ياسر بركات يكتب عن: القصة الكاملة للمهندس المصرى الذى تتهمه الولايات المتحدة بالتجسس لصالح مصر
هل اعترف المهندس المصرى الحاصل على الجنسية الأمريكية، بتسريب أسرار عسكرية لمصر؟!
فى تقرير، نشرته الثلاثاء الماضى، زعمت جريدة «واشنطن بوست» ذلك!
زعمت أن مهندس البحرية الأمريكية المصرى مصطفى أحمد عواد اعترف يوم الاثنين (15 يونيو 2015)، بأنه حاول تسريب رسوم لحاملة طائرات عسكرية جديدة إلى مصر، وهو المخطط الذى قالت الجريدة إنه تم إحباطه لأن المهندس كان يتواصل مع عميل متخف للـ«إف بى إيه»!
«واشنطن بوست» قالت إن عواد البالغ من العمر 36 عاماً والمقيم فى «يورك تاون» بولاية فيرجينيا، اعترف بالواقعة أمام المحكمة الفيدرالية فى نورفولك.. واعترف أنه قدم الرسوم إلى مصر!
واعترف أنه عندما ذهب إلى السفارة المصرية للتنازل عن جنسيته المصرية حتى يتمكن من الحصول على تصريح أمنى أمريكى، تحدث إلى شخص هناك عن احتمال نقل التكنولوجيا النووية إلى مصر.
وطبقاً لشهادة السلطات الفيدرالية، فإن عواد استخدم بريداً إلكترونياً مشفراً، لإخفاء ما يقوم به، وقال للعميل المتخفى إنه أراد أن يستخدم موقعه للمساعدة فى تقديم التكنولوجيا العسكرية إلى مصر، وتحدث أيضاً عن الأماكن التى يمكن إطلاق النار فيها على حاملة الطائرات من أجل إغراقها، وهو تهديد خطير لأمن حاملة الطائرات التى وصفها مسئولون أمريكيون بـ«أعجوبة تكنولوجية».
من المذكرة القضائية الأمريكية، نعرف أن مصطفى أحمد عواد مصرى الأصل، مولود فى السعودية، وتزوج من مواطنة أمريكية فى القاهرة سنة 2007 وبعدها حصل على الجنسية الأمريكية. وأنه عمل مهندساً فى قسم التخطيط والهندسة النووية الخاص ببناء السفن فى «نورفولك». وأن لديه تصريحاً أمنياً سرياً.
وعن جيمس بروكوليتى محامى عواد، نقلت «واشنطن بوست» أن موكله كان يعمل من الناحية الفنية فى السفينة، وأن المواد التى قدمها للعميل المتنكر، ليست سرية. وقال إن موكله قبل الاتفاق بالاعتراف بالذنب، لتخفيض العقوبة طبقاً لما تدعو إليه المبادئ الفيدرالية.. وقال «قررنا أنه من مصلحته قبول الاتفاق بدلاً من المخاطرة بمحاكمة».
مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى «إف بى آى» كان قد ألقى القبض على عواد يوم الجمعة 5 ديسمبر الماضى، بعد أن تم اتهامه بسرقة تصميمات حاملة الطائرات النووية «يو إس إس جيرالد آر فورد» الجارى بناؤها ودخولها الخدمة لسلاح البحرية فى عام 2016 وقيامه بتسليمها إلى عميل سرى فى الشرطة الفيدرالية الأمريكية، ادعى أنه ضابط فى المخابرات المصرية، يسعى للحصول على بيانات عسكرية سرية، ومناقشة كيفية غرق الحاملة بالصواريخ، وتحديد أفضل مكان لضرب الصاروخ وتدمير الحاملة!
وطبقاً لبيان صدر عن وزارة العدل الأمريكية، فإن «عواد» قال للعميل السرى، الذى اعتقد أنه مسئول كبير فى المخابرات المصرية إنه يعتزم استخدام موقعه كرجل موضع ثقة فى سلاح البحرية الأمريكى لكى يحصل على تكنولوجيا عسكرية متقدمة تستفيد منها الحكومة المصرية.
وبناء على ذلك تم توجيه اتهامات لـ«عواد» بمحاولة تصدير معدات دفاعية وبيانات فنية ورسومات لحاملة الطائرات خلال اجتماعات سرية بينه وبين المندوب السرى لمكتب التحقيقات الفيدرالية فى فندق محلى وحديقة «هامبتون ساندى بوتم بارك» وهما تهمتان تصل العقوبة فى كل منهما إلى السجن لمدة 20 عاماً.
قبل إلقاء القبض عليه، كان عواد يعيش مع زوجته وطفليه فى منزل للإيجار بالقرب من الطريق السريع الذى يحمل اسم «جورج واشنطن»، وهو المنزل الذى أحيط فجأة بعدد كبير من السيارات الضخمة المزودة بالأسلحة، نزل منها رجال مكتب التحقيقات الفيدرالية، الذين قاموا بتفتيش المنزل والتحفظ على أجهزة الكومبيوتر الخاصة بعواد وبأسرته، قبل أن يقوموا بإلقاء القبض عليه.
ومن التفاصيل نعرف أن عواد يمتلك سيارتين «بى إم دبليو« سوداء موديل 2001 و«ميركورى ماونتينير» موديل تان 2002 وأن السيارتين فى مكانهما منذ القبض عليه!
من التفاصيل، نعرف أيضا أن «عواد» درس فى جامعة «أولد دومينيون» بـ«نورفولك»، وأنه تخرج فى ديسمبر 2013 وحصل على درجة البكالوريوس فى الهندسة الكهربائية. وأنه أعد مذكرة بحثية متعمقة أثناء دراسته عن «التكامل والتطوير» فى نظام دعم الحياة لأنسجة القلب، أشرف عليها أستاذه فى المشروع «كريستيان زيملن».
