وبين مسئولين كبار منهم رئيس وزراء مصر السابق، وبالطبع قبل كل هؤلاء هناك كوادر الإخوان الإرهابيين المنتشرين فى عواصم العالم بأموالهم وتمويلات منظماتهم.
كل الخطوط والخيوط تقود إلى الولايات المتحدة.. تحديداً إلى الوحدة المختصة بالشأن المصرى فى المخابرات المركزية الأمريكية، التى لا تعدم الخطط البديلة، والتى بدا وكأنها كانت مستعدة للتعامل مع فشل خطة السيطرة عبر الإخوان، بسيناريو بديل، يعتمد على إنتاج حالة من الارتباك السياسى تمكنها من إعادة طرح صيغة جديدة لفكرة الدولة الدينية بالصيغة نفسها التى نجحت فى تركيا، فى مرحلة ما بعد سقوط مشروع نجم الدين أربكان!
والبديل هذه المرة، هو تشكيل تحالف من أحزاب مدنية وحزب النور تسمح بأن تحتضن بداخلها عناصر الصفين الثالث والرابع من قيادات تنظيم الإخوان، ومن خلال هذا التحالف يتم إعادة طرح مشروع الإسلام السياسى.. وهو بالضبط السيناريو الذى نجح فى تركيا بإنتاج «حزب العدالة والتنمية» بعد فشل مشروع «حزب الرفاة»!
الخطة البديلة، بدأ الإعداد لها مع وضع دستور 2014 والذى يجعل مؤسسة الرئاسة والبرلمان قوى متساوية، يمكن فى حالة تضادها أن توقف دائرة اتخاذ القرار وبالتالى تتجمد الدولة، وهى الحالة التى يمكن الوصول إليها بتمكين تحالف من الموالين أو الموضوعين تحت السيطرة الأمريكية من السيطرة على الكتلة البرلمانية الأكبر وبالتالى تشكيل حكومة تعمل ضد توجهات رئيس الدولة، ليصبح الرئيس بلا قوة.. وبلا صلاحيات! ثم يحدث الانقسام المنطقى بين مؤيدى الرئيس ومؤيدى الحكومة فى الوقت الذى تصبح فيه إدارات وأجهزة الدولة عاجزة عن التحرك نتيجة تخبط القرار السياسى.
استقرار الأوضاع فى مصر من عدمه لا يهم الولايات المتحدة فى شىء يهمها فقط استعادة نفوذها فى مصر، وهو ما لم تجد طريقاً إليه غير إعادة إشعال حالة التوتر السياسى والمجتمعى، بالصيغة نفسها مع اختلافات طفيفة عما كانت عليه طوال الفترة التى تلت 25 يناير 2011 لكن هذه المرة بمشاركة الحركات السياسية المدنية والأحزاب التى تلقت تدريبات على هذا البرنامج! ولأن الثقل الدينى، مطلوب ومضمون الأثر، تم اعتماد الجماعات الدعوية السلفية، كطرف أصيل فى المعادلة، لقوة تأثيرها فى المناطق الأكثر احتياجاً للمساعدات الإنسانية والمحرومة من الخدمات الأساسية التى تعجز الحكومة عن تقديمها. وبالتالى، تعمل الجماعات الدعوية على توفير هذه الخدمات للمواطنين هناك، على أن يتولى عدد من المنظمات العالمية تقديم الدعم اللازم لتنفيذ هذه المرحلة عن طريق منظمة «موفمنت» الأمريكية التى تمول بالفعل العديد من المنظمات الحقوقية.. وهى الحركة التى يمولها الملياردير الشهير جورج سورس، وعدد من مراكز الدعم التى تقدم الحلول السياسية والمالية كرعاية مشروعات الخير وملاجئ الأيتام وغيرها مما يزيد شعبية التيار الدينى، تحت إشراف مباشر من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
أمامى تقرير للكونجرس الأمريكى يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية أنفقت حوالى 1600 مليار دولار منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 فى مناطق الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية، وهذا الرقم يساوى تقريباً ضعف تكلفة برنامج التغطية الاجتماعية Obamacare الذى يستفيد منه 20 مليون أمريكى، خلال 10 أعوام!
والمستفيد من هذه المبالغ الضخمة، هو المجمعات الصناعية العسكرية، وأبرزها شركة «لوكهيد مارتن» التى حققت خلال تلك الفترة أرباحاً تقترب من الـ 45 ملياراً، ولشركة «بوينج» التى تنتج الصواريخ إلى جانب صناعة الطائرات وشركات Raytheon وNorthrop Grumman وgeneral Dynamics التى تؤمن أكثر من ثلث مشتريات الجيش الأمريكى.
ولا يقتصر الربح أو الاستفادة على شركات السلاح فقط، بل إن شركة مثل KBR inc حققت أعلى أرباح لها خلال السنوات العشر الأخيرة، وهى الشركة المعروفة باسمها القديم «هاليبرتون» والتى ظلت لسنوات تحت إدارة «ديك تشينى»، وزير الدفاع السابق فى عهد «جورج بوش» الأب، ونائب الرئيس فى عهد «بوش» الابن، وهى الشركة التى استفادت أيضاً من عقود إعادة إعمار العراق دون الدخول فى إجراءات تنافسية مع الشركات الأخرى حتى قبل انطلاق الحرب فى عام 2003.
