ياسر بركات يكتب عن: أنقرة بين الفساد.. والعزلة الدولية.. والعداء لمصر ..لأول مرة: صور.. قصور الفاسد أردوغان بمدينة إزمير
تقترب تركيا من نهاية مأساوية بفضل غرور وغطرسة أردوغان، الذى فوجئ بكوابيس تجعل منتهى أمله هو الحفاظ على الدولة التى يحكمها أو يعجز عن حكمها بدلاً من الحلم بإمبراطورية عثمانية .
فمع توتر علاقات تركيا بمحيطها الإقليمي، ومع تبدد حلمها بالانضمام للاتحاد الأوربي، تسير أوضاعها الداخلية من سىء إلى أسوأ، ثم أضف إلى ذلك كله توتر علاقتها من إيران التى استقرت العلاقات بين الدولتين طوال السنوات العشر الماضية بالتعاملات الاقتصادية، واتفاقهما على رفض انفصال كردستان.
وعلى الرغم من المنافسة والخلافات فيما بين الطرفين، خصوصاً حول سوريا والعراق، إلا أن هذه المواضيع حافظت على استمرار العلاقات الودية بينهما، تخللتها حالة ملموسة من التنافس الشديد بين البلدين.
لكن قرار تركيا تأييد «عاصفة الحزم» أثار غضب إيران بشكل بالغ، خاصة عندما صرح أردوغان باستعداد بلاده لتقديم الدعم اللوجستى للعملية!!.. ومع استمرار «عاصفة الحزم» فإن العلاقات بينهما ستظل فى توتر مستمر، عقب تبادل التصريحات بين المسؤولين من الدولتين.
هذا التحول فى الموقف التركى تجاه طهران ربما يكون باهظ التكاليف الاقتصادية على الأقل، كمرحلة أولى، وهو ما يمكن أن يتطور إلى مواجهات سياسية، وربما مناكفات، إذا لم يتم تطويقه بسرعة، وهذا احتمال ضعيف.
والإشارة هنا واجبة إلى أن حجم التبادل التجارى بين إيران وتركيا يزيد على ثلاثين مليار دولار سنوياً، وكانت تركيا هى أحد أكبر المستفيدين من العقوبات المفروضة على إيران منذ ثلاثين عاماً.
يأتى ذلك فى أثناء استمرار تدهور الأوضاع فى الداخل التركي، ومع مواصلة الشرطة التركية حملة الاعتقالات فى أوساط المعارضين بعد هجومين داميين متعاقبين فى إسطنبول ساهما فى تأجيج التوتر السياسى قبل شهرين من الانتخابات التشريعية.. إضافة إلى انتشار وحدات مكافحة الإرهاب المدعومة بآليات مصفحة ومروحيات، بعد أن احتجز مسلحان مدعى عام إسطنبول وهددا بقتله، وأدى تدخل قوات الأمن إلى مقتل المحتجزين والقاضى محمد سليم كيراز فى ظروف لم تتضح بعد!!.. رغم أن كل مطالب المسلحين كانت أن يتم توجيه التهمة إلى رجال الشرطة المسؤولين عن مقتل الطفل بيركين ايلفان الذى أصيب فى رأسه بقنبلة غاز مسيل للدموع أطلقتها الشرطة خلال التظاهرات المناهضة لحكومة أردوغان فى صيف 2013 ولم يكن المدعى كيراز المكلف بالتحقيق فى مقتل ايلفان قد وجه التهمة إلى أى شرطى!!.. ما يعنى أنه تواطؤ مع القتلة.
الأوضاع فى الداخل التركى تزداد سوءاً بعد أن أعلنت «الجبهة الثورية لتحرير الشعب» أنها مصممه على الثأر لمقتل ايلفان.. وبعد أن قتلت الشرطة العضوة البارزة بالجبهة «أليف سلطان قاسم» التى لم تتجاوز 28 سنة.
ونضيف إلى ذلك أن التحقيقات فى واقعة العثور على أجهزة تنصت داخل مكتب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إبان فترة رئاسته للوزراء، شهدت فضيحة جديدة بعد ضياع دليل الإثبات الوحيد فى القضية وهو أجهزة التنصت نفسها، بعد أن تم تسليم أحراز القضية إلى دار القضاء فى أنقرة، وهى الواقعة التى تكشفت عندما طلبت هيئة المحكمة من دار القضاء فى أنقرة الاطلاع على أحراز القضية، ففوجئت باختفاء الأحراز وفكّ الشمع الأحمر بحجة وجود عملية تصفية للمخازن!!