وطبقاً، لما أمام المحكمة، من وثائق، فإن سجلات البحرية الأمريكية تقول إن «عواد» تقدم بطلب للعمل فى وظيفة مهندس مدنى بالبحرية الأمريكية، فى مجال الهندسة النووية والتخطيط، بقاعدة «نورفولك» البحرية مطلع شهر فبراير 2014 وأنه تم قبول طلبه، وحصل على الموافقة والتصريح الأمنى بالوصول إلى معلومات سرية خاصة بحاملة الطائرات العملاقة، من الجهات الأمنية المختصة، ومكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى «إف بى آى» فى أغسطس 2014. وهو ما أتاح له الوصول إلى معلومات بشأن تصميم وتطوير وصيانة وإصلاح محطات الدفع على متن السفن التى تعمل بالطاقة النووية. وأتاح له أيضاً معرفة أدق تفاصيل حاملة الطائرات النووية «يو إس إس جيرالد آر فورد» التى تكلف إنشاؤها نحو 13 مليار دولار، ومن المنتظر تسليمها إلى القوات البحرية سنة 2016 وتشمل مفاعلاً نووياً جديداً ينتج ما يقترب من ثلاثة أضعاف الطاقة الكهربائية، وتشمل السفينة أيضاً أنظمة جديدة لإطلاق وهبوط الطائرات.
ومن المتحدث الرسمى باسم البحرية الأمريكية، عرفنا أن حاملة الطائرات «يو إس إس فورد» هى أحدث السفن الرائدة والعملاقة للناقلات البحرية الأمريكية، وأن ارتفاعها 25 دوراً، وأن مساحتها تساوى ثلاثة ملاعب كرة قدم!
ومن الأميرال المتقاعد «فريد ميتز» رئيس برنامج الناقلات والمحطات الجوية البحرية الأسبق، عرفنا أن إعلان معلومات عن الناقلة فورد أمر خطير للغاية، وأن الأسوأ هو إعلان مستندات عن أسرار وتصميم الناقلة، لأن تصميم حاملة الطائرات «يو إس إس فورد» به مجموعة معقدة وهائلة من التكنولوجيا الجديدة التى لم نرها من قبل فى البحرية الأمريكيةّ!
والوضع بهذا الشكل، يكون طبيعياً أن يراقب البيت الأبيض والبنتاجون التطورات والتحقيقات فى هذه القضية باهتمام بالغ، لمعرفة حجم ما حصل عليه المهندس المصرى من معلومات، ودائرة اتصالاته، وهل من الممكن أن تكون نسخة من تلك المعلومات قد وصلت إلى أطراف مصرية أم لا؟!
هناك أيضاً قلق وانزعاج كبيران فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» ومكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى «إف بى آى» من اكتشافهم إمكانية تسريب معلومات عسكرية حساسة ومهمة وخطيرة للبحرية الأمريكية.
هذا القلق يمكن استنتاجه من التقليب فى الوثائق، التى تضم تصميمات حاملة الطائرات النووية «يو إس إس جيرالد آر فورد» التى أكد موقع «بيزنس إنسايدر» أن عواد لديه معلومات وتصورات كاملة عن أفضل مكان لضربها وإغراقها.
تفاصيل مذكرة الاتهام الخاصة بـ«عواد»، التى قدمها العميل السرى «جيمس بليتزر» إلى المحكمة، تقول إنه فى 18 سبتمبر 2014 الماضى اتصل عميل مكتب التحقيقات الفيدرالية السرى، وهو يتحدث باللغة العربية بـ«عواد»، وقال إن اسمه يوسف، من واشنطن، وطلب لقاءه فى متنزه عام فى «هامبتون»، دون أى أسئلة أو طلب معلومات إضافية، ووافق عواد على اللقاء، بحسب الإقرار الخطى، الذى قدمه العميل السرى. وصباح اليوم التالى 19 سبتمبر 2014، فى الساعة 7:30 صباحاً، قابل عواد العميل السرى فى منتزه «ساندى بوتوم» فى هامبتون، وجاء عواد وهو يقود سيارته الـ«بى إم دبليو« موديل 2001، وقدم العميل نفسه لـ«عواد» على أنه ضابط فى المخابرات المصرية، وتحدثا لمدة 90 دقيقة، عن الولايات المتحدة وتكنولوجيا الرادارات الأمريكية، وحاملات الطائرات والغواصات الباليستية والنووية، كما ناقشا كيف سيتبادلان الوثائق والمال فى أماكن سرية.
وأخبر عواد العميل السرى أنه ينوى عمل نسخة من تكنولوجيا تصنيع حاملة الطائرات الأمريكية الجديدة «يو إس إس جيرالد آر فورد» على أسطوانة مدمجة «سى دى» ليقدمها للحكومة المصرية. واتفق عواد على إجراء اتصالات سرية مع العميل عن طريق البريد الإلكترونى والتليفونات العامة بالشوارع، بالإضافة إلى تليفونات غير مسجلة باسمه.
بعدها قام العميل الأمريكى بتدريب عواد على كيفية العمل بسرية دون الوقوع تحت طائلة القانون، ونصحه بأن يرسل رسالته تحت عنوان «مريض Sick» فى الحالات الطارئة.
وفى 2 أكتوبر 2014، وقبل موعد تنفيذ العملية، فشل عواد فى الوصول إلى الموقع، وفى تمام الساعة 9:19 دقيقة من صباح اليوم نفسه، أرسل عواد بريداً إلكترونياً إلى يوسف، مستخدماً اسماً مستعاراً يدعى «كاثى جين» وكتب فى رسالته، حسب المتفق عليه، «مريض»، فى إشارة إلى الوضع الطارئ الذى يحيط به. وفى اليوم التالى (3 أكتوبر 2014) أخبر عواد فى اتصال تليفونى مع يوسف أنه يريد مقابلته فى فندق بالمنطقة لإخباره بعدة أشياء، وتقرر أن يكون اللقاء فى 9 أكتوبر 2014، كما طلب عواد من يوسف أن يحضر له جهاز كمبيوتر «لاب توب» و«هارد ديسك» وخط تليفون بنظام «المدفوع مقدماً».
وفى 9 أكتوبر 2014، وفى تمام الساعة 5:30 تقابل عواد ويوسف، وعرض خطته بشأن تسريب معلومات عن تصنيع حاملة الطائرات الأمريكية، كما سلمه التصميمات الهندسية الخاصة بها. كما تم الاتفاق على أن يحصل عواد على جواز سفر مصرى حتى لا يضطر لإخطار السلطات الأمريكية، بموعد سفره إلى مصر، إضافة إلى إضفاء مزيد من السرية على تحركاته.
وفى 10 أكتوبر 2014، راجع مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية الرسومات الهندسية والمعلومات العسكرية السرية التى قدمها لهم عواد، وكلها مكتوب عليها العبارة التالية: «تحذير: هذه الوثيقة تحتوى على معلومات تقنية محظور تداولها طبقًا للقوانين العسكرية الأمريكية، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية»، كما أنها مختومة بكلمة: «NOFORN»، التى تعنى أن تلك الوثائق يُحظر إعطاؤها أو توزيعها على مواطنين غير أمريكيين. وفى 22 أكتوبر 2014، تلقى يوسف اتصالاً تليفونياً من عواد أخبره فيه بموعد جديد للمقابلة هو يوم 23 أكتوبر 2014 فى حديقة عامة، للحصول على جواز السفر والـ«هارد ديسك» الذى يحتوى على معلومات خاصة بالبحرية الأمريكية يحظر تداولها، على أن يكون اللقاء ما بين الساعة الـ8 والـ11 صباحاً.
وفى 23 أكتوبر 2014، سافر عواد إلى هامبتون، حسب الخطة المتفق عليها مسبقاً، وترك الـ«هارد ديسك»، الذى يحوى المعلومات السرية، فى حفرة مغطاة بأعشاب كان بها 3 آلاف دولار وصورتا جواز سفر. وبعد انتهاء اللقاء الساعة 10.30 صباحاً، وعقب مغادرة عواد للحديقة حصل رجال مكتب التحقيقات الفيدرالية على المحتويات الموجودة بـالـ«هارد ديسك». وفى اليوم نفسه، قام مكتب التحقيقات الفيدرالية بمراجعة محتويات الـ«هارديسك»، الذى كان يحتوى على 6 تصميمات هندسية، وكانت جميعها تحمل نفس عبارة التحذير: «NOFORN». وفى 19 نوفمبر 2014، توصل مكتب التحقيقات الفيدرالية إلى أن عواد لا يملك صلاحية أو رخصة من السلطات الأمريكية تجيز له نسخ تلك المعلومات والتصميمات الهندسية بحاملة الطائرات الأمريكية، وبعد ذلك أرسل المكتب تلك التصميمات إلى المسئول عن حاملة الطائرات فى البحرية الأمريكية، التى تبين أنها تحوى معلومات عن نظام التسليح الخاص بها. وفى 28 نوفمبر 2014، شوهد عواد، الذى كان تحت المراقبة، وهو يدخل إلى مكتبه بقاعدة «نورفولك» البحرية، ويحمل فى يده حافظة لوحات «رول» مقاسها 3 أقدام، حيث أخرج منها بعض الأوراق الخاصة بالتصميمات العسكرية وأنظمة التسليح، ثم فردها على أرض المكتب وصوّرها أكثر من لقطة بكاميرا صغيرة الحجم. وبعد مرور 45 دقيقة، أعاد عواد كل شىء إلى مكانه وخرج من المكتب ثم غادر المبنى بعد دقيقتين من التجول فى طرقاته.
وبناء على كل ما سبق، انتهت مذكرة الاتهام بأن مصطفى عواد حاول تسريب معلومات عسكرية تخص الولايات المتحدة الأمريكية إلى دولة أجنبية وأن للمحكمة الحق فى مساءلته.
وبالفعل، قامت محكمة نورفولك الاتحادية بالولايات المتحدة فى 11 ديسمبر 2014 بالنظر فى أولى جلسات القضية وذكرت «واشنطن بوست» أن مساعد المدعى الأمريكى قال إن «الأدلة تبين أن عواد رجل لديه انتماء قوى لوطنه مصر»، وزعمت الجريدة أن المتهم طلب من والدته «اختطاف» طفليه لتربيتهما فى مصر إذا تعرضت حياته للخطر، وأنه وصف زوجته بأنها «مشكلة»! وهو الوصف الذى فسرته الجريدة الأمريكية بأن الزوجة لم تكن تعلم شيئاً عن العملية التى يقوم بها إضافة إلى أنها لن تدعم موقفه. وهو ما أشار إليه موقع «هامبتون رودز» الأمريكى، الذى ذكر أنه خلال نظر المحكمة قضية عواد حضرت زوجته الجلسة، رافضة التعليق على القضية، حيث جلست على بعد خطوات منه، فيما أشار موقع «ديلى برس» الأمريكى إلى حضورها وبجوارها أمها وسيدة أخرى، ثم غادرت القاعة بسرعة عقب انتهاء الجلسة.
«هامبتون رودز»، أوضح أن عواد لم ينظر إلى زوجته طوال جلسة الاستماع، الأمر الذى اعتبره الموقع «تناقضاً»، لأن «عواد» كما ذكر الموقع، لديه طفلان، أحدهما يبلغ من العمر عامين والآخر 11 شهراً.
وطبقاً لما قاله ممثلو الادعاء فعواد فضّل عدم الالتحاق بوظيفة فى شركة «لوكهيد مارتن» التى كانت ستدر له دخلاً سنوياً قيمته 95 ألف دولار، حتى يتمكن من العمل فى البحرية الأمريكية لتحقيق هدفه، وهو سرقة تلك المعلومات السرية!
وذكر الموقع الأمريكى أن شهادة خطية من «إف. بى. آى» تشير إلى أن «عواد» سلم العميل الفيدرالى أكثر من 10 رسومات خاصة بتصميمات حاملة الطائرات النووية الأمريكية «فورد»، كاشفاً له عن أفضل مكان لضربها بصاروخ وإغراقها، قائلاً له: «أريد أن أعطى لبلدى تلك التكنولوجيا».
ونقل الموقع الأمريكى عن ممثل الادعاء أن «عواد» أخبر العميل السرى الفيدرالى بأنه يرى نفسه مواطناً مصرياً رغم تنازله عن جواز سفره المصرى، مبلغاً إياه بأنه سيقدم أقصى ما يستطيع لخدمة بلده مصر بتسليمها الرسومات الخاصة بحاملة الطائرات النووية.
وبحسب مساعد المدعى الأمريكى فإن مكتب التحقيقات الفيدرالية قرر الاتصال بـ«عواد» بعد رصد دخوله إلى مقر السفارة المصرية بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث عرض عليهم مساعدة الحكومة المصرية بالمعلومات السرية التى لديه. وادعى مساعد المدعى الأمريكى أن «عواد» أخبر العميل السرى بأن «لديه صلات بمسئولين فى السفارة المصرية بواشنطن، الذين أكدت التحقيقات أن أسماء المذكورين فى المحادثات حقيقية وموظفون بالفعل فى السفارة». وأضاف مساعد المدعى الأمريكى: «عواد أبلغ العميل السرى أن مسئولى السفارة المصرية وافقوا على إعادة منحه الجنسية المصرية التى تنازل عنها للحصول على الجنسية الأمريكية فى مقابل المعلومات التى سيمد بها السفارة عن حاملة الطائرات النووية»، وفقًا لـ«ديلى برس».
كما أخبر «عواد» العميل السرى بأنه سيتواصل معه عبر رسائل البريد الإلكترونى «المشفرة»، التى لن تستطيع الولايات المتحدة فك شفرتها إلا بعد «10 سنوات»، طالباً منه عمل 24 حساباً بريدياً إلكترونياً بأسماء مختلفة، وأن يرسل له رسالة واحدة فقط من البريد الإلكترونى ثم يحذف الحساب بعدها، حسبما قال المدعى الأمريكى.
واتفق «عواد» مع العميل السرى على أن يرسل له المعلومات المهمة داخل محتوى البريد الإلكترونى مع إرفاق مستندين دون أهمية للإفلات من المراقبة، مضيفاً أنه «حال اكتشاف أمرى سيتم قتلى لأن تلك المعلومات فى غاية السرية».
ووصف مساعد المدعى الأمريكى «عواد» بـ«القرصان البارع»، مضيفاً أن المتهم أبلغ العميل السرى فى أول لقاء بينهما بأنه استطاع جمع كثير من المعلومات السرية من جهاز الكمبيوتر الخاص بالقاعدة البحرية «نورفولك» لعدة شهور دون أن يشعر به أحد. وكشف مساعد المدعى الأمريكى أن المحققين سجلوا جميع المحادثات التى تمت بين عواد والعميل السرى، بالإضافة إلى محادثاته مع والدته فى مصر، بعدما قدم ممثلو الادعاء إخطاراً يفيد بطلب العملاء الفيدراليين الحصول على مساعدة تجيز لهم إجراء عمليات تفتيش غير محددة والمراقبة الإلكترونية، استناداً إلى قانون مراقبة أجهزة المخابرات الأجنبية.
وحسب موقع «ديلى برس» قال القاضى إن عواد «يمثل خطراً جسيماً على الولايات المتحدة»، بعدما طالبه ممثلو الادعاء بعدم إطلاق سراحه. وعرض مساعد المدعى الأمريكى تفاصيل المحادثات التى دارت بين عواد والعميل السرى، مشيراً إلى أنه تم تسجيلها بالصوت والصورة لكنه لم يعرضها فى قاعة المحكمة، معلقاً عليها بوصفه: «تقشعر لها الأبدان».
وأشار «ديلى برس» إلى أن «عواد» تحدث فى التسجيلات عن كيفية إغراق حاملة الطائرات النووية، قائلاً: «لو لم نستطع صنع واحدة مثلها فى مصر فبإمكاننا ضربها وإغراقها».
وذكر مساعد المدعى الأمريكى أن «عواد» أخبر العميل السرى بمكان مخزن القنابل الخاص بحاملة الطائرات النووية لاستهدافه، فضلاً عن حديثه عن الأجزاء، التى تسمح بالطفو وكيفية تدميرها لإغراقها.
كما أخبر «عواد» العميل السرى عن كيفية زرع برامج تنصت داخل الغواصات عندما تأتى إلى القاعدة البحرية لإجراء صيانتها الدورية، مضيفاً: «بعد سنوات سيكون لدينا أجهزة تنصت فى كل غواصة أمريكية»، وفقاً لما ذكره مساعد المدعى الأمريكى.
موقع «Defense News» العسكرى الأمريكى، علق على القضية بقوله إن مصر ليس لديها حاملات طائرات ولا سفن نووية.
ونقل الموقع الذى يشارك فى إدارته قادة عسكريون بيانات وتصميمات لحاملة الطائرات النووية USS Gerald Ford»، أغلبها تحمل علامة NOFORN وغير مسموح حتى للعسكريين الأمريكيين برؤيتها!
تلك هى القصة من الألف إلى الياء..
مواطن مصرى، استغل الأمريكيون انتماءه لوطنه فأوقعوا به، أو لنقل إنهم نصبوا له فخاً ليختبروا هل ينتصر ولاؤه لمصر على ولائه للولايات المتحدة أم العكس؟! وكانت الإجابة واضحة وقاطعة، بشكل يدفعنا لمطالبة السلطات المصرية بالتدخل وبذل قصارى جهدها لاستعادة مصطفى أحمد عواد، وتخليصه من قبضة الأمريكيين، تماماً، كما يفعل الأمريكيون مع مواطنيهم الذين يتم إلقاء القبض عليهم فى أى دولة فى العالم ومن بينها مصر.
وليس بعيداً عن الأذهان قصة ذلك الإخوانى محمد صلاح سلطان أمريكى الجنسية الذى استماتت الولايات المتحدة وسخرت كل أجهزتها وإمكانياتها لاستعادته، وتخليصه من حكم بالمؤبد أصدرته ضده محكمة مصرية، بعد ارتكابه لجرائم ثابتة فيما عُرف بغرفة عمليات رابعة. إضافة إلى كونه نجل أحد قيادات تنظيم الإخوان الإرهابى الذى ينتظر تنفيذ حكم الإعدام ضده.
لقد أعطى قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 140 لسنة 2014، الحق لرئيس الجمهورية فى تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة المقضى بها بحسب الأحوال، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك.
وتطبيقاً لقاعدة أو لمبدأ المعاملة بالمثل، يكون على السلطات المصرية أن تطالب الإدارة الأمريكية بأن تسلمنا «مصطفى أحمد عواد»، وإلا يكون استثناء متهمى الولايات المتحدة من القانون واجباً.
فى تقرير، نشرته الثلاثاء الماضى، زعمت جريدة «واشنطن بوست» ذلك!
زعمت أن مهندس البحرية الأمريكية المصرى مصطفى أحمد عواد اعترف يوم الاثنين (15 يونيو 2015)، بأنه حاول تسريب رسوم لحاملة طائرات عسكرية جديدة إلى مصر، وهو المخطط الذى قالت الجريدة إنه تم إحباطه لأن المهندس كان يتواصل مع عميل متخف للـ«إف بى إيه»!
«واشنطن بوست» قالت إن عواد البالغ من العمر 36 عاماً والمقيم فى «يورك تاون» بولاية فيرجينيا، اعترف بالواقعة أمام المحكمة الفيدرالية فى نورفولك.. واعترف أنه قدم الرسوم إلى مصر!
واعترف أنه عندما ذهب إلى السفارة المصرية للتنازل عن جنسيته المصرية حتى يتمكن من الحصول على تصريح أمنى أمريكى، تحدث إلى شخص هناك عن احتمال نقل التكنولوجيا النووية إلى مصر.
وطبقاً لشهادة السلطات الفيدرالية، فإن عواد استخدم بريداً إلكترونياً مشفراً، لإخفاء ما يقوم به، وقال للعميل المتخفى إنه أراد أن يستخدم موقعه للمساعدة فى تقديم التكنولوجيا العسكرية إلى مصر، وتحدث أيضاً عن الأماكن التى يمكن إطلاق النار فيها على حاملة الطائرات من أجل إغراقها، وهو تهديد خطير لأمن حاملة الطائرات التى وصفها مسئولون أمريكيون بـ«أعجوبة تكنولوجية».
من المذكرة القضائية الأمريكية، نعرف أن مصطفى أحمد عواد مصرى الأصل، مولود فى السعودية، وتزوج من مواطنة أمريكية فى القاهرة سنة 2007 وبعدها حصل على الجنسية الأمريكية. وأنه عمل مهندساً فى قسم التخطيط والهندسة النووية الخاص ببناء السفن فى «نورفولك». وأن لديه تصريحاً أمنياً سرياً.
وعن جيمس بروكوليتى محامى عواد، نقلت «واشنطن بوست» أن موكله كان يعمل من الناحية الفنية فى السفينة، وأن المواد التى قدمها للعميل المتنكر، ليست سرية. وقال إن موكله قبل الاتفاق بالاعتراف بالذنب، لتخفيض العقوبة طبقاً لما تدعو إليه المبادئ الفيدرالية.. وقال «قررنا أنه من مصلحته قبول الاتفاق بدلاً من المخاطرة بمحاكمة».
مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى «إف بى آى» كان قد ألقى القبض على عواد يوم الجمعة 5 ديسمبر الماضى، بعد أن تم اتهامه بسرقة تصميمات حاملة الطائرات النووية «يو إس إس جيرالد آر فورد» الجارى بناؤها ودخولها الخدمة لسلاح البحرية فى عام 2016 وقيامه بتسليمها إلى عميل سرى فى الشرطة الفيدرالية الأمريكية، ادعى أنه ضابط فى المخابرات المصرية، يسعى للحصول على بيانات عسكرية سرية، ومناقشة كيفية غرق الحاملة بالصواريخ، وتحديد أفضل مكان لضرب الصاروخ وتدمير الحاملة!
وطبقاً لبيان صدر عن وزارة العدل الأمريكية، فإن «عواد» قال للعميل السرى، الذى اعتقد أنه مسئول كبير فى المخابرات المصرية إنه يعتزم استخدام موقعه كرجل موضع ثقة فى سلاح البحرية الأمريكى لكى يحصل على تكنولوجيا عسكرية متقدمة تستفيد منها الحكومة المصرية.
وبناء على ذلك تم توجيه اتهامات لـ«عواد» بمحاولة تصدير معدات دفاعية وبيانات فنية ورسومات لحاملة الطائرات خلال اجتماعات سرية بينه وبين المندوب السرى لمكتب التحقيقات الفيدرالية فى فندق محلى وحديقة «هامبتون ساندى بوتم بارك» وهما تهمتان تصل العقوبة فى كل منهما إلى السجن لمدة 20 عاماً.
قبل إلقاء القبض عليه، كان عواد يعيش مع زوجته وطفليه فى منزل للإيجار بالقرب من الطريق السريع الذى يحمل اسم «جورج واشنطن»، وهو المنزل الذى أحيط فجأة بعدد كبير من السيارات الضخمة المزودة بالأسلحة، نزل منها رجال مكتب التحقيقات الفيدرالية، الذين قاموا بتفتيش المنزل والتحفظ على أجهزة الكومبيوتر الخاصة بعواد وبأسرته، قبل أن يقوموا بإلقاء القبض عليه.
ومن التفاصيل نعرف أن عواد يمتلك سيارتين «بى إم دبليو« سوداء موديل 2001 و«ميركورى ماونتينير» موديل تان 2002 وأن السيارتين فى مكانهما منذ القبض عليه!
من التفاصيل، نعرف أيضا أن «عواد» درس فى جامعة «أولد دومينيون» بـ«نورفولك»، وأنه تخرج فى ديسمبر 2013 وحصل على درجة البكالوريوس فى الهندسة الكهربائية. وأنه أعد مذكرة بحثية متعمقة أثناء دراسته عن «التكامل والتطوير» فى نظام دعم الحياة لأنسجة القلب، أشرف عليها أستاذه فى المشروع «كريستيان زيملن».
وطبقاً، لما أمام المحكمة، من وثائق، فإن سجلات البحرية الأمريكية تقول إن «عواد» تقدم بطلب للعمل فى وظيفة مهندس مدنى بالبحرية الأمريكية، فى مجال الهندسة النووية والتخطيط، بقاعدة «نورفولك» البحرية مطلع شهر فبراير 2014 وأنه تم قبول طلبه، وحصل على الموافقة والتصريح الأمنى بالوصول إلى معلومات سرية خاصة بحاملة الطائرات العملاقة، من الجهات الأمنية المختصة، ومكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى «إف بى آى» فى أغسطس 2014. وهو ما أتاح له الوصول إلى معلومات بشأن تصميم وتطوير وصيانة وإصلاح محطات الدفع على متن السفن التى تعمل بالطاقة النووية. وأتاح له أيضاً معرفة أدق تفاصيل حاملة الطائرات النووية «يو إس إس جيرالد آر فورد» التى تكلف إنشاؤها نحو 13 مليار دولار، ومن المنتظر تسليمها إلى القوات البحرية سنة 2016 وتشمل مفاعلاً نووياً جديداً ينتج ما يقترب من ثلاثة أضعاف الطاقة الكهربائية، وتشمل السفينة أيضاً أنظمة جديدة لإطلاق وهبوط الطائرات.
ومن المتحدث الرسمى باسم البحرية الأمريكية، عرفنا أن حاملة الطائرات «يو إس إس فورد» هى أحدث السفن الرائدة والعملاقة للناقلات البحرية الأمريكية، وأن ارتفاعها 25 دوراً، وأن مساحتها تساوى ثلاثة ملاعب كرة قدم!
ومن الأميرال المتقاعد «فريد ميتز» رئيس برنامج الناقلات والمحطات الجوية البحرية الأسبق، عرفنا أن إعلان معلومات عن الناقلة فورد أمر خطير للغاية، وأن الأسوأ هو إعلان مستندات عن أسرار وتصميم الناقلة، لأن تصميم حاملة الطائرات «يو إس إس فورد» به مجموعة معقدة وهائلة من التكنولوجيا الجديدة التى لم نرها من قبل فى البحرية الأمريكيةّ!
والوضع بهذا الشكل، يكون طبيعياً أن يراقب البيت الأبيض والبنتاجون التطورات والتحقيقات فى هذه القضية باهتمام بالغ، لمعرفة حجم ما حصل عليه المهندس المصرى من معلومات، ودائرة اتصالاته، وهل من الممكن أن تكون نسخة من تلك المعلومات قد وصلت إلى أطراف مصرية أم لا؟!
هناك أيضاً قلق وانزعاج كبيران فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» ومكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى «إف بى آى» من اكتشافهم إمكانية تسريب معلومات عسكرية حساسة ومهمة وخطيرة للبحرية الأمريكية.
هذا القلق يمكن استنتاجه من التقليب فى الوثائق، التى تضم تصميمات حاملة الطائرات النووية «يو إس إس جيرالد آر فورد» التى أكد موقع «بيزنس إنسايدر» أن عواد لديه معلومات وتصورات كاملة عن أفضل مكان لضربها وإغراقها.
تفاصيل مذكرة الاتهام الخاصة بـ«عواد»، التى قدمها العميل السرى «جيمس بليتزر» إلى المحكمة، تقول إنه فى 18 سبتمبر 2014 الماضى اتصل عميل مكتب التحقيقات الفيدرالية السرى، وهو يتحدث باللغة العربية بـ«عواد»، وقال إن اسمه يوسف، من واشنطن، وطلب لقاءه فى متنزه عام فى «هامبتون»، دون أى أسئلة أو طلب معلومات إضافية، ووافق عواد على اللقاء، بحسب الإقرار الخطى، الذى قدمه العميل السرى. وصباح اليوم التالى 19 سبتمبر 2014، فى الساعة 7:30 صباحاً، قابل عواد العميل السرى فى منتزه «ساندى بوتوم» فى هامبتون، وجاء عواد وهو يقود سيارته الـ«بى إم دبليو« موديل 2001، وقدم العميل نفسه لـ«عواد» على أنه ضابط فى المخابرات المصرية، وتحدثا لمدة 90 دقيقة، عن الولايات المتحدة وتكنولوجيا الرادارات الأمريكية، وحاملات الطائرات والغواصات الباليستية والنووية، كما ناقشا كيف سيتبادلان الوثائق والمال فى أماكن سرية.
وأخبر عواد العميل السرى أنه ينوى عمل نسخة من تكنولوجيا تصنيع حاملة الطائرات الأمريكية الجديدة «يو إس إس جيرالد آر فورد» على أسطوانة مدمجة «سى دى» ليقدمها للحكومة المصرية. واتفق عواد على إجراء اتصالات سرية مع العميل عن طريق البريد الإلكترونى والتليفونات العامة بالشوارع، بالإضافة إلى تليفونات غير مسجلة باسمه.
بعدها قام العميل الأمريكى بتدريب عواد على كيفية العمل بسرية دون الوقوع تحت طائلة القانون، ونصحه بأن يرسل رسالته تحت عنوان «مريض Sick» فى الحالات الطارئة.
وفى 2 أكتوبر 2014، وقبل موعد تنفيذ العملية، فشل عواد فى الوصول إلى الموقع، وفى تمام الساعة 9:19 دقيقة من صباح اليوم نفسه، أرسل عواد بريداً إلكترونياً إلى يوسف، مستخدماً اسماً مستعاراً يدعى «كاثى جين» وكتب فى رسالته، حسب المتفق عليه، «مريض»، فى إشارة إلى الوضع الطارئ الذى يحيط به. وفى اليوم التالى (3 أكتوبر 2014) أخبر عواد فى اتصال تليفونى مع يوسف أنه يريد مقابلته فى فندق بالمنطقة لإخباره بعدة أشياء، وتقرر أن يكون اللقاء فى 9 أكتوبر 2014، كما طلب عواد من يوسف أن يحضر له جهاز كمبيوتر «لاب توب» و«هارد ديسك» وخط تليفون بنظام «المدفوع مقدماً».
وفى 9 أكتوبر 2014، وفى تمام الساعة 5:30 تقابل عواد ويوسف، وعرض خطته بشأن تسريب معلومات عن تصنيع حاملة الطائرات الأمريكية، كما سلمه التصميمات الهندسية الخاصة بها. كما تم الاتفاق على أن يحصل عواد على جواز سفر مصرى حتى لا يضطر لإخطار السلطات الأمريكية، بموعد سفره إلى مصر، إضافة إلى إضفاء مزيد من السرية على تحركاته.
وفى 10 أكتوبر 2014، راجع مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية الرسومات الهندسية والمعلومات العسكرية السرية التى قدمها لهم عواد، وكلها مكتوب عليها العبارة التالية: «تحذير: هذه الوثيقة تحتوى على معلومات تقنية محظور تداولها طبقًا للقوانين العسكرية الأمريكية، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية»، كما أنها مختومة بكلمة: «NOFORN»، التى تعنى أن تلك الوثائق يُحظر إعطاؤها أو توزيعها على مواطنين غير أمريكيين. وفى 22 أكتوبر 2014، تلقى يوسف اتصالاً تليفونياً من عواد أخبره فيه بموعد جديد للمقابلة هو يوم 23 أكتوبر 2014 فى حديقة عامة، للحصول على جواز السفر والـ«هارد ديسك» الذى يحتوى على معلومات خاصة بالبحرية الأمريكية يحظر تداولها، على أن يكون اللقاء ما بين الساعة الـ8 والـ11 صباحاً.
وفى 23 أكتوبر 2014، سافر عواد إلى هامبتون، حسب الخطة المتفق عليها مسبقاً، وترك الـ«هارد ديسك»، الذى يحوى المعلومات السرية، فى حفرة مغطاة بأعشاب كان بها 3 آلاف دولار وصورتا جواز سفر. وبعد انتهاء اللقاء الساعة 10.30 صباحاً، وعقب مغادرة عواد للحديقة حصل رجال مكتب التحقيقات الفيدرالية على المحتويات الموجودة بـالـ«هارد ديسك». وفى اليوم نفسه، قام مكتب التحقيقات الفيدرالية بمراجعة محتويات الـ«هارديسك»، الذى كان يحتوى على 6 تصميمات هندسية، وكانت جميعها تحمل نفس عبارة التحذير: «NOFORN». وفى 19 نوفمبر 2014، توصل مكتب التحقيقات الفيدرالية إلى أن عواد لا يملك صلاحية أو رخصة من السلطات الأمريكية تجيز له نسخ تلك المعلومات والتصميمات الهندسية بحاملة الطائرات الأمريكية، وبعد ذلك أرسل المكتب تلك التصميمات إلى المسئول عن حاملة الطائرات فى البحرية الأمريكية، التى تبين أنها تحوى معلومات عن نظام التسليح الخاص بها. وفى 28 نوفمبر 2014، شوهد عواد، الذى كان تحت المراقبة، وهو يدخل إلى مكتبه بقاعدة «نورفولك» البحرية، ويحمل فى يده حافظة لوحات «رول» مقاسها 3 أقدام، حيث أخرج منها بعض الأوراق الخاصة بالتصميمات العسكرية وأنظمة التسليح، ثم فردها على أرض المكتب وصوّرها أكثر من لقطة بكاميرا صغيرة الحجم. وبعد مرور 45 دقيقة، أعاد عواد كل شىء إلى مكانه وخرج من المكتب ثم غادر المبنى بعد دقيقتين من التجول فى طرقاته.
وبناء على كل ما سبق، انتهت مذكرة الاتهام بأن مصطفى عواد حاول تسريب معلومات عسكرية تخص الولايات المتحدة الأمريكية إلى دولة أجنبية وأن للمحكمة الحق فى مساءلته.
وبالفعل، قامت محكمة نورفولك الاتحادية بالولايات المتحدة فى 11 ديسمبر 2014 بالنظر فى أولى جلسات القضية وذكرت «واشنطن بوست» أن مساعد المدعى الأمريكى قال إن «الأدلة تبين أن عواد رجل لديه انتماء قوى لوطنه مصر»، وزعمت الجريدة أن المتهم طلب من والدته «اختطاف» طفليه لتربيتهما فى مصر إذا تعرضت حياته للخطر، وأنه وصف زوجته بأنها «مشكلة»! وهو الوصف الذى فسرته الجريدة الأمريكية بأن الزوجة لم تكن تعلم شيئاً عن العملية التى يقوم بها إضافة إلى أنها لن تدعم موقفه. وهو ما أشار إليه موقع «هامبتون رودز» الأمريكى، الذى ذكر أنه خلال نظر المحكمة قضية عواد حضرت زوجته الجلسة، رافضة التعليق على القضية، حيث جلست على بعد خطوات منه، فيما أشار موقع «ديلى برس» الأمريكى إلى حضورها وبجوارها أمها وسيدة أخرى، ثم غادرت القاعة بسرعة عقب انتهاء الجلسة.
«هامبتون رودز»، أوضح أن عواد لم ينظر إلى زوجته طوال جلسة الاستماع، الأمر الذى اعتبره الموقع «تناقضاً»، لأن «عواد» كما ذكر الموقع، لديه طفلان، أحدهما يبلغ من العمر عامين والآخر 11 شهراً.
وطبقاً لما قاله ممثلو الادعاء فعواد فضّل عدم الالتحاق بوظيفة فى شركة «لوكهيد مارتن» التى كانت ستدر له دخلاً سنوياً قيمته 95 ألف دولار، حتى يتمكن من العمل فى البحرية الأمريكية لتحقيق هدفه، وهو سرقة تلك المعلومات السرية!
وذكر الموقع الأمريكى أن شهادة خطية من «إف. بى. آى» تشير إلى أن «عواد» سلم العميل الفيدرالى أكثر من 10 رسومات خاصة بتصميمات حاملة الطائرات النووية الأمريكية «فورد»، كاشفاً له عن أفضل مكان لضربها بصاروخ وإغراقها، قائلاً له: «أريد أن أعطى لبلدى تلك التكنولوجيا».
ونقل الموقع الأمريكى عن ممثل الادعاء أن «عواد» أخبر العميل السرى الفيدرالى بأنه يرى نفسه مواطناً مصرياً رغم تنازله عن جواز سفره المصرى، مبلغاً إياه بأنه سيقدم أقصى ما يستطيع لخدمة بلده مصر بتسليمها الرسومات الخاصة بحاملة الطائرات النووية.
وبحسب مساعد المدعى الأمريكى فإن مكتب التحقيقات الفيدرالية قرر الاتصال بـ«عواد» بعد رصد دخوله إلى مقر السفارة المصرية بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث عرض عليهم مساعدة الحكومة المصرية بالمعلومات السرية التى لديه. وادعى مساعد المدعى الأمريكى أن «عواد» أخبر العميل السرى بأن «لديه صلات بمسئولين فى السفارة المصرية بواشنطن، الذين أكدت التحقيقات أن أسماء المذكورين فى المحادثات حقيقية وموظفون بالفعل فى السفارة». وأضاف مساعد المدعى الأمريكى: «عواد أبلغ العميل السرى أن مسئولى السفارة المصرية وافقوا على إعادة منحه الجنسية المصرية التى تنازل عنها للحصول على الجنسية الأمريكية فى مقابل المعلومات التى سيمد بها السفارة عن حاملة الطائرات النووية»، وفقًا لـ«ديلى برس».
كما أخبر «عواد» العميل السرى بأنه سيتواصل معه عبر رسائل البريد الإلكترونى «المشفرة»، التى لن تستطيع الولايات المتحدة فك شفرتها إلا بعد «10 سنوات»، طالباً منه عمل 24 حساباً بريدياً إلكترونياً بأسماء مختلفة، وأن يرسل له رسالة واحدة فقط من البريد الإلكترونى ثم يحذف الحساب بعدها، حسبما قال المدعى الأمريكى.
واتفق «عواد» مع العميل السرى على أن يرسل له المعلومات المهمة داخل محتوى البريد الإلكترونى مع إرفاق مستندين دون أهمية للإفلات من المراقبة، مضيفاً أنه «حال اكتشاف أمرى سيتم قتلى لأن تلك المعلومات فى غاية السرية».
ووصف مساعد المدعى الأمريكى «عواد» بـ«القرصان البارع»، مضيفاً أن المتهم أبلغ العميل السرى فى أول لقاء بينهما بأنه استطاع جمع كثير من المعلومات السرية من جهاز الكمبيوتر الخاص بالقاعدة البحرية «نورفولك» لعدة شهور دون أن يشعر به أحد. وكشف مساعد المدعى الأمريكى أن المحققين سجلوا جميع المحادثات التى تمت بين عواد والعميل السرى، بالإضافة إلى محادثاته مع والدته فى مصر، بعدما قدم ممثلو الادعاء إخطاراً يفيد بطلب العملاء الفيدراليين الحصول على مساعدة تجيز لهم إجراء عمليات تفتيش غير محددة والمراقبة الإلكترونية، استناداً إلى قانون مراقبة أجهزة المخابرات الأجنبية.
وحسب موقع «ديلى برس» قال القاضى إن عواد «يمثل خطراً جسيماً على الولايات المتحدة»، بعدما طالبه ممثلو الادعاء بعدم إطلاق سراحه. وعرض مساعد المدعى الأمريكى تفاصيل المحادثات التى دارت بين عواد والعميل السرى، مشيراً إلى أنه تم تسجيلها بالصوت والصورة لكنه لم يعرضها فى قاعة المحكمة، معلقاً عليها بوصفه: «تقشعر لها الأبدان».
وأشار «ديلى برس» إلى أن «عواد» تحدث فى التسجيلات عن كيفية إغراق حاملة الطائرات النووية، قائلاً: «لو لم نستطع صنع واحدة مثلها فى مصر فبإمكاننا ضربها وإغراقها».
وذكر مساعد المدعى الأمريكى أن «عواد» أخبر العميل السرى بمكان مخزن القنابل الخاص بحاملة الطائرات النووية لاستهدافه، فضلاً عن حديثه عن الأجزاء، التى تسمح بالطفو وكيفية تدميرها لإغراقها.
كما أخبر «عواد» العميل السرى عن كيفية زرع برامج تنصت داخل الغواصات عندما تأتى إلى القاعدة البحرية لإجراء صيانتها الدورية، مضيفاً: «بعد سنوات سيكون لدينا أجهزة تنصت فى كل غواصة أمريكية»، وفقاً لما ذكره مساعد المدعى الأمريكى.
موقع «Defense News» العسكرى الأمريكى، علق على القضية بقوله إن مصر ليس لديها حاملات طائرات ولا سفن نووية.
ونقل الموقع الذى يشارك فى إدارته قادة عسكريون بيانات وتصميمات لحاملة الطائرات النووية USS Gerald Ford»، أغلبها تحمل علامة NOFORN وغير مسموح حتى للعسكريين الأمريكيين برؤيتها!
تلك هى القصة من الألف إلى الياء..
مواطن مصرى، استغل الأمريكيون انتماءه لوطنه فأوقعوا به، أو لنقل إنهم نصبوا له فخاً ليختبروا هل ينتصر ولاؤه لمصر على ولائه للولايات المتحدة أم العكس؟! وكانت الإجابة واضحة وقاطعة، بشكل يدفعنا لمطالبة السلطات المصرية بالتدخل وبذل قصارى جهدها لاستعادة مصطفى أحمد عواد، وتخليصه من قبضة الأمريكيين، تماماً، كما يفعل الأمريكيون مع مواطنيهم الذين يتم إلقاء القبض عليهم فى أى دولة فى العالم ومن بينها مصر.
وليس بعيداً عن الأذهان قصة ذلك الإخوانى محمد صلاح سلطان أمريكى الجنسية الذى استماتت الولايات المتحدة وسخرت كل أجهزتها وإمكانياتها لاستعادته، وتخليصه من حكم بالمؤبد أصدرته ضده محكمة مصرية، بعد ارتكابه لجرائم ثابتة فيما عُرف بغرفة عمليات رابعة. إضافة إلى كونه نجل أحد قيادات تنظيم الإخوان الإرهابى الذى ينتظر تنفيذ حكم الإعدام ضده.
لقد أعطى قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 140 لسنة 2014، الحق لرئيس الجمهورية فى تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة المقضى بها بحسب الأحوال، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك.
وتطبيقاً لقاعدة أو لمبدأ المعاملة بالمثل، يكون على السلطات المصرية أن تطالب الإدارة الأمريكية بأن تسلمنا «مصطفى أحمد عواد»، وإلا يكون استثناء متهمى الولايات المتحدة من القانون واجباً.