ونشير هنا إلى أن لجنة مراقبة عقود الحرب فى الكونجرس ذكرت أنه حتى سنة 2011 تبخر ما بين 30 و60 مليار دولار، بسبب فساد وعمليات تحايل مختلفة، وهو ما يتوافق مع ما أعلنته منظمة الشفافية الدولية، عن أن الفساد هو وسيلة التعامل الأكثر ملاءمة لتجار الحرب وكبار المسئولين.
ولعل ذلك يكشف أو يحل لغز اجتماع السفير الأمريكى بالقاهرة، شبه الدائم مع رجال أعمال مصريين (للأسف) وفى منازلهم أحياناً!
بل ووصل الأمر إلى الدرجة التى يلوم فيها رجل أعمال وملياردير معروف السفير الأمريكى على تراخى الولايات المتحدة الأمريكية فى مواجهة السيسى، ويذكره بموقف بلاده القوى ضد مبارك حتى تم إقصاؤه عن الحكم بكلمة أوباما «NOW»!
هذا الملياردير المصرى الذى قام بالتحريض ضد بلده صراحة وبشكل مباشر، فى جلسة يعرف بالتأكيد أن السفير الأمريكى سيكتب كل حرف دار بها ويرفعه فى تقرير إلى وزارة الخارجية أو إلى الإدارة الأمريكية أو إلى المخابرات المركزية.. هذا الملياردير وكيل لإحدى الشركات التى سبق أن أشرنا إليها باعتبارها من أكبر المستفيدين من اضطراب الأوضاع فى المنطقة، وإحدى الشركات التى حققت أرباحاً، واقتنصت جانباً كبيراً من الـ 1600 مليار!
بإمكاننا أن نذكر اسم هذا الملياردير صراحة لكن هناك عدد غيره يفعل ما يفعله وربما أكثر، ورهاننا على أن أجهزة الدولة لديها تفاصيل كاملة عن مثل هذه التحركات.. مثلما تتابع كل التحركات المتوازية وعلى رأسها تحركات الأمريكى حليف الإخوان أو التابع لهم محمد الجمل الذى استطاع أن يخترق المشهد السياسى المصرى، مستغلاً أو بالتنسيق مع الفريق أحمد شفيق الذى لا يكف عن اللعب فى الداخل المصرى رغم إعلانه غير ذلك!
الثابت هو أن الفريق شفيق لن يستطيع المجىء إلى مصر بسبب وجود اسمه على قوائم ترقب الوصول، والثابت أيضا أنه لا يزال يسعى بكل قوته وإمكانياته للتواجد فى المشهد السياسى بالتربيطات وبناء التحالفات مع عدد من القوى السياسية، مدفوعاً ومدعوماً بذلك الشخص الذى كان غامضاً، حتى كشفنا غالبية أوراقه فى العدد قبل الماضى.
ولم تكن استقالته من رئاسة «حزب الحركة الوطنية»، أكثر من مناورة أراد بها تهدئة الأجواء وامتصاص ردود الفعل الغاضبة، بينما يؤكد الواقع أنه مستمر فى دعمه للحزب الذى لا تتخذ قياداته أى خطوة إلا بتوجيهات مباشرة أو غير مباشرة من الفريق.
«محمد الجمل»، الأمريكى ذو الأصل المصرى، أوهم الفريق بأن بإمكانه التأثير السياسى فى مصر بتشكيل كتلة سياسية من رجال النظام السابق وعدد من رجال الأعمال والسلفيين للسيطرة على البرلمان القادم. وهى اللعبة أو الوهم الذى اقتنع به الفريق وتواصل بالفعل بنفسه أو عبر وسطاء بينهم «الجمل» مع بعض القوى السياسية والشخصيات وأغراهم أو أغواهم بدعمهم مادياً فى الانتخابات.. وكانت النكتة هى أن عدداً من رجال الحزب الوطنى المنحل سيخوضون الانتخابات على قوائم حزب النور.. أو على المقاعد الفردية تحت شعار الحزب!
وبناء على ما سبق، نعود ونكرر أسئلة سبق أن طرحناها:
هل قرر التنظيم الدولى للإخوان، اللعب بـ«محمد الجمل» ليسيطر من خلاله على البرلمان القادم؟!
والسؤال الأهم: كيف تمكن رئيس لجنة «كير» بنورث كارولينا من التقرب من الفريق شفيق؟ وكيف تمكن بكل هذه البساطة من إقناع من ضمهم إلى قائمته الانتخابية؟!
والسؤال الأكثر أهمية: من أين يموّل محمد الجمل تحركاته؟ وكيف كان سيتولى الصرف على قائمته إذا لم يكن الممول هو التنظيم الدولى للإخوان؟!
الأسئلة مهمة بل وفى غاية الأهمية إذا وضعنا فى الاعتبار أن وهم السيطرة على البرلمان يدعم وهماً آخر وهو السيطرة على القرار السياسى استناداً إلى دستور 2014 الذى جعل البرلمان يقتسم الصلاحيات مع الرئيس، بل وبإمكانه حصار الرئيس وشل كل تحركاته وقراراته.. وأيضا سحب الثقة منه إذا لزم الأمر!
وحزب النور كما هو ثابت، وكما سبق أن أشرنا مراراً وتكراراً لا يخطو أى خطوة إلا بعد أن يأخذ الضوء الأخضر من الولايات المتحدة، ولا نبالغ لو قلنا إنه يتحرك بتعليمات مباشرة أو غير مباشرة من المخابرات المركزية الأمريكية!