جلسة القضية التى تنظرها الدائرة السابعة بمحكمة الجنايات فى أنقرة، حضرها محامى مسئولى الشرطة الهاربين إلى رومانيا سادات ظاوار وإلكار أوسطا، وعدد من محامى المتهمين فى القضية. وقامت هيئة المحكمة بتأجيل نظر القضية بناءً على طلب من محامى رجال الشرطة المتهمين فى القضية!!
وعلى الرغم من أن حكومة حزب العدالة والتنمية استهلت مشوارها فى الحكم قبل أكثر من 12 عاماً بشعاراتِ وأهدافِ رفْع تركيا لتصبح ضمن أكبر عشر قوى اقتصادية فى العالم والحصول على العضوية الكاملة فى الاتحاد الأوروبى والقضاء على الفجوة بين الأغنياء والفقراء وعقد صداقات مع كل الدول المجاورة إلا أنها باتت اليوم تفعل عكس هذه الأهداف تماماً.
فالاقتصاد التركى بدأ يتدهور بسرعة كبيرة وصارت تركيا وحيدة معزولة بحيث كاد لا يبقى فى المنطقة والعالم أية دولة صديقة لها، والسبب المباشر لذلك كله هو محاولة رجب طيب أردوغان إنقاذ نفسه وأفراد عائلته بعد ضبطهم وهم متلبسون بجريمة فساد من الوزن الثقيل. وسعى حكومة حزب العدالة والتنمية للتعتيم على موضوع الأموال وماكينات عدّ الأموال التى تمت مصادرتها بعد العثور عليها فى منازل بعض أبناء الوزراء والموظفين الكبار فى إطار عمليات الكشف عن الفساد والرشوة فى 17 ديسمبر من العام الماضى وقبل بضعة أيام، أصدر المدعون العامون الذين عيّنهم أردوغان قراراً بإعادة هذه الأموال إلى أبناء الوزراء، وفوق ذلك تم احتساب فوائدها أيضاً وتسليمها إليهم بالفوائد بالرغم من أنها سُجِّلت على أنها «أموال رشوة»!!
كما كان موضوع فيلات أردوغان المشيّدة فى منطقة «أورلا» بمدينة إزمير، غرب تركيا، التى يزعم أنه تم إهداء بعضها لرئيس الوزراء آنذاك –الرئيس الحالى– رجب طيب أردوغان، من أكثر الموضوعات التى شغلت الرأى العام التركى فى عام 2014 وذلك بعد عملية الكشف عن أعمال الفساد فى 17 و25 ديسمبر العام الماضي.
وكان أردوغان أعلن أن تلك الفيلات تم تشييدها فى المنطقة المذكورة منذ 35 عاماً. إلا أنه وفقاً لمقاطع موقع «جوجل إيرث– Google Earth» تبين أن بعض الفيلات تم تشييدها بعد عام 2012.
وظهر أنه تم تشييد فيلتين إضافة إلى الفيلات التى صدر قرار بهدمها بدعوى تشييدها على محمية طبيعية. وإذا ما أحضرنا الصورتين الملتقطين فى 2010 و2014 إلى جوار بعضهما البعض يمكن أن نرى أربع فيلات جديدة فى المنطقة الموجودة على الخليج التى تظهر فيها الأشجار. وحسب التسجيلات الصوتية المتداولة فى مواقع الإنترنت، كانت سمية أردوغان نجلة أردوغان تُشرف بنفسها على بناء الفيلات حسب المواصفات المطلوبة.كما تم عمل ديكورات للفيلات الأربع بأكثر من مائة مليون دولار.
وليس بعيداً عن ذلك ما كشفته جريدة «جمهورييت» التركية عن أنه فى الوقت الّذى يشهد فيه الاقتصاد التركى تدهورًا وتراجعًا ملحوظا ويزداد أفراد الشعب فقرًا بسرعة كبيرة، فإن المقربين من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان والمسؤولين الذين يتقلدون مناصب رفيعة داخل حكومة حزب العدالة والتنمية أصبحوا يزدادون ثراءً عن أى وقت مضى.
وأوضحت الجريدة أن ممتلكات المدير العام لشركة (KİPTAŞ) للتخطيط العمرانى فى إسطنبول عصمت يلدريم أحد البيروقراطيين المفضلين لدى أردوغان تبلغ ملايين الدولارات وأنه حصل عليها فى السنوات الأخيرة ما تسبب فى حالة من الجدل والنقاش الواسع لدى الرأى العام.