ولم يكن اعتراف نادر بكار مساعد رئيس الحزب باللقاءات التى جمعت قيادات من الحزب بعناصر تابعة للمخابرات الأمريكية بالسفارة إلا قمة جبل الجليد التى تخفى تحتها الكثير. فالمعروف هو أن السفارة الأمريكية هى الحاضر الغائب فى توجهات السلفيين الذين انتهوا إلى نتيجة نهائية أوضحتها لهم بحزم، واستطاعت إقناعهم بها، وهى أنه يمكنهم ان يكونوا بديلاً للإخوان، وأن أمريكا لا تمانع فى ذلك.
وسبق أن اعترف سعد الدين إبراهيم، بأن حزب النور طالبه بالتوسط لدى الإدارة الأمريكية فى واشنطن، لفتح قنوات اتصال مباشر بالحزب، وبعدها مباشرة كان نادر بكار فى طريقه للولايات المتحدة للقاء مسئولين أمريكيين، والتقى هناك مع مسئولين أمريكيين منهم جيمى كارتر، بزعم أنه أراد أن يعطى له صورة واضحة عن الفكر السلفى!
ولعل ما أصبح فى وضوح الشمس هو أن حزب النور يجيد المراوغة، وإمساك العصا من المنتصف، ويجيد أيضاً فتح خطوط اتصال مع الأمريكان، بل وسبق أن أعلن قادته أكثر من مرة استعدادهم للجلوس مع إسرائيل وفق شروط معينة وأنه لا توجد أى مخالفة شرعية فى ذلك.
كما أن التبرير الذى قدمه نادر بكار، بأن كل الأحزاب والسياسيين يفعلون ذلك، ويذهبون للتشاور مع الأمريكيين، هو نفسه موقف عدد كبير من القيادات السلفية التى قالت إن التشاور لا مانع منه ما دام لا يمس الثوابت!
وسبق أن سمعنا من الدكتور هشام أبوالنصر، القيادى السابق بحزب النور، أن السلفيين يؤيدون التحاور مع الأمريكان من باب الحوار مع الآخر، وأن التواصل مع الأمريكان للتشاور معهم من باب الدعوة إلى لله، وبهدف التعريف بمعنى السلفية وتوجهاتها وأفكارها، وأن السلفيين من المفترض أنهم منفتحون عن غيرهم ويجب التعريف بمنهجهم للجميع!
أما الرابط بين تحالف الفريق شفيق وحزب النور، فهو أيضاً «محمد الجمل»، الذى اقتنص فرصة سعى حزب النور للتواصل مع الجاليات المصرية فى الدول الأجنبية، لكسب أرضية جديدة، تزامناً مع كثافة لقاءاتهم بمسئولين فى «الخارجية» الأمريكية وغيرها من الأجهزة والمؤسسات الأمريكية وبينها المخابرات المركزية، والدافع هو أنهم يرون أن الإخوان وصلوا للسلطة عن طريق أمريكا، وأنهم لو سلكوا الطريق نفسه، فقد ينجحون كما نجح الإخوان، إضافة إلى أنهم يرون أنفسهم بديل الإخوان، داخلياً وخارجياً، ويسعون للوصول إلى السلطة حتى لو كانت وسيلتهم إلى ذلك هى التحالف مع الشيطان!.
اللعب بالقوى الناعمة، أصبح هو الخيار شبه الوحيد، بعد أن فشلت محاولات اللعب بالقوى الخشنة مرة تلو الأخرى، وكان آخرها ذلك الاتفاق الذى تم قبل حوالى 40 يوماً على تكوين خلايا إرهابية فى محافظات الصعيد، أطلقوا عليها اسم «مقاتلو الشرعية»، تتكون من شباب تنظيم الإخوان بالصعيد، وتتولى عناصر الجماعات الإرهابية الموجودة فى سيناء تدريبهم فى معسكرات بالمناطق الصحراوية الموجودة بمحافظات الصعيد، وتوفر أجهزة مخابرات أجنبية السلاح اللازم وعن طريق تهريبها عبر السودان!
الميزانية المبدئية التى تم رصدها لتشكيل تلك الخلايا كانت مليار دولار وبالفعل تم تشكيل 22 خلية إرهابية، بحيث تتكون كل خلية من 25 إلى 40 عنصراً إرهابياً، بهدف تنفيذ عمليات إرهابية متتالية سواء فى الصعيد أو غيره.
غير أن «القبضة الحديدية» التى تفرضها الأجهزة الأمنية قطعت أى خطوط للتواصل بين العناصر الإرهابية وبعضها سواء فى سيناء أو الصعيد أو أى مناطق أخرى.. وسيطرت على الحدود بشكل كامل وبالتالى منعت وصول أى إمدادات.
ليتأكد للأمريكيين من جديد أن اللعب بالقوى الناعمة هو السلاح الأقوى، كما أن تكلفته أقل!
خاصة مع ظهور وثائق تفضح ضلوع المخابرات الأمريكية وإدارة أوباما فى تأسيس داعش لضرب مصر والسعودية والعراق وسوريا، الأمر الذى أصبح مثار انتقادات واسعة فى الداخل الأمريكى نفسه، كان أبرزها تلك التى وجهها «ويبستر تاربلى»، صاحب كتاب «الحادى عشر من سبتمبر».
«تاربلى» قال بشكل واضح، استنادًا إلى تقارير مخابراتية ورسمية أمريكية بأن الولايات المتحدة الأمريكية هى الداعم الأول لداعش وأفرعه المختلفة، وزاد على ذلك فأكد أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، شخصياً، هو مؤسس التنظيم!
وأكد «تاربلى»، أن الولايات المتحدة الأمريكية لو شاءت لقطعت عن تنظيم «داعش» الإرهابى كل وسائل الاتصال والتواصل عبر الإنترنت، غير أنها لا تفعل، بل إنها تؤكد بسياساتها فى مواجهة التنظيم الإرهابى الأشرس، أن داعش هو أكبر مثال حى على الإرهاب المصطنع، بينما استغلت واشنطن نفوذها والناتو فى الأراضى الليبية بعد سقوط معمر القذافى، لتؤسس فى درنة القريبة من الحدود المصرية الغربية، عاصمة الإرهاب العالمى الجديد، والتى تحولت خلال العامين الماضيين لمنفذ إمداد وتمويل وتسليح للعناصر الإرهابية التابعة لداعش فى كل المنطقة العربية.
وفى دراسة عنوانها «خريطة أمراء تنظيم داعش فى ليبيا» قال «تاربلى»: إن ثمة صراعًا جهاديًا تتسع مساحاته فى مدينة درنة، إذ كان إعلانها إمارة دينية تتبع القاعدة، فى أبريل سنة 2014 على لسان رجل القاعدة القوى فيها عبدالباسط عزوز، ولكن فى السادس من أكتوبر الماضى، وكان التنظيم قد دعا أهل درنة إلى التجمع فى مسجد الصحابة، أكبر مساجد المدينة، لحضور ندوة بعنوان: خلافة على منهاج النبوّة، فقد طالب أفراد الجماعات المتحكمة فى المدينة أهل درنة بالتوبة عما سموه المبادئ التكفيرية.
ويضيف «تاربلى» أن تنظيم داعش صار أكبر جيش سرى تابع لواشنطن فى منطقة الشرق الأوسط الملتهبة.
ويدعم ما سبق ويؤكده، ما كشفته هيئة «جادجيكال ووتش» من وثائق رسمية، منسوبة لوزارتى الدفاع (البنتاجون) والخارجية الأمريكيتين، تكشف صراحة أن إدارة أوباما أصدرت أوامر مباشرة بتأسيس التنظيم وتدريبه لإسقاط الرئيس السورى بشار الأسد، وبالطبع لا مانع من بعض المهام الفرعية الأخرى، كتكدير الوضع على حدود دول مؤثرة وفاعلة كمصر والسعودية والأردن،عند اللزوم.
وطبقاً للوثائق نفسها، فإن أعضاء التنظيم من العرب والأجانب كانوا قد تلقوا تدريبات احترافية على أيدى كوادر تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، فى معسكرات سرية بالأردن!
بالتزامن، استضافت العاصمة القطرية مؤتمراً أقامه معهد « بروكنجز» عنوانه «منتدى أمريكا والعالم الإسلامى»، وفيه طالب الإخوان بمزيد من الدعم الأمريكى ومساعدة أعضاء التنظيم داخل مصر، بأن تقوم السفارة الأمريكية بالقاهرة بتذليل الصعوبات أمام تحركاتهم وقيام موظفى السفارة بالاجتماع مع فريق من القانونيين الذين يمثلون القادة السجناء وزيارتهم داخل سجونهم، ودفع وسائل الإعلام «التابعة» بالتعامل معهم على أنهم سجناء سياسيون! والأكثر من ذلك، هو أن المشاركين فى مؤتمر «بروكنجز» طالبوا إدارة أوباما بتنسيق الجهود مع الاتحاد الأوربى، لإيجاد حلول تضمن عودة الإخوان مرة أخرى إلى ممارسة العمل السياسى، والخطة الأولى المقترحة هى قيام الإدارة الأمريكية بالضغط على الحكومة المصرية؛ للسماح بمشاركة منظمات المجتمع المدنى الدولية، خاصة التى تعمل تحت مظلة الإخوان للعمل بحرية داخل المجتمع المصرى، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية فى مصر، على أن توفر السفارة الأمريكية الدعم اللازم لمساعدة الشبكات الحقوقية والسياسية الإخوانية للمشاركة فى العملية السياسية، خاصة أن الولايات المتحدة فى حاجة لتلك المنظمات للحصول على المعلومات!
وفوق ذلك طالب المشاركون فى المؤتمر الجانب الأمريكى بأن يمارس مزيداً من الضغوط على أعضاء الكونجرس، لإلزامهم بعدم السفر إلى مصر!
لن ينسى الأمريكان ماذا فعل بهم السيسى، ولن ينسى أوباما كيف تم إجباره على الاعتراف بثورة يونيو بعد أن ظل يماطل، ولن تنسى إدارة البيت الأبيض كيف أصبحت روسيا قوة كبيرة بعد أن اتجهت إليها أكبر قوة إقليمية فى العالم العربى، لن تنسى أمريكا كل ذلك، ولن تغفر لمصر رغبتها فى التحرر من الاستعباد الأمريكى وقص أذرعها داخل مصر.
وفى استغلال خسيس ومعتاد منها لضعاف النفوس وأصحاب الرغبات السياسية بدأت أمريكا فى تشكيل قوة جديدة من عملائها وأصحاب المصالح معها، والذين تضاربت مصالحهم مع مصالح الوطن فقرروا هدم المعبد على رأس الشعب المصرى!!
يتنوع هؤلاء بين رجال أعمال ترتبط مصالحهم بشكل مباشر مع كبريات شركات السلاح والبترول فى أمريكا، وبين رجال دين يحاولون الصعود وبين مسئولين كبار منهم رئيس وزراء مصر السابق، وبالطبع قبل كل هؤلاء هناك كوادر الإخوان الإرهابيين المنتشرين فى عواصم العالم بأموالهم وتمويلات منظماتهم.
كل الخطوط والخيوط تقود إلى الولايات المتحدة.. تحديداً إلى الوحدة المختصة بالشأن المصرى فى المخابرات المركزية الأمريكية، التى لا تعدم الخطط البديلة، والتى بدا وكأنها كانت مستعدة للتعامل مع فشل خطة السيطرة عبر الإخوان، بسيناريو بديل، يعتمد على إنتاج حالة من الارتباك السياسى تمكنها من إعادة طرح صيغة جديدة لفكرة الدولة الدينية بالصيغة نفسها التى نجحت فى تركيا، فى مرحلة ما بعد سقوط مشروع نجم الدين أربكان!
والبديل هذه المرة، هو تشكيل تحالف من أحزاب مدنية وحزب النور تسمح بأن تحتضن بداخلها عناصر الصفين الثالث والرابع من قيادات تنظيم الإخوان، ومن خلال هذا التحالف يتم إعادة طرح مشروع الإسلام السياسى.. وهو بالضبط السيناريو الذى نجح فى تركيا بإنتاج «حزب العدالة والتنمية» بعد فشل مشروع «حزب الرفاة»!
الخطة البديلة، بدأ الإعداد لها مع وضع دستور 2014 والذى يجعل مؤسسة الرئاسة والبرلمان قوى متساوية، يمكن فى حالة تضادها أن توقف دائرة اتخاذ القرار وبالتالى تتجمد الدولة، وهى الحالة التى يمكن الوصول إليها بتمكين تحالف من الموالين أو الموضوعين تحت السيطرة الأمريكية من السيطرة على الكتلة البرلمانية الأكبر وبالتالى تشكيل حكومة تعمل ضد توجهات رئيس الدولة، ليصبح الرئيس بلا قوة.. وبلا صلاحيات! ثم يحدث الانقسام المنطقى بين مؤيدى الرئيس ومؤيدى الحكومة فى الوقت الذى تصبح فيه إدارات وأجهزة الدولة عاجزة عن التحرك نتيجة تخبط القرار السياسى.
استقرار الأوضاع فى مصر من عدمه لا يهم الولايات المتحدة فى شىء يهمها فقط استعادة نفوذها فى مصر، وهو ما لم تجد طريقاً إليه غير إعادة إشعال حالة التوتر السياسى والمجتمعى، بالصيغة نفسها مع اختلافات طفيفة عما كانت عليه طوال الفترة التى تلت 25 يناير 2011 لكن هذه المرة بمشاركة الحركات السياسية المدنية والأحزاب التى تلقت تدريبات على هذا البرنامج! ولأن الثقل الدينى، مطلوب ومضمون الأثر، تم اعتماد الجماعات الدعوية السلفية، كطرف أصيل فى المعادلة، لقوة تأثيرها فى المناطق الأكثر احتياجاً للمساعدات الإنسانية والمحرومة من الخدمات الأساسية التى تعجز الحكومة عن تقديمها. وبالتالى، تعمل الجماعات الدعوية على توفير هذه الخدمات للمواطنين هناك، على أن يتولى عدد من المنظمات العالمية تقديم الدعم اللازم لتنفيذ هذه المرحلة عن طريق منظمة «موفمنت» الأمريكية التى تمول بالفعل العديد من المنظمات الحقوقية.. وهى الحركة التى يمولها الملياردير الشهير جورج سورس، وعدد من مراكز الدعم التى تقدم الحلول السياسية والمالية كرعاية مشروعات الخير وملاجئ الأيتام وغيرها مما يزيد شعبية التيار الدينى، تحت إشراف مباشر من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
أمامى تقرير للكونجرس الأمريكى يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية أنفقت حوالى 1600 مليار دولار منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 فى مناطق الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية، وهذا الرقم يساوى تقريباً ضعف تكلفة برنامج التغطية الاجتماعية Obamacare الذى يستفيد منه 20 مليون أمريكى، خلال 10 أعوام!
والمستفيد من هذه المبالغ الضخمة، هو المجمعات الصناعية العسكرية، وأبرزها شركة «لوكهيد مارتن» التى حققت خلال تلك الفترة أرباحاً تقترب من الـ 45 ملياراً، ولشركة «بوينج» التى تنتج الصواريخ إلى جانب صناعة الطائرات وشركات Raytheon وNorthrop Grumman وgeneral Dynamics التى تؤمن أكثر من ثلث مشتريات الجيش الأمريكى.
ولا يقتصر الربح أو الاستفادة على شركات السلاح فقط، بل إن شركة مثل KBR inc حققت أعلى أرباح لها خلال السنوات العشر الأخيرة، وهى الشركة المعروفة باسمها القديم «هاليبرتون» والتى ظلت لسنوات تحت إدارة «ديك تشينى»، وزير الدفاع السابق فى عهد «جورج بوش» الأب، ونائب الرئيس فى عهد «بوش» الابن، وهى الشركة التى استفادت أيضاً من عقود إعادة إعمار العراق دون الدخول فى إجراءات تنافسية مع الشركات الأخرى حتى قبل انطلاق الحرب فى عام 2003.
ونشير هنا إلى أن لجنة مراقبة عقود الحرب فى الكونجرس ذكرت أنه حتى سنة 2011 تبخر ما بين 30 و60 مليار دولار، بسبب فساد وعمليات تحايل مختلفة، وهو ما يتوافق مع ما أعلنته منظمة الشفافية الدولية، عن أن الفساد هو وسيلة التعامل الأكثر ملاءمة لتجار الحرب وكبار المسئولين.
ولعل ذلك يكشف أو يحل لغز اجتماع السفير الأمريكى بالقاهرة، شبه الدائم مع رجال أعمال مصريين (للأسف) وفى منازلهم أحياناً!
بل ووصل الأمر إلى الدرجة التى يلوم فيها رجل أعمال وملياردير معروف السفير الأمريكى على تراخى الولايات المتحدة الأمريكية فى مواجهة السيسى، ويذكره بموقف بلاده القوى ضد مبارك حتى تم إقصاؤه عن الحكم بكلمة أوباما «NOW»!
هذا الملياردير المصرى الذى قام بالتحريض ضد بلده صراحة وبشكل مباشر، فى جلسة يعرف بالتأكيد أن السفير الأمريكى سيكتب كل حرف دار بها ويرفعه فى تقرير إلى وزارة الخارجية أو إلى الإدارة الأمريكية أو إلى المخابرات المركزية.. هذا الملياردير وكيل لإحدى الشركات التى سبق أن أشرنا إليها باعتبارها من أكبر المستفيدين من اضطراب الأوضاع فى المنطقة، وإحدى الشركات التى حققت أرباحاً، واقتنصت جانباً كبيراً من الـ 1600 مليار!
بإمكاننا أن نذكر اسم هذا الملياردير صراحة لكن هناك عدد غيره يفعل ما يفعله وربما أكثر، ورهاننا على أن أجهزة الدولة لديها تفاصيل كاملة عن مثل هذه التحركات.. مثلما تتابع كل التحركات المتوازية وعلى رأسها تحركات الأمريكى حليف الإخوان أو التابع لهم محمد الجمل الذى استطاع أن يخترق المشهد السياسى المصرى، مستغلاً أو بالتنسيق مع الفريق أحمد شفيق الذى لا يكف عن اللعب فى الداخل المصرى رغم إعلانه غير ذلك!
الثابت هو أن الفريق شفيق لن يستطيع المجىء إلى مصر بسبب وجود اسمه على قوائم ترقب الوصول، والثابت أيضا أنه لا يزال يسعى بكل قوته وإمكانياته للتواجد فى المشهد السياسى بالتربيطات وبناء التحالفات مع عدد من القوى السياسية، مدفوعاً ومدعوماً بذلك الشخص الذى كان غامضاً، حتى كشفنا غالبية أوراقه فى العدد قبل الماضى.
ولم تكن استقالته من رئاسة «حزب الحركة الوطنية»، أكثر من مناورة أراد بها تهدئة الأجواء وامتصاص ردود الفعل الغاضبة، بينما يؤكد الواقع أنه مستمر فى دعمه للحزب الذى لا تتخذ قياداته أى خطوة إلا بتوجيهات مباشرة أو غير مباشرة من الفريق.
«محمد الجمل»، الأمريكى ذو الأصل المصرى، أوهم الفريق بأن بإمكانه التأثير السياسى فى مصر بتشكيل كتلة سياسية من رجال النظام السابق وعدد من رجال الأعمال والسلفيين للسيطرة على البرلمان القادم. وهى اللعبة أو الوهم الذى اقتنع به الفريق وتواصل بالفعل بنفسه أو عبر وسطاء بينهم «الجمل» مع بعض القوى السياسية والشخصيات وأغراهم أو أغواهم بدعمهم مادياً فى الانتخابات.. وكانت النكتة هى أن عدداً من رجال الحزب الوطنى المنحل سيخوضون الانتخابات على قوائم حزب النور.. أو على المقاعد الفردية تحت شعار الحزب!
وبناء على ما سبق، نعود ونكرر أسئلة سبق أن طرحناها:
هل قرر التنظيم الدولى للإخوان، اللعب بـ«محمد الجمل» ليسيطر من خلاله على البرلمان القادم؟!
والسؤال الأهم: كيف تمكن رئيس لجنة «كير» بنورث كارولينا من التقرب من الفريق شفيق؟ وكيف تمكن بكل هذه البساطة من إقناع من ضمهم إلى قائمته الانتخابية؟!
والسؤال الأكثر أهمية: من أين يموّل محمد الجمل تحركاته؟ وكيف كان سيتولى الصرف على قائمته إذا لم يكن الممول هو التنظيم الدولى للإخوان؟!
الأسئلة مهمة بل وفى غاية الأهمية إذا وضعنا فى الاعتبار أن وهم السيطرة على البرلمان يدعم وهماً آخر وهو السيطرة على القرار السياسى استناداً إلى دستور 2014 الذى جعل البرلمان يقتسم الصلاحيات مع الرئيس، بل وبإمكانه حصار الرئيس وشل كل تحركاته وقراراته.. وأيضا سحب الثقة منه إذا لزم الأمر!
وحزب النور كما هو ثابت، وكما سبق أن أشرنا مراراً وتكراراً لا يخطو أى خطوة إلا بعد أن يأخذ الضوء الأخضر من الولايات المتحدة، ولا نبالغ لو قلنا إنه يتحرك بتعليمات مباشرة أو غير مباشرة من المخابرات المركزية الأمريكية!
ولم يكن اعتراف نادر بكار مساعد رئيس الحزب باللقاءات التى جمعت قيادات من الحزب بعناصر تابعة للمخابرات الأمريكية بالسفارة إلا قمة جبل الجليد التى تخفى تحتها الكثير. فالمعروف هو أن السفارة الأمريكية هى الحاضر الغائب فى توجهات السلفيين الذين انتهوا إلى نتيجة نهائية أوضحتها لهم بحزم، واستطاعت إقناعهم بها، وهى أنه يمكنهم ان يكونوا بديلاً للإخوان، وأن أمريكا لا تمانع فى ذلك.
وسبق أن اعترف سعد الدين إبراهيم، بأن حزب النور طالبه بالتوسط لدى الإدارة الأمريكية فى واشنطن، لفتح قنوات اتصال مباشر بالحزب، وبعدها مباشرة كان نادر بكار فى طريقه للولايات المتحدة للقاء مسئولين أمريكيين، والتقى هناك مع مسئولين أمريكيين منهم جيمى كارتر، بزعم أنه أراد أن يعطى له صورة واضحة عن الفكر السلفى!
ولعل ما أصبح فى وضوح الشمس هو أن حزب النور يجيد المراوغة، وإمساك العصا من المنتصف، ويجيد أيضاً فتح خطوط اتصال مع الأمريكان، بل وسبق أن أعلن قادته أكثر من مرة استعدادهم للجلوس مع إسرائيل وفق شروط معينة وأنه لا توجد أى مخالفة شرعية فى ذلك.
كما أن التبرير الذى قدمه نادر بكار، بأن كل الأحزاب والسياسيين يفعلون ذلك، ويذهبون للتشاور مع الأمريكيين، هو نفسه موقف عدد كبير من القيادات السلفية التى قالت إن التشاور لا مانع منه ما دام لا يمس الثوابت!
وسبق أن سمعنا من الدكتور هشام أبوالنصر، القيادى السابق بحزب النور، أن السلفيين يؤيدون التحاور مع الأمريكان من باب الحوار مع الآخر، وأن التواصل مع الأمريكان للتشاور معهم من باب الدعوة إلى لله، وبهدف التعريف بمعنى السلفية وتوجهاتها وأفكارها، وأن السلفيين من المفترض أنهم منفتحون عن غيرهم ويجب التعريف بمنهجهم للجميع!
أما الرابط بين تحالف الفريق شفيق وحزب النور، فهو أيضاً «محمد الجمل»، الذى اقتنص فرصة سعى حزب النور للتواصل مع الجاليات المصرية فى الدول الأجنبية، لكسب أرضية جديدة، تزامناً مع كثافة لقاءاتهم بمسئولين فى «الخارجية» الأمريكية وغيرها من الأجهزة والمؤسسات الأمريكية وبينها المخابرات المركزية، والدافع هو أنهم يرون أن الإخوان وصلوا للسلطة عن طريق أمريكا، وأنهم لو سلكوا الطريق نفسه، فقد ينجحون كما نجح الإخوان، إضافة إلى أنهم يرون أنفسهم بديل الإخوان، داخلياً وخارجياً، ويسعون للوصول إلى السلطة حتى لو كانت وسيلتهم إلى ذلك هى التحالف مع الشيطان!.
اللعب بالقوى الناعمة، أصبح هو الخيار شبه الوحيد، بعد أن فشلت محاولات اللعب بالقوى الخشنة مرة تلو الأخرى، وكان آخرها ذلك الاتفاق الذى تم قبل حوالى 40 يوماً على تكوين خلايا إرهابية فى محافظات الصعيد، أطلقوا عليها اسم «مقاتلو الشرعية»، تتكون من شباب تنظيم الإخوان بالصعيد، وتتولى عناصر الجماعات الإرهابية الموجودة فى سيناء تدريبهم فى معسكرات بالمناطق الصحراوية الموجودة بمحافظات الصعيد، وتوفر أجهزة مخابرات أجنبية السلاح اللازم وعن طريق تهريبها عبر السودان!
الميزانية المبدئية التى تم رصدها لتشكيل تلك الخلايا كانت مليار دولار وبالفعل تم تشكيل 22 خلية إرهابية، بحيث تتكون كل خلية من 25 إلى 40 عنصراً إرهابياً، بهدف تنفيذ عمليات إرهابية متتالية سواء فى الصعيد أو غيره.
غير أن «القبضة الحديدية» التى تفرضها الأجهزة الأمنية قطعت أى خطوط للتواصل بين العناصر الإرهابية وبعضها سواء فى سيناء أو الصعيد أو أى مناطق أخرى.. وسيطرت على الحدود بشكل كامل وبالتالى منعت وصول أى إمدادات.
ليتأكد للأمريكيين من جديد أن اللعب بالقوى الناعمة هو السلاح الأقوى، كما أن تكلفته أقل!
خاصة مع ظهور وثائق تفضح ضلوع المخابرات الأمريكية وإدارة أوباما فى تأسيس داعش لضرب مصر والسعودية والعراق وسوريا، الأمر الذى أصبح مثار انتقادات واسعة فى الداخل الأمريكى نفسه، كان أبرزها تلك التى وجهها «ويبستر تاربلى»، صاحب كتاب «الحادى عشر من سبتمبر».
«تاربلى» قال بشكل واضح، استنادًا إلى تقارير مخابراتية ورسمية أمريكية بأن الولايات المتحدة الأمريكية هى الداعم الأول لداعش وأفرعه المختلفة، وزاد على ذلك فأكد أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، شخصياً، هو مؤسس التنظيم!
وأكد «تاربلى»، أن الولايات المتحدة الأمريكية لو شاءت لقطعت عن تنظيم «داعش» الإرهابى كل وسائل الاتصال والتواصل عبر الإنترنت، غير أنها لا تفعل، بل إنها تؤكد بسياساتها فى مواجهة التنظيم الإرهابى الأشرس، أن داعش هو أكبر مثال حى على الإرهاب المصطنع، بينما استغلت واشنطن نفوذها والناتو فى الأراضى الليبية بعد سقوط معمر القذافى، لتؤسس فى درنة القريبة من الحدود المصرية الغربية، عاصمة الإرهاب العالمى الجديد، والتى تحولت خلال العامين الماضيين لمنفذ إمداد وتمويل وتسليح للعناصر الإرهابية التابعة لداعش فى كل المنطقة العربية.
وفى دراسة عنوانها «خريطة أمراء تنظيم داعش فى ليبيا» قال «تاربلى»: إن ثمة صراعًا جهاديًا تتسع مساحاته فى مدينة درنة، إذ كان إعلانها إمارة دينية تتبع القاعدة، فى أبريل سنة 2014 على لسان رجل القاعدة القوى فيها عبدالباسط عزوز، ولكن فى السادس من أكتوبر الماضى، وكان التنظيم قد دعا أهل درنة إلى التجمع فى مسجد الصحابة، أكبر مساجد المدينة، لحضور ندوة بعنوان: خلافة على منهاج النبوّة، فقد طالب أفراد الجماعات المتحكمة فى المدينة أهل درنة بالتوبة عما سموه المبادئ التكفيرية.
ويضيف «تاربلى» أن تنظيم داعش صار أكبر جيش سرى تابع لواشنطن فى منطقة الشرق الأوسط الملتهبة.
ويدعم ما سبق ويؤكده، ما كشفته هيئة «جادجيكال ووتش» من وثائق رسمية، منسوبة لوزارتى الدفاع (البنتاجون) والخارجية الأمريكيتين، تكشف صراحة أن إدارة أوباما أصدرت أوامر مباشرة بتأسيس التنظيم وتدريبه لإسقاط الرئيس السورى بشار الأسد، وبالطبع لا مانع من بعض المهام الفرعية الأخرى، كتكدير الوضع على حدود دول مؤثرة وفاعلة كمصر والسعودية والأردن،عند اللزوم.
وطبقاً للوثائق نفسها، فإن أعضاء التنظيم من العرب والأجانب كانوا قد تلقوا تدريبات احترافية على أيدى كوادر تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، فى معسكرات سرية بالأردن!
بالتزامن، استضافت العاصمة القطرية مؤتمراً أقامه معهد « بروكنجز» عنوانه «منتدى أمريكا والعالم الإسلامى»، وفيه طالب الإخوان بمزيد من الدعم الأمريكى ومساعدة أعضاء التنظيم داخل مصر، بأن تقوم السفارة الأمريكية بالقاهرة بتذليل الصعوبات أمام تحركاتهم وقيام موظفى السفارة بالاجتماع مع فريق من القانونيين الذين يمثلون القادة السجناء وزيارتهم داخل سجونهم، ودفع وسائل الإعلام «التابعة» بالتعامل معهم على أنهم سجناء سياسيون! والأكثر من ذلك، هو أن المشاركين فى مؤتمر «بروكنجز» طالبوا إدارة أوباما بتنسيق الجهود مع الاتحاد الأوربى، لإيجاد حلول تضمن عودة الإخوان مرة أخرى إلى ممارسة العمل السياسى، والخطة الأولى المقترحة هى قيام الإدارة الأمريكية بالضغط على الحكومة المصرية؛ للسماح بمشاركة منظمات المجتمع المدنى الدولية، خاصة التى تعمل تحت مظلة الإخوان للعمل بحرية داخل المجتمع المصرى، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية فى مصر، على أن توفر السفارة الأمريكية الدعم اللازم لمساعدة الشبكات الحقوقية والسياسية الإخوانية للمشاركة فى العملية السياسية، خاصة أن الولايات المتحدة فى حاجة لتلك المنظمات للحصول على المعلومات!
وفوق ذلك طالب المشاركون فى المؤتمر الجانب الأمريكى بأن يمارس مزيداً من الضغوط على أعضاء الكونجرس، لإلزامهم بعدم السفر إلى مصر!