كما تبين أن نواب المدير العام لديهم شقق ومحال بملايين الدولارات إلى جانب الزيادة المدهشة فى ممتلكات عصمت يلدريم المدير العام لشركة (KİPTAŞ) التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى.
وبحسب الصحيفة؛ ظهر أن المدير العام لشركة (KİPTAŞ) ونوابه صاروا من الأثرياء بفضل العقارات التى يمتلكونها، كما تبين أن لديهم منازل بملايين الليرات بالرغم من أن راتبهم الشهرى لا يتجاوز 4 آلاف و500 ليرة تركية (نحو ألفى دولار).
كما تبين أن كلاً من المدير العام للشركة عصمت يلدريم ونوابه سليمان جينتش وطونجاى تشولاك وجنكيز أردم والمستشار القانونى للشركة محمود صواش جمعوا هذه الأموال من العقارات الفخمة التى تقدمها الشركة وأصبحوا أصحاب شقق ومحال تقدر بملايين الدولارات برواتبهم البالغة 4500 ليرة.
وبين الأزمات التى تعيشها تركيا أيضا تراجع احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى بشكل حاد خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب تدخلات رجب طيب أردوغان فى سياسات البنك المركزى وأسعار الفائدة مسجلاً تراجعاً بلغ 10 مليارات دولار خلال شهرين فقط.
طرح البنك المركزى التركى خلال الشهرين الماضيين ما بين 16 يناير، و20 مارس 8.5 مليار دولار للبيع، ولم يُعلن بعد عن تعاملات الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الجاري، وإذا تم حساب معدل بيع البنك المركزى للعملات الأحنبية، سيتضح أن الاحتياطى الأجنبى للبلاد تراجع نحو 10 مليارات دولار خلال شهرين ونصف الشهر فقط.
التراجع السريع لاحتياطى النقد الأجنبى يرجع إلى سببين، الأول: القرار الأخير الصادر بشأن بيع العملات الأجنبية بكم كبير لشركات الطاقة الحكومية العاملة فى البلاد؛ والثاني: سداد فوائد وأصول الديون قصيرة الأجل المستحقة.
وبحسب التقارير الأخيرة للبنك المركزى التركي، فإن احتياطى النقد الأجنبى التركى تراجع إلى 102 مليار دولار دون احتياطى الذهب. بينما وصلت تكلفة الديون الخارجية قصيرة الأجل المستَحَقَة فى نهاية شهر يناير2015 نحو 133 مليار دولار أمريكي، وتشير المؤشرات الاقتصادية إلى أن المعدلات التى وصلت إليها الديون الخارجية قصيرة الأجل والتراجع السريع لاحتياطى النقد الأجنبي، قد تتسبب فى توترات جديدة فى سوق صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة التركية خلال الفترة المقبلة.
ومع تواصل جرائم النظام التركى ضد معارضيه، تزيد دهشتنا من صمت وسائل الإعلام المصرية أو تجاهلها لما يحدث هناك، خاصة أن الدور القذر الذى تقوم به تركيا أردوغان ضد مصر، لم يعد خافياً أو سراً، خصوصاً بعد الهجمات الأخيرة التى قام بها الإرهابيون فى سيناء والتى ثبت أن جهاز المخابرات التركى متورط فيها، وأنه هو من وضع خطة الاستهداف بالتنسيق مع إرهابيى جماعة «أنصار بيت المقدس».
ما لدينا من معلومات يؤكد أن العملية تم تمويلها بمليون دولار، إضافة إلى الأسلحة التى تم استخدامها فى العملية والتى تم تهريب جزء منها عبر الأنفاق الرابطة بين غزة وسيناء، والجزء الآخر تم تهريبه عبر البحر ليصل إلى المجموعات الإرهابية قبل نحو أسبوع.
المعلومات تؤكد أيضاً أن منفذى العملية تلقوا اتصالات هاتفية من عناصر تابعة للمخابرات التركية تهنئهم فيها بنجاح العملية الإرهابية، وتعدهم بمزيد من الدعم المالى خلال الفترة المقبلة!!
هناك عشرات بل مئات الوقائع الثابتة التى تؤكد أن تركيا تسير بخطى ثابتة نحو الفشل.. ورغم ذلك، مازال أردوغان مصراً على ارتكاب الأخطاء والخطايا، بدلًا من أن يستخرج الدروس والعبر منها